هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3330 حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الكَاهِلِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا } ، قَالَ : الشُّعُوبُ : القَبَائِلُ العِظَامُ ، وَالقَبَائِلُ : البُطُونُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3330 حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي ، حدثنا أبو بكر ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، { وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا } ، قال : الشعوب : القبائل العظام ، والقبائل : البطون
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ibn `Abbas:

Regarding the Verse: 'And (We) made you into Shu'ub and Qabail-- (49.13) that Shu'uib means the big Qabail (i.e. nations) while the Qabail (i.e. tribes) means the branch tribes.

D'après ibn 'Abbâs, [dans]: wa ja'alnâkum chu'ûban wa qaM'ila, le terme chu'ûban veut dire: les grandes tribus ; quant à qabâ'il, il désigne une division de la tribu.

":"ہم سے خالد بن یزید الکاہلی نے بیان کیا ، کہا ہم سے ابوبکر بن عیاش نے بیان کیا ، ان سے ابوحصین ( عثمان بن عاصم ) نے ، ان سے سعید بن جبیر نےاور ان سے ابن عباس رضی اللہ عنہما نے آیت » وجعلنا کم شعوباً وّ قبائل لتعارفوا« کے متعلق فرمایا کہ شعوب بڑے قبیلوں کے معنی میں ہے اور قبائل سے کسی بڑے قبیلے کی شاخیں مراد ہیں ۔

D'après ibn 'Abbâs, [dans]: wa ja'alnâkum chu'ûban wa qaM'ila, le terme chu'ûban veut dire: les grandes tribus ; quant à qabâ'il, il désigne une division de la tribu.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [3489] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ هُوَ بن عَيَّاشٍ الْكُوفِيُّ وَكَذَا سَائِرُ الْإِسْنَادِ وَأَبُو حَصِينٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ .

     قَوْلُهُ  الشُّعُوبُ الْقَبَائِلُ الْعِظَامُ وَالْقَبَائِلُ الْبُطُونُ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِلَفْظِ الْقَبَائِلِ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ النَّسَبِ الْبُطُونُ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ خَلَّادِ بْنِ أَسْلَمَ وَأَبِي كُرَيْبٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَتْنِ الشُّعُوبُ الْجِمَاعُ أَيِ الَّذِي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَاتِ الْبُطُونِ قَالَ خَلَّادٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْقَبَائِلُ مِثْلُ بَنِي تَمِيمٍ وَدُونُهَا الْأَفْخَاذُ انْتَهَى وَقَدْ قَسَّمَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ النَّسَبِ إِلَى شِعْبٍ ثُمَّ قَبِيلَةٍ ثُمَّ عِمَارَةٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ ثُمَّ بَطْنٍ ثُمَّ فَخِذٍ ثُمَّ فَصِيلَةٍ وَزَادَ غَيْرُهُ قَبْلَ الشِّعْبِ الْجَذْمَ وَبَعْدَ الْفَصِيلَةِ الْعَشِيرَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ بَعْدَ الْعَشِيرَةِ الْأُسْرَةَ ثُمَّ الْعِتْرَةَ فَمِثَالُ الْجَذْمِ عَدْنَانُ وَمِثَالُ الشِّعْبِ مُضَرُ وَمِثَالُ الْقَبِيلَةِ كِنَانَةُ وَمِثَالُ الْعِمَارَةِ قُرَيْشٌ وَأَمْثِلَةُ مَا دُونَ ذَلِكَ لَا تَخْفَى وَيَقَعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ أَشْيَاءُ مُرَادِفَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ كَقَوْلِهِمْ حَيٌّ وَبَيْتٌ وَعَقِيلَةٌ وَأَرُومَةٌ وَجُرْثُومَةٌ وَرَهْطٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَرَتَّبَهَا مُحَمَّدُ بْنُ أَسْعَدَ النَّسَّابَةُ الْمَعْرُوفُ بِالْحَرَّانِيِّ جَمِيعَهَا وَأَرْدَفَهَا فَقَالَ جَذْمٌ ثُمَّ جُمْهُورٌ ثُمَّ شِعْبٌ ثُمَّ قَبِيلَةٌ ثُمَّ عِمَارَةٌ ثُمَّ بَطْنٌ ثُمَّ فَخِذٌ ثُمَّ عَشِيرَةٌ ثُمَّ فَصِيلَةٌ ثُمَّ رَهْطٌ ثُمَّ أُسْرَةٌ ثُمَّ عِتْرَةٌ ثُمَّ ذُرِّيَّةٌ وَزَادَ غَيْرُهُ فِي أَثْنَائِهَا ثَلَاثَةً وَهِيَ بَيْتٌ وَحي وَجَمَاعَة فَزَادَتْ عَلَى مَا ذَكَرَ الزُّبَيْرُ عَشَرَةً.

     وَقَالَ  أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ الْقَبَائِلُ لِلْعَرَبِ كَالْأَسْبَاطِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَعْنَى الْقَبِيلَةِ الْجَمَاعَةُ وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا جُمِعَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ قَبِيلَةٌ أَخْذًا مِنْ قَبَائِلِ الشَّجَرَةِ وَهُوَ غُصُونُهَا أَوْ مِنْ قَبَائِلِ الرَّأْسِ وَهُوَ أَعْضَاؤُهُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِهَا وَيُقَالُ الْمُرَادُ بِالشُّعُوبِ فِي الْآيَةِ بُطُونُ الْعَجَمِ وَبِالْقَبَائِلِ بُطُونُ الْعَرَبِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أَتْقَاهُمْ الْحَدِيثَ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ مَضَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ وَاضِحٌ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَى يُوسُفَ أَكْرَمَ النَّاسِ لِكَوْنِهِ رَابِعَ نَبِيٍّ فِي نَسَقٍ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ اجْتَمَعَ لَهُ الشَّرَفُ فِي نَسَبِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْحَدِيثُ الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَـوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ الْمَنَاقِبِ)
كَذَا فِي الْأُصُولِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مِنَ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْأَطْرَافِ وَكَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّهُ قَالَ كِتَابُ الْمَنَاقِبِ فَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ كِتَابِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى الثَّانِي هُوَ كِتَابٌ مُسْتَقِلٌّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَإِنَّهُ يَظْهَرُ مِنْ تَصَرُّفِهِ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ سِيَاقَ التَّرْجَمَةِ النَّبَوِيَّةِ بِأَنْ يَجْمَعَ فِيهِ أُمُورَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَبْدَإِ إِلَى الْمُنْتَهَى فَبَدَأَ بِمُقَدِّمَاتِهَا مِنْ ذِكْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّسَبِ الشَّرِيفِ فَذَكَرَ أَشْيَاءَ تَتَعَلَّقُ بِالْأَنْسَابِ وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ أُمُورًا تَتَعَلَّقُ بِالْقَبَائِلِ ثُمَّ النَّهْيُ عَنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّ مُعْظَمَ فَخْرِهِمْ كَانَ بِالْأَنْسَابِ ثُمَّ ذَكَرَ صِفَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَمَائِلَهُ وَمُعْجِزَاتِهِ وَاسْتَطْرَدَ مِنْهَا لِفَضَائِلِ أَصْحَابَهِ ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأَحْوَالِهِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَمَا جَرَى لَهُ بِمَكَّةَ فَذَكَرَ الْمَبْعَثَ ثُمَّ إِسْلَامَ الصَّحَابَةِ وَهِجْرَةَ الْحَبَشَةِ وَالْمِعْرَاجَ وَوُفُودَ الْأَنْصَارِ وَالْهِجْرَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ سَاقَ الْمَغَازِيَ عَلَى تَرْتِيبِهَا عِنْدَهُ ثُمَّ الْوَفَاةَ فَهَذَا آخِرُ هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ تَرَاجِمِ الْأَنْبِيَاءِ وَخَتَمَهَا بِخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى الْآيَةَ يُشِيرُ إِلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَنَّ الْمَنَاقِبَ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّمَا هِيَ بِالتَّقْوَى بِأَنْ يَعْمَلَ بِطَاعَتِهِ وَيَكُفَّ عَنْ مَعْصِيَتِهِ وقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ فَفِي صحيحي بن خُزَيْمَة وبن حبَان وَتَفْسِير بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عَيْبَة الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ النَّاسُ رَجُلَانِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ ثُمَّ تَلَا يَا أَيُّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى وَرِجَاله ثِقَات إِلَّا أَن بن مرْدَوَيْه ذكر أَن مُحَمَّد بن الْمُقْرِئ رَاوِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَهِمَ فِي قَوْلِهِ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَإِنَّمَا هُوَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وبن عقبَة ثِقَة وبن عُبَيْدَةَ ضَعِيفٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِرِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَة كَذَلِك أخرجه بن أبي حَاتِم وَغَيره وروى أَحْمد والْحَارث وبن أبي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى خَيْرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ .

     قَوْلُهُ  لِتَعَارَفُوا أَيْ لِيَعْرِفَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالنّسَبِ يَقُول فلَان بن فلَان وَفُلَان بن فُلَانٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ .

     قَوْلُهُ  وَقَولُهُ تَعَالَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ قَالَ بن عَبَّاس أَي اتَّقوا الْأَرْحَام وصلوها أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ وَالْأَرْحَامُ جَمْعُ رَحِمٍ وَذَوُو الرَّحِمِ الْأَقَارِبُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ نَسَبٌ وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ وَالْأَرْحَامَ نَصْبًا وَعَلَيْهَا جَاءَ التَّفْسِيرُ وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْأَرْحَامِ بِالْجَرِّ وَاخْتُلِفَ فِي تَوْجِيهِهِ فَقِيلَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي بِهِ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ الْجَارِّ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ جَمْعٍ وَمَنَعَهُ الْبَصْرِيُّونَ وَقرأَهَا بن مَسْعُودٍ فِيمَا قِيلَ بِالرَّفْعِ فَإِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مِمَّا يُتَّقَى أَوْ مِمَّا يُسْأَلُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِذِكْرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى الِاحْتِيَاجِ إِلَى مَعْرِفَةِ النَّسَبِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِهِ ذَوُو الْأَرْحَامِ الْمَأْمُورُ بِصِلَتِهِمْ وَذكر بن حَزْمٍ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِ النَّسَبِ لَهُ فَصْلًا فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ النَّسَبِ عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ وَجَهْلٌ لَا يَضُرُّ بِأَنَّ فِي عِلْمِ النَّسَبِ مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَمَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ قَالَ فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ فَمِنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هَاشِمِيًّا فَهُوَ كَافِرٌ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَنْ يَعْرِفَ مَنْ يَلْقَاهُ بِنَسَبٍ فِي رَحِمٍ مُحَرَّمَةٍ لِيَجْتَنِبَ تَزْوِيجَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَأَنْ يَعْرِفَ مَنْ يَتَّصِلُ بِهِ مِمَّنْ يَرِثُهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ بِرُّهُ مِنْ صِلَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ مُعَاوَنَةٍ وَأَنْ يَعْرِفَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّ نِكَاحَهُنَّ حَرَامٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ يَعْرِفَ الصَّحَابَةَ وَأَنَّ حُبَّهُمْ مَطْلُوبٌ وَأَنْ يَعْرِفَ الْأَنْصَارَ لِيُحْسِنَ إِلَيْهِمْ لِثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ وَلِأَنَّ حُبَّهُمْ إِيمَانٌ وَبُغْضَهُمْ نِفَاقٌ قَالَ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يُفَرِّقُ فِي الْجِزْيَةِ وَفِي الِاسْتِرْقَاقِ بَيْنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَحَاجَتُهُ إِلَى عِلْمِ النَّسَبِ آكَدُ وَكَذَا مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ وَغَيْرِهِمْ فِي الْجِزْيَةِ وَتَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ قَالَ وَمَا فَرَضَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الدِّيوَانَ إِلَّا عَلَى الْقَبَائِلِ وَلَوْلَا عِلْمُ النَّسَبِ مَا تَخَلَّصَ لَهُ ذَلِكَ وَقَدْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِك عُثْمَان وَعلي وَغَيرهمَا.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ النَّسَبُ وَلَعَمْرِي لَمْ يُنْصِفْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ النَّسَبِ عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ وَجَهْلٌ لَا يَضُرُّ انْتَهَى وَهَذَا الْكَلَامُ قَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَلَا يَثْبُتُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا وَلَا يَثْبُتُ بَلْ وَرَدَ فِي الْمَرْفُوعِ حَدِيثُ تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ وَلَهُ طُرُقٌ أَقْوَاهَا مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ خَارِجَةَ وَجَاءَ هَذَا أَيْضًا عَنْ عُمَرَ سَاقَهُ بن حَزْمٍ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ مَوْثُوقُونَ إِلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا وَالَّذِي يَظْهَرُ حَمْلُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِ عَلَى التَّعَمُّقِ فِيهِ حَتَّى يَشْتَغِلَ عَمَّا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ وَحَمْلَ مَا وَرَدَ فِي اسْتِحْسَانِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ من الْوُجُوه الَّتِي أوردهَا بن حَزْمٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِعِلْمِ النَّسَبِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .

     قَوْلُهُ  وَمَا يَنْهَى عَنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ قَلَائِلَ .

     قَوْلُهُ  الشُّعُوبُ النَّسَبُ الْبَعِيدُ وَالْقَبَائِلُ دُونَ ذَلِكَ هُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْهُ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِثَالُ الشَّعْبِ مُضَرُ وَرَبِيعَةُ وَمِثَالُ الْقَبِيلَةِ مَنْ دُونَ ذَلِكَ وَأَنْشَدَ لِعَمْرِو بْنِ أَحْمَرَ مِنْ شِعْبِ هَمْدَانَ أَوْ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ أَوْ خَوْلَانَ أَوْ مَذْحِجٍ هَاجُوا لَهُ طَرَبًا

[ قــ :3330 ... غــ :3489] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ هُوَ بن عَيَّاشٍ الْكُوفِيُّ وَكَذَا سَائِرُ الْإِسْنَادِ وَأَبُو حَصِينٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ .

     قَوْلُهُ  الشُّعُوبُ الْقَبَائِلُ الْعِظَامُ وَالْقَبَائِلُ الْبُطُونُ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِلَفْظِ الْقَبَائِلِ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ النَّسَبِ الْبُطُونُ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ خَلَّادِ بْنِ أَسْلَمَ وَأَبِي كُرَيْبٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَتْنِ الشُّعُوبُ الْجِمَاعُ أَيِ الَّذِي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَاتِ الْبُطُونِ قَالَ خَلَّادٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْقَبَائِلُ مِثْلُ بَنِي تَمِيمٍ وَدُونُهَا الْأَفْخَاذُ انْتَهَى وَقَدْ قَسَّمَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ النَّسَبِ إِلَى شِعْبٍ ثُمَّ قَبِيلَةٍ ثُمَّ عِمَارَةٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ ثُمَّ بَطْنٍ ثُمَّ فَخِذٍ ثُمَّ فَصِيلَةٍ وَزَادَ غَيْرُهُ قَبْلَ الشِّعْبِ الْجَذْمَ وَبَعْدَ الْفَصِيلَةِ الْعَشِيرَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ بَعْدَ الْعَشِيرَةِ الْأُسْرَةَ ثُمَّ الْعِتْرَةَ فَمِثَالُ الْجَذْمِ عَدْنَانُ وَمِثَالُ الشِّعْبِ مُضَرُ وَمِثَالُ الْقَبِيلَةِ كِنَانَةُ وَمِثَالُ الْعِمَارَةِ قُرَيْشٌ وَأَمْثِلَةُ مَا دُونَ ذَلِكَ لَا تَخْفَى وَيَقَعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ أَشْيَاءُ مُرَادِفَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ كَقَوْلِهِمْ حَيٌّ وَبَيْتٌ وَعَقِيلَةٌ وَأَرُومَةٌ وَجُرْثُومَةٌ وَرَهْطٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَرَتَّبَهَا مُحَمَّدُ بْنُ أَسْعَدَ النَّسَّابَةُ الْمَعْرُوفُ بِالْحَرَّانِيِّ جَمِيعَهَا وَأَرْدَفَهَا فَقَالَ جَذْمٌ ثُمَّ جُمْهُورٌ ثُمَّ شِعْبٌ ثُمَّ قَبِيلَةٌ ثُمَّ عِمَارَةٌ ثُمَّ بَطْنٌ ثُمَّ فَخِذٌ ثُمَّ عَشِيرَةٌ ثُمَّ فَصِيلَةٌ ثُمَّ رَهْطٌ ثُمَّ أُسْرَةٌ ثُمَّ عِتْرَةٌ ثُمَّ ذُرِّيَّةٌ وَزَادَ غَيْرُهُ فِي أَثْنَائِهَا ثَلَاثَةً وَهِيَ بَيْتٌ وَحي وَجَمَاعَة فَزَادَتْ عَلَى مَا ذَكَرَ الزُّبَيْرُ عَشَرَةً.

     وَقَالَ  أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ الْقَبَائِلُ لِلْعَرَبِ كَالْأَسْبَاطِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَعْنَى الْقَبِيلَةِ الْجَمَاعَةُ وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا جُمِعَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ قَبِيلَةٌ أَخْذًا مِنْ قَبَائِلِ الشَّجَرَةِ وَهُوَ غُصُونُهَا أَوْ مِنْ قَبَائِلِ الرَّأْسِ وَهُوَ أَعْضَاؤُهُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِهَا وَيُقَالُ الْمُرَادُ بِالشُّعُوبِ فِي الْآيَةِ بُطُونُ الْعَجَمِ وَبِالْقَبَائِلِ بُطُونُ الْعَرَبِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أَتْقَاهُمْ الْحَدِيثَ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ مَضَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ وَاضِحٌ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَى يُوسُفَ أَكْرَمَ النَّاسِ لِكَوْنِهِ رَابِعَ نَبِيٍّ فِي نَسَقٍ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ اجْتَمَعَ لَهُ الشَّرَفُ فِي نَسَبِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْحَدِيثُ الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] .
وَقَولُهُ: { وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] .

وَمَا يُنْهَى عَنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ.
الشُّعُوبُ: النَّسَبُ الْبَعِيدُ، وَالْقَبَائِلُ دُونَ ذَلِكَ.

( باب المناقب) وفي بعض النسخ: كتاب، والأوّل أوجه لأن الظاهر من صنيع المؤلّف رحمه الله أنه أراد أحاديث الأنبياء على الإطلاق ليعم ويكون هذا الباب من جملة أحاديث الأنبياء.
وفي القاموس المنقبة المفخرة، وقال التبريزي: المناقب المكارم وأحدها منقبة كأنها تنقب الصخرة من عظمها وتنقب قلب الحسود، وفي أساس البلاغة: وذو مناقب وهي المخابر والمآثر ( قول الله تعالى) : بالرفع والجرّ كذا في الفرع وأصله، وفي بعض الأصول: وقول الله بالجر عطفًا على سابقه وزيادة الواو ( { يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى} [الحجرات: 13] ) آدم وحواء أو خلقنا كل واحد منكم من أب وأم فلا وجه للتفاخر بالنسب ( { وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا} [الحجرات: 13] ) ليعرف بعضكم بعضًا للتفاخر بالآباء والقبائل ( { إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ) [الحجرات: 13] فالمناقب: إنما هي بالعمل بطاعة الله أو الكف عن معصيته.

وفي حديث ابن عمر: طاف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم فتح مكة على ناقته القصواء يستلم الأركان بمحجن في يده فما وجد لها مناخًا في المسجد حتى نزل على أيدي الرجال فخرج بها إلى بطن المسيل فأنيخت ثم إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خطبهم على راحلته فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: "يا أيها الناس قد أذهب الله عنكم عبية الجاهلية وتعظيمها بآياتها فالناس رجلان رجل تقيّ كريم على الله، والآخر فاجر شقي هين على الله إن الله تعالى يقول: { يا أيها الناس إنّا خلقناكم
من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}
[الحجرات: 13] ثم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم".
رواه ابن أبي حاتم وسقط لأبي ذر: وجعلناكم إلى آخره وقال بعد وأنثى الآية.

( وقوله) عز وجل ( { واتقوا الله الذي تساءلون به} [النساء: 1] ) أي يسأل بعضكم بعضًا فيقول أسألك بالله ( { والأرحام} ) بالنصب عطفًا على لفظ الجلالة أي: واتقوا الأرحام لا تقطعوها، وقيل: إنه من عطف الخاص على العام لأن معنى اتقوا الله اتقوا مخالفته وقطع الأرحام مندرج في ذلك، وقرأ حمزة بالخفض عطفًا على الضمير المجرور في به من غير إعادة الجار، وهذا لا يجيزه البصريون وفيه مباحث ذكرتها في مجموعي في القراءات الأربع عشرة، والأرحام جمع رحم وذو الرحم الأقارب يطلق على كل من جمع بينه وبين الآخر نسب ( { إن الله كان عليكم رقيبًا} ) [النساء: 1] جار مجرى التعليل ( وما ينهى) بضم أوّله وسكون ثانيه وفتح ثالثه ( عن دعوى الجاهلية) كالنياحة وانتساب الشخص إلى غير أبيه، وترجم المؤلّف له في باب يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى ( الشعوب) بضم الشين المعجمة جمع شعب بفتحها قال مجاهد فيما أخرجه الطبري عنه ( النسب: البعيد) مثل مضر وربيعة ( والقبائل دون ذلك) مثل قريش وتميم، وفي نسخة، والقبائل البطون.


[ قــ :3330 ... غــ : 3489 ]
- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ "عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رضي الله عنهما: { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13] قَالَ: الشُّعُوبُ الْقَبَائِلُ الْعِظَامُ.
وَالْقَبَائِلُ: الْبُطُونُ".

وبه قال: ( حدّثنا خالد بن يزيد) أبو الهيثم المقري ( الكاهلي) الكوفي من أفراده قال: ( حدّثنا أبو بكر) هو ابن عياش بن سالم الحناط بالحاء المهملة والنون الكوفي ( عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) في قوله تعالى: ( { وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا} [الحجرات: 13] ) ثبت قوله: { لتعارفوا} في رواية أبي ذر ( قال: الشعوب القبائل العظام والقبائل البطون) فالشعب الجمع العظيم المنتسبون إلى أصل واحد وهو يجمع القبائل، والقبيلة تجمع العمائر، والعمارة تجمع البطون، والبطن تجمع الأفخاذ، والفخذ تجمع الفصائل، فخزيمة شعب، وكنانة قبيلة، وقريش عمارة، وقصي بطن، وهاشم فخذ، وعباس فصيلة.
وقيل: الشعوب بطون العجم، والقبائل بطون العرب.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (كِتابُ المَناقِبِ)
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان المناقب، وَهُوَ جمع المنقبة، وَهِي ضد المثلبة، وَوَقع فِي بعض النّسخ: بابُُ المناقب، وَالْأول أولى، لِأَن الْكتاب يجمع الْأَبْوَاب وَفِيه أَبْوَاب كَثِيرَة تتَعَلَّق بأَشْيَاء كَثِيرَة على مَا لَا يخفى.


(بابُُ قَوْلِ الله تَعالى { يَا أيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأنْثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبَاً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أتْقَاكُمْ} (الحجرات: 31) .
وَقَولُهِ { واتَّقُوا الله الَّذي تَسَّاءَلُونَ بِهِ الأرْحَامَ إنَّ الله كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبَاً} (النِّسَاء: 1) .
)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قَول الله تَعَالَى: { يَا أَيهَا النَّاس ... } (الحجرات: 31) .
إِلَى آخِره، ذكر هَذَا ليبني عَلَيْهِ تَفْسِير الشعوب والقبائل وَمَا يتَعَلَّق بهَا، وَاعْلَم أَن هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة نزلت فِي ثَابت بن قيس، وَقَوله للرجل الَّذِي لم يفسح لَهُ: ابْن فُلَانَة، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من الذاكر فُلَانَة؟ فَقَامَ ثَابت بن قيس.
فَقَالَ: أَنا يَا رَسُول الله! قَالَ: أنظر فِي وُجُوه الْقَوْم، فَنظر إِلَيْهَا.
فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا رَأَيْت يَا ثَابت؟ قَالَ: رَأَيْت أَبيض وأسود وأحمر، قَالَ: فَإنَّك لَا تفضلهم إلاَّ فِي الدّين وَالتَّقوى، فَأنْزل الله فِي ثَابت هَذِه الْآيَة.

قَوْله: (من ذكر آدم عَلَيْهِ السَّلَام، وَأُنْثَى) ، حَوَّاء، عَلَيْهَا السَّلَام، وَقيل: خلقنَا كل وَاحِد مِنْكُم من أَب وَأم فَمَا مِنْكُم أحد إلاَّ وَهُوَ يُدْلِي مَا يُدْلِي بِهِ الآخر سَوَاء بِسَوَاء، فَلَا وَجه للتفاخر والتفاضل فِي النّسَب.
قَوْله: (وجعلناكم شعوباً) ، وَهِي رُؤُوس الْقَبَائِل وجمهورها، قيل: ربيعَة وَمُضر والأوس والخزرج، وَاحِدهَا: شعب، بِفَتْح الشين، والشعب الطَّبَقَة الأولى من الطَّبَقَات السِّت الَّتِي عَلَيْهَا الْعَرَب، وَهِي: الشّعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة.
فالشعب يجمع الْقَبَائِل، والقبائل تجمع العمائر، والعمائر تجمع الْبُطُون، والبطن تجمع الأفخاذ، والفخذ تجمع الفصائل.
خُزَيْمَة شعب، وكنانة قَبيلَة، وقريش عمَارَة، وقصي بطن، وهَاشِم فَخذ، وَالْعَبَّاس فصيلة، وَسميت الشعوب: شعوباً لِأَن الْقَبَائِل تتشعب مِنْهَا..
     وَقَالَ  صَاحب (المنتهي) : مَا تشعب من قبائل الْعَرَب والعجم، والشعوب الْأُمَم الْمُخْتَلفَة، فالعرب شعب وَفَارِس شعب وَالروم شعب وَالتّرْك شعب.
وَفِي (الموعب) : الشّعب مِثَال كَعْب وَعَن ابْن الْكَلْبِيّ: بِالْكَسْرِ، وَفِي (نَوَادِر الهجري) : لم يسمع فصيحاً بِكَسْر الشين، وَفِي (الْمُحكم) : الشّعب هُوَ الْقَبِيلَة نَفسهَا وَقد غلبت الشعوب بِلَفْظ الْجمع على جيل الْعَجم، وَفِي (تَهْذِيب) الْأَزْهَرِي: أخذت الْقَبَائِل من قبائل الرَّأْس لاجتماعها، وَفِي (الصِّحَاح) قبائل الرَّأْس هِيَ الْقطع المشعوب بَعْضهَا إِلَى بعض تصل بهَا الشؤون،.

     وَقَالَ  الزّجاج: الْقَبِيلَة من ولد إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كالسبط من ولد إِسْحَاق، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، سموا بذلك ليفرق بَينهمَا، وَمعنى: الْقَبِيلَة من ولد إِسْمَاعِيل معنى الْجَمَاعَة، يُقَال: لكل جمَاعَة من وَاحِد: قَبيلَة، وَيُقَال لكل جمع على شَيْء وَاحِد: قبيل، أَخذ من قبائل الشَّجَرَة وَهِي أَغْصَانهَا، وَذكر ابْن الهبارية فِي كِتَابَة تِلْكَ الْمعَانِي: أَن الْقَبَائِل من ولد عدنان مِائَتَان وَسبع وَأَرْبَعُونَ قَبيلَة، والبطون من وَلَده مِائَتَان وَأَرْبَعَة وَأَرْبَعُونَ بَطنا والأفخاذ خَمْسَة عشر فخذاً غير أَوْلَاد أبي طَالب.
وَذكر أهل اللُّغَة: أَن الشعوب مثل مُضر وَرَبِيعَة، والقبائل دون ذَلِك مثل قُرَيْش وَتَمِيم، ثمَّ العمائر جمع عميرَة، ثمَّ الْبُطُون جمع بطن، ثمَّ الأفخاذ جمع فَخذ، وَقسم الجواني الْعَرَب إِلَى عشر طَبَقَات: الجذم ثمَّ الْجُمْهُور ثمَّ الشّعب ثمَّ الْقَبِيلَة ثمَّ الْعِمَارَة ثمَّ الْبَطن ثمَّ الْفَخْذ ثمَّ الْعَشِيرَة ثمَّ الفصيلة ثمَّ الرَّهْط.
قَوْله: (لتعارفوا) ، أَي: ليعرف بَعْضكُم بَعْضًا فِي قرب النّسَب وَبعده، فَلَا يعتري إِلَى غير آبَائِهِ لَا أَن يتفاخروا بِالْآبَاءِ والأجداد، ويدَّعوا التَّفَاضُل والتفاوت فِي الْأَنْسَاب، ثمَّ بيَّن الْفَضِيلَة الَّتِي بهَا يفضل الْإِنْسَان على غَيره ويكتسب الشّرف وَالْكَرم عِنْد الله تَعَالَى فَقَالَ: { إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} .

     وَقَالَ  مُجَاهِد: (لتعارفوا) ليقال فلَان ابْن فلَان، وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: لتعرفوا، وَأنْكرهُ بعض أهل اللُّغَة.
قَوْله: (وَقَوله تَعَالَى: { وَاتَّقوا الله الَّذِي} (النِّسَاء: 1) .
إِلَى آخِره أَي: اتَّقوا الله بطاعتكم إِيَّاه.
قَالَ إِبْرَاهِيم وَمُجاهد وَالْحسن وَالضَّحَّاك وَالربيع وَغير وَاحِد: الَّذِي تساءلون بِهِ، أَي: كَمَا يُقَال: أَسأَلك بِاللَّه وبالرحم، وَعَن الضَّحَّاك: وَاتَّقوا الله الَّذِي بِهِ تعاقدون وتعاهدون، وَاتَّقوا الْأَرْحَام أَن تقطعوها، وَلَكِن زوروها وصلوها، والأرحام جمع: رحم، وَقَرَأَ عبد الله بن يزِيد المقريء و: الأرحامُ، بِالضَّمِّ على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي: الأرحامُ مِمَّا يتقى بِهِ، وَالْجُمْهُور على النصب على تَقْدِير: وَاتَّقوا الْأَرْحَام، وقرىء بِالْجَرِّ أَيْضا عطفا على قَوْله: بِهِ، وَفِيه خلاف فَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ وَمنعه البصريون لِأَنَّهُ لَا يجوز عِنْدهم الْعَطف على الضَّمِير الْمَجْرُور إلاَّ بِإِعَادَة الْجَار.
قَوْله: { إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيباً} (النِّسَاء: 1) .
أَي: مراقباً لجَمِيع أَعمالكُم وأحوالكم.

وَمَا يُنْهَى عنْ دَعْوَى الجاهِلِيَّةِ
عطف على قَوْله: وَقَول الله الَّذِي هُوَ عطف على قَول الله الْمَجْرُور بِإِضَافَة الْبابُُ إِلَيْهِ، أَي: بابُُ فِيمَا ينْهَى عَن دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة، وَهِي الندبة على الْمَيِّت والنياحة، وَقيل: قَوْلهم: يَا لفُلَان، وَقيل: الانتساب إِلَى غير أَبِيه، وَقد عقد لَهُ بابُُا عَن قريب يَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

الشُّعُوبُ النَّسَبُ البَعِيدُ: والقَبَائِلُ دُونَ ذَلِكَ
أَرَادَ بِالنّسَبِ الْبعيد مثل مُضر وَرَبِيعَة، هَذَا قَول مُجَاهِد وَالضَّحَّاك.
قَوْله: (والقبائل دون ذَلِك) ، مثل قُرَيْش وَتَمِيم.



[ قــ :3330 ... غــ :3489 ]
- حدَّثنا خالِدُ بنُ يَزِيدَ الكاهِلِيُّ حدَّثنا أبُو بَكْرٍ عنْ أبِي حُصِينٍ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا: قالَ الشُّعُوبُ القَبائِلُ العْظَامُ والقَبَائِلُ البُطُونُ.


مطابقته لِلْآيَةِ الَّتِي هِيَ التَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن الْمَذْكُور فِيهَا الشعوب والقبائل، وَقد فسر ابْن عَبَّاس الشعوب بالقبائل الْعِظَام، وَفسّر الْقَبَائِل بالبطون، وَذَلِكَ لِأَن الشعوب تجمع الْقَبَائِل، وَذكر عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا: أَن الْقَبَائِل الأفخاذ، فعلى هَذَا أَن الْقَبَائِل الَّتِي فَسرهَا بالبطون تجمع الأفخاذ.
وخَالِد بن يزِيد أَبُو الْهَيْثَم المقرىء الْكَاهِلِي الْكُوفِي، وَهُوَ من أَفْرَاده، والكاهلي نِسْبَة إِلَى كَاهِل، بِكَسْر الْهَاء: ابْن الْحَارِث بن تَمِيم بن سعد بن هُذَيْل بن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر، بطن من هُذَيْل، وَالظَّاهِر أَنه مَنْسُوب إِلَى كَاهِل بن أَسد بن خُزَيْمَة بن مدركة لِأَن جمَاعَة كَثِيرَة من أهل الْكُوفَة ينتسبون إِلَيْهِ، وَأَبُو بكر هُوَ ابْن عَيَّاش ابْن سَالم الْأَسدي الْكُوفِي الحناط، بالنُّون وَفِي اسْمه أَقْوَال كَثِيرَة، وَالأَصَح أَن اسْمه كنيته، وَأَبُو حُصَيْن، بِفَتْح الْحَاء وَكسر الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ: اسْمه عُثْمَان بن عَاصِم بن حُصَيْن الْأَسدي الْكُوفِي.