هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3363 حَدَّثَنَا زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَخْزَمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنِي مُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ القَصِيرُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ ، قَالَ : قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِإِسْلاَمِ أَبِي ذَرٍّ ؟ قَالَ : قُلْنَا بَلَى ، قَالَ : قَالَ أَبُو ذَرٍّ : كُنْتُ رَجُلًا مِنْ غِفَارٍ ، فَبَلَغَنَا أَنَّ رَجُلًا قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَقُلْتُ لِأَخِي : انْطَلِقْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ كَلِّمْهُ وَأْتِنِي بِخَبَرِهِ ، فَانْطَلَقَ فَلَقِيَهُ ، ثُمَّ رَجَعَ ، فَقُلْتُ مَا عِنْدَكَ ؟ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَأْمُرُ بِالخَيْرِ وَيَنْهَى عَنِ الشَّرِّ ، فَقُلْتُ لَهُ : لَمْ تَشْفِنِي مِنَ الخَبَرِ ، فَأَخَذْتُ جِرَابًا وَعَصًا ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ ، فَجَعَلْتُ لاَ أَعْرِفُهُ ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ ، وَأَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَأَكُونُ فِي المَسْجِدِ ، قَالَ : فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ فَقَالَ : كَأَنَّ الرَّجُلَ غَرِيبٌ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَانْطَلِقْ إِلَى المَنْزِلِ ، قَالَ : فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ ، لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ وَلاَ أُخْبِرُهُ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَى المَسْجِدِ لِأَسْأَلَ عَنْهُ ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُخْبِرُنِي عَنْهُ بِشَيْءٍ ، قَالَ : فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ ، فَقَالَ : أَمَا نَالَ لِلرَّجُلِ يَعْرِفُ مَنْزِلَهُ بَعْدُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : انْطَلِقْ مَعِي ، قَالَ : فَقَالَ مَا أَمْرُكَ ، وَمَا أَقْدَمَكَ هَذِهِ البَلْدَةَ ؟ قَالَ : قُلْتُ لَهُ : إِنْ كَتَمْتَ عَلَيَّ أَخْبَرْتُكَ ، قَالَ : فَإِنِّي أَفْعَلُ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : بَلَغَنَا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ هَا هُنَا رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَأَرْسَلْتُ أَخِي لِيُكَلِّمَهُ ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَشْفِنِي مِنَ الخَبَرِ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَلْقَاهُ ، فَقَالَ لَهُ : أَمَا إِنَّكَ قَدْ رَشَدْتَ ، هَذَا وَجْهِي إِلَيْهِ فَاتَّبِعْنِي ، ادْخُلْ حَيْثُ أَدْخُلُ ، فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ أَحَدًا أَخَافُهُ عَلَيْكَ ، قُمْتُ إِلَى الحَائِطِ كَأَنِّي أُصْلِحُ نَعْلِي وَامْضِ أَنْتَ ، فَمَضَى وَمَضَيْتُ مَعَهُ ، حَتَّى دَخَلَ وَدَخَلْتُ مَعَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ لَهُ : اعْرِضْ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ ، فَعَرَضَهُ فَأَسْلَمْتُ مَكَانِي ، فَقَالَ لِي : يَا أَبَا ذَرٍّ ، اكْتُمْ هَذَا الأَمْرَ ، وَارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ ، فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورُنَا فَأَقْبِلْ فَقُلْتُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ، لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، فَجَاءَ إِلَى المَسْجِدِ وَقُرَيْشٌ فِيهِ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، فَقَالُوا : قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ ، فَقَامُوا فَضُرِبْتُ لِأَمُوتَ ، فَأَدْرَكَنِي العَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيَّ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : وَيْلَكُمْ ، تَقْتُلُونَ رَجُلًا مِنْ غِفَارَ ، وَمَتْجَرُكُمْ وَمَمَرُّكُمْ عَلَى غِفَارَ ، فَأَقْلَعُوا عَنِّي ، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْتُ الغَدَ رَجَعْتُ ، فَقُلْتُ مِثْلَ مَا قُلْتُ بِالأَمْسِ ، فَقَالُوا : قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ فَصُنِعَ بِي مِثْلَ مَا صُنِعَ بِالأَمْسِ ، وَأَدْرَكَنِي العَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيَّ ، وَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ بِالأَمْسِ ، قَالَ : فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ إِسْلاَمِ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3363 حدثنا زيد هو ابن أخزم ، قال : حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة ، حدثني مثنى بن سعيد القصير ، قال : حدثني أبو جمرة ، قال : قال لنا ابن عباس : ألا أخبركم بإسلام أبي ذر ؟ قال : قلنا بلى ، قال : قال أبو ذر : كنت رجلا من غفار ، فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أنه نبي ، فقلت لأخي : انطلق إلى هذا الرجل كلمه وأتني بخبره ، فانطلق فلقيه ، ثم رجع ، فقلت ما عندك ؟ فقال : والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر ، فقلت له : لم تشفني من الخبر ، فأخذت جرابا وعصا ، ثم أقبلت إلى مكة ، فجعلت لا أعرفه ، وأكره أن أسأل عنه ، وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد ، قال : فمر بي علي فقال : كأن الرجل غريب ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فانطلق إلى المنزل ، قال : فانطلقت معه ، لا يسألني عن شيء ولا أخبره ، فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه ، وليس أحد يخبرني عنه بشيء ، قال : فمر بي علي ، فقال : أما نال للرجل يعرف منزله بعد ؟ قال : قلت : لا ، قال : انطلق معي ، قال : فقال ما أمرك ، وما أقدمك هذه البلدة ؟ قال : قلت له : إن كتمت علي أخبرتك ، قال : فإني أفعل ، قال : قلت له : بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي ، فأرسلت أخي ليكلمه ، فرجع ولم يشفني من الخبر ، فأردت أن ألقاه ، فقال له : أما إنك قد رشدت ، هذا وجهي إليه فاتبعني ، ادخل حيث أدخل ، فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك ، قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت ، فمضى ومضيت معه ، حتى دخل ودخلت معه على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : اعرض علي الإسلام ، فعرضه فأسلمت مكاني ، فقال لي : يا أبا ذر ، اكتم هذا الأمر ، وارجع إلى بلدك ، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل فقلت : والذي بعثك بالحق ، لأصرخن بها بين أظهرهم ، فجاء إلى المسجد وقريش فيه ، فقال : يا معشر قريش ، إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فقالوا : قوموا إلى هذا الصابئ ، فقاموا فضربت لأموت ، فأدركني العباس فأكب علي ، ثم أقبل عليهم ، فقال : ويلكم ، تقتلون رجلا من غفار ، ومتجركم وممركم على غفار ، فأقلعوا عني ، فلما أن أصبحت الغد رجعت ، فقلت مثل ما قلت بالأمس ، فقالوا : قوموا إلى هذا الصابئ فصنع بي مثل ما صنع بالأمس ، وأدركني العباس فأكب علي ، وقال مثل مقالته بالأمس ، قال : فكان هذا أول إسلام أبي ذر رحمه الله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ قصَّة زمْزَم وَفِيه بابُُ قصَّة إسْلامُ أبي ذَرّ، رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قصَّة زَمْزَم، وَفِي ذكر إِسْلَام أبي ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهَذَا الْبابُُ وَقع هُنَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة وَغَيرهَا، وَوَقع عِنْد أبي ذَر قبل: بابُُ قصَّة الْحَبَش.



[ قــ :3363 ... غــ :336333 ]
- حدَّثنا زَيْدٌ هُوَ ابنُ أخْزَمَ قَالَ أبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ حدَّثنِي مُثَنَّى بنُ سَعِيدٍ القَصِيرُ قَالَ حدَّثني أبُو جَمْرَةَ قَالَ قَالَ لَنا ابنُ عَبَّاسٍ ألاَ أخْبِرُكُمْ بإسْلاَمِ أبي ذَرٍّ قَالَ قُلْنَا بَلاى قَالَ قَالَ أبُو ذَرٍّ كُنْتُ رَجُلاً مِنْ غِفارَ فبَلَغَنَا أنَّ رَجُلاً قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ يَزْعَمُ أنَّهُ نَبِي فَقُلْتُ لأِخِي انْطَلِقْ إلَى هَذَا الرَّجُلِ كَلِّمْهُ وائْتِنِي بِخَبَرِهِ فانْطَلَقَ فَلَقِيَهُ ثُمَّ رَجَعَ فقُلْتُ مَا عِنْدَكَ فَقَالَ وَالله لَقَدْ رأيْتُ رَجُلاً يَأمُرُ بالخَيْرِ ويَنْهَى عنِ الشَّرِّ فَقُلْتُ لَهُ لَمْ تَشْفِنِي مِنَ الخَبَرِ فأخَذْتُ جِرَابَاً وعَصاً ثُمَّ أقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ فجَعَلْتُ لاَ أعْرِفُهُ وأكْرَهُ أنْ أسْألَ عَنْهُ وأشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وأكُونُ فِي المَسْجِدِ قَالَ فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ فقَالَ كأنَّ الرَّجُلَ غَرِيبٌ قالَ.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فانْطَلِقْ إلَى المَنْزِلِ قَالَ فانْطَلَقْتُ مَعَهُ لاَ يَسْألُنِي عنْ شَيْءٍ ولاَ أُخْبِرُهُ فلَمَّا أصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَى المَسْجِدِ لأِسْألَ عَنْهُ ولَيْسَ أحَدٌ يُخْبِرُنِي عنهُ بِشَيْءٍ قَالَ فَمَرَّ بِي عَلِيُّ فقالَ أما نَالَ لِلرَّجُلِ يَعْرِفُ مَنْزِلَهُ بَعْدُ قَالَ.

قُلْتُ لاَ قَالَ انْطَلِقْ مَعِي قَالَ فَقَالَ مَا أمْرُكَ وَمَا أقْدَمَكَ هَذِهِ البَلْدَةَ قَالَ.

قُلْتُ لَهُ إنْ كَتَمْتَ علَيَّ أخْبَرْتُكَ قَالَ فإنِّي أفْعَلُ قَالَ.

قُلْتُ لَهُ بلَغَنَا أنَّهُ قَدْ خَرَجَ هاهُنَا رَجُلٌ يَزْعَمُ أنَّه نَبِيٌّ فأرْسَلْتُ أخِي لِيُكَلِّمَهُ فرَجَعَ ولَمْ يَشْفنِي مِنَ الخَبَرِ فأرَدْتُ أنْ ألْقَاهُ فَقَالَ لَهُ أمَا إنَّكَ قَدْ رَشِدْتَ هَذَا وجْهِي إلَيْهِ فاتَّبِعْنِي ادْخُلُ حَيْثُ أدْخُلُ فإنِّي إنْ رَأيْتُ أحَدَاً أخافُهُ علَيْكَ قُمْتُ إلَى الحَائِطِ كأنِّي أُصْلِحُ نَعْلِي وامْضِ أنْتَ فمَضَي ومَضَيْتُ مَعَهُ حتَّى دخَلَ ودَخَلْتُ معَهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقُلْتُ لَهُ اعْرَضْ عَلَيَّ الإسْلاَمَ فعَرَضَهُ فأسْلَمْتُ مَكَانِي فَقَالَ لي يَا أبَا ذَرٍّ أكْتُمْ هاذَا الأمْرَ وارْجِعْ إِلَيّ بَلَدِكَ فإذَا بَلَغَكَ ظُهُورُنًّا فأقْبِلْ فقُلْتُ والَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ لأصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ أظْهُرِهِمْ فجَاءَ إلَى المَسْجِدِ وقُرَيْشٌ فِيهِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إنِّي أشْهَدُ أنْ لَا إلاه إلاَّ الله وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ فقالُوا قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِىء فقامُوا فَضُرِبْتُ لأِمُوتَ فأدْرَكَنِي العَبَّاسُ فأكَبَّ علَيَّ ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ وَيْلَكُمْ تَقْتُلُونَ رَجُلاً مِنْ غِفارَ ومَتْجَرُكُمْ ومَمَرُّكُمْ علَى غِفَارٍ فأقْلَعُوا عَنِّي فلَمَّا أنْ أصْبَحْتُ الْغَدَ رَجَعْتُ فَقُلْتُ مِثْلَ مَا.

قُلْتُ بالأمْسِ فَقَالُوا قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِىءِ فَصُنِعَ بِي مِثْلُ مَا صُنِعَ بالأمْسِ وأدْرَكَنِي العَبَّاسُ فأكَبَّ عَلَيَّ.

     وَقَالَ  مِثْلَ مقَالَتهِ بالأمْسِ قَالَ فَكانَ هَذَا أوَّلَ إسْلاَمِ أبِي ذَرُ رَحِمَهُ الله.
( الحَدِيث 2253 طرفه فِي: 1683) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، أما قصَّة زَمْزَم فَلِأَن فِيهِ ذكر زَمْزَم، وَاكْتفى أَبُو ذَر بِهِ فِي الْمدَّة الَّتِي أَقَامَ فِيهَا بِمَكَّة، وَأما قصَّة إِسْلَامه فظاهرة من هَذَا الْبابُُ، هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْحَمَوِيّ وَحده: ذكر قصَّة إِسْلَام أبي بكر فَقَط، وَوَقع هَذَا الْبابُُ أَيْضا عِنْد أبي ذَر بعد قصَّة خُزَاعَة.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: زيد بن أخزم، بِسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الزَّاي: أَبُو طَالب الطَّائِي الْحَافِظ الْبَصْرِيّ، قتلته الزنج زمَان خُرُوجهمْ فِي الْبَصْرَة سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
الثَّانِي: سلم، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام: ابْن قُتَيْبَة مصغر القتبة بِفَتْح الْقَاف وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَالْبَاء الْمُوَحدَة: أَبُو قُتَيْبَة الشعيري الْخُرَاسَانِي، سكن بصرة وَمَات بهَا فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ.
الثَّالِث: مثنى ضد الْمُفْرد ابْن سعيد الْقصير ضد الطَّوِيل القسام الضبعِي، بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالعين الْمُهْملَة: الْبَصْرِيّ.
الرَّابِع: أَبُو جَمْرَة، بِفَتْح الْجِيم: واسْمه نصر بن عمرَان الضبعِي الْبَصْرِيّ.
الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن عَمْرو بن الْعَبَّاس عَن ابْن مهْدي.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرْعرة.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( أَلا أخْبركُم) كلمة: ألاَ، للتّنْبِيه على شَيْء يُقَال.
قَوْله: ( من غفار) ، قد ذكرنَا أَنه إِذا أُرِيد بِهِ الْحَيّ ينْصَرف، وَإِذا أُرِيد بِهِ الْقَبِيلَة لَا ينْصَرف.
قَوْله: ( فَبَلغنَا أَن رجلا قد خرج بِمَكَّة) وَفِي رِوَايَة مُسلم: لما بلغ أَبَا ذَر مبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِمَكَّة.
قَالَ لِأَخِيهِ ... الحَدِيث.
قَوْله: ( يزْعم أَنه نَبِي) ، حَال من: رجلا، لَا يُقَال: إِنَّه نكرَة.
فَلَا يَقع الْحَال مِنْهُ، لأَنا نقُول: قد تخصص بِالصّفةِ، وَهُوَ قَوْله: قد خرج بِمَكَّة.
قَوْله: ( فَقلت لأخي: إنطلق إِلَى هَذَا الرجل) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: قَالَ لِأَخِيهِ: إركب إِلَى هَذَا الْوَادي فَاعْلَم لي علم هَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه يَأْتِيهِ الْخَبَر من السَّمَاء، واسمع قَوْله ثمَّ ائْتِنِي.
وَاسم أَخِيه: أنيس.
قَوْله: ( كلمة) ، فِيهِ حدف تَقْدِيره: فَإِذا رَأَيْته واجتمعتَ بِهِ كَلمه وآتني بِخَبَرِهِ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: واسمع قَوْله ثمَّ ائْتِنِي.
قَوْله: ( فَانْطَلق) ويروى: فَانْطَلق الْأَخ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فَانْطَلق الآخر، وَهُوَ أَخُوهُ أنيس.
قَالَ عِيَاض: وَوَقع عِنْد بَعضهم فَانْطَلق الْأَخ الآخر، وَالصَّوَاب الِاقْتِصَار على أَحدهمَا فَإِنَّهُ لَا يعرف لأبي ذَر إلاَّ أَخ وَاحِد وَهُوَ أنيس.
قَوْله: ( فَلَقِيَهُ) ، أَي: فلقي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَخِيه، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَانْطَلق الآخر حَتَّى قدم مَكَّة، وَسمع من قَوْله ثمَّ رَجَعَ إِلَى أبي ذَر.
قَوْله: ( رَأَيْت رجلا يَأْمر بِالْخَيرِ وَينْهى عَن الشَّرّ) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: رَأَيْته يَأْمر بمكارم الْأَخْلَاق وكلاماً مَا هُوَ بالشعر.
قَوْله: ( فَقلت لَهُ) أَي: لأخي: ( لم تشفني من الْخَبَر) من الشِّفَاء أَي: لم تجئني بِجَوَاب يشفيني من مرض الْجَهْل.
قَوْله: ( فَأخذت جراباً) بِالْجِيم ( وعصا) وَفِي رِوَايَة مُسلم: مَا شفيتني فِيمَا أردْت، فتزود وَحمل شنة لَهُ فِيهَا مَاء حَتَّى قدم مَكَّة.
قَوْله: ( ثمَّ أَقبلت إِلَى مَكَّة فَجعلت لَا أعرفهُ) ، يَعْنِي: لَا تَدْرِي بِهِ قُرَيْش فيؤذوه، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَأتى الْمَسْجِد فالتمس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يعرفهُ وَكره أَن يسْأَل عَنهُ حَتَّى أدْركهُ، يَعْنِي اللَّيْل فاضطجع.
قَوْله: ( فَمر بِي عَليّ) ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ: عَليّ بن أبي طَالب ( فَقَالَ: كَأَن الرجل غَرِيب) وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَرَآهُ عَليّ فَعرف أَنه غَرِيب.
قَوْله: ( قَالَ: فَانْطَلق إِلَى الْمنزل) ، أَي: قَالَ عَليّ لَهُ: انْطلق معي إِلَى منزلنا، قَالَ أَبُو ذَر: ( فَانْطَلَقت مَعَه لَا يسألني عَن شَيْء وَلَا أخبرهُ) وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَلَمَّا رَآهُ تبعه فَلم يسْأَل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه عَن شَيْء حَتَّى أصبح.
قَوْله: ( فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت إِلَى الْمَسْجِد لأسأل عَنهُ) ، أَي: عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( وَلَيْسَ أحد يُخْبِرنِي عَنهُ بِشَيْء) وَفِي رِوَايَة مُسلم بعد قَوْله: حَتَّى أصبح، ثمَّ احْتمل قربته وزاده إِلَى الْمَسْجِد فظل ذَلِك الْيَوْم وَلَا يرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَمْسَى، فَعَاد إِلَى مضجعه، قَوْله: ( قَالَ فَمر بِي عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَالَ: أما نَالَ للرجل يعرف منزله؟) يُقَال: نَالَ لَهُ إِذا آن لَهُ، ويروى: مَا أَنى، وَفِي رِوَايَة مُسلم: مَا آن أَن يعلم منزله، ويروى بِدُونِ همزَة الِاسْتِفْهَام فِي اللَّفْظَة، أَي: مَا جَاءَ الْوَقْت الَّذِي يعرف بِهِ منزل الرجل بِأَن يكون لَهُ مسكن معِين يسكنهُ؟ ويروى: يعرف، بِلَفْظ الْمَبْنِيّ للْفَاعِل، وَيحْتَمل أَن يُرِيد عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِهَذَا القَوْل دَعوته إِلَى بَيته للضيافة، وَيكون إِضَافَة الْمنزل إِلَيْهِ بملابسة إِضَافَته لَهُ فِيهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
( ذَرِينِي، قلت بِاللَّه حلفة لتغني عني ذَا أَنا بك أجمعا)

أَو يُرِيد إرشاده إِلَى مَا قدم لَهُ وقصده، يَعْنِي: أما جَاءَ وَقت إِظْهَار الْمَقْصُود والاشتغال بِهِ، كالاجتماع برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثلا وكالدخول فِي منزله وَنَحْوه؟ وَإِنَّمَا قَالَ: لَا، فِي قَوْله: قلت: لَا، على التَّقْدِير الأول، إِذْ لم يكن قَصده التوطن ثمَّة، وعَلى الثَّانِي إِذْ كَانَ عِنْده أَمر أهم من ذَلِك، وَهُوَ التفتيش عَن مَقْصُوده، وعَلى الثَّالِث: إِذْ خَافَ من الْإِظْهَار.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: مَاذَا فَاعل نَالَ؟ قلت: يعرف فِي تَقْدِير الْمصدر نَحْو: تسمع بالمعيدي خير من أَن تراهُ قلت: التَّقْدِير: أَن تسمع بالمعيدي، أَي: سماعك بالمعيدي خير من رُؤْيَته، وَهنا التَّقْدِير: مَا نَالَ للرجل أَن يعرف منزله؟ قَوْله: مَا أَمرك وَمَا أقدمك هَذِه الْبَلدة؟ وَفِي رِوَايَة مُسلم: ألاَ تُحَدِّثنِي مَا الَّذِي أقدمك هَذَا الْبَلَد؟ قَوْله: ( إِن كتمت عَليّ أَخْبَرتك) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: إِن أَعْطَيْتنِي عهدا وميثاقاً لترشدني فعلت.
قَوْله: ( قَالَ: فَإِنِّي أفعل) ، أَي: قَالَ عَليّ: فَإِنِّي أفعل مَا ذكرته، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَفعل.
قَوْله: ( قد رشدت) ، من: رشد يرشد من بابُُ علم يعلم رَشَدَاً بِفتْحَتَيْنِ، ورشد يرشد من بابُُ نصر ينصر رُشْدَاً بِضَم الرَّاء وَسُكُون الشين، وأرشدته أَنا، والرشد خلاف الغي.
قَوْله: ( هَذَا وَجْهي إِلَيْهِ) ، أَي: هَذَا تَوَجُّهِي إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاتبعني، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَقَالَ: إِنَّه حق، وَهُوَ رَسُول الله فَإِذا أَصبَحت فاتبعني.
قَوْله: ( أُدخل حَيْثُ أَدخل) ، أَمر، وأَدخل مضارع.
قَوْله: ( قُمْت إِلَى الْحَائِط كَأَنِّي أصلح نَعْلي وامضِ أنْتَ) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم، فَإِنِّي إِن رَأَيْت شَيْئا أَخَاف عَلَيْك قُمْت كَأَنِّي أريق المَاء.
فَإِن مضيت فاتبعني حَتَّى تدخل مدخلي.
قَوْله: ( فَمضى) ، أَي: عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
( فمضيت مَعَه حَتَّى دخل) أَي: عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( بَين ظُهُورهمْ) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: بَين ظهرانيهم.
قَوْله: ( وقريش) فِيهِ حَال أَي: فِي الْمَسْجِد.
قَوْله: ( إِلَى هَذَا الصابىء) من صَبأ يصبؤ إِذا انْتقل من شَيْء إِلَى شَيْء وَكَانُوا يسمون من أسلم صابئاً.
قَوْله: ( فَضربت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله: ( لأموت) أَي: لِأَن أَمُوت، يَعْنِي: ضربوه ضرب الْمَوْت، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فضربوه حَتَّى اضجعوه.
قَوْله: ( فأكب عَليّ) أَي: رمى نَفسه عَليّ، قَوْله: ( فأقلعوا) أَي: كفوا عني.

وَفِي الحَدِيث: دلَالَة على تقدم إِسْلَام أبي ذَر، وَلَكِن الظَّاهِر أَنه بعد الْبَعْث بِمدَّة طَوِيلَة لما فِيهِ من الْحِكَايَة عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من مخاطبته لأبي ذَر وتضيفه إِيَّاه، وَالأَصَح أَن سنه حِين الْبَعْث كَانَ عشر سِنِين، وَقيل: أقل من ذَلِك، فَظهر من ذَلِك أَن إِسْلَام أبي ذَر بعد الْبَعْث بِمدَّة بِأَكْثَرَ من سنتَيْن بِحَيْثُ يتهيأ لعَلي مَا فعله، وروى عبد الله بن الصَّامِت إِسْلَام أبي ذَر عَن نفس أبي ذَر، أخرجه مُسلم مطولا جدا، وَفِيه مُغَايرَة كَثِيرَة لسياق ابْن عَبَّاس، وَلَكِن الْجمع بَينهمَا مُمكن بِاعْتِبَار ان ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، اقْتصر فِي حكايته عَن ذَلِك، وَالله أعلم.