هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3375 حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَقَالَ : انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ ، فَخُذُوهُ مِنْهَا فَأْتُونِي بِهِ ، فَخَرَجْنَا تَتَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا : أَخْرِجِي الكِتَابَ ، فَقَالَتْ : مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ ، قُلْنَا : لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أَوْ لَتُلْقِيِنَّ الثِّيَابَ ، قَالَ : فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا قَالَ : فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا هُوَ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا هَذَا يَا حَاطِبُ ؟ قَالَ : لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِمَكَّةَ ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْ نَسَبٍ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي ، وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا وَارْتِدَادًا عَنْ دِينِي وَلَا رِضًا بِالكُفْرِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَدَقَ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ : دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ، فَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ ، فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ . قَالَ : وَفِيهِ أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ } السُّورَةَ . قَالَ عَمْرٌو : وَقَدْ رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي رَافِعٍ وَكَانَ كَاتِبًا لِعَلِيٍّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِيهِ عَنْ عُمَرَ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، هَذَا الحَدِيثَ نَحْوَ هَذَا ، وَذَكَرُوا هَذَا الحَرْفَ وَقَالُوا : لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أَوْ لَتُلْقِيِنَّ الثِّيَابَ . وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ . وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ : لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3375 حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن الحسن بن محمد هو ابن الحنفية ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد بن الأسود فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب ، فخذوه منها فأتوني به ، فخرجنا تتعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة ، فإذا نحن بالظعينة فقلنا : أخرجي الكتاب ، فقالت : ما معي من كتاب ، قلنا : لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب ، قال : فأخرجته من عقاصها قال : فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا يا حاطب ؟ قال : لا تعجل علي يا رسول الله ، إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها ، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة ، فأحببت إذ فاتني ذلك من نسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي ، وما فعلت ذلك كفرا وارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق ، فقال عمر بن الخطاب : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنه قد شهد بدرا ، فما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . قال : وفيه أنزلت هذه السورة { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة } السورة . قال عمرو : وقد رأيت ابن أبي رافع وكان كاتبا لعلي هذا حديث حسن صحيح وفيه عن عمر ، وجابر بن عبد الله وروى غير واحد عن سفيان بن عيينة ، هذا الحديث نحو هذا ، وذكروا هذا الحرف وقالوا : لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب . وهذا حديث قد روي أيضا عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي بن أبي طالب ، نحو هذا الحديث . وذكر بعضهم فيه : لتخرجن الكتاب أو لنجردنك
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من تحفة الاحوذي

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    [3305] قوله (أخبرنا سفيان) هو بن عيينة (عن الحسن بن محمد هو بن الْحَنَفِيَّةِ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بن علي بن أيي طالب الهاشمي أبو محمد المدني وأبوه بن الْحَنَفِيَّةِ ثِقَةٌ فَقِيهٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  (بَعَثَنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ) أَكَّدَ الضَّمِيرَ الْمَنْصُوبَ فِي بَعَثَنَا بِلَفْظِ أَنَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ تَرَنِ أنا أقل منكمالا وولدا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ بَعَثَنِي وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَامِّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْبَعْثُ وَقَعَ لَهُمْ جَمِيعًا (حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ) بِمَنْقُوطَتَيْنِ مِنْ فَوْقٍ مَوْضِعٌ بِاثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا مِنَ الْمَدِينَةِ (فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً) بالظاء الْمُعْجَمَةِ أَيِ امْرَأَةً وَأَصْلُ الظَّعِينَةِ الْهَوْدَجُ فِيهِ امْرَأَةٌ ثُمَّ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ وَحْدَهَا وَالْهَوْدَجُ وَحْدَهُ (مَعَهَا كِتَابٌ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ تَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً أَعْطَاهَا حَاطِبٌ كِتَابًا (فَأْتُونِي بِهِ) أَيْ بِالْكِتَابِ الَّذِي مَعَهَا (تَتَعَادَى) أَيْ تَتَسَابَقُ وَتَتَسَارَعُ مِنَ الْعَدْوِ (حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ) أَيْ رَوْضَةَ خَاخٍ (لَتُخْرِجِنَّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبَةِ مِنَ الْإِخْرَاجِ (أَوْ لَتُلْقِيَنَّ) بِإِثْبَاتِ التَّحْتِيَّةِ مَكْسُورَةً أَوْ مَفْتُوحَةً وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ فَإِنْ قُلْتَ الْقَوَاعِدُ الْعَرَبِيَّةُ تَقْتَضِي أَنْ تُحْذَفَ تِلْكَ الْيَاءُ وَيُقَالَ لَتُلْقِنَّ.

قُلْتُ القياس ذلك وإذا صَحَّتِ الرِّوَايَةُ بِالْيَاءِ فَتَأْوِيلُ الْكَسْرَةِ أَنَّهَا لِمُشَاكَلَةِ لَتُخْرِجِنَّ وَالْفَتْحُ بِالْحَمْلِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ الْغَائِبِ عَلَى طَرِيقِ الِالْتِفَاتِ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ وَالْمَعْنَى لَتَرْمِيِنَّ الثِّيَابَ وَتَتَجَرَّدِنَّ عَنْهَا لِيَتَبَيَّنَ لَنَا الْأَمْرُ (فأخرجه مِنْ عِقَاصِهَا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ عَقِيصَةٍ أَيْ مِنْ ذَوَائِبِهَا الْمَضْفُورَةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فِي الْجِهَادِ فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدُ زَايٌ مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيلِ قَالَ الْحَافِظُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ حُجْزَتِهَا فَأَخْفَتْهُ فِي عِقَاصِهَا ثُمَّ اضْطُرَّتْ إِلَى إِخْرَاجِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ بِأَنْ تَكُونَ عَقِيصَتُهَا طَوِيلَةً بِحَيْثُ تَصِلُ إِلَى حُجْزَتِهَا فَرَبَطَتْهُ فِي عَقِيصَتِهَا وَغَرَزَتْهُ فِي حُجْزَتِهَا وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَرْجَحُ انْتَهَى (فَأَتَيْنَا بِهِ) أَيْ بِالْكِتَابِ (مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ) بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَلَامٍ سَاكِنَةٍ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَتُوُفِّيَ حَاطِبٌ سَنَةَ ثَلَاثِينَ (يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَفِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ يُخْبِرُهُمْ بِالَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَمْرِ فِي السَّيْرِ إِلَيْهِمْ وَجَعَلَ لَهَا جَعْلًا عَلَى أَنْ تبلغه قريشا (لاتَعْجَلْ عَلَيَّ) أَيْ فِي الْحُكْمِ بِالْكُفْرِ وَنَحْوِهِ (إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ حَلِيفًا لَهُمْ (وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا) وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَكُنْتُ غَرِيبًا قَالَ السُّهَيْلِيُّ كَانَ حَاطِبٌ حَلِيفًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى يَحْمُونَ بِهَا مِنَ الْحِمَايَةِ أَيْ يَحْفَظُونَ بِتِلْكَ الْقَرَابَاتِ (أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ) مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ أَحْبَبْتُ (يَدًا) أَيْ نِعْمَةً وَمِنَّةً عَلَيْهِمْ (يَحْمُونَ بِهَا قرابتي) في رواية بن إِسْحَاقَ وَكَانَ لِي بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَلَدٌ وَأَهْلٌ فَصَانَعْتُهُمْ عَلَيْهِ صَدَقَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ أَيْ قَالَ الصِّدْقَ (فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ) إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عُمَرُ مَعَ تَصْدِيقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاطِبٍ فِيمَا اعْتَذَرَ بِهِ لِمَا كَانَ عِنْدَ عُمَرَ مِنَ الْقُوَّةِ فِي الدِّينِ وَبُغْضِ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى النِّفَاقِ وَظَنَّ أَنَّ مَنْ خَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ لَكِنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ اسْتَأْذَنَ فِي قَتْلِهِ وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ مُنَافِقًا لِكَوْنِهِ أَبْطَنَ خِلَافَ مَا أَظْهَرَ وَعُذْرُ حَاطِبٍ مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ صَنَعَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا أَنْ لَا ضَرَرَ فِيهِ إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا فَكَأَنَّهُ قِيلَ وَهَلْ يُسْقِطُ عَنْهُ شُهُودُهُ بَدْرًا هَذَا الذَّنْبَ الْعَظِيمَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ فَمَا يُدْرِيكَ إِلَى آخِرِهِ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّ التَّرَجِّيَ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ للوقوع وعند أحمد وأبي داود وبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْجَزْمِ وَلَفْظُهُ إِنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَعِنْدَ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا لَنْ يَدْخُلَ النَّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا (فَقَالَ) تَعَالَى مُخَاطِبًا لَهُمْ خِطَابَ تَشْرِيفٍ وَإِكْرَامٍ (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ (فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) عَبَّرَ عَنِ الْآتِي بِالْوَاقِعِ مُبَالَغَةً فِي تَحَقُّقِهِ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ غَافِرٌ لَكُمْ وفي مغازي بن عَائِذٍ مِنْ مُرْسَلِ عُرْوَةَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فسأغفر لكم قيل الْقُرْطُبِيُّ وَهَذَا الْخِطَابُ قَدْ تَضَمَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ حَصَلَتْ لَهُمْ حَالَةٌ غُفِرَتْ بِهَا ذُنُوبُهُمُ السَّابِقَةُ وَتَأَهَّلُوا أَنْ تُغْفَرَ لَهُمُ الذُّنُوبُ اللَّاحِقَةُ إِنْ وَقَعَتْ مِنْهُمْ وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ بَعْضِهِمْ وَإِذَا الْحَبِيبُ أَتَى بِذَنْبٍ وَاحِدٍ جَاءَتْ مَحَاسِنُهُ بِأَلْفِ شَفِيعٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ نَجَزَتْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ اللَّاحِقَةِ بَلْ لَهُمْ صلاحية أنمالا وولدا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ بَعَثَنِي وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَامِّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْبَعْثُ وَقَعَ لَهُمْ جَمِيعًا (حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ) بِمَنْقُوطَتَيْنِ مِنْ فَوْقٍ مَوْضِعٌ بِاثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا مِنَ الْمَدِينَةِ (فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً) بالظاء الْمُعْجَمَةِ أَيِ امْرَأَةً وَأَصْلُ الظَّعِينَةِ الْهَوْدَجُ فِيهِ امْرَأَةٌ ثُمَّ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ وَحْدَهَا وَالْهَوْدَجُ وَحْدَهُ (مَعَهَا كِتَابٌ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ تَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً أَعْطَاهَا حَاطِبٌ كِتَابًا (فَأْتُونِي بِهِ) أَيْ بِالْكِتَابِ الَّذِي مَعَهَا (تَتَعَادَى) أَيْ تَتَسَابَقُ وَتَتَسَارَعُ مِنَ الْعَدْوِ (حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ) أَيْ رَوْضَةَ خَاخٍ (لَتُخْرِجِنَّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبَةِ مِنَ الْإِخْرَاجِ (أَوْ لَتُلْقِيَنَّ) بِإِثْبَاتِ التَّحْتِيَّةِ مَكْسُورَةً أَوْ مَفْتُوحَةً وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ فَإِنْ قُلْتَ الْقَوَاعِدُ الْعَرَبِيَّةُ تَقْتَضِي أَنْ تُحْذَفَ تِلْكَ الْيَاءُ وَيُقَالَ لَتُلْقِنَّ.

قُلْتُ القياس ذلك وإذا صَحَّتِ الرِّوَايَةُ بِالْيَاءِ فَتَأْوِيلُ الْكَسْرَةِ أَنَّهَا لِمُشَاكَلَةِ لَتُخْرِجِنَّ وَالْفَتْحُ بِالْحَمْلِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ الْغَائِبِ عَلَى طَرِيقِ الِالْتِفَاتِ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ وَالْمَعْنَى لَتَرْمِيِنَّ الثِّيَابَ وَتَتَجَرَّدِنَّ عَنْهَا لِيَتَبَيَّنَ لَنَا الْأَمْرُ (فأخرجه مِنْ عِقَاصِهَا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ عَقِيصَةٍ أَيْ مِنْ ذَوَائِبِهَا الْمَضْفُورَةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فِي الْجِهَادِ فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدُ زَايٌ مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيلِ قَالَ الْحَافِظُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ حُجْزَتِهَا فَأَخْفَتْهُ فِي عِقَاصِهَا ثُمَّ اضْطُرَّتْ إِلَى إِخْرَاجِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ بِأَنْ تَكُونَ عَقِيصَتُهَا طَوِيلَةً بِحَيْثُ تَصِلُ إِلَى حُجْزَتِهَا فَرَبَطَتْهُ فِي عَقِيصَتِهَا وَغَرَزَتْهُ فِي حُجْزَتِهَا وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَرْجَحُ انْتَهَى (فَأَتَيْنَا بِهِ) أَيْ بِالْكِتَابِ (مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ) بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَلَامٍ سَاكِنَةٍ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَتُوُفِّيَ حَاطِبٌ سَنَةَ ثَلَاثِينَ (يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَفِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ يُخْبِرُهُمْ بِالَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَمْرِ فِي السَّيْرِ إِلَيْهِمْ وَجَعَلَ لَهَا جَعْلًا عَلَى أَنْ تبلغه قريشا (لاتَعْجَلْ عَلَيَّ) أَيْ فِي الْحُكْمِ بِالْكُفْرِ وَنَحْوِهِ (إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ حَلِيفًا لَهُمْ (وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا) وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَكُنْتُ غَرِيبًا قَالَ السُّهَيْلِيُّ كَانَ حَاطِبٌ حَلِيفًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى يَحْمُونَ بِهَا مِنَ الْحِمَايَةِ أَيْ يَحْفَظُونَ بِتِلْكَ الْقَرَابَاتِ (أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ) مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ أَحْبَبْتُ (يَدًا) أَيْ نِعْمَةً وَمِنَّةً عَلَيْهِمْ (يَحْمُونَ بِهَا قرابتي) في رواية بن إِسْحَاقَ وَكَانَ لِي بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَلَدٌ وَأَهْلٌ فَصَانَعْتُهُمْ عَلَيْهِ صَدَقَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ أَيْ قَالَ الصِّدْقَ (فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ) إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عُمَرُ مَعَ تَصْدِيقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاطِبٍ فِيمَا اعْتَذَرَ بِهِ لِمَا كَانَ عِنْدَ عُمَرَ مِنَ الْقُوَّةِ فِي الدِّينِ وَبُغْضِ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى النِّفَاقِ وَظَنَّ أَنَّ مَنْ خَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ لَكِنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ اسْتَأْذَنَ فِي قَتْلِهِ وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ مُنَافِقًا لِكَوْنِهِ أَبْطَنَ خِلَافَ مَا أَظْهَرَ وَعُذْرُ حَاطِبٍ مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ صَنَعَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا أَنْ لَا ضَرَرَ فِيهِ إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا فَكَأَنَّهُ قِيلَ وَهَلْ يُسْقِطُ عَنْهُ شُهُودُهُ بَدْرًا هَذَا الذَّنْبَ الْعَظِيمَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ فَمَا يُدْرِيكَ إِلَى آخِرِهِ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّ التَّرَجِّيَ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ للوقوع وعند أحمد وأبي داود وبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْجَزْمِ وَلَفْظُهُ إِنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَعِنْدَ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا لَنْ يَدْخُلَ النَّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا (فَقَالَ) تَعَالَى مُخَاطِبًا لَهُمْ خِطَابَ تَشْرِيفٍ وَإِكْرَامٍ (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ (فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) عَبَّرَ عَنِ الْآتِي بِالْوَاقِعِ مُبَالَغَةً فِي تَحَقُّقِهِ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ غَافِرٌ لَكُمْ وفي مغازي بن عَائِذٍ مِنْ مُرْسَلِ عُرْوَةَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فسأغفر لكم قيل الْقُرْطُبِيُّ وَهَذَا الْخِطَابُ قَدْ تَضَمَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ حَصَلَتْ لَهُمْ حَالَةٌ غُفِرَتْ بِهَا ذُنُوبُهُمُ السَّابِقَةُ وَتَأَهَّلُوا أَنْ تُغْفَرَ لَهُمُ الذُّنُوبُ اللَّاحِقَةُ إِنْ وَقَعَتْ مِنْهُمْ وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ بَعْضِهِمْ وَإِذَا الْحَبِيبُ أَتَى بِذَنْبٍ وَاحِدٍ جَاءَتْ مَحَاسِنُهُ بِأَلْفِ شَفِيعٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ نَجَزَتْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ اللَّاحِقَةِ بَلْ لَهُمْ صلاحية أنغريب) وأخرجه النسائي وبن أبي حاتم وبن مَرْدَوَيْهِ (عَنْ هَارُونَ بْنِ مُعَاوِيَةَ) بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ الْأَشْعَرِيِّ صَدُوقٌ مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ .

     قَوْلُهُ  (قَالَ أَبُو عِيسَى سَمِعَ مِنِّي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا الْحَدِيثَ) وَقَدْ سَمِعَ هُوَ مِنْهُ أَيْضًا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ يَا عَلِيُّ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْنِبَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرِي وَغَيْرِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ