هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3408 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَخِي ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الكَعْبَةِ : جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ ، قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ ، وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَسْجِدِ الحَرَامِ ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ : أَيُّهُمْ هُوَ ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ : هُوَ خَيْرُهُمْ ، وَقَالَ آخِرُهُمْ : خُذُوا خَيْرَهُمْ . فَكَانَتْ تِلْكَ ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوا لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُهُمْ ، فَتَوَلَّاهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3408 حدثنا إسماعيل ، قال : حدثني أخي ، عن سليمان ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، سمعت أنس بن مالك ، يحدثنا عن ليلة أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة : جاءه ثلاثة نفر ، قبل أن يوحى إليه ، وهو نائم في مسجد الحرام ، فقال أولهم : أيهم هو ؟ فقال أوسطهم : هو خيرهم ، وقال آخرهم : خذوا خيرهم . فكانت تلك ، فلم يرهم حتى جاءوا ليلة أخرى فيما يرى قلبه ، والنبي صلى الله عليه وسلم نائمة عيناه ولا ينام قلبه ، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ، فتولاه جبريل ثم عرج به إلى السماء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Sharik bin `Abdullah bin Abi Namr:

I heard Anas bin Malik telling us about the night when the Prophet (ﷺ) was made to travel from the Ka`ba Mosque. Three persons (i.e. angels) came to the Prophet (ﷺ) before he was divinely inspired was an Aspostle), while he was sleeping in Al Masjid-ul-Haram. The first (of the three angels) said, Which of them is he? The second said, He is the best of them. That was all that happened then, and he did not see them till they came at another night and he perceived their presence with his heart, for the eyes of the Prophet (ﷺ) were closed when he was asleep, but his heart was not asleep (not unconscious). This is characteristic of all the prophets: Their eyes sleep but their hearts do not sleep. Then Gabriel took charge of the Prophet (ﷺ) and ascended along with him to the Heaven.

Charik ibn 'Abd AlIâh ibn Abu Namir [dit]: J'ai entendu 'Anas qui nous parlait de la nuit où l'on fit faire au Prophète () le Voyage Nocturne à partir de l'Oratoire de la Ka'ba. [II a dit]: «Avant qu'il ne reçoive la Révélation, trois personnages vinrent le trouver alors qu'il dormait dans la Mosquée Sacrée. Le premier de ces personnages demanda: Lequel estcc? C'est celui du milieu, répondit le deuxième personnage; c'est le meilleur. Emmenons donc le meilleur, dit le dernier personnage. Et c'est ce qui se passa pendant cette première nuit. Le Prophète () ne les vit qu'après leur retour en une autre nuit; il les vit avec son cœur, car si ses yeux dormaient, son cœur ne dormait pas il en ainsi pour [tous] les prophètes. Enfin, c'était [l'archange] Gabriel qui se chargea de lui et le fit ensuite monter au Ciel.»

":"ہم سے اسماعیل بن ابی اویس نے بیان کیا ، کہا کہ مجھ سے میرے بھائی ( عبدالحمید ) نے بیان کیا ، ان سے سلیمان بن بلال نے ، ان سے شریک بن عبداللہ بن ابی نمر نے ، انہوں نے حضرت انس بن مالک رضی اللہ عنہ سے سناوہ مسجدالحرام سے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی معراج کا واقعہ بیان کر رہے تھے کہ ( معراج سے پہلے ) تین فرشتے آئے ۔ یہ آپ پر وحی نازل ہونے سے بھی پہلے کا واقعہ ہے ۔ اس وقت آپ مسجدالحرام میں ( دو آدمیوں حضرت حمزہ اور جعفر بن ابی طالب کے درمیان ) سو رہے تھے ۔ ایک فرشتے نے پوچھا : وہ کون ہیں ؟ ( جن کو لے جانے کا حکم ہے ) دوسرے نے کہا کہ وہ درمیان والے ہیں ۔ وہی سب سے بہتر ہیں ۔ تیسرے نے کہا کہ پھر جو سب سے بہتر ہیں انہیں ساتھ لے چلو ۔ اس رات صرف اتنا ہی واقعہ ہو کر رہ گیا ۔ پھر آپ نے انہیں نہیں دیکھا ۔ لیکن فرشتے ایک اور رات میں آئے ۔ آپ دل کی نگاہ سے دیکھتے تھے اور آپ کی آنکھیں سوتی تھیں پر دل نہیں سوتا تھا ، اور تمام انبیاء کی یہی کیفیت ہوتی ہے کہ جب ان کی آنکھیں سوتی ہیں تو دل اس وقت بھی بیدار ہوتا ہے ۔ غرض کہ پھر جبرائیل علیہ السلام نے آپ کو اپنے ساتھ لیا اور آسمان پر چڑھا لے گئے ۔

Charik ibn 'Abd AlIâh ibn Abu Namir [dit]: J'ai entendu 'Anas qui nous parlait de la nuit où l'on fit faire au Prophète () le Voyage Nocturne à partir de l'Oratoire de la Ka'ba. [II a dit]: «Avant qu'il ne reçoive la Révélation, trois personnages vinrent le trouver alors qu'il dormait dans la Mosquée Sacrée. Le premier de ces personnages demanda: Lequel estcc? C'est celui du milieu, répondit le deuxième personnage; c'est le meilleur. Emmenons donc le meilleur, dit le dernier personnage. Et c'est ce qui se passa pendant cette première nuit. Le Prophète () ne les vit qu'après leur retour en une autre nuit; il les vit avec son cœur, car si ses yeux dormaient, son cœur ne dormait pas il en ainsi pour [tous] les prophètes. Enfin, c'était [l'archange] Gabriel qui se chargea de lui et le fit ensuite monter au Ciel.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [3570] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَخِي هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَسُلَيْمَانُ هُوَ بن بِلَالٍ .

     قَوْلُهُ  جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ هُمْ مَلَائِكَةٌ وَلَمْ أَتَحَقَّقْ أَسْمَاءَهُمْ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ كَانَ نَائِمًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ نَائِمًا بَين عَمه حَمْزَة وبن عَمِّهِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَتْ تِلْكَ أَيِ الْقِصَّةُ أَيْ لَمْ يَقَعْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِنَ الْكَلَامِ قَوْله حَتَّى جاؤوا إِلَيْهِ لَيْلَةً أُخْرَى أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ وَمِنْ هُنَا يَحْصُلُ رَفْعُ الْإِشْكَالِ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ أَن يُوحى إِلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَكَانِهِ .

     قَوْلُهُ  فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا مِنْ قَوْلِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي أَوَائِلِ الطَّهَارَةِ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمَّةِ وَزَعَمَ الْقُضَاعِيُّ أَنَّهُ مِمَّا اخْتُصَّبِهِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ أَيْضًا وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يَرُدَّانِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عِمْرَانَ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ صَاحِبَةِ الْمَزَادَتَيْنِ مَا يَتَعَلَّقُ بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ فَليُرَاجع مِنْهُ من أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِ( قَولُهُ بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْإِسْلَامِ) الْعَلَامَاتُ جَمْعُ عَلَامَةٍ وَعَبَّرَ بِهَا الْمُصَنِّفُ لِكَوْنِ مَا يُورِدُهُ مِنْ ذَلِكَ أَعَمَّ مِنَ الْمُعْجِزَةِ وَالْكَرَامَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُعْجِزَةَ أَخَصُّ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَن يتحدى النَّبِي مَنْ يُكَذِّبُهُ بِأَنْ يَقُولَ إِنْ فَعَلْتُ كَذَلِكَ أَتُصَدِّقُ بِأَنِّي صَادِقٌ أَوْ يَقُولُ مَنْ يَتَحَدَّاهُ لَا أُصَدِّقُكَ حَتَّى تَفْعَلَ كَذَا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَحَدَّى بِهِ مِمَّا يَعْجَزُ عَنْهُ الْبَشَرُ فِي الْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَقَدْ وَقَعَ النَّوْعَانِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ وَسميت المعجزةلِعَجْزِ مَنْ يَقَعُ عِنْدَهُمْ ذَلِكَ عَنْ مُعَارَضَتِهَا وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ هِيَ صِفَةُ مَحْذُوفٍ وَأَشْهَرُ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَدَّى بِهِ الْعَرَبَ وَهُمْ أَفْصَحُ النَّاسِ لِسَانًا وَأَشَدُّهُمُ اقْتِدَارًا عَلَى الْكَلَامِ بِأَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ فَعَجَزُوا مَعَ شِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ لَهُ وَصَدِّهِمْ عَنْهُ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَقْصَرُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآن إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر فَكُلُّ قُرْآنٍ مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى كَانَ قدر إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر سَوَاءٌ كَانَ آيَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بَعْضَ آيَةٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا تَحَدَّاهُمْ بِهِ وَعَلَى هَذَا فَتَصِلُ مُعْجِزَاتُ الْقُرْآنِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ إِلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ جِدًّا وَوُجُوهُ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ مِنْ جِهَةِ حُسْنِ تَأْلِيفِهِ وَالْتِئَامِ كَلِمَاتِهِ وَفَصَاحَتِهِ وَإِيجَازِهِ فِي مَقَامِ الْإِيجَازِ وَبَلَاغَتُهُ ظَاهِرَةٌ جِدًّا مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ نَظْمِهِ وَغَرَابَةِ أُسْلُوبِهِ مَعَ كَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ قَوَاعِدِ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ هَذَا إِلَى مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْمُغَيَّبَاتِ مِمَّا وَقَعَ مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ مِمَّا كَانَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا أَفْرَادٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَمْ يَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا أَخَذَ عَنْهُمْ وَبِمَا سَيَقَعُ فَوَقَعَ عَلَى وَفْقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ هَذَا مَعَ الْهَيْبَةِ الَّتِي تَقَعُ عِنْدَ تِلَاوَتِهِ وَالْخَشْيَةِ الَّتِي تَلْحَقُ سَامِعَهُ وَعَدَمِ دُخُولِ الْمَلَالِ وَالسَّآمَةِ عَلَى قَارِئِهِ وَسَامِعِهِ مَعَ تَيَسُّرِ حِفْظِهِ لِمُتَعَلِّمِيهِ وَتَسْهِيلِ سَرْدِهِ لِتَالِيهِ وَلَا يُنْكِرُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُعَانِدٌ وَلِهَذَا أَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ أَنَّ مُعْظَمَ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنُ وَمِنْ أَظْهَرِ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ إِبْقَاؤُهُ مَعَ اسْتِمْرَارِ الْإِعْجَازِ وَأَشْهَرُ ذَلِكَ تَحَدِّيهِ الْيَهُودَ أَنْ يَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ فَلَمْ يَقَعْ مِمَّنْ سَلَفَ مِنْهُمْ وَلَا خَلَفَ مَنْ تَصَدَّى لِذَلِكَ وَلَا أَقْدَمَ مَعَ شِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ لِهَذَا الدِّينِ وَحِرْصِهِمْ عَلَى إِفْسَادِهِ وَالصَّدِّ عَنْهُ فَكَانَ فِي ذَلِكَ أَوْضَحُ مُعْجِزَةٍ.

.
وَأَمَّا مَا عَدَا الْقُرْآنَ مِنْ نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَتَكْثِيرِ الطَّعَامِ وَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ وَنُطْقِ الْجَمَادِ فَمِنْهُ مَا وَقَعَ التَّحَدِّي بِهِ وَمِنْهُ مَا وَقَعَ دَالًّا عَلَى صِدْقِهِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ تَحَدٍّ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ يُفِيدُ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ ظَهَرَ عَلَى يَدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ شَيْءٌ كَثِيرٌ كَمَا يُقْطَعُ بِوُجُودِ جُودِ حَاتِمٍ وَشَجَاعَةِ عَلِيٍّ وَإِنْ كَانَتْ أَفْرَادُ ذَلِكَ ظَنِّيَّةً وَرَدَتْ مَوْرِدَ الْآحَادِ مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ النَّبَوِيَّةِ قَدِ اشْتَهَرَ وَانْتَشَرَ وَرَوَاهُ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ وَالْجَمُّ الْغَفِيرُ وَأَفَادَ الْكَثِيرُ مِنْهُ الْقَطْعَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْآثَارِ وَالْعِنَايَةِ بِالسِّيَرِ وَالْأَخْبَارِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ عِنْدَ غَيْرِهِمْ إِلَى هَذِهِ الرُّتْبَةِ لِعَدَمِ عِنَايَتِهِمْ بِذَلِكَ بَلْ لَوِ ادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّ غَالِبَ هَذِهِ الْوَقَائِعِ مُفِيدَةٌ لِلْقَطْعِ بِطَرِيقٍ نَظَرِيٍّ لِمَا كَانَ مُسْتَبْعَدًا وَهُوَ أَنه لامرية أَنَّ رُوَاةَ الْأَخْبَارِ فِي كُلِّ طَبَقَةٍ قَدْ حَدَّثُوا بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا مَنْ بَعْدَهُمْ مُخَالَفَةُ الرَّاوِي فِيمَا حَكَاهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ فِيمَا هُنَالِكَ فَيَكُونُ السَّاكِتُ مِنْهُمْ كَالنَّاطِقِ لِأَنَّ مَجْمُوعَهُمْ مَحْفُوظٌ مِنَ الْإِغْضَاءِ عَلَى الْبَاطِلِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُوجَدَ مِنْ بَعْضِهِمْ إِنْكَارٌ أَوْ طَعْنٌ عَلَى بَعْضِ مَنْ رَوَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ تَوَقُّفٍ فِي صِدْقِ الرَّاوِي أَوْ تُهْمَتِهِ بِكَذِبٍ أَوْ تَوَقُّفٌ فِي ضَبْطِهِ وَنِسْبَتِهِ إِلَى سُوءِ الْحِفْظِ أَوْ جَوَازِ الْغَلَطِ وَلَا يُوجَدُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ طَعْنٌ فِي الْمَرْوِيِّ كَمَا وُجِدَ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْفَنِّ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْآدَابِ وَحُرُوفِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ قَرَّرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ وُجُودِ إِفَادَةِ الْقَطْعِ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ دُونَ بَعْضٍ تَقْرِيرًا حَسَنًا وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَدْ تَوَاتَرَ عِنْدَهُمُ النَّقْلُ أَنَّ مَذْهَبَهُ إِجْزَاءُ النِّيَّةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي إِيجَابِهِ لَهَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَكَذَا إِيجَابُ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي إِجْزَاءِ بَعْضِهَا وَأَن مَذْهَبهمَا مَعَ إِيجَابُ النِّيَّةِ فِي أَوَّلِ الْوُضُوءِ وَاشْتِرَاطُ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاح خلافًا لأبي حنيفَة وتجد الْعَدَدُ الْكَثِيرُ وَالْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ خِلَافِهِمْ فَضْلًا عَمَّنْ لَمْ يَنْظُرْ فِي الْفِقْهِ وَهُوَ أَمْرٌ وَاضِحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزِيدُ عَلَى أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ.

     وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ بَلَغَتْ أَلْفًا.

     وَقَالَ  الزَّاهِدِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ ظَهَرَ عَلَى يَدَيْهِ أَلْفُ مُعْجِزَةٍ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَقَدِ اعْتَنَى بِجَمْعِهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا .

     قَوْلُهُ  فِي الْإِسْلَامِ أَيْ مِنْ حِينِ الْمَبْعَثِ وَهَلُمَّ جَرَّا دُونَ مَا وَقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ وقَدْ جَمَعَ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بَلْ قَبْلَ الْمَوْلِدِ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ وَأَبُو سَعِيدٍ النَّيْسَابُورِيُّ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَسَيَأْتِي مِنْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي قِصَّةِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي خُرُوجِهِ فِي ابْتِغَاءِ الدِّينِ وَمَضَى مِنْهُ قِصَّةُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَقَدَّمْتُ فِي بَابِ أَسْمَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِصَّةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهِ مُحَمَّدًا وَمِنْ مَشْهُورِ ذَلِكَ قِصَّةُ بَحِيرَا الرَّاهِبِ وَهِيَ فِي السِّيرَةِ لِابْنِ إِسْحَاقَ وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق شُعَيْب أَي بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ رَاهِبٌ يُدْعَى عِيصَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ أَعْلَمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَيْلَةَ وُلِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَذَكَرَ لَهُ أَشْيَاءَ مِنْ صِفَتِهِ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ قَالَ لَهُ إِنِّي أَجِدُ فِي الْكُتُبِ صِفَةَ نَبِيٍّ يُبْعَثُ مِنْ بِلَادِنَا وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي هُوَ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ قَالَ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِأَخْلَاقِهِ إِلَّا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ إِلَّا أَنَّهُ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ غَيْرُهُ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ.

.

قُلْتُ لِأُمَيَّةَ عَنْهُ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ حَقٌّ فَاتَّبِعْهُ فَقُلْتُ لَهُ فَأَنْتَ مَا يَمْنَعُكَ قَالَ الْحَيَاءُ مِنْ نُسَيَّاتِ ثَقِيفٍ أَنِّي كُنْتُ أُخْبِرُهُنَّ أَنِّي هُوَ ثُمَّ أَصِيرُ تَبَعًا لِفَتًى من بني عبد منَاف وروى بن إِسْحَاقَ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وقش وَأخرجه أَحْمد وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ كَانَ لَنَا جَارٌ مِنَ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ فَخَرَجَ عَلَيْنَا قَبْلَ الْبَعْثَةِ بِزَمَانٍ فَذَكَرَ الْحَشْرَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَقُلْنَا لَهُ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ قَالَ خُرُوجُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ مِنْ هَذِهِ الْبِلَادِ وَأَشَارَ إِلَى مَكَّةَ فَقَالُوا مَتَى يَقَعُ ذَلِكَ قَالَ فَرَمَى بِطَرَفِهِ إِلَى السَّمَاءِ وَأَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ فَقَالَ إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ عُمْرَهُ يُدْرِكْهُ قَالَ فَمَا ذَهَبَتِ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَهُوَ حَيٌّ فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرَ هُوَ بَغْيًا وَحَسَدًا وروى يَعْقُوب بن سُفْيَان بِإِسْنَاد حسن عَن عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ يَهُودِيٌّ قَدْ سَكَنَ مَكَّةَ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ هَلْ وُلِدَ فِيكُمُ اللَّيْلَةَ مَوْلُودٌ قَالُوا لَا نَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهُ وُلِدَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَلَامَةٌ لَا يَرْضَعُ لَيْلَتَيْنِ لِأَنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ فَانْصَرَفُوا فَسَأَلُوا فَقِيلَ لَهُمْ قَدْ وُلِدَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ غُلَامٌ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ مَعَهُمْ إِلَى أُمِّهِ فَأَخْرَجَتْهُ لَهُمْ فَلَمَّا رَأَى الْيَهُودِيُّ الْعَلَامَةَ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمَا وَاللَّهِ لَيَسْطُوَنَّ بِكُمْ سَطْوَةً يَخْرُجُ خَبَرُهَا مِنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.

.

قُلْتُ وَلِهَذِهِ الْقِصَصِ نَظَائِرُ يَطُولُ شَرْحُهَا وَمِمَّا ظَهَرَ مِنْ عَلَامَاتِ نُبُوَّتِهِ عِنْدَ مَوْلِدِهِ وَبَعْدَهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا حَضَرَتْ آمِنَةَ أُمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا ضَرَبَهَا الْمَخَاضُ قَالَتْ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى النُّجُومِ تَدَلَّى حَتَّى أَقُولَ لَتَقَعْنَ عَلَيَّ فَلَمَّا وَلَدَتْ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهُ الْبَيْتُ وَالدَّارُ وَشَاهِدُهُ حَدِيثُ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ إِنِّي دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبِشَارَةُ عِيسَى بِي وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ يَرَيْنَ وَإِنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُور الشَّام أخرجه أَحْمد وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةُ عِنْدَ أَحْمد نَحوه وَأخرج بن إِسْحَاقَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ .

     .

     وَقَالَتْ  
أَضَاءَتْ لَهُ بَصرِي من أَرض الشَّام وروى بن حبَانوَالْحَاكِمُ فِي قِصَّةِ رَضَاعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم من طَرِيق بن إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ مِنَ الْعَلَامَاتِ كَثْرَةُ اللَّبَنِ فِي ثَدْيَيْهَا وَوُجُودُ اللَّبَنِ فِي شَارِفِهَا بَعْدَ الْهُزَالِ الشَّدِيدِ وَسُرْعَةُ مَشْيِ حِمَارِهَا وَكَثْرَةُ اللَّبَنِ فِي شِيَاهِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَخِصْبُ أَرْضِهَا وَسُرْعَةُ نَبَاتِهِ وَشَقُّ الْمَلَكَيْنِ صَدْرَهُ وَهَذَا الْأَخِيرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ جَمَعَهُ فَأَعَادَهُ مَكَانَهُ الْحَدِيثَ وَفِي حَدِيثِ مَخْزُوم بن هَانِئ المَخْزُومِي عَن أَبِيه قَالَ وَكَانَ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ خَمْسُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ قَالَ لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْكَسَرَ إِيوَانُ كِسْرَى وَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرَّافَةً وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ وَلَمْ تُخْمَدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ وَغَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ وَرَأَى الْمُوبِذَانُ إِبِلًا صِعَابًا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ كِسْرَى أَفْزَعَهُ مَا وَقَعَ فَسَأَلَ عُلَمَاءَ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ عَنْ ذَلِكَ فَأَرْسَلُوا إِلَى سَطِيحٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا أخرجهَا بن السَّكَنِ وَغَيْرُهُ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ نَحْوَ خَمْسِينَ حَدِيثًا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ صَاحِبَةِ الْمَزَادَتَيْنِ وَالْمُعْجِزَةُ فِيهَا تَكْثِيرُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ بِبَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ التَّيَمُّمِ وَقَولُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِيهِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إِيهًا بِالتَّنْوِينِ مَعَ الْفَتْحِ وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ جَوَازَ فَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي هَذِهِ وَقَولُهُ مُؤْتِمَةٌ أَيْ ذَاتُ أَيْتَامٍ وَقَولُهُ فَمَسَحَ بِالْعَزْلَاوَيْنِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي العزلاوين وَهُمَا تَثْنِيَةُ عَزْلَاءَ بِسُكُونِ الزَّايِ وَبِالْمَدِّ وَهُوَ فَمُ الْقِرْبَةِ وَالْجَمْعُ عَزَالِي بِكَسْرِ اللَّامِ الْخَفِيفَةِ وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ .

     قَوْلُهُ  فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعُونَ رَجُلًا أَيْ وَنَحْنُ حِينَئِذٍ أَرْبَعُونَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَرْبَعِينَ بِالنَّصْبِ وَتَوْجِيهُهَا ظَاهِرٌ وَقَوله وَهِي تَكَادُ تَبِضُّ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ ثَقِيلَةٌ أَيْ تَسِيلُ وَحَكَى عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْبَصِيصِ وَهُوَ اللَّمَعَانُ وَمَعْنَاهُ مُسْتَبْعَدٌ هُنَا فَإِنَّ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ تَكَادُ تَبُضُّ مِنَ الْمِلْءِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ فَكَوْنُهَا تَكَادُ تَسِيلُ مِنَ الْمِلْءِ ظَاهِرٌ.

.
وَأَمَّا كَوْنُهَا تَلْمَعُ مِنَ الْمِلْءِ فَبَعِيدٌ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ مَعْنَى قَوْلِهِ تَبُضُّ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ تُشَقُّ يُقَالُ بَضَّ الْمَاءُ مِنَ الْعَيْنِ إِذَا نَبَعَ وَكَذَا بَضَّ الْعَرَقُ قَالَ وَفِيهِ رِوَايَاتٌ أُخْرَى رُوِيَ تَنِضُّ بِنُونٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَرُوِيَ تَيْصَرُ بِمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ وَصَادٌ مُهْمَلَةٌ ثُمَّ رَاءٌ قَالَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ مَعْنَاهُ تَنْشَقُّ قَالَ وَمِنْهُ صَيْرُ الْبَابِ أَي شقّ الْبَاب ورده بن التِّينِ بِأَنَّ صَيْرَ عَيْنُهُ حَرْفُ عِلَّةٍ فَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ تَصَوَّرُ وَلَيْسَ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَرَأَيْتُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ تَنْصَبُّ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ فَتُوَافِقُ الرِّوَايَةَ الْأُولَى لِأَنَّهَا بِمَعْنَى تَسِيلُ الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ عَنْ أَنَسٍ فِي نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْرَدَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ طُرُقٍ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ وَإِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَحُمَيْدٍ وَتَقَدَّمَ عِنْدَهُ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ بَعْضٍ وَظَهَرَ لِي مِنْ مَجْمُوعِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ فِي مَوْطِنَيْنِ لِلتَّغَايُرِ فِي عَدَدِ مَنْ حَضَرَ وَهِيَ مُغَايَرَةٌ وَاضِحَةٌ يَبْعُدُ الْجَمْعُ فِيهَا وَكَذَلِكَ تَعْيِينُ الْمَكَانِ الَّذِي وَقَعَ ذَلِكَ فِيهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ رِوَايَةِ الْحَسَنِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي سَفَرٍ بِخِلَافِ رِوَايَةِ قَتَادَةَ فَإِنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهَا كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ وَسَيَأْتِي فِي غَيْرِ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهَا كَانَتْ فِي مَوَاطِنَ أُخَرَ قَالَ عِيَاضٌ هَذِهِ الْقِصَّةُ رَوَاهَا الثِّقَاتُ مِنَ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ عَنِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَنِ الْكَافَّةِ مُتَّصِلَةً بِالصَّحَابَةِوَكَانَ ذَلِكَ فِي مَوَاطِنِ اجْتِمَاعِ الْكَثِيرِ مِنْهُمْ فِي الْمَحَافِلِ وَمَجْمَعِ الْعَسَاكِرِ وَلَمْ يَرِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ إِنْكَارٌ عَلَى رَاوِي ذَلِكَ فَهَذَا النَّوْعُ مُلْحَقٌ بِالْقَطْعِيِّ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ قَضِيَّةُ نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ فِي مَشَاهِدَ عَظِيمَةٍ وَوَرَدَتْ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ يُفِيدُ مَجْمُوعُهُا الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ الْمُسْتَفَادَ مِنَ التَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ.

.

قُلْتُ أَخَذَ كَلَامَ عِيَاضٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ قَالَ وَلَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ عَنْ غَيْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ نَبْعِ الْمَاءِ جَاءَ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ خَمْسَةِ طُرُقٍ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَرْبَعَةِ طرق وَعَن بن مَسْعُود عِنْد البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَعَنِ بن أَبِي لَيْلَى وَالِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَعَدَدُ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ لَيْسَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطلاقهما وَأما تَكْثِير المَاء بِأَن يلمسه بِيَدِهِ أَوْ يَتْفُلُ فِيهِ أَوْ يَأْمُرُ بِوَضْعِ شَيْءٍ فِيهِ كَسَهْمٍ مِنْ كِنَانَتِهِ فَجَاءَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ وَعَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِث الصدائي عِنْده وَعَن حبَان بن الصنابح بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ الصُّدَائِيِّ أَيْضًا فَإِذَا ضُمَّ هَذَا إِلَى هَذَا بَلَغَ الْكَثْرَةَ الْمَذْكُورَةَ أَوْ قَارَبَهَا.

.
وَأَمَّا مَنْ رَوَاهَا مِنْ أَهْلِ الْقَرْنِ الثَّانِي فَهُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا وَإِنْ كَانَ شَطْرُ طُرُقِهِ أَفْرَادًا وَفِي الْجُمْلَةِ يُسْتَفَادُ مِنْهَا الرَّد على بن بَطَّالٍ حَيْثُ قَالَ هَذَا الْحَدِيثُ شَهِدَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ وَذَلِكَ لِطُولِ عُمُرِهِ وَتَطَلُّبِ النَّاسِ الْعُلُوَّ فِي السَّنَدِ انْتَهَى وَهُوَ يُنَادَى عَلَيْهِ بِقِلَّةِ الِاطِّلَاعِ وَالِاسْتِحْضَارِ لِأَحَادِيثِ الْكِتَابِ الَّذِي شَرَحَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَلَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ عَنْ غَيْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ نَبَعَ الْمَاءُ مِنْ بَيْنِ عَظْمِهِ وَعَصَبِهِ وَلَحْمِهِ وَدَمِهِ وَقَدْ نقل بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَةِ مِنْ نَبْعِ الْمَاءِ مِنَ الْحَجَرِ حَيْثُ ضَرَبَهُ مُوسَى بِالْعَصَا فَتَفَجَّرَتْ مِنْهُ الْمِيَاهُ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمَاءِ مِنَ الْحِجَارَةِ مَعْهُودٌ بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ اللَّحْمِ وَالدَّمِ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَاءَ نَبَعَ مِنْ نَفْسِ اللَّحْمِ الْكَائِنِ فِي الْأَصَابِعِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْآتِي فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَأَوْضَحُ مِنْهُ مَا وَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاس عِنْد الطَّبَرَانِيّ فجاؤوا بِشَنٍّ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ فَرَّقَ أَصَابِعَهُ فَنَبَعَ الْمَاءُ مِنْ أَصَابِعِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ عَصَا مُوسَى فَإِنَّ الْمَاءَ تَفَجَّرَ مِنْ نَفْسِ الْعَصَا فَتَمَسُّكُهُ بِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَاءَ تَفَجَّرَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَاءَ كَانَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رُؤْيَةِ الرَّائِي وَهُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِلْبَرَكَةِ الْحَاصِلَةِ فِيهِ يَفُورُ وَيَكْثُرُ وَكَفُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَاءِ فَرَآهُ الرَّائِي نَابِعًا مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَالْأَوَّلُ أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَةِ وَلَيْسَ فِي الْأَخْبَارِ مَا يَرُدُّهُ وَهُوَ أَوْلَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ كَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ)
فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ .

     قَوْلُهُ  رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرٍ وَصَلَهُ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ مُطَوَّلًا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ وَفِي آخِرِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ قَالَ تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي وَهَذَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي صَلَاة التَّطَوُّع وَتقدم حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ ثُمَّ ذَكَرَ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ عَنْ أَنَسٍ فِي الْمِعْرَاجِ وَسَيَأْتِي بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا فِي التَّوْحِيدِ

[ قــ :3408 ... غــ :3570] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَخِي هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَسُلَيْمَانُ هُوَ بن بِلَالٍ .

     قَوْلُهُ  جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ هُمْ مَلَائِكَةٌ وَلَمْ أَتَحَقَّقْ أَسْمَاءَهُمْ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ كَانَ نَائِمًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ نَائِمًا بَين عَمه حَمْزَة وبن عَمِّهِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَتْ تِلْكَ أَيِ الْقِصَّةُ أَيْ لَمْ يَقَعْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِنَ الْكَلَامِ قَوْله حَتَّى جاؤوا إِلَيْهِ لَيْلَةً أُخْرَى أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ وَمِنْ هُنَا يَحْصُلُ رَفْعُ الْإِشْكَالِ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ أَن يُوحى إِلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَكَانِهِ .

     قَوْلُهُ  فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا مِنْ قَوْلِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي أَوَائِلِ الطَّهَارَةِ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمَّةِ وَزَعَمَ الْقُضَاعِيُّ أَنَّهُ مِمَّا اخْتُصَّ بِهِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ أَيْضًا وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يَرُدَّانِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عِمْرَانَ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ صَاحِبَةِ الْمَزَادَتَيْنِ مَا يَتَعَلَّقُ بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ فَليُرَاجع مِنْهُ من أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :3408 ... غــ : 3570 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ: "سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ: جَاءَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ -وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ- فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ..
     وَقَالَ  آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ فَكَانَتْ تِلْكَ.
فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوا لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُهُمْ.
فَتَوَلاَّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ".
[الحديث 3570 - أطرافه في: 4964، 5610، 6581، 7517] .

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أخي) عبد الحميد ( عن سليمان) بن بلال ( عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر) بفتح النون وكسر الميم أنه قال: ( سمعت أنس بن مالك يحدّثنا عن ليلة أسري بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مسجد الكعبة) إلى بيت المقدس أنه ( جاء) بإسقاط الضمير ولأبوي الوقت وذر: جاءه ( ثلاثة نفر) من الملائكة.
قال ابن حجر: لم أتحقق أسماءهم، وقال غيره هم: جبريل وميكائيل وإسرافيل ولم يذكر مستندًا يعول عليه ( قبل أن يوحى إليه) .

استشكل بأن الإسراء كان بعد المبعث بلا ريب فكيف يقول قبل أن يوحى إليه فهو غلط من شريك لم يوافق عليه وليس هو بالحافظ لا سيما وقد انفرد بذلك عن أنس ولم يرو ذلك غيره من الحفاظ؟ وأجيب على تقدير الصحة: بأنه لم يؤت عقب تلك الليلة بل بعد بسنتين لأنه إنما أسري به قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل غير ذلك مما يأتي إن شاء الله تعالى.

( وهو) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( نائم في مسجد الحرام) بتنكير الأول وتعريف الثاني بين اثنين حمزة وجعفر ( فقال أولهم) : أول النفر ( أيهم هو؟) أي الثلاثة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال أوسطهم هو خيرهم) يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه كان نائمًا بين الاثنين ( وقال آخرهم) : أي آخر النفر الثلاثة ( خذوا خيرهم) للعروج به إلى السماء ( فكانت تلك) أي القصة أي لم يقع في تلك الليلة غير ما ذكر من الكلام ( فلم يرهم) عليه الصلاة والسلام ( حتى جاؤوا) إليه ( ليلة أخرى فيما يرى قلبه والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نائمة عيناه ولا ينام قلبه) تمسك بهذا من قال إنه رؤيا منام ولا حجة فيه إذ قد يكون ذلك حاله أول وصول الملك إليه، وليس في الحديث ما يدل على كونه نائمًا في القصة كلها، وقد قال عبد الحق رواية شريك أنه قال كان نائمًا زيادة مجهولة ( وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم فتولاه) عليه الصلاة والسلام ( جبريل ثم عرج به إلى السماء) .
كذا ساقه هنا مختصرًا ويأتي إن شاء الله تعالى مع مباحثه في موضعه، وقد أخرجه مسلم في الإيمان.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :3408 ... غــ :3570 ]
- حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني أخِي عنْ سُلَيْمَانَ عنْ شَرِيكِ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبِي نَمِرٍ سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ يُحَدِّثُنَا عنْ لَ يْلَةَ أُسْرِيَ بالنَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ جاءَ ثلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أنْ يُوحاى إلَيْهُ وهْوَ نائِمٌ فِي مَسْجِدِ الحَرَامِ فَقَالَ أوَّلُهُمْ أيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ.

     وَقَالَ  آخِرُهُمْ خُذُوا خَيرَهُمْ فَكانَتْ تِلْكَ فلَمْ يَرَهُمْ حتَّى جاؤُوا لَيْلَةً أُخْراى فِيما يَرَى قَلْبُهُ والنَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نائِمَةٌ عَيْنَاهُ ولاَ يَنامُ قَلْبُهُ وكَذالِكَ الأنْبِيَاءُ تَنامُ أعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ فَتَوَلاَّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَأَخُوهُ أَبُو بكر بن عبد الحميد، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي.

قَوْله: ( ثَلَاثَة نفر) هم الْمَلَائِكَة، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قلت: الَّذِي يظْهر لي أَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة كَانُوا: جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل.
لِأَنِّي رَأَيْت فِي كتب كَثِيرَة مَخْصُوصَة بالمعراج أَنهم نزلُوا عَلَيْهِ والبراق مَعَهم.
قَوْله: ( قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ) ، قيل: لَيْسَ فِي أَكثر الرِّوَايَات هَذِه اللَّفْظَة، وَأَن تِلْكَ مَحْفُوظَة فَلم يَأْته عقيب تِلْكَ اللَّيْلَة، بل بعْدهَا بِسنتَيْنِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا أسرِي بِهِ قبل الْهِجْرَة بِثَلَاثَة سِنِين، وَقيل: بِسنتَيْنِ، وَقيل: بِسنة.
قَوْله: ( أَيهمْ هُوَ) ، أَي: الثَّلَاثَة مُحَمَّد، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَائِما بَين اثْنَيْنِ أَو أَكثر، وَقد قيل: كَانَ نَائِما بَين عَمه حَمْزَة وَابْن عَمه جَعْفَر بن أبي طَالب.
قَوْله: ( وأوسطهم) هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ نَائِما بَينهمَا.
قَوْله: ( خُذُوا خَيرهمْ) أَي: لأجل أَن يعرج بِهِ إِلَى السَّمَاء.
قَوْله: ( فَكَانَت تِلْكَ) أَي: كَانَت الْقِصَّة تِلْكَ الْحِكَايَة لم يَقع شَيْء آخر.
قَوْله: ( فِيمَا يرى قلبه) أَي: بَين النَّائِم وَالْيَقظَان.
فَإِن قلت: ثَبت فِي الرِّوَايَات الْأُخْرَى أَنه فِي الْيَقَظَة.
قلت: أَن قُلْنَا بتعدده فَظَاهر، وَإِن قُلْنَا باتحاده فَيمكن أَن يُقَال: كَانَ ذَلِك أول وُصُول الْملك إِلَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على كَونه نَائِما فِي الْقِصَّة كلهَا، وَالله سبخانه وَتَعَالَى أعلم.