3442 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنَا الحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ فَقَالَ : الحَمْدُ لِلَّهِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ : رَحِمَكَ اللَّهُ يَا آدَمُ ، اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ المَلَائِكَةِ ، إِلَى مَلَإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ ، فَقُلْ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، قَالُوا : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ ، فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ ، بَيْنَهُمْ ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ : اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ ، قَالَ : اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ ثُمَّ بَسَطَهَا فَإِذَا فِيهَا آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ ، مَا هَؤُلَاءِ ؟ فَقَالَ : هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ ، فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ مَكْتُوبٌ عُمْرُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، فَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ أَضْوَؤُهُمْ - أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ - قَالَ : يَا رَبِّ مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ قَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمْرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً . قَالَ : يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمْرِهِ . قَالَ : ذَاكَ الَّذِي كُتِبَ لَهُ . قَالَ : أَيْ رَبِّ ، فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمْرِي سِتِّينَ سَنَةً . قَالَ : أَنْتَ وَذَاكَ . قَالَ : ثُمَّ أُسْكِنَ الجَنَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ أُهْبِطَ مِنْهَا ، فَكَانَ آدَمُ يَعُدُّ لِنَفْسِهِ ، قَالَ : فَأَتَاهُ مَلَكُ المَوْتِ ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ : قَدْ عَجَّلْتَ ، قَدْ كُتِبَ لِي أَلْفُ سَنَةٍ . قَالَ : بَلَى وَلَكِنَّكَ جَعَلْتَ لِابْنِكِ دَاوُدَ سِتِّينَ سَنَةً ، فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ ، وَنَسِيَ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ . قَالَ : فَمِنْ يَوْمِئِذٍ أُمِرَ بِالكِتَابِ وَالشُّهُودِ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ |
شرح الحديث من تحفة الاحوذي
[3368] .
قَوْلُهُ ( أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ) فِي التَّقْرِيبِ الْحَارِثُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الدَّوْسِيُّ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمَدَنِيُّ صَدُوقٌ يَهِمُ مِنَ الْخَامِسَةِ .
قَوْلُهُ عَطَسَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَيْ فَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ أَيْ بِأَمْرِهِ وَحُكْمِهِ أَوْ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ أَوْ بِتَيْسِيرِهِ وَتَوْفِيقِهِ ( إِلَى مَلَأٍ مِنْهُمْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فَيَكُونُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا فَيَكُونُ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانًا لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ إِلَى الْحَالِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الْبَدَلِ يَعْنِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ مُشِيرًا بِهِ إِلَى مَلَأٍ مِنْهُمْ ( جُلُوسٍ) بِالْجَرِّ صِفَةُ مَلَأٍ أَيْ جَالِسِينَ أَوْ ذَوِي جُلُوسٍ فَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ قَالُوا وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ هَذَا اخْتِصَارٌ وَالتَّقْدِيرُ فَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَذَهَبَ آدَمُإِلَيْهِمْ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ أَيِ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ إِنَّ هَذِهِ أَيِ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ فِيهِ تَغْلِيبٌ أَيْ ذُرِّيَّتِكَ بَيْنَهُمْ أَيْ فِيمَا بَيْنَهُمْ عِنْدَ مُلَاقَاتِهِمْ فَهَذِهِ سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ ( وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ) الجملة حال والضمير لله قال القارىء مَذْهَبُ السَّلَفِ مِنْ نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَإِثْبَاتِ التَّنْزِيهِ مَعَ التَّفْوِيضِ أَسْلَمُ انْتَهَى قُلْتُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ ( اخْتَرْ أَيَّهُمَا) أَيْ مِنَ الْيَدَيْنِ وَفِي الْمِشْكَاةِ أَيَّتَهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ ( وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ) مِنْ كَلَامِ آدَمَ أَوْ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَولُهُ ( مُبَارَكَةٌ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ ( ثُمَّ بَسَطَهَا) أَيْ فَتَحَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَمِينَهُ ( فَإِذَا فِيهَا) أَيْ مَوْجُودٌ ( آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي رَأَى آدَمُ مِثَالَهُ وَمِثَالَ بَنِيهِ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ ( هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ) الظَّاهِرُ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي الْيَمِينِ اخْتِصَاصُهُمْ بِالصَّالِحِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَالْمُقَرَّبِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا .
قَوْلُهُ فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ إِلَخْ ( فَإِذَا فِيهِمْ رجل أضوؤهم) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ لِكُلِّهِمْ ضِيَاءً لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ فِيهِمْ بِحَسَبِ نُورِ إِيمَانِهِمْ ( أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ( مَنْ هَذَا) قَالَ الطِّيبِيُّ ذَكَرَ أَوَّلًا مَا هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ مَا عَرَفَ مَا رَآهُ ثُمَّ لَمَّا قِيلَ لَهُ هُمْ ذُرِّيَّتُكَ فَعَرَفَهُمْ فَقَالَ مَنْ هَذَا ( وَقَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمُرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) قَالَ الطِّيبِيُّ .
قَوْلُهُ عُمُرَ أَرْبَعِينَ مَفْعُولُ كَتَبْتُ وَمُؤَدَّى الْمَكْتُوبِ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَ عُمُرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَنَصَبَ أَرْبَعِينَ عَلَى الْمَصْدَرِ عَلَى تَأْوِيلِ كَتَبْتُ لَهُ أَنْ يُعَمَّرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ( قَالَ يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمُرِهِ) أَيْ مِنْ عِنْدِكَ وَفَضْلِكَ ( ذَاكَ الَّذِي كُتِبَ لَهُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَتَبْتُ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَعْلُومِ قَالَ الطِّيبِيُّ ذَاكَ الَّذِي مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ مَعْرِفَتَانِ فَيُفِيدُ الْحَصْرَ أَيْ لَا مَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا نُقْصَانَ ( قَالَ) يَعْنِي آدَمَ ( أَيْ رَبِّ) أَيْ يَا رَبِّ ( فَإِنِّي) أَيْ إِذَا أَبَيْتَ مِنْ عِنْدِكَ فَإِنِّي ( قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عمري) أي من جملة مدة عمري وسنيه ( سِتِّينَ سَنَةً) أَيْ تَكْمِلَةً لِلْمِائَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْخَبَرِ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِدْعَاءُ مِنْ رَبِّهِ أَنْ يَجْعَلَهُ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى هَذَا الْجُعْلِ وَقَولُهُ قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمُرِي سِتِّينَ سَنَةً هُنَا يُخَالِفُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ بِلَفْظِ زِدْهُ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْجَمْعِ هُنَاكَ ( قال أنت وذاك) قال القارىء يَحْتَمِلُ الْبَرَاءَةَ وَيَحْتَمِلُ الْإِجَابَةَ وَقَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ نَحْوُ قَوْلِهِمْ كُلُّإِلَيْهِمْ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ أَيِ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ إِنَّ هَذِهِ أَيِ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ فِيهِ تَغْلِيبٌ أَيْ ذُرِّيَّتِكَ بَيْنَهُمْ أَيْ فِيمَا بَيْنَهُمْ عِنْدَ مُلَاقَاتِهِمْ فَهَذِهِ سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ ( وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ) الجملة حال والضمير لله قال القارىء مَذْهَبُ السَّلَفِ مِنْ نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَإِثْبَاتِ التَّنْزِيهِ مَعَ التَّفْوِيضِ أَسْلَمُ انْتَهَى قُلْتُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ ( اخْتَرْ أَيَّهُمَا) أَيْ مِنَ الْيَدَيْنِ وَفِي الْمِشْكَاةِ أَيَّتَهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ ( وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ) مِنْ كَلَامِ آدَمَ أَوْ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَولُهُ ( مُبَارَكَةٌ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ ( ثُمَّ بَسَطَهَا) أَيْ فَتَحَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَمِينَهُ ( فَإِذَا فِيهَا) أَيْ مَوْجُودٌ ( آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي رَأَى آدَمُ مِثَالَهُ وَمِثَالَ بَنِيهِ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ ( هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ) الظَّاهِرُ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي الْيَمِينِ اخْتِصَاصُهُمْ بِالصَّالِحِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَالْمُقَرَّبِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا .
قَوْلُهُ فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ إِلَخْ ( فَإِذَا فِيهِمْ رجل أضوؤهم) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ لِكُلِّهِمْ ضِيَاءً لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ فِيهِمْ بِحَسَبِ نُورِ إِيمَانِهِمْ ( أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ( مَنْ هَذَا) قَالَ الطِّيبِيُّ ذَكَرَ أَوَّلًا مَا هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ مَا عَرَفَ مَا رَآهُ ثُمَّ لَمَّا قِيلَ لَهُ هُمْ ذُرِّيَّتُكَ فَعَرَفَهُمْ فَقَالَ مَنْ هَذَا ( وَقَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمُرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) قَالَ الطِّيبِيُّ .
قَوْلُهُ عُمُرَ أَرْبَعِينَ مَفْعُولُ كَتَبْتُ وَمُؤَدَّى الْمَكْتُوبِ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَ عُمُرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَنَصَبَ أَرْبَعِينَ عَلَى الْمَصْدَرِ عَلَى تَأْوِيلِ كَتَبْتُ لَهُ أَنْ يُعَمَّرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ( قَالَ يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمُرِهِ) أَيْ مِنْ عِنْدِكَ وَفَضْلِكَ ( ذَاكَ الَّذِي كُتِبَ لَهُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَتَبْتُ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَعْلُومِ قَالَ الطِّيبِيُّ ذَاكَ الَّذِي مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ مَعْرِفَتَانِ فَيُفِيدُ الْحَصْرَ أَيْ لَا مَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا نُقْصَانَ ( قَالَ) يَعْنِي آدَمَ ( أَيْ رَبِّ) أَيْ يَا رَبِّ ( فَإِنِّي) أَيْ إِذَا أَبَيْتَ مِنْ عِنْدِكَ فَإِنِّي ( قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عمري) أي من جملة مدة عمري وسنيه ( سِتِّينَ سَنَةً) أَيْ تَكْمِلَةً لِلْمِائَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْخَبَرِ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِدْعَاءُ مِنْ رَبِّهِ أَنْ يَجْعَلَهُ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى هَذَا الْجُعْلِ وَقَولُهُ قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمُرِي سِتِّينَ سَنَةً هُنَا يُخَالِفُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ بِلَفْظِ زِدْهُ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْجَمْعِ هُنَاكَ ( قال أنت وذاك) قال القارىء يَحْتَمِلُ الْبَرَاءَةَ وَيَحْتَمِلُ الْإِجَابَةَ وَقَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ نَحْوُ قَوْلِهِمْ كُلُّظَلَامِهِ وَاللَّيْلُ إِذَا دَخَلَ فِي ظَلَامِهِ غَاسِقٌ وَالنَّجْمُ إِذَا أَفَلَ غَاسِقٌ وَالْقَمَرُ غَاسِقٌ إِذَا وَقَبَ وَلَمْ يُخَصِّصْ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ عَمَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ فَكُلُّ غَاسِقٍ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْمَرُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ شَرِّهِ إِذَا وَقَبَ انْتَهَى .
قَوْلُهُ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ احمد والنسائي والحاكم وصححه وبن جَرِيرٍ