هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3581 وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ ، وَأَبُو الطَّاهِرِ ، قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ : أَخْبَرَنَا ، وقَالَ هَارُونُ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، أَنَّ عَائِشَةَ ، أَخْبَرَتْهُ ، عَنْ بَيْعَةِ النِّسَاءِ ، قَالَتْ : مَا مَسَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ امْرَأَةً قَطُّ ، إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا ، فَإِذَا أَخَذَ عَلَيْهَا ، فَأَعْطَتْهُ ، قَالَ : اذْهَبِي ، فَقَدْ بَايَعْتُكِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3581 وحدثني هارون بن سعيد الأيلي ، وأبو الطاهر ، قال أبو الطاهر : أخبرنا ، وقال هارون : حدثنا ابن وهب ، حدثني مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، أن عائشة ، أخبرته ، عن بيعة النساء ، قالت : ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط ، إلا أن يأخذ عليها ، فإذا أخذ عليها ، فأعطته ، قال : اذهبي ، فقد بايعتك
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته عن بيعة النساء، قالت: ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط، إلا أن يأخذ عليها، فإذا أخذ عليها فأعطته، قال اذهبي فقد بايعتك.



المعنى العام

كان من شروط الصلح في الحديبية بين قريش والمسلمين أن من جاء من قريش إلى المسلمين يردونه إلى قريش، وعبارته عند ابن إسحق من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم وهذه العبارة تعم الرجال والنساء، وكذا عبارته عند البخاري ولا يأتيك منا أحد أما رواية البخاري في كتاب الشروط فكانت على أنه لا يأتيك منا رجل -وإن كان على دينك- إلا رددته إلينا وسواء كانت عبارة الشرط تشمل النساء ثم نسخ دخولهن فيه، أو كانت عامة فخصصت، أو لم تكن تشملهن ابتداء، فحكم الله تعالى يخرجهن من الشرط؛ إذ هاجرت بعد الصلح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، فخرج أخواها عمار والوليد، حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه في أمرها، ليردها عليه الصلاة والسلام إلى قريش، فنزل قوله تعالى: { { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم* وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون* يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم } } [الممتحنة: 10، 11، 12] .

فلما نزلت هذه الآية لم يردها صلى الله عليه وسلم، ثم أنكحها زيد بن حارثة صلى الله عليه وسلم.

وهاجر نساء كثيرات من مكة، فكن يمتحن ويبايعن في المدينة، ويعاملن في ضوء هذه الآيات، فعند البزار عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءت فاطمة بنت عقبة، تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ عليها أن لا تزني، فوضعت يدها على رأسها حياء، فقالت لها عائشة: بايعي أيتها المرأة، فوالله ما بايعناه إلا على هذا.
قالت: فنعم إذن.

وأصبحت هذه الصيغة القرآنية صيغة المبايعة الشرعية، بل صيغة العهد الذي يؤخذ على النساء جميعا في الأوقات المختلفة، ولو على غير المهاجرات، فقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد خطبة يوم عيد أقبل على النساء، فقرأ عليهن: { { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم } } ثم قال حين فرغ من الآية: أنتن على ذلك؟ قالت امرأة واحدة منهن: نعم.

ولما فتحت مكة، وآمن الكثيرات من نسائها أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهن هذه البيعة وهذا الميثاق، وكان ممن بايعنه صلى الله عليه وسلم بمكة هند بنت عتبة، زوج أبي سفيان، فقرأ صلى الله عليه وسلم عليهن الآية، فلما قال: { { على أن لا يشركن بالله شيئا } } قالت: وكيف نطمع أن يقبل منا ما لم يقبله من الرجال؟ كأنها تقول: إن هذا واضح مسلم، فلما قال { { ولا يسرقن } } قالت: والله إني لأصيب الهنة من مال أبي سفيان لا يدري أيحل لي ذلك؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما غبر فهو لك حلال، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وعرفها، فقال لها: وإنك لهند بنت عتبة؟ قالت: نعم.
فاعف عما سلف يا نبي الله، عفا الله عنك.
فقال { { ولا يزنين } } فقالت: أو تزني الحرة؟ تريد أن الزنا في الإماء كما كان غالبا في الجاهلية.
فقال: { { ولا يقتلن أولادهن } } فقالت: ربيناهم صغارا، وقتلتهم كبارا، تعني ما كان من أمر ابنها حنظلة بن أبي سفيان، فإنه قتل يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى، وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال { { ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن } } فقالت: والله إن البهتان لأمر قبيح، ولا يأمر الله تعالى إلا بالرشد ومكارم الأخلاق.
فقال { { ولا يعصينك في معروف } } فقالت: والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء.

بل أصبحت هذه الصيغة يبايع ويعاهد عليها الرجال، فيقولون: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما بايع عليه النساء، وأصبحت تعرف ببيعة النساء، لما أنها نزلت بخصوص النساء، فقد روى البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم -ونحن في مجلس- تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه، فبايعناه على ذلك.

وفي مبايعات الرجال كان صلى الله عليه وسلم يضع يده في أيدي المبايعين، ويد الله فوق أيديهم، أما في مبايعات الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء فتؤكد عائشة -رضي الله عنها- أنه لم يكن يضع يده صلى الله عليه وسلم في يد امرأة قط، بل كان يأخذ البيعة عليهن كلاما فقط، فإذا أقررن وتعهدن بما طلب منهن قال لهن: قد بايعتكن على ذلك، ولكن على تنفيذ ذلك الجنة.

المباحث العربية

( يمتحن) أي يختبرن اختبارا، يغلب على الظن موافقة قلوبهن لألسنتهن في الإيمان، خشية أن تكون هجرتهن لأمر دنيوي، وليست لله ورسوله، وقد أخرج ابن المنذر والطبري في الكبير بسند حسن عن ابن عباس أنه قال في كيفية امتحانهن: كانت المرأة إذا جاءت مهاجرة حلفها عمر رضي الله عنه بالله ما خرجت رغبة بأرض عن أرض، وبالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت التماس دنيا، وبالله ما خرجت إلا حبا لله ورسوله.

( بقول الله عز وجل) أي الامتحان بسبب قوله عز وجل...، أي فإنها تأمر بامتحانهن، والآية التي ذكرتها عائشة تالية للآية الآمرة بالامتحان وهي قوله تعالى { { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن....
}
}
وقد وضحنا ذلك بالمعنى العام.

{ { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات } } بحسب الظاهر، أي مدعيات الإيمان.

{ { يبايعنك } } الجملة حالية، حال مقدرة، أي مقدرات وقاصدات للبيعة.

{ { على ألا يشركن بالله شيئا } } شيئا مفعول به، أي لا يشركن بالله شيئا من الأشياء أو صنما من الأصنام، أو صفة لمفعول مطلق، أي لا يشركن شيئا من الإشراك، ولا نوعا من الإشراك.

( إلى آخر الآية) بقيتها { { ولا يقتلن أولادهن } } أريد به وأد البنات، وإن كان الأولاد أعم منهن، وجوز إبقاؤه على ظاهره { { ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن } } قال الفراء: كانت المرأة في الجاهلية تلتقط المولود من غيرها، فتقول لزوجها: هذا ولدي منك.
فذلك البهتان المفترى بين أيديهن وأرجلهن، وذلك أن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها، { { ولا يعصينك في معروف } } أي فيما تأمرهن به من معروف، وتنهاهن عنه من منكر، وعند أحمد والترمذي وابن ماجه عن أم سلمة الأنصارية قالت امرأة من هذه النسوة: ما هذا المعروف الذي لا ينبغي لنا أن نعصيك فيه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا تنحن وقيل: النوح وشق الجيوب ووشم الوجوه وغير ذلك.
وقيل: لا يخلو رجل بامرأة، { { فبايعهن } } أي إذا أعطينك العهد بذلك فأعطهن العهد بضمان الثواب على الوفاء بهذه الأشياء { { واستغفر لهن الله } } زيادة على ما في ضمن المبايعة من الثواب { { إن الله غفور رحيم } } يغفر لهن ويرحمهن، إذا وفين بما بايعن.

( فقد أقر بالمحنة) قال النووي: معناه فقد بايع البيعة الشرعية.
اهـ.
وفي رواية البخاري فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد بايعتك.

( ولا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط) المراد من اليد الكف، كما في الرواية.
وقط لنفي الماضي، وفيه خمس لغات، فتح القاف وتشديد الطاء مضمومة ومكسورة، وبضمهما، والطاء مشددة، وفتح القاف مع تخفيف الطاء، ساكنة ومكسورة، والقسم لتأكيد الخبر.

( غير أنه يبايعهن بالكلام) لا باللمس، ولا بأخذ الكف في الكف، كما في بيعة الرجال، وفي الرواية يقول لهن إذا أخذ عليهن: قد بايعتكن.
كلاما أي يقول ذلك كلاما فقط.

( ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط، إلا أن يأخذ عليها) هذا الاستثناء منقطع، وتقدير الكلام: ما مس امرأة قط، لكن يأخذ عليها البيعة بالكلام.

فقه الحديث

قال الحافظ ابن حجر: اختلف في استمرار حكم امتحان من هاجر من المؤمنات، فقيل: منسوخ، بل ادعى بعضهم الإجماع على نسخه.
اهـ.

وقال النووي: في الحديث أن بيعة النساء بالكلام، من غير أخذ كف.

وفيه أن بيعة الرجال بأخذ الكف مع الكلام.

وفيه أن كلام الأجنبية يباح سماعه عند الحاجة، وأن صوتها ليس بعورة.

وفيه أن لا يلمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة، كتطبب وفصد وحجامة وقلع ضرس وكحل عين ونحوها، فحيث لا توجد امرأة تفعله جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة.
اهـ.

وعائشة -رضي الله عنها- ترد على ما قيل من أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع النساء بيده، كما بايع الرجال، وقد يستدل لأصحاب هذا القول بما رواه البخاري عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا أن لا يشركن بالله شيئا ونهانا عن النياحة ، فقبضت امرأة يدها....
الحديث.
فقبض يدها يوهم أن يدها كانت في يده صلى الله عليه وسلم، لكنه احتمال لا يدفع النصوص ويحتمل أنها كانت ممسكة بثوب يمسك بطرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعند ابن سعد وسعيد بن منصور عن الشعبي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بايع النساء وضع على يده ثوبا وفي بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم يبايعهن وبين يديه وأيديهن ثوب مطوي ويحتمل أنهن كن يشرن بإيديهن عند المبايعة بلا مماسة.
وأخرج ابن سعد وابن مردويه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء، فغمس يده فيه، ثم يغمس أيديهن فيه والله أعلم بصحة هذا الخبر.
لكن الأشهر المعول عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصافح بيده امرأة قط، إلا امرأة يملكها، كما جاء في الصحيح، وعند أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه أنهن بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلن: يا رسول الله.
ألا تصافحنا؟ قال: إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة.

وقد روى البخاري عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا أن لا يشركن بالله شيئا ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها، فقالت: أسعدتني فلانة، فأريد أن أجزيها وللنسائي فأذهب، فأسعدها، ثم أجيئك، فأبايعك، قال: فاذهبي، فأسعديها، قالت: فذهبت، فساعدتها، ثم جئت، فبايعت قال النووي: هذا محمول على أن الترخيص لأم عطية في آل فلان خاصة، ولا تحل النياحة لها ولا لغيرها في غير آل فلان، كما هو ظاهر الحديث، وللشارع أن يخص من العموم من شاء بما شاء.
اهـ.
كذا قال.
قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، إلا إن ادعى أن الذين ساعدتهم لم يكونوا أسلموا، وفيه بعد، وإلا فليدع مشاركتهم لها في الخصوصية، وقد شذ من قال: إن النياحة ليست بحرام، إلا إن صاحبها شيء من أفعال الجاهلية، من شق جيب وخمش خد ونحو ذلك، والأحاديث الواردة في الوعيد الشديد على النياحة ترده، وتؤكد شدة التحريم، وهو مذهب العلماء كافة، لكن لا يمتنع أن يكون النهي أولا ورد بكراهة التنزيه، ثم لما تمت مبايعة النساء وقع التحريم، فيكون الإذن لمن ذكر وقع في الحالة الأولى لبيان الجواز، ثم وقع التحريم، فورد حينئذ الوعيد الشديد.
اهـ.
ومال الحافظ ابن حجر إلى هذا الاحتمال، واجتهد في رد الاحتمالات الأخرى.

وعندي أن الخصوصية للتأليف في أول التشريع أقرب الاحتمالات، كما قال النووي، والاحتمال الذي مال إليه ابن حجر بعيد، إذ لو كان النهي للتنزيه ما دخل في البيعة التي اقتصرت على أهم الأمور.

والله أعلم.