هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3641 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ ابْنُ زَيْدٍ ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ ، ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، بِإِسْنَادِ مَالِكٍ وَمَعْنَى حَدِيثِهِ ، وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3641 حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، حدثنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن علقمة بن وقاص ، عن عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنية ، وإنما لامرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ، حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر ، أخبرنا الليث ، ح وحدثنا أبو الربيع العتكي ، حدثنا حماد ابن زيد ، ح وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب يعني الثقفي ، ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان ، ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا حفص يعني ابن غياث ، ويزيد بن هارون ، ح وحدثنا محمد بن العلاء الهمداني ، حدثنا ابن المبارك ، ح وحدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، كلهم عن يحيى بن سعيد ، بإسناد مالك ومعنى حديثه ، وفي حديث سفيان : سمعت عمر بن الخطاب على المنبر يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It has been narrated on the authority of Umar b. al-Khattab that the Messenger of Allah (ﷺ) said:

(The value of) an action depends on the intention behind it. A man will be rewarded only for what he intended. The emigration of one who emigrates for the sake of Allah and His Messenger (ﷺ) is for the sake of Allah and His Messenger (ﷺ) ; and the emigration of one who emigrates for gaining a worldly advantage or for marrying a woman is for what he has emigrated.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1907] .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ) الْحَدِيثَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عِظَمِ مَوْقِعِ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ وَصِحَّتِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ هُوَ ثُلُثُ الْإِسْلَامِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ يَدْخُلُ فِي سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الْفِقْهِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ هُوَ رُبْعُ الْإِسْلَامِ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي لِمَنْ صَنَّفَ كِتَابًا أَنْ يَبْدَأَ فِيهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ تَنْبِيهًا لِلطَّالِبِ عَلَى تَصْحِيحِ النِّيَّةِ وَنَقَلَ الْخَطَّابِيُّ هَذَاعَنِ الْأَئِمَّةِ مُطْلَقًا وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وغيره فابتدؤا به قبل كل شئ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ الْحُفَّاظُ وَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَا عَنْ عُمَرَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ وَلَا عَنْ عَلْقَمَةَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَلَا عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَعَنْ يَحْيَى انْتَشَرَ فَرَوَاهُ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْ إِنْسَانٍ أَكْثَرُهُمْ أَئِمَّةٌ وَلِهَذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ لَيْسَ هُوَ مُتَوَاتِرًا وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ لِأَنَّهُ فَقَدَ شَرْطَ التَّوَاتُرِ فِي أَوَّلِهِ وَفِيهِ طُرْفَةٌ مِنْ طُرَفِ الْإِسْنَادِ فَإِنَّهُ رَوَاهُ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ يَحْيَى وَمُحَمَّدٌ وَعَلْقَمَةُ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْأُصُولِ وَغَيْرُهُمْ لَفْظَةُ إِنَّمَا مَوْضُوعَةٌ لِلْحَصْرِ تُثْبِتُ الْمَذْكُورَ وَتَنْفِي مَا سِوَاهُ فَتَقْدِيرُ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ الأعمال تحسب بنية ولاتحسب إِذَا كَانَتْ بِلَا نِيَّةٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أن الطهارة وهى الوضوء والغسل والتيمم لاتصح الا بالنية وكذلك الصلوة والزكوة وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ وَالِاعْتِكَافُ وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ.

.
وَأَمَّا إِزَالَةُ النجاسة فالمشهور عندنا أنها لاتفتقر إِلَى نِيَّةٍ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ التُّرُوكِ والتَّرْكُ لايحتاج إِلَى نِيَّةٍ وَقَدْ نَقَلُوا الْإِجْمِاعَ فِيهَا وَشَذَّ بعض أصحابنا فأوجبها وهو باطل وَتَدْخُلُ النِّيَّةُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْقَذْفِ وَمَعْنَى دُخُولِهَا أَنَّهَا إِذَا قَارَنَتْ كِنَايَةً صَارَتْ كَالصَّرِيحِ وان أتى بصريح طلاق ونوى طلقتين أوثلاثا وَقَعَ مَا نَوَى وَإِنْ نَوَى بِصَرِيحٍ غَيْرِ مُقْتَضَاهُ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ولايقبل مِنْهُ فِي الظَّاهِرِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ( وانما لامرىء مَا نَوَى) قَالُوا فَائِدَةُ ذِكْرِهِ بَعْدَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ بَيَانُ أَنَّ تَعْيِينَ الْمَنَوِيِّ شَرْطٌ فلو كان على انسان صلوة مقضية لايكفيه أن ينوى الصلوة الْفَائِتَةَ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ كَوْنَهَا ظُهْرًا أَوْ غَيْرَهَا وَلَوْلَا اللَّفْظُ الثَّانِي لَاقْتَضَى الْأَوَّلُ صِحَّةَ النِّيَّةِ بِلَا تَعْيِينٍ أَوْ أَوْهَمَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَمَنْ كَانَ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ ورسولهمَعْنَاهُ مَنْ قَصَدَ بِهِجْرَتِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ قَصَدَ بِهَا دُنْيَا أَوِ امْرَأَةً فَهِيَ حَظُّهُ وَلَا نَصِيبَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ بِسَبَبِ هَذِهِ الْهِجْرَةِ وَأَصْلُ الْهِجْرَةِ) 55 التَّرْكُ وَالْمُرَادُ هُنَا تَرْكُ الْوَطَنِ وَذِكْرُ الْمَرْأَةِ مَعَ الدُّنْيَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَاءَ أَنَّ سَبَبَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قَيْسٍ فَقِيلَ لَهُ مُهَاجِرُ أُمِّ قَيْسٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى زِيَادَةِ التَّحْذِيرِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ تَنْبِيهًا عَلَى مَزِيَّتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( بَاب اسْتِحْبَابِ طَلَبِ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهُ تَعَالَى)

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1907] إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَي الْأَعْمَال المتقرب بهَا إِلَى الله وَإِنَّمَا لامرئ مَا نوى قَالُوا فَائِدَة ذكره بعد إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ بَيَان أَن تعْيين الْمَنوِي شَرط

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية.
وإنما لامرئ ما نوى.
فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله.
ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.


المعنى العام

تطلق الأعمال على أعمال الجوارح والأعضاء الظاهرة، ومنها اللسان، وعلى أعمال القلوب، كالظن والحقد والحسد، والعزم والتصميم المقترن بالفعل، وهو المعروف بالنية، ولما كانت المسئولية البشرية تقع أولا وبالذات على الإرادة وتبييت النية، وسبق العزم والتصميم كان الحديث الشريف إنما الأعمال بالنيات أي كل عمل اختياري مرتبط بنية صاحبه.

إن الإنسان يتميز عن الحيوان بالعقل والتفكير، والعقل مناط التكليف الشرعي، فإذا اختل العقل بالجنون مثلا اختلالا كاملا، أو اختل جزئيا بالنوم مثلا، أو بالإغماء رفع التكليف ففي الحديث رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ.

ومن هنا ارتبط العمل بالنية وبعمل العقل، فمن صلى لله تعالى ليس كمن صلى للناس، يرائيهم، فالله تعالى يقول { { فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون* الذين هم يراءون* ويمنعون الماعون } } [الماعون: 4 وما بعدها] وليس الفرق بين المنافقين في عباداتهم، وبين المؤمنين المخلصين لله في عبادتهم إلا النية والقصد، فكان المنافقون في الدرك الأسفل من النار، وكان المخلصون في عليين، لأن { { المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا } } [النساء: 142] .

ويظهر أثر النية في الأعمال في الجهاد بصفة أكبر، حيث يقول صلى الله عليه وسلم من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله أما الذين يقاتلون للمغنم فأجرهم المغنم ولا ثواب لهم، والذين يقاتلون ليقال شجعان فأجرهم دنيوي، فقد قيل، وفي هذه الحالات لا يكفر القتال ذنوبهم، ويؤخذون بها إلى النار.

المباحث العربية

( إنما الأعمال بالنية) إنما أداة قصر، تفيد تقوية الحكم وتأكيده، وإثباته لمذكور، ونفيه عما عداه، والأعمال عام، يشمل أعمال الإنسان، المكلف وغير المكلف، الدينية والدنيوية، لكن العموم هنا غير مراد، إذ المراد أعمال العبادة الصادرة من المكلفين.

وقد وجه بعض العلماء جمع الأعمال وإفراد النية في هذه الرواية بأن الأعمال متعددة متنوعة، حسب جوارح الإنسان المختلفة، فتعدد اللفظ مراعاة لتعدد المحل، أما النية فمحلها القلب، فناسب إفرادها.

وعند البخاري إنما الأعمال بالنيات بجمع الأعمال، وجمع النيات، ووجهه بعضهم بأن مقابلة الجمع بالجمع يقتضي القسمة آحادا، فكأنه قال: كل عمل بنية.

وعند البخاري أيضا العمل بالنية بإفراد كل منهما.

والأعمال مبتدأ، وبالنية جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر، واختلف العلماء في تقدير هذا المحذوف، فمنهم من قدره تعتبر ومنهم من قدره تكمل ومنهم من قدره تصح ومنهم من قدره تستقر ومنهم من قدره تتبع وهو أقربها.

والنية القصد.
قال البيضاوي: النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقا لغرض، من جلب نفع، أو دفع ضر، حالا أو مآلا، والشرع خصصها بالإرادة المتوجهة نحو الفعل، لابتغاء رضاء الله، وامتثال حكمه.

قال الحافظ ابن حجر: والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي -الشامل للأمور الأخروية والدنيوية- ليحسن تطبيقه على بقية الحديث، من تقسيم أحوال المهاجر، فإن فيه تفصيلا لما أجمل، وفيه نية المهاجر لأمر دنيوي.
اهـ.

واختلفوا في الأقوال، هل تدخل في الأعمال هنا؟ على أنها أعمال اللسان؟ أو لا تدخل؟ على أنها لا تسمى أعمالا في العرف، ولهذا تعطف كل واحدة على الأخرى، فيقال: الأقوال والأفعال، قال ابن دقيق العيد: وأخرج بعضهم الأقوال، وهو بعيد، ولا تردد عندي في أن الحديث يتناولها.
اهـ.

وأما عمل القلب، كالنية، فلا يتناوله الحديث، لئلا يلزم التسلسل، وكل نية تحتاج إلى نية، إلى ما لا نهاية.

( وإنما لامرئ ما نوى) حركة الراء في امرئ تتبع حركة الإعراب، فتضم الراء في حالة الرفع، تبعا لحركة الهمزة، وتفتح في حالة النصب، وتكسر في حالة الجر.

وفي بعض الروايات ولكل امرئ ما نوى بدون إنما وفي بعضها وإنما لامرئ ما نوى وفي بعضها ولامرئ ما نوى ومن المعلوم أن الألفاظ في الحديث الواحد قد تتغاير مع الاتفاق في المعنى، أو التقارب فيه، وبما أن هذا الحديث في جميع رواياته مصدره المتلقي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عمر رضي الله عنه فإن تعدد القضية وتعدد صدوره عن الرسول صلى الله عليه وسلم بعيد أو غير وارد، مما يدل على أن اختلاف ألفاظه من الرواة، ومن الرواية بالمعنى.

( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله) لم تذكر هذه الجملة في رواية البخاري في كتاب بدء الوحي، وذكرها في أماكن أخرى، جريا على منهجه في الاقتصار على جزء الحديث في بعض الأماكن.

والهجرة في اللغة الترك، والهجرة إلى الشيء الانتقال إليه عن غيره، وفي الشرع ترك ما نهى الله عنه، وقد وقعت في الإسلام على وجهين: الأول الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن، كما في هجرتي الحبشة، وكما في الهجرة إلى المدينة قبل هجرته صلى الله عليه وسلم، الثاني الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان، وذلك بعد أن استقر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فهاجر إليه من تمكن من المسلمين، وكانت الهجرة إذ ذاك تختص بالانتقال إلى المدينة، إلى أن فتحت مكة، فانقطع الاختصاص، وبقي عموم الانتقال من دار الكفر لمن قدر عليه.

وظاهر هذه الجملة اتحاد الشرط والجزاء فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله والأصل تغايرهما، لكن هذا التغاير قد يكون في اللفظ والمعنى، وقد يكون في المعنى دون اللفظ، كما هو هنا، اعتمادا على المعهود المستقر في النفس، والمعنى من كانت هجرته إلى الله ورسوله أثابه الله على هذا القصد الأخروي.

( ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها) في بعض روايات البخاري إلى دنيا يصيبها والدنيا بضم الدال، وحكي كسرها، من الدنو، وهي القرب، سميت بذلك لسبقها للآخرة، وقيل: سميت دنيا لدنوها إلى الزوال، والمراد بها ما على الأرض من هواء وجو ومخلوقات، مما قبل قيام الساعة، ومعنى يصيبها يحصلها، لأن تحصيلها كإصابة الصيد بالسهم.

( أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) هذا من ذكر الخاص بعد العام، فإنها من أمور الدنيا، فتخصيصها بالذكر لمزيد الاهتمام بهذا النوع، للتحذير منه، لأن الافتتان به أشد، وقيل: خصت بالذكر للإشارة إلى سبب ذكر هذا الحديث، مما يعرف بقصة مهاجر أم قيس، قال ابن دقيق العيد: نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة، لا يريد بذلك فضيلة الهجرة، وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس، ورواها الطبراني بلفظ كان فينا رجل خطب امرأة، يقال لها: أم قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر، فتزوجها، فكنا نسميه: مهاجر أم قيس.

قال الحافظ ابن حجر: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، لكن ليس فيه أن حديث إنما الأعمال بالنيات سيق بسبب ذلك.
اهـ.

فقه الحديث

يقول النووي: أجمع المسلمون على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده، وصحته، قال الشافعي وآخرون: هو ثلث الإسلام، وقال الشافعي: يدخل في سبعين بابا من الفقه، وقال آخرون: هو ربع الإسلام، وقال عبد الرحمن بن مهدي وغيره: ينبغي لمن صنف كتابا أن يبدأ فيه بهذا الحديث، تنبيها للطالب على تصحيح النية، ونقل الخطابي هذا عن الأئمة مطلقا، وقد فعل ذلك البخاري وغيره، فابتدءوا به قبل كل شيء، وذكره البخاري في سبعة مواضع من كتابه.

قال: قال الحفاظ: لم يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية عمر بن الخطاب، ولا عن عمر إلا من رواية علقمة بن وقاص، ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمي، ولا عن محمد إلا من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، وعن يحيى انتشر، فرواه عنه أكثر من مائتي إنسان، أكثرهم أئمة، ولهذا قال الأئمة: ليس هو متواترا، وإن كان مشهورا عند الخاصة والعامة، لأنه فقد شرط التواتر في أوله.

قال: وفيه طرفة من طرف الإسناد، فإنه رواه ثلاثة تابعيون، بعضهم عن بعض، يحيى ومحمد وعلقمة.
اهـ.

وقد اختلف العلماء في اشتراط النية في بعض العبادات، فمن اشترطها قدر: إنما صحة الأعمال بالنيات، ومن لم يشترطها قدر: إنما كمال الأعمال بالنيات، ورجح الأول بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة من الكمال، فالحمل عليها أولى، ومن هنا قال النووي: فتقدير الحديث أن الأعمال تحسب بنية، ولا تحسب إذا كانت بلا نية.

قال الحافظ ابن حجر: وليس الخلاف بينهم في مقاصد العبادات، كالصلاة، إذ لا خلاف بينهم في اشتراط النية لها، وإنما الخلاف في الوسائل كالوضوء والغسل والتيمم.
اهـ.
والمحقق في المسألة يرى أن العلماء لم يتفقوا على اشتراط النية كقاعدة في كل الأعمال، أو عدم اشتراطها.

فهناك من القرب والطاعات ما لا يجب فيه نية، عند من يوجبها في وسائل العبادات، كالأذكار والأدعية والتلاوة، قالوا: لأنها تتميز بنفسها، وتختص بالطاعة، وهذا التوجيه معترض بالتيمم مثلا، فهو كذلك لا يتردد بين العبادة والعادة، نعم لو قصد بالذكر القربة واستحضرها كان أكثر ثوابا باتفاق، ومن هنا قال الغزالي: حركة اللسان بالذكر مع الغفلة عنه تحصل الثواب، لأنه خير من حركة اللسان بالغيبة، بل هو خير من السكوت المجرد عن التفكير، قال: وإنما هو ناقص بالنسبة إلى حركة اللسان مع القلب.
اهـ.
وعليه من لم تخطر المعصية بباله أصلا ليس في الثواب كمن خطرت فكف نفسه عنها خوفا من الله تعالى.

وهناك أيضا من القرب والطاعات ما يحصل ثوابها بغير نية تبعا لنية أخرى، كمن دخل المسجد، فصلى الفرض قبل أن يقعد، فإنه يحصل له تحية المسجد، نواها أو لم ينوها.

وهناك النكاح والطلاق والعتق هزلها كجدها بقطع النظر عن النية، ومن هنا قال النووي: وتدخل النية في الطلاق والعتق، ومعنى دخولها إذا قارنت كناية بالطلاق صارت كالصريح، وأنه إذا أتى بصريح الطلاق، ونوى طلقتين أو ثلاثا وقع ما نوى.
اهـ.

وهناك التروك لا تحتاج إلى نية، وذهب جمهور الشافعية إلى أن إزالة النجاسة من التروك، وهو غير ظاهر، وإن كانت إزالة النجاسة لا تحتاج إلى نية، والتفريق بينها وبين غسل الجمعة وغسل الجنابة غير واضح.

وقال جمهور العلماء: إن الأعمال التي لا يقصد بها العبادة، كالأكل والشرب والنوم لا تفيد ثوابا إلا إذا نوى بها فاعلها القربة، وعندي أنها مادامت على مقتضى الشرع، بعيدة عن المحرم والمكروه يثاب عليها، فترك الحرام له أجر إن شاء الله.

ومناسبة هذا الحديث لكتاب الإمارة والجهاد والغزوات واضحة، فهو وإن كان عاما يشملها ويشمل غيرها لكنه في الغزوات خاصة واضح الأثر، فالحديث السابق من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله.

والله أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْغَزْوُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَعْمَالِ
[ سـ :3641 ... بـ :1907]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ ابْنُ زَيْدٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِ مَالِكٍ وَمَعْنَى حَدِيثِهِ وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ يُخْبِرُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَابُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْغَزْوِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ) الْحَدِيثَ .
أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عِظَمِ مَوْقِعِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ وَصِحَّتِهِ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ : هُوَ ثُلُثُ الْإِسْلَامِ ،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ : يَدْخُلُ فِي سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الْفِقْهِ ،.

     وَقَالَ  آخَرُونَ : هُوَ رُبْعُ الْإِسْلَامِ ،.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُ : يَنْبَغِي لِمَنْ صَنَّفَ كِتَابًا أَنْ يَبْدَأَ فِيهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ تَنْبِيهًا لِلطَّالِبِ عَلَى تَصْحِيحِ النِّيَّةِ .
وَنَقَلَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا عَنِ الْأَئِمَّةِ مُطْلَقًا ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ ، فَابْتَدَءُوا بِهِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ ، قَالَ الْحُفَّاظُ : وَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَلَا عَنْ عُمَرَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ ، وَلَا عَنْ عَلْقَمَةَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، وَلَا عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ ، وَعَنْ يَحْيَى : انْتَشَرَ فَرَوَاهُ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْ إِنْسَانٍ أَكْثَرُهُمْ أَئِمَّةٌ ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ : لَيْسَ هُوَ مُتَوَاتِرًا ، وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ ؛ لِأَنَّهُ فَقَدَ شَرْطَ التَّوَاتُرِ فِي أَوَّلِهِ .
وَفِيهِ : طُرْفَةٌ مِنْ طُرَفِ الْإِسْنَادِ ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ، يَحْيَى وَمُحَمَّدٌ وَعَلْقَمَةُ .

قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْأُصُولِ وَغَيْرُهُمْ : لَفْظَةُ ( إِنَّمَا ) مَوْضُوعَةٌ لِلْحَصْرِ ، تُثْبِتُ الْمَذْكُورَ ، وَتَنْفِي مَا سِوَاهُ .
فَتَقْدِيرُ هَذَا الْحَدِيثِ : إِنَّ الْأَعْمَالَ تُحْسَبُ بِنِيَّةٍ ، وَلَا تُحْسَبُ إِذَا كَانَتْ بِلَا نِيَّةٍ .
وَفِيهِ : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ ، وَهِيَ الْوُضُوءُ ، وَالْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالنِّيَّةِ ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ وَالِاعْتِكَافُ وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ ..
وَأَمَّا إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَنَا أَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ التُّرُوكِ ، والتَّرْكُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ ، وَقَدْ نَقَلُوا الْإِجْمِاعَ فِيهَا ، وَشَذَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَأَوْجَبَهَا ، وَتَدْخُلُ النِّيَّةُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْقَذْفِ ، وَمَعْنَى دُخُولِهَا أَنَّهَا إِذَا قَارَنَتْ كِنَايَةً صَارَتْ كَالصَّرِيحِ ، وَإِنْ أَتَى بِصَرِيحِ طَلَاقٍ وَنَوَى طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَقَعَ مَا نَوَى ، وَإِنْ نَوَى بِصَرِيحٍ غَيْرِ مُقْتَضَاهُ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الظَّاهِرِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى ) قَالُوا : فَائِدَةُ ذِكْرِهِ بَعْدَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، بَيَانُ أَنَّ تَعْيِينَ الْمَنَوِيِّ شَرْطٌ ، فَلَوْ كَانَ عَلَى إِنْسَانٍ صَلَاةٌ مَقْضِيَّةٌ لَا يَكْفِيهِ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ ، بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ كَوْنَهَا ظُهْرًا أَوْ غَيْرَهَا ، وَلَوْلَا اللَّفْظُ الثَّانِي لَاقْتَضَى الْأَوَّلُ صِحَّةَ النِّيَّةِ بِلَا تَعْيِينٍ أَوْ أَوْهَمَ ذَلِكَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَمَنْ كَانَ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) مَعْنَاهُ : مَنْ قَصَدَ بِهِجْرَتِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنْ قَصَدَ بِهَا دُنْيَا أَوِ امْرَأَةً فَهِيَ حَظُّهُ وَلَا نَصِيبَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ بِسَبَبِ هَذِهِ الْهِجْرَةِ ، وَأَصْلُ الْهِجْرَةِ التَّرْكُ ، وَالْمُرَادُ هُنَا تَرْكُ الْوَطَنِ .
وَذِكْرُ الْمَرْأَةِ مَعَ الدُّنْيَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ جَاءَ أَنَّ سَبَبَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ : لَهَا أُمُّ قَيْسٍ ، فَقِيلَ لَهُ : مُهَاجِرُ أُمِّ قَيْسٍ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى زِيَادَةِ التَّحْذِيرِ مِنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ تَنْبِيهًا عَلَى مَزِيَّتِهِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .