هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3768 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ مُخَارِقٍ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ ، يَقُولُ : شَهِدْتُ مِنَ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ مَشْهَدًا ، لَأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَدْعُو عَلَى المُشْرِكِينَ ، فَقَالَ : لاَ نَقُولُ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ ، وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ ، وَعَنْ شِمَالِكَ ، وَبَيْنَ يَدَيْكَ وَخَلْفَكَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَقَ وَجْهُهُ وَسَرَّهُ يَعْنِي : قَوْلَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3768 حدثنا أبو نعيم ، حدثنا إسرائيل ، عن مخارق ، عن طارق بن شهاب ، قال : سمعت ابن مسعود ، يقول : شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا ، لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين ، فقال : لا نقول كما قال قوم موسى : اذهب أنت وربك فقاتلا ، ولكنا نقاتل عن يمينك ، وعن شمالك ، وبين يديك وخلفك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسره يعني : قوله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ibn Masud:

I witnessed Al-Miqdad bin Al-Aswad in a scene which would have been dearer to me than anything had I been the hero of that scene. He (i.e. Al-Miqdad) came to the Prophet (ﷺ) while the Prophet (ﷺ) was urging the Muslims to fight with the pagans. Al-Miqdad said, We will not say as the People of Moses said: Go you and your Lord and fight you two. (5.27). But we shall fight on your right and on your left and in front of you and behind you. I saw the face of the Prophet (ﷺ) getting bright with happiness, for that saying delighted him.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [3952] .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُخَارِقٍ بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الْمُعْجَمَة هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ الْبَجَلِيُّ الْأَحْمَسِيُّ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَيُقَالُ اسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَيُقَالُ خَلِيفَةٌ وَهُوَ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ يُكَنَّى أَبَا سَعِيدٍ وَلَمْ أَرَ لَهُ رِوَايَةً عَنْ غَيْرِ طَارق وَهُوَ بن شِهَابٍ وَلَهُ رُؤْيَةٌ .

     قَوْلُهُ  شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ تَقَدَّمَ أَنَّ اسْمَ أَبِيهِ عَمْرٌو وَأَنَّ الْأَسْوَدَ كَانَ تَبَنَّاهُ فَصَارَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  مِمَّا عُدِلَ بِهِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وُزِنَ أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنَ الدُّنْيَوِيَّاتِ وَقِيلَ مِنَ الثَّوَابِ أَوِ الْمُرَادُ الْأَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي عَظَمَةِ ذَلِكَ الْمَشْهَدِ وَأَنَّهُ كَانَ لَوْ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ كَائِنًا مَا كَانَ لَكَانَ حُصُولُهُ لَهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ وَقَولُهُ لَأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ هُوَ بِالنَّصْبِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَأَنْ أَكُونَ أَنَا صَاحِبَهُ وَيَجُوزُ فِيهِ الرّفْع وَالنّصب قَالَ بن مَالِكٍ النَّصْبُ أَجْوَدُ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ زَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِ جَاءَ الْمِقْدَادُ على فرس يَوْم بدر فَقَالَ وَذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ قَالَهُ الْمِقْدَادُ لَمَّا وَصَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّفْرَاءَ وَبَلَغَهُ أَنَّ قُرَيْشًا قَصَدَتْ بَدْرًا وَأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ نَجَا بِمَنْ مَعَهُ فَاسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ فَأَحْسَنَ ثُمَّ قَامَ عُمَرُ كَذَلِكَ ثُمَّ الْمِقْدَادُ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَزَادَ فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ سَلَكْتَ بِنَا بَرْكَ الْغِمَادِ لَجَاهَدْنَا مَعَكَ مِنْ دُونِهِ قَالَ فَقَالَ أَشِيرُوا عَلَيَّ قَالَ فَعَرَفُوا أَنَّهُ يُرِيدُ الْأَنْصَارَ وَكَانَ يَتَخَوَّفُ أَنْ لَا يُوَافِقُوهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُبَايِعُوهُ إِلَّا عَلَى نُصْرَتِهِ مِمَّنْ يَقْصِدُهُ لَا أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ إِلَى الْعَدُوِّ فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ امْضِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ فَنَحْنُ مَعَكَ قَالَ فَسَّرَهُ .

     قَوْلُهُ  وَنَشَّطَهُ وَكَذَا ذكره مُوسَى بن عقبَة مَبْسُوطا وَأخرجه بن عَائِذٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ وَعندبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ فِي نَحْوِ قِصَّةِ الْمِقْدَادِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لَئِنْ سِرْتَ حَتَّى تَأْتِيَ بَرْكَ الْغِمَادِ مِنْ ذِي يَمَنٍ لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ وَلَا نَكُونُ كَالَّذِينَ قَالُوا لِمُوسَى فَذَكَرَهُ وَفِيهِ وَلَعَلَّكَ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ فَأَحْدَثَ اللَّهُ غَيْرَهُ فَامْضِ لِمَا شِئْتَ وَصِلْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ وَاقْطَعْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ وَسَالِمْ مَنْ شِئْتَ وَعَادِ مَنْ شِئْتَ وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ قَالَ وَإِنَّمَا خَرَجَ يُرِيدُ غَنِيمَةَ مَا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ فأحدث الله لَهُ الْقِتَال وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ إِنِّي أُخْبِرْتُ عَنْ عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّهَ يُغْنِمُنَاهَا قُلْنَا نَعَمْ فَخَرَجْنَا فَلَمَّا سِرْنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ قَالَ قَدْ أُخْبِرُوا خَبَرَنَا فَاسْتَعِدُّوا لِلْقِتَالِ فَقُلْنَا لَا وَاللَّهِ مَا لَنَا طَاقَةٌ بِقِتَالِ الْقَوْمِ فَأَعَادَهُ فَقَالَ لَهُ الْمِقْدَادُ لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى وَلَكِنْ نَقُولُ إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ قَالَ فَتَمَنَّيْنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَوْ أَنَّا قُلْنَا كَمَا قَالَ الْمِقْدَادُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا من الْمُؤمنِينَ لكارهون وَأخرج بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نَحوه لَكِن فِيهِ أَن سعد بن مُعَاذَ هُوَ الَّذِي قَالَ مَا قَالَ الْمِقْدَادُ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ لِلْمِقْدَادِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَأَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ إِنَّمَا قَالَ لَوْ سِرْتَ بِنَا حَتَّى تَبْلُغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَسِرْنَا مَعَكَ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عقبَة وَعند بن عَائِذٍ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لَوْ سِرْتَ بِنَا حَتَّى تَبْلُغَ الْبَرْكَ مِنْ غِمْدِ ذِي يَمَنٍ وَوَقَعَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ هُوَ الَّذِي قَالَ ذَلِك وَكَذَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا وَإِنْ كَانَ يُعَدُّ فِيهِمْ لِكَوْنِهِ مِمَّنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ فِي آخِرِ الْغَزْوَةِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَشَارَهُمْ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ مَرَّتَيْنِ الْأُولَى وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ أَوَّلَ مَا بَلَغَهُ خَبَرُ الْعِيرِ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ وَالثَّانِيَةُ كَانَتْ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ ذَلِكَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهِجْرَةِ شَرْحُ بَرْكِ الغماد ودلت رِوَايَة بن عَائِذٍ هَذِهِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ رَأَى فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهَا أَرْضُ الْحَبَشَةِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قِصَّةِ أبي بكر مَعَ بن الدَّغِنَةِ فَإِنَّ فِيهَا أَنَّهُ لَقِيَهُ ذَاهِبًا إِلَى الْحَبَشَة ببرك الغماد فأجاره بن الدَّغِنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَيُجْمَعُ بِأَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ تُقَابِلُ الْحَبَشَةَ وَبَيْنَهُمَا عُرْضُ الْبَحْرِ .

     قَوْلُهُ  وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ إِلَخْ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ مُخَارِقٍ وَلَكِنِ امْضِ وَنَحْنُ مَعَكَ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورَةِ وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَّبِعُونَ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَلَكِنِ انْطَلِقْ أَنْتَ وَرَبُّكَ إِنَّا مَعَكُمْ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم إِلَى قَوْلِهِ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ الْآيَاتِ كُلَّهَا وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَالْجَمْعُ أَيْضًا بَين قَوْله بِأَلف من الْمَلَائِكَة وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ حَدِيثَيْنِ فَقِصَّةُ الْمِقْدَادِ فِيهَا بَيَانُ مَا وَقَعَ قبل الْوَقْعَة وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِيهِ بَيَانُ الِاسْتِغَاثَةِ

[ قــ :3768 ... غــ :3952] .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُخَارِقٍ بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الْمُعْجَمَة هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ الْبَجَلِيُّ الْأَحْمَسِيُّ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَيُقَالُ اسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَيُقَالُ خَلِيفَةٌ وَهُوَ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ يُكَنَّى أَبَا سَعِيدٍ وَلَمْ أَرَ لَهُ رِوَايَةً عَنْ غَيْرِ طَارق وَهُوَ بن شِهَابٍ وَلَهُ رُؤْيَةٌ .

     قَوْلُهُ  شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ تَقَدَّمَ أَنَّ اسْمَ أَبِيهِ عَمْرٌو وَأَنَّ الْأَسْوَدَ كَانَ تَبَنَّاهُ فَصَارَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  مِمَّا عُدِلَ بِهِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وُزِنَ أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنَ الدُّنْيَوِيَّاتِ وَقِيلَ مِنَ الثَّوَابِ أَوِ الْمُرَادُ الْأَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي عَظَمَةِ ذَلِكَ الْمَشْهَدِ وَأَنَّهُ كَانَ لَوْ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ كَائِنًا مَا كَانَ لَكَانَ حُصُولُهُ لَهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ وَقَولُهُ لَأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ هُوَ بِالنَّصْبِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَأَنْ أَكُونَ أَنَا صَاحِبَهُ وَيَجُوزُ فِيهِ الرّفْع وَالنّصب قَالَ بن مَالِكٍ النَّصْبُ أَجْوَدُ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ زَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِ جَاءَ الْمِقْدَادُ على فرس يَوْم بدر فَقَالَ وَذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ قَالَهُ الْمِقْدَادُ لَمَّا وَصَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّفْرَاءَ وَبَلَغَهُ أَنَّ قُرَيْشًا قَصَدَتْ بَدْرًا وَأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ نَجَا بِمَنْ مَعَهُ فَاسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ فَأَحْسَنَ ثُمَّ قَامَ عُمَرُ كَذَلِكَ ثُمَّ الْمِقْدَادُ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَزَادَ فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ سَلَكْتَ بِنَا بَرْكَ الْغِمَادِ لَجَاهَدْنَا مَعَكَ مِنْ دُونِهِ قَالَ فَقَالَ أَشِيرُوا عَلَيَّ قَالَ فَعَرَفُوا أَنَّهُ يُرِيدُ الْأَنْصَارَ وَكَانَ يَتَخَوَّفُ أَنْ لَا يُوَافِقُوهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُبَايِعُوهُ إِلَّا عَلَى نُصْرَتِهِ مِمَّنْ يَقْصِدُهُ لَا أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ إِلَى الْعَدُوِّ فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ امْضِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ فَنَحْنُ مَعَكَ قَالَ فَسَّرَهُ .

     قَوْلُهُ  وَنَشَّطَهُ وَكَذَا ذكره مُوسَى بن عقبَة مَبْسُوطا وَأخرجه بن عَائِذٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ وَعند بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ فِي نَحْوِ قِصَّةِ الْمِقْدَادِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لَئِنْ سِرْتَ حَتَّى تَأْتِيَ بَرْكَ الْغِمَادِ مِنْ ذِي يَمَنٍ لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ وَلَا نَكُونُ كَالَّذِينَ قَالُوا لِمُوسَى فَذَكَرَهُ وَفِيهِ وَلَعَلَّكَ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ فَأَحْدَثَ اللَّهُ غَيْرَهُ فَامْضِ لِمَا شِئْتَ وَصِلْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ وَاقْطَعْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ وَسَالِمْ مَنْ شِئْتَ وَعَادِ مَنْ شِئْتَ وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ قَالَ وَإِنَّمَا خَرَجَ يُرِيدُ غَنِيمَةَ مَا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ فأحدث الله لَهُ الْقِتَال وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ إِنِّي أُخْبِرْتُ عَنْ عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّهَ يُغْنِمُنَاهَا قُلْنَا نَعَمْ فَخَرَجْنَا فَلَمَّا سِرْنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ قَالَ قَدْ أُخْبِرُوا خَبَرَنَا فَاسْتَعِدُّوا لِلْقِتَالِ فَقُلْنَا لَا وَاللَّهِ مَا لَنَا طَاقَةٌ بِقِتَالِ الْقَوْمِ فَأَعَادَهُ فَقَالَ لَهُ الْمِقْدَادُ لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى وَلَكِنْ نَقُولُ إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ قَالَ فَتَمَنَّيْنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَوْ أَنَّا قُلْنَا كَمَا قَالَ الْمِقْدَادُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا من الْمُؤمنِينَ لكارهون وَأخرج بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نَحوه لَكِن فِيهِ أَن سعد بن مُعَاذَ هُوَ الَّذِي قَالَ مَا قَالَ الْمِقْدَادُ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ لِلْمِقْدَادِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَأَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ إِنَّمَا قَالَ لَوْ سِرْتَ بِنَا حَتَّى تَبْلُغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَسِرْنَا مَعَكَ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عقبَة وَعند بن عَائِذٍ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لَوْ سِرْتَ بِنَا حَتَّى تَبْلُغَ الْبَرْكَ مِنْ غِمْدِ ذِي يَمَنٍ وَوَقَعَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ هُوَ الَّذِي قَالَ ذَلِك وَكَذَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا وَإِنْ كَانَ يُعَدُّ فِيهِمْ لِكَوْنِهِ مِمَّنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ فِي آخِرِ الْغَزْوَةِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَشَارَهُمْ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ مَرَّتَيْنِ الْأُولَى وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ أَوَّلَ مَا بَلَغَهُ خَبَرُ الْعِيرِ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ وَالثَّانِيَةُ كَانَتْ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ ذَلِكَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهِجْرَةِ شَرْحُ بَرْكِ الغماد ودلت رِوَايَة بن عَائِذٍ هَذِهِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ رَأَى فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهَا أَرْضُ الْحَبَشَةِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قِصَّةِ أبي بكر مَعَ بن الدَّغِنَةِ فَإِنَّ فِيهَا أَنَّهُ لَقِيَهُ ذَاهِبًا إِلَى الْحَبَشَة ببرك الغماد فأجاره بن الدَّغِنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَيُجْمَعُ بِأَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ تُقَابِلُ الْحَبَشَةَ وَبَيْنَهُمَا عُرْضُ الْبَحْرِ .

     قَوْلُهُ  وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ إِلَخْ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ مُخَارِقٍ وَلَكِنِ امْضِ وَنَحْنُ مَعَكَ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورَةِ وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَّبِعُونَ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَلَكِنِ انْطَلِقْ أَنْتَ وَرَبُّكَ إِنَّا مَعَكُمْ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 9 - 12] .

( باب قول الله) ولأبي ذر قوله ( تعالى: {إذ تستغيثون ربكم}) أي اذكروا إذ تستغيثون ربكم أو بدل من إذ يعدكم أي تسألون ربكم وتدعونه يوم بدر بالنصر على عدوّكم ( {فاستجاب لكم أني}) أي بأني ( {ممدكم بألف من الملائكة مردفين}) متتابعين بعضهم في أثر بعض ( {وما جعله الله}) أي الإمداد بالألف ( {إلا بشرى}) إلا بشارة لكم بالنصر ( {ولتطمئن به قلوبكم}) أي لتسكن إليه قلوبكم فيزول ما بها من الوجل لقلتكم وذلتكم ( {وما النصر إلا من عند الله}) فليس بكثرة العدد والعدد ( {إن الله عزيز}) يعز من يشاء بنصره ( {حكيم}) فيما شرعه من قتال الكفار مع القدرة على هلاكهم ودمارهم بحوله وقوّته ( {إذ يغشاكم}) أي اذكروا إذ أو بدل ثان لإظهار
نعمة ثالثة من إذ يعدكم أي يغطيكم ( {النعاس أمنة}) نصب مفعولاً له ( {منه}) يعني أمنًا من عند الله عز وجل قال ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه -: والنعاس في القتال أمنة من الله تعالى وفي الصلاة من الشيطان لعنه الله تعالى، وقال قتادة: النعاس في الرأس والنوم في القلب، وقال ابن كثير: أما النعاس نقد أصابهم يوم أُحد وأما يوم بدر فتدل له هذه الآية أيضًا ( {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به}) من الحدث والجنابة وهو طهارة الظاهر ( {ويذهب عنكم رجز الشيطان}) وسوسته وكيده وهو تطهير الباطن ( {وليربط على قلوبكم}) بالصبر والإقدام على مجالدة العدوّ وهو شجاعة الباطن ( {ويثبت به الأقدام}) أي بالمطر حتى لا تسوخ في الرمل وهو شجاعة الظاهر أو بالربط على القلوب حتى تثبت في المعركة.

وعن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: نزل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني حين سار إلى بدر والمشركون بينهم وبين الماء رملة دعصة فأصاب المسلمين ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوس بينهم تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم تصلون مجنبين فأمطر الله عز وجل عليهم مطرًا شديدًا فشرب المسلمون وتطهروا وأذهب الله عز وجل عنهم رجز الشيطان وأنشف الرمل حين أصابه المطر ومشى الناس عليه والدواب فساروا إلى القوم وأمد الله عز وجل نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمؤمنين بألف من الملائكة فكان جبريل عليه السلام في خسمائة مجنبة وميكائيل في خمسمائة مجنبة.

( {إذ يوحي ربك}) متعلق بقوله: و {يثبت} أو بدل ثالث من قوله: وإذ ( {إلى الملائكة أني معكم}) مفعول يوحي أي أني ناصركم ومعينكم ( {فثبتوا الذين آمنوا) بشروهم بالنصر فكان الملك يمشي أمام الصف ويقول: أبشروا فإنكم كثير وعدوّكم قليل والله تعالى ناصركم ( {سألقي}) سأقذف ( {في قلوب الذين كفروا الرعب}) يعني الخوف من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمؤمنين ثم علم كيف يضربون ويقتلون فقال: ( {فاضربوا فوق الأعناق}) أي على الأعناق التي في المذابح أو الرؤوس ( {واضربوا منهم كل بنان}) أي أصابع أي حزوا رقابهم واقطعوا أطرافهم ( {ذلك}) يعني الضرب والقتل ( {بأنهم شاقوا الله ورسوله}) أي بسبب مشاققتهم أي مخالفتهم لهما إذ كانوا في شق وتركوا الشرع والإيمان وأتباعه في شق ( {ومن يشاقق الله ورسوله}) يخالفهما ( {فإن الله شديد العقاب}) [الأنفال: 9 - 13] كذا ساق الآيات كلها في رواية كريمة، ولأبي ذر وابن عساكر: {إذ تستغيثون ربكم} إلى قوله: {العقاب} وللأصيلي إلى قوله: {فإن الله شديد العقاب} وسقط لهم ما بعد ذلك.


[ قــ :3768 ... غــ : 3952 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ مَشْهَدًا لأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ، أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهْوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: لاَ نَقُولُ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ} [المائدة: 24] وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ وَخَلْفَكَ فَرَأَيْتُ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشْرَقَ وَجْهُهُ وَسَرَّهُ يَعْنِي قَوْلَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ( عن مخارق) بضم الميم وتخفيف الخاء المعجمة وبعد الراء المكسررة قاف ابن عبد الله بن جابر البجلي الأحمسي ( عن طارق بن شهاب) البجلي الأحمسي الكوفي أنه ( قال: سمعت ابن مسعود) - رضي الله تعالى عنه - ( يقول: شهدت من المقداد بن الأسود) -رضي الله عنه- ( مشهدًا) نسب إلى الأسود لأنه كان تبناه في الجاهلية وإلاّ فاسم أبيه عمرو بفتح العين ابن ثعلبة الكندي، وقول الزركشي في التنقيح: إن ابن يكتب هنا بالألف لأنه ليس واقعًا بين علمين.
تعقبه في المصابيح بأنه إذا وصف العلم بابن متصل مضاف إلى علم كفى ذلك في إيجاب حذف الألف من ابن خطأ سواء كان العلم الذي أضيف إليه ابن علمًا لأبي الأول حقيقة أو لا.
وهذا ظاهر كلامهم وكون الأبوة حقيقة لم أرهم تعرضوا لاشتراطه فما أدري من أين أخذ الزركشي هذا الكلام، وقد يقال: الأب حقيقة في أبي الولادة فيحمل إطلاقهم عليه لأنه الأصل ثم لأعجب من ترتيبه نفي وقوع ابن هنا بين علمين على كون الأسود كان تبناه في الجاهلية فإن تبنيه لا يدفع صورة الواقع من كون الابن قد وقع بين علمين فتأمله.
اهـ.

( لأن أكون صاحبه) بفتح اللام ونصب صاحبه خبر أكون، ولأبي ذر عن الكشميهني أنا صاحبه بزيادة أنا مع الرفع والنصب أوجه قاله ابن مالك أبي صاحب المشهد أي قائل تلك المقالة التي قالها ( أحب إليّ مما عدل) بضم العين وكسر الدال أي وزن ( به) من شيء يقابله من الدنيويات أو الثواب أو أعم من ذلك ( أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يدعو على المشركين) الواو في وهو للحال ( فقال) : يا رسول الله ( لا نقول) بنون الجمع ( كما قال قوم موسى) له: ( {اذهب أنت وربك فقاتلا}) [المائدة: 24] قالوا ذلك استهانة بالله ورسوله وعدم مبالاة بهما أو تقديره: اذهب أنت وربك يعينك فإنا لا نستطيع قتال الجبابرة، وقال السمرقندي: أنت وسيدك هارون لأن هارون كان أكبر منه بسنتين أو ثلاث سنين ( ولكنا نقاتل) عدوّك ( عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك، فرأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أشرق وجهه) أي استنار ( وسرّه) عليه الصلاة والسلام ( يعني قوله) أي قول المقداد - رضي الله تعالى عنه -.

وعند ابن إسحاق أن هذا الكلام قاله المقداد لما وصل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى الصفراء، وبلغه أن قريشًا قصدت بدرًا وأن أبا سفيان نجا بمن معه فاستشار الناس، فقام أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - فقال فأحسن، ثم عمر -رضي الله عنه- كذلك، ثم المقداد فذكر نحو ما في حديث الباب، وزاد: والذي بعثك بالحق نبيًّا لو سلكت برك الغماد لجاهدنا معك من دونه.
قال فقال أشيروا عليّ.
قال: فعرفوا أنه يريد الأنصار وكان يتخوف أن لا يوافقوه لأنهم لم يبايعوه إلاّ على نصرته ممن يقصده لا أن يسير بهم إلى العدو فقال له سعد بن معاذ -رضي الله عنه-: امض يا رسول الله لما أمرت به فنحن معك.
قال: فسرّه قوله ونشطه، وسقط للأصيلي وأبي ذر عن المستملي قوله يعني قوله.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ قَوْلِ الله تعَالى {إذْ تسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاسْتَجَابَ لكُم أنِّي مُمِدُّكُمْ بألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ الله إلاَّ بُشْرَى ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إلاَّ مِنْ عِنْدِ الله إنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ إذْ يُغَشِّيكُمْ النعاسَ أمَنَةً مِنْهُ ويُنَزِّلُ علَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاء لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ويُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ولِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ ويُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ إذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أنِّي مَعَكُمْ فثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كفَرُوا الرُّعْبَ فاضْرِبُوا فوقَ الأعْنَاقِ واضْرِبُوا مِنْهُمْ كلَّ بَنانٍ ذالِكَ بِأنَّهُمْ شَاقُوا الله ورَسُولَهُ ومَنْ يُشَاقِقِ الله ورَسُولَهُ فإنَّ الله شَديدَ العِقَابِ.
( الْأَنْفَال: 9 12) .
)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قَول الله تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربَّكم} الْآيَات، هَكَذَا سيقت هَذِه الْآيَات كلهَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: بابُُ قَول الله تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم} إِلَى قَوْله: {شَدِيد الْعقَاب} قَوْله: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ} بدل من قَوْله {إِذْ يَعدكُم} ( الْأَنْفَال: 7) .
وَقيل: يتَعَلَّق بقوله: {ليحق الْحق وَيبْطل الْبَاطِل} ( الْأَنْفَال: 8) .
واستغاثتهم أَنهم لما علمُوا أَنه لَا بُد من الْقِتَال طفقوا يدعونَ الله تَعَالَى، أَي: رب انصرنا على عَدوك، يَا غياث المستغيثين أغثنا، وَسَيَجِيءُ بَيَان الاستغاثة فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَوْله: {إنِّي مُمِدكُمْ} من الْإِمْدَاد، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب، وأصل ( أَنِّي) بِأَنِّي، فَحذف الْجَار وسلط عَلَيْهِ: اسْتَجَابَ، فنصب مَحَله، وَعَن أبي عَمْرو أَنه قَرَأَ: أَنِّي مُمِدكُمْ، بِالْكَسْرِ على إِرَادَة القَوْل أَو على إِجْرَاء اسْتَجَابَ مجْرى: قَالَ، لِأَن الاستجابة من القَوْل.
قَوْله: {مُردفِينَ} أَي: مردف بَعضهم بَعْضًا، وَعَن ابْن عَبَّاس: مُتَتَابعين، يَعْنِي وَرَاء كل ملك ملك،.

     وَقَالَ  ابْن جرير: حَدثنِي الْمثنى حَدثنَا إِسْحَاق حَدثنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ حَدثنِي عبد الْعَزِيز بن عمرَان عَن الربيعي عَن أبي الْحُوَيْرِث عَن مُحَمَّد بن جُبَير عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: نزل جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي ألف من الْمَلَائِكَة عَن ميمنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وفيهَا أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَنزل مِيكَائِيل فِي ألف من الْمَلَائِكَة عَن ميسرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنا فِي الميسرة، وَهَذَا يَقْتَضِي لَو صَحَّ إِسْنَاده أَن الْألف مردفة بِمِثْلِهَا، وَلِهَذَا قَرَأَ بَعضهم: مُردفِينَ، بِفَتْح الدَّال.
قَوْله: ( وَمَا جعله الله) ، أَي: وَمَا جعل الله بعث الْمَلَائِكَة وإعلامه إيَّاكُمْ بهم {إلاَّ بشرى لكم ولتطمئن بِهِ قُلُوبكُمْ} ( الْأَنْفَال: 7) .
وإلاَّ فَالله تَعَالَى قَادر على نصركم على أعدائكم بِدُونِ ذَلِك، وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَا النَّصْر إلاَّ من عِنْد الله} قَوْله: {إِذْ يغشيكم النعاس} كلمة: إِذْ، بدل ثَان من: إِذْ يَعدكُم، أَو مَنْصُوب بالنصر، أَو بِمَا فِي من عِنْد الله من معنى الْفِعْل، أَو بِمَا جعله الله، وَمعنى: يغشيكم يغطيكم، يُقَال: غشاه تغشية إِذا غطاه، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: قرىء بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف، وَنصب النعاس، وَالضَّمِير لله عز وَجل.
قَوْله: ( أَمَنَة) مفعول لَهُ، أَي: لأمنكم، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: ذكرهم الله بِمَا أنعم بِهِ عَلَيْهِم من إلقائه النعاس عَلَيْهِم أَمَانًا من خوفهم الَّذِي حصل لَهُم من كَثْرَة عدوهم وَقلة عَددهمْ،.

     وَقَالَ  أَبُو طَلْحَة: كنت مِمَّن أَصَابَهُ النعاس يَوْم أحد، وَلَقَد سقط السَّيْف من يَدي مرَارًا، وَلَقَد نظرت إِلَيْهِم يمتدون وهم تَحت الجحف،.

     وَقَالَ  سُفْيَان الثَّوْريّ: عَن أبي عَاصِم عَن أبي رزين عَن عبد الله بن عَبَّاس، أَنه قَالَ: النعاس فِي الْقِتَال أَمَنَة من الله، وَفِي الصَّلَاة وَسْوَسَة من الشَّيْطَان،.

     وَقَالَ  قَتَادَة: النعاس فِي الرَّأْس وَالنَّوْم فِي الْقلب،.

     وَقَالَ  سهل بن عبد الله: هُوَ يحل فِي الرَّأْس مَعَ حَيَاة الْقلب، وَالنَّوْم يحل فِي الْقلب بعد نُزُوله من الرَّأْس.
قَوْله: {وَينزل عَلَيْكُم} إِلَى قَوْله: {الْأَقْدَام} وَعَن ابْن عَبَّاس: نزل الْمُسلمُونَ يَوْم بدر على كثيب أعفر سوخ فِيهِ الْأَقْدَام وحوافر الدَّوَابّ، وسبقهم الْمُشْركُونَ إِلَى مَاء بدر وغلبوهم عَلَيْهِ، وَأصْبح الْمُسلمُونَ بَعضهم محدثين وَبَعْضهمْ جنبا، وأصابهم الظمأ ووسوس إِلَيْهِم الشَّيْطَان،.

     وَقَالَ : تَزْعُمُونَ أَن فِيكُم نَبِي الله وأنكم أَوْلِيَاء الله وَقد غَلَبَكُمْ الْمُشْركُونَ على المَاء وَأَنْتُم تصلونَ جنبا ومحدثين؟ فَكيف ترجون أَن تظهروا عَلَيْهِم؟ فَأرْسل الله عَلَيْهِم مَطَرا من السَّمَاء سَالَ مِنْهُ الْوَادي، فَشرب مِنْهُ الْمُسلمُونَ وَاغْتَسلُوا وَسقوا الركاب.
وملأوا الأسقية وَأَطْفَأت الْغُبَار وَاشْتَدَّ الرمل حَتَّى ثبتَتْ عَلَيْهِ الْأَقْدَام وزالت وَسْوَسَة الشَّيْطَان، فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: {وَينزل عَلَيْكُم} الْآيَة.
قَوْله: ( إِذْ يوحي رَبك) بدل ثَالِث من: {إِذْ يَعدكُم} ( الْأَنْفَال: 7) .
وَأَنه نصب: بيثبت بِهِ الْأَقْدَام.
قَوْله: ( إِنِّي مَعكُمْ) ، مفعول يوحي، وقرىء: إِنِّي: بِالْكَسْرِ على إِرَادَة القَوْل.
قَوْله: ( فثبتوا الَّذين آمنُوا) الْمَعْنى: أَنِّي معينكم على التثبيت فثبتوهم،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: فآزروهم، وَقيل: قَاتلُوا مَعَهم، وَقيل: كَثُرُوا سوادهم.
قَوْله: ( الرعب) ، أَي: الْخَوْف والمذلة وَالصغَار، فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ أَرَادَ أعالي الْأَعْنَاق الَّتِي هِيَ المذابح لِأَنَّهَا مفاصل، فَكَانَ إِيقَاع الضَّرْب فِيهَا حزاً وتطييراً للرؤوس، وَقيل: أَرَادَ الرؤوس لِأَنَّهَا فَوق الْأَعْنَاق.
قَوْله: ( كل بنان) ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: البنان الْأَصَابِع، يُرِيد الْأَطْرَاف، وَقيل: كل مفصل.
قَوْله: ( ذَلِك) إِشَارَة إِلَى مَا أَصَابَهُم من الضَّرْب وَالْقَتْل وَالْعِقَاب العاجل، وَمحله الرّفْع على الِابْتِدَاء، وَقَوله: ( بِأَنَّهُم) خَبره أَي: ذَلِك الْعقَاب وَقع عَلَيْهِم بِسَبَب مشاقهم.
قَوْله: ( شاقوا الله وَرَسُوله) أَي: خالفوهما.
قَوْله: ( شَدِيد الْعقَاب) أَي: هُوَ الطَّالِب الْغَالِب لمن خَالفه وناواه، لَا يفوتهُ شَيْء وَلَا يقوم لغضبه شَيْء.



[ قــ :3768 ... غــ :3952 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا إسْرَائِيلُ عنْ مُخارِقٍ عنْ طارِقِ بنِ شِهَاب قَالَ سَمِعْتُ ابنَ مسْعُودٍ يقُولُ شَهِدْتُ مِنَ المِقْدَادِ بنِ الأسْوَدِ مَشْهَدَاً لأنْ أكُونَ أنَا صاحِبَهُ أحَبَّ إليَّ مِمَّا عُدِلَ بهِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ يدْعُو علَى المُشْرِكِينَ فَقال لَا نَقُولُ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوساى إذْهَبْ أنْتَ ورَبك فقَاتِلاَ ولاكِنَّا نُقاتِلُ عنْ يَمِينِكَ وعنْ شِمالِكَ وبَيْنَ يَدَيْكَ وخَلْفَكَ فرَأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشْرَقَ وجْهُهُ وسَرَّهُ يَعْني قَوْلَهُ.
( الحَدِيث 3952 طرفه فِي: 4609) .


ذكر فِي هَذَا الْبابُُ حديثين: أَحدهمَا: هَذَا، وَهُوَ فِي بَيَان مَا وَقع قبل الْوَقْعَة.
وَالْآخر: حَدِيث ابْن عَبَّاس فِيهِ بَيَان الاستغاثة، وكل مِنْهُمَا مُتَعَلق بِمَا ذكر فِي الْآيَات الْكَرِيمَة والمطابقة بِهَذَا الْمِقْدَار تَكْفِي.
وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، ومخارق، بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء وَفِي آخِره قَاف: ابْن عبد الله ابْن جَابر البَجلِيّ الأحمسي، بالمهملتين، وَيُقَال: اسْم أَبِيه عبد الرَّحْمَن، وَيُقَال: خَليفَة، وَهُوَ كُوفِي ثِقَة عِنْد الْجَمِيع، وَقيل: لَيْسَ لَهُ رِوَايَة عَن غير طَارق بن شهَاب بن عبد شمس بن سَلمَة البَجلِيّ الأحمسي الْكُوفِي، يكنى أَبَا عبد الله، رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وغزا فِي خلَافَة أبي بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ أَو ثَلَاثًا وَأَرْبَعين غَزْوَة، سمع جمَاعَة من الصَّحَابَة وَمَات سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن أبي نعيم أَيْضا، وَعَن حمدَان بن عَمْرو، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن أبي بكر بن النَّضر.

قَوْله: ( شهِدت من الْمِقْدَاد) ، بِكَسْر الْمِيم: ابْن الْأسود، وَفِي الْحَقِيقَة اسْم أَبِيه عَمْرو، وَالْأسود كَانَ تبناه فَصَارَ ينْسب إِلَيْهِ.
قَوْله: ( لِأَن أكون أَنا) اللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة، وَلَفْظَة: أَنا، وَقعت فِي رِوَايَة الْكشميهني: وعَلى هَذِه الرِّوَايَة يجوز فِي قَوْله: ( صَاحبه) الرّفْع وَالنّصب، وعَلى رِوَايَة غَيره يتَعَيَّن النصب.
قَوْله: ( صَاحبه) ، أَي: صَاحب المشهد.
قَوْله: ( مِمَّا عدل بِهِ) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: مِمَّا وزن بِهِ من شَيْء يُقَابله،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أَي: من الثَّوَاب الَّذِي عدل ذَلِك المشهد بِهِ، وَهَذَا فِيهِ مُبَالغَة وإلاَّ قدره من الثَّوَاب خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَالْأولَى أَن يُقَال: أَي من كل شَيْء يُقَابل ويوازن بِهِ من الدنيويات.
قَوْله: ( وَهُوَ يَدْعُو) الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( فَقَالَ) ، أَي: الْمِقْدَاد، قَوْله: ( لَا نقُول) ، بنُون الْجمع.
قَوْله: ( كَمَا قَالَ قوم مُوسَى) ، أَي: كَقَوْل قوم مُوسَى لمُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، وأصل ذَلِك مَا رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه، حَدثنَا عَليّ بن الْحسن حَدثنَا أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ حَدثنَا حميد عَن أنس: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما سَار إِلَى بدر اسْتَشَارَ الْمُسلمين، فَأَشَارَ عَلَيْهِ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثمَّ استشارهم، فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: يَا معشر الْأَنْصَار إيَّاكُمْ يُرِيد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ لَا نقُول لَهُ كَمَا قَالَ بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى: {إذهب أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ} ( الْمَائِدَة: 24) .
وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، لَو ضربت أكبادها إِلَى برك الغماد لاتبعناك {وَرَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ أَيْضا، وروى أَحْمد بِإِسْنَادِهِ عَن طَارق بن شهَاب: أَن الْمِقْدَاد قَالَ لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر: يَا رَسُول الله} إِنَّا لَا نقُول لَك كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى: {إذهب أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ} ( الْمَائِدَة 24) .
وَلَكِن إذهب أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعكُمْ مُقَاتِلُونَ.
قَوْله: ( أشرق وَجهه) ، من الْإِشْرَاق، أَي: استنار.
قَوْله: ( وسره) يَعْنِي قَوْله، أَي: سر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَول الْمِقْدَاد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.