هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3795 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَنْتَبِذُوا الزَّهْوَ وَالرُّطَبَ جَمِيعًا ، وَلَا تَنْتَبِذُوا الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ جَمِيعًا ، وَانْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ ، وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3795 حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا ابن علية ، أخبرنا هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تنتبذوا الزهو والرطب جميعا ، ولا تنتبذوا الزبيب والتمر جميعا ، وانتبذوا كل واحد منهما على حدته ، وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن بشر العبدي ، عن حجاج بن أبي عثمان ، عن يحيى بن أبي كثير ، بهذا الإسناد مثله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Qatada, on the authority of his father, reported Allah's Messenger (ﷺ) having said this:

Do not prepare Nabidh by mixing nearly ripe dates and fresh dates together, and do not prepare Nabidh by mixing grapes and dates together, but prepare Nabidh from each (one of them) separately.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنتبذوا الزهو والرطب جميعاً.
ولا تنتبذوا الزبيب والتمر جميعاًً.
وانتبذوا كل واحد منهما على حدته.


المعنى العام

إن أم الخبائث تعشقها النفوس البشرية، وتدمنها الطبائع الضعيفة المهتزة، ومن هذا التعلق يصعب العلاج والإقلاع، ومن ذاك الإغواء يخشى من الوقوع في حبالها، لهذا حرصت الشريعة على الوقاية منها، والبعد عن كل ما يحر إليها، حرصت أن لا يقع فيها المسلم بغير قصد مرة، فينزلق إليها بعلم ورغبة بعد ذلك، فحذرت في هذه الأحاديث ألا يخلط المسلم في نبيذه بين نوعين من الثمرات التي يتحول نبيذها إلى خمر، لأن هذا الخلط يجعل كل صنف يشد الآخر إلى سرعة الإسكار، فيشتد العصير ويتخمر بدرجة أقوى وأسرع مما لو نبذ الصنف وحده، وحينئذ قد يقع المسلم في الخمر عاجلاً، وهو يظن أن تخمر ذاك النبيذ بعيد وآجل.

لهذا تحذر الشريعة من خلط صنفين فأكثر، وانتباذهما، وبقائهما في النبيذ مدة يخشى منها أن يتحول العصير إلى نبيذ، ثم النبيذ إلى خمر.

إغلاق لباب الشر، وابتعاد عن الحمى، فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.

المباحث العربية

( نهى أن يخلط الزبيب والتمر، والبسر والتمر) أي نهى أن يخلطا في النبيذ، لا أن يخلطا دون انتباذ، ففي الرواية الثانية نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعاً، ونهى أن ينبذ الرطب والبسر جميعاً وفي الرواية الثالثة لا تجمعوا بين الرطب والبسر، وبين الزبيب والتمر نبيذاً وفي الرواية الثامنة لا تنبذوا الزهو والرطب جميعاً، ولا تنبذوا الزبيب والتمر جميعاًً وهل المراد النهي عن خلط حبات الزبيب مع حبات التمر عند النقع للانتباذ؟ أم النهي عن خلط نبيذ الزبيب مع نبيذ التمر عند الشرب؟ سيأتي في فقه الحديث.
والزهو هو البلح الملون، الذي ظهرت فيه صفرة أو حمرة، والبلح تمر النخل مادام أخضر، واحدته بلحة، والبسر هو البلح الأصفر أو الأحمر قبل أن يرطب، والرطب هو نضيج البسر، قبل أن يصير تمراً، والتمر هو اليابس من ثمر النخل، فالزهو بفتح الزاء وضمها وسكون الهاء درجة من درجات تلون البلح، بداية البسر، أو نهايته، يقال: زهت النخلة تزهو زهواً، وأزهت تزهى، وأنكر الأصمعي أزهت بالألف، وأنكر غيره زهت بلا ألف، قال النووي: وأثبتهما الجمهور، ورجحوا زهت بحذف الألف، وقال ابن الأعرابي: زهت ظهرت، وأزهت احمرت أو اصفرت، والأكثرون على خلافه.

والمقصود من الحديث أن لا يخلط صنفان -أي صنفين- في النبيذ، لأن الخلط أدعى إلى التغير، وأسرع للتخمر والجمع بين أكثر من صنفين من باب أولى، والمطلوب أن ينبذ كل صنف على حدة، كما صرح به الرواية السادسة، ولفظها من شرب النبيذ منكم فليشربه زبيباً فرداً، أو تمراً فرداً، أو بسراً فرداً وفي الرواية الثامنة والعاشرة والحادية عشرة وانتبذوا كل واحد على حدته.

والنبيذ شراب يتخذ من نقيع الزبيب أو التمر أو غيرهما، ينقع، ويترك، حتى يتخمر، وفي مدة تركه، ودرجة تخمره بحث يأتي في الباب رقم 557.

( كتب إلى أهل جرش) بضم الجيم وفتح الراء، بلد باليمن.

فقه الحديث

قال النووي: قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: سبب الكراهة فيه أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط، قبل أن يتغير طعمه، فيظن الشارب أنه ليس مسكراً، ويكون مسكراً، ومذهبنا ومذهب الجمهور أن هذا النهي لكراهة التنزيه، ولا يحرم ذلك، ما لم يصر مسكراً، وبهذا قال جماهير العلماء.

وقال بعض المالكية: هو حرام.

وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف في رواية عنه: لا كراهة فيه، ولا بأس به، لأن ما حل مفرداً حل مخلوطاً، وأنكر عليه الجمهور، وقالوا: هذا القول منابذ لصاحب الشرع، فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي عنه، فإن لم يكن حراماً كان مكروهاً، قال القرطبي: وهذا أيضاً قياس مع وجود الفارق، إذ هو منتقض بجواز الزواج من كل واحدة من الأختين: منفردة، وتحريمهما مجتمعتين.

واختلف أصحاب مالك في أن النهي يختص بالشرب؟ أم يعمه وغيره، والأصح التعميم، في الانتباذ، أما في غير الانتباذ، بل في معجون وغيره، فلا بأس به.
اهـ

أقول: وكذا في نقيع يشرب طازجاً، فلا بأس به.

قال الحافظ ابن حجر: واختلف في خلط نبيذ البسر الذي لم يشتد مع نبيذ التمر الذي لم يشتد عند الشرب، هل يمتنع؟ أو يختص النهي عن الخلط عند الانتباذ؟ قال الجمهور: لا فرق، وقال الليث: لا بأس بذلك عند الشرب، ولعل هذا الاختلاف مبني على علة النهي عن الخلط، أهي خوف إسراع الإسكار؟ أم هي الإسراف؟ كما سيأتي تفصيله، وكذلك الاختلاف الجاري في خليطين من غير ما ذكر من الأنبذة، كخلط اللبن مع الورد أو البرتقال، فمن قال: إن العلة خوف إسراع الإسكار أباحه، ومن قال: إن العلة الإسراف منعه.

وقال ابن العربي المالكي: ثبت النهي عن الخليطين، فاختلف العلماء، فقال أحمد وإسحق وأكثر الشافعية بالتحريم، ولو لم يسكر، وقال الكوفيون بالحل -إن لم يسكر بالفعل- قال: واتفق علماؤنا على الكراهة، لكن اختلفوا.
هل هي للتحريم أو للتنزيه.
قال: واختلفوا في الخليطين لأجل التخليل، ثم قال: ويتحصل لنا أربع صور: أن يكون الخليطان منصوصين، فهو حرام، أو منصوص ومسكوت عنه، فإن كان كل منهما لو انفرد أسكر، فهو حرام، قياساً على المنصوص، أو مسكوت عنهما، وكل منهما لو انفرد لم يسكر، جاز، قال: وهنا مرتبة رابعة، وهي ما لو خلط شيئين، وأضاف إليهما دواء يمنع الإسكار، فيجوز في المسكوت عنه، ويكره في المنصوص، قال الشافعي: ثبت نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الخليطين، فلا يجوز بحال، وعن مالك قال: أدركت على ذلك أهل العلم ببلدنا، وقال الخطابي: ذهب إلى تحريم الخليطين -وإن لم يكن الشراب منهما مسكراًَ- جماعة عملاً بظاهر الحديث، وهو قول مالك وأحمد وإسحق وظاهر مذهب الشافعي، وقالوا: من شرب الخليطين أي قبل الشدة أثم من جهة واحدة، فإن كان بعد الشدة أثم من جهتين، وخص الليث النهي بما إذا نبذا معاً.
اهـ وجرى ابن حزم على عادته في الجمود، فخص النهي عن الخليطين بخلط واحد من خمسة أشياء، وهي التمر والرطب والزهو والبسر والزبيب، في أحدها، أو في غيرها، فأما لو خلط واحداً من غيرها في واحد من غيرها لم يمتنع، كاللبن والعسل مثلاً، ويرد عليه ما أخرجه أحمد في الأشربة، عن أنس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين شيئين نبيذاً، مما يبغي أحدهما على صاحبه.

واختلف العلماء في علة المنع، فقال بعضهم: لأن أحدهما يشد الآخر، وقيل: لأن الإسكار يسرع إليهما، وقيل: إن النهي من أجل السرف، كما نهي عن قران التمر، وأن لا يجعل إدامين في إدام وقد حكى أبو بكر الأثرم عن قوم أنهم حملوا النهي عن الخليطين على علة الإسراف، إذ قالوا: فإذا ورد النهي عن القران بين التمرتين، وهما من نوع واحد، فكيف إذا وقع القران بين نوعين؟ وقد نصر الطحاوي من حمل النهي عن الخليطين على منع السرف، فقال: كان ذلك لما كانوا فيه من ضيق العيش، وساق حديث ابن عمر في النهي عن القران بين التمرتين، وتعقب بأن ابن عمر أحد من روى النهي عن الخليطين، وكان ينبذ البسر، فإذا نظر إلى بسرة في بعضها ترطيب قطه، كراهة أن يقع في النهي، وهذا على قاعدتهم يعتمد عليه، لأنه لو فهم أن النهي عن الخليطين كالنهي عن القران لما خالفه، فدل على أنه عنده لغير الإسراف، وحديث أنس فيه أنه سقاه خليط بسر وتمر، فدل على أن المراد بالنهي عن الخليطين ما كانوا يصنعونه قبل ذلك من خلط البسر والتمر، ونحو ذلك، لأن ذلك عادة يقتضي إسراع الإسكار، بخلاف المنفردين، ولا يمكن حل حديث أنس هذا في الخليطين على ما ادعاه صاحب التأويل الأول، وحمل علة النهي لخوف الإسراع أظهر من حملها على الإسراف، لأنه لا فرق بين نصف رطل من تمر، ونصف رطل من بسر، إذا خلطا، مثلاً، وبين رطل من زبيب صرف، بل هو أولى، لقلة الزبيب عندهم إذ ذاك بالنسبة إلى التمر والرطب، وقد وقع الإذن بأن ينبذ كل واحد على حدة، ولم يفرق بين قليل وكثير، فلو كانت العلة الإسراف لما أطلق ذلك.

والله أعلم