هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3834 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : حَارَبَتِ النَّضِيرُ ، وَقُرَيْظَةُ ، فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ ، وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلاَدَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ المُسْلِمِينَ ، إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا ، وَأَجْلَى يَهُودَ المَدِينَةِ كُلَّهُمْ : بَنِي قَيْنُقَاعٍ ، وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ، وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ ، وَكُلَّ يَهُودِ المَدِينَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3834 حدثنا إسحاق بن نصر ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : حاربت النضير ، وقريظة ، فأجلى بني النضير ، وأقر قريظة ومن عليهم ، حتى حاربت قريظة ، فقتل رجالهم ، وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين ، إلا بعضهم لحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فآمنهم وأسلموا ، وأجلى يهود المدينة كلهم : بني قينقاع ، وهم رهط عبد الله بن سلام ، ويهود بني حارثة ، وكل يهود المدينة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ibn `Umar:

Bani An-Nadir and Bani Quraiza fought (against the Prophet (ﷺ) violating their peace treaty), so the Prophet exiled Bani An-Nadir and allowed Bani Quraiza to remain at their places (in Medina) taking nothing from them till they fought against the Prophet (ﷺ) again) . He then killed their men and distributed their women, children and property among the Muslims, but some of them came to the Prophet (ﷺ) and he granted them safety, and they embraced Islam. He exiled all the Jews from Medina. They were the Jews of Bani Qainuqa', the tribe of `Abdullah bin Salam and the Jews of Bani Haritha and all the other Jews of Medina.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4028] .

     قَوْلُهُ  حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ سَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ بَعْدَ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا وَقَعَ تَقْدِيمُ قُرَيْظَةَ عَلَى النَّضِيرِ وَكَأَنَّهُ لِشَرَفِهِمْ وَإِلَّا فَإِجْلَاءُ النَّضِيرِ كَانَ قَبْلَ قُرَيْظَةَ بِكَثِيرٍ .

     قَوْلُهُ  وَالنَّضِيرُ ذَكَرَ بن إِسْحَاقَ فِي قِصَّتِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَنِ اخْرُجُوا وَأَجَلَّهُمْ عَشْرًا وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ يُثَبِّطُهُمْ أَرْسَلُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَا نَخْرُجُ فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ حَارَبَتْ يَهُودُ فَخرج إِلَيْهِم فخذلهم بن أُبَيٍّ وَلَمْ تُعِنْهُمْ قُرَيْظَةُ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ أَنَّ غَزْوَةَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ صَبِيحَةَ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ يَعْنِي الْآتِي ذِكْرُهُ عَقِبَ هَذَا .

     قَوْلُهُ  بَنِي قَيْنُقَاعَ هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ وَنُونُ قَيْنُقَاعَ مُثَلَّثَةٌ وَالْأَشْهَرُ فِيهَا الضَّمُّ وَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ أُخْرِجَ مِنَ الْمَدِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أول الْبَاب وروى بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ لَمَّا حَارَبَتْ بَنُو قَيْنُقَاعَ قَامَ بِأَمْرِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَمَشَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَكَانَ لَهُ مِنْ حِلْفِهِمْ مِثْلُ الَّذِي لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَتَبَرَّأَ عُبَادَةُ مِنْهُمْ قَالَ فَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بعض إِلَى قَوْلِهِ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ لَمَّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُمْ مَنَعُونِي مِنَ الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ وَإِنِّي امْرُؤٌ أَخْشَى الدَّوَائِرَ فَوَهَبَهُمْ لَهُ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ إِجْلَاءَهُمْ كَانَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ يَعْنِي بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ وَيُؤَيِّدهُ مَا روى بن إِسْحَاق بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا يَوْمَ بَدْرٍ جَمَعَ يَهُودَ فِي سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَقَالَ يَا يَهُودُ أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَ قُرَيْشًا يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالُوا إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ وَلَوْ قَاتَلْتَنَا لَعَرَفْتَ أَنَّا الرِّجَالُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ إِلَى قَوْله لأولى الْأَبْصَار وَأَغْرَبَ الْحَاكِمُ فَزَعَمَ أَنَّ إِجْلَاءَ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَإِجْلَاءَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُوَافَقْ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ إِجْلَاءَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَ بَعْدَ بَدْرٍ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ عَلَى قَوْلِ عُرْوَةَ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ على قَول بن إِسْحَاقَ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ فِي تَسْمِيَةِ سُورَةِ الْحَشْرِ سُورَةَ النَّضِيرِ لِأَنَّهَا نزلت فيهم قَالَ الدَّاودِيّ كَأَن بن عَبَّاسٍ كَرِهَ تَسْمِيَتَهَا سُورَةَ الْحَشْرِ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَشْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِأَوْ لِكَوْنِهِ مُجْمَلًا فَكَرِهَ النِّسْبَةَ إِلَى غَيْرِ مَعْلُوم كَذَا قَالَ وَعند بن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ نَزَلَتْ سُورَةُ الْحَشْرِ فِي بَنِي النَّضِيرِ وَذَكَرَ اللَّهُ فِيهَا الَّذِي أَصَابَهُمْ مِنَ النِّقْمَةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  حَدِيثُ بَنِي النَّضِيرِ)

بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ هُمْ قَبِيلَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْيَهُودِ وَقَدْ مَضَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى التَّعْرِيفِ بِهِمْ فِي أَوَائِلِ الْكَلَامِ عَلَى أَحَادِيثِ الْهِجْرَةِ وَكَانَ الْكُفَّارُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ وَادَعَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يُحَارِبُوهُ وَلَا يُمَالِئُوا عَلَيْهِ عَدُوَّهُ وَهُمْ طَوَائِفُ الْيَهُودِ الثَّلَاثَةِ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ وَقَيْنُقَاعُ وَقِسْمٌ حَارَبُوهُ وَنَصَبُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ كَقُرَيْشٍ وَقِسْمٌ تَارَكُوهُ وَانْتَظَرُوا مَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ كَطَوَائِفَ مِنَ الْعَرَبِ فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُحِبُّ ظُهُورَهُ فِي الْبَاطِنِ كَخُزَاعَةَ وَبِالْعَكْسِ كَبَنِي بَكْرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ مَعَهُ ظَاهِرًا وَمَعَ عَدُوِّهِ بَاطِنًا وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ مِنَ الْيَهُودِ بَنُو قَيْنُقَاعَ فَحَارَبَهُمْ فِي شَوَّالٍ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ وَأَرَادَ قَتَلَهُمْ فَاسْتَوْهَبَهُمْ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ فَوَهَبَهُمْ لَهُ وَأَخْرَجَهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَذْرِعَاتَ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ بَنُو النَّضِيرِ كَمَا سَيَأْتِي وَكَانَ رَئِيسَهُمْ حُيَيُّ بْنُ أَخَطْبَ ثُمَّ نَقَضَتْ قُرَيْظَةُ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُ حَالِهِمْ بَعْدَ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَمَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فِي دِيَةِ الرَّجُلَيْنِ وَمَا أَرَادُوا مِنَ الْغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ فِي نَقْلِ كَلَامِ بن إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ كَانَتْ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ قَبْلَ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَتَمَّ مِنْ هَذَا وَلَفْظُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عُرْوَةَ ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ وَنَخْلُهُمْ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ فَحَاصَرَهُمْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلَاءِ وَعَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا أَقَلَّتِ الْإِبِلُ مِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَمْوَالِ لَا الْحَلْقَةُ يَعْنِي السِّلَاحَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ سَبَّحَ لله إِلَى قَوْله لأوّل الْحَشْر وَقَاتَلَهُمْ حَتَّى صَالَحَهُمْ عَلَى الْجَلَاءِ فَأَجْلَاهُمْ إِلَى الشَّامِ وَكَانُوا مِنْ سِبْطٍ لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ فِيمَا خَلَا وَكَانَ اللَّهُ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ والسباء وَقَوله لأوّل الْحَشْر فَكَانَ جَلَاؤُهُمْ أَوَّلَ حَشْرٍ حَشْرًا فِي الدُّنْيَا إِلَى الشَّام وَحكى بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ رَجَّحَ مَا قَالَ بن إِسْحَاقَ مِنْ أَنَّ غَزْوَةَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ قَالَ وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ الْأَحْزَابِ.

.

قُلْتُ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ وَاهٍ فَإِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ ظَاهَرُوا الْأَحْزَابَ.

.
وَأَمَّا بَنُو النَّضِيرِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْأَحْزَابِ ذِكْرٌ بَلْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي جَمْعِ الْأَحْزَابِ مَا وَقَعَ مِنْ جَلَائِهِمْ فَإِنَّهُ كَانَ من رؤوسهم حُيَيُّ بْنُ أَخَطَبَ وَهُوَ الَّذِي حَسَّنَ لِبَنِي قُرَيْظَةَ الْغَدْرَ وَمُوَافَقَةَ الْأَحْزَابِ كَمَا سَيَأْتِي حَتَّى كَانَ مِنْ هَلَاكِهِمْ مَا كَانَ فَكَيْفَ يَصِيرُ السَّابِقُ لَاحِقًا .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكتاب إِلَى قَوْله أَن يخرجُوا وَقَدْ وَضَّحَ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَثَرِ عبد الرَّزَّاق الْمَذْكُور وَقد أورد بن إِسْحَاقَ تَفْسِيرَهَا لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْغَزْوَةَ وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ خَاصَّةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لم يوجفوا عَلَيْهِم بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ قتال أصلا قَوْله وَجعله بن إِسْحَاقَ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَأُحُدٍ كَذَا هُوَ فِي الْمَغَازِي لِابْنِ إِسْحَاقَ مَجْزُومًا بِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ وَجَعَلَهُ إِسْحَاقُ قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ بن إِسْحَاقَ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الْكَرْمَانِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ وَهُوَ غَلَطٌ وَإِنَّمَا اسْمُ جَدِّهِ يَسَارٌ وَقَدْ ذَكَرَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ أَعْتَقَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ لَمَّا قُتِلَ أَهْلُ بِئْرِ مَعُونَةَ عَنْ رَقَبَةٍ كَانَتْ عَلَى أُمِّهِ فَخَرَجَ عَمْرٌو إِلَى الْمَدِينَةِ فَصَادَفَ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ مَعَهُمَا عَقْدٌ وَعَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ عَمْرٌو فَقَالَ لَهُمَا عَمْرٌو مِمَّنْ أَنْتُمَا فَذَكَرَا أَنَّهُمَا مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَتَرَكَهُمَا حَتَّى نَامَا فَقَتَلَهُمَا عَمْرٌو وَظَنَّ أَنَّهُ ظَفِرَ بِبَعْضِ ثَأْرِ أَصْحَابِهِ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ لَقَدْ قَتَلْتَ قَتِيلَيْنِ لَأُودِيَنَّهُمَا انْتَهَى وَسَيَأْتِي خَبَرُ غَزْوَةِ بِئْرِ مَعُونَةَ بَعْدَ غَزْوَةِ أُحُدٍ وَفِيهَا عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ كَانَ مَعَ الْمُسلمين فَأسرهُ الْمُشْركُونَ قَالَ بن إِسْحَاقَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي النَّضِيرِ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَتِهِمَا فِيمَا حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ وَكَانَ بَيْنَ بَنِي النَّضِيرِ وَبَنِي عَامِرٍ عَقْدٌ وَحِلْفٌ فَلَمَّا أَتَاهُمْ يَسْتَعِينُهُمْ قَالُوا نَعَمْ ثُمَّ خَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَقَالُوا إِنَّكُمْ لَنْ تَجِدُوهُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ قَالَ وَكَانَ جَالِسًا إِلَى جَانِبِ جِدَارٍ لَهُمْ فَقَالُوا مَنْ رَجُلٌ يَعْلُو عَلَى هَذَا الْبَيْتِ فَيُلْقِيَ هَذِهِ الصَّخْرَةَ عَلَيْهِ فَيَقْتُلُهُ وَيُرِيحَنَا مِنْهُ فَانْتُدِبَ لِذَلِكَ عَمْرُو بْنُ جِحَاشِ بْنِ كَعْبٍ فَأَتَاهُ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ فَقَامَ مُظْهِرًا أَنَّهُ يَقْضِي حَاجَةً.

     وَقَالَ  لِأَصْحَابِهِ لَا تَبْرَحُوا وَرَجَعَ مُسْرِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ وَاسْتَبْطَأَهُ أَصْحَابُهُ فَأُخْبِرُوا أَنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَحِقُوا بِهِ فَأَمَرَ بِحَرْبِهِمْ وَالْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ فَتَحَصَّنُوا فَأَمَرَ بِقَطْعِ النّخل وَالتَّحْرِيق وَذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ حَاصَرَهُمْ سِتَّ لَيَالٍ وَكَانَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بَعَثُوا إِلَيْهِمْ أَنِ اثْبُتُوا وَتَمَنَّعُوا فَإِنْ قُوتِلْتُمْ قَاتَلْنَا مَعَكُمْ فَتَرَبَّصُوا فَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَلَمْ يَنْصُرُوهُمْ فَسَأَلُوا أَنْ يجلوا عَنْ أَرْضِهِمْ عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ فَصُولِحُوا عَلَى ذَلِكَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ إِلَى بَنِي النَّضِيرِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَجِّلَهُمْ فِي الْجلاء ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ بن إِسْحَاقَ فَاحْتُمِلُوا إِلَى خَيْبَرَ وَإِلَى الشَّامِ قَالَ فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ أَنَّهُمْ جلوا الْأَمْوَالِ مِنَ الْخَيْلِ وَالْمَزَارِعِ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً قَالَ بن إِسْحَاقَ وَلَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ إِلَّا يَامِينُ بْنُ عُمَيْرٍ وَأَبُو سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ فَأَحْرَزَا أَمْوَالَهُمَا وروى بن مَرْدَوَيْهِ قِصَّةَ بَنِي النَّضِيرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَتَبَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يَعْبُدُ الْأَوْثَانَ قَبْلَ بَدْرٍ يُهَدِّدُونَهُمْ بِإِيوَائِهِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَيَتَوَعَّدُونَهُمْ أَنْ يَغْزُوهُمْ بِجَمِيعِ الْعَرَب فهم بن أُبَيٍّ وَمَنْ مَعَهُ بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ فَأَتَاهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا كَادَكُمْ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا كَادَتْكُمْ قُرَيْشٌ يُرِيدُونَ أَنْ تُلْقُوا بَأْسَكُمْ بَيْنَكُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ عَرَفُوا الْحَقَّ فَتَفَرَّقُوا فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ كَتَبَتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَعْدَهَا إِلَى الْيَهُودِ أَنَّكُمْ أَهْلُ الْحلقَة والحصون يتهددونهم فَأَجْمَعَ بَنُو النَّضِيرِ عَلَى الْغَدْرِ فَأَرْسَلُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْرُجْ إِلَيْنَا فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِكَ وَيَلْقَاكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ عُلَمَائِنَا فَإِنْ آمَنُوا بِكَ اتَّبَعْنَاكَ فَفَعَلَ فَاشْتَمَلَ الْيَهُودُ الثَّلَاثَةُ عَلَى الْخَنَاجِرِ فَأَرْسَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ إِلَى أَخٍ لَهَا مِنَ الْأَنْصَارِ مُسْلِمٍ تُخْبِرُهُ بِأَمْرِ بَنِي النَّضِيرِ فَأَخْبَرَ أَخُوهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِمْ فَرَجَعَ وَصَبَّحَهُمْ بِالْكَتَائِبِ فَحَصَرَهُمْ يَوْمَهُ ثُمَّ غَدَا عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَحَاصَرَهُمْ فَعَاهَدُوهُ فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ إِلَى بَنِي النَّضِيرِ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلَاءِ وَعَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا أَقَلَّتِ الْإِبِلُ إِلَّا السِّلَاحَ فَاحْتَمَلُوا حَتَّى أَبْوَابَ بُيُوتهم فَكَانُوا يخربون بُيُوتهم فأيديهم فَيَهْدِمُونَهَا وَيَحْمِلُونَ مَا يُوَافِقُهُمْ مِنْ خَشَبِهَا وَكَانَ جَلَاؤُهُمْ ذَلِكَ أَوَّلَ حَشْرِ النَّاسِ إِلَى الشَّامِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى بن التِّينِ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ حَدِيثٌ بِإِسْنَادٍ.

.

قُلْتُ فَهَذَا أَقْوَى مِمَّا ذكر بن إِسْحَاقَ مِنْ أَنَّ سَبَبَ غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ طَلَبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِينُوهُ فِي دِيَة الرجلَيْن لَكِن وَافق بن إِسْحَاقَ جُلُّ أَهْلِ الْمَغَازِي فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ سَبَبَ إِجْلَاءِ بَنِي النَّضِيرِ مَا ذُكِرَ مِنْ هَمِّهِمْ بِالْغَدْرِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ إِنَّمَا وَقَعَ عِنْدَمَا جَاءَ إِلَيْهِمْ لِيَسْتَعِينَ بِهِمْ فِي دِيَةِ قَتِيلَيْ عَمْرِو بن أُميَّة تعين مَا قَالَ بن إِسْحَاقَ لِأَنَّ بِئْرَ مَعُونَةَ كَانَتْ بَعْدَ أُحُدٍ بالِاتِّفَاقِ وَأغْرب السُّهيْلي فرجحما قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَوْلَا مَا ذُكِرَ فِي قِصَّةِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ لَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ الرَّجِيعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيث بن عُمَرَ حَارَبَتِ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ كَذَا فِيهِ وَلَمْ يُعَيِّنِ الْمَفْعُولَ مِنْ حَارَبَتْ وَلَمْ يُسَمِّ فَاعِلَ أَجْلَى وَالْمُرَادُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ سَبَبُ وُقُوعِ الْمُحَارَبَةِ نَقَضَهُمُ الْعَهْدَ أَمَّا النَّضِيرُ فَبِالسَّبَبِ الْآتِي ذِكْرُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي قَالَ كَانَتِ النَّضِيرُ قَدْ دَسُّوا إِلَى قُرَيْشٍ وَحَضُّوهُمْ عَلَى قِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَلُّوهُمْ عَلَى الْعَوْرَةِ ثُمَّ ذكر نَحوا مِمَّا تقدم عَن بن إِسْحَاقَ مِنْ مَجِيءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الرَّجُلَيْنِ قَالَ وَفِي ذَلِكَ نزلت يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هم قوم أَن يبسطوا اليكم أَيْديهم الْآيَة وَعند بْنِ سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ أَنِ اخْرُجُوا مِنْ بَلَدِي فَلَا تُسَاكِنُونِي بَعْدَ أَنْ هَمَمْتُمْ بِمَا هَمَمْتُمْ بِهِ مِنَ الْغَدْرِ وَقَدْ أَجَّلْتُكُمْ عَشْرًا.

.
وَأَمَّا قُرَيْظَةُ فَبِمُظَاهَرَتِهِمُ الْأَحْزَابَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ كَمَا سَيَأْتِي

[ قــ :3834 ... غــ :4028] .

     قَوْلُهُ  حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ سَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ بَعْدَ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا وَقَعَ تَقْدِيمُ قُرَيْظَةَ عَلَى النَّضِيرِ وَكَأَنَّهُ لِشَرَفِهِمْ وَإِلَّا فَإِجْلَاءُ النَّضِيرِ كَانَ قَبْلَ قُرَيْظَةَ بِكَثِيرٍ .

     قَوْلُهُ  وَالنَّضِيرُ ذَكَرَ بن إِسْحَاقَ فِي قِصَّتِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَنِ اخْرُجُوا وَأَجَلَّهُمْ عَشْرًا وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ يُثَبِّطُهُمْ أَرْسَلُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَا نَخْرُجُ فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ حَارَبَتْ يَهُودُ فَخرج إِلَيْهِم فخذلهم بن أُبَيٍّ وَلَمْ تُعِنْهُمْ قُرَيْظَةُ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ أَنَّ غَزْوَةَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ صَبِيحَةَ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ يَعْنِي الْآتِي ذِكْرُهُ عَقِبَ هَذَا .

     قَوْلُهُ  بَنِي قَيْنُقَاعَ هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ وَنُونُ قَيْنُقَاعَ مُثَلَّثَةٌ وَالْأَشْهَرُ فِيهَا الضَّمُّ وَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ أُخْرِجَ مِنَ الْمَدِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أول الْبَاب وروى بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ لَمَّا حَارَبَتْ بَنُو قَيْنُقَاعَ قَامَ بِأَمْرِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَمَشَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَكَانَ لَهُ مِنْ حِلْفِهِمْ مِثْلُ الَّذِي لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَتَبَرَّأَ عُبَادَةُ مِنْهُمْ قَالَ فَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بعض إِلَى قَوْلِهِ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ لَمَّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُمْ مَنَعُونِي مِنَ الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ وَإِنِّي امْرُؤٌ أَخْشَى الدَّوَائِرَ فَوَهَبَهُمْ لَهُ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ إِجْلَاءَهُمْ كَانَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ يَعْنِي بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ وَيُؤَيِّدهُ مَا روى بن إِسْحَاق بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا يَوْمَ بَدْرٍ جَمَعَ يَهُودَ فِي سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَقَالَ يَا يَهُودُ أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَ قُرَيْشًا يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالُوا إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ وَلَوْ قَاتَلْتَنَا لَعَرَفْتَ أَنَّا الرِّجَالُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ إِلَى قَوْله لأولى الْأَبْصَار وَأَغْرَبَ الْحَاكِمُ فَزَعَمَ أَنَّ إِجْلَاءَ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَإِجْلَاءَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُوَافَقْ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ إِجْلَاءَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَ بَعْدَ بَدْرٍ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ عَلَى قَوْلِ عُرْوَةَ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ على قَول بن إِسْحَاقَ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ فِي تَسْمِيَةِ سُورَةِ الْحَشْرِ سُورَةَ النَّضِيرِ لِأَنَّهَا نزلت فيهم قَالَ الدَّاودِيّ كَأَن بن عَبَّاسٍ كَرِهَ تَسْمِيَتَهَا سُورَةَ الْحَشْرِ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَشْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ لِكَوْنِهِ مُجْمَلًا فَكَرِهَ النِّسْبَةَ إِلَى غَيْرِ مَعْلُوم كَذَا قَالَ وَعند بن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ نَزَلَتْ سُورَةُ الْحَشْرِ فِي بَنِي النَّضِيرِ وَذَكَرَ اللَّهُ فِيهَا الَّذِي أَصَابَهُمْ مِنَ النِّقْمَةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ وَمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمْ فِي دِيَةِ الرَّجُلَيْنِ وَمَا أَرَادُوا مِنَ الْغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ كَانَتْ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ قَبْلَ أُحُدٍ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ} [الحشر: 2] .
وَجَعَلَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَأُحُدٍ.

( باب حديث بني النضير) بفتح النون وكسر الضاد المعجمة قبيلة كبيرة من اليهود كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وادعهم على أن لا يحاربهم ( ومخرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بجر مخرج عطفًا على المجرور السابق بالإضافة، وسقط لأبي ذر لفظ باب فتاليه مرفوع ومخرج معطوف عليه وهو مصدر ميمي أي وخروجه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إليهم) أي إلى بني النضير ليستعينهم ( في ديّة الرجلين) العامريين اللذين كانا قد خرجا من المدينة معهما عقد وعهد من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فصادفهما عمرو بن أمية الضمري وكان عامر بن الطفيل أعتقه لما قتل أهل بئر معونة عن رقبة كانت عن أمه ولم يشعر عمرو أن مع العامريين العقد المذكور فقال لهما: ممن أنتما؟ فذكرا له أنهما من بني عامر فتركهما حتى ناما فقتلهما، وظن أنه ظفر ببعض ثأر أصحابه فأخبر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك فقال: لقد قتلت قتيلين لأودينهما وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف ( وما أرادوا) أي بنو النضير ( من الغدر برسول الله) ولأبي ذر بالنبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وذلك أنه لما أتاهم عليه الصلاة والسلام قالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك ثم خلا بعضهم ببعض وأجمعوا على اغتياله عليه الصلاة والسلام بأن يلقوا عليه رحى فأخبره جبريل بذلك فرجع إلى المدينة وأمر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم.

( قال) : ولأبي ذر وقال ( الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب مما وصله عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري ( عن عروة بن الزبير) أنه قال: ( كانت) غزوة بني النضير ( على رأس ستة أشهر من وقعة بدر قبل وقعة أُحُد وقول الله تعالى) بالجر أو بالرفع عطفًا على مخرج ( { هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب} ) يعني يهود بني النضير ( { من ديارهم} ) بالمدينة ( { لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا} ) [الحشر: 2] اللام تتعلق بأخرج وهي كاللام في قوله
تعالى: { يا ليتني قدمت لحياتي} [الفجر: 24] وقوله: جئت لوقت كذا أي أخرج الذين كفروا عند أول الحشر، ومعنى أول الحشر أن هذا أول حشرهم إلى الشأم، وهم أول من أخرج من أهل الكتاب من جزيرة العرب إلى الشام وهذا أول حشرهم وآخر حشرهم إجلاء عمر إياهم من خيبر إلى الشام، أو آخر حشرهم يوم القيامة.
وسقط قوله: لأول الحشر من الفرع بإصلاح على كشط، وثبت في أصله وغيره كقوله: ما ظننتم أن يخرجوا.
( وجعله) أي قتال بني النضير ( ابن إسحاق) محمد ( بعد بئر معونة) في صفر سنة أربع من الهجرة ( و) غزوة ( أُحُد) .


[ قــ :3834 ... غــ : 4028 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَضْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: حَارَبَتِ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلاَدَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا وَأَجْلَى يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ وَكُلَّ يَهُودِ الْمَدِينَةِ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدثني بالإفراد ( إسحاق بن نصر) هو ابن إبراهيم ونسبه إلى جده المروزي نزيل بخارى قال: ( حدّثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني قال: ( أخبرني ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز المكي ( عن موسى بن عقبة) الأسدي صاحب المغازي ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنّه ( قال: حاربت النضير وقريظة) بالظاء المعجمة المشالة أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فالمفعول محذوف، ولأبي ذر: قريظة والنضير بالتقديم والتأخير ( فأجلى) بهمزة مفتوحة وجيم ساكنة فلام مفتوحة أي فأخرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بني النضير) من أوطانهم مع أهلهم وأولادهم ( وأقرّ قريظة) في منازلهم ( ومنّ عليهم) ولم يأخذ منهم شيئًا ( حتى حاربت) أي إلى أن حاربته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قريظة) فحاصرهم خمسًا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكمه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين) بعد أن أخرج الخُمس فأعطى الفارس ثلاثة أسهم وكانت الخيل سنة وثلاثين ( إلا بعضهم) أي بعض قريظة ( لحقوا بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فآمنهم) بمدّ الهمزة وتخفيف الميم أي جعلهم آمنين، ولأبي ذر: فأمنهم بتشديد الميم والقصر ( وأسلموا وأجلى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يهود المدينة كلهم بني قينقاع) بقافين مفتوحتين بينهما تحتية ساكنة فنون مضمومة وتكسر وتفتح وبعد الألف عين مهملة ( وهم رهط عبد الله بن سلام) بالتخفيف ( ويهود بني حارثة) بنصب يهود عطفًا على السابق ( و) أجلى ( كل يهود المدينة) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر وكل يهودي بالمدينة بتحتية بعد الدال ثم موحدة ولأبي ذر وكل يهود بتنوين الدال.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حَدِيث بني النَّضِير، بِفَتْح النُّون وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة، وهم قَبيلَة من يهود الْمَدِينَة، وَكَانَ بَينهم وَبَين رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عقد موادعة،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: قُرَيْظَة وَالنضير والنحام وعمو هم أصُول بني الْخَزْرَج بن الصَّرِيح بن التومان ابْن السمط بن أليسع بن سعد بن لاوي بن خير بن النحام بن تخوم بن عازر بن عزراء بن هَارُون بن عمرَان بن يصهر بن فاهث ابْن لاوي بن يَعْقُوب وَهُوَ إِسْرَائِيل بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.

ومَخْرَجِ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَيْهِمْ فِي دِيَّةِ الرَّجُلَيْنِ ومَا أرَادُوا مِنَ الغَدْرِ بِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ومخرج، بِالْجَرِّ عطف على، حَدِيث بني النَّضِير، أَي: وَفِي بَيَان خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ مصدر ميمي.
قَوْله: إِلَيْهِم، أَي: إِلَى بني النَّضِير، قَوْله: ( فِي دِيَة الرجلَيْن) كلمة: فِي هُنَا للتَّعْلِيل أَي: كَانَ خُرُوجه إِلَيْهِم بِسَبَب دِيَة الرجلَيْن، وَذَلِكَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فَذَلِك الَّذِي لمتنني فِيهِ} ( يُوسُف: 32) .
وَفِي الحَدِيث: امْرَأَة دخلت النَّار فِي هرة، وَكَانَ الرّجلَانِ الْمَذْكُورَان من بني عَامر، قَالَه ابْن إِسْحَاق،.

     وَقَالَ  ابْن هِشَام: من بني كلاب، وَذكر أَبُو عمر أَنَّهُمَا من سليم، فَخَرَجَا من الْمَدِينَة وَنزلا فِي ظلّ فِيهِ عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي، وَكَانَ مَعَهُمَا عقد وعهد من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجوَار، وَلم يعلم بِهِ عَمْرو، وَقد سَأَلَهُمَا حِين نزلا: مِمَّن أَنْتُمَا؟ فَقَالَا: من بني عَامر، فأمهلهما حَتَّى إِذا نَامَا عدا عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا، وَلما قدم عَمْرو على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخْبرهُ، قَالَ: لقد قتلت قَتِيلين لأودينَّهما، فَخرج رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني النَّضِير مستعيناً بهم فِي دِيَة الْقَتِيلين، قَالَ إِبْنِ إِسْحَاق: وَكَانَ بَين بني النَّضِير وَبني عَامر حلف وَعقد، فَقَالُوا: نعم يَا أَبَا الْقَاسِم نعينك، ثمَّ خلا بَعضهم بِبَعْض، فَقَالُوا: إِنَّكُم لن تَجدوا الرجل على مثل حَاله هَذِه، وَرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جنب جِدَار من بُيُوتهم قَاعد، فَمن رجل يَعْلُو على هَذَا الْبَيْت فيلقي عَلَيْهِ صَخْرَة فَيُرِيحنَا مِنْهُ؟ فَانْتدبَ لذَلِك عَمْرو بن جحاش، بِكَسْر الْجِيم وَتَخْفِيف الْحَاء الْمُهْملَة وبالشين الْمُعْجَمَة: ابْن كَعْب أحدهم، فَقَالَ: أَنا لذَلِك، فَصَعدَ ليلقي عَلَيْهِ صَخْرَة، وَكَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نفر فيهم أَبُو بكر وَعمر وَعلي، وَزَاد أَبُو نعيم: الزبير وَطَلْحَة وَسعد بن معَاذ وَأسيد بن حضير وَسعد بن عبَادَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قَالَ ابْن إِسْحَاق: فَأتى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَبَر من السَّمَاء بِمَا أَرَادَ الْقَوْم، فَقَامَ وَخرج رَاجعا إِلَى الْمَدِينَة، وَهَذَا معنى قَوْله: ( وَمَا أَرَادوا) أَي: وَفِي بَيَان مَا أَرَادَ بَنو النَّضِير من الْغدر برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: خرج إِلَيْهِم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَسْتَعِينهُمْ يَوْم السبت فِي شهر ربيع الأول على رَأس سَبْعَة وَثَلَاثِينَ شهرا من الْهِجْرَة بعد غَزْوَة الرجيع، وَأَن ابْن جحاش لما همَّ بِما هَمَّ بِهِ، قَالَ سَلام بن مشْكم: لَا تَفعلُوا، وَالله ليخبرن بِمَا هممتم وَإنَّهُ لينقض الْعَهْد بَيْننَا وَبَينه، وَبعث إِلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَمَّد بن مسلمة: أَن أخرجُوا من بلدي لَا تساكنوني بهَا، وَقد هممتم بِمَا هممتم بِهِ من الْغدر، وَقد أجَّلتكم عشرا، فَمن رئي بعد ذَلِك فقد ضربت عُنُقه، فَمَكَثُوا أَيَّامًا يَتَجَهَّزُونَ، فَأرْسل إِلَيْهِم ابْن أبي فَثَبَّطَهُمْ، فأرسلوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا لَا نخرج فَاصْنَعْ مَا بدا لَك، فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الله أكبر حَارَبت يهود، فَخرج إِلَيْهِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعتزلتهم قُرَيْظَة، فَلم تعنهم وخذلهم ابْن أبي وحلفاؤهم من غطفان فَحَاصَرَهُمْ خَمْسَة عشر يَوْمًا،.

     وَقَالَ  ابْن الطلاع: ثَلَاثَة وَعشْرين يَوْمًا، وَعَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: ثمَّ أجلاهم فَتَحملُوا على سِتّمائَة بعير وَكَانَت صفياً لَهُ حبسا لنوائبه، وَلم يخمسها وَلم يُسهم مِنْهَا لأحد إلاَّ لأبي بكر وَعمر وَابْن عَوْف وصهيب بن سِنَان وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وَأبي سَلمَة بن عبد الْأسد وَأبي دُجَانَة،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: فاحتملوا إِلَى خَيْبَر وَإِلَى الشَّام،.

     وَقَالَ : فَحَدثني عبد الله بن أبي بكر أَنهم خلوا الْأَمْوَال من الْخَيل والمزارع لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة،.

     وَقَالَ  إِبْنِ إِسْحَاق: لم يسلم مِنْهُم إلاَّ يَامِين بن عُمَيْر، وَأَبُو سعيد ابْن وهب، فأحرزا أموالهما.

قَالَ الزُّهْرِيُّ عنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ كانَتْ عَلَى رأسِ سِتَّةِ أشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ قَبْلَ أحُدٍ أَي: قَالَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام: كَانَت غَزْوَة بني النَّضِير على رَأس سِتَّة أشهر من وقْعَة غَزْوَة بدر قبل غَزْوَة أحد، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الْحَاكِم عَن أبي عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن جهم حَدثنَا مُوسَى بن الْمسَاوِر حَدثنَا عبد الله بن معَاذ عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ بِهِ.

وقَوْلِ الله تعَالى { هُوَ الَّذِي أخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهْلِ الكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأِوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أنْ يَخْرُجُوا} ( الْحَشْر: 2) .

وَقَول الله، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: ومخرج رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هَذِه الْآيَة من سُورَة الْحَشْر، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أنزل الله تَعَالَى هَذِه السُّورَة بكمالها فِي بني النَّضِير، فِيهَا مَا أَصَابَهُم بِهِ من نقمة وَمَا سلط عَلَيْهِم رَسُوله وَمَا عمل بِهِ فيهم.
قَوْله: ( لأوّل الْحَشْر) أَي: الْجلاء، وَذَلِكَ أَن بني النَّضِير أول من أخرج من دِيَارهمْ، وروى ابْن مرْدَوَيْه قصَّة بني النَّضِير بِإِسْنَاد صَحِيح مُطَوَّلَة، وَفِيه: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاتلهم حَتَّى نزلُوا على الْجلاء، وَكَانَ جلاؤهم ذَلِك أول حشر النَّاس إِلَى الشَّام، وَكَذَا رَوَاهُ عبد بن حميد فِي ( تَفْسِيره) : عَن عبد الرَّزَّاق، وَفِيه رد على ابْن التِّين حَيْثُ زعم أَنه لَيْسَ فِي هَذِه الْقِصَّة حَدِيث بِإِسْنَاد.

وجعَلَهُ ابنُ إسْحَاقَ بَعْد بِئرِ مَعُونَةَ وأُحُدٍ
أَي: جعل مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَاحب ( الْمَغَازِي) قتال بني النَّضِير بعد بِئْر مَعُونَة، فَكَانَت فِي صفر من سنة أَربع من الْهِجْرَة،.

     وَقَالَ  إِبْنِ إِسْحَاق: أَقَامَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد أحد بَقِيَّة شَوَّال وَذَا الْقعدَة وَذَا الْحجَّة وَالْمحرم، ثمَّ بعث بأصحاب بِئْر مَعُونَة فِي صفر على رَأس أَرْبَعَة أشهر من أحد،.

     وَقَالَ  مُوسَى بن عقبَة: كَانَ أَمِير الْقَوْم الْمُنْذر بن عَمْرو، وَيُقَال: مرْثَد بن أبي مرْثَد، وَوَقع فِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ: وَجعله إِسْحَاق، قَالَ عِيَاض: وَهُوَ وهم، وَالصَّوَاب ابْن إِسْحَاق، وَهُوَ: مُحَمَّد بن إِسْحَاق ابْن يسَار،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن نصر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْمُهْملَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَالصَّوَاب: ابْن يسَار، وَهُوَ مَشْهُور لَيْسَ فِيهِ خَفَاء.



[ قــ :3834 ... غــ :4028 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ نَصْرٍ حدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخْبرَنَا ابنُ جُرَيْجٍ عنْ مُوساى بنِ عُقْبَةَ عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ حارَبَتِ النَّضِيرُ وقُرَيْظَةُ فأجْلى بَنِي النَّضِيرِ وأقَرَّ قُرَيْظَةَ ومَنَّ علَيْهِمْ حتَّى حارَبَتْ قُرَيْظَةُ فقَتَلَ رِجالَهُمْ وقَسَمَ نِساءَهُمْ وأوْلاَدَهُمْ وأمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلاَّ بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأمَّنَهُمْ وأسْلَمُوا وأجْلَى يَهُودَ المَدِينَةِ كلَّهُمْ بَني قَيْنُقَاعَ وهُمْ رَهْطُ عَبْدِ الله بنِ سَلامٍ ويَهُودَ بَنِي حارِثَةَ وكُلَّ يَهُودٍ بالمَدِينَةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَإِسْحَاق بن نصر هُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نصر السَّعْدِيّ البُخَارِيّ، وَالْبُخَارِيّ يروي عَنهُ، فَتَارَة ينْسبهُ إِلَى أَبِيه، وَتارَة إِلَى جده، وَعبد الرَّزَّاق بن همام الْيَمَانِيّ، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج الْمَكِّيّ، ومُوسَى بن عقبَة بن أبي عَيَّاش الْأَسدي الْمدنِي.

قَوْله: ( حَارَبت النَّضِير) فعل وفاعل.
قَوْله: ( وَقُرَيْظَة) بِالرَّفْع عطف على: النَّضِير، وَهُوَ مصغر: الْقرظ، بِالْقَافِ وَالرَّاء والظاء، وهم أَيْضا قَبيلَة من يهود الْمَدِينَة، وَالْمَفْعُول مَحْذُوف تَقْدِيره: حَارَبت هَاتَانِ القبيلتان رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( فَأجلى) ، أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالضَّمِير الَّذِي فِيهِ هُوَ الْفَاعِل.
قَوْله: ( وَبني النَّضِير) ، بِالنّصب مَفْعُوله، يُقَال: جلا من الوطن يجلو جلاء، وَأجلى يجلي إجلاء: إِذا خرج مفارقاً، وجلوته أَنا وأجليته، وَكِلَاهُمَا لَازم ومتعد.
قَوْله: ( وَأقر قُرَيْظَة) ، أَي: فِي مَنَازِلهمْ ( وَمن عَلَيْهِم) وَلم يَأْخُذ مِنْهُم شَيْئا.
قَوْله: ( حَتَّى حَارَبت قُرَيْظَة) ، يَعْنِي: إِقْرَاره، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ومنَّه عَلَيْهِم إِلَى أَن حَاربُوا.
قَوْله: ( فَقتل رِجَالهمْ) ، يَعْنِي: لما حَاربُوا مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَاصَرَهُمْ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا حَتَّى جهدهمْ الْحصار، وَقذف الله فِي قُلُوبهم الرعب فنزلوا على حكم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( فَقتل رِجَالهمْ وَقسم نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادهمْ وَأَمْوَالهمْ بَين الْمُسلمين) بَعْدَمَا أخرج الْخمس، فَأعْطى للفارس ثَلَاثَة أسْهم: سَهْمَيْنِ للْفرس، وَسَهْما لفارسه، وَسَهْما للراجل، وَكَانَت الْخَيل: سِتَّة وَثَلَاثِينَ.
قَوْله: ( إلاَّ بَعضهم) أَي: إلاَّ بعض قُرَيْظَة.
قَوْله: ( فَأَمنَهُمْ) أَي: جعلهم أمنين.
قَوْله: ( بني قينقاع) بِالنّصب على أَنه بدل من قَوْله: يهود بِالْمَدِينَةِ، وَنون قينقاع مُثَلّثَة.
قَوْله: ( وكل يهود) أَي: وَأجلى كل يهود بِالْمَدِينَةِ، ويروى: كل يهود الْمَدِينَة.