3839 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعَاهُ ، إِذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا ، فَقَالَ : هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَالزُّبَيْرِ ، وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ فَأَدْخِلْهُمْ ، فَلَبِثَ قَلِيلًا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ ، وَعَلِيٍّ يَسْتَأْذِنَانِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَلَمَّا دَخَلاَ قَالَ عَبَّاسٌ : يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا ، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِي الَّذِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ ، فَاسْتَبَّ عَلِيٌّ ، وَعَبَّاسٌ ، فَقَالَ الرَّهْطُ : يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا ، وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ ، فَقَالَ عُمَرُ : اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ ؟ قَالُوا : قَدْ قَالَ ذَلِكَ ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَبَّاسٍ ، وَعَلِيٍّ فَقَالَ : أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ ، هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ ؟ قَالاَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ ، إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : { وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ } - إِلَى قَوْلِهِ - { قَدِيرٌ } ، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ ، وَلاَ اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَقَسَمَهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ هَذَا المَالُ مِنْهَا ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا المَالِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ ، فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ ، وَعَبَّاسٍ وَقَالَ : تَذْكُرَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهِ كَمَا تَقُولاَنِ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ : إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ؟ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ ، فَقُلْتُ : أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبِي بَكْرٍ ، فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ : أَنِّي فِيهِ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ؟ ثُمَّ جِئْتُمَانِي كِلاَكُمَا ، وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ ، فَجِئْتَنِي - يَعْنِي عَبَّاسًا - فَقُلْتُ لَكُمَا : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا قُلْتُ : إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا ، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ : لَتَعْمَلاَنِ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَمَا عَمِلْتُ فِيهِ مُنْذُ وَلِيتُ ، وَإِلَّا فَلاَ تُكَلِّمَانِي ، فَقُلْتُمَا ادْفَعْهُ إِلَيْنَا بِذَلِكَ ، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا ، أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ ، فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ ، لاَ أَقْضِي فِيهِ بِقَضَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهُ فَادْفَعَا إِلَيَّ فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهُ ، قَالَ : فَحَدَّثْتُ هَذَا الحَدِيثَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، فَقَالَ : صَدَقَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ : أَنَا سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، تَقُولُ : أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ، يَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنْتُ أَنَا أَرُدُّهُنَّ ، فَقُلْتُ لَهُنَّ : أَلاَ تَتَّقِينَ اللَّهَ ، أَلَمْ تَعْلَمْنَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : لاَ نُورَثُ ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ - يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ - إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا المَالِ فَانْتَهَى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا أَخْبَرَتْهُنَّ ، قَالَ : فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ ، مَنَعَهَا عَلِيٌّ عَبَّاسًا فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا ، ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ ، وَحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ ، كِلاَهُمَا كَانَا يَتَدَاوَلاَنِهَا ، ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ ، وَهِيَ صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا |
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[4033] .
قَوْلُهُ وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ الْحَدِيثُ السَّادِسُ حَدِيثُ عَائِشَةَ .
قَوْلُهُ قَالَ فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عُرْوَةَ الْقَائِلُ هُوَ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ ذَكَرْتُ شَرْحَهُ أَيْضًا مَعَ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ فِي فَرْضِ الْخُمُسِ الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَقَدَّمَ أَيْضًا فِي أَوَّلِ فَرْضِ الْخُمُسِ بِزِيَادَةٍ فِيهِ وَزَادَ هُنَا قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ وَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ الْإِدْرَاجُ وَقَدْ بَيَّنَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِلَفْظِ فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ مُعْتَذِرًا عَنْ مَنْعِهِ الْقِسْمَةَ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا أَنْ لَا يَصِلَهُمْ بِبِرِّهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَمُحَصِّلُ كَلَامِهِ أَنَّ قَرَابَةَ الشَّخْصِ مُقَدَّمَةٌ فِي بِرِّهِ إِلَّا إِنْ عَارَضَهُمْ فِي ذَلِكَ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُمْ وَاللَّهُ أعلم( قَولُهُ بَابُ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ)
أَيِ الْيَهُودِيّ قَالَ بن إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ كَانَ عَرَبِيًّا مِنْ بَنِي نَبْهَانَ وهم بطن من طئ وَكَانَ أَبُوهُ أَصَابَ دَمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَحَالَفَ بَنِي النَّضِيرِ فَشَرُفَ فِيهِمْ وَتَزَوَّجَ عَقِيلَةَ بِنْتَ أَبِي الْحَقِيقِ فَوَلَدَتْ لَهُ كَعْبًا وَكَانَ طَوِيلًا جَسِيمًا ذَا بَطْنٍ وَهَامَةٍ وَهَجَا الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَنزل على بن وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ وَالِدِ الْمُطَّلِبِ فَهَجَاهُ حَسَّانُ وَهَجَا امْرَأَتَهُ عَاتِكَةَ بِنْتَ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ فَطَرَدَتْهُ فَرَجَعَ كَعْبٌ إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَشَبَّبَ بِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى آذَاهُمْ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بن مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ كَانَ شَاعِرًا وَكَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفَّارَ قُرَيْشٌ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَأَهْلُهَا أَخْلَاطٌ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِصْلَاحَهُمْ وَكَانَ الْيَهُودُ وَالْمُشْرِكُونَ يُؤْذُونَ الْمُسْلِمِينَ أَشَدَّ الْأَذَى فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِينَ بِالصَّبْرِ فَلَمَّا أَبَى كَعْبٌ أَنْ يَنْزِعَ عَنْ أَذَاهُ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ أَنْ يَبْعَثَ رهطا ليقتلوه وَذكر بن سَعْدٍ أَنَّ قَتْلَهُ كَانَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنَ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ
( الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ وَفِيهِ قِصَّةُ مُخَاصَمَةِ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ عِنْدَهُ مُطَوَّلَةٌ)
وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي فَرْضِ الْخُمُسِ مُسْتَوْفًى وَالْغَرَضُ مِنْهُ
[ قــ
:3839 ... غــ
:4033] .
قَوْلُهُ وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ الْحَدِيثُ السَّادِسُ حَدِيثُ عَائِشَةَ .
قَوْلُهُ قَالَ فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عُرْوَةَ الْقَائِلُ هُوَ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ ذَكَرْتُ شَرْحَهُ أَيْضًا مَعَ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ فِي فَرْضِ الْخُمُسِ الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَقَدَّمَ أَيْضًا فِي أَوَّلِ فَرْضِ الْخُمُسِ بِزِيَادَةٍ فِيهِ وَزَادَ هُنَا قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ وَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ الْإِدْرَاجُ وَقَدْ بَيَّنَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِلَفْظِ فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ مُعْتَذِرًا عَنْ مَنْعِهِ الْقِسْمَةَ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا أَنْ لَا يَصِلَهُمْ بِبِرِّهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَمُحَصِّلُ كَلَامِهِ أَنَّ قَرَابَةَ الشَّخْصِ مُقَدَّمَةٌ فِي بِرِّهِ إِلَّا إِنْ عَارَضَهُمْ فِي ذَلِكَ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُمْ وَاللَّهُ أعلم
[ قــ
:3839 ... غــ
: 4033 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- دَعَاهُ إِذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأ فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
فَأَدْخِلْهُمْ فَلَبِثَ قَلِيلاً ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ يَسْتَأْذِنَانِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
فَلَمَّا دَخَلاَ قَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِي الَّذِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مالِ بَنِي النَّضِيرِ فَاسْتَبَّ عَلِيٌّ وَعَبَّاسٌ فَقَالَ الرَّهْطُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ فَقَالَ عُمَرُ: اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالاَ: نَعَمْ.
قَالَ فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْفَىْءِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: { وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} إِلَى قَوْلِهِ: { قَدِيرٌ} [الحشر: 6] فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلاَ اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَقَسَمَهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ هَذَا الْمَالُ مِنْهَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيَاتَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ.
وَقَالَ : تَذْكُرَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَمِلَ فِيهِ كَمَا تَقُولاَنِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَبِي بَكْرٍ فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهِ صَادِقٌ، بَارٌّ، رَاشِدٌ، تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي كِلاَكُمَا وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ فَجِئْتَنِي يَعْنِي عَبَّاسًا فَقُلْتُ لَكُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا.
.
قُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلاَنِ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَمَا عَمِلْتُ فِيهِ مُذْ وَلِيتُ وَإِلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِي فَقُلْتُمَا ادْفَعْهُ إِلَيْنَا بِذَلِكَ فَدَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ أَقْضِي فِيهِ بِقَضَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهُ فَادْفَعَا إِلَيَّ فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهُ.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم
بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه (قال: أخبرني) بالتوحيد ولأبي ذر: أخبرنا (مالك بن أوس بن الحدثان) بالمثلثة والحركات (النصري) بالنون والصاد المهملة (أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- دعاه) في قصة فدك في أول كتاب الخُمس قال مالك: بينما أنا جالس في أهلي حين منع النهار إذا رسول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يأتيني فقال: أجِب أمير المؤمنين فانطلقت معه حتى أدخل على عمر فإذا هو جالس على رمال سرير ليس بينه وبينه فراش متكئ على وسادة من أدم حشوها ليف فسلمت عليه ثم جلست فقال: يا رمال إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات وقد أمرت فيهم برضخ فاقبضه فاقسمه بينهم.
فقلت: يا أمير المؤمنين لو أمرت له غيري قال: فاقبضه
أيها المرء فبينما أنا جالس عنده (إذ جاءه حاجبه يرفأ) بفتح التحتية والفاء بينهما راء ساكنة مقصورًا (فقال له: هل لك) رغبة (في) دخول (عثمان) بن عفان (وعبد الرحمن) بن عوف (والزبير) بن العوام (وسعد) بسكون العين ابن أبي وقاص فإنهم (يستأذنون) في الدخول عليك (فقال) عمر، ولأبوي ذر والوقت: قال (نعم فأدخلهم) بكسر الخاء بلفظ الأمر (فلبث قليلاً) زاد في الخُمس فدخلوا فسلموا وجلسوا ثم جلس يرفأ يسيرًا (ثم جاء فقال: هل لك) رغبة (في) دخول (عباس وعلي) فإنهما (يستأذنان) في الدخول عليك (قال: نعم فلما دخلا) وسلّما (قال عباس: يا أمير المؤمنين اقضِ بيني وبين هذا) علي بن أبي طالب (وما يختصمان) يتنازعان ويتجادلان (في الذي) ولأبي ذر عن الكشميهني: التي (أفاء الله على رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مال بني النضير) أي جعله له فيئًا خاصة مما لم يوجف على تحصيله منهم بخيل ولا ركاب وسقطت التصلية لأبي ذر (فاستب) بتشديد الموحدة (عليّ وعباس) في غير محرم بل من قبيل العتب ونحوه (فقال الرهط): زاد في الخُمس عثمان وأصحابه (يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح) بهمزة مفتوحة وراء مكسورة فحاء مهملة من الإراحة (أحدهما من الآخر فقال عمر: اتئدوا) بتشديد الفوقية المفتوحة وهمزة مكسورة لا تعجلوا (أنشدكم) بفتح الهمزة وبالمعجمة أسألكم (بالله الذي بإذنه تقوم السماء) بغير عمد (والأرض) على الماء (هل تعلمون أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(لا نورث ما تركنا صدقة) بالرفع خبر المبتدأ الذي هو ما والعائد محذوف أي الذي تركناه صدقة (يريد) عليه الصلاة والسلام (بذلك نفسه) الكريمة، وكذا غيره من الأنبياء بدليل آخر وهو قوله في حديث آخر: نحن معاشر الأنبياء لا نورث (قالوا): أي الرهط (قد قال) عليه الصلاة والسلام (ذلك.
فأقبل عمر على عليّ وعباس) -رضي الله عنهم- (فقال) لهما: (أنشدكما الله هل تعلمان أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد قال ذلك؟ قالا: نعم.
قال) لهما: (فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله سبحانه كان خص رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر (في) وفي نسخة: من (هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره فقال جل ذكره: { وما أفاء الله على رسوله منهم} ) من بني النضير ({ فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} ) ولا إبل (إلى قوله: { قدير} [الحشر: 6] .
فكانت هذه) بنو النضير (خالصة لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لا حق لأحد غيره فيها كما هو مذهب الجمهور، وعند الشافعية يخمس خمسة أخماس لآية الأنفال { واعلموا أنما غنمتم من شيء} [الأنفال: 41] .
فحمل المطلق على المقيد وقد كان عليه الصلاة والسلام يقسم له أربعة أخماسه وخُمس خمسه، ولكل من الأربعة المذكورين معه في الآية خمس خمس، وأما بعده فيصرف ما كان له من خُمس الخُمس لمصالحنا ومن الأخماس الأربعة للمرتزقة (ثم والله ما احتازها) بهمزة وصل وحاء مهملة وفوقية مفتوحة وزاي مفتوحة ما جمعها (دونكم ولا استأثرها) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: ولا استأثر بها أي ولا أستقل بها (عليكم لقد أعطاكموها) أي الأموال الفيء (وقسمها فيكم حتى بقي هذا المال منها، فكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينفق على أهله نفقة سنتهم)
ولأبي ذر: سنته (من هذا المال ثم يأخذ ما بقي) منه (فيجعله مجعل مال الله) بفتح الميم وسكون الجيم في السلاح والكراع ومصالح المسلمين
(فعمل) بكسر الميم (ذلك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حياته ثم توفي فقال أبو بكر) -رضي الله عنه-: (فأنا ولي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقبضه) أي المال (أبو بكر فعمل فيه بما عمل به) وفي نسخة فيه (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنتم حينئذ فأقبل) عمر، ولأبوي ذر والوقت وأقبل (على عليّ وعباس وقال) لهما: (تذكران) بالتثنية.
واستشكل مع قوله: وأنتم حينئذ بالجمع لعدم المطابقة بين المبتدأ والخبر، وأجاب في الكواكب الدراري بأنه على مذهب من قال: إن أقل الجمع اثنان أو إن لفظ حينئذ خبره وتذكران ابتداء كلام قال: وفي بعضها أنتما تذكران (أن أبا بكر عمل فيه كما تقولان والله) عز وجل (يعلم أنه فيه لصادق بارّ) بتشديد الراء (راشد تابع للحق ثم توفى الله عز وجل أبا بكر) -رضي الله عنه- (فقلت: أنا ولي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر فقبضته سنتين من إمارتي) بكسر الهمزة (أعمل) بفتح الميم (فيه بما) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ما (عمل رسول الله) ولأبوي ذر والوقت فيه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر والله يعلم أني) بفتح الهمزة ولأبي ذر: إني بكسر الهمزة (فيه صادق) ولأبي ذر لصادق باللام في خبر إن (بار) عطوف ببره ولطفه (راشد) اسم فاعل من رشد يرشد رشدًا ورشد يرشد رشدًا والرشد خلاف الغيّ (تابع للحق ثم جئتماني كلاكما وكلمتكما واحدة وأمركما جميع فجئتني يعني عباسًا) ولا ينافي هذا قوله أولاً جئتماني بالتثنية لجواز أنهما جاءا معًا أولاً ثم جاء العباس وحده.
قاله الكرماني.
(فقلت لكما): وفي الخمس جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك وجاءني هذا يريد عليا نصيب امرأته من أبيها فقلت لكما: (إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا) ظهر (لي أن أدفعه إليكما) وجواب لما قوله (قلت) لكما: (إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان) بفتح الميم وتشديد النون في الفرع وأصله وفي غيرهما بالتخفيف (فيه بما عمل فيه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر) منذ وليه (وما عملت فيه مذ) بغير نون، ولأبي ذر: منذ (وليت) بفتح الواو وكسر اللام الخلافة (وإلاّ فلا تكلماني) في ذلك (فقلتما ادفعه إلينا بذلك) الذي كان يعمل به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فدفعته إليكما) على ذلك (أفتلتمسان) أي أفتطلبان (مني قضاء غير ذلك فوالله الذي بإذنه تقوم السماء) بغير عمد (والأرض) على الماء (لا أقضي فيه بقضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنه فادفعا إليّ) بحذف ضمير المفعول ولأبي ذر عن الكشميهني: فادفعاه إليّ (فأنا) بالفاء هو الذي في اليونينية وفي بعض الأصول وأنا (أكفيكماه) بفتح الهمزة وضم الكاف الثانية.
[ قــ
:3839 ... غــ
: 4034 ]
- قَالَ: فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ صَدَقَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ أَنَا سَمِعْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَقُولُ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكُنْتُ أَنَا أَرُدُّهُنَّ فَقُلْتُ لَهُنَّ: أَلاَ تَتَّقِينَ اللَّهَ أَلَمْ تَعْلَمْنَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْمَالِ فَانْتَهَى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَا أَخْبَرَتْهُنَّ قَالَ: فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ مَنَعَهَا عَلِيٌّ
عَبَّاسًا فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنٍ بْنِ عَلِيِّ ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ كِلاَهُمَا كَانَا يَتَدَاوَلاَنِهَا ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ وَهْيَ صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا.
( قال) : أي الزهري ( فحدثت هذا الحديث عروة بن الزبير فقال: صدق مالك بن أوس) فيما حدث به ( أنا سمعت عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تقول: أرسل أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عثمان) بن عفان ( إلى أبي بكر) -رضي الله عنهما- ( يسألنه ثمنهن مما أفاء الله على رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر ( فكنت أنا أردهن فقلت لهن: ألا) بالتخفيف ( تتقين الله ألم تعلمن أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول: لا نورث ما تركنا صدقة يريد بذلك نفسه إنما يأكل آل محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هذا المال) من جملة من يأكل منه لا أنه لهم بخصوصهم ( فانتهى أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى ما أخبرتهن) بسكون الفوقية.
( قال) عروة: ( فكانت هذه الصدقة بيد عليّ) -رضي الله عنه- ( منعها عليّ عباسًا) -رضي الله عنهما- ( فغلبه عليها) بالتصرف فيها وتحصيل غلاتها لا بتخصيص الحاصل بنفسه ( ثم كان) ذلك المال ( بيد حسن بن علي ثم بيد حسين بن علي ثم بيد علي
بن حسين) مصغر، ولأبي ذر زيادة أل في حسن وحسين في المواضع الثلاثة ( و) بيد ( حسن بن حسن) بفتح الحاء فيهما ( كلاهما) أي علي بن حسين بن علي وحسن بن حسن بن علي وكل منهما ابن عم الآخر ( كانا يتداولانها) أي يتناوبان في التصرف في الصدقة المذكورة ( ثم) كانت ( بيد زيد بن حسن) بفتح الحاء أي ابن أخي الحسن المذكور ( وهي صدقة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حقًّا) .
وهذا الحديث مرّ في باب فرض الخُمس.
[ قــ
:3839 ... غــ
:4033 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ أخبَرَنا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبَرَنِي مالِكُ بنُ أوْسِ بنِ الحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ دعَاهُ إذْ جاءَهُ حاجِبُهُ يَرْفا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ والزُّبَيْرِ وسَعْدٍ يَسْتأذِنُونَ فَقَالَ نَعَمْ فأدْخِلْهُمْ فلَبِثَ قَلِيلاً ثُمَّ جاءَ فقَالَ هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ وعَلِيٍّ يَسْتَأذِنَانِ قَالَ نَعَمْ فلَمَّا دَخَلاَ قَالَ عَبَّاسٌ يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وبَيْنَ هاذَا وهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِي الَّذِي أفَاءَ الله علَى رسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ مَالِ بَنِي النَّضِيرِ فاسْتَبَّ علِيٌّ وعَبَّاسٌ فَقَالَ الرَّهْطُ يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بيْنَهُمَا وأرِحْ أحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ فَقَالَ عُمَرُ إتِّئِدُوا أنْشُدُكُمْ بِاللَّه الَّذِي بإذْنِهِ تَقُومُ السَّماءُ والأرْضُ هَلْ تَعْلَمونَ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ نُورِثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ قالُوا قدْ قَالَ ذالِكَ فأقْبَلَ عُمَرُ علَى عَبَّاسٍ وعَلِي فَقَالَ أنْشُدُكُمَا بِاللَّه هَلْ تَعْلَمَانِ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدْ قالَ ذَلِكَ قالاَ نَعَمْ قَالَ فإنِّي أُحَدِّثُكُمْ عنْ هَذَا الأمْرِ إنَّ الله سُبْحَانَهُ كانَ خَصَّ رسُولَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أحَدَاً غيْرَهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ { ومَا أفَاءَ الله علَى رسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أوْجَفْتُمْ علَيْهِ مِنْ خَيْلٍ ولاَ رِكَابٍ} ( الْحَشْر: 6) .
إِلَى قَوْلِهِ: { قَدِيرٌ} ( الْحَشْر: 6) .
فَكَانَتْ هاذِهِ خالِصَةً لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ وَالله مَا احْتَازَها دُونَكُمْ ولاَ اسْتَأثَرَهَا عَلَيْكُمْ لَقَدْ أعْطَاكُمُوها وقَسَمَها فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ هاذَا المَالُ مِنْهَا فَكانَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُنْفِقُ علَى أهْلِهِ نَفَقَته سَنَتِهِمْ مِنْ هاذَا المالِ ثُمَّ يأخُذُ مَا بَقِيَ فيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مالِ الله فعَمِلِ ذالِكَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَياتَهُ ثُمَّ تُوُفِيَّ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ أبُو بَكْرٍ فأنَا وليُّ
رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقَبَضَهُ أبُو بَكْرٍ فعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنْتُمْ حِينَئِذَ فأقْبَلَ علَى عَلِيٍّ وعَبَّاسٍ.
وَقَالَ تَذْكُرَانِ أنَّ أبَا بَكْرٍ فيهِ كَما تَقُولانِ وَالله يَعْلَمُ إنَّهُ فيهِ لَصَادِقٌ بارٌّ رَاشِدٌ تابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ تَوَفَّى الله أبَا بَكْرٍ فقُلْتُ أنَا وَلِيُّ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بَكْرٍ فقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ من إمَارَتي أعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأبُو بَكْرٍ وَالله يَعْلَمُ أنِّي فِيهِ صادِقٌ بارٌّ رَاشِدٌ تابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ جِئْتُمَانِي كِلاَكُمَا وكَلِمَتُكُمَا واحِدَةٌ وأمْرُكُمَا جَمِيعٌ فَجِئْتَنِي يَعْنِي عَبَّاسَاً فَقُلْتُ لَكُمَا إنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ نُورِثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ فلَمَّا بَدَا لِي أنْ أدْفَعَهُ إلَيْكُمَا.
.
قُلْتُ إنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إلَيْكُمَا عَلَى أنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ الله ومِيثَاقَهُ لَتَعْمَلانِّ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فيهِ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأبُو بَكْرٍ ومَا عَمِلْتُ فِيهِ مُذْ وَلِيتُ وإلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِي فقُلْتُمَا ادْفَعْهُ إلَيْنَا بِذَلِكَ فدَفَعْتُهُ إلَيْكُمَا أفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضاءً غَيْرَ ذالِكَ فوَالله الَّذِي بإذْنِهِ تَقُومُ السَّماءُ والأرْضُ لاَ أقْضِي فِيهِ بِقَضاءِ غَيْرِ ذالِكَ حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فإنَّ عَجزْتُمَا عنْهُ فادْفَعَا إلَيَّ فأنَا أكْفِيكُمَاهُ.
قالَ فَحَدَّثْتُ هَذَا الحَدِيثَ عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ فقالَ صَدَقَ مالِكُ بنُ أوْسٍ أنَا سَمِعْتُ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَقُولُ أرْسَلَ أزْوَاجَ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُثْمَانَ إلَى أبِي بَكْرٍ يَسْألْنَهُ ثمُنَهُنَّ مِمَّا أفَاءَ الله علَى رسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكُنْتُ أنَا أرُدُّهُنَّ فَقُلْتُ لَهُنَّ ألاَ تتَّقِينَ الله ألَمْ تَعْلَمْنَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَقُولُ لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقةٌ يُرِيدُ بِذالِكَ نَفْسَهُ إنَّمَا يأكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هاذَا المَالِ فانْتَهاى إلَى أزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَا أخْبَرْتُهُنَّ قَالَ فكانَتْ هاذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ مَنَعَهَا عَلِيٌّ عَبَّاساً فغَلَبَهُ علَيْهَا ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حسَنِ بنِ عَليٍّ ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ ابنِ علِيِّ بن حُسَيْنٍ وحَسنِ بنِ حَسَنَ كِلاَهُمَا كَانَا يتَدَاوَلانِهَا ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بنِ حَسَنٍ وهْيَ صدَقَةُ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَقَّاً.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وهما يختصمان فِي الَّذِي أَفَاء الله على رَسُوله من بني النَّضِير) .
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع.
وَهَذَا الْإِسْنَاد قد تكَرر ذكره.
والْحَدِيث مر فِي الْخمس فِي: بابُُ فرض الْخمس فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْحَاق بن مُحَمَّد الْفَروِي عَن مَالك بن أنس عَن ابْن شهَاب عَن مَالك بن أَوْس مطولا إِلَى قَوْله: ( فَإِنِّي أكفيكما) .
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
قَوْله: ( يرفأ) بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الرَّاء وبالفاء مهموزاً وَغير مَهْمُوز، وَقد تدخل عَلَيْهِ الللام فَيُقَال: اليرفاء، وَهُوَ حَاجِب من حجاب عمر.
قَوْله: ( فاستب) ، لم يكن هَذَا السب من قبيل الْقَذْف وَلَا من نوع الْمُحرمَات، وَلَعَلَّ عليا ذكر تخلف عَبَّاس عَن الْهِجْرَة وَنَحْو ذَلِك.
قَوْله: ( اتئدوا) ، أَي: لَا تستعجلوا، وَهِي من التؤدة وَهِي التأني والمهلة.
قَوْله: ( أنْشدكُمْ) ، بِضَم الشين.
قَوْله: ( لَا نورث) ، بِفَتْح الرَّاء، وَالْمعْنَى على الْكسر أَيْضا صَحِيح، وَيُرِيد بِهِ الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، وعورض بقوله: { وَورث سُلَيْمَان دَاوُد} ( النَّمْل: 16) .
وَقَوله فِي زَكَرِيَّا: { يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب} ( مَرْيَم: 6) .
وَأجِيب: بِأَن المُرَاد إِرْث الْعلم والنبوة، وَلَو كَانَ المُرَاد المَال كَانَ زَكَرِيَّا، عَلَيْهِ السَّلَام، أَحَق بِالْمِيرَاثِ من آل يَعْقُوب.
قَوْله: ( قد قَالَ) ذَلِك، أَي: قَوْله: لَا نورث.
قَوْله: ( احتازها) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة من الاحتياز وَهُوَ الْجمع.
قَوْله: ( وَلَا استأثرها) ، من الاستئثار، وَهُوَ الاستبداد والاستقلال.
قَوْله: ( وَأَنْتُم) ، جمع ( وتذكران) مثنى فَلَا مُطَابقَة بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، لَكِن هُوَ على مَذْهَب من قَالَ: أقل الْجمع اثْنَان، أَو يكون لفظ: ( حِينَئِذٍ) ، خَبره ( وتذكران) ابْتِدَاء كَلَام الْكرْمَانِي: ويروى: ( أَنْتُمَا) .
قَوْله: ( فجئتني) ، قَالَ أَولا جئتما، ثمَّ قَالَ بِالْإِفْرَادِ لِأَنَّهُ لعلهما جاآ بالِاتِّفَاقِ أَولا ثمَّ جَاءَ عَبَّاس وَحده.
قَوْله: ( وبدا لي) أَي: ظهر لي.
قَوْله: ( قَالَ: فَحدثت) ، أَي: قَالَ الزُّهْرِيّ.
قَوْله: ( فغلبه عَلَيْهَا) ، أَي: بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا وَتَحْصِيل غلاتها لَا بتخصيص الْحَاصِل بِنَفسِهِ.
قَوْله: ( يتداولانها) أَي: عَليّ بن حُسَيْن وَحسن بن حسن مكبران ابْن عَليّ، وكل مِنْهُمَا ابْن عمر الآخر يتناوبان فِي تصرفهما، وَزيد بن الْحسن بن عَليّ أَخُو الْحسن الْمَذْكُور.
[ قــ
:3839 ... غــ
:4033 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ أخبَرَنا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبَرَنِي مالِكُ بنُ أوْسِ بنِ الحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ دعَاهُ إذْ جاءَهُ حاجِبُهُ يَرْفا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ والزُّبَيْرِ وسَعْدٍ يَسْتأذِنُونَ فَقَالَ نَعَمْ فأدْخِلْهُمْ فلَبِثَ قَلِيلاً ثُمَّ جاءَ فقَالَ هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ وعَلِيٍّ يَسْتَأذِنَانِ قَالَ نَعَمْ فلَمَّا دَخَلاَ قَالَ عَبَّاسٌ يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وبَيْنَ هاذَا وهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِي الَّذِي أفَاءَ الله علَى رسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ مَالِ بَنِي النَّضِيرِ فاسْتَبَّ علِيٌّ وعَبَّاسٌ فَقَالَ الرَّهْطُ يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بيْنَهُمَا وأرِحْ أحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ فَقَالَ عُمَرُ إتِّئِدُوا أنْشُدُكُمْ بِاللَّه الَّذِي بإذْنِهِ تَقُومُ السَّماءُ والأرْضُ هَلْ تَعْلَمونَ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ نُورِثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ قالُوا قدْ قَالَ ذالِكَ فأقْبَلَ عُمَرُ علَى عَبَّاسٍ وعَلِي فَقَالَ أنْشُدُكُمَا بِاللَّه هَلْ تَعْلَمَانِ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدْ قالَ ذَلِكَ قالاَ نَعَمْ قَالَ فإنِّي أُحَدِّثُكُمْ عنْ هَذَا الأمْرِ إنَّ الله سُبْحَانَهُ كانَ خَصَّ رسُولَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أحَدَاً غيْرَهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ { ومَا أفَاءَ الله علَى رسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أوْجَفْتُمْ علَيْهِ مِنْ خَيْلٍ ولاَ رِكَابٍ} ( الْحَشْر: 6) .
إِلَى قَوْلِهِ: { قَدِيرٌ} ( الْحَشْر: 6) .
فَكَانَتْ هاذِهِ خالِصَةً لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ وَالله مَا احْتَازَها دُونَكُمْ ولاَ اسْتَأثَرَهَا عَلَيْكُمْ لَقَدْ أعْطَاكُمُوها وقَسَمَها فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ هاذَا المَالُ مِنْهَا فَكانَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُنْفِقُ علَى أهْلِهِ نَفَقَته سَنَتِهِمْ مِنْ هاذَا المالِ ثُمَّ يأخُذُ مَا بَقِيَ فيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مالِ الله فعَمِلِ ذالِكَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَياتَهُ ثُمَّ تُوُفِيَّ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ أبُو بَكْرٍ فأنَا وليُّ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقَبَضَهُ أبُو بَكْرٍ فعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنْتُمْ حِينَئِذَ فأقْبَلَ علَى عَلِيٍّ وعَبَّاسٍ.
وَقَالَ تَذْكُرَانِ أنَّ أبَا بَكْرٍ فيهِ كَما تَقُولانِ وَالله يَعْلَمُ إنَّهُ فيهِ لَصَادِقٌ بارٌّ رَاشِدٌ تابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ تَوَفَّى الله أبَا بَكْرٍ فقُلْتُ أنَا وَلِيُّ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بَكْرٍ فقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ من إمَارَتي أعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأبُو بَكْرٍ وَالله يَعْلَمُ أنِّي فِيهِ صادِقٌ بارٌّ رَاشِدٌ تابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ جِئْتُمَانِي كِلاَكُمَا وكَلِمَتُكُمَا واحِدَةٌ وأمْرُكُمَا جَمِيعٌ فَجِئْتَنِي يَعْنِي عَبَّاسَاً فَقُلْتُ لَكُمَا إنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ نُورِثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ فلَمَّا بَدَا لِي أنْ أدْفَعَهُ إلَيْكُمَا.
.
قُلْتُ إنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إلَيْكُمَا عَلَى أنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ الله ومِيثَاقَهُ لَتَعْمَلانِّ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فيهِ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأبُو بَكْرٍ ومَا عَمِلْتُ فِيهِ مُذْ وَلِيتُ وإلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِي فقُلْتُمَا ادْفَعْهُ إلَيْنَا بِذَلِكَ فدَفَعْتُهُ إلَيْكُمَا أفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضاءً غَيْرَ ذالِكَ فوَالله الَّذِي بإذْنِهِ تَقُومُ السَّماءُ والأرْضُ لاَ أقْضِي فِيهِ بِقَضاءِ غَيْرِ ذالِكَ حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فإنَّ عَجزْتُمَا عنْهُ فادْفَعَا إلَيَّ فأنَا أكْفِيكُمَاهُ.
قالَ فَحَدَّثْتُ هَذَا الحَدِيثَ عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ فقالَ صَدَقَ مالِكُ بنُ أوْسٍ أنَا سَمِعْتُ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَقُولُ أرْسَلَ أزْوَاجَ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُثْمَانَ إلَى أبِي بَكْرٍ يَسْألْنَهُ ثمُنَهُنَّ مِمَّا أفَاءَ الله علَى رسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكُنْتُ أنَا أرُدُّهُنَّ فَقُلْتُ لَهُنَّ ألاَ تتَّقِينَ الله ألَمْ تَعْلَمْنَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَقُولُ لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقةٌ يُرِيدُ بِذالِكَ نَفْسَهُ إنَّمَا يأكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هاذَا المَالِ فانْتَهاى إلَى أزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَا أخْبَرْتُهُنَّ قَالَ فكانَتْ هاذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ مَنَعَهَا عَلِيٌّ عَبَّاساً فغَلَبَهُ علَيْهَا ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حسَنِ بنِ عَليٍّ ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ ابنِ علِيِّ بن حُسَيْنٍ وحَسنِ بنِ حَسَنَ كِلاَهُمَا كَانَا يتَدَاوَلانِهَا ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بنِ حَسَنٍ وهْيَ صدَقَةُ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَقَّاً.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وهما يختصمان فِي الَّذِي أَفَاء الله على رَسُوله من بني النَّضِير) .
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع.
وَهَذَا الْإِسْنَاد قد تكَرر ذكره.
والْحَدِيث مر فِي الْخمس فِي: بابُُ فرض الْخمس فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْحَاق بن مُحَمَّد الْفَروِي عَن مَالك بن أنس عَن ابْن شهَاب عَن مَالك بن أَوْس مطولا إِلَى قَوْله: ( فَإِنِّي أكفيكما) .
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
قَوْله: ( يرفأ) بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الرَّاء وبالفاء مهموزاً وَغير مَهْمُوز، وَقد تدخل عَلَيْهِ الللام فَيُقَال: اليرفاء، وَهُوَ حَاجِب من حجاب عمر.
قَوْله: ( فاستب) ، لم يكن هَذَا السب من قبيل الْقَذْف وَلَا من نوع الْمُحرمَات، وَلَعَلَّ عليا ذكر تخلف عَبَّاس عَن الْهِجْرَة وَنَحْو ذَلِك.
قَوْله: ( اتئدوا) ، أَي: لَا تستعجلوا، وَهِي من التؤدة وَهِي التأني والمهلة.
قَوْله: ( أنْشدكُمْ) ، بِضَم الشين.
قَوْله: ( لَا نورث) ، بِفَتْح الرَّاء، وَالْمعْنَى على الْكسر أَيْضا صَحِيح، وَيُرِيد بِهِ الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، وعورض بقوله: { وَورث سُلَيْمَان دَاوُد} ( النَّمْل: 16) .
وَقَوله فِي زَكَرِيَّا: { يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب} ( مَرْيَم: 6) .
وَأجِيب: بِأَن المُرَاد إِرْث الْعلم والنبوة، وَلَو كَانَ المُرَاد المَال كَانَ زَكَرِيَّا، عَلَيْهِ السَّلَام، أَحَق بِالْمِيرَاثِ من آل يَعْقُوب.
قَوْله: ( قد قَالَ) ذَلِك، أَي: قَوْله: لَا نورث.
قَوْله: ( احتازها) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة من الاحتياز وَهُوَ الْجمع.
قَوْله: ( وَلَا استأثرها) ، من الاستئثار، وَهُوَ الاستبداد والاستقلال.
قَوْله: ( وَأَنْتُم) ، جمع ( وتذكران) مثنى فَلَا مُطَابقَة بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، لَكِن هُوَ على مَذْهَب من قَالَ: أقل الْجمع اثْنَان، أَو يكون لفظ: ( حِينَئِذٍ) ، خَبره ( وتذكران) ابْتِدَاء كَلَام الْكرْمَانِي: ويروى: ( أَنْتُمَا) .
قَوْله: ( فجئتني) ، قَالَ أَولا جئتما، ثمَّ قَالَ بِالْإِفْرَادِ لِأَنَّهُ لعلهما جاآ بالِاتِّفَاقِ أَولا ثمَّ جَاءَ عَبَّاس وَحده.
قَوْله: ( وبدا لي) أَي: ظهر لي.
قَوْله: ( قَالَ: فَحدثت) ، أَي: قَالَ الزُّهْرِيّ.
قَوْله: ( فغلبه عَلَيْهَا) ، أَي: بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا وَتَحْصِيل غلاتها لَا بتخصيص الْحَاصِل بِنَفسِهِ.
قَوْله: ( يتداولانها) أَي: عَليّ بن حُسَيْن وَحسن بن حسن مكبران ابْن عَليّ، وكل مِنْهُمَا ابْن عمر الآخر يتناوبان فِي تصرفهما، وَزيد بن الْحسن بن عَليّ أَخُو الْحسن الْمَذْكُور.