هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3841 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ عَمْرٌو : سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا ، قَالَ : قُلْ ، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ : إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً ، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ ، قَالَ : وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ ، قَالَ : إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ ، فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - وحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ أَوْ : فَقُلْتُ لَهُ : فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ ؟ فَقَالَ : أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - فَقَالَ : نَعَمِ ، ارْهَنُونِي ، قَالُوا : أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ ؟ قَالَ : ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ ، قَالُوا : كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ العَرَبِ ، قَالَ : فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ ، قَالُوا : كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا ، فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ ، فَيُقَالُ : رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ ، هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا ، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ - قَالَ سُفْيَانُ : يَعْنِي السِّلاَحَ - فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ ، فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ ، وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الحِصْنِ ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ : أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ ؟ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو ، قَالَتْ : أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ ، قَالَ : إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ ، قَالَ : وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ - قِيلَ لِسُفْيَانَ : سَمَّاهُمْ عَمْرٌو ؟ قَالَ : سَمَّى بَعْضَهُمْ - قَالَ عَمْرٌو : جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ ، وَقَالَ : غَيْرُ عَمْرٍو : أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ ، وَالحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ ، قَالَ عَمْرٌو : جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ ، فَقَالَ : إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ ، فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ ، وَقَالَ مَرَّةً : ثُمَّ أُشِمُّكُمْ ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ ، فَقَالَ : مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ رِيحًا ، أَيْ أَطْيَبَ ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو : قَالَ : عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ العَرَبِ وَأَكْمَلُ العَرَبِ ، قَالَ عَمْرٌو : فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَتَأْذَنُ لِي ؟ قَالَ : نعَمْ ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ ، قَالَ : دُونَكُمْ ، فَقَتَلُوهُ ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  وحدثنا عمرو غير مرة فلم يذكر وسقا أو وسقين أو : فقلت له : فيه وسقا أو وسقين ؟ فقال : أرى فيه وسقا أو وسقين فقال : نعم ، ارهنوني ، قالوا : أي شيء تريد ؟ قال : ارهنوني نساءكم ، قالوا : كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ، قال : فارهنوني أبناءكم ، قالوا : كيف نرهنك أبناءنا ، فيسب أحدهم ، فيقال : رهن بوسق أو وسقين ، هذا عار علينا ، ولكنا نرهنك اللأمة قال سفيان : يعني السلاح فواعده أن يأتيه ، فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة ، وهو أخو كعب من الرضاعة ، فدعاهم إلى الحصن ، فنزل إليهم ، فقالت له امرأته : أين تخرج هذه الساعة ؟ فقال إنما هو محمد بن مسلمة ، وأخي أبو نائلة ، وقال غير عمرو ، قالت : أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم ، قال : إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب ، قال : ويدخل محمد بن مسلمة معه رجلين قيل لسفيان : سماهم عمرو ؟ قال : سمى بعضهم قال عمرو : جاء معه برجلين ، وقال : غير عمرو : أبو عبس بن جبر ، والحارث بن أوس ، وعباد بن بشر ، قال عمرو : جاء معه برجلين ، فقال : إذا ما جاء فإني قائل بشعره فأشمه ، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه ، فدونكم فاضربوه ، وقال مرة : ثم أشمكم ، فنزل إليهم متوشحا وهو ينفح منه ريح الطيب ، فقال : ما رأيت كاليوم ريحا ، أي أطيب ، وقال غير عمرو : قال : عندي أعطر نساء العرب وأكمل العرب ، قال عمرو : فقال أتأذن لي أن أشم رأسك ؟ قال : نعم ، فشمه ثم أشم أصحابه ، ثم قال : أتأذن لي ؟ قال : نعم ، فلما استمكن منه ، قال : دونكم ، فقتلوه ، ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Jabir bin `Abdullah:

Allah's Messenger (ﷺ) said, Who is willing to kill Ka`b bin Al-Ashraf who has hurt Allah and His Apostle? Thereupon Muhammad bin Maslama got up saying, O Allah's Messenger (ﷺ)! Would you like that I kill him? The Prophet (ﷺ) said, Yes, Muhammad bin Maslama said, Then allow me to say a (false) thing (i.e. to deceive Ka`b). The Prophet (ﷺ) said, You may say it. Then Muhammad bin Maslama went to Ka`b and said, That man (i.e. Muhammad demands Sadaqa (i.e. Zakat) from us, and he has troubled us, and I have come to borrow something from you. On that, Ka`b said, By Allah, you will get tired of him! Muhammad bin Maslama said, Now as we have followed him, we do not want to leave him unless and until we see how his end is going to be. Now we want you to lend us a camel load or two of food. (Some difference between narrators about a camel load or two.) Ka`b said, Yes, (I will lend you), but you should mortgage something to me. Muhammad bin Mas-lama and his companion said, What do you want? Ka`b replied, Mortgage your women to me. They said, How can we mortgage our women to you and you are the most handsome of the 'Arabs? Ka`b said, Then mortgage your sons to me. They said, How can we mortgage our sons to you? Later they would be abused by the people's saying that so-and-so has been mortgaged for a camel load of food. That would cause us great disgrace, but we will mortgage our arms to you. Muhammad bin Maslama and his companion promised Ka`b that Muhammad would return to him. He came to Ka`b at night along with Ka`b's foster brother, Abu Na'ila. Ka`b invited them to come into his fort, and then he went down to them. His wife asked him, Where are you going at this time? Ka`b replied, None but Muhammad bin Maslama and my (foster) brother Abu Na'ila have come. His wife said, I hear a voice as if dropping blood is from him, Ka`b said. They are none but my brother Muhammad bin Maslama and my foster brother Abu Naila. A generous man should respond to a call at night even if invited to be killed. Muhammad bin Maslama went with two men. (Some narrators mention the men as 'Abu bin Jabr. Al Harith bin Aus and `Abbad bin Bishr). So Muhammad bin Maslama went in together with two men, and sail to them, When Ka`b comes, I will touch his hair and smell it, and when you see that I have got hold of his head, strip him. I will let you smell his head. Ka`b bin Al-Ashraf came down to them wrapped in his clothes, and diffusing perfume. Muhammad bin Maslama said. have never smelt a better scent than this. Ka`b replied. I have got the best 'Arab women who know how to use the high class of perfume. Muhammad bin Maslama requested Ka`b Will you allow me to smell your head? Ka`b said, Yes. Muhammad smelt it and made his companions smell it as well. Then he requested Ka`b again, Will you let me (smell your head)? Ka`b said, Yes. When Muhammad got a strong hold of him, he said (to his companions), Get at him! So they killed him and went to the Prophet (ﷺ) and informed him. (Abu Rafi`) was killed after Ka`b bin Al-Ashraf.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4037] .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَمْرٌو هُوَ بن دِينَارٍ كَذَا هُنَا وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ فِي الْجِهَادِ وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو .

     قَوْلُهُ  مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ أَيْ مَنِ الَّذِي يَنْتَدِبُ إِلَى قَتْلِهِ .

     قَوْلُهُ  آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْإِكْلِيلِ فَقَدْ آذَانَا بِشِعْرِهِ وَقَوَّى الْمُشْرِكِينَ وَأَخْرَجَ بن عَائِذٍ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ قَدِمَ عَلَى مُشْرِكِي قُرَيْشٍ فَحَالَفَهُمْ عِنْدَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ يَهْجُو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيُحَرِّضُ قُريْشًاعَلَيْهِمْ وَأَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَى قُرَيْشٍ قَالُوا لَهُ أَدِينُنَا أَهْدَى أَمْ دَيْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ دِينُكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَنَا بِابْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدِ اسْتَعْلَنَ بِعَدَاوَتِنَا وَوَجَدْتُ فِي فَوَائِدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاق الخرساني مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ إِلَيْهِ لِقَتْلِ كَعْبٍ سَبَبًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ صَنَعَ طَعَامًا وَوَاطَأَ جَمَاعَةً مِنَ الْيَهُودِ أَنَّهُ يَدْعُو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَإِذَا حَضَرَ فَتَكُوا بِهِ ثُمَّ دَعَاهُ فَجَاءَ وَمَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَأَعْلَمَهُ جِبْرِيلُ بِمَا أَضْمَرُوهُ بَعْدَ أَنْ جَالَسَهُ فَقَامَ فَسَتَرَهُ جِبْرِيلُ بِجَنَاحِهِ فَخَرَجَ فَلَمَّا فَقَدُوهُ تَفَرَّقُوا فَقَالَ حِينَئِذٍ مَنْ يَنْتَدِبُ لِقَتْلِ كَعْبٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِتَعَدُّدِ الْأَسْبَابِ .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ فِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ خَالِي .

     قَوْلُهُ  قَالَ نَعَمْ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ فَقَالَ أَنْت لَهُ وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ قَالَ فَافْعَلْ إِنْ قَدَرْتَ عَلَى ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ فَسَكَتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَقَرَّ صَامِتٌ وَمِثْلُهُ عِنْدَ سَمُّويَةَ فِي فَوَائِدِهِ فَإِنْ ثَبَتَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَكَتَ أَوَّلًا ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَلَا تَعْجَلْ حَتَّى تُشَاوِرَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ قَالَ فَشَاوَرَهُ فَقَالَ لَهُ تَوَجَّهْ إِلَيْهِ وَاشْكُ إِلَيْهِ الْحَاجَةَ وَسَلْهُ أَنْ يُسَلِّفَكُمْ طَعَامًا .

     قَوْلُهُ  فائذن لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا قَالَ قُلْ كَأَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ أَنْ يَفْتَعِلَ شَيْئًا يَحْتَالُ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَقد ظهر من سِيَاق بن سَعْدٍ لِلْقِصَّةِ أَنَّهُمُ اسْتَأْذَنُوا أَنْ يَشْكُوا مِنْهُ وَيَعِيبُوا رَأْيَهُ وَلَفْظُهُ فَقَالَ لَهُ كَانَ قُدُومُ هَذَا الرَّجُلِ عَلَيْنَا مِنَ الْبَلَاءِ حَارَبَتْنَا الْعَرَبُ ورمتنا عَن قَوس وَاحِدَة وَعند بن إِسْحَاق بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَى مَعَهُمْ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ ثُمَّ وَجَّهَهُمْ فَقَالَ انْطَلِقُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ وَنَحْنُ لَا نَجِدُ مَا نَأْكُلُ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالُوا يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ نَبِيَّنَا أَرَادَ مِنَّا الصَّدَقَةَ وَلَيْسَ لَنَا مَالٌ نَصْدُقُهُ .

     قَوْلُهُ  قَدْ عَنَّانَا بِالْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْأُولَى مِنَ الْعَنَاءِ وَهُوَ التَّعَبُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَأَيْضًا أَيْ وَزِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَالنُّونِ مِنَ الْمَلَالِ وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ كَعْبًا قَالَ لِأَبِي نَائِلَةَ أَخْبِرْنِي مَا فِي نَفْسِكَ مَا الَّذِي تُرِيدُونَ فِي أَمْرِهِ قَالَ خِذْلَانَهُ وَالتَّخَلِّي عَنْهُ قَالَ سَرَرْتَنِي .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسَلِّفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ قَائِلُ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ وَأُحِبُّ أَنْ تُسَلِّفَنَا طَعَامًا قَالَ أَيْنَ طَعَامُكُمْ قَالُوا أَنْفَقْنَاهُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ قَالَ أَلَمْ يَأْنِ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الَّذِي خَاطَبَ كَعْبًا بِذَلِكَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَالَّذِي عِنْد بن إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي أَنَّهُ أَبُو نَائِلَةَ وَأَوْمَأَ الدِّمْيَاطِيُّ إِلَى تَرْجِيحِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَا نَائِلَةَ أَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَمُحَمَّدَ بْنَ مسلمة بن أُخْتِهِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فِي الْكُلِّ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ قَالُوا وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَائْذَنْ لَنَا أَنْ نُصِيبَ مِنْكَ فَيَطْمَئِنَّ إِلَيْنَا قَالَ قُولُوا مَا شِئْتُمْ وَعِنْدَهُ أَمَّا مَالِي فَلَيْسَ عِنْدِي الْيَوْم وَلَكِن عِنْدِي التَّمْر وَذكر بن عَائِذٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ بَعَثَ مُحَمَّدًا بن أَخِيهِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ .

     قَوْلُهُ  ارْهَنُونِي أَيِ ادْفَعُوا لِي شَيْئًا يَكُونُ رَهْنًا عَلَى التَّمْرِ الَّذِي تُرِيدُونَهُ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ لَعَلَّهُمْ قَالُوا لَهُ ذَلِكَ تَهَكُّمًا وَإِنْ كَانَ هُوَ فِي نَفْسِهِ كَانَ جَمِيلًا زَادَ بن سَعْدٍ مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَلَا نَأْمَنُكَ وَأَيُّ امْرَأَةٍ تَمْتَنِعُ مِنْكَ لِجَمَالِكَ وَفِي الْمُرْسَلِ الْآخَرِ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ وَأَنْتَ رَجُلٌ حُسَّانٌ تُعْجِبُ النِّسَاءَ وَحُسَّانٌ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ السِّينِالْمُهْمَلَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَلَكِنْ نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي السِّلَاحَ كَذَا قَالَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ اللَّأْمَةُ الدِّرْعُ فَعَلَى هَذَا إِطْلَاقُ السِّلَاحِ عَلَيْهَا مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ سِلَاحَنَا مَعَ عِلْمِكَ بِحَاجَتِنَا إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ لِئَلَّا يُنْكِرَ مَجِيئَهُمْ إِلَيْهِ بِالسِّلَاحِ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ بِنُونٍ وَبَعْدَ الْأَلِفِ تَحْتَانِيَّةٌ وَاسْمُهُ سِلْكَانُ بْنُ سَلَامَةَ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ يَعْنِي كَانَ أَبُو نَائِلَةَ أَخَا كَعْبٍ وَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ نَدِيمَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَانَ يَرْكَنُ إِلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ أَيْضًا كَانَ أَخَاهُ زَادَ الْحُمَيْدِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَكَانُوا أَرْبَعَةً سَمَّى عَمْرٌو مِنْهُمُ اثْنَيْنِ.

.

قُلْتُ وَسَتَأْتِي تسميتهم قَرِيبا وَعند الخرساني فِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَلَمَّا كَانَ فِي الْقَائِلَةِ أَتَوْهُ وَمَعَهُمُ السِّلَاحُ فَقَالُوا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ سَامِعًا دَعَوْتَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  غَيْرُ عَمْرٍو قَالَتْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ .

     .

     وَقَالَتْ  
مَكَانَكَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى حُمْرَةَ الدَّمِ مَعَ الصَّوْتِ وَبَيَّنَ الْحُمَيْدِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّ الْغَيْرَ الَّذِي أَبْهَمَهُ سُفْيَانُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ هُوَ الْعَبْسِيُّ وَأَنَّهُ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ عَن عِكْرِمَة مُرْسلا وَعند بن إِسْحَاقَ فَهَتَفَ بِهِ أَبُو نَائِلَةَ وَكَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَوَثَبَ فِي مِلْحَفَتِهِ فَأَخَذَتِ امْرَأَتُهُ بِنَاحِيَتِهَا .

     .

     وَقَالَتْ  
لَهُ أَنْتَ امْرُؤٌ مُحَارِبٌ لَا تَنْزِلُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ فَقَالَ إِنَّهُ أَبُو نَائِلَةَ لَوْ وَجَدَنِي نَائِمًا مَا أَيْقَظَنِي فَقَالَتْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مِنْ صَوْتِهِ الشَّرَّ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ فَقَالَتْ أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ لَا تَنْزِلَ إِلَيْهِمْ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَعُ صَوْتًا يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَيَدْخُلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو قَالَ سَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ عَمْرٌو جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ.

     وَقَالَ  غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ.

.

قُلْتُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ فَأَتَاهُ وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَالْحَارِثُ بْنُ مُعَاذٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَذَا أَدْرَجَهُ وَرِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ مُفَصَّلَةٌ وَنُسِبَ الْحَارِثُ بْنُ مُعَاذٍ إِلَى جَدِّهِ وَوَقَعَتْ تَسْمِيَتُهُمْ كَذَلِكَ فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَعَلَى هَذَا فَكَانُوا خَمْسَةً وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ مِنْ قَصِيدَةٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَشَدَّ بِسَيْفِهِ صَلْتًا عَلَيْهِ فَقَطَّعَهُ أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرِ وَكَانَ اللَّهُ سَادِسَنَا فَأُبْنَا بِأَنْعَمِ نِعْمَةٍ وَأَعَزِّ نَصْرِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ كَانَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَأَبُو عَتِيكَ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُمَا وَكَذَا فِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَمَعَهُ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مَرَّةً ثَلَاثَةً وَفِي الْأُخْرَى خَمْسَةً .

     قَوْلُهُ  فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعْرِهِ فَأَشُمُّهُ وَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مَرَّةً فَأُشِمُّكُمْ أَيْ أُمَكِّنُكُمْ مِنَ الشَّمِّ وَهُوَ يَنْفَحُ بِالْفَاءِ وَالْمُهْمَلَةِ .

     قَوْلُهُ  رِيحُ الطِّيبِ فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ وَكَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَدْنِ مِنِّي رَأْسَكَ أَشُمُّهُ وَأَمْسَحُ بِهِ عَيْنَيَّ وَوَجْهِي .

     قَوْلُهُ  عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ وَعِنْدَ الْأَصِيلِيِّ وَأَجْمَلُ بِالْجِيمِ بَدَلَ الْكَافِ وَهِيَ أَشْبَهُ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالَ هَذَا عِطْرُ أُمِّ فُلَانٍ يَعْنِي امْرَأَتَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ وَكَانَ كَعْبٌ يَدَّهِنُ بِالْمِسْكِ الْمُفَتَّتِ وَالْعَنْبَرِ حَتَّى يَتَلَبَّدَ فِي صُدْغَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَعِنْدِي أَعْطَرُ سَيِّدِ الْعَرَبِ وَكَأَنَّ سَيِّدَ تَصْحِيفٌ مِنْ نِسَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً فَالْمَعْنَى أَعْطَرُنِسَاءِ سَيِّدِ الْعَرَبِ عَلَى الْحَذْفِ .

     قَوْلُهُ  دُونَكُمْ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَتَلَهُ وَأَصَابَ ذُبَابُ السَّيْفِ الْحَارِثَ بْنَ أَوْسٍ وَأَقْبَلُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِجُرُفِ بُعَاثٍ تَخَلَّفَ الْحَارِثُ وَنَزَفَ فَلَمَّا افْتَقَدَهُ أَصْحَابُهُ رَجَعُوا فَاحْتَمَلُوهُ ثُمَّ أَقْبَلُوا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَلَ عَلَى جُرْحِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ فَلَمْ يُؤْذِهِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَبَزَقَ فِيهَا ثُمَّ أَلْصَقَهَا فَالْتَحَمَتْ وَفِي رِوَايَةِ بن الْكَلْبِيِّ فَضَرَبُوهُ حَتَّى بَرَدَ وَصَاحَ عِنْدَ أَوَّلِ ضَرْبَةٍ وَاجْتَمَعَتِ الْيَهُودُ فَأَخَذُوا عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففاتوهم وَفِي رِوَايَة بن سَعْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَمَّا أَخَذَ بِقُرُونِ شَعْرِهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ اقْتُلُوا عَدُوَّ اللَّهِ فَضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ فَالْتَفَّتْ عَلَيْهِ فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا قَالَ مُحَمَّدٌ فَذَكَرْتُ مِعْوَلًا كَانَ فِي سَيْفِي فَوَضَعْتُهُ فِي سُرَّتِهِ ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ فَغَطَطْتُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَانَتِهِ فَصَاحَ وَصَاحَتِ امْرَأَتُهُ يَا آلَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ مَرَّتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَأَخْبَرُوهُ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ فَأَخْبَرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَفِي رِوَايَةِ بن سَعْدٍ فَلَمَّا بَلَغُوا بَقِيعَ الْغَرْقَدِ كَبَّرُوا وَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ يُصَلِّي فَلَمَّا سَمِعَ تَكْبِيرَهُمْ كَبَّرَ وَعَرَفَ أَنْ قَدْ قَتَلُوهُ ثُمَّ انْتَهَوْا إِلَيْهِ فَقَالَ أَفْلَحَتِ الْوُجُوهُ فَقَالُوا وَوَجْهُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَمُوا رَأْسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى قَتْلِهِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَأَصْبَحَتْ يَهُودُ مَذْعُورِينَ فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا قتل سيدنَا غيلَة فَذكرهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَنِيعَهُ وَمَا كَانَ يُحَرِّضُ عَلَيْهِ وَيُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ زَاد بن سَعْدٍ فَخَافُوا فَلَمْ يَنْطِقُوا قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي قِصَّةِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ قَتْلُ الْمَعَاهَدِ إِذَا سَبَّ الشَّارِعَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ فِي الْجِهَادِ يُعْطِي أَنَّ كَعْبًا كَانَ مُحَارِبًا حَيْثُ تَرْجَمَ لِهَذَا الْحَدِيثِ الْفَتْكُ بِأَهْلِ الْحَرْبِ وَتَرْجَمَ لَهُ أَيْضًا الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَفِيهِ جَوَازُ قَتْلِ الْمُشْرِكِ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَةُ الْعَامَّةُ قَدْ بَلَغَتْهُ وَفِيهِ جَوَازُ الْكَلَامِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْحَرْبِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ قَائِلُهُ إِلَى حَقِيقَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى قُوَّةِ فِطْنَةِ امْرَأَته الْمَذْكُورَة وَصِحَّة حَدِيثهَا وَبَلَاغَتِهَا فِي إِطْلَاقِهَا أَنَّ الصَّوْتَ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّم( .

     قَوْلُهُ  قَتْلِ أَبِي رَافِعٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ)
وَيُقَالُ سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ كَانَ بِخَيْبَرَ وَالْحُقَيْقُ بِمُهْمَلَةٍ وَقَافٍ مُصَغَّرٌ وَالَّذِي سَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ مِنْ حَدِيثِهِ مُطَوَّلًا وَأَوَّلُهُ أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ لِيَقْتُلُوهُ وَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَأَبُو قَتَادَةَ وَحَلِيفٌ لَهُمْ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَنَّهُمْ قَدِمُوا خَيْبَرَ لَيْلًا فَذَكَرَ الحَدِيث.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ هُوَ سَلَّامُ أَيْ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ قَالَ لَمَّا قَتَلَتِ الْأَوْسُ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ اسْتَأْذَنَتِ الْخَزْرَجُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِ سَلَّامِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَهُوَ بِخَيْبَرَ فَأَذِنَ لَهُمْ قَالَ فَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ أَنَّ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَانَا يَتَصَاوَلَانِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ لَا تَصْنَعُ الْأَوْسُ شَيْئًا إِلَّا قَالَتِ الْخَزْرَجُ وَاللَّهِ لَا تَذْهَبُونَ بِهَذِهِ فَضْلًا عَلَيْنَا وَكَذَلِكَ الْأَوْسُ فَلَمَّا أَصَابَتِ الْأَوْسُ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ تَذَاكَرَتِ الْخَزْرَجُ مَنْ رَجُلٌ لَهُ مِنَ الْعَدَاوَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانَ لِكَعْبٍ فَذكرُوا بن أَبِي الْحُقَيْقِ وَهُوَ بِخَيْبَرَ .

     قَوْلُهُ  وَيُقَالُ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ وَهُوَ قَوْلٌ وَقَعَ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ الْمَوْصُولِ فِي الْبَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِصْنُهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ خَيْبَرَ فِي طَرَفِ أَرْضِ الْحِجَازِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَطَرَقُوا أَبَا رَافِعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ بِخَيْبَرَ فَقَتَلُوهُ فِي بَيْتِهِ وَلِأَبِي رَافِعٍ الْمَذْكُورِ أَخَوَانِ مَشْهُورَانِ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ أَحَدُهُمَا كِنَانَةُ وَكَانَ زَوْجَ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخُوهُ الرَّبِيعُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ وَقَتَلَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الزُّهْرِيُّ هُوَ بَعْدَ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَصَلَهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الزُّهْرِيّ وَقد ذكرت من عِنْد بن إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ بِزِيَادَةٍ فِيهِ قَالَ بن سَعْدٍ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَقِيلَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَقِيلَ فِيهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقِيلَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ ثُمَّ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ قِصَّتَهُ مِنْ رِوَايَةِ ثَلَاثَةٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الْأُولَى رِوَايَةُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا إِلَى أَبِي رَافِعٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا وَهُوَ نَائِمٌ فَقَتَلَهُ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَولُهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ)
أَيِ الْيَهُودِيّ قَالَ بن إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ كَانَ عَرَبِيًّا مِنْ بَنِي نَبْهَانَ وهم بطن من طئ وَكَانَ أَبُوهُ أَصَابَ دَمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَحَالَفَ بَنِي النَّضِيرِ فَشَرُفَ فِيهِمْ وَتَزَوَّجَ عَقِيلَةَ بِنْتَ أَبِي الْحَقِيقِ فَوَلَدَتْ لَهُ كَعْبًا وَكَانَ طَوِيلًا جَسِيمًا ذَا بَطْنٍ وَهَامَةٍ وَهَجَا الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَنزل على بن وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ وَالِدِ الْمُطَّلِبِ فَهَجَاهُ حَسَّانُ وَهَجَا امْرَأَتَهُ عَاتِكَةَ بِنْتَ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ فَطَرَدَتْهُ فَرَجَعَ كَعْبٌ إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَشَبَّبَ بِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى آذَاهُمْ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بن مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ كَانَ شَاعِرًا وَكَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفَّارَ قُرَيْشٌ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَأَهْلُهَا أَخْلَاطٌ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِصْلَاحَهُمْ وَكَانَ الْيَهُودُ وَالْمُشْرِكُونَ يُؤْذُونَ الْمُسْلِمِينَ أَشَدَّ الْأَذَى فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِينَ بِالصَّبْرِ فَلَمَّا أَبَى كَعْبٌ أَنْ يَنْزِعَ عَنْ أَذَاهُ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ أَنْ يَبْعَثَ رهطا ليقتلوه وَذكر بن سَعْدٍ أَنَّ قَتْلَهُ كَانَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنَ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ

[ قــ :3841 ... غــ :4037] .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَمْرٌو هُوَ بن دِينَارٍ كَذَا هُنَا وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ فِي الْجِهَادِ وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو .

     قَوْلُهُ  مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ أَيْ مَنِ الَّذِي يَنْتَدِبُ إِلَى قَتْلِهِ .

     قَوْلُهُ  آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْإِكْلِيلِ فَقَدْ آذَانَا بِشِعْرِهِ وَقَوَّى الْمُشْرِكِينَ وَأَخْرَجَ بن عَائِذٍ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ قَدِمَ عَلَى مُشْرِكِي قُرَيْشٍ فَحَالَفَهُمْ عِنْدَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ يَهْجُو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيُحَرِّضُ قُريْشًا عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَى قُرَيْشٍ قَالُوا لَهُ أَدِينُنَا أَهْدَى أَمْ دَيْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ دِينُكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَنَا بِابْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدِ اسْتَعْلَنَ بِعَدَاوَتِنَا وَوَجَدْتُ فِي فَوَائِدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاق الخرساني مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ إِلَيْهِ لِقَتْلِ كَعْبٍ سَبَبًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ صَنَعَ طَعَامًا وَوَاطَأَ جَمَاعَةً مِنَ الْيَهُودِ أَنَّهُ يَدْعُو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَإِذَا حَضَرَ فَتَكُوا بِهِ ثُمَّ دَعَاهُ فَجَاءَ وَمَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَأَعْلَمَهُ جِبْرِيلُ بِمَا أَضْمَرُوهُ بَعْدَ أَنْ جَالَسَهُ فَقَامَ فَسَتَرَهُ جِبْرِيلُ بِجَنَاحِهِ فَخَرَجَ فَلَمَّا فَقَدُوهُ تَفَرَّقُوا فَقَالَ حِينَئِذٍ مَنْ يَنْتَدِبُ لِقَتْلِ كَعْبٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِتَعَدُّدِ الْأَسْبَابِ .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ فِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ خَالِي .

     قَوْلُهُ  قَالَ نَعَمْ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ فَقَالَ أَنْت لَهُ وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ قَالَ فَافْعَلْ إِنْ قَدَرْتَ عَلَى ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ فَسَكَتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَقَرَّ صَامِتٌ وَمِثْلُهُ عِنْدَ سَمُّويَةَ فِي فَوَائِدِهِ فَإِنْ ثَبَتَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَكَتَ أَوَّلًا ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَلَا تَعْجَلْ حَتَّى تُشَاوِرَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ قَالَ فَشَاوَرَهُ فَقَالَ لَهُ تَوَجَّهْ إِلَيْهِ وَاشْكُ إِلَيْهِ الْحَاجَةَ وَسَلْهُ أَنْ يُسَلِّفَكُمْ طَعَامًا .

     قَوْلُهُ  فائذن لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا قَالَ قُلْ كَأَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ أَنْ يَفْتَعِلَ شَيْئًا يَحْتَالُ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَقد ظهر من سِيَاق بن سَعْدٍ لِلْقِصَّةِ أَنَّهُمُ اسْتَأْذَنُوا أَنْ يَشْكُوا مِنْهُ وَيَعِيبُوا رَأْيَهُ وَلَفْظُهُ فَقَالَ لَهُ كَانَ قُدُومُ هَذَا الرَّجُلِ عَلَيْنَا مِنَ الْبَلَاءِ حَارَبَتْنَا الْعَرَبُ ورمتنا عَن قَوس وَاحِدَة وَعند بن إِسْحَاق بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَى مَعَهُمْ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ ثُمَّ وَجَّهَهُمْ فَقَالَ انْطَلِقُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ وَنَحْنُ لَا نَجِدُ مَا نَأْكُلُ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالُوا يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ نَبِيَّنَا أَرَادَ مِنَّا الصَّدَقَةَ وَلَيْسَ لَنَا مَالٌ نَصْدُقُهُ .

     قَوْلُهُ  قَدْ عَنَّانَا بِالْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْأُولَى مِنَ الْعَنَاءِ وَهُوَ التَّعَبُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَأَيْضًا أَيْ وَزِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَالنُّونِ مِنَ الْمَلَالِ وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ كَعْبًا قَالَ لِأَبِي نَائِلَةَ أَخْبِرْنِي مَا فِي نَفْسِكَ مَا الَّذِي تُرِيدُونَ فِي أَمْرِهِ قَالَ خِذْلَانَهُ وَالتَّخَلِّي عَنْهُ قَالَ سَرَرْتَنِي .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسَلِّفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ قَائِلُ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ وَأُحِبُّ أَنْ تُسَلِّفَنَا طَعَامًا قَالَ أَيْنَ طَعَامُكُمْ قَالُوا أَنْفَقْنَاهُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ قَالَ أَلَمْ يَأْنِ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الَّذِي خَاطَبَ كَعْبًا بِذَلِكَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَالَّذِي عِنْد بن إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي أَنَّهُ أَبُو نَائِلَةَ وَأَوْمَأَ الدِّمْيَاطِيُّ إِلَى تَرْجِيحِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَا نَائِلَةَ أَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَمُحَمَّدَ بْنَ مسلمة بن أُخْتِهِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فِي الْكُلِّ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ قَالُوا وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَائْذَنْ لَنَا أَنْ نُصِيبَ مِنْكَ فَيَطْمَئِنَّ إِلَيْنَا قَالَ قُولُوا مَا شِئْتُمْ وَعِنْدَهُ أَمَّا مَالِي فَلَيْسَ عِنْدِي الْيَوْم وَلَكِن عِنْدِي التَّمْر وَذكر بن عَائِذٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ بَعَثَ مُحَمَّدًا بن أَخِيهِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ .

     قَوْلُهُ  ارْهَنُونِي أَيِ ادْفَعُوا لِي شَيْئًا يَكُونُ رَهْنًا عَلَى التَّمْرِ الَّذِي تُرِيدُونَهُ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ لَعَلَّهُمْ قَالُوا لَهُ ذَلِكَ تَهَكُّمًا وَإِنْ كَانَ هُوَ فِي نَفْسِهِ كَانَ جَمِيلًا زَادَ بن سَعْدٍ مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَلَا نَأْمَنُكَ وَأَيُّ امْرَأَةٍ تَمْتَنِعُ مِنْكَ لِجَمَالِكَ وَفِي الْمُرْسَلِ الْآخَرِ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ وَأَنْتَ رَجُلٌ حُسَّانٌ تُعْجِبُ النِّسَاءَ وَحُسَّانٌ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَلَكِنْ نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي السِّلَاحَ كَذَا قَالَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ اللَّأْمَةُ الدِّرْعُ فَعَلَى هَذَا إِطْلَاقُ السِّلَاحِ عَلَيْهَا مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ سِلَاحَنَا مَعَ عِلْمِكَ بِحَاجَتِنَا إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ لِئَلَّا يُنْكِرَ مَجِيئَهُمْ إِلَيْهِ بِالسِّلَاحِ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ بِنُونٍ وَبَعْدَ الْأَلِفِ تَحْتَانِيَّةٌ وَاسْمُهُ سِلْكَانُ بْنُ سَلَامَةَ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ يَعْنِي كَانَ أَبُو نَائِلَةَ أَخَا كَعْبٍ وَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ نَدِيمَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَانَ يَرْكَنُ إِلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ أَيْضًا كَانَ أَخَاهُ زَادَ الْحُمَيْدِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَكَانُوا أَرْبَعَةً سَمَّى عَمْرٌو مِنْهُمُ اثْنَيْنِ.

.

قُلْتُ وَسَتَأْتِي تسميتهم قَرِيبا وَعند الخرساني فِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَلَمَّا كَانَ فِي الْقَائِلَةِ أَتَوْهُ وَمَعَهُمُ السِّلَاحُ فَقَالُوا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ سَامِعًا دَعَوْتَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  غَيْرُ عَمْرٍو قَالَتْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ .

     .

     وَقَالَتْ  
مَكَانَكَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى حُمْرَةَ الدَّمِ مَعَ الصَّوْتِ وَبَيَّنَ الْحُمَيْدِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّ الْغَيْرَ الَّذِي أَبْهَمَهُ سُفْيَانُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ هُوَ الْعَبْسِيُّ وَأَنَّهُ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ عَن عِكْرِمَة مُرْسلا وَعند بن إِسْحَاقَ فَهَتَفَ بِهِ أَبُو نَائِلَةَ وَكَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَوَثَبَ فِي مِلْحَفَتِهِ فَأَخَذَتِ امْرَأَتُهُ بِنَاحِيَتِهَا .

     .

     وَقَالَتْ  
لَهُ أَنْتَ امْرُؤٌ مُحَارِبٌ لَا تَنْزِلُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ فَقَالَ إِنَّهُ أَبُو نَائِلَةَ لَوْ وَجَدَنِي نَائِمًا مَا أَيْقَظَنِي فَقَالَتْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مِنْ صَوْتِهِ الشَّرَّ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ فَقَالَتْ أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ لَا تَنْزِلَ إِلَيْهِمْ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَعُ صَوْتًا يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَيَدْخُلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو قَالَ سَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ عَمْرٌو جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ.

     وَقَالَ  غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ.

.

قُلْتُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ فَأَتَاهُ وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَالْحَارِثُ بْنُ مُعَاذٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَذَا أَدْرَجَهُ وَرِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ مُفَصَّلَةٌ وَنُسِبَ الْحَارِثُ بْنُ مُعَاذٍ إِلَى جَدِّهِ وَوَقَعَتْ تَسْمِيَتُهُمْ كَذَلِكَ فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَعَلَى هَذَا فَكَانُوا خَمْسَةً وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ مِنْ قَصِيدَةٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَشَدَّ بِسَيْفِهِ صَلْتًا عَلَيْهِ فَقَطَّعَهُ أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرِ وَكَانَ اللَّهُ سَادِسَنَا فَأُبْنَا بِأَنْعَمِ نِعْمَةٍ وَأَعَزِّ نَصْرِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ كَانَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَأَبُو عَتِيكَ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُمَا وَكَذَا فِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَمَعَهُ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مَرَّةً ثَلَاثَةً وَفِي الْأُخْرَى خَمْسَةً .

     قَوْلُهُ  فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعْرِهِ فَأَشُمُّهُ وَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مَرَّةً فَأُشِمُّكُمْ أَيْ أُمَكِّنُكُمْ مِنَ الشَّمِّ وَهُوَ يَنْفَحُ بِالْفَاءِ وَالْمُهْمَلَةِ .

     قَوْلُهُ  رِيحُ الطِّيبِ فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ وَكَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَدْنِ مِنِّي رَأْسَكَ أَشُمُّهُ وَأَمْسَحُ بِهِ عَيْنَيَّ وَوَجْهِي .

     قَوْلُهُ  عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ وَعِنْدَ الْأَصِيلِيِّ وَأَجْمَلُ بِالْجِيمِ بَدَلَ الْكَافِ وَهِيَ أَشْبَهُ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالَ هَذَا عِطْرُ أُمِّ فُلَانٍ يَعْنِي امْرَأَتَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ وَكَانَ كَعْبٌ يَدَّهِنُ بِالْمِسْكِ الْمُفَتَّتِ وَالْعَنْبَرِ حَتَّى يَتَلَبَّدَ فِي صُدْغَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَعِنْدِي أَعْطَرُ سَيِّدِ الْعَرَبِ وَكَأَنَّ سَيِّدَ تَصْحِيفٌ مِنْ نِسَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً فَالْمَعْنَى أَعْطَرُ نِسَاءِ سَيِّدِ الْعَرَبِ عَلَى الْحَذْفِ .

     قَوْلُهُ  دُونَكُمْ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَتَلَهُ وَأَصَابَ ذُبَابُ السَّيْفِ الْحَارِثَ بْنَ أَوْسٍ وَأَقْبَلُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِجُرُفِ بُعَاثٍ تَخَلَّفَ الْحَارِثُ وَنَزَفَ فَلَمَّا افْتَقَدَهُ أَصْحَابُهُ رَجَعُوا فَاحْتَمَلُوهُ ثُمَّ أَقْبَلُوا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَلَ عَلَى جُرْحِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ فَلَمْ يُؤْذِهِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَبَزَقَ فِيهَا ثُمَّ أَلْصَقَهَا فَالْتَحَمَتْ وَفِي رِوَايَةِ بن الْكَلْبِيِّ فَضَرَبُوهُ حَتَّى بَرَدَ وَصَاحَ عِنْدَ أَوَّلِ ضَرْبَةٍ وَاجْتَمَعَتِ الْيَهُودُ فَأَخَذُوا عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففاتوهم وَفِي رِوَايَة بن سَعْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَمَّا أَخَذَ بِقُرُونِ شَعْرِهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ اقْتُلُوا عَدُوَّ اللَّهِ فَضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ فَالْتَفَّتْ عَلَيْهِ فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا قَالَ مُحَمَّدٌ فَذَكَرْتُ مِعْوَلًا كَانَ فِي سَيْفِي فَوَضَعْتُهُ فِي سُرَّتِهِ ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ فَغَطَطْتُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَانَتِهِ فَصَاحَ وَصَاحَتِ امْرَأَتُهُ يَا آلَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ مَرَّتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَأَخْبَرُوهُ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ فَأَخْبَرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَفِي رِوَايَةِ بن سَعْدٍ فَلَمَّا بَلَغُوا بَقِيعَ الْغَرْقَدِ كَبَّرُوا وَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ يُصَلِّي فَلَمَّا سَمِعَ تَكْبِيرَهُمْ كَبَّرَ وَعَرَفَ أَنْ قَدْ قَتَلُوهُ ثُمَّ انْتَهَوْا إِلَيْهِ فَقَالَ أَفْلَحَتِ الْوُجُوهُ فَقَالُوا وَوَجْهُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَمُوا رَأْسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى قَتْلِهِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَأَصْبَحَتْ يَهُودُ مَذْعُورِينَ فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا قتل سيدنَا غيلَة فَذكرهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَنِيعَهُ وَمَا كَانَ يُحَرِّضُ عَلَيْهِ وَيُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ زَاد بن سَعْدٍ فَخَافُوا فَلَمْ يَنْطِقُوا قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي قِصَّةِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ قَتْلُ الْمَعَاهَدِ إِذَا سَبَّ الشَّارِعَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ فِي الْجِهَادِ يُعْطِي أَنَّ كَعْبًا كَانَ مُحَارِبًا حَيْثُ تَرْجَمَ لِهَذَا الْحَدِيثِ الْفَتْكُ بِأَهْلِ الْحَرْبِ وَتَرْجَمَ لَهُ أَيْضًا الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَفِيهِ جَوَازُ قَتْلِ الْمُشْرِكِ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَةُ الْعَامَّةُ قَدْ بَلَغَتْهُ وَفِيهِ جَوَازُ الْكَلَامِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْحَرْبِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ قَائِلُهُ إِلَى حَقِيقَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى قُوَّةِ فِطْنَةِ امْرَأَته الْمَذْكُورَة وَصِحَّة حَدِيثهَا وَبَلَاغَتِهَا فِي إِطْلَاقِهَا أَنَّ الصَّوْتَ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَتْلُ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ
( باب قتل كعب بن الأشرف) اليهودي، وكان في ربيع الأول من السنة الثالثة كما عند ابن سعد وسقط لفظ باب لأبي ذر فتاليه رفع كما لا يخفى.


[ قــ :3841 ... غــ : 4037 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَائْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا قَالَ: قُلْ.
فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ قَالَ: وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمِلُّنَّهُ قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ فَقَالَ: أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ فَقَالَ: نَعَمِ.
ارْهَنُونِي قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ قَالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ؟ قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ؟ قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ؟ قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ؟ فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي السِّلاَحَ فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَجَاءَهُ لَيْلاً وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَهْوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ.

     وَقَالَ  غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَتْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لأَجَابَ قَالَ: وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ قِيلَ لِسُفْيَانَ: سَمَّاهُمْ
عَمْرٌو قَالَ: سَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ.

     وَقَالَ  غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ فَقَالَ: إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَأضْرِبُوهُ.

     وَقَالَ  مَرَّةً، ثُمَّ أُشِمُّكُمْ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهْوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا أَيْ أَطْيَبَ.

     وَقَالَ  غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَ عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ، قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشَمَّ رَأْسَكَ؟ قَالَ نَعَمْ.
فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ.
قَالَ: دُونَكُمْ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال عمرو) بفتح العين ابن دينار وفي نسخة قال: سمعت عمرًا يقول: ( سمعت جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- يقول: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( مَن لكعب بن الأشرف) من يستعدّ وينتدب لقتله ( فإنه قد آذى الله ورسوله) بهجائه له وللمسلمين ويحرض قريشًا عليهم كما عند ابن عائذ من طريق أبي الأسود عن عروة، وفي الإكليل للحاكم من طريق محمد بن محمود بن محمد بن مسلمة عن جابر فقد آذانا بشعره وقوى المشركين ( فقام محمد بن مسلمة) بفتح الميم واللام ابن سلمة الأنصاري أخو بني عبد الأشهل ( فقال: يا رسول الله أتحب أن أقتله) ؟ استفهام استخباري ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( نعم) أحب ذلك ( قال) : يا رسول الله ( فأذن لي أن أقول شيئًا) مما يسير كعبًا ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( قل) .

وعند ابن عبد البر فرجع محمد بن مسلمة فمكث أيامًا مشغول النفس بما وعد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من قتل ابن الأشرف فأتى أبا نائلة سلكان بن سلامة بن وقش، وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة وعباد بن بشر بن وقش والحارث بن أوس بن معاذ وأبا عبس بن جبر فأخبرهم بما وعد به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من قتل ابن الأشرف فأجابوه إلى ذلك فقالوا: كلنا قتله، ثم أتوا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالوا: يا رسول الله إنه لا بدّ لنا أن نقول.
قال: "قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل".

( فأتاه) أي أتى كعبًا ( محمد بن مسلمة فقال) له: يا كعب ( إن هذا الرجل) يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قد سألناه صدقة) مفعول ثان لسأل زاد الواقدي ونحن لا نجد ما نأكل ( وإنه قد عنّانا) بفتح العين وتشديد النون الأولى أتعبنا وكلفنا المشقّة ( وإني قد أتيتك أستسلفك قال) كعب: ( وأيضًا) أي زيادة على ما ذكرت ( والله لتملنه) بفتح الفوقية والميم وضم اللام وفتح النون المشددتين أي لتزيدن ملالتكم وضجركم ( قال) محمد بن مسلمة: ( إنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه) أي نتركه ( حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه) أي حاله ( وقد أردنا أن تسلفنا وسقًا أو وسقين) بفتح الواو وكسرها والوسق كما في القاموس وغيره حمل بعير وهو ستون صاعًا والصاع أربعة أمداد كل مد رطل
وثلث، والشك من الراوي عليّ بن المديني كما قاله ابن حجر أو سفيان كما قاله الكرماني.

( وحدّثنا عمرو) هو ابن دينار ( غير مرة فلم يذكر وسقًا أو وسقين فقلت له فيه) في الحديث ( وسقًا أو وسقين) بنصبهما على الحكاية ولأبوي ذر والوقت وسق أو وسقان ( فقال) : أي عمرو ( أرى) بضم الهمزة أي أظن ( فيه) في الحديث ( وسقًا أو وسقين فقال) كعب: ( نعم ارهنوني) بهمزة وصل وفتح الهاء كاللاحقين وفي الفرع الأولى بهمزة قطع وكسر الهاء أي أعطوني رهنًا على التمر الذي تريدونه ( فقالوا أي شيء تريد) أن نرهنك ( قال: ارهنوني) بألف الوصل وفتح الهاء في الفرع كأصله ( نساءكم.
قالوا: كيف نرهنك نساءنا)
بفتح حرف المضارعة لأن ماضيه رهن ثلاثي قيل وفيه لغة أرهن ( وأنت أجمل العرب) والنساء يملن إلى الصور الجميلة.
زاد ابن سعد من مرسل عكرمة ولا نأمنك وأي امرأة تمتنع منك لجمالك ( قال: فارهنوني أبناءكم.
قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسب)
بضم التحتية وفتح المهملة ( أحدهم) بالرفع مفعولاً نائبًا عن فاعله ( فيقال رهن) بضم الراء وكسر الهاء ( بوسق أو وسقين هذا عار علينا ولكنا نرهنك اللأمة) بالهمزة وإبدالها ألفًا.

( قال سفيان) بن عيينة: ( يعني) باللأمة ( السلاح) والذي قاله أهل اللغة أنها الدرع فيكون إطلاق السلاح عليها من إطلاق اسم الكل على البعض ومراده أن لا ينكر كعب السلاح عليهم إذا أتوه وهو معهم كما في رواية الواقدي ( فواعده أن يأتيه فجاءه) محمد بن مسلمة ( ليلاً ومعه أبو نائلة) بنون وبعد الألف همزة سلكان بن سلامة ( وهو أخو كعب من الرضاعة) ونديمه في الجاهلية ( فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فنزل إلينا.

وعند ابن إسحاق وأبي عمر أن محمد بن مسلمة والأربعة المذكورين قدموا إلى كعب قبل أن يأتوا أبا نائلة سلكان فلما أتاه قال له: ويحك يا ابن الأشرف إنني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني.
قال: افعل.
قال: كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء من البلاء عادتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة وقطعت عنا السبل حتى جاع العيال وجهدت الأنفس وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا، فقال كعب: أنا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرك يا ابن أم سلامة أن الأمر سيصير إلى ما أقول.
فقال سلكان: إني قد أردت أن تبيعنا طعامًا ونرهنك ونوثق لك.
قال: أترهنوني أبناءكم ونساءكم؟ قال: لقد أردت أن تفضحنا أنت أجمل العرب وكيف نرهنك نساءنا أم كيف نرهنك أبناءنا فيعير أحدهم فيقال: رهن بوسق أو وسقين إن معي أصحابًا على مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم وتحسن في ذلك ونرهنك من الحلقة ما فيه وفاء.
فقال: إن في الحلقة لوفاء فرجع أبو نائلة إلى أصحابه وأخبرهم الخبر وأمرهم أن يأخذوا السلاح ويأتوا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ففعلوا واجتمعوا عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فمشى معهم إلى بقيع الفرقد ثم وجههم وقال: انطلقوا على اسم الله.
وقال: اللهم أعِنهم ورجع عنهم وكانت ليلة مقمرة حتى انتهوا إلى حصنه فهتف به أبو نائلة اهـ.

ففيه أن الذي خاطب كعبًا بذلك أولاً هو أبو نائلة وهو الذي هتف به وهو مخالف لرواية
الصحيح من أنه محمد بن مسلمة فيحتمل كما في الفتح أن يكون كل منهما كلّمه في ذلك.
وقال في المصابيح: إنه محمد بن مسلمة وكلامه مع كعب كان أولاً عند المفاوضة في حديث الاستسلاف وركونه لرضيعه أبي نائلة إنما هو ثاني الحال عند نزوله إليهم من الحصن.

( فقالت امرأته) : لم يقف الحافظ ابن حجر على اسمها ( أين تخرج هذه الساعة؟ فقال: إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة و) قال سفيان ( قال: غير عمرو) بفتح العين ابن دينار وبين الحميدي في روايته عن سفيان أن الغير الذي أبهمه هنا هو العبسي ( قالت) : أي امرأة كعب له ( أسمع صوتًا كأنه يقطر منه الدم) كناية عن طالب شر، وعند ابن إسحاق فقالت: والله إني لأعرف في صوته الشر.
( قال) كعب: ( إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة إن الكريم لو) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: إذا ( دعي إلى طعنة بليل لأجاب.
قال: ويدخل)
بضم التحتية وكسر المعجمة ( محمد بن مسلمة معه رجلين) ولأبي ذر: ويدخل بفتح التحتية وضم المعجمة معه محمد بن مسلمة برجلين بزيادة الموحدة ( قيل لسفيان سماهم عمرو) أي ابن دينار ( قال: سمى بعضهم قال عمرو: جاء معه برجلين، وقال غير عمرو: أبو عبس بن جبر) بفتح العين المهملة وبعد الموحدة الساكنة مهملة واسمه عبد الرحمن وجبر بفتح الجيم وسكون الموحدة ضد الكسر الأنصاري الأشهلي ( والحارث بن أوس) واسم جده معاذ ( وعباد بن بشر) بفتح العين وتشديد الموحدة وبشر بموحدة مكسورة ومعجمة ساكنة ابن وقش السابق ذكرهم ( قال عمرو: جاء معه برجلين فقال) لهم ( إذا ما جاء) كعب ( فإني قائل بشعره) أي آخذ به والعرب تطلق القول على غير الكلام مجازًا ولأبي ذر عن الكشميهني فإني مائل بشعره ( فأشمه) بفتح الشين المعجمة ( فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم) فخذوه بأسيافكم ( فاضربوه، وقال) عمرو ( مرة ثم أشمكم) بضم الهمزة وكسر الشين أي أمكنكم من الشم ( فنزل إليهم) كعب من حصنه ( حال كونه متوشحًا) بثوبه ( وهو ينفح) بفتح الفاء في اليونينية وغيرها وبالحاء المهملة آخره يفوح ( منه ريح الطيب، فقال) محمد بن مسلمة لكعب: ( ما رأيت كاليوم ريحًا أي أطيب) وكان حديث عهد بعرس ( وقال غير عمرو، قال) كعب: ( عندي أعطر نساء العرب) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أعطر سيد العرب.
قال في الفتح: فكأن سيد تصحيف من نساء فإن كانت محفوظة فالمعنى أعطر نساء سيد العرب على الحذف.
وعند الواقدي أن كعبًا كان يدهن بالمسك الفتيت والعنبر حتى يتلبد في صدغيه ( وأكمل العرب) وعند الأصيلي كما في الفتح وأجمل بالجيم بدل الكاف قال: وهي أشبه ( قال عمرو) : في روايته ( فقال) محمد بن مسلمة لكعب: ( أتأذن لي أن أشم رأسك) ؟ بفتح الهمزة والشين المعجمة ( قال: نعم فشمه ثم أشمّ أصحابه ثم قال) : له مرة ثانية ( أتأذن لي) أن أشم رأسك ( قال: نعم فلما استمكن منه) محمد بن مسلمة ( قال) : لأصحابه ( دونكم) خذوه بأسيافكم ( فقتلوه ثم أتوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبروه) بقتله.

وهذا الحديث سبق مختصرًا بهذا الإسناد في باب رهن السلاح.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ قَتْلِ كَعْبِ بنِ الأشْرَفِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان كَيْفيَّة قتل كَعْب بن الْأَشْرَف الْيَهُودِيّ الْقرظِيّ الشَّاعِر، كَانَ يهجو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْمُسْلِمين ويظاهر عَلَيْهِم الْكفَّار، وَلما أصَاب الْمُشْركين يَوْم بدر مَا أَصَابَهُم اشْتَدَّ عَلَيْهِ وَكَانَ يبكي على قَتْلَى بدر وينشد الْأَشْعَار، فَمن ذَلِك مَا حَكَاهُ الْوَاقِدِيّ.

( طحنت رحى بدر مهالك أَهله ... ولمثل بدر تستهل وتدمع)

( قتلت سراة النَّاس حول حياضهم [/ علا تبعدوا، إِن الْمُلُوك تصرّع.
)


إِلَى أَبْيَات كَثِيرَة، فَأَجَابَهُ حسان بن ثَابت:
( أبكاه كَعْب ثمَّ عل بعبرة ... مِنْهُ وعاش مجدعاً لَا يسمع)

إِلَى أَبْيَات،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: كَانَ كَعْب من بني نَبهَان وهم بطن من طيىء، وَكَانَ قَتله فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث، وَقيل: فِي ربيع الأول وَالْأول أشهر.



[ قــ :3841 ... غــ :4037 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌ وسَمِعْتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُما يَقُولُ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ لِكَعْبِ بنِ الأشْرَفِ فإنَّهُ قَدْ آذَى الله ورَسُولَهُ فقامَ مُحَمَّدُ ابنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رسُولَ الله أتُحِبُّ أنْ أقْتُلَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فأذَنْ لِي أنْ أقُولَ شَيْئاً قَالَ قُلْ فأتَاهُ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ فقالَ إنَّ هاذَا الرَّجُلَ قَدْ سألْنَاهُ صَدَقَةً وإنَّهُ قَدْ عَنانَا وإنِّي قَدْ أتَيْتُكَ أسْتَسْلِفُكَ قَالَ وَأَيْضًا وَللَّه لَتَمَلَّنَّهُ قَالَ وإنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَلاَ نُحِبُّ أنْ نَدَعَهُ حتَّى نَنْظُرَ إلَى أيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شأنُهُ وقَدْ أرَدْنَا أنْ تُسْلِفَنَا وسْقَاً أوْ وَسْقَيْنِ.
وحدَّثنا عَمْرٌ وغَيْرَ مَرَّةٍ فلَمْ يَذْكُرْ وَسْقَاً أوْ وَسْقَيْنِ فقُلْتُ لَهُ فِيهِ وسْقَاً أوْ وَسْقَيْنِ فَقَالَ أُرَى فِيهِ وَسْقَاً أوْ وَسْقَيْنِ فَقَالَ نَعَمْ ارْهَنُونِي قالُوا أيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ قَالَ ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ قالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِساءَنا وأنْتَ أجْمَلُ العرَبِ قَالَ فارْهَنُونِي أبْنَاءَكُمْ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ أبْنَاءَنَا فيُسَبُّ أحَدُهُمْ فَيُقَالُ رُهِنَ بِوَسَقٍ أوْ وَسْقَيْنِ هاذَا عارٌ عَلَيْنَا ولَكِنَّا نَرْهَنُكَ الَّلأمَةَ قالَ سُفْيَانُ يَعْنِي السِّلاَحَ فَوَاعَدَهُ أنْ يأتِيَهُ فَجاءَهُ لَيْلاً ومَعَهُ أبُو نائِلَةَ وهْوَ أخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ فدَعَاهُمْ إِلَى الحِصْنِ فنَزَلَ إلَيْهِمْ فقالَتْ لَهُ امْرَأتُهُ أيْنَ تَخْرُجُ هاذِهِ السَّاعَةَ فَقَالَ إنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ ابنُ مَسْلَمَةَ وأخِي أبُو نائِلَةَ.
وقالَ غَيْرُ عَمْرٍ وقالَتْ أسْمَعُ صَوْتاً كأنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ قَالَ إنَّمَا هُوَ أخِي مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةٍ ورَضِيعِي أبُو نائِلَةَ إنَّ الكَرِيمَ لوْ دُعِيَ إلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لأجَابَ قَالَ ويُدْخِلُ مُحَمَّدُ ابنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌ ووقالَ سَمَّى بَعْضَهُمْ قالَ عَمْرٌ وجاءَ معَهُ بِرَجُلَيْنِ.

     وَقَالَ  غَيْرُ عَمْرٍ وأبُو عَبْسِ بنُ جَبْرٍ والحَارِثُ بنُ أوْسٍ وعَبَّادُ بنُ بِشْرٍ قَالَ عَمْرٌ ووجاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ فقَالَ إذَا مَا جاءَ فإنِّي قائِلٌ بِشَعَرِهِ فأشُمُّهُ فإذَا رَأيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رأسِهِ فدُونَكُمْ فاضْرِبُوهُ.

     وَقَالَ  مَرَّةً ثُمَّ أُشِمُّكُمْ فَنَزَلَ إلَيْهِمْ مُتَوَشِّحَاً وهْوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ فَقَالَ مَا رأيْتُ كالْيَوْمِ رِيحاً أَي أطيَبَ.

     وَقَالَ  غَيْرُ عَمْرٍ.

     وَقَالَ  عِنْدِي أعْطَرُ نِساءِ العَرَبِ وأكْمَلُ العَرَبِ قَالَ عَمْرٌ وفقال أتأذَنَ لِي أنْ أشُمَّ رأسَكَ قَالَ نَعَمْ فشَمَّهُ ثُمَّ أشَمَّ أصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ أتأذَنُ لِي قَالَ نعَمْ فلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ دُونَكُمْ فقَتَلُوهُ ثُمَّ أتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخْبَرُوهُ.
.


فِيهِ كَيْفيَّة قتل كَعْب، وَهِي الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث، وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار.
والْحَدِيث مضى مُخْتَصرا بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي: بابُُ رهن السِّلَاح.

قَوْله: ( حَدثنَا سُفْيَان قَالَ عمر) وَفِي رِوَايَة قُتَيْبَة عَن سُفْيَان فِي الْجِهَاد: عَن سُفْيَان حَدثنَا عَمْرو.
قَوْله: ( من لكعب بن الْأَشْرَف) أَي: من يستعد لقَتله، وَمن الَّذِي ينتدب إِلَيْهِ.
قَوْله: ( فَإِنَّهُ قد آذَى الله وَرَسُوله) هَذِه كِنَايَة عَن مُخَالفَة الله تَعَالَى وَمُخَالفَة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( فَقَامَ مُحَمَّد بن مسلمة) بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام ابْن سَلمَة بن خَالِد بن عدي ابْن مجدعة بن حَارِثَة بن الْحَارِث بن الْخَزْرَج بن عَمْرو بن مَالك بن أَوْس حَلِيف لبني عبد الْأَشْهَل، شهد بَدْرًا والمشاهد كلهَا وَمَات بِالْمَدِينَةِ فِي صفر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين، وَقيل: سِتّ وَأَرْبَعين، وَقيل: سنة سبع وَأَرْبَعين وَهُوَ ابْن سبع وَسبعين سنة، وَصلى عَلَيْهِ مَرْوَان بن الحكم وَهُوَ كَانَ يَوْمئِذٍ أَمِير الْمَدِينَة، وَكَانَ من فضلاء الصَّحَابَة، واستخلفه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمَدِينَة فِي بعض غَزَوَاته، وَقيل: إِنَّه اسْتَخْلَفَهُ فِي غَزْوَة قرقرة الكدر، وَقيل: إِنَّه اسْتَخْلَفَهُ عَام تَبُوك، وَاعْتَزل الْفِتْنَة وَاتخذ سَيْفا من خشب وَجعله فِي سفن، وَذكر أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أمره بذلك وَلم يشْهد الْجمل وَلَا صفّين، وَأقَام بالربذة.
قَوْله: ( أَتُحِبُّ؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار.
قَوْله: ( فَأذن لي أَن أَقُول شَيْئا) يَعْنِي مِمَّا يسر كَعْبًا.
قَوْله: ( قَالَ: قل) أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لمُحَمد بن مسلمة: قل، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن إِسْحَاق: فَقَالَ: يَا رَسُول الله! لَا بُد لنا أَن نقُول، فَقَالَ: قُولُوا مَا بدا لكم، فَأنْتم فِي حل من ذَلِك.
قَوْله: ( فَأَتَاهُ) أَي: أَتَى كَعْبًا مُحَمَّد بن مسلمة.
قَوْله: ( إِن هَذَا الرجل) يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( قد سَأَلنَا) بِفَتْح الْهمزَة وَاللَّام فعل وفاعل ومفعول، وَصدقَة بِالنّصب مفعول ثَان، وَفِي رِوَايَة الْوَاقِدِيّ: سَأَلنَا الصَّدَقَة وَنحن لَا نجد مَا نَأْكُل.
قَوْله: ( وَإنَّهُ) أَي: وَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( قد عنَّانا) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد النُّون أَي: أتعبنا وكلفنا الْمَشَقَّة..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: عني بِالْكَسْرِ يَعْنِي عناء أَي تَعب وَنصب، وعنيته أَنا تعنية وتعنيته أَنا فتعنى.
قَوْله: ( قَالَ: وَأَيْضًا) أَي: قَالَ كَعْب وَزِيَادَة على ذَلِك.
قَوْله: ( لتملنه) بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد اللَّام وَالنُّون من الملالة، وَمَعْنَاهُ: ليزيدن ملالتكم وضجركم عَنهُ، وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: قَالَ: كَانَ قدوم هَذَا الرجل علينا بلَاء من الْبلَاء، عادتنا الْعَرَب ورمتنا عَن قَوس وَاحِدَة وَقطعت عَنَّا السبل حَتَّى جَاع الْعِيَال وجهدت الْأَنْفس وأصبحنا قد جهدنا وَجهد عيالنا، فَقَالَ كَعْب بن الْأَشْرَف: أما وَالله لقد أَخْبَرتكُم أَن الْأَمر سيصير إِلَى هَذَا.
قَوْله: ( أَن ندعه) أَي: نتركه.
قَوْله: ( شَأْنه) ، أَي: حَاله وَأمره.
قَوْله: ( وسق) الوسق وقر بعير وَهُوَ سِتُّونَ صَاعا بِصَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( أَو وسقين) شكّ من الرَّاوِي، وَفِي رِوَايَة عُرْوَة: وَأحب أَن تسلفنا طَعَاما، قَالَ: أَيْن طَعَامكُمْ؟ قَالَ: أنفقناه على هَذَا الرجل وَأَصْحَابه، قَالَ: ألم يَأن لكم أَن تعرفوا مَا أَنْتُم عَلَيْهِ من الْبَاطِل؟
قَوْله: ( وَحدثنَا عَمْرو غير مرّة) ، قيل: قَائِل هَذَا عَليّ بن الْمَدِينِيّ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أَي قَالَ سُفْيَان: حَدثنَا عَمْرو غير مرّة أَي مرَارًا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر.
قَوْله: ( أرى فِيهِ) أَي: أَظن فِي الحَدِيث.
قَوْله: ( أرهنوني) أَي: إدفعوا إِلَيّ شَيْئا يكون رهنا على التَّمْر الَّذِي تريدونه.
قَوْله: ( وَأَنت أجمل الْعَرَب) أَي: صُورَة، وَالنِّسَاء يملن إِلَى الصُّور الحسان، وَفِي رِوَايَة ابْن سعد من مُرْسل عِكْرِمَة: ولأنا مِنْك، وَأي امْرَأَة تمنع مِنْك لجمالك،.

     وَقَالَ  بَعضهم: قَالُوا ذَلِك تهكماً.
قلت: مُرْسل عِكْرِمَة يرد هَذَا، قَوْله: ( فيسب أحدهم) بِضَم الْيَاء على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( اللامة) بتَشْديد اللَّام، وَقد فَسرهَا سُفْيَان بِأَنَّهَا السِّلَاح،.

     وَقَالَ  غَيره من أهل اللُّغَة: اللامة الدرْع، فعلى هَذَا إِطْلَاق السِّلَاح عَلَيْهَا من إِطْلَاق اسْم الْكل على الْبَعْض، وَفِي مُرْسل عِكْرِمَة.
وَلَكنَّا نرهنك سِلَاحنَا مَعَ علمك بحاجتنا إِلَيْهِ، قَالَ: نعم.
قَوْله: ( فَجَاءَهُ لَيْلًا) ، أَي: فجَاء مُحَمَّد بن مسلمة كَعْبًا فِي اللَّيْل، وَالْحَال أَن مَعَه أَبُو نائلة، بنُون وَبعد الْألف يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة، وَقيل: بِالْهَمْزَةِ بعد الْألف، واسْمه: سلكان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام: ابْن سَلامَة ابْن وقش بن رَغْبَة بن زعور بن عبد الْأَشْهَل الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي، وَيُقَال: سلكان لقب واسْمه: سعد، شهد أحدا وَكَانَ من الرُّمَاة الْمَذْكُورين من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ شَاعِرًا: قَوْله: ( وَكَانَ أَخَاهُ من الرضَاعَة) أَي: كَانَ أَبُو نائلة أَخا كَعْب من الرضَاعَة، وَذكر الْوَاقِدِيّ أَن مُحَمَّد بن مسلمة أَيْضا كَانَ أَخَاهُ من الرضَاعَة، وَزَاد الْحميدِي فِي رِوَايَته، وَكَانُوا أَرْبَعَة، سمى عَمْرو مِنْهُم اثْنَيْنِ، والاثنان الْآخرَانِ: عباد بن بشر والْحَارث بن أَوْس..
     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: فَاجْتمع فِي قَتله: مُحَمَّد بن مسلمة، وسلكان بن سَلامَة بن وقش وَهُوَ أَبُو نائلة الأشْهَلِي، وَعباد بن بشر بن وقش الأشْهَلِي، وَأَبُو عبس بن جبر أَخُو بني حَارِثَة، والْحَارث بن أَوْس، فَهَؤُلَاءِ خَمْسَة.

قَوْله: (.

     وَقَالَ  غير عَمْرو)
، أَي: قَالَ سُفْيَان: قَالَ غير عَمْرو بن دِينَار الْمَذْكُور، وَبَين الْحميدِي فِي رِوَايَته عَن سُفْيَان أَن الْغَيْر الَّذِي أبهمه سُفْيَان فِي هَذِه الْقِصَّة هُوَ الْعَبْسِي.
قَوْله: وَأَنه حَدثهُ بذلك عَن عِكْرِمَة مُرْسلا: ( كَأَنَّهُ يقطر مِنْهُ الدَّم) كِنَايَة عَن صَوت طَالب شَرّ وخراب،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: لما انْتهى هَؤُلَاءِ إِلَى حصن كَعْب هتف بِهِ أَبُو نائلة، وَكَانَ حَدِيث عهد بعرس، فَوَثَبَ فِي ملحفة لَهُ فَأخذت امْرَأَته بناحيتها.

     وَقَالَ ت: إِلَى أَيْن فِي مثل هَذِه السَّاعَة؟ فَقَالَ: إِنَّه أَبُو نائلة، لَو وجدني نَائِما أيقظني.
فَقَالَت: وَالله إِنِّي لأعرف فِي صَوته الشَّرّ، فَقَالَ لَهَا كَعْب: لَو دعِي الْفَتى إِلَى طعنة لأجاب، ثمَّ نزل.
قَوْله: ( فَقَالَ: إِذا مَا جَاءَ) أَي: فَقَالَ مُحَمَّد بن مسلمة: إِذا مَا جَاءَ كَعْب.
قَوْله: ( فَإِنِّي قَائِل بِشعرِهِ) أَي: فَإِنِّي جاذب بِشعرِهِ، وَقد اسْتعْملت الْعَرَب لفظ: القَوْل، فِي مَوضِع غَيره من الْمعَانِي وأطلقوه على غير الْكَلَام وَاللِّسَان، فَيَقُول: قَالَ بِيَدِهِ، أَي: أَخذ،.

     وَقَالَ  بِرجلِهِ أَي: مَشى،.

     وَقَالَ  بِالْمَاءِ على يَده أَي: قلب،.

     وَقَالَ  بِثَوْبِهِ أَي: رَفعه، وكل ذَلِك على الْمجَاز والاتساع.
قَوْله: ( ثمَّ أشمكم) بِضَم الْهمزَة من الإشمام أَي: أمكنكم من الشم.
قَوْله: ( متوشحاً) نصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: نزل، أَي: متلبساً بِثَوْبِهِ وسلاحه.
قَوْله: ( وَهُوَ ينفح مِنْهُ ريح الطّيب) جملَة حَالية، و: ينفح، بِالْحَاء الْمُهْملَة مَعْنَاهُ: يفوح، وريح الطّيب بِالرَّفْع فَاعل: ينفح.
قَوْله: ( مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ ريحًا) أَي: مَا رَأَيْت ريحًا أطيب فِي يَوْم مثل هَذَا الْيَوْم.
قَوْله: ( قَالَ غير عَمْرو) أَي: قَالَ سُفْيَان: قَالَ غير عَمْرو بن دِينَار ( عِنْدِي أعطر نسَاء الْعَرَب) وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: عِنْد أعطر سيد الْعَرَب، وَكَانَ لفظ سيد تصحيفاً من نسَاء، فَإِن كَانَت مَحْفُوظَة فَالْمَعْنى أعطر نسَاء سيد الْعَرَب على الْحَذف، أَو المُرَاد شخص أَو مصاحب أعطر من سيدهم.
قَوْله: ( وأكمل الْعَرَب) وَفِي رِوَايَة الإصيلي: أجمل، بِالْجِيم بدل الْكَاف وَهَذَا أشبه.
قَوْله: ( دونكم) أَي: خذوه بأسيافكم.
قَوْله: ( فَقَتَلُوهُ) وَفِي رِوَايَة عُرْوَة: وضربه مُحَمَّد بن مسلمة فَقتله وَأصَاب ذُبابُُ السَّيْف الْحَارِث بن أَوْس وَأَقْبلُوا حَتَّى إِذا كَانُوا بجرف بُعَاث تخلف الْحَارِث ونزف، فَلَمَّا افتقده أَصْحَابه رجعُوا فاحتملوه ثمَّ أَقبلُوا سرَاعًا حَتَّى دخلُوا الْمَدِينَة.
وَفِي رِوَايَة الْوَاقِدِيّ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تفل على جرح الْحَارِث بن أَوْس فَلم يؤذه، وَفِي رِوَايَة ابْن الْكَلْبِيّ: فضربوه حَتَّى برد، وَصَاح عِنْد أول ضَرْبَة وَاجْتمعت الْيَهُود، فَأخذُوا على غير طَرِيق أَصْحَاب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ففاتوهم.
وَفِي مُرْسل عِكْرِمَة: فَأَصْبَحت الْيَهُود مذعورين فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: قتل سيدنَا غيلَة، فَذكر لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَنِيعه وَمَا كَانَ يحرض عَلَيْهِ ويؤذي الْمُسلمين..
     وَقَالَ  ابْن سعد: فخافوا وَلم ينطقوا، وَذكر فِي ( كتاب شرف الْمُصْطَفى) أَن الَّذين قتلوا كَعْب بن الْأَشْرَف حملُوا رَأسه فِي مخلاة إِلَى الْمَدِينَة، فَقيل: إِنَّه أول رَأس حمل فِي الْإِسْلَام، وَقيل: أول رَأس حمل رَأس عَمْرو بن الْحمق، وَقيل: رَأس أبي عزة الجُمَحِي الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يلْدغ الْمُؤمن من جُحر مرَّتَيْنِ.