هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3845 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ : هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ الحَرْبِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3845 حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا عبد الوهاب ، حدثنا خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد : هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ibn `Abbas:

On the day of Uhud. the Prophet (ﷺ) said, This is Gabriel holding the head of his horse and equipped with war material.'

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب غَزْوَةِ أُحُدٍ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 121] وَقَولُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران: 139 - 143] وَقَوْلِهِ { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} [آل عمران: 152] تَسْتَأْصِلُونَهُمْ قَتْلاَ { بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152] وقَوْلِهِ تَعَالَى: { وَلاَ تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169] الآيَةَ.

(باب غزوة أُحُد) بضم أوله وثانيه معًا وكانت عنده الوقعة العظيمة في شوال سنة ثلاث، وسقط لأبي ذر لفظ باب فالتالي مرفوع (وقول الله تعالى) جر أو رفع ({ وإذ غدوت من أهلك} ) واذكر يا محمد إذ خرجت غدوة من أهلك بالمدينة والمراد غدوّة من حجرة عائشة -رضي الله عنها- إلى أحد ({ تُبوِّئ المؤمنين} ) تنزلهم وهو حال ({ مقاعد للقتال} ) مواطن ومواقف من الميمنة والميسرة والقلب والجناحين للقتال يتعلق بتبؤئ ({ والله سميع} ) لأقوالكم ({ عليم} ) [آل عمران: 121] .
بنياتكم وضمائركم (وقوله جل ذكره: ({ ولا تهنوا} ) ولا تضعفوا عن الجهاد لما أصابكم من الهزيمة ({ ولا تحزنوا} ) على ما فاتكم من الغنيمة أو على من قتل منكم أو جرح وهو تسلية من الله تعالى لرسوله وللمؤمنين عما أصابهم يوم أُحُد وتقوية لقلوبهم ({ وأنتم الأعلون} ) وحالكم أنكم أعلى منهم وأغلب لأنكم أصبتم منهم يوم بدر أكثر مما أصابوا منكم يوم أُحُد وأنتم الأعلون بالنصر والظفر في العاقبة وهي بشارة بالعلو والغلبة وأن جندنا لهم الغالبون ({ إن كنتم مؤمنين} ) جوابه محذوف فقيل تقديره: فلا تهنوا ولا تحزنوا، وقيل تقديره: إن كنتم مؤمنين علمتم أن هذه الوقعة لا تبقى على حالها وأن الدولة تصير للمؤمنين ({ إن يمسسكم قرح} ) بفتح القاف، والأخوان وأبو بكر بضمها بمعنى فقيل الجرح نفسه، وقيل المصدر أو المفتوح الجرح والمضموم ألمه ({ فقد مسّ القوم قرح مثله} ) للنحويين في مثل هذا تأويل وهو أن يقدروا شيئًا، مستقبلاً لأنه لا يكون التعليق إلا في المستقبل وقوله: فقد مس القوم قرح مثله ماض محقق وذلك
التأويل هو التبيين أي: فقد تبين مس القرح للقوم، وهذا خطاب للمسلمين حين انصرفوا من أُحُد مع الكآبة يقول: إن يمسسكم ما نالوا منكم يوم أُحُد فقد نلتم منهم قبله يوم بدر ثم لم يضعف ذلك قلوبهم ولم يمنعهم عن معاودتكم إلى القتال فأنتم أولى أن لا تضعفوا ({ وتلك} ) مبتدأ ({ الأيام} ) صفته والخبر ({ نداولها} ) نصرفها أو الأيام خبر لتلك ونداولها جملة حالية العامل فيها معنى اسم الإشارة أي أشير حال كونها مداولة ({ بين الناس} ) أي أن مسارّ الأيام لا تدوم وكذلك مضارّها فيوم يكون السرور لإنسان والغم لعدوّه ويوم آخر بالعكس، وليس المراد من هذه المداولة أن الله سبحانه وتعالى تارة ينصر المؤمنين وآخر ينصر الكافرين لأن نصر الله تعالى منصب شريف لا يليق بالكافر، بل المراد أنه تارة يشدد المحنة على الكافر وتارة على المؤمن فعلى المؤمن أدبًا في الدنيا وعلى الكافر غضبًا عليه ({ وليعلم الله الذين آمنوا} ) أي نداولها لضروب من التدبير وليعلم الله المؤمنين مميزين بالصبر والإيمان من غيرهم كما علمهم قبل الوجود ({ ويتخذ منكم شهداء} ) وليكرم ناسًا منكم بالشهادة يريد المستشهدين يوم أُحُد وسموا به لأنهم أحياء وحضرت أرواحهم دار السلام وأرواح غيرهم لا تشهدها أو لأن الله وملائكته شهدوا لهم بالجنة ({ والله لا يحب الظالمين} ) اعتراض بين بعض التعليل وبعض ومعناه: والله لا يحب من ليس من هؤلاء الثابتين على الإيمان المجاهدين في سبيله وهم المنافقون والكافرون ({ وليمحص الله الذين آمنوا} ) التمحيص التخليص من الشيء المعيب وقيل هو الابتلاء والاختبار قال:
رأيت فضيلاً كان شيئًا ملففًا ... فكشفه التمحيص حتى بدا ليا
({ ويمحق الكافرين} ) ويهلك الكافرين الذين حاربوه عليه الصلاة والسلام يوم أُحُد لأنه تعالى لم يمحق كل الكفار بل بقي منهم كثير على كفرهم والمعنى إن كانت الدولة على المؤمنين فللتمييز والاستشهاد والتمحيص وإن كانت على الكافرين فلمحقهم ومحو آثارهم ({ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة} ) أم منقطعة والهمزة فيها للإنكار أي لا تحسبوا ({ ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم} ) أي ولما تجاهدوا لأن العلم متعلق بالمعلوم فنزل نفي العلم منزلة نفي متعلقه لأنه منتف بانتفائه تقول ما علم الله في فلان خيرًا أي ما فيه خير حتى يعلمه ولما بمعنى لم إلا أن فيه ضربًا من التوقيع فدلّ على نفي الجهاد فيما مضى وعلى توقعه فيما يستقبل.
كذا قرره الزمخشري، وتعقبه أبو حيان فقال: هذا الذي قاله في لما أنها تدل على توقع الفعل المنفي بها فيما يستقبل لا أعلم أحدًا من النحويين ذكره، بل ذكروا أنك إذا قلت لما يخرج زيد دل ذلك على انتفاء الخروج فيما مضى متصلاً نفيه إلى وقت الإخبار أما أنها تدل على توقعه في المستقبل فلا، اهـ.

قال في الدر: النحاة إنما فرقوا بينهما من جهة أن المنفي بلم هو فعل غير مقرون بقد ولما نفي له مقرونًا بها وقد تدل على التوقع فيكون كلام الزمخشري صحيحًا من هذه الجهة.

({ ويعلم الصابرين} ) نصب بإضمار أن والواو بمعنى الجمع نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن يعني أن دخول الجنة وترك المصابرة على الجهاد لا يجتمعان ({ ولقد كنتم تمنون الموت
من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون}
) [آل عمران: 139 - 143] .
سقط لأبي ذر وابن عساكر من قوله: { وأنتم الأعلون} الخ .. وقالا إلى قوله: { وأنتم تنظرون} .

(وقوله) تعالى: ({ ولقد صدقكم الله وعده} ) حقق ({ إذ تحسونهم} ) أي تستأصلونهم قتلاً ({ بإذنه} ) بأمره وعلمه ({ حتى إذ فشلتم} ) ضعفتم وجبنتم ({ وتنازعتم في الأمر} ) أي اختلفتم حين انهزم المشركون فقال بعضهم: انهزم القوم فما مقامنا فأقبلتم على الغنيمة.
وقال آخرون: ما نتجاوز أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ({ وعصيتم} ) أمر نبيكم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بترككم المركز واشتغالكم بالغنيمة ({ من بعد ما أراكم ما تحبون} ) من الظفر وقهر الكفار { منكم من يريد الدنيا} الغنيمة وهم الذين تركوا المركز لطلب الغنيمة ({ ومنكم من يريد الآخرة} ) وهم الذين ثبتوا مع عبد الله بن جبير حتى قتلوا ({ ثم صرفكم عنهم} ) أي كف معونته عنكم فغلبوكم ({ ليبتليكم} ) ليمتحن صبركم على المصائب وثباتكم على الإيمان عندها ({ ولقد عفا عنكم} ) حيث ندمتم على ما فرط منكم من عصيان أمره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ({ والله ذو فضل على المؤمنين} ) [آل عمران: 152] .
بالعفو عنهم وقبول توبتهم وسقط لابن عساكر من قوله: { بإذنه} الخ .. وقال: في رواية أبي ذر قتلاً { بإذنه} إلى قوله: { والله ذو فضل على المؤمنين} .

(وقوله تعالى: { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا} ) الآية [آل عمران: 169] .

الذين مفعول أول وأمواتًا مفعول ثان والفاعل إما ضمير كل مخاطب أو ضمير الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسقط قوله الآية لأبي ذر وابن عساكر.


[ قــ :3845 ... غــ : 4041 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ: «هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ».

وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن موسى) الفراء الصغير قال: (أخبرنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: (حدّثنا خالد) الحذاء (عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال، قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم أُحد):
(هذا جبريل) عليه السلام (آخد برأس فرسه عليه أداة الحرب) هذا الحديث من مراسيل الصحابة -رضي الله عنهم-، ولعل ابن عباس -رضي الله عنهما- حمله عن أبي بكر -رضي الله عنه-، فقد ذكر ابن إسحاق أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في يوم بدر خفق خفقة ثم انتبه فقال: "أبشر يا أبا بكر هذا جبريل عليه السلام آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه الغبار".

وقد سبق الحديث في باب شهود الملائكة بدرًا بسنده ومتنه لكن بلفظ قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم بدر بدل قوله هنا يوم أُحُد وهو الصواب المعروف لا يوم أُحُد، ولذا سقط من رواية أبي ذر وغيره من المتقنين ولم يثبت إلا في رواية أبي الوقت والأصيلي ولعله وهم من راو أو ناسخ والله أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ غَزْوَةِ أُحُدٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان غَزْوَة أحد، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة أبي ذَر لَفْظَة: بابُُ، وَكَانَت غَزْوَة أحد فِي شَوَّال سنة ثَلَاث يَوْم السبت لإحدى عشرَة لَيْلَة خلت مِنْهُ عِنْد ابْن عَائِذ، وَعند ابْن سعد: لسبع لَيَال خلون مِنْهُ على رَأس اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ شهرا من الْهِجْرَة،.

     وَقَالَ  إِسْحَاق: لِلنِّصْفِ مِنْهُ، وَعند الْبَيْهَقِيّ عَن مَالك: كَانَت بدر لسنة وَنصف من الْهِجْرَة، وَأحد بعْدهَا بِسنة، وَفِي رِوَايَة: كَانَت على أحد وَثَلَاثِينَ شهرا، وَأحد جبل من جبال الْمَدِينَة على أثل من فَرسَخ مِنْهَا، سمي أحد لتوحده وانقطاعه عَن جبال أخر هُنَاكَ،.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: وَفِيه قبر هَارُون بن عمرَان، وَبِه قبض.
وَكَانَ هُوَ وَأَخُوهُ مُوسَى، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، مرا بِهِ حاجين أَو معتمرين، وَفِي الْآثَار المسندة: أَنه يَوْم الْقِيَامَة عِنْد بابُُ الْجنَّة من داخلها، وَفِي بَعْضهَا: أَنه ركن لبابُها، ذكره ابْن سَلام فِي ( تَفْسِيره) وَفِي ( الْمسند) من حَدِيث أبي عِيسَى بن جُبَير مَرْفُوعا: أحد جبل يحبنا ونحبه، وَكَانَ على بابُُ الْجنَّة،.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: وَيُقَال لأحد ذُو عينين، وعينان تَثْنِيَة عين، جبل بِأحد وَهُوَ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ إِبْلِيس، عَلَيْهِ اللَّعْنَة، وَيَوْم أحد،.

     وَقَالَ : إِن سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قد قتل، وَبِه أَقَامَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّمَاة يَوْم أحد.
وقَوْلِ الله عزَّ وجَلَّ { وإذْ غَدَوْتَ مِنْ أهْلِكَ تُبَوِّىءُ المُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتَالِ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ( آل عمرَان: 121) .
وقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ { وَلاَ تَهِنُوا ولاَ تَحْزَنُوا وأنْتُمُ الأعْلُونَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ولِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا ويَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَالله لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ولِيُمَحِّصَ الله الَّذِينَ آمَنُوا ويَمْحَقَ الكَافِرِينَ أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ولَمَّا يَعْلَمَ الله الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ويَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ولَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِنْ قَبْلِ أنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأيْتُمُوهُ وأنْتُمْ تَنْظُرُونَ} ( آل عمرَان: 139، 143) .
وقَوْلِهِ { ولَقَدْ صدَقَكُمُ الله وعْدَهُ إذْ تَحُسُّونَهُمْ تَسْتَأصِلُونَهُمْ قَتْلاً بإذْنِهِ حَتَّى إذَا فَشِلْتُمْ وتَنَازَعْتُمْ فِي الأمْرِ وعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا ومِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ولَقَدْ عفَا عَنْكُمْ وَالله ذُو فَضْلٍ علَى الْمُؤْمِنينَ} ( آل عمرَان: 152) .
وقَوْلِهِ تعَالَى { ولاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أمْوَاتَاً} ( 169) .
الْآيَة.

هَذِه الْآيَات كلهَا فِي سُورَة آل عمرَان، وَكلهَا تتَعَلَّق بوقعة أحد،.

     وَقَالَ  إِبْنِ إِسْحَاق: أنزل الله فِي شَأْن أحد سِتِّينَ آي من آل عمرَان، وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْمسور بن مخرمَة، قَالَ: قلت لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، أَخْبرنِي عَن قصتكم يَوْم أحد قَالَ: إقرأ الْعشْرين وَمِائَة من آل عمرَان تجدها: { وَإِذا غَدَوْت من أهلك تبوىء الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ} ( آل عمرَان: 121) .
إِلَى قَوْله: { أَمَنَة نعاساً} ( آل عمرَان: 154) .

قَوْله: ( وَقَول الله عز وَجل) ، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: غَزْوَة أحد.
قَوْله: ( وَإِذ غَدَوْت) تَقْدِيره: أذكر يَا مُحَمَّد حِين غَدَوْت، أَي حِين خرجت أول النَّهَار من حجرَة عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَاخْتلف فِي هَذَا الْيَوْم الَّذِي عَنى الله بِهِ؟ فَعِنْدَ الْجُمْهُور: المُرَاد بِهِ يَوْم أحد، قَالَه ابْن عَبَّاس وَالْحسن وَقَتَادَة وَالسُّديّ وَغير وَاحِد، وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ: المُرَاد بذلك يَوْم الْأَحْزَاب، رَوَاهُ ابْن جرير وَهُوَ غَرِيب لَا يعول عَلَيْهِ، وَقيل: يَوْم بدر، وَهُوَ أَيْضا لَا يعول عَلَيْهِ، وَكَانَت وقْعَة أحد يَوْم السبت من شَوَّال سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة،.

     وَقَالَ  قَتَادَة: لإحدى عشرَة لَيْلَة خلت من شَوَّال،.

     وَقَالَ  عِكْرِمَة: يَوْم السبت النّصْف من شَوَّال،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: وَكَانَت إِقَامَة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد قدومه من غَزْوَة الْفَرْع من نَجْرَان جُمَادَى الْآخِرَة ورجباً وَشَعْبَان وَشهر رَمَضَان، وغزوة قُرَيْش وغزوة أحد فِي شَوَّال سنة ثَلَاث،.

     وَقَالَ  البلاذري: لتسْع خلون من شَوَّال،.

     وَقَالَ  مَالك: كَانَت الْوَقْعَة أول النَّهَار وَهِي الَّتِي أنزل الله فِيهَا: { وَإِذ غَدَوْت من أهلك تبوىء الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ} ( آل عمرَان: 121) .
الْآيَات.
قَوْله: ( تبوىء الْمُؤمنِينَ) أَي: تنزلهم ( مقاعد) أَي: منَازِل، وتجعلهم ميمنة وميسرة..
     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: مقاعد أَي مَوَاطِن ومواقف، وقرىء: مقاعداً، بِالتَّنْوِينِ.
قَوْله: ( لِلْقِتَالِ) أَي: لأجل الْقِتَال مَعَ الْمُشْركين من قُرَيْش وَغَيرهم، وَكَانُوا قَرِيبا من ثَلَاثَة آلَاف ونزلوا قَرِيبا من أحد تِلْقَاء الْمَدِينَة، وَكَانَ قائدهم أَبَا سُفْيَان وَمَعَهُ زَوجته هِنْد بنت عتبَة بن ربيعَة، وَكَانَ خَالِد بن الْوَلِيد على ميمنة خيلهم، وَعِكْرِمَة بن أبي جهل على ميسرتهم،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: وَجعلُوا على الْخَيل صَفْوَان بن أُميَّة، وَقيل: عَمْرو بن الْعَاصِ، وعَلى الرُّمَاة عبد الله بن أبي ربيعَة، وَكَانُوا مائَة وَفِيهِمْ سَبْعمِائة ذِرَاع، والظعن خَمْسَة عشر،.

     وَقَالَ  ابْن هِشَام: لما خرج رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمسلمون يَوْم أحد اسْتعْمل على الْمَدِينَة ابْن أم مَكْتُوم على الصَّلَاة بِالنَّاسِ،.

     وَقَالَ  مُوسَى بن عقبَة: كَانُوا ألف رجل، فَلَمَّا نزل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأحد رَجَعَ عَنهُ عبد الله بن أبي بن سلول فِي ثَلَاثمِائَة، فَبَقيَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَبْعمِائة، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُور عِنْد أهل الْمَغَازِي قَالَ وَالْمَشْهُور عَن الزُّهْرِيّ أَنهم بقوا فِي أَرْبَعمِائَة مقَاتل وَلم يكن مَعَهم فرس وَاحِد، وَكَانَ مَعَ الْمُشْركين مائَة فرس..
     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: وَكَانَ مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرسَان: فرس لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفرس لأبي بردة، وأمَّر رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الرُّمَاة عبد الله بن جُبَير أَخا بني عَمْرو بن عَوْف، وهم خَمْسُونَ رجلا،.

     وَقَالَ : لَا يقاتلن أحد حَتَّى نأمره بِالْقِتَالِ، ثمَّ جرى مَا ذكره أهل السّير.
قَوْله: ( وَالله سميع عليم) أَي: سميع بِمَا تَقولُونَ، عليم بضمائركم.
قَوْله: ( وَقَوله جلّ ذكره) ، بِالْجَرِّ أَيْضا عطفا على: قَول الله عز وَجل، قَوْله: ( وَلَا تهنوا) أَي: لَا تضعفوا بِسَبَب مَا جرى، وَهَذَا تَسْلِيَة من الله لرَسُوله وَلِلْمُؤْمنِينَ عَمَّا أَصَابَهُم يَوْم أحد، وأصل: لَا تهنوا: توهنوا، حذفت الْوَاو طرداً للبابُ لِأَنَّهَا حذفت فِي: يهن، أَصله يوهن، لوُقُوع الْوَاو بَين الْيَاء والكسرة، والوهن الضعْف، يُقَال: وَهن يهن، بِالْكَسْرِ فِي الْمُضَارع، وَيسْتَعْمل: وَهن لَازِما ومتعدياً، قَالَ تَعَالَى: { وَهن الْعظم مني} ( مَرْيَم: 4) .
وَفِي الحَدِيث: ( وهنتهم حمى يثرب) ،.

     وَقَالَ  الْفراء: يُقَال: وهنه الله وأوهنه، زَاد غَيره: ووهنه.
قَوْله: ( وَلَا تحزنوا) أَي: على ظُهُور أعدائكم وَمَا فاتكم من الْغَنِيمَة، وَكَانَ قد قتل يَوْمئِذٍ خَمْسَة من الْمُهَاجِرين، وهم: حَمْزَة، وَمصْعَب بن عُمَيْر صَاحب راية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعبد الله بن جحش ابْن عمَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعُثْمَان بن شماس، وَسعد مولى ابْن عتبَة، وَمن الْأَنْصَار سَبْعُونَ رجلا.
قَوْله: ( وَأَنْتُم الأعلون) وَهُوَ جمع: أَعلَى، أَي: بِالْحجَّةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَلكم الْغَلَبَة فِيمَا بعد.
قَوْله: ( إِن كُنْتُم مُؤمنين) أَي: إِذا كُنْتُم، وَقيل: إِذْ دمتم، على الْإِيمَان فِي الْمُسْتَقْبل.
قَوْله: ( إِن يمسكم قرح) الْآيَة، قَالَ رَاشد بن سعد: انْصَرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْم أحد كئيباً، وَجعلت الْمَرْأَة تجىء بابُنها وأبيها وَزوجهَا مقتولين، فَقَالَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أهكذا تفعل برسولك؟ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَيُقَال: أقبل عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يَوْمئِذٍ وَفِيه نَيف وَسِتُّونَ جِرَاحَة من طعنة وضربة ورمية، فَجعل، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يمسحها بِيَدِهِ وَهِي تلتئم بِإِذن الله كَأَن لم تكن.
قَوْله: ( إِن يمسسكم) ، من الْمس وَهُوَ الْإِصَابَة، والقرح بِالْفَتْح: الْجراح، واحدتها: قرحَة، وبالضم اسْم الْجراح، وبفتح الرَّاء مصدر: قرح يقرح،.

     وَقَالَ  الْكسَائي: الْقرح، بِالْفَتْح وَالضَّم وَاحِد، أَي: الْجراح،.

     وَقَالَ  الْفراء: هُوَ بِالْفَتْح مصدر قُرْحَته فَهُوَ نفس الْجراح، وبالضم الْأَلَم،.

     وَقَالَ  أَبُو الْبَقَاء، بِضَم الْقَاف وَالرَّاء على الِاتِّبَاع، وَالْمعْنَى وَالله أعلم: لَا تحزنوا إِن أَصَابَكُم جرح يَوْم أحد، فقد أصَاب الْمُشْركين مثله يَوْم بدر، وَمَعَ هَذَا إِن قَتْلَاكُمْ فِي الْجنَّة وقتلاهم فِي النَّار.
قَوْله: ( وَتلك الْأَيَّام) ، تِلْكَ مُبْتَدأ، وَالْأَيَّام خَبره، ونداولها فِي مَوضِع الْحَال، وَالْعَامِل فِيهَا معنى الْإِشَارَة، وَيجوز أَن يكون الْأَيَّام بَدَلا أَو عطف بَيَان، ونداولها الْخَبَر، وَالْمعْنَى: لَا تهنوا فالحرب سِجَال، وَأَنا أداول الْأَيَّام بَين النَّاس، فأديل الْكَافِر من الْمُؤمن تَغْلِيظًا للمحنة والابتلاء، وَلَو كَانَت الْغَلَبَة للْمُؤْمِنين لصاروا كالمضطرين، وَيُقَال: نديل عَلَيْكُم الْأَعْدَاء تَارَة وَإِن كَانَت الْعَاقِبَة لكم لما لنا فِي ذَلِك من الحكم، وَلِهَذَا قَالَ: { وليعلم الله الَّذين آمنُوا} ( آل عمرَان: 140) .
قَالَ ابْن عَبَّاس فِي مثل هَذَا: لنرى من يصبر على مناجزة الْأَعْدَاء.
قَوْله: ( ويتخذ مِنْكُم) ، أَي: وليتخذ مِنْكُم شُهَدَاء، يَعْنِي: نكرم نَاسا مِنْكُم بِالشَّهَادَةِ، يَعْنِي المستشهدين يَوْم أحد، وليتخذ مِنْكُم من يصلح للشَّهَادَة على الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة،.

     وَقَالَ  ابْن جريج: كَانَ الْمُسلمُونَ يَقُولُونَ: رَبنَا أرنا يَوْمًا كَيَوْم بدر نلتمس فِيهِ الشَّهَادَة، فَاتخذ الله مِنْهُم شُهَدَاء يَوْم أحد.
قَوْله: ( وَالله لَا يحب الظَّالِمين) ، أَي: الْمُشْركين.
قَوْله: ( وليمحص الله الَّذين آمنُوا) ، مَعْطُوف على قَوْله: ( وليعلم الله) والتمحيص الطهير والتصفية، وَقيل: التمحيص الِابْتِلَاء والاختبار، وَالْمعْنَى: ليكفِّر الله عَن الْمُؤمنِينَ ذنوبهم إِن كَانَت لَهُم ذنُوب، وليرفع لَهُم دَرَجَات بِحَسب مَا أصيبوا بِهِ.
قَوْله: ( ويمحق الْكَافرين) ، أَي: يُهْلِكهُمْ، وَقيل: ينقصهم ويقللهم، يُقَال: محق الله الشَّيْء وامتحق وانمحق.
قَوْله: ( أم حسبتم) كلمة: أم، مُنْقَطِعَة، وَمعنى الْهمزَة فِيهَا الْإِنْكَار، وَالْمعْنَى: أحسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلم تبتلوا بِالْقِتَالِ والشدائد كَمَا دخل الَّذين قتلوا وثبتوا على ألم الْجراح؟ قَوْله: ( وَلما يعلم الله) ، كلمة: لما، بِمَعْنى: لم إلاَّ أَن فِيهِ ضربا من التوقع، فَدلَّ على نفي الْجِهَاد فِيمَا مضى، وعَلى توقعه فِيمَا يسْتَقْبل.
قَوْله: ( وَيعلم الصابرين) ، قَالَ الزّجاج: الْوَاو، هُنَا بِمَعْنى: حَتَّى، أَي: حَتَّى يعلم صبرهم.
وَقَرَأَ الْحسن بِكَسْر الْمِيم عطفا على الأول، وَمِنْهُم من قَرَأَ بِالضَّمِّ على تَقْدِير: وَهُوَ يعلم، وَحَاصِل الْمَعْنى: لَا يحصل لكم دُخُول الْجنَّة حَتَّى تبتلوا وَيرى الله مِنْكُم الْمُجَاهدين فِي سَبيله وَالصَّابِرِينَ على مقارعة الْأَعْدَاء.
قَوْله: ( وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت) ، قَالَ ابْن عَبَّاس: لما أخبر الله تَعَالَى، على لِسَان نبيه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَا فعل بشهدائهم يَوْم بدر من الْكَرَامَة رَغِبُوا فِي ذَلِك، فَأَرَاهُم يَوْم أحد فَلم يَلْبَثُوا أَن انْهَزمُوا، فَنزلت هَذِه الْآيَة أَي: { وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت} ( آل عمرَان: 143) .
أَي: الْقِتَال من قبل أَن تلقوهُ يَوْم أحد فقد رَأَيْتُمُوهُ يَوْمئِذٍ وَأَنْتُم تنْظرُون، يَعْنِي الْمَوْت فِي لمعان السيوف وحد الأسنة واشتباك الرماح وصفوف الرِّجَال لِلْقِتَالِ فَكيف انْهَزَمْتُمْ؟ فَإِن قلت: كَيفَ جَازَ تمني الشَّهَادَة وَفِيه غَلَبَة الْكفَّار على الْمُسلمين؟ قلت: لِأَن غَرَض المتمني لَيْسَ إلاّ َ حُصُول الشَّهَادَة مَعَ قطع النّظر عَن غَلَبَة الْكفَّار، وَإِن كَانَ متضمناً لَهَا.
قَوْله: ( وَلَقَد صدقكُم الله وعده) ، قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب: لما رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه من أحد إِلَى الْمَدِينَة، قَالَ قوم مِنْهُم: من أَيْن أَصَابَنَا هَذَا وَقد وعدنا الله النَّصْر؟ فَنزلت هَذِه الْآيَة.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: وعدهم الله النَّصْر بِأحد فَلَمَّا طلبُوا الْغَنِيمَة هزموا.
قَوْله: ( إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ) ، أَي: حِين تقتلونهم قتلا ذريعاً بِإِذْنِهِ، أَي: بأَمْره وتيسيره، وَيُقَال: سنة حسوس إِذا أَتَت على كل شَيْء، وجراد محسوس إِذا قَتله الْبرد.
قَوْله: ( حَتَّى إِذا فشلتم) أَي: جبنتم وضعفتم، يُقَال: فشل الرجل يفشل فَهُوَ فشيل، وَفِيه تَقْدِيم وَتَأْخِير أَي: حَتَّى إِذا تنازعتم وعصيتم فشلتم، وَقيل: حَتَّى بِمَعْنى إِلَى، وَحِينَئِذٍ لَا جَوَاب، أَي: صدقكُم الله وعده إِلَى أَن فشلتم وتنازعتم، أَي: اختلفتم وَكَانَ ذَلِك فِي أول الْأَمر لما انهزم الْمُشْركُونَ، قَالَ بعض الرمات الَّذين كَانُوا عِنْد المركز: مَا مقامنا هُنَا؟ قد انهزم الْقَوْم..
     وَقَالَ  بَعضهم: لَا تجاوزوا أَمر رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَثَبت عبد الله بن جُبَير أَمِير الرُّمَاة فِي نفر يسير دون الْعشْرَة، وَانْطَلق الْبَاقُونَ ينتهبون، فَلَمَّا نظر خَالِد بن الْوَلِيد وَعِكْرِمَة ابْن أبي جهل ذَلِك، حملُوا على الرُّمَاة فَقتلُوا عبد الله وَأَصْحَابه، وَأَقْبلُوا على الْمُسلمين.
قَوْله: ( عصيتم) أَي: بترك المركز.
قَوْله: ( من بعد مَا أَرَاكُم مَا تحبون) من النَّصْر وَالظفر بهم.
قَوْله: ( مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا) أَي: الْغَنِيمَة، ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة، وهم الَّذين ثبتوا فِي المركز.
قَوْله: ( ثمَّ صرفكم عَنْهُم) أَي: ردكم عَن الْمُشْركين بهزيمتكم، وردهم عَلَيْكُم ليختبركم ويمنحكم.
قَوْله: ( وَلَقَد عَفا عَنْكُم) أَي: عَن ذنبكم بعصيان رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والانهزام،.

     وَقَالَ  ابْن جريج: وَلَقَد عَفا عَنْكُم بِأَن لم يستأصلكم، وَكَذَا قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق، رَوَاهُ ابْن جرير.
قَوْله: ( وَالله ذُو فضل على الْمُؤمنِينَ) قيل: إِذا عَفا عَنْهُم، وَقيل: إِذا لم يقتلُوا جَمِيعًا.
قَوْله: ( وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا) الْآيَة نزلت فِي شُهَدَاء أحد، وروى مُسلم من طَرِيق مَسْرُوق، قَالَ: سَأَلنَا عبد الله بن مَسْعُود عَن هَؤُلَاءِ الْآيَات، قَالَ: إِنَّا قد سَأَلنَا عَنْهَا، فَقيل لنا: إِنَّه لما أُصِيب إخْوَانكُمْ بِأحد جعل الله أَرْوَاحهم فِي أَجْوَاف طير خضر ترد أَنهَار الْجنَّة وتأكل من ثمارها ... الحَدِيث، وَعَن ابْن عَبَّاس فِيمَا رَوَاهُ أَحْمد أَنه قَالَ: لما أُصِيب إِخْوَاننَا بِأحد جعل الله أَرْوَاحهم فِي أَجْوَاف طير خضر ترد أَنهَار الْجنَّة وتأكل من ثمارها وتأوي إِلَى قناديل من ذهب معلقَة فِي ظلّ الْعَرْش، فَلَمَّا وجدوا طيب مَأْكَلهمْ وَمَشْرَبهمْ وَمَقِيلهمْ، قَالُوا: من يبلغ إِخْوَاننَا عَنَّا أَنا فِي الْجنَّة نرْزق، لِئَلَّا يَزْهَدُوا عَن الْقِتَال؟ فَقَالَ الله تَعَالَى: أَنا أبلغهم عَنْكُم، فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة.
وَقيل: نزلت فِي شُهَدَاء بدر، وَقيل: فِي شُهَدَاء بِئْر مَعُونَة، وَقيل غير ذَلِك، وروى أَحْمد من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَيْضا قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الشُّهَدَاء على بارق نهر بِبابُُ الْجنَّة فِي قبَّة خضراء، يخرج عَلَيْهِم رزقهم من الْجنَّة بكرَة وعشياً..
     وَقَالَ  ابْن كثير فِي ( تَفْسِيره) : وَكَانَ الشُّهَدَاء أَقسَام، مِنْهُم من تسرح أَرْوَاحهم فِي الْجنَّة، وَمِنْهُم من يكون على هَذَا النَّهر بِبابُُ الْجنَّة، وَقد يحْتَمل أَن يَنْتَهِي سيرهم إِلَى هَذَا النَّهر فيجتمعون هُنَالك ويُغدى عَلَيْهِم رزقهم هُنَاكَ وَيرَاح، وَالله أعلم.



[ قــ :3845 ... غــ :4041 ]
- حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوساى أخبرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ حدَّثنا خالِدٌ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ أُحُدٍ هاذا جبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأسِ فرَسِهِ علَيْهِ أدَاةُ الحَرْبِ.
( انْظُر الحَدِيث 3995) .


هَذَا الحَدِيث غير وَاقع فِي مَحَله هُنَا لِأَنَّهُ تقدم فِي: بابُُ شُهُود الْمَلَائِكَة بَدْرًا بِسَنَدِهِ وَمَتنه، وَفِيه قَالَ: وَلِهَذَا لم يذكرهُ هُنَا أَبُو ذَر وَلَا غَيره من متقني رُوَاة البُخَارِيّ، وَلَا استخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ وَلَا أَبُو نعيم، وَلم يَقع هَذَا إلاَّ فِي رِوَايَة أبي الْوَقْت والأصيلي وَهُوَ وهم، وَعبد الْوَهَّاب هُوَ الثَّقَفِيّ، وخَالِد هُوَ الْحذاء.