هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3846 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُبَارَكِ ، عَنْ حَيْوَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ ، كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ ، ثُمَّ طَلَعَ المِنْبَرَ فَقَالَ : إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ ، وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ ، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْضُ ، وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا ، وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا ، قَالَ : فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3846 حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، أخبرنا زكرياء بن عدي ، أخبرنا ابن المبارك ، عن حيوة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر ، قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثماني سنين ، كالمودع للأحياء والأموات ، ثم طلع المنبر فقال : إني بين أيديكم فرط ، وأنا عليكم شهيد ، وإن موعدكم الحوض ، وإني لأنظر إليه من مقامي هذا ، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها ، قال : فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Uqba bin Amir:

Allah's Messenger (ﷺ) offered the funeral prayers of the martyrs of Uhud eight years after (their death), as if bidding farewell to the living and the dead, then he ascended the pulpit and said, I am your predecessor before you, and I am a witness on you, and your promised place to meet me will be Al- Haud (i.e. the Tank) (on the Day of Resurrection), and I am (now) looking at it from this place of mine. I am not afraid that you will worship others besides Allah, but I am afraid that worldly life will tempt you and cause you to compete with each other for it. That was the last look which I cast on Allah's Messenger (ﷺ).

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4042] بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ فِيهِ تَجَوُّزٌ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الشُّهَدَاءِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَقَولُهُ ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُرْسَلِ أَيُّوبَ بْنِ بِشْرٍ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنهُ عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ خَرَجَ عَاصِبًا رَأْسَهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَصْحَابِ أُحُدٍ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ فَأَكْثَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَيْ عِنْدَ خُرُوجِهِ قَبْلَ أَنْ يَصْعَدَ الْمِنْبَرَ .

     قَوْلُهُ  كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ تَابَعَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ وَتَوْدِيعُ الْأَحْيَاءِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ سِيَاقَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.
وَأَمَّا تَوْدِيعُ الْأَمْوَاتِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الصَّحَابِيُّ أَرَادَ بِذَلِكَ انْقِطَاعَ زِيَارَتِهِ الْأَمْوَاتَ بِجَسَدِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَهِيَ حَيَاةٌ أُخْرَوِيَّةٌ لَا تُشْبِهُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِتَوْدِيعِ الْأَمْوَاتِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْجَنَائِزِ وَفِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَتَأْتِي بَقِيَّتُهُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ وَالْأَصِيلِيِّ هُنَا قَبْلَ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ الْحَدِيثَ وَهُوَ وَهَمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ تَقَدَّمَ بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ فِي بَابِ شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا أَبُو ذَرٍّ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ مُتْقِنِي رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ وَلَا اسْتَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَلَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَانِيهِمَا أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي هَذَا الْمَتْنِ يَوْمَ بَدْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ لَا يَوْمَ أُحُدٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَان( الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي قصَّة الرُّمَاة)

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ)
سَقَطَ لَفْظُ بَابِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَأحد بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمُهْمَلَةِ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَقَلُّ مِنْ فَرْسَخٍ وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابٍ مِنْ هَذِهِ الْغَزْوَةِ مَعَ مَزِيدِ فَوَائِدَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَنَقَلَ السُّهَيْلِيُّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ قَبْرَ هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأُحُدٍ وَأَنَّهُ قَدِمَ مَعَ مُوسَى فِي جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حُجَّاجًا فَمَاتَ هُنَاكَ.

.

قُلْتُ وَسَنَدُ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ فِي ذَلِكَ ضَعِيفٌ جِدًّا مِنْ جِهَةِ شَيْخِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ وَمُنْقَطِعٌ أَيْضًا وَلَيْسَ بِمَرْفُوعٍ وَكَانَتْ عِنْدَهُ الْوَقْعَةُ الْمَشْهُورَةُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ بِاتِّفَاقِ الْجُمْهُورِ وَشَذَّ مَنْ قَالَ سَنَةَ أَربع قَالَ بن إِسْحَاقَ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْهُ وَقِيلَ لِسَبْعِ لَيَالٍ وَقِيلَ لِثَمَانٍ وَقِيلَ لِتِسْعٍ وَقِيلَ فِي نِصْفِهِ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ كَانَتْ بَعْدَ بَدْرٍ بِسَنَةٍ وَفِيهِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ بَدْرًا كَانَتْ فِي رَمَضَانَ بِاتِّفَاقٍ فَهِيَ بَعْدَهَا بِسَنَةٍ وَشَهْرٍ لَمْ يَكْمُلْ وَلِهَذَا قَالَ مَرَّةً أُخْرَى كَانَتْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِأَحَدٍ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا وَكَانَ السَّبَبُ فِيهَا مَا ذكر بن إِسْحَاقَ عَنْ شُيُوخِهِ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ بن شِهَابٍ وَأَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالُوا وَهَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي سِيَاقِ الْقِصَّةِ كُلِّهَا قَالَ لَمَّا رَجَعَتْ قُرَيْشٌ اسْتَجْلَبُوا مَنِ اسْتَطَاعُوا مِنَ الْعَرَبِ وَسَارَ بِهِمْ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى نَزَلُوا بِبَطْنِ الْوَادِي مِنْ قِبَلِ أُحُدٍ وَكَانَ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَسِفُوا عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنْ مَشْهَدِ بَدْرٍ وَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً الْجُمُعَةِ رُؤْيَا فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِي مَنَامِي بَقَرًا تُذْبَحُ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَرَأَيْتُ سَيْفِي ذَا الْفَقَارِ انْقَصَمَ مِنْ عِنْدِ ظُبَّتِهِ أَوْ قَالَ بِهِ فُلُولٌ فَكَرِهْتُهُ وَهُمَا مُصِيبَتَانِ وَرَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ وَأَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا قَالُوا وَمَا أَوَّلْتَهَا قَالَ أَوَّلْتُ الْبَقَرَ بَقْرًا يَكُونُ فِينَا وَأَوَّلْتُ الْكَبْشَ كَبْشُ الْكَتِيبَةِ وَأَوَّلْتُ الدِّرْعَ الْحَصِينَةَ الْمَدِينَةَ فَامْكُثُوا فَإِنْ دَخَلَ الْقَوْمُ الْأَزِقَّةَ قَاتَلْنَاهُمْ وَرُمُوا مِنْ فَوْقِ الْبُيُوتِ فَقَالَ أُولَئِكَ الْقَوْمُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كُنَّا نَتَمَنَّى هَذَا الْيَوْمَ وَأَبَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا الْخُرُوجَ فَلَمَّا صَلَّى الْجُمُعَةَ وَانْصَرَفَ دَعَا بِاللَّأْمَةِ فَلَبِسَهَا ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْخُرُوجِ فَنَدِمَ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ امْكُثْ كَمَا أَمَرْتَنَا فَقَالَ مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا أَخَذَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ أَنْ يَرْجِعَ حَتَّى يُقَاتِلَ نَزَلَ فَخَرَجَ بِهِمْ وَهُمْ أَلْفُ رَجُلٍ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ حَتَّى نَزَلَ بِأُحُدٍ وَرَجَعَ عَنْهُ عبد الله بن أبي بن سَلُولٍ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ فَبَقِيَ فِي سَبْعِمِائَةٍ فَلَمَّا رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ سَقَطَ فِي أَيْدِي طَائِفَتَيْنِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَهُمَا بَنُو حَارِثَةَ وَبَنُو سَلَمَةَ وَصَفَّ الْمُسْلِمُونَ بِأَصْلِ أُحُدٍ وَصَفَّ الْمُشْرِكُونَ بِالسَّبْخَةِ وَتَعَبُّوا لِلْقِتَالِ وَعَلَى خَيْلِ الْمُشْرِكِينَ وَهِيَ مِائَةُ فَرَسٍ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَلَيْسَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَرَسٌ وَصَاحِبُ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ طَلْحَةُ بْنُ عُثْمَانَ وَأمر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ عَلَى الرُّمَاةِ وَهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا وَعَهِدَ إِلَيْهِمْ أَنْ لَا يَتْرُكُوا مَنَازِلَهُمْ وَكَانَ صَاحِبُ لِوَاءِ الْمُسْلِمِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ فَبَارَزَ طَلْحَةَ بْنَ عُثْمَانَ فَقَتَلَهُ وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ حَتَّى أَجْهَضُوهُمْ عَنْ أَثْقَالِهِمْ وَحَمَلَتْ خَيْلُ الْمُشْرِكِينَ فَنَضَحَتْهُمُ الرُّمَاةُ بِالنَّبْلِ ثَلَاثَ مَرَّات فَدخل الْمُسلمُونَ عَسْكَر الْمُشْركين فانتبهوهم فَرَأَى ذَلِكَ الرُّمَاةُ فَتَرَكُوا مَكَانَهُمْ وَدَخَلَ الْعَسْكَرُ فَأَبْصَرَ ذَلِكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَمَنْ مَعَهُ فَحَمَلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الْخَيْلِ فَمَزَّقُوهُمْ وَصَرَخَ صَارِخٌ قُتِلَ مُحَمَّدٌ أُخْرَاكُمْ فَعَطَفَ الْمُسْلِمُونَ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ وَانْهَزَمَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِلَى جِهَةِ الْمَدِينَةِ وَتَفَرَّقَ سَائِرُهُمْ وَوَقَعَ فِيهِمُ الْقَتْلُ وَثَبَتَ نَبِيُّ اللَّهِ حِينَ انْكَشَفُوا عَنْهُ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ فِي أُخْرَاهُمْ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ عِنْدَ الْمِهْرَاسِ فِي الشِّعْبِ وَتَوَجَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَمِسُ أَصْحَابَهُ فَاسْتَقْبَلَهُ الْمُشْرِكُونَ فَرَمُوا وَجْهَهُ فَأَدْمَوْهُ وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ فَمَرَّ مُصْعِدًا فِي الشِّعْبِ وَمَعَهُ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَقِيلَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْهُمْ سَهْلُ بْنُ بَيْضَاءَ وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ وَشُغِلَ الْمُشْرِكُونَ بِقَتْلَى الْمُسْلِمِينَ يُمَثِّلُونَ بِهِمْ يَقْطَعُونَ الْآذَانَ وَالْأُنُوفَ وَالْفُرُوجَ وَيَبْقُرُونَ الْبُطُونَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ أَصَابُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْرَافَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَفْتَخِرُ بِآلِهَتِهِ اعْلُ هُبَلْ فَنَادَاهُ عُمَرُ اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ وَرَجَعَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى أَثْقَالِهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ إِنْ رَكِبُوا وَجَعَلُوا الْأَثْقَالَ تَتَبَّعُ آثَارَ الْخَيْلِ فَهُمْ يُرِيدُونَ الْبُيُوتَ وَإِنْ رَكِبُوا الْأَثْقَالَ وَتَجَنَّبُوا الْخَيْلَ فَهُمْ يُرِيدُونَ الرُّجُوعَ فَتَبِعَهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ رَأَيْتُ الْخَيْلَ مَجْنُوبَةً فَطَابَتْ أَنْفُسُ الْمُسْلِمِينَ وَرَجَعُوا إِلَى قَتْلَاهُمْ فَدَفَنُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلُوهُمْ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَيْهِمْ وَبَكَى الْمُسْلِمُونَ عَلَى قَتْلَاهُمْ فَسُرَّ الْمُنَافِقُونَ وَظَهَرَ غِشُّ الْيَهُودِ وَفَارَتْ الْمَدِينَةُ بِالنِّفَاقِ فَقَالَتِ الْيَهُودُ لَوْ كَانَ نَبِيًّا مَا ظَهَرُوا عَلَيْهِ.

     وَقَالَ تِ الْمُنَافِقُونَ لَوْ أَطَاعُونَا مَا أَصَابَهُمْ هَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ وَكَانَ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ وَمَا أُصِيبَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْحِكَمِ الرَّبَّانِيَّةِ أَشْيَاءٌ عَظِيمَةٌ مِنْهَا تَعْرِيفُ الْمُسْلِمِينَ سُوءَ عَاقِبَةِ الْمَعْصِيَةِ وَشُؤْمِ ارْتِكَابِ النَّهْيِ لِمَا وَقَعَ مِنْ تَرْكِ الرُّمَاةِ مَوْقِفَهُمُ الَّذِي أَمَرَهُمُ الرَّسُولُ أَنْ لَا يَبْرَحُوا مِنْهُ وَمِنْهَا أَنَّ عَادَةَ الرُّسُلِ أَنْ تُبْتَلَى وَتَكُونَ لَهَا الْعَاقِبَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ هِرَقْلَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَوِ انْتَصَرُوا دَائِمًا دَخَلَ فِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَتَمَيَّزِ الصَّادِقُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوِ انْكَسَرُوا دَائِمًا لَمْ يَحْصُلِ الْمَقْصُودُ مِنَ الْبَعْثَةِ فَاقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ لِتَمْيِيزِ الصَّادِقِ مِنَ الْكَاذِبِ وَذَلِكَ أَنَّ نِفَاقَ الْمُنَافِقِينَ كَانَ مَخْفِيًّا عَنِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا جَرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ وَأَظْهَرَ أَهْلُ النِّفَاقِ مَا أَظْهَرُوهُ مِنَ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ عَادَ التَّلْوِيحُ تَصْرِيحًا وَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ لَهُمْ عَدُوًّا فِي دُورِهِمْ فَاسْتَعَدُّوا لَهُمْ وَتَحَرَّزُوا مِنْهُمْ وَمِنْهَا أَنَّ فِي تَأْخِيرِ النَّصْرِ فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ هَضْمًا لِلنَّفْسِ وَكَسْرًا لِشَمَاخَتِهَا فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ صَبَرُوا وَجَزِعَ الْمُنَافِقُونَ وَمِنْهَا أَنَّ اللَّهَ هَيَّأَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مَنَازِلَ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ لَا تَبْلُغُهَا أَعْمَالُهُمْ فَقَيَّضَ لَهُمْ أَسْبَابَ الِابْتِلَاءِ وَالْمِحَنِ لِيَصِلُوا إِلَيْهَا وَمِنْهَا أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْأَوْلِيَاءِ فَسَاقَهَا إِلَيْهِمْ وَمِنْهَا أَنَّهُ أَرَادَ إِهْلَاكَ أَعْدَائِهِ فَقَيَّضَ لَهُمُ الْأَسْبَابَ الَّتِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهَا ذَلِكَ مِنْ كُفْرِهِمْ وَبَغْيِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ فِي أَذَى أَوْلِيَائِهِ فَمَحَّصَ بِذَلِكَ ذُنُوبَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَحَقَ بِذَلِكَ الْكَافِرِينَ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ آيَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيمَا بَعْدَهُ كلهَا تتَعَلَّق بوقعة أحد وَقد قَالَ بن إِسْحَاقَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِ أُحُدٍ سِتِّينَ آيَة من آل عمرَان وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ.

.

قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبِرْنِي عَنْ قِصَّتِكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ اقْرَأِ الْعِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ آلِ عِمْرَانَ تَجِدُهَا وَإِذْ غَدَوْتَ من أهلك تبويء الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ إِلَى قَوْله آمِنَة نعاسا .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أهلك تبويء الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ وَالله سميع عليم وَقَولُهُ غَدَوْتَ أَيْ خَرَجْتَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَالْعَامِلُ فِي إِذْ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ وَاذْكُرْ إِذْ غَدَوْتَ وَقَوله تبويء الْمُؤمنِينَ أَيْ تُنْزِلُهُمْ وَأَصْلُهُ مِنَ الْمَآبِ وَهُوَ الْمَرْجِعُ وَالْمَقَاعِدُ جَمْعُ مَقْعَدٍ وَالْمُرَادُ بِهِ مَكَانُ الْقُعُودِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ غَدَا نَبِيُّ اللَّهِ مِنْ أَهْلِهِ يَوْمَ أُحُدٍ يُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرِهِمَا نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ وَوَهَّاهُ .

     قَوْلُهُ  وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُم مُؤمنين الْأَصْلُ تَوْهَنُوا فَحُذِفَتِ الْوَاوُ وَالْوَهَنُ الضَّعْفُ يُقَالُ وَهَنَ بِالْفَتْحِ يَهِنُ بِالْكَسْرِ فِي الْمُضَارِعِ وَهَذَا هُوَ الْأَفْصَحُ وَيُسْتَعْمَلُ وَهَنَ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا قَالَ تَعَالَى وَهن الْعظم مني وَفِي الْحَدِيثِ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ وَالْأَعْلَوْنَ جَمْعُ أَعْلَى وَقَولُهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ مَحْذُوفُ الْجَوَابِ وَتَقْدِيرُهُ فَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَلَا تَهِنُوا أَيْ لَا تَضْعُفُوا وَمِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَثُرَ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَتْلُ وَالْجِرَاحُ حَتَّى خَلَصَ إِلَى كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ نَصِيبٌ فَاشْتَدَّ حُزْنُهُمْ فَعَزَّاهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ تَعْزِيَةٍ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ نَحْوَهُ قَالَ فَعَزَّاهُمْ وَحَثَّهُمْ عَلَى قِتَالِ عَدُوِّهِمْ وَنَهَاهُمْ عَنِ الْعَجز وَمن طَرِيق بن جريج قَالَ فِي قَوْله وَلَا تهنوا أَيْ لَا تَضْعُفُوا فِي أَمْرِ عَدُوِّكُمْ وَلَا تحزنوا فِي أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ قَالَ وَالسَّبَبُ فِيهَا أَنَّهُمْ لَمَّا تَفَرَّقُوا ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الشِّعْبِ قَالُوا مَا فَعَلَ فُلَانٌ مَا فَعَلَ فُلَانٌ فَنَعَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَتَحَدَّثُوا بَيْنَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ فَكَانُوا فِي هَمٍّ وَحُزْنٍ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ عَلَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِخَيْلِ الْمُشْرِكِينَ فَوْقَهُمْ فَثَابَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رُمَاةٌ فَصَعِدُوا فَرَمَوْا خَيْلَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ وَعَلَا الْمُسْلِمُونَ الْجَبَلَ وَالْتَقَوْا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَمن طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يُرِيدُ أَن يعلوا الْجَبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ لَا يَعْلُوَنَّ عَلَيْنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ .

     قَوْلُهُ  وَقَولُهُ تَعَالَى وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تحسونهم تَسْتَأْصِلُونَهُمْ قَتْلًا بِإِذْنِهِ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ وَاللَّهُ ذُو فضل على الْمُؤمنِينَ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَعْدِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرُّمَاةِ إِنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ فَلَا تَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِكُمْ حَتَّى آمُرَكُمْ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قِصَّةَ الرُّمَاةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَسَأَذْكُرُ شَرْحَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ وَمُجَاهِدٍ فِي قَوْله إِذْ تحسونهم أَيْ تَقْتُلُونَهُمْ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي تَفْسِيرِ تَحُسُّونَهُمْ تَسْتَأْصِلُونَهُمْ هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرُّمَاةِ إِنَّا لَنْ نَزَالَ غَالِبِينَ مَا ثَبَتُّمْ مَكَانَكُمْ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَرَزَ طَلْحَةُ بْنُ عُثْمَانَ فَقُتِلَ ثُمَّ حَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَهَزَمُوهُمْ وَحَمَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَكَانَ فِي خَيْلِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الرُّمَاةِ فَرَمَوْهُ بِالنَّبْلِ فَانْقَمَعَ ثُمَّ تَرَكَ الرُّمَاةُ مَكَانَهُمْ وَدَخَلُوا الْعَسْكَرَ فِي طَلَبِ الْغَنِيمَةِ فَصَاحَ خَالِدٌ فِي خَيْلِهِ فَقَتَلَ مَنْ بَقِيَ مِنَ الرُّمَاةِ مِنْهُمْ أَمِيرُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ وَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ خَيْلَهُمْ ظَاهِرَةً تَرَاجَعُوا فَشَدُّوا عَلَى الْمُسلمين فهزموهم وأثخنوا فيهم فِي الْقَتْل وَقَوله حَتَّى إِذا فشلتم أَي جبنتم وتنازعتم فِي الْأَمر أَيِ اخْتَلَفْتُمْ وَحَتَّى حَرْفُ جَرٍّ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ دَامَ لَكُمْ ذَلِكَ إِلَى وَقْتِ فَشَلِكُمْ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ابْتِدَائِيَّةً دَاخِلَةً عَلَى الْجُمْلَة الشّرطِيَّة وجوابها مَحْذُوف وَقَوله تمّ صرفكم عَنْهُم فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى رُجُوعِ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ أَنْ ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ لِمَا وَقَعَ مِنَ الرُّمَاةِ مِنَ الرَّغْبَةِ فِي الْغَنِيمَةِ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ من يُرِيد الْآخِرَة قَالَ السُّدِّيُّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ الدُّنْيَا حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ من يُرِيد الْآخِرَة وَقَولُهُ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا الْآيَةَ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ عَنْ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ قَالَ أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْهَا فَقِيلَ لَنَا إِنَّهُ لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا الْحَدِيثَ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ تِلْوَ هَذِهِ الْآيَاتِ أَحَادِيثَ كالمفسرة للآيات الْمَذْكُورَة الْأَوَّلُ حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ صَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ الْحَدِيثَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَولُهُ

[ قــ :3846 ... غــ :4042] بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ فِيهِ تَجَوُّزٌ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الشُّهَدَاءِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَقَولُهُ ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُرْسَلِ أَيُّوبَ بْنِ بِشْرٍ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنهُ عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ خَرَجَ عَاصِبًا رَأْسَهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَصْحَابِ أُحُدٍ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ فَأَكْثَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَيْ عِنْدَ خُرُوجِهِ قَبْلَ أَنْ يَصْعَدَ الْمِنْبَرَ .

     قَوْلُهُ  كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ تَابَعَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ وَتَوْدِيعُ الْأَحْيَاءِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ سِيَاقَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.
وَأَمَّا تَوْدِيعُ الْأَمْوَاتِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الصَّحَابِيُّ أَرَادَ بِذَلِكَ انْقِطَاعَ زِيَارَتِهِ الْأَمْوَاتَ بِجَسَدِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَهِيَ حَيَاةٌ أُخْرَوِيَّةٌ لَا تُشْبِهُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِتَوْدِيعِ الْأَمْوَاتِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْجَنَائِزِ وَفِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَتَأْتِي بَقِيَّتُهُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ وَالْأَصِيلِيِّ هُنَا قَبْلَ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ الْحَدِيثَ وَهُوَ وَهَمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ تَقَدَّمَ بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ فِي بَابِ شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا أَبُو ذَرٍّ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ مُتْقِنِي رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ وَلَا اسْتَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَلَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَانِيهِمَا أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي هَذَا الْمَتْنِ يَوْمَ بَدْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ لَا يَوْمَ أُحُدٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَان

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :3846 ... غــ : 4042 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ، وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ وَإِنِّي لأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا».
قَالَ: فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الرحيم) صاعقة قال: ( أخبرنا زكريا بن عدي) أبو يحيى الكوفي قال: ( أخبرنا ابن المبارك) عبد الله ( عن حيوة) بن شريح الحضرمي الكندي ( عن يزيد بن أبي حبيب) سويد المصري ( عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله ( عن عقبة بن عامر) الجهني -رضي الله عنه- أنه ( قال: صلّى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على قتلى أُحُد بعد ثماني) بالياء بعد النون ولابن عساكر: ثمان ( سنين) فيه تجوّز لأن وقعة أُحُد كانت في شوال سنة ثلاث ووفاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وحينئذ فتكون بعد سبع سنين ودون النصف فهو من باب جبر الكسر.

زاد في الجنائز كغزوة أُحُد صلاته على الميت، والمراد أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعا لهم بدعاء صلاة الميت والإجماع يدل له لأنه لا يصلّي عليه عند الشافعية، وعند أبي حنيفة المخالف لا يصلّي على القبر بعد ثلاثة أيام ( كالمودّع للأحياء والأموات ثم طلع) بفتح اللام في الفرع ( المنبر فقال) :
( إني بين أيديكم فرط) بفتح الفاء والراء، وزاد في الجنائز لكم كغزوة أُحُد أي أنا سابقكم إلى الحوض كالمهيئ له لأجلكم وفيه إشارة إلى قرب وفاته ( وأنا عليكم شهيد) بأعمالكم ( وأن موعدكم) يوم القيامة ( الحوض وإني لأنظر إليه) نظرًا حقيقيًا بطريق الكشف ( من مقامي هذا) بفتح ميم مقامي الأولى ( وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا) بالله.
زاد في الجنائز كالآتي آخر غزوة أُحُد بعدي أي لست أخشى على جميعكم الإشراك بل على مجموعكم لأن ذلك قد وقع من بعضهم ( ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها) بإسقاط إحدى التاءين أي ترغبوا فيها ( قال) عقبة: ( فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .

وقد سبق هذا الحديث في الجنائز في باب الصلاة على الشهيد.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :3846 ... غــ :4042 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أخْبَرَنا زَكَرِيَّاءُ بنُ عَدِيٍّ أخبرَنا بنُ المُبارَكِ عنْ حَيْوَةَ عنْ يَزِيدَ بنَ أبِي حَبيبٍ عنْ أبِي الخَيْرِ عنْ عُقْبَةَ بنِ عامِرٍ قَالَ صَلَّى رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمانِ سِنينَ كالمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ والأمْوَاتِ ثُمَّ طَلَعَ المِنْبَرَ فَقَالَ إنِّي بَيْنَ أيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَأَنا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ وإنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْضُ وإنِّي لأنْظُرُ إلَيْهِ مِنْ مَقامِي هذَا وإنِّي لَسْتُ أخْشَى عَلَيْكُمْ أنْ تُشْرِكُوا ولاكِنِّي أخْشَى علَيْكُمُ الدُّنْيَا أنْ تَنافَسُوها قَالَ فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتها إِلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ من جملَة أُمُور غَزْوَة أحد، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم أَبُو يحيى كَانَ يُقَال لَهُ: صَاعِقَة، وزَكَرِيا بن عدي أَبُو يحيى الْكُوفِي، وَابْن الْمُبَارك هُوَ عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي، وحيوة هُوَ ابْن شُرَيْح الْحَضْرَمِيّ الْكِنْدِيّ الْمصْرِيّ أَبُو زرْعَة، مَاتَ سنة تسع خمسين وَمِائَة، وَيزِيد بن أبي حبيب واسْمه سُوَيْد، ويكنى يزِيد بِأبي رَجَاء الْمصْرِيّ، وَأَبُو الْخَيْر اسْمه مرْثَد بن عبد الله.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بابُُ الصَّلَاة على الشَّهِيد، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن اللَّيْث عَن يزِيد بن أبي حبيب ... إِلَى آخِره وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: فَمَا قَول الشَّافِعِيَّة حَيْثُ لَا يصلونَ عَلَيْهِ؟ أَي: على الشَّهِيد؟ قلت: تقدم أَيْضا ثمَّة أَنه لم يصلّ على أهل أحد، فَلَا بُد من التَّوْفِيق بَينهمَا بِأَن تحمل الصَّلَاة على الْمَعْنى اللّغَوِيّ أَي: دَعَا لَهُم بِدُعَاء الْمَيِّت.
انْتهى.
قلت: حفظ شَيْئا وَغَابَتْ عَنهُ أَشْيَاء، فَكيف تحمل الصَّلَاة على الْمَعْنى اللّغَوِيّ وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَمُسلم فِي حَدِيث عقبَة بن عَامر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْمًا فصلى على شُهَدَاء أحد صلَاته على الْمَيِّت، ثمَّ انْصَرف؟ وَيَقُول الْحَنَفِيَّة: جَاءَ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَعقبَة بن عَامر وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بن الْمسيب وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَمَكْحُول وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ والمزني وَأحمد فِي رِوَايَة، واختارها الْخلال.