هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3847 حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَقِينَا المُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ ، وَأَجْلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ ، وَقَالَ : لاَ تَبْرَحُوا ، إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلاَ تَبْرَحُوا ، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلاَ تُعِينُونَا فَلَمَّا لَقِينَا هَرَبُوا حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الجَبَلِ ، رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ ، قَدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ ، فَأَخَذُوا يَقُولُونَ : الغَنِيمَةَ الغَنِيمَةَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ تَبْرَحُوا ، فَأَبَوْا ، فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَ وُجُوهُهُمْ ، فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا ، وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ : أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ ؟ فَقَالَ : لاَ تُجِيبُوهُ فَقَالَ : أَفِي القَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ؟ قَالَ : لاَ تُجِيبُوهُ فَقَالَ : أَفِي القَوْمِ ابْنُ الخَطَّابِ ؟ فَقَالَ : إِنَّ هَؤُلاَءِ قُتِلُوا ، فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَأَجَابُوا ، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ ، فَقَالَ : كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ ، أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُخْزِيكَ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : اعْلُ هُبَلُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَجِيبُوهُ قَالُوا : مَا نَقُولُ ؟ قَالَ : قُولُوا : اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : لَنَا العُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَجِيبُوهُ قَالُوا : مَا نَقُولُ ؟ قَالَ : قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا ، وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ ، وَالحَرْبُ سِجَالٌ ، وَتَجِدُونَ مُثْلَةً ، لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3847 حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء رضي الله عنه ، قال : لقينا المشركين يومئذ ، وأجلس النبي صلى الله عليه وسلم جيشا من الرماة ، وأمر عليهم عبد الله ، وقال : لا تبرحوا ، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا ، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا فلما لقينا هربوا حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل ، رفعن عن سوقهن ، قد بدت خلاخلهن ، فأخذوا يقولون : الغنيمة الغنيمة ، فقال عبد الله : عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تبرحوا ، فأبوا ، فلما أبوا صرف وجوههم ، فأصيب سبعون قتيلا ، وأشرف أبو سفيان فقال : أفي القوم محمد ؟ فقال : لا تجيبوه فقال : أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ قال : لا تجيبوه فقال : أفي القوم ابن الخطاب ؟ فقال : إن هؤلاء قتلوا ، فلو كانوا أحياء لأجابوا ، فلم يملك عمر نفسه ، فقال : كذبت يا عدو الله ، أبقى الله عليك ما يخزيك ، قال أبو سفيان : اعل هبل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أجيبوه قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله أعلى وأجل قال أبو سفيان : لنا العزى ولا عزى لكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أجيبوه قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا الله مولانا ، ولا مولى لكم قال أبو سفيان : يوم بيوم بدر ، والحرب سجال ، وتجدون مثلة ، لم آمر بها ولم تسؤني
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4043] .

     قَوْلُهُ  مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ هُوَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ .

     قَوْلُهُ  فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَيَّامِ يُرِيدُ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَولُهُ عَنْ حَدِيثِهِمَا يَعْنِي أَنَّهُمَا حَدَّثَا بِذَلِكَ وَوَقع فِي فَوَائِد أبي بكر بن الْمُقْرِئ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ فَقُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ قَالَ هُمَا أَخْبَرَانِي بِذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  ذِكْرُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ)

أَيِ بن عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ يَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ وَعَدَدُ مَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْآبَاءِ سَوَاءٌ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ وَأُمُّهُ الصَّعْبَةُ بِنْتُ الْحَضْرَمِيِّ أُخْتُ الْعَلَاءِ أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَ أَبِيهَا قَلِيلًا وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ أَسْلَمَتْ أُمُّ أَبِي بَكْرٍ وَأُمُّ عُثْمَانَ وَأُمُّ طَلْحَةَ وَأُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقُتِلَ طَلْحَةُ يَوْمَ الْجَمَلِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ رُمِيَ بِسَهْمٍ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ رَمَاهُ فَأَصَابَ رُكْبَتَهُ فَلَمْ يَزَلْ يَنْزِفُ الدَّمُ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَاخْتُلِفَ فِي سِنِّهِ عَلَى أَقْوَالٍ أَكْثَرُهَا أَنَّهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ وَأَقَلُّهَا ثَمَانٍ وَخَمْسُونَ

[ قــ :3847 ... غــ :4043] .

     قَوْلُهُ  مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ هُوَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ .

     قَوْلُهُ  فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَيَّامِ يُرِيدُ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَولُهُ عَنْ حَدِيثِهِمَا يَعْنِي أَنَّهُمَا حَدَّثَا بِذَلِكَ وَوَقع فِي فَوَائِد أبي بكر بن الْمُقْرِئ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ فَقُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ قَالَ هُمَا أَخْبَرَانِي بِذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي قصَّة الرُّمَاة)
[ قــ :3847 ... غــ :4043] .

     قَوْلُهُ  عَنِ الْبَرَاءِ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ فِي الْجِهَادِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ .

     قَوْلُهُ  لَقِينَا الْمُشْرِكِينَ يَوْمئِذٍ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي نُعَيْمٍ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ لَقِينَا الْمُشْرِكِينَ .

     قَوْلُهُ  الرُّمَاةُ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَوَقَعَ فِي الْهَدْيِ أَنَّ الْخَمْسِينَ عَدَدُ الْفَرَسَانِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ غَلَطٌ بَيِّنٌ وَقَدْ جَزَمَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فِي أُحُدٍ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْلِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ كَانَ مَعَهُمْ فَرَسٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَسٌ لِأَبِي بُرْدَةَ .

     قَوْلُهُ  وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَير وَعند بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ انْضَحُوا الْخَيْلَ عَنَّا بِالنَّبْلِ لَا يَأْتُونَا مِنْ خَلْفِنَا .

     قَوْلُهُ  لَا تَبْرَحُوا فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ حَتَّى أُرْسِلَ لَكُمْ .

     قَوْلُهُ  وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ وَفِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَهُمْ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ احْمُوا ظُهُورَنَا فَإِنْ رَأَيْتُمُونَا نُقْتَلُ فَلَا تَنْصُرُونَا وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا قَدْ غَنِمْنَا فَلَا تُشْرِكُونَا .

     قَوْلُهُ  رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا دَالٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ أُخْرَى سَاكِنَةٌ أَيْ يُسْرِعْنَ الْمَشْيَ يُقَالُ اشْتَدَّ فِي مَشْيِهِ إِذَا أَسْرَعَ وَكَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ وَلَهُ هُنَا يُسْنِدْنَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا نُونٌ مَكْسُورَةٌ وَدَالٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ يَصْعَدْنَ يُقَالُ أَسْنَدَ فِي الْجَبَلِ يُسْنِدُ إِذَا صَعِدَ وَلِلْبَاقِينَ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ يَشْدُدْنَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْمُهْمَلَةِ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ قَالَ عِيَاضٌ وَوَقَعَ لِلْقَابِسِيِّ فِي الْجِهَادِ يَشْتَدِدْنَ وَكَذَا لِابْنِ السَّكَنِ فِيهِ وَفِي الْفَضَائِلِ وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالنَّسَفِيِّ يَشْتَدُّونَ بِمُعْجَمَةٍ وَدَالٍ وَاحِدَةٍ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ يَسْتَنِدُونَ وَلِرَفِيقِهِ يَشُدُّونَ وَكُلُّهُ بِمَعْنًى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ قُرَيْشًا خَرَجُوا مَعَهُمْ بِالنِّسَاءِ لأجل الحفيظة والثبات وسمى بن إِسْحَاقَ النِّسَاءَ الْمَذْكُورَاتِ وَهُنَّ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ خَرَجَتْ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ وَأُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ مَعَ زَوْجِهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ مَعَ زَوْجِهَا الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَبَرْزَةُ بِنْتُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّةُ مَعَ زَوْجِهَا صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَهِي وَالِدَة بن صَفْوَانَ وَرَيْطَةُ بِنْتُ شَيْبَةَ السَّهْمِيَّةُ مَعَ زَوْجِهَا عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهِيَ وَالِدَةُ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَافَةُ بِنْتُ سَعْدٍ مَعَ زَوْجِهَا طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْحَجَبِيِّ وَخِنَاسُ بِنْتُ مَالِكٍ وَالِدَة مُصعب بن عميرَة وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ بْنِ كِنَانَةَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ كَانَ النِّسَاءُ اللَّاتِي خَرَجْنَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً .

     قَوْلُهُ  رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ جَمْعُ سَاقٍ أَيْ لِيُعِينَهُنَّ ذَلِكَ عَلَى سُرْعَةِ الْهَرَبِ وَفِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عِنْد بن إِسْحَاقَ قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْظُرُ إِلَى خَذِمِ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ وَصَوَاحِبَاتِهَا مُشَمِّرَاتٍ هَوَارِبَ مَا دُونَ إِحْدَاهُنَّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إِذْ مَالَتِ الرُّمَاةُ إِلَى الْعَسْكَرِ حَتَّى كَشَفَ الْقَوْمُ عَنْهُ وَخَلَّوْا ظَهْرَنَا لِلْجَبَلِ فَأُتِينَا مِنْ خَلْفِنَا وَصَرَخَ صَارِخٌ أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَانْكَفَأْنَا وَانْكَفَأَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ بَعْدَ أَنْ أَصَبْنَا أَصْحَابَ لِوَائِهِمْ حَتَّى مَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذُوا يَقُولُونَ الْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ عَهِدَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَبْرَحُوا فَأَبَوْا فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْغَنِيمَةَ أَيْ يَوْمَ الْغَنِيمَةِ ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ وَزَادَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَالله لنأتين النَّاس فلنصيبين من الْغَنِيمَة وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَلَمَّا غَنِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَاحُوا عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ انْكَفَتِ الرُّمَاةُ جَمِيعًا فَدَخَلُوا فِي الْعَسْكَرِ يَنْتَهِبُونَ وَقَدِ الْتَفَّتْ صُفُوفُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُمْ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَلَمَّا أَخَلَّتِ الرُّمَاةُ تِلْكَ الْخَلَّةَ الَّتِي كَانُوا فِيهَا دَخَلَتِ الْخَيْلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى الصَّحَابَةِ فَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَالْتَبَسُوا وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَاسٌ كَثِيرٌ قَدْ كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ تِسْعَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً نَحْوَ الْجَبَلِ وَصَاحَ الشَّيْطَانُ قُتِلَ مُحَمَّدٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ نَحْوَهُ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ فَلَمَّا أَتَوْهُمْ بِالْمُثَنَّاةِ وَقَولُهُ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ أَيْ تَحَيَّرُوا فَلَمْ يَدْرُوا أَيْنَ يَتَوَجَّهُونَ وَزَادَ زُهَيْرٌ فِي رِوَايَتِهِ فَذَلِكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ مُرْسَلَةٍ أَنَّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ وَسَأَذْكُرُهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ السَّابِعِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا وَلَّى النَّاسُ يَوْمَ أُحُدٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَفِيهِمْ طَلْحَةُ الْحَدِيثَ وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ تَفَرَّقَ الصَّحَابَةُ فَدَخَلَ بَعْضُهُمْ الْمَدِينَةَ وَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ فَوْقَ الْجَبَلِ وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الله فَرَمَاهُ بن قَمِئَةَ بِحَجَرٍ فَكَسَرَ أَنْفَهُ وَرَبَاعِيَتَهُ وَشَجَّهُ فِي وَجه فَأَثْقَلَهُ فَتَرَاجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا فَجَعَلُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ فَحَمَلَهُ مِنْهُمْ طَلْحَةُ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَرُمِيَ طَلْحَةُ بِسَهْمٍ وَيَبِسَتْ يَدُهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ مَنْ فَرَّ إِلَى الْجَبَلِ لَيْتَ لَنَا رَسُولًا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَسْتَأْمِنُ لَنَا مِنْ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ يَا قَوْمُ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قُتِلَ فَرَبُّ مُحَمَّدٍ لَمْ يُقْتَلْ فَقَاتِلُوا عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ قَتْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَقَصَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَبَلَ فَأَرَادَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْ يَرْمِيَهُ بِسَهْمٍ فَقَالَ لَهُ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ فَرِحُوا بِهِ وَاجْتَمَعُوا حَوْلَهُ وَتَرَاجَعَ النَّاسُ وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَنْ شَجَّ وَجْهَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .

     قَوْلُهُ  فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ فَأَصَابُوا مِنْهَا أَيْ مِنْ طَائِفَةِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَأَصَابُوا مِنَّا وَهِيَ أَوْجَهُ وَزَادَ زُهَيْرٌ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ مُرْسَلِ أَبِي الضُّحَى قَالَ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَمْزَةُ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَشَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ وَسَائِرُهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ.

.

قُلْتُ وَبِهَذَا جَزَمَ الْوَاقِدِيُّ وَفِي كَلَام بن سَعْدٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ كَمَا تقدم وَأخرج بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ وَكَانَ الْخَامِسُ سَعْدَ مَوْلَى حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَالسَّادِسُ يُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَذَكَرَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ وَعَنْ مَالِكٍ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ خَاصَّةً أَحَدٌ وَسَبْعُونَ وَسَرَدَ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ أَسْمَاءَهُمْ فَبَلَغُوا سِتَّةً وَتِسْعِينَ من الْمُهَاجِرِينَ أَحَدَ عَشَرَ وَسَائِرُهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْهُمْ من ذكره بن إِسْحَاقَ وَالزِّيَادَةُ مِنْ عِنْدِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَوْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ أَوْ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيّ ثمَّ ذكر عَن بن عَبْدِ الْبَرِّ وَعَنِ الدِّمْيَاطِيِّ أَرْبَعَةً أَوْ خَمْسَةً قَالَ فَزَادُوا عَنِ الْمِائَةِ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ قَدْ ورد فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قد أصبْتُم مثليها أَنَّهَا نَزَلَتْ تَسْلِيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ عَمَّنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ فَإِنَّهُمْ أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ سَبْعِينَ قَتِيلًا وَسَبْعِينَ أَسِيرًا فِي عَدَدِ مَنْ قُتِلَ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ إِنْ ثَبَتَتْ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ نَاشِئَةٌ عَنِ الْخِلَافِ فِي التَّفْصِيلِ.

.

قُلْتُ وَهُوَ الَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَالْحَدِيثَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَن هِشَام بن حسان عَن بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ جِبْرِيلَ هَبَطَ فَقَالَ خَيِّرْهُمْ فِي أُسَارَى بدر من الْقَتْلِ أَوِ الْفِدَاءِ عَلَى أَنْ يُقْتَلَ مِنْ قَابِلٍ مِثْلُهُمْ قَالُوا الْفِدَاءُ وَيُقْتَلُ مِنَّا قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن وَرَوَاهُ بن عون عَن بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة مُرْسلا قلت وَرَوَاهُ بن عَوْنٍ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ وَوَصَلَهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ خَاصَّةً وَبِذَلِكَ جَزَمَ بن سعد قلت وَكَأن الْخطاب بقوله أَو لما أَصَابَتْكُم لِلْأَنْصَارِ خَاصَّةً وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَنَسٍ أُصِيبَ مِنَّا يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ بِمَعْنَاهُ قَوْله وأشرف أَبُو سُفْيَان أَي بن حَرْبٍ وَكَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ زَادَ زُهَيْرٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ لَا تُجِيبُوهُ وَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاس أَيْن بن أبي كَبْشَة أَيْن بن أبي قُحَافَة أَيْن بن الْخَطَّابِ فَقَالَ عُمَرُ أَلَا أُجِيبُهُ قَالَ بَلَى وَكَأَنَّهُ نَهَى عَنْ إِجَابَتِهِ فِي الْأُولَى وَأَذِنَ فِيهَا فِي الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ قُتِلُوا فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا .

     قَوْلُهُ  أبقى الله عَلَيْك مَا يحزنك زَادَ زُهَيْرٌ إِنَّ الَّذِي عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ .

     قَوْلُهُ  اعْلُ هُبَلْ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ ثُمَّ أَخذ يرتجز اعْل هُبل قَالَ بن إِسْحَاقَ مَعْنَى قَوْلِهِ اعْلُ هُبَلْ أَيْ ظَهَرَ دِينُكَ.

     وَقَالَ  السُّهَيْلِيُّ مَعْنَاهُ زَادَ عُلُوًّا.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ مَا مَعْنَى اعْلُ وَلَا علو فِي هُبل فَالْجَوَاب هُوَ بِمَعْنى الْعلي أَوِ الْمُرَادُ أَعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ اه وَزَادَ زُهَيْرٌ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْأَيَّامُ دُوَلٌ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ وَفِي رِوَايَةِ بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ أَنْعَمَتَ فَعَالٌ إِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ اه وَفَعَالً بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ قَالُوا مَعْنَاهُ أَنْعَمْتِ الْأَزْلَامُ وَكَانَ اسْتَقْسَمَ بِهَا حِينَ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ وَوَقَعَ فِي خَبَرِ السُّدِّيِّ عندَ الطَّبَرَانِيِّ اعْلُ هُبَلُ حَنْظَلَةُ بِحَنْظَلَةٍ وَيَوْمَ أُحُدٍ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَقَدِ اسْتَمَرَّ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى اعْتِقَادِ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لِهِرَقْلَ لَمَّا سَأَلَهُ كَيْفَ كَانَ حَرْبُكُمْ مَعَهُ أَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَقَدْ أَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا سُفْيَانَ عَلَى ذَلِكَ بَلْ نَطَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَوْسِ بن أبي أَوْس عِنْد بن مَاجَهْ وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ الْحَرْبُ سِجَالٌ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَين النَّاس بَعْدَ قَوْلِهِ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْم قرح مثله فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ بِالِاتِّفَاقِ وَالْقَرْحُ الْجرْح وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ قَالَ لَمَّا صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَبَلَ جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ الْحَرْبُ سِجَالٌ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس وَزَاد فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ عُمَرُ لَا سَوَاءَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتَلَاكُمْ فِي النَّارِ قَالَ إِنَّكُمْ لَتَزْعُمُونَ ذَلِكَ لَقَدْ خِبْنَا إِذًا وَخَسِرْنَا .

     قَوْلُهُ  وَتَجِدُونَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَسَتَجِدُونَ .

     قَوْلُهُ  مُثْلَةً بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُ أَوَّلِهِ.

     وَقَالَ  بن التِّين بِفَتْح الْمِيم وَضم الْمُثَلَّثَة قَالَ بن فَارس مثل بالقتيل إِذا جدعه قَالَ بن إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ خَرَجَتْ هِنْد والنسوة مِنْهَا يُمَثِّلْنَ بِالْقَتْلَى يَجْدَعْنَ الْآذَانَ وَالْأُنُفَ حَتَّى اتَّخَذَتْ هِنْدُ مِنْ ذَلِكَ حُزَمًا وَقَلَائِدَ وَأَعْطَتْ حُزَمَهَا وقلائدها أَي اللَّاتِي كُنَّ عَلَيْهَا لِوَحْشِيٍّ جَزَاءً لَهُ عَلَى قَتْلِ حَمْزَةَ وَبَقَرَتْ عَنْ كَبِدِ حَمْزَةَ فَلَاكَتْهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُسِيغَهَا فَلَفَظَتْهَا .

     قَوْلُهُ  لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي أَيْ لَمْ أَكْرَهْهَا وَإِنْ كَانَ وُقُوعهَا بِغَيْر أَمْرِي وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَنْ رَأْيِ سَرَاتِنَا أَدْرَكَتْهُ حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ أَمَّا إِنَّهُ كَانَ لم يكرههُ وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ وَاللَّهِ مَا رَضِيتُ وَمَا سَخِطْتُ وَمَا نَهَيْتُ وَمَا أَمَرْتُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُصُوصِيَّتُهُمَا بِهِ بِحَيْثُ كَانَ أَعْدَاؤُهُ لَا يَعْرِفُونَ بِذَلِكَ غَيْرَهُمَا إِذْ لَمْ يَسْأَلْ أَبُو سُفْيَانَ عَنْ غَيْرِهِمَا وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَذَكَّرَ نِعْمَةَ اللَّهِ وَيَعْتَرِفَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ أَدَاءِ شُكْرِهَا وَفِيهِ شُؤْمُ ارْتِكَابِ النَّهْيِ وَأَنَّهُ يَعُمُّ ضَرَرُهُ مَنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَأَنَّ مَنْ آثَرَ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِأَمْرِ آخِرَتِهِ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ دُنْيَاهُ وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْكَائِنَةِ أَخْذُ الصَّحَابَةِ الْحَذَرَ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى مِثْلِهَا وَالْمُبَالَغَةُ فِي الطَّاعَةِ وَالتَّحَرُّزَ مِنَ الْعَدُوِّ الَّذِينَ كَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ مِنْهُمْ وَلَيْسُوا مِنْهُمْ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ أَيْضًا وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس إِلَى أَنْ قَالَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ويمحق الْكَافرين.

     وَقَالَ  مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطّيب
(

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :3847 ... غــ : 4043 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: لَقِينَا الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ وَأَجْلَسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ.

     وَقَالَ : «لاَ تَبْرَحُوا إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلاَ تَبْرَحُوا وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلاَ تُعِينُونَا» فَلَمَّا لَقِينَا هَرَبُوا حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الْجَبَلِ رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ قَدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ فَأَخَذُوا يَقُولُونَ: الْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيرٍ: عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لاَ تَبْرَحُوا فَأَبَوْا فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَ وُجُوهُهُمْ فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلاً وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ: «لاَ تُجِيبُوهُ»،
فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ قَالَ: «لاَ تُجِيبُوهُ»، فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ قُتِلُوا فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لأَجَابُوا فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُحْزِنُكَ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أُعْلُ هُبَلْ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَجِيبُوهُ» قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: «قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ» قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَجِيبُوهُ» قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: «قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ» قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ وَتَجِدُونَ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي.

وبه قال: ( حدّثنا عبيد الله) بضم العين ( ابن موسى) بن باذام الكوفي ( عن إسرائيل) بن يونس ( عن) جده ( أبي إسحاق) عمرو بن عبيد الله السبيعي ( عن البراء) بن عازب ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: لقينا المشركين يومئذ) أي يوم أُحُد وكانوا ثلاثة آلاف رجل ومعهم مائتا فارس، وجعلوا على الميمنة خالد بن الوليد، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، وعلى الخيل صفوان بن أمية أو عمرو بن العاص، وعلى الرماة عبد الله بن ربيعة، وكان فيهم مائة رام وكان المسلمون مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبعمائة وفرسه عليه الصلاة والسلام وفرس أبي بردة بن نيار ( وأجلس النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح الهمزة واللام ( جيشًا من الرماة) بضم الراء بالنبل وكانوا خمسين رجلاً ( وأمّر) بتشديد الميم ( عليهم عبد الله) بن جبير بن النعمان أخا بني عمرو بن عوف ( وقال) :
( لا تبرحوا) من مكانكم، وفي رواية زهير في الجهاد حتى أرسل إليكم.
وعند ابن إسحاق فقال: انضح الخيل عنا بالنبل لا يأتوننا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك ( إن رأيتمونا ظهرنا عليهم) غلبناهم ( فلا تبرحوا) من مكانكم ( وإن رأيتموهم) يعني المشركين ( ظهروا علينا فلا تعينونا) .

وعن ابن سعد في الطبقات: وكان أول من أنشب الحرب بينهم أبو عامر الفاسق طلع في خمسين من فومه فنادى: أنا أبو عامر، فقال المسلمون: لا مرحبًا بك ولا أهلاً يا فاسق، فقال: لقد أصاب قومي بعدي شر، ومعه عبيد قريش فتراموا بالحجارة هم والمسلمون حتي ولى أبو عامر وأصحابه، وجعل نساء المشركين يضربن بالدفوف والغرابيل ويحرضن ويذكرنهم قتلى بدر ويقلن: نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق
إن تقبلوا نعانق ... أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
( فلما لقينا) بحذف المفعول ولابن عساكر: لقيناهم وجعل الرماة يرشقون خيلهم بالنبل فتولوا هوارب، فصاح طلحة بن أبي طلحة صاحب اللواء: من يبارز فبرز له علي بن أبي طالب فالتقيا بين الصفين فبدره علي فضربه على رأسه حتى فلق هامته فوقع وهو كبش الكتيبة، فسرّ
رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك وأظهر؛ وكبّر المسلمون وشدوا على كتائب المشركين يضربونهم حتى نقضت صفوفهم، ثم حمل لواءهم عثمان بن أبي طلحة أبو شيبة وهو أمام النسوة يرتجز ويقول:
إن على أهل اللواء حقًّا ... أن تخضب الصعدة أوتندقا
وحمل عليه حمزة بن عبد المطلب فضربه بالسيف على كاهله فقطع يده وكتفه حتى انتهى إلى مؤتزره وبدا سحره، ثم حمله أبو سعيد بن أبي طلحة فرماه سعد بن أبي وقاص فأصاب حنجرته فأدلع لسانه إدلاع الكلب فقتله، ثم حمله مسافع بن طلحة بن أبي طلحة فرماه عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقتله، ثم حمله الحارث بن طلحة بن أبي طلحة فرماه عاصم بن ثابت فقتله، ثم حمله كلاب بن أبي طلحة بن عبيد الله فقتله الزبير بن العوّام، ثم حمله الجلاس بن طلحة بن أبي طلحة بن عبيد الله، ثم حمله أرطأة بن شرحبيل فقتله عليّ بن أبي طالب، ثم حمله شريح بن قارظ فلسنا ندري من قتله، ثم حمله صوّاب غلامهم فقال قائل: قتله سعد بن أبي وقاص، وقال قائل: قتله علي بن أبي طالب، وقال قائل: قتله قزمان وهو أثبت الأقوال، فلما قتل أصحاب اللواء ( هربوا) أي المشركون منهزمين لا يلوون ( حتى رأيت النساء) المشركات ( يشتددن) بفتح التحتية وسكون الشين المعجمة وفتح الفوقية وكسر المهملة الأولى وسكون الثانية بعدها نون أي يسرعن المشي ( في الجبل) ولابن عساكر: يتشددن بتحتية ففوقية فمعجمة فمهملة مشددة مفتوحات، ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني: يسندن بتحتية مضمومة فسين مهملة ساكنة فنون مكسورة فدال مهملة ساكنة فنون أي يصعدن في الجبل ( رفعن) ولأبي ذر: يرفعن ( عن سوقهن) جمع ساق ليعينهن ذلك على سرعة الهرب ( قد بدت) ظهرت ( خلاخلهن) وسمى ابن إسحاق النساء المذكورات: هند بنت عتبة خرجت مع أبي سفيان، وأم حكيم بنت الحارث بن هشام مع زوجها عكرمة بن أبي جهل، وفاطمة بنت الوليد بن المغيرة مع زوجها الحارث بن هشام، وبرزة بنت مسعود الثقفية مع صفوان بن أمية وهي والدة ابن صفوان، وريطة بنت شيبة السهمية مع زوجها عمرو بن العاص وهي والدة ابنة عبد الله، وسلامة بنت سعد عن زوجها طلحة بن أبي طلحة الحجبي، وخناس بنت مالك والدة مصعب بن عمير وعمرة بنت علقمة بن كنانة.

( فأخذوا) أي المسلمون ( يقولون) خذوا ( الغنيمة) خذوا ( الغنيمة.
فقال عبد الله بن جبير: عهد إليّ)
بتشديد التحتية ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لا تبرحوا) من مكانكم ( فأبوا) وقالوا: لم يرد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا قد انهزم المشركون فما مقامنا هاهنا ووقعوا ينتهبون العسكر ويأخذون ما فيه من الغنائم، وثبت أميرهم عبد الله في نفر يسير دون العشرة مكانه وقال: لا أجاوز أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فلما أبَوْا صرف وجوههم) أي تحيروا فلم يدروا أين يذهبون.
ونظر خالد بن الوليد إلى خلاء الجبل وقلة أهله فكرّ بالخيل وتبعه عكرمة بن أبي جهل وحملوا على من بقي من الرماة فقتلوهم وقتل أميرهم عبد الله بن جبير، وانتقضت صفوف المسلمين واستدارت رحاهم
وحالت الريح فصارت دبورًا وكانت قبل ذلك صبا، ونادى إبليس لعنه الله: إن محمدًا قد قتل، واختلط المسلمون فصاروا يقتلون على غير شعار ويضرب بعضهم بعضًا ما يشعرون به من العجلة والدهش.
( فأصيب سبعون قتيلاً) من المسلمين وذكرهم ابن سيد الناس فزادوا على المائة، وقيل: إن السبعين من الأنصار خاصة، وثبت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما زال يرمي عن قوسه حتى صارت شظايا ويرمي بالحجر، وثبت معه عصابة من أصحابه أربعة عشر رجلاً سبعة من المهاجرين منهم: أبو بكر الصديق، وسبعة من الأنصار وكان يوم بلاء وتمحيص أكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة حتى خلص العدوّ إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقذف بالحجارة حتى وقع لشقه وأصيبت رباعيته وشجّ في وجهه وكلمت شفته، وكان الذي أصابه من ضربة وجعل الدم يسيل على وجهه.

( وأشرف) اطلع ( أبو سفيان) صخر بن حرب ( فقال: أفي القوم محمد) ؟ بهمزة الاستفهام.

زاد ابن سعد ثلاثًا ( فقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( لا تجيبوه.
فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة)
؟ أبو بكر الصديق ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( لا تجيبوه.
فقال: أفي القوم ابن الخطاب)
؟ عمر ثم أقبل أبو سفيان على أصحابه ( فقال: إن هؤلاء قتلوا) وقد كفيتموهم ( فلو كانوا أحياء لأجابوا فلم يملك عمر نفسه فقال) له: ( كذبت يا عدوّ الله) إن الذين عددت لأحياء كلهم وقد ( أبقى الله عليك) ولأبي ذر وابن عساكر: لك ( ما يحزنك) بالتحتية المضمومة وسكون الحاء المهملة بعدها نون مضمومة أو بالمعجمة وبعدها تحتية ساكنة ثم ( قال أبو سفيان: أعل) بضم الهمزة وسكون العين المهملة وضم اللام يا ( هبل) بضم الهاء وفتح الموحدة بعدها لام اسم صنم كان في الكعبة أي أظهر دينك أو زد علوًّا أو ليرتفع أمرك ويعز دينك فقد غلبت ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أجيبوه.
قالوا: ما نقول؟ قال)
عليه الصلاة والسلام: ( قولوا الله أعلى وأجل.
قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم)
تأنيث الأعز بالزاي اسم صنم لقريش ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أجيبوه.
قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا الله مولانا)
ولينا وناصرنا ( ولا مولى لكم) أي لا ناصر لكم فالله تعالى مولى العباد جميعًا من جهة الاختراع ومالك التصرف ومولى المؤمنين خاصة من جهة النصرة ( قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر) أي هذا يوم بمقابلة يوم بدر، وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه يوم بدر أصابوا من المشركين أربعين ومائة سبعين أسيرًا وسبعين قتيلاً، وفي أُحُد استشهد من الصحابة سبعون كما مرّ ( والحرب سجال) أي نوب نوبة لك ونوبة لنا ( وتجدون) ولأبي ذر عن الكشميهني: وستجدون ( مثلة) بضم الميم وسكون المثلثة أي بمن استشهد من المسلمين كجدع الآذان والأنوف ( لم آمر بها) أن تفعل بهم، وسقط لابن عساكر والكشميهني لفظ بها ( و) الحال أنها ( لم تسؤني) وإن كنت ما أمرت بها.

وعند ابن إسحاق عن صالح بن كيسان قال: خرجت هند والنسوة معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يجدعن الآذان والأنوف حتى اتخذت هند من ذلك خدمًا وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وقرطها اللاتي كنّ عليها لوحشي جزاء له على قتله حمزة، وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تسغها فلفظتها ثم علت على صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها فقالت:
نحن جزيناكم بيوم بدر ... والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبر ... ولا أخي وعمه وبكر
شفيت نفسي وقضيت نذري ... شفيت وحشيّ غليل صدري
فشكر وحشي عليّ عمري ... حتى ترمّ أعظمي في قبري
وحديث الباب من أفراد المؤلّف.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :3847 ... غــ :4043 ]
- حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ مُوساى عنْ إسرائِيلَ عنْ أبِي إسْحَاقَ عنِ البَرَاءِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لَقينا المُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ وأجْلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَيْشَاً مِنَ الرُّمَاةِ وأمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ الله.

     وَقَالَ  لاَ تَبْرَحُوا إنْ رأيْتُمونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلاَ تَبْرَحُوا وإنِ رَأيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا علَيْنَا فَلاَ تُعِينُونَا فلَمَّا لَقِينا هَرَبُوا حتَّى رأيْتُ النِّساءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الجَبَلِ رفَعْنَ عنْ سُوقِهِنَّ قدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ فأخَذُوا يَقُولُونَ الْغَنِيمَةَ الغَنِيمَةَ فَقالَ عَبْدُ الله بنُ جُبَيْرٍ عَهِدَ إليَّ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ لاَ تَبْرَحُوا فأبَوْا فلَمَّا أبَوْا صُرِفَ وُجُوهُهُمْ فأصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلاً وأشْرَفَ أبُو سُفْيَانَ فَقال أفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ فَقال لاَ تُجِيبُوهُ فَقَالَ أفِي القَوْمِ ابنُ أبِي قُحَافَةَ قَالَ لاَ تُجِيبُوهُ فَقَالَ أفِي القَوْمِ ابنُ الخَطَّابِ فَقَالَ إنَّ هؤُلاءِ قُتِلُوا فلَوْ كانُوا أحْيَاءً لأجَابُوا فلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ الله أبْقَى الله عَلَيْكَ مَا يُحْزِنُكَ: قَالَ أبُو سُفْيَانَ أُعْلُ هُبَلْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أجِيبُوهُ قالُوا قالُوا مَا نَقُولُ؟ قَالَ قوُلُوا الله أعلَى وأجَلَّ.
قالَ أبُو سُفْيانُ: لَنَا العزَّى ولاَ عُزَّىَ لَكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أجِيبُوهُ قالُوا مَا نقُولُ قَالَ قُولُوا الله مَوْلانَا ولاَ مَوْلَى لَكُمْ.
قَالَ أبُو سُفيانَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ والحَرْبُ سِجالٌ وتَجِدُونَ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا ولَمْ تَسُؤنِي.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبيد الله بن مُوسَى بن باذام أَبُو مُحَمَّد الْكُوفِي، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق، يروي عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( يَوْمئِذٍ) أَي: يَوْم أحد.
قَوْله: ( من الرُّمَاة) بِضَم الرَّاء جمع رامٍ.
وَفِي حَدِيث زُهَيْر: وَكَانُوا خمسين رجلا.
قَوْله: ( وَأمر) ، بتَشْديد الْمِيم من التأمير.
قَوْله: ( عبد الله) ، هُوَ ابْن جُبَير، بِضَم الْجِيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن النُّعْمَان بن أُميَّة بن امرىء الْقَيْس، اسْمه البرك بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن عَوْف الْأنْصَارِيّ، شهد الْعقبَة ثمَّ شهد بَدْرًا، وَقتل يَوْم أحد شَهِيدا، قَالَ أَبُو عمر: لَا أعلم لَهُ رِوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ أَخُو خَوات بن جُبَير بن النُّعْمَان لِأَبِيهِ وَأمه.
قَوْله: ( إِن ظهرنا) أَي: غلبناهم.
قَوْله: ( وَإِن رأيتموهم ظَهَرُوا علينا) وَفِي رِوَايَة زُهَيْر: وَإِن رَأَيْتُمُونَا تخطفنا الطير، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أقامهم فِي مَوضِع، ثمَّ قَالَ لَهُم: إحموا ظُهُورنَا، فَإِن رَأَيْتُمُونَا نقْتل فَلَا تنصرونا، وَإِن رَأَيْتُمُونَا قد غنمنا فَلَا تشركونا.
قَوْله: ( يشتددن) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، بِفَتْح أَوله وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَبعدهَا دَال مَكْسُورَة ثمَّ أُخْرَى سَاكِنة أَي: يسرعن الْمَشْي، يُقَال: اشْتَدَّ فِي مَشْيه إِذا أسْرع، وَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة زُهَيْر: وَله رِوَايَة أُخْرَى هُنَا: يسندن، بِضَم أَوله وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة بعْدهَا نون مَكْسُورَة ودال مُهْملَة، أَي: يصعدن، يُقَال: أسْند فِي الْجَبَل يسند إِذا صعد، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ: يشددن، بِفَتْح أَوله وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَضم الدَّال الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة،.

     وَقَالَ  عِيَاض: وَقع للقابسي فِي الْجِهَاد: يسندن، وَكَذَا لِابْنِ السكن فِيهِ، وَفِي الْفَضَائِل وَعند الْأصيلِيّ والنسفي: يشدن بِمُعْجَمَة ودال وَاحِدَة، وَفِي أبي دَاوُد: يصعدن.
قَوْله: ( رفعن عَن سوقهن) ويروى: يرفعن، والسوق جمع: سَاق، وَذَلِكَ ليعينهن ذَلِك على سرعَة الهروب.
قَوْله: ( قد بَدَت) أَي: ظَهرت ( خلاخلهن) وَهُوَ جمع خلخال، كَمَا أَن الخلاخيل جمع خلخال وهما بِمَعْنى وَاحِد.
قَوْله: ( الْغَنِيمَة) بِالنّصب أَي: خُذُوا الْغَنِيمَة، وَقد ظهر أصحابكم فَمَا تنتظرون؟ وَفِي رِوَايَة زُهَيْر: فَقَالَ عبد الله: أنسيتم مَا قَالَ لكم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالُوا: وَالله لنأتين النَّاس فلنصيبن من الْغَنِيمَة.
قَوْله: ( فَلَمَّا أَبَوا صرف وُجُوههم) أَي: تحيروا فَلم يدروا أَن يذهبون وَأَيْنَ يتوجهون.
قَوْله: ( فأصيب سَبْعُونَ قَتِيلا) وَلم يكن فِي عَهده، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ملحمة هِيَ أَشد وَلَا أَكثر قَتْلَى من أحد.
قَوْله: ( وأشرف أَبُو سُفْيَان) أَي: اطلع أَبُو سُفْيَان بن حَرْب رَئِيس الْمُشْركين يَوْمئِذٍ.
قَوْله: ( أَفِي الْقَوْم) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام للاستعلام.
قَوْله: ( أبقى الله عَلَيْك مَا يحزنك) بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي وَالنُّون: من الْحزن ويروى: مَا يخزيك، بِضَم الْيَاء وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الزَّاي من: الخزي.
قَوْله: ( أعل هُبل) أعل أَمر من علا يَعْلُو، و: هُبل، بِضَم الْهَاء وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة: اسْم صنم كَانَ فِي الْكَعْبَة وَهُوَ منادًى حذف مِنْهُ حرف النداء أَي: يَا هُبل، قَالَ ابْن إِسْحَاق: مَعْنَاهُ ظهر دينك،.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: مَعْنَاهُ زد علوا، وَفِي ( التَّوْضِيح) : أَي: ليرتفع أَمرك ويعز دينك فقد غلبت.
قلت: كل هَذَا لَيْسَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، وَلَكِن فِي الْوَاقِع يرجع مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَاهُ إِلَى هَذِه الْمعَانِي، قَالَ الْكرْمَانِي: مَا معنى أعل وَلَا علو فِي هُبل، ثمَّ أجَاب بقوله: هُوَ بِمَعْنى العلى، أَو المُرَاد أَعلَى من كل شَيْء.
انْتهى.
قلت: ظن أَنه أَعلَى هُبل، على وزن أفعل التَّفْضِيل، فَلذَلِك سَأَلَ بِمَا سَأَلَ وَأجَاب بِمَا أجَاب وَهُوَ واهم فِي هَذَا، وَالصَّوَاب مَا ذَكرْنَاهُ.
قَوْله: ( الْعُزَّى) وَهُوَ تَأْنِيث الْأَعَز بالزاي، وَهُوَ اسْم صنم لقريش، وَيُقَال: الْعُزَّى سَمُرَة كَانَت غطفان يعبدونها وبنوا عَلَيْهَا بَيْتا وَأَقَامُوا لَهَا سدنة، فَبعث إِلَيْهَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فهدم الْبَيْت وأحرق السمرَة، وَهُوَ يَقُول:
( يَا عزى كُفْرَانك لَا سُبْحَانَكَ ... إِنِّي رَأَيْت الله قد أَهَانَك)

قَوْله: ( الله مَوْلَانَا وَلَا مولى لكم) أَي: الله ناصرنا وَلَا نَاصِر لكم.
قَوْله: ( يَوْم بِيَوْم بدر) أَي: هَذَا يَوْم بِمُقَابلَة يَوْم بدر، لِأَن فِي بدر قتل مِنْهُم سَبْعُونَ، وَفِي أحد قتلوا سبعين من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
قَوْله: ( وَالْحَرب سِجَال) يَعْنِي: ساجلة يَعْنِي: متداولة يَوْم لنا وَيَوْم علينا.
قَوْله: ( وتجدون) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: وستجدون.
قَوْله: ( مثلَة) بِضَم الْمِيم على وزن: فعلة، من مثل إِذا قطع وجذع كَمَا فعلوا بِحَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَالَ إِبْنِ إِسْحَاق: حَدثنِي صَالح بن كيسَان، قَالَ: خرجت هِنْد والنسوة مَعهَا يمثلن بالقتلى يجذعن الآذان والأنوف حَتَّى اتَّخذت هِنْد من ذَلِك خدماً وقلائد، وأعطت خدمها وقلائدها أَي: اللَّاتِي كن عَلَيْهَا لوحشي جَزَاء لَهُ على قتل حَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وبقرت عَن كبد حَمْزَة، فلاكتها فَلم تستطع أَن تسيغها، فلفظتها.
قَوْله: ( لم آمُر بهَا) أَي: بالمثلة، وَفِي رِوَايَة إِبْنِ إِسْحَاق! وَالله مَا رضيت وَمَا سخطت وَمَا نهيت وَمَا أمرت، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: وَلم يكن ذَلِك عَن رَأس سراتتا، ثمَّ أَدْرَكته حمية الْجَاهِلِيَّة، أما أَنه إِذْ كَانَ لم يكرههُ.
قَوْله: ( وَلم تسؤني) أَي: وَالْحَال أَن الْمثلَة الَّتِي فَعَلُوهَا لم تسؤني، وَإِن كنت مَا أمرت.