هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3888 حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً عَيْنًا ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ وَهُوَ جَدُّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ : بَنُو لَحْيَانَ ، فَتَبِعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَامٍ ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلًا نَزَلُوهُ ، فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ تَزَوَّدُوهُ مِنَ المَدِينَةِ ، فَقَالُوا : هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ ، فَتَبِعُوا آثَارَهُمْ حَتَّى لَحِقُوهُمْ ، فَلَمَّا انْتَهَى عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ ، وَجَاءَ القَوْمُ فَأَحَاطُوا بِهِمْ ، فَقَالُوا : لَكُمُ العَهْدُ وَالمِيثَاقُ إِنْ نَزَلْتُمْ إِلَيْنَا ، أَنْ لاَ نَقْتُلَ مِنْكُمْ رَجُلًا ، فَقَالَ عَاصِمٌ : أَمَّا أَنَا فَلاَ أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ بِالنَّبْلِ ، وَبَقِيَ خُبَيْبٌ وَزَيْدٌ وَرَجُلٌ آخَرُ ، فَأَعْطَوْهُمُ العَهْدَ وَالمِيثَاقَ ، فَلَمَّا أَعْطَوْهُمُ العَهْدَ وَالمِيثَاقَ نَزَلُوا إِلَيْهِمْ ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ حَلُّوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ ، فَرَبَطُوهُمْ بِهَا ، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ الَّذِي مَعَهُمَا : هَذَا أَوَّلُ الغَدْرِ ، فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَلَمْ يَفْعَلْ فَقَتَلُوهُ ، وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ ، وَزَيْدٍ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ ، فَاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا ، حَتَّى إِذَا أَجْمَعُوا قَتْلَهُ ، اسْتَعَارَ مُوسًى مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الحَارِثِ لِيَسْتَحِدَّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ ، قَالَتْ : فَغَفَلْتُ عَنْ صَبِيٍّ لِي ، فَدَرَجَ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ فَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَ ذَاكَ مِنِّي وَفِي يَدِهِ المُوسَى ، فَقَالَ : أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَاكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَكَانَتْ تَقُولُ : مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ وَمَا بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ ثَمَرَةٌ ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الحَدِيدِ ، وَمَا كَانَ إِلَّا رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ ، فَخَرَجُوا بِهِ مِنَ الحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ ، فَقَالَ : دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : لَوْلاَ أَنْ تَرَوْا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ مِنَ المَوْتِ لَزِدْتُ ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ القَتْلِ هُوَ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا ، ثُمَّ قَالَ :
مَا أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا
عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
،
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ
يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ عُقبَةُ بْنُ الحَارِثِ فَقَتَلَهُ ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ إِلَى عَاصِمٍ لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ يَعْرِفُونَهُ ، وَكَانَ عَاصِمٌ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ ، فَلَمْ يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  right:20px>ما أبالي حين أقتل مسلما
على أي شق كان لله مصرعي
،
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله ، وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه ، وكان عاصم قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر ، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر ، فحمته من رسلهم ، فلم يقدروا منه على شيء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) sent a Sariya of spies and appointed `Asim bin Thabit, the grandfather of `Asim bin `Umar bin Al-Khattab, as their leader. So they set out, and when they reached (a place) between 'Usfan and Mecca, they were mentioned to one of the branch tribes of Bani Hudhail called Lihyan. So, about one-hundred archers followed their traces till they (i.e. the archers) came to a journey station where they (i.e. `Asim and his companions) had encamped and found stones of dates they had brought as journey food from Medina. The archers said, These are the dates of Medina, and followed their traces till they took them over. When `Asim and his companions were not able to go ahead, they went up a high place, and their pursuers encircled them and said, You have a covenant and a promise that if you come down to us, we will not kill anyone of you. `Asim said, As for me, I will never come down on the security of an infidel. O Allah! Inform Your Prophet about us. So they fought with them till they killed `Asim along with seven of his companions with arrows, and there remained Khubaib, Zaid and another man to whom they gave a promise and a covenant. So when the infidels gave them the covenant and promise, they came down. When they captured them, they opened the strings of their arrow bows and tied them with it. The third man who was with them said, This is the first breach in the covenant, and refused to accompany them. They dragged him and tried to make him accompany them, but he refused, and they killed him. Then they proceeded on taking Khubaib and Zaid till they sold them in Mecca. The sons of Al-Harith bin `Amr bin Naufal bought Khubaib. It was Khubaib who had killed Al-Harith bin `Amr on the day of Badr. Khubaib stayed with them for a while as a captive till they decided unanimously to kill him. (At that time) Khubaib borrowed a razor from one of the daughters of Al- Harith to shave his pubic hair. She gave it to him. She said later on, I was heedless of a little baby of mine, who moved towards Khubaib, and when it reached him, he put it on his thigh. When I saw it, I got scared so much that Khubaib noticed my distress while he was carrying the razor in his hand. He said 'Are you afraid that I will kill it? Allah willing, I will never do that,' Later on she used to say, I have never seen a captive better than Khubaib Once I saw him eating from a bunch of grapes although at that time no fruits were available at Mecca, and he was fettered with iron chains, and in fact, it was nothing but food bestowed upon him by Allah. So they took him out of the Sanctuary (of Mecca) to kill him. He said, Allow me to offer a two-rak`at prayer. Then he went to them and said, Had I not been afraid that you would think I was afraid of death, I would have prayed for a longer time. So it was Khubaib who first set the tradition of praying two rak`at before being executed. He then said, O Allah! Count them one by one, and added, 'When I am being martyred as a Muslim, I do not care in what way I receive my death for Allah's Sake, because this death is in Allah's Cause. If He wishes, He will bless the cut limbs. Then `Uqba bin Al-Harith got up and martyred him. The narrator added: The Quraish (infidels) sent some people to `Asim in order to bring a part of his body so that his death might be known for certain, for `Asim had killed one of their chiefs on the day of Badr. But Allah sent a cloud of wasps which protected his body from their messengers who could not harm his body consequently.

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ ورِعْلٍ وذَكْوَانَ وبِئْرِ مَعُونَةَ وحَدِيثِ عَضَلٍ والقارَة وعاصِمِ بنِ ثَابِتٍ وخُبَيْبٍ وأصْحَابِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان غَزْوَة الرجيع ... إِلَخ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة أبي ذَر وَلَفظ: بابُُ، والرجيع، بِفَتْح الرَّاء وَكسر الْجِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره عين مُهْملَة، وَهُوَ اسْم مَوضِع من بِلَاد هُذَيْل، وَكَانَت الْوَقْعَة بِالْقربِ مِنْهُ فسميت بِهِ،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: الرجيع على ثَمَانِيَة أَمْيَال من عسفان وَكَانَت فِي صفر من سنة أَربع، وَجزم ابْن التِّين بِأَن غَزْوَة الرجيع فِي آخر سنة ثَلَاث، وغزوة بِئْر مَعُونَة سنة أَربع، وغزوة بني لحيان سنة خمس.

قَوْله: ( ورعل) أَي: وغزوة رعل، بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وباللام، وَهُوَ بطن من بني سليم ينسبون إِلَى رعل بن عَوْف بن مَالك بن امرىء الْقَيْس بن بهثة بن سليم.
قَوْله: ( وذكوان) ، بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَهُوَ أَيْضا بطن من بني سليم، ينسبون إِلَى ذكْوَان بن ثَعْلَبَة بن بهثة بن سليم، فنسبت الْغَزْوَة إِلَيْهَا.
قَوْله: ( وبئر مَعُونَة) بِفَتْح الْمِيم وَضم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وبالنون: وَهُوَ مَوضِع فِي بِلَاد هُذَيْل بَين مَكَّة وَعُسْفَان.
قَوْله: ( وَحَدِيث عضل والقارة) أَي: وَفِي بَيَان حَدِيثهمَا، أما عضل، فبالعين الْمُهْملَة وَالضَّاد الْمُعْجَمَة المفتوحتين وَهُوَ بطن من بني الْهون بن خُزَيْمَة ابْن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر ينتسبون إِلَى عضل بن الديش بن محلم بن غَالب بن عائذة بن يشيع بن مليح بن الْهون بن خُزَيْمَة، قَالَ الرشاطي: يُقَال لَهُم: القارة.

     وَقَالَ  ابْن الْكَلْبِيّ: الديش هم لقارة، وَأما القارة، فبالقاف وَتَخْفِيف الرَّاء: وَهُوَ بطن من الْهون ينتسبون إِلَى الديش الْمَذْكُور،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: القارة أكمة سَوْدَاء فِيهَا حِجَارَة كَأَنَّهُمْ نزلُوا عِنْدهَا فسموا بهَا.
قَوْله: ( وَعَاصِم بن ثَابت) أَي: وَحَدِيث عَاصِم بن ثَابت بن أبي الأقلح، بِالْقَافِ والحاء الْمُهْملَة الْأنْصَارِيّ، وخبيب أَي: وَحَدِيث خبيب، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، وَقد مر غير مرّة.
قَوْله: وَأَصْحَابه أَي: أَصْحَاب خبيب، وهم الْعشْرَة.
وَأعلم أَن غَزْوَة الرجيع وبئر مَعُونَة شَيْء وَاحِد على سِيَاق هَذِه التَّرْجَمَة، وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن غَزْوَة الرجيع، كَانَت سَرِيَّة عَاصِم وخبيب فِي عشرَة أنفس وَهِي مَعَ عضل، والقارة، وبئر مَعُونَة كَانَت سَرِيَّة الْقُرَّاء السّبْعين، وَهِي مَعَ رعل وذكوان، وَأعلم أَيْضا أَنه لم يَقع ذكر عضل والقارة عِنْد البُخَارِيّ صَرِيحًا، وَإِنَّمَا وَقع ذَلِك عِنْد ابْن إِسْحَاق.

قَالَ ابنُ إسْحَاقَ حدَّثنا عاصِمُ بنُ عُمَرَ أنَّهَا بَعْدَ أُحُدٍ
أَي: قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَاحب ( الْمَغَازِي) : حَدثنَا عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة بن النُّعْمَان الظفري الْأنْصَارِيّ الأوسي، كَانَ عَلامَة بالمغازي.
قَوْله: ( أَنَّهَا) أَي: أَن غَزْوَة الرجيع كَانَت بعد غَزْوَة أحد، فَإِنَّهُ لما استوفى قصَّة أحد ذكر يَوْم الرجيع: حَدثنِي عَاصِم ابْن عمر قَالَ: قدم على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد أحد رَهْط من عضل والقارة، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله! إِن فِينَا إسلاماً فَابْعَثْ مَعنا نَفرا من أَصْحَابك يفقهوننا، فَبعث مَعَهم سِتَّة من أَصْحَابه وهم: مرْثَد بن أبي مرْثَد الغنوي حَلِيف حَمْزَة بن عبد الْمطلب، وَهُوَ أَمِير الْقَوْم، وخَالِد بن بكير اللَّيْثِيّ حَلِيف بني عدي أَخُو بني جحجبي، وثات بن أبي الْأَفْلَح، وخبيب بن عدي، وَزيد بن الدثنة، وَعبد الله بن طَارق، فَذكر الْقِصَّة.



[ قــ :3888 ... غــ :4086 ]
- حدَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخْبَرَنَا هِشَامُ بنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عَمْرِو ابنِ أبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّةً عَيْنَاً وأمَّرَ عَلَيْهِمْ عاصِمَ بنَ ثَابِتٍ وَهْوَ جَدُّ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فانْطَلَقُوا حَتَّى إذَا كانَ بَيْنَ عُسْفَانَ ومَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ فتَبِعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مَائَةِ رَامٍ فاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى أتَوْا مَنْزِلاً نَزَلُوهُ فوَجَدُوا فِيهِ نَوَي تَمْرٍ تَزَوَّدُوهُ مِنَ المَدِينَةِ فقالُوا هاذا تَمْرُ يَثْرِبَ فتَبِعُوا آثَارَهُمْ حتَّى لَحِقُوهُمْ فلَمَّا انْتَهَى عاصِمٌ وأصْحَابَهُ لَجؤُا إِلَى فَدْفَدٍ وجاءَ القَوْمُ فأحَاطُوا بِهِمْ فَقالُوا لَكُمُ العَهْدُ والمِيثَاقُ إنْ نَزَلْتُمْ إلَيْنَا أنْ لاَ نَقْتُلَ مِنْكُمْ رَجُلاً فَقَالَ عاصِمٌ أمَّا أنَا فَلا أنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كافِرٍ أللَّهُمَّ أخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ فَقاتَلُوهُمْ حتَّى قَتَلُوا عاصِمَاً فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ بالنَّبْلِ وبَقِيَ خُبَيْبٌ وزَيْدٌ ورَجُلٌ آخَرُ فأعْطُوهُمُ العَهْدَ والمِيثَاقَ فلَمَّا أعْطَوْهُمُ العَهْدَ والمِيثَاقَ نَزَلُوا إلَيْهِمْ فلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ حَلوا أوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فرَبَطُوهُمْ بِهَا فقَالَ الرُّجُلُ الثَّالِثُ الَّذِي مَعَهُمَا هاذَا أوَّلُ الغَدْرِ فأبَى أنْ يَصْحَبَهُمْ فجَرَّرُوهُ وعالَجُوهُ علَى أنْ يَصْحَبَهُمْ فلَمْ يَفْعَلْ فقَتَلُوهُ وانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وزَيْدٍ حتَّى باعُوهُما بِمَكَّةَ فاشْتَرَى خُبَيْبَاً بَنُو الحَارِثِ بنِ عامِرِ بنِ نَوْفَلٍ وكانَ خُبَيْبٌ هُوَ قتَلَ الحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ فمَكَثَ عِنْدَهُمْ أسِيرَاً حتَّى إذَا أجْمَعُوا قَتْلَهُ اسْتعارَ مُوساى مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الحَارِثِ لِيَسْتَحِدَّ بِهَا فأعَارَتْهُ قالَتْ فغَفَلْتُ عَنْ صَبِيٍّ لِي فدَرَجَ إلَيْهِ حتَّى أتَاهُ فوَضَعَهُ علَى فَخِذِهِ فلَمَّا رأيْتُهُ فزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَ ذااكَ مِنِّي وَفِي يَدِهِ المُوساى فَقَالَ أتَخْشَيْنَ أنْ أقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لاَِفْعَلَ ذالِكَ إنْ شَاءَ الله وكانَتْ تقُولُ مَا رأيْتُ أسِيرَاً قَط خَيْرَاً مِنْ خُبَيْبٍ لَقَدْ رأيْتُهُ يأكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ وَمَا بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ ثَمَرَةٌ وإنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الحَدِيدِ وَمَا كانَ إلاَّ رِزْقٌ رزَقَهُ الله فخَرَجُوا بِهِ مِنَ الحَرَمَ لِيَقْتُلُوهُ فَقَالَ دَعُونِي أصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انصَرَفَ إلَيْهِمْ فَقَالَ لَوْلا أنْ تَرَوْا أنَّ مَا بِي جَزَعٌ مِنَ المَوْتِ لَزِدْتُ فَكانَ أوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ القَتْلِ هُوَ ثُمَّ قَالَ أللَّهُمَّ أحْصِهِمْ عَدَدَاً ثُمَّ قالَ:
( مَا أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمَاً ... علَى أيِّ شِقٍّ كانَ لله مَصْرَعِي)

( وذَلِكَ فِي ذَاتِ الإلاهِ وإنْ يَشَأ ... يُبَارِكْ علَى أوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ)

ثُمَّ قامَ إلَيْهِ عُقْبَةُ بنُ الحَارِثِ فقَتَلَهُ وبَعَثَتْ قُرَيْشٌ إلَى عاصِمٍ لِيُؤْتُوا بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ يَعْرِفُونَهُ وَكَانَ عاصِمٌ قتَلَ عَظِيمَاً مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْر فبَعَثَ الله علَيْهِ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ فلَمْ يَقْدِرُوا مِنْهُ علَى شَيْءٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَهَذَا الحَدِيث قد مر فِي كتاب الْجِهَاد فِي: بابُُ هَل يستأسر الرجل؟ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ الخ، ثمَّ أخرجه أَيْضا فِي أثْنَاء أَبْوَاب غَزْوَة بدر عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن إِبْرَاهِيم عَن ابْن شهَاب ... إِلَخ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، ولنتكلم على بعض شَيْء أَيْضا.

قَوْله: ( عَن عَمْرو بن سُفْيَان) عَمْرو، بِفَتْح الْعين، هَكَذَا تقدم فِي الْجِهَاد: عَمْرو بن أبي سُفْيَان بن أسيد بن جَارِيَة الثَّقَفِيّ، وَهُوَ حَلِيف لبني زهرَة، وَكَانَ من أَصْحَاب أبي هُرَيْرَة، وَإِبْرَاهِيم ابْن سعد يَقُول: عَن الزُّهْرِيّ عَن عمر، بِضَم الْعين، وَاخْتلفُوا فِيهِ فَقَالَ البُخَارِيّ فِي ( تَارِيخه) : عَمْرو أصح.
قَوْله: ( سَرِيَّة) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بسرية، بِزِيَادَة بَاء مُوَحدَة فِي أَوله، وَقد مضى فِيمَا تقدم فِي غَزْوَة بدر: بعث عشرَة عينا أَي: يتجسسون لَهُ، وَفِي رِوَايَة أبي الْأسود عَن عُرْوَة بَعثهمْ عيُونا إِلَى مَكَّة ليأتوه بِخَبَر قُرَيْش.
قَوْله: ( وأمَّرَ) بتَشْديد الْمِيم.
قَوْله: ( عَاصِم بن ثَابت) وَفِي السّير: أَمر عَلَيْهِم مرْثَد بن أبي مرْثَد.
قَوْله: ( وَهُوَ جد عَاصِم بن عمر) وَقد ذكرنَا فِيمَا تقدم أَنه خَال عَاصِم لَا جده،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: جد عَاصِم عِنْد بَعضهم، وَأما الْأَكْثَرُونَ فَيَقُولُونَ: هُوَ خَاله لَا جده.
قَوْله: ( عسفان) بِضَم الْعين وَسُكُون السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ: وَهِي قَرْيَة على مرحلَتَيْنِ من مَكَّة، وَقد مر غير مرّة.
قَوْله: ( ذكرُوا) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( بَنو لحيان) بِكَسْر اللاَّم، وَقيل بِفَتْحِهَا، ولحيان هُوَ ابْن هُذَيْل نَفسه، وهذيل هُوَ ابْن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر، وَزعم الْهَمدَانِي النسابة أَن أصل بني لحيان من بقايا جرهم دخلُوا فِي هُذَيْل فنسبوا إِلَيْهِم،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: إِن سَبَب خُرُوج بني لحيان عَلَيْهِم قتل سُفْيَان بن نتيج الْهُذلِيّ، وَكَانَ قتل سُفْيَان هَذَا على يَد عبد الله بن أنيس، وَذكر أَبُو دَاوُد قصَّته بِإِسْنَاد حسن.
قَوْله: ( فَاقْتَصُّوا آثَارهم) أَي: اتبعوها شَيْئا فَشَيْئًا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {.

     وَقَالَ ت لأخته قصيه}
( الْقَصَص: 11) أَي: اتبعي أَثَره، وَيجوز بِالسِّين.
قَوْله: ( إِلَى فدفد) ، بِفَتْح الفاءين وَسُكُون الْمُهْملَة الأولى، وَهُوَ الرابية المشرفة، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي دَاوُد: إِلَى قردد، بقاف وَرَاء ودالين،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: هُوَ الْموضع الْمُرْتَفع، وَقيل: الأَرْض المستوية، وَالْأول أصح.
قَوْله: ( أللهم أخبر نبيك) ، ويروي: ( أللهم أخبر عَنَّا رَسُولك) ، وَفِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيّ: عَن إِبْرَاهِيم بن سعد: فَاسْتَجَاب الله لعاصم، فَأخْبر رَسُوله خَبره فَأخْبر أَصْحَابه بذلك يَوْم أصيبوا.
قَوْله: ( فِي سَبْعَة) ، أَي: فِي جملَة سَبْعَة.
قَوْله: ( وَبَقِي خبيب) ، هُوَ ابْن عدي.
قَوْله: ( وَزيد) ، هُوَ ابْن الدثنة، بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَكسر الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفتح النُّون.
قَوْله: ( وَرجل آخر) ، هُوَ عبد الله بن طَارق الظفري، بَين ذَلِك ابْن إِسْحَاق فِي رِوَايَته حَيْثُ قَالَ: فَأَما خبيب بن عدي وَزيد بن الدثنة وَعبد الله بن طَارق فاستأسروا.
قَوْله: ( فَقَالَ الرجل الثَّالِث) هُوَ عبد الله بن طَارق.
قَوْله: ( حَتَّى باعوهما) أَي: خبيباً وزيداً، وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: فَأَما زيد فابتاعه صَفْوَان بن أُميَّة فَقتله بِأَبِيهِ،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: الَّذِي تولى قَتله نسطاس مولى صَفْوَان.
قَوْله: ( فَاشْترى خبيباً بَنو الْحَارِث) ، بيّن ابْن إِسْحَاق أَن الَّذِي اشْتَرَاهُ جحير بن أبي أهاب التَّمِيمِي حَلِيف بني نَوْفَل، وَكَانَ أَخا الْحَارِث بن عَامر لأمه، وَفِي رِوَايَة بُرَيْدَة بن سُفْيَان بِأَنَّهُم اشْتَروا خبيباً بِأمة سَوْدَاء،.

     وَقَالَ  ابْن هِشَام: باعوهما بأسيرين من هُذَيْل كَانَا بِمَكَّة، وَلَا مُنَافَاة بَينهمَا لِإِمْكَان الْجمع.
قَوْله: ( وَكَانَ خبيب هُوَ الَّذِي قتل الْحَارِث يَوْم بدر) هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة البُخَارِيّ، فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة، فَذكر خبيب بن عدي فِيمَن شهد بَدْرًا،.

     وَقَالَ  الْحَافِظ الدمياطي، لم يذكر أحد من أهل الْمَغَازِي أَن خبيب بن عدي شهد بَدْرًا وَلَا قتل الْحَارِث بن عَامر، وَإِنَّمَا ذكرُوا أَن الَّذِي قتل الْحَارِث بن عَامر ببدر خبيب ابْن أساف، وَهُوَ غير خبيب بن عدي وَهُوَ خزرجي، وخبيب بن عدي أوسي.
قَوْله: ( من بعض بَنَات الْحَارِث) ذكر فِي ( الْأَطْرَاف) لخلف: أَن اسْمهَا زَيْنَب بنت الْحَارِث، وَهِي أُخْت عقبَة بن الْحَارِث الَّذِي قتل خبيباً، وَقيل: امْرَأَته.
قَوْله: ( وَكَانَت تَقول) ، الضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى بعض بِنَا الْحَارِث وَهُوَ زَيْنَب، كَمَا ذكرنَا،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: عَن عبد الله بن أبي نجيح، قَالَ: حدثت عَن ماوية مولاة جحير، بالراء فِي آخِره: ابْن أبي إهَاب، وَكَانَت قد أسلمت، قَالَت: حبس خبيب فِي بَيْتِي وَلَقَد أطلعت عَلَيْهِ يَوْمًا وَإِن فِي يَده لقطفاً من عِنَب مثل رَأس الْحَبل يَأْكُل مِنْهُ قيل أَن كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا احْتمل أَن يكون كل من ماوية وَزَيْنَب رَأَتْ القطف فِي يَده يَأْكُلهُ وَإِن الَّتِي حبس فِي بَيتهَا ماوية، وَالَّتِي كَانَت تحرسه زَيْنَب، جمعا بَين الرِّوَايَتَيْنِ، وَذكر ابْن بطال: أَن اسْم الْمَرْأَة جوَيْرِية، قَالَ بَعضهم: فَيحْتَمل أَن يكون لما رأى قَول ابْن إِسْحَاق، إِنَّهَا مولاة جحير بن أبي إهَاب أطلق عَلَيْهَا جوَيْرِية لكَونهَا أمته، أَو يكون وَقعت لَهُ رِوَايَة فِيهَا أَن اسْمهَا جويرة؟ قلت: الِاحْتِمَال الثَّانِي لَهُ وَجه، وَالْأول بعيد.
قَوْله: ( عَن صبي لي) ، ذكر الزبير بن بكار أَن هَذَا الصَّبِي هُوَ أَبُو حُسَيْن بن الْحَارِث بن عدي بن نَوْفَل بن عبد منَاف، وَهُوَ جد عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن الْمَكِّيّ الْمُحدث، وَهُوَ من أَقْرَان الزُّهْرِيّ.
قَوْله: ( من قطف عِنَب) بِكَسْر الْقَاف: وَهُوَ العنقود.
قَوْله: ( لموثق) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة أَي: مُقَيّد بالحديد.
قَوْله: ( فَخَرجُوا بِهِ من الْحرم) ، قَالَ ابْن إِسْحَاق: أَخْرجُوهُ إِلَى التَّنْعِيم.
قَوْله: ( دَعونِي أُصَلِّي) بِالْيَاءِ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أصلِّ، بِغَيْر يَاء.
.

     وَقَالَ  مُوسَى بن عقبَة: إِنَّه صلى رَكْعَتَيْنِ فِي مَوضِع مَسْجِد التَّنْعِيم.
قَوْله: ( أللهم إحصهم عددا) دُعَاء عَلَيْهِم بالاستئصال والهلاك بِحَيْثُ لَا يبْقى مِنْهُم أحد، وَزَاد فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد: ( واقتلهم بدداً) .
أَي: مُتَفَرّقين ( وَلَا تبْق مِنْهُم أحدا) ويروى أَنه لما رفع على الْخَشَبَة اسْتقْبل الدُّعَاء، فلبد رجل بِالْأَرْضِ خوفًا من دُعَائِهِ، وَأَنه لم يحل الْحول وَمِنْهُم أحد غير ذَلِك الرجل الَّذِي لبد بِالْأَرْضِ.
قَوْله: ( قتل عَظِيما من عظمائهم يَوْم بدر) ، قيل: لَعَلَّ الْعَظِيم الْمَذْكُور عقبَة بن أبي معيط، فَإِن عَاصِمًا قَتله صبرا بِأَمْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد أَن انصرفوا من بدر.
قَوْله: ( مثل الظلة) ، بِضَم الظَّاء الْمُعْجَمَة وَهِي السحابة.
قَوْله: ( من الدبر) بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَهِي: الزنابير، وَقيل: ذُكُور النَّحْل، وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه.
قَوْله: ( فحمته) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْمِيم: أَي: منعته مِنْهُم فَلم يقدروا مِنْهُ على شَيْء، وَفِي رِوَايَة شُعَيْب: فَلم يقدروا أَن يقطعوا من لَحْمه شَيْئا، وَفِي رِوَايَة أبي الْأسود عَن عُرْوَة: فَبعث الله عَلَيْهِم الدبر يطير فِي وُجُوههم ويلدغهم فحالت بَينهم وَبَين أَن يقطعوا.