هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3937 حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حِينَ قَالَ لَهَا : أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا ، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا ، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ ، وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا ، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ ، قَالُوا : قَالَتْ عَائِشَةُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ ، فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي ، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الحِجَابُ ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ ، دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي ، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ ، قَالَتْ : وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي ، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ فَسَارُوا ، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي ، غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي ، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي ، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي ، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي ، وَوَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ ، وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا ، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا ، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَهُمْ نُزُولٌ ، قَالَتْ : فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ، قَالَ عُرْوَةُ : أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ ، وَقَالَ عُرْوَةُ أَيْضًا : لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إِلَّا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ ، فِي نَاسٍ آخَرِينَ لاَ عِلْمَ لِي بِهِمْ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَإِنَّ كِبْرَ ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ، قَالَ عُرْوَةُ : كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ ، وَتَقُولُ : إِنَّهُ الَّذِي قَالَ :
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي
لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا ، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ ، لاَ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي ، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسَلِّمُ ، ثُمَّ يَقُولُ : كَيْفَ تِيكُمْ ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ ، فَذَلِكَ يَرِيبُنِي وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ ، حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ، وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا ، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ ال كُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا ، قَالَتْ : وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ فِي البَرِّيَّةِ قِبَلَ الغَائِطِ ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا ، قَالَتْ : فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ ، وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ ، خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ المُطَّلِبِ ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا ، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ ، فَقُلْتُ لَهَا : بِئْسَ مَا قُلْتِ ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا ؟ فَقَالَتْ : أَيْ هَنْتَاهْ وَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ ؟ قَالَتْ : وَقُلْتُ : مَا قَالَ ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ ، قَالَتْ : فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : كَيْفَ تِيكُمْ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ ؟ قَالَتْ : وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا ، قَالَتْ : فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ لِأُمِّي : يَا أُمَّتَاهُ ، مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ ؟ قَالَتْ : يَا بُنَيَّةُ ، هَوِّنِي عَلَيْكِ ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا ، لَهَا ضَرَائِرُ ، إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا ؟ قَالَتْ : فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي ، قَالَتْ : وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ ، قَالَتْ : فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ ، فَقَالَ أُسَامَةُ : أَهْلَكَ ، وَلاَ نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ ، وَسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ ، قَالَتْ : فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ ، فَقَالَ : أَيْ بَرِيرَةُ ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ ؟ . قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ، مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا ، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ ، قَالَتْ : فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا ، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي . قَالَتْ : فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ، فَقَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْذِرُكَ ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ ، قَالَتْ : فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ ، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ ، قَالَتْ : وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا ، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقَالَ لِسَعْدٍ : كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُهُ ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ . فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ : كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ ، قَالَتْ : فَثَارَ الحَيَّانِ الأَوْسُ ، وَالخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ ، قَالَتْ : فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ ، قَالَتْ : فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ كُلَّهُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ، قَالَتْ : وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي ، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا ، لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ، حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي ، فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي ، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا ، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي ، قَالَتْ : فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ ، قَالَتْ : وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا ، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ ، قَالَتْ : فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، يَا عَائِشَةُ ، إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا ، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً ، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، قَالَتْ : فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً ، فَقُلْتُ لِأَبِي : أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِّي فِيمَا قَالَ : فَقَالَ أَبِي : وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ لِأُمِّي : أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ : قَالَتْ أُمِّي : وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ : لاَ أَقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ كَثِيرًا : إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ : لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ : إِنِّي بَرِيئَةٌ ، لاَ تُصَدِّقُونِي ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ ، لَتُصَدِّقُنِّي ، فَوَاللَّهِ لاَ أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى ، لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا ، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ ، قَالَتْ : فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ : يَا عَائِشَةُ ، أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ . قَالَتْ : فَقَالَتْ لِي أُمِّي : قُومِي إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ ، فَإِنِّي لاَ أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَتْ : وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ } العَشْرَ الآيَاتِ ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ : وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا ، بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : { وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ } - إِلَى قَوْلِهِ - { غَفُورٌ رَحِيمٌ } ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي ، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا ، قَالَتْ عَائِشَةُ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي ، فَقَالَ لِزَيْنَبَ : مَاذَا عَلِمْتِ ، أَوْ رَأَيْتِ . فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا ، قَالَتْ عَائِشَةُ : وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالوَرَعِ ، قَالَتْ : وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا ، فَهَلَكَتْ ، فِيمَنْ هَلَكَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ ، قَالَتْ : ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  right:20px>فإن أبي ووالده وعرضي
لعرض محمد منكم وقاء
قالت عائشة : فقدمنا المدينة ، فاشتكيت حين قدمت شهرا ، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ، لا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ، ثم يقول : كيف تيكم ، ثم ينصرف ، فذلك يريبني ولا أشعر بالشر ، حتى خرجت حين نقهت ، فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع ، وكان متبرزنا ، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ ال كنف قريبا من بيوتنا ، قالت : وأمرنا أمر العرب الأول في البرية قبل الغائط ، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا ، قالت : فانطلقت أنا وأم مسطح ، وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف ، وأمها بنت صخر بن عامر ، خالة أبي بكر الصديق ، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب ، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح ، فقلت لها : بئس ما قلت ، أتسبين رجلا شهد بدرا ؟ فقالت : أي هنتاه ولم تسمعي ما قال ؟ قالت : وقلت : ما قال ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك ، قالت : فازددت مرضا على مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ، ثم قال : كيف تيكم ، فقلت له : أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ قالت : وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما ، قالت : فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت لأمي : يا أمتاه ، ماذا يتحدث الناس ؟ قالت : يا بنية ، هوني عليك ، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ، لها ضرائر ، إلا كثرن عليها ، قالت : فقلت : سبحان الله ، أولقد تحدث الناس بهذا ؟ قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، ثم أصبحت أبكي ، قالت : ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي ، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله ، قالت : فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله ، وبالذي يعلم لهم في نفسه ، فقال أسامة : أهلك ، ولا نعلم إلا خيرا ، وأما علي فقال : يا رسول الله ، لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، وسل الجارية تصدقك ، قالت : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة ، فقال : أي بريرة ، هل رأيت من شيء يريبك ؟ . قالت له بريرة : والذي بعثك بالحق ، ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه غير أنها جارية حديثة السن ، تنام عن عجين أهلها ، فتأتي الداجن فتأكله ، قالت : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبي ، وهو على المنبر ، فقال : يا معشر المسلمين ، من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي ، والله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما يدخل على أهلي إلا معي . قالت : فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل ، فقال : أنا يا رسول الله أعذرك ، فإن كان من الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ، قالت : فقام رجل من الخزرج ، وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه ، وهو سعد بن عبادة ، وهو سيد الخزرج ، قالت : وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية ، فقال لسعد : كذبت لعمر الله لا تقتله ، ولا تقدر على قتله ، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل . فقام أسيد بن حضير ، وهو ابن عم سعد ، فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين ، قالت : فثار الحيان الأوس ، والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر ، قالت : فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم ، حتى سكتوا وسكت ، قالت : فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، قالت : وأصبح أبواي عندي ، وقد بكيت ليلتين ويوما ، لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي ، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي ، فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها ، فجلست تبكي معي ، قالت : فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فسلم ثم جلس ، قالت : ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها ، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء ، قالت : فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ، ثم قال : أما بعد ، يا عائشة ، إنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة ، فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب ، فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب ، تاب الله عليه ، قالت : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال : فقال أبي : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت لأمي : أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال : قالت أمي : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : وأنا جارية حديثة السن : لا أقرأ من القرآن كثيرا : إني والله لقد علمت : لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم : إني بريئة ، لا تصدقوني ، ولئن اعترفت لكم بأمر ، والله يعلم أني منه بريئة ، لتصدقني ، فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال : { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } ثم تحولت واضطجعت على فراشي ، والله يعلم أني حينئذ بريئة ، وأن الله مبرئي ببراءتي ، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها ، فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ، ولا خرج أحد من أهل البيت ، حتى أنزل عليه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، حتى إنه ليتحدر منه من العرق مثل الجمان ، وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه ، قالت : فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال : يا عائشة ، أما الله فقد برأك . قالت : فقالت لي أمي : قومي إليه ، فقلت : والله لا أقوم إليه ، فإني لا أحمد إلا الله عز وجل ، قالت : وأنزل الله تعالى : { إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم } العشر الآيات ، ثم أنزل الله هذا في براءتي ، قال أبو بكر الصديق : وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره : والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا ، بعد الذي قال لعائشة ما قال ، فأنزل الله : { ولا يأتل أولو الفضل منكم } إلى قوله { غفور رحيم } ، قال أبو بكر الصديق : بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : والله لا أنزعها منه أبدا ، قالت عائشة : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري ، فقال لزينب : ماذا علمت ، أو رأيت . فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيرا ، قالت عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع ، قالت : وطفقت أختها حمنة تحارب لها ، فهلكت ، فيمن هلك قال ابن شهاب : فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط ثم قال عروة ، قالت عائشة : والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول : سبحان الله ، فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط ، قالت : ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Aisha:

Whenever Allah's Messenger (ﷺ) intended to go on a journey, he used to draw lots amongst his wives, and Allah's Messenger (ﷺ) used to take with him the one on whom lot fell. He drew lots amongst us during one of the Ghazwat which he fought. The lot fell on me and so I proceeded with Allah's Messenger (ﷺ) after Allah's order of veiling (the women) had been revealed. I was carried (on the back of a camel) in my howdah and carried down while still in it (when we came to a halt). So we went on till Allah's Messenger (ﷺ) had finished from that Ghazwa of his and returned. When we approached the city of Medina he announced at night that it was time for departure. So when they announced the news of departure, I got up and went away from the army camps, and after finishing from the call of nature, I came back to my riding animal. I touched my chest to find that my necklace which was made of Zifar beads (i.e. Yemenite beads partly black and partly white) was missing. So I returned to look for my necklace and my search for it detained me. (In the meanwhile) the people who used to carry me on my camel, came and took my howdah and put it on the back of my camel on which I used to ride, as they considered that I was in it. In those days women were light in weight for they did not get fat, and flesh did not cover their bodies in abundance as they used to eat only a little food. Those people therefore, disregarded the lightness of the howdah while lifting and carrying it; and at that time I was still a young girl. They made the camel rise and all of them left (along with it). I found my necklace after the army had gone. Then I came to their camping place to find no call maker of them, nor one who would respond to the call. So I intended to go to the place where I used to stay, thinking that they would miss me and come back to me (in my search). While I was sitting in my resting place, I was overwhelmed by sleep and slept. Safwan bin Al-Muattal As-Sulami Adh-Dhakwani was behind the army. When he reached my place in the morning, he saw the figure of a sleeping person and he recognized me on seeing me as he had seen me before the order of compulsory veiling (was prescribed). So I woke up when he recited Istirja' (i.e. Inna li l-lahi wa inna llaihi raji'un) as soon as he recognized me. I veiled my face with my head cover at once, and by Allah, we did not speak a single word, and I did not hear him saying any word besides his Istirja'. He dismounted from his camel and made it kneel down, putting his leg on its front legs and then I got up and rode on it. Then he set out leading the camel that was carrying me till we overtook the army in the extreme heat of midday while they were at a halt (taking a rest). (Because of the event) some people brought destruction upon themselves and the one who spread the Ifk (i.e. slander) more, was `Abdullah bin Ubai Ibn Salul. (Urwa said, The people propagated the slander and talked about it in his (i.e. `Abdullah's) presence and he confirmed it and listened to it and asked about it to let it prevail. `Urwa also added, None was mentioned as members of the slanderous group besides (`Abdullah) except Hassan bin Thabit and Mistah bin Uthatha and Hamna bint Jahsh along with others about whom I have no knowledge, but they were a group as Allah said. It is said that the one who carried most of the slander was `Abdullah bin Ubai bin Salul. `Urwa added, `Aisha disliked to have Hassan abused in her presence and she used to say, 'It was he who said: My father and his (i.e. my father's) father and my honor are all for the protection of Muhammad's honor from you.). `Aisha added, After we returned to Medina, I became ill for a month. The people were propagating the forged statements of the slanderers while I was unaware of anything of all that, but I felt that in my present ailment, I was not receiving the same kindness from Allah's Messenger (ﷺ) as I used to receive when I got sick. (But now) Allah's Messenger (ﷺ) would only come, greet me and say,' How is that (lady)?' and leave. That roused my doubts, but I did not discover the evil (i.e. slander) till I went out after my convalescence, I went out with Um Mistah to Al-Manasi' where we used to answer the call of nature and we used not to go out (to answer the call of nature) except at night, and that was before we had latrines near our houses. And this habit of our concerning evacuating the bowels, was similar to the habits of the old 'Arabs living in the deserts, for it would be troublesome for us to take latrines near our houses. So I and Um Mistah who was the daughter of Abu Ruhm bin Al-Muttalib bin `Abd Manaf, whose mother was the daughter of Sakhr bin 'Amir and the aunt of Abu Bakr As-Siddiq and whose son was Mistah bin Uthatha bin `Abbas bin Al-Muttalib, went out. I and Um Mistah returned to my house after we finished answering the call of nature. Um Mistah stumbled by getting her foot entangled in her covering sheet and on that she said, 'Let Mistah be ruined!' I said, 'What a hard word you have said. Do you abuse a man who took part in the battle of Badr?' On that she said, 'O you Hantah! Didn't you hear what he (i.e. Mistah) said? 'I said, 'What did he say?' Then she told me the slander of the people of Ifk. So my ailment was aggravated, and when I reached my home, Allah's Messenger (ﷺ) came to me, and after greeting me, said, 'How is that (lady)?' I said, 'Will you allow me to go to my parents?' as I wanted to be sure about the news through them. Allah's Apostle allowed me (and I went to my parents) and asked my mother, 'O mother! What are the people talking about?' She said, 'O my daughter! Don't worry, for scarcely is there a charming woman who is loved by her husband and whose husband has other wives besides herself that they (i.e. women) would find faults with her.' I said, 'Subhan-Allah! (I testify the uniqueness of Allah). Are the people really talking in this way?' I kept on weeping that night till dawn I could neither stop weeping nor sleep then in the morning again, I kept on weeping. When the Divine Inspiration was delayed. Allah's Messenger (ﷺ) called `Ali bin Abi Talib and Usama bin Zaid to ask and consult them about divorcing me. Usama bin Zaid said what he knew of my innocence, and the respect he preserved in himself for me. Usama said, '(O Allah's Messenger (ﷺ)!) She is your wife and we do not know anything except good about her.' `Ali bin Abi Talib said, 'O Allah's Messenger (ﷺ)! Allah does not put you in difficulty and there are plenty of women other than she, yet, ask the maid-servant who will tell you the truth.' On that Allah's Messenger (ﷺ) called Barira (i.e. the maid-servant) and said, 'O Barira! Did you ever see anything which aroused your suspicion?' Barira said to him, 'By Him Who has sent you with the Truth. I have never seen anything in her (i.e. Aisha) which I would conceal, except that she is a young girl who sleeps leaving the dough of her family exposed so that the domestic goats come and eat it.' So, on that day, Allah's Messenger (ﷺ) got up on the pulpit and complained about `Abdullah bin Ubai (bin Salul) before his companions, saying, 'O you Muslims! Who will relieve me from that man who has hurt me with his evil statement about my family? By Allah, I know nothing except good about my family and they have blamed a man about whom I know nothing except good and he used never to enter my home except with me.' Sa`d bin Mu`adh the brother of Banu `Abd Al-Ashhal got up and said, 'O Allah's Messenger (ﷺ)! I will relieve you from him; if he is from the tribe of Al-Aus, then I will chop his head off, and if he is from our brothers, i.e. Al-Khazraj, then order us, and we will fulfill your order.' On that, a man from Al-Khazraj got up. Um Hassan, his cousin, was from his branch tribe, and he was Sa`d bin Ubada, chief of Al-Khazraj. Before this incident, he was a pious man, but his love for his tribe goaded him into saying to Sa`d (bin Mu`adh). 'By Allah, you have told a lie; you shall not and cannot kill him. If he belonged to your people, you would not wish him to be killed.' On that, Usaid bin Hudair who was the cousin of Sa`d (bin Mu`adh) got up and said to Sa`d bin 'Ubada, 'By Allah! You are a liar! We will surely kill him, and you are a hypocrite arguing on the behalf of hypocrites.' On this, the two tribes of Al-Aus and Al Khazraj got so much excited that they were about to fight while Allah's Messenger (ﷺ) was standing on the pulpit. Allah's Messenger (ﷺ) kept on quietening them till they became silent and so did he. All that day I kept on weeping with my tears never ceasing, and I could never sleep. In the morning my parents were with me and I wept for two nights and a day with my tears never ceasing and I could never sleep till I thought that my liver would burst from weeping. So, while my parents were sitting with me and I was weeping, an Ansari woman asked me to grant her admittance. I allowed her to come in, and when she came in, she sat down and started weeping with me. While we were in this state, Allah's Messenger (ﷺ) came, greeted us and sat down. He had never sat with me since that day of the slander. A month had elapsed and no Divine Inspiration came to him about my case. Allah's Apostle then recited Tashah-hud and then said, 'Amma Badu, O `Aisha! I have been informed so-andso about you; if you are innocent, then soon Allah will reveal your innocence, and if you have committed a sin, then repent to Allah and ask Him for forgiveness for when a slave confesses his sins and asks Allah for forgiveness, Allah accepts his repentance.' (continued...) (continuing... 1): -5.462:... ... When Allah's Messenger (ﷺ) finished his speech, my tears ceased flowing completely that I no longer felt a single drop of tear flowing. I said to my father, 'Reply to Allah's Messenger (ﷺ) on my behalf concerning what he has said.' My father said, 'By Allah, I do not know what to say to Allah's Messenger (ﷺ) .' Then I said to my mother, 'Reply to Allah's Messenger (ﷺ) on my behalf concerning what he has said.' She said, 'By Allah, I do not know what to say to Allah's Messenger (ﷺ).' In spite of the fact that I was a young girl and had a little knowledge of Qur'an, I said, 'By Allah, no doubt I know that you heard this (slanderous) speech so that it has been planted in your hearts (i.e. minds) and you have taken it as a truth. Now if I tell you that I am innocent, you will not believe me, and if confess to you about it, and Allah knows that I am innocent, you will surely believe me. By Allah, I find no similitude for me and you except that of Joseph's father when he said, '(For me) patience in the most fitting against that which you assert; it is Allah (Alone) Whose Help can be sought.' Then I turned to the other side and lay on my bed; and Allah knew then that I was innocent and hoped that Allah would reveal my innocence. But, by Allah, I never thought that Allah would reveal about my case, Divine Inspiration, that would be recited (forever) as I considered myself too unworthy to be talked of by Allah with something of my concern, but I hoped that Allah's Messenger (ﷺ) might have a dream in which Allah would prove my innocence. But, by Allah, before Allah's Messenger (ﷺ) left his seat and before any of the household left, the Divine inspiration came to Allah's Messenger (ﷺ). So there overtook him the same hard condition which used to overtake him, (when he used to be inspired Divinely). The sweat was dropping from his body like pearls though it was a wintry day and that was because of the weighty statement which was being revealed to him. When that state of Allah's Messenger (ﷺ) was over, he got up smiling, and the first word he said was, 'O `Aisha! Allah has declared your innocence!' Then my Mother said to me, 'Get up and go to him (i.e. Allah's Messenger (ﷺ)). I replied, 'By Allah, I will not go to him, and I praise none but Allah. So Allah revealed the ten Verses:- - Verily! They who spread the slander Are a gang, among you............. (24.11-20) Allah revealed those Qur'anic Verses to declare my innocence. Abu Bakr As-Siddiq who used to disburse money for Mistah bin Uthatha because of his relationship to him and his poverty, said, 'By Allah, I will never give to Mistah bin Uthatha anything after what he has said about Aisha.' Then Allah revealed:-- And let not those among you who are good and wealthy swear not to give (any sort of help) to their kinsmen, those in need, and those who have left their homes for Allah's cause, let them pardon and forgive. Do you not love that Allah should forgive you? And Allah is oft-Forgiving Most Merciful. (24.22) Abu Bakr As-Siddiq said, 'Yes, by Allah, I would like that Allah forgive me.' and went on giving Mistah the money he used to give him before. He also added, 'By Allah, I will never deprive him of it at all.' Aisha further said:. Allah's Messenger (ﷺ) also asked Zainab bint Jahsh (i.e. his wife) about my case. He said to Zainab, 'What do you know and what did you see? She replied, O Allah's Messenger (ﷺ)! I refrain from claiming falsely that I have heard or seen anything. By Allah, I know nothing except good (about `Aisha).' From amongst the wives of the Prophet (ﷺ) Zainab was my peer (in beauty and in the love she received from the Prophet) but Allah saved her from that evil because of her piety. Her sister Hamna, started struggling on her behalf and she was destroyed along with those who were destroyed. The man who was blamed said, 'Subhan-Allah! By Him in Whose Hand my soul is, I have never uncovered the cover (i.e. veil) of any female.' Later on the man was martyred in Allah's Cause.

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ حَدِيثِ الإفْكِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حَدِيث الْإِفْك، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ: بابُُ، بل هَكَذَا: حَدِيث الْإِفْك، أَي: هَذَا حَدِيث الْإِفْك وَلما كَانَ حَدِيث الْإِفْك فِي غَزْوَة بني المصطلق وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع ذكره هُنَا.

الإفْكِ والأفَكِ بِمَنْزِلَةِ النِّجْسِ والنَّجَسِ
أَشَارَ بهما إِلَى أَنَّهُمَا لُغَتَانِ الأولى: الأفك، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْفَاء: كالنجس، بِكَسْر النُّون وَسُكُون الْجِيم، وَالثَّانيَِة: الأفك، بِفَتْح الْهمزَة وَالْفَاء مَعًا: كالنجس، بِفتْحَتَيْنِ، وَالْأولَى هِيَ اللُّغَة الْمَشْهُورَة.
قَوْله: ( بِمَنْزِلَة النَّجس) أَي: بنظير النَّجس وَالنَّجس فِي الضَّبْط، وَفِي كَونهمَا لغتين، ثمَّ الْإِفْك مصدر أفك الرجل يأفك من بابُُ ضرب يضْرب إِذا كذب، والإفك، بِضَم الْهمزَة جمع أفوك، وَهُوَ الْكثير الْكَذِب، ذكره ابْن عديس فِي الْكتاب ( الباهر) .

يقَالُ إفْكُهُمْ وأفَكَهُمْ وأفَّكَهُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { بل ضلوا عَنْهُم وَذَلِكَ إفكهم وَمَا كَانُوا يفترون} ( الْأَحْقَاف: 28) .
قرىء فِي الْمَشْهُور: إفكهم، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْفَاء، وارتفاعه على أَنه خبر لقَوْله: وَذَلِكَ، وقرىء فِي الشاذ: أفكهم، بِفَتْح الْهمزَة وَالْفَاء وَالْكَاف جَمِيعًا على أَنه فعل ماضٍ، وقرىء أَيْضا: وأفكهم، بتَشْديد الْفَاء للْمُبَالَغَة، وآفكهم، بِمد الْهمزَة وَفتح الْفَاء أَي: جعلهم آفكين وآفكهم بِالْمدِّ وَكسر الْفَاء، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أَي قَوْلهم الْكَذِب كَمَا تَقول: قَول كَاذِب.

فَمَنْ قَالَ أفَكَهُمْ
يَعْنِي من جعله فعلا مَاضِيا.

يَقُولُ صرَفَهُمْ عنِ الإيمَانِ وكذَبَهُمْ كَمَا قَالَ يُؤْفَكُ عنْهُ مِنْ أُفِكَ يُصْرَفُ عنْهُ مِنْ صُرِفَ
يؤفك، بِضَم الْيَاء صِيغَة الْمَجْهُول، وَفِي الحَدِيث: لقد أفك قوم كَذبُوك، وظاهروا عَلَيْك، أَي صرفُوا عَن الْحق وَمنعُوا مِنْهُ، يُقَال: أفكه يأفكه أفكاً إِذا صرفه عَن الشَّيْء وَقَلبه، وأفك فَهُوَ مأفوك.



[ قــ :3937 ... غــ :4141 ]
- حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنَا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ صالِحٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ حدَّثَنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ وسَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ وعَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ وعُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ بن مَسْعُودٍ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ قَالَ لَهَا أهْلُ الإفْكِ مَا قَالُوا وكلُّهُمْ حدَّثَنِي طائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وبَعْضُهُمْ كانَ أوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وأثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصَاً وقَدْ وَعيْتُ عنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ الحَدِيثَ الَّذِي حدَّثَنِي عنْ عَائِشة وبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدَّقُ بَعْضَاً وإنْ كانَ بَعْضُهُمْ أوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ قالُوا قالَتْ عائِشَةُ كانَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أرَادَ سفَرَاً أقْرَعَ بَيْنَ أزْوَاجِهِ فأيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خرَجَ بِهَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَهُ قالَتْ عائِشَةُ فأقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي فخَرَجْتُ معَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الحِجَابُ فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وأُنْزَلُ فِيهِ فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وقَفَلَ دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قافِلِينَ آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ فقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ فلَمَّا قَضَيْتُ شأنِي أقْبَلْتُ إلَى رَحْلِي فلَمَسْتُ صَدْرِي فإذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَار قَدِ انْقَطَعَ فرَجَعْتُ فالْتَمَسْتُ عِقْدِي فحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ قالَتْ وأقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كانُوا يُرَحِّلُونِي فاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أرْكَبُ عَلَيْهِ وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافَاً لَمْ يَهْبُلْنَ ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ إنَّمَا يأكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ فلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وحَمَلُوهُ وكُنْتُ جارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فبَعَثُوا الجَمَلَ فسَارُوا وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ ولَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ فَبَيْنَا أنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السَّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فرَأى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رآنِي وكَانَ رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ فاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبابُُِي وَوالله مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ ولاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ وهَوَي حَتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِيءَ علَى يَدِهَا فقُمْتُ إلَيْهَا فرَكِبْتُهَا فانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وهُمْ نُزُولٌ قالَتْ فهَلَكَ فِيَّ مَنْ هَلَكَ وكانَ الَّذِي تَوَلَّي كِبْرَ الإفْكِ عَبْدُ الله بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ قَالَ عُرْوَةُ أُخْبِرْتُ أنَّهُ كانَ يُشَاعُ ويُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ فَيُقِرُّهُ ويَسْتَمِعُهُ ويَسْتَوْشِيهِ.

     وَقَالَ  عُرْوَةُ أَيْضا لَمْ يُسَمَّ مِنْ أهْلِ الإفْكِ أَيْضا إلاَّ حَسَّانُ بنُ ثابِتٍ ومِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ وحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِي ناسٍ آخَرِينَ لاَ عِلْمَ لِي بِهِمْ غَيْرَ أنَّهُمْ عُصْبَةٌ كَمَا قَالَ الله تعالَى وإنَّ كُبْرَ ذالِكَ يُقَالُ عَبْدُ الله بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ قَالَ عُرْوَةُ كَانَتْ عائِشَةُ تَكْرَهُ أنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ وتَقُولُ إنَّهُ الَّذِي قَالَ:
( فَإنَّ أبي وَوَالِدَهُ وعِرْضِي ... لِعِرْض مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ)

قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرَاً والنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ لَا أشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وهْوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أنِّي لاَ أعْرِفُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أرَى مِنْهُ حِينَ أشْتَكى إنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيُّ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ كَيْفَ تِيكُمْ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَذالِكَ يَرِيبُنِي ولاَ أشْعُرُ بالشَّرِّ حتَّى خَرَجْتُ حِينَ نقَهْتُ فخَرَجْتُ معَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ وكانُ مُتَبَرَّزَنَا وكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ وذالِكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبَاً مِنْ بُيُوتِنَا قالَتْ وأمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ فِي البَرِيَّةِ قِبَلَ الغَائِطِ وكُنَّا نَتَأذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا قالَتْ فانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ وهْيَ ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ مَنافٍ وأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وابْنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادٍ ابنِ المُطَّلِبِ فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شأنِنَا فعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ فقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ أتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرَاً فقَالَتْ أيْ هَنْتَاهُ ولَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ قالَتْ وقُلْتُ مَا قَالَ فأخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ قالَتْ فازْدَدْتُ مَرَضاً علَى مَرَضِي فلَمَّا رَجَعْتُ إلَى بَيْتِي دخَلَ علَيَّ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ تِيكُمْ فقُلْتُ لَهُ أتَأذَنُ لِي أنْ آتِي أبَوَيَّ قالَتْ وأُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبرَ مِنْ قِبَلِهِمَا قالتْ فأذِنَ لي رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقُلْتُ لأُمِّي يَا أُمَّتَاهُ ماذَا يتَحَدَّثُ النَّاسُ قالتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّني علَيْكِ فَوَالله لقَلَّمَا كانَتِ امْرَأةٌ قَطُّ وضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرَ إلاَّ كَثَّرْنَ علَيْهَا قالَتْ فقُلْتُ سُبْحَانَ الله أوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهاذَا قالتْ فبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أصْبَحْتُ لاَ يَرْقأ لِي دَمْعٌ ولاَ أكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ أصْبَحْتُ أبْكِي قالَتْ ودَعَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علِيَّ بنَ أبِي طالِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلبَثَ الوَحْيُ يَسْألُهُمَا ويَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أهْلِهِ قالَتْ فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ علَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أهْلِهِ وبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ أُسَامَةُ أهْلَكَ وَلَا نَعْلَمُ إلاَّ خَيْرَاً وأمَّا عليٌّ فقَالَ يَا رسُولَ الله لَمْ يُضَيِّقِ الله عَلَيْكَ والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ قالَتْ فدَعَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَرِيرَةَ فَقال أيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ قالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ والَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ مَا رأيْتُ علَيْهَا أمْرَاً قَطُّ أغْمِصُهُ غيْرَ أنَّهَا جَارِيَةٌ حدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عنْ عَجِينِ أهْلِهَا فتَأتِي الدَّاجِنُ فتَأكُلُهُ قالتْ فَقامَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ يَوْمِهِ فاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ الله بنِ أُبَيٍّ وَهْوَ علَى المِنْبَرِ فَقال يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي عنْهُ أذَاهُ فِي أهْلِي وَالله مَا عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلاَّ خَيْرَاً ولَقَدْ ذكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ علَيْهِ إلاَّ خَيْرَاً وَمَا يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلاَّ مَعِي قالَتْ فقامَ سَعدُ بنُ مُعاذٍ أخُو بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ فَقال أنَا يَا رسُولَ الله أعْذِرُكَ فإنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ وإنْ كانَ مِنْ إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ قالَتْ فقَامَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ وكانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخْذِهِ وهْوَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وهْوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ قالَتْ وكانَ قَبْلَ ذالِكَ رجُلاً صالِحَاً ولاكِنْ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ فقَالَ لِسَعْدٍ كَذَبْت لَعَمْرُ الله لاَ تَقْتُلْهُ ولاَ تَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ ولَوْ كانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أحْبَبْتَ أنْ يُقْتَلَ فقامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ وهْوَ ابنُ عَمِّ سَعْدٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ الله لنَقْتُلَنَّهُ فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عنِ المُنَافِقِينَ قالَتْ فَثارَ الْحَيَّانِ الأوْسُ والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا ورسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قائِمٌ علَى المِنْبَرِ قالَتْ فلَمْ يَزَلْ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا وسَكَتَ قالَتْ فبَكَيْتُ يَوْمِي ذالِكَ كُلَّهُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ ولاَ أكْتَحِلُ بِنَوْمٍ قالَتْ وأصْبَحَ أبَوَايَ عِنْدِي وقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْماً لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ ولاَ أكْتَحِلُ بِنَوْمٍ حتَّى إنِّي لأَظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فالِقٌ كَبِدِي فبَيْنَا أبَوَايَ جالِسَانِ عِنْدِي وأنَا أبْكِي فاسْتأذَنَتْ علَيَّ امْرَأةٌ مِنَ الأنْصَارِ فأذِنْتُ لَهَا فجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي قالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ علَى ذالِكَ دَخَلَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْنَا فسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ قالَتْ ولَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا وقَدْ لَبِثَ شَهْرَاً لاَ يُوحَى إلَيْهِ فِي شأني بِشَيْءٍ قالَتْ فتَشَهَّدَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قالَ أمَّا بَعْدُ يَا عائِشَةُ إنَّهُ بلَغَنِي عَنْكِ كذَا وكَذَا فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فسَيُبَرِّئُكِ الله وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بِذَنْبٍ فاسْتَغْفِرِي الله وتُوبِي إلَيْهِ فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تابَ الله علَيْهِ قالَتْ فلَمَّا قَضَى رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً فَقُلْتُ لأِبِي أجِبْ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنِّي فِيمَا قَالَ فَقَالَ أبي وَالله مَا أدْرِي مَا أقُولُ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْتُ لاُِمِّي أجِيبِي رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا قالَ قالَتْ أُمِّي مَا أدْرِي مَا أقُولُ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقُلْتُ وأنَا جَارِيَةٌ حدِيثَةُ السِّنِّ لَا أقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ كَثِيرَاً إنِّي وَالله لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هاذَا الحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ بِهِ فَلَئِنْ.

قُلْتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِي ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأمْرٍ وَالله يَعْلَمُ أنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِي فَوَالله لاَ أجِدُ لِي ولَكُمْ مَثَلاً إلاَّ أبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَالله المُسْتَعانُ علَى مَا تَصِفُونَ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ واضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي وَالله يَعْلَمُ أنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ وأنَّ الله مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي ولَكِنْ وَالله مَا كُنْتُ أظُنُّ أنَّ الله مُنْزِلٌ فِي شأنِي وَحْيَاً يُتْلَى لِشأنِي فِي نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِنْ أنْ يَتَكَلَّمَ الله فِيَّ بأمْر ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي الله بِهَا فَوالله مَا رَامَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ أحَدٌ مِنْ أهْلِ البَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ علَيْهِ فأخَذَهُ مَا كَانَ يأخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ حَتَّى إنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ وهْوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ قالَتْ فَسُرِّيَ عنْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ يَضْحَكُ فكَانَتْ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أنْ قَالَ يَا عَائِشَةُ أمَّا الله فقَدْ بَرَّأكِ قالَتْ فقالَتْ لِي أُمِّي قُوُمِي إلَيْهِ فقُلْتُ لاَ وَالله لاَ أقُومُ إلَيْهِ فإنِّي لَا أحْمَدُ إلاَّ الله عَزَّ وَجَلَّ قالَتْ وأنْزَلَ الله تعَالى: { إنَّ الَّذِينَ جَاؤُا بالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} ( النُّور: 11) .
العَشَرَ الآياتِ ثُمَّ أنْزَلَ الله تعَالى هاذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وفَقْرِهِ وَالله لاَ أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شَيْئَاً أبَداً بعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ فأنْزَلَ الله تعالَى: { وَلاَ يأتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: { غَفُورٌ رَحِيمٌ} ( النُّور: 22) .
قالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بلَى وَالله إنِّي لأحِبُّ أنْ يَغْفِرَ الله لِي فرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كانَ يُنْفِقُ علَيْهِ.

     وَقَالَ  وَالله لَا أنْزِعُهَا مِنْهُ أبَدَاً قالَتْ عائِشَةُ وكانَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سألَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عنْ أمْرِي فَقال لِزَيْنَبَ ماذَا عَلِمْتِ أوْ رَأيْتِ فقالَتْ يَا رسُولَ الله أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي وَالله مَا عَلِمْتُ إلاَّ خَيْرَاً قالَتْ عائِشَةُ وهْيَ الَّتِي كانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعَصَمَهَا الله بالوَرَعِ قالَتْ وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ.
قَالَ ابنُ شِهَابٍ فهاذَا الَّذِي بلَغَنِي مِنْ حَدِيثَ هاؤُلاءِ الرَّهْطِ ثُمَّ قالَ عُرْوَةُ قالَتْ عائِشَةُ وَالله إنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لِيَقُولَ سُبْحَانَ الله فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ قالَتْ ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذالِكَ فِي سَبِيلِ الله.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، والْحَدِيث مضى فِي الشَّهَادَات فِي أول: بابُُ تَعْدِيل النِّسَاء بَعضهنَّ بَعْضًا، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الرّبيع سُلَيْمَان بن دَاوُد ... إِلَى آخِره، وَأخرجه هُنَاكَ عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي الْمدنِي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن صَالح بن كيسَان ... إِلَى آخِره، وليعتبر النَّاظر التَّفَاوُت بَينهمَا من حَدِيث الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى، ولنتكلم هُنَا بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ مِنْهُ.

فَقَوله: ( وَأثبت لَهُ اقتصاصاً) أَي: أحفظ وَأحسن إيراداً وسرداً للْحَدِيث، وَهَذَا الَّذِي فعله الزُّهْرِيّ من جمع الحَدِيث عَنْهُم جَائِز لَا كَرَاهَة فِيهِ، لِأَن هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة أَئِمَّة حفاظ ثقاة من عُظَمَاء التَّابِعين، فالحجة قَائِمَة بقول أَي كَانَ مِنْهُم.
قَوْله: ( فِي غَزْوَة غَزَاهَا) ، أرادة الْغَزْوَة الْمُصْطَلِقِيَّة.
قَوْله: ( سهمي) ، السهْم فِي الأَصْل وَاحِد السِّهَام الَّتِي يضْرب بهَا فِي الميسر، وَهِي القداح، ثمَّ سمى بهَا مَا يفوز بِهِ الفالح سَهْمه، ثمَّ كثر حَتَّى سمي كل نصيب سَهْما، وَالْمرَاد من السهْم هُنَا الْقدح الَّذِي يقترع بِهِ.
قَوْله: ( أحمل) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( فِي هودجي) ، الهودج مركب من مراكب النِّسَاء مقتب وَغَيره مقتب.
قَوْله: ( من جزع ظفار) ، الْجزع بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الزَّاي وبالعين الْمُهْملَة: خرز، وَهُوَ مُضَاف إِلَى: ظفار، بِفَتْح الظَّاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء وبالراء مَبْنِيَّة على الْكسر وَهُوَ اسْم قَرْيَة بِالْيمن.
قَوْله: ( ابتغاؤه) ، أَي: طلبه.
قَوْله: ( لم يهبلن) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: من الهبل وَهُوَ كَثْرَة اللَّحْم والشحم.
ويروى على صِيغَة الْمَجْهُول من الإهبال، ويروى لم يهبلهن اللَّحْم أَي: لم يكثر عَلَيْهِنَّ، يُقَال: هبله اللَّحْم إِذا كثر عَلَيْهِ وَركب بعضه بَعْضًا.
قَوْله: ( الْعلقَة) ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَهِي الْقَلِيل من الْأكل.
قَوْله: ( فَلم يستنكر الْقَوْم خفَّة الهودج) ، وَقد تقدم فِي كتاب الشَّهَادَات: وَلم يستنكر الْقَوْم ثقل الهودج، والتوفيق بَينهمَا أَن الخفة والثقل من الْأُمُور الإضافية فيتفاوتان بِالنِّسْبَةِ.
قَوْله: ( فَتَيَمَّمت) ، أَي: قصدت.
قَوْله: ( وَكَانَ صَفْوَان ابْن الْمُعَطل) ، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين والطاء الْمُهْمَلَتَيْنِ: ابْن ربيضة بن خزاعي بن محَارب بن مرّة بن فالح بن ثَعْلَبَة بن بهثة بن سليم السّلمِيّ بِالضَّمِّ ثمَّ الذكواني، يكنى أَبَا عَمْرو، وَيُقَال: إِنَّه أسلم قبل الْمُريْسِيع وَشهد الْمُريْسِيع وَمَا بعْدهَا، قَالَ أَبُو عمر: وَكَانَ يكون على ساقة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعَن ابْن إِسْحَاق: أَنه قتل فِي غزَاة أرمينية شَهِيدا وأميرهم يَوْمئِذٍ عُثْمَان بن العَاصِي سنة تسع عشرَة فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقيل: مَاتَ بالجزيرة فِي نَاحيَة سميساط وَدفن هُنَاكَ، وَقيل: غير ذَلِك.
قَوْله: ( باسترجاعه) ، أَي: بقوله: { إِنَّا لله وإنَّا إِلَيْهِ راجعُونَ} ( الْبَقَرَة: 156) .
قَوْله: ( فحمرت) أَي: غطيت من التخمير، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة: وَهِي التغطية.
قَوْله: ( وَهوى) ، أَي: اسرع حَتَّى أَنَاخَ أَي: برك رَاحِلَته، وَيُقَال: هوى يهوي هوياً من بابُُ ضرب يضْرب إِذا أسْرع فِي السّير، وَهوى يهوي من بابُُ علم يعلم هوياً إِذا أحب وَهوى يهوى هوياً بِالضَّمِّ: إِذا صعد، وبالفتح إِذا هَبَط، وَفِي رِوَايَة: وأهوى، بِالْهَمْزَةِ فِي أَوله من أَهْوى إِلَيْهِ إِذا مَال وَأَخذه.
قَوْله: ( فوطىء على يَدهَا) ، أَي: وطىء صَفْوَان على يَد الرَّاحِلَة ليسهل ركُوبهَا وَلَا يحْتَاج إِلَى مساعدته.
قَوْله: ( موغرين) ، يجوز أَن يكون صِيغَة تَثْنِيَة وَأَن يكون صِيغَة جمع نصبا على الْحَال، أَي: داخلين فِي الوغرة، بالغين الْمُعْجَمَة، وَيُقَال: أوغر الرجل أَي: دخل فِي شدَّة الْحر، كَمَا يُقَال: أظهر إِذا دخل فِي وَقت الظّهْر، ووغرت الهاجرة وغراً، إِذا اشتدت فِي وَقت توَسط الشَّمْس السَّمَاء، ووغر الصَّدْر بتحريك الْغَيْن الْمُعْجَمَة الغل والحرارة، ويروى: موعرين، بِالْعينِ الْمُهْملَة من الوعر.
قَوْله: ( فِي نحر الظهيرة) أَي: فِي صدر الظّهْر.
قَوْله: ( وهم نزُول) أَي: وَالْحَال أَن الْجَيْش نازلون.
قَوْله: ( فَقَالَت) أَي: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
قَوْله: ( فَهَلَك فِي) ، بِكَسْر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء، أَرَادَت مَا قَالُوا فِيهَا من الْكَذِب والبهتان والافتراء الَّذِي هُوَ سَبَب لهلاك الْقَائِلين، أَي: لخزيهم وَسَوَاد وُجُوههم عِنْد الله وَعند النَّاس.
قَوْله: ( وَالَّذِي تولى كبر الْإِفْك) بِكَسْر الْكَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، أَي: الَّذِي بَاشر مُعظم الْإِفْك وَأَكْثَره ( عبد الله بن أبي) بِضَم الْهمزَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْيَاء: ابْن سلول، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَضم اللاَّم الأولى، وَهِي امْرَأَة من خُزَاعَة وَهِي أم أبي بن مَالك بن الْحَارِث بن عبيد بن مَالك بن سَالم بن غنم بن الْخَزْرَج، وَكَانَ عبد الله هَذَا رَأس الْمُنَافِقين وَابْنه عبد الله من فضلاء الصَّحَابَة وخيارهم.
قَوْله: ( قَالَ عُرْوَة) أَي: ابْن الزبير بن الْعَوام أحد الروَاة الْمَذْكُورين أول الحَدِيث، وَهُوَ مُتَّصِل بالسند الأول.
قَوْله: ( أخْبرت) على صِيغَة الْمَجْهُول وَهُوَ مقول عُرْوَة.
قَوْله: ( أَنه كَانَ يشاع ويتحدث بِهِ عِنْده) أَي: أَن الْإِفْك كَانَ يشاع عِنْد عبد الله بن أبي وكل من يشاع ويتحدث على صِيغَة الْمَجْهُول من بابُُ تنَازع العاملين فِي قَوْله: عِنْده.
قَوْله: ( فيقره) بِضَم الْيَاء أَي: فَيقر عبد الله حَدِيث الْإِفْك وينكره وَلَا ينْهَى من يَقُول بِهِ.
قَوْله: ( ويستوشيه) أَي: يَسْتَخْرِجهُ بالبحث وَالْمَسْأَلَة ثمَّ يفشيه وَلَا يَدعه ينخمد،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: يستوشيه أَي يطْلب مَا عِنْده ليزيده.
قَوْله: ( لم يسم) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( مسطح) بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْمُهْملَة الأولى وَفتح الثَّانِيَة: ابْن أَثَاثَة، بِضَم الْهمزَة وَتَخْفِيف الثَّاء الْمُثَلَّثَة الأولى: ابْن عباد بن الْمطلب بن عبد منَاف بن قصي الْقرشِي المطلبي، يكنى أَبَا عبَادَة، وَأمه سلمى بنت صَخْر بن عَامر بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة، وَهِي ابْنة خَالَة أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقيل: أم مسطح بن عَامر خَالَة أبي بكر، شهد بَدْرًا ثمَّ خَاضَ فِي الْإِفْك فجلده رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن جلد، وَيُقَال: مسطح، لقب واسْمه: عَوْف، مَاتَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ، وَقيل: شهد مسطح صفّين وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ.
قَوْله: ( وَحمْنَة) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وبالنون: بنت جحش، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وبالشين الْمُعْجَمَة: ابْن رياب الأَسدِية، من بني أَسد بن خُزَيْمَة، أُخْت زَيْنَب بنت جحش، كَانَت عِنْد مُصعب بن عُمَيْر فَقتل عَنْهَا يَوْم أحد فَتَزَوجهَا طَلْحَة بن عبيد الله وَكَانَت جلدت مَعَ من جلد فِي الْإِفْك.
قَوْله: ( فِي نَاس آخَرين) أَي: حَال كَون الْمَذْكُورين فِي جمَاعَة آخَرين فِي الْإِفْك.
قَالَ عُرْوَة: ( وَلَا علم لي بهم) أَي: بأساميهم، غير أَنهم كَانُوا عصبَة.
قَالَ ابْن فَارس: الْعصبَة الْعشْرَة،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: مَا فَوق الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين، وَقيل: الْعصبَة الْجَمَاعَة.
قَوْله: كَمَا قَالَ الله تَعَالَى فِي قَوْله: { إِن الَّذين جاؤا بالإفك عصبَة مِنْكُم} ( النُّور: 11) .
أَي: جمَاعَة متعصبون مِنْكُم أَي: من الْمُسلمين.
قَوْله: ( وَأَن كبر ذَلِك) بِضَم الْكَاف وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: وَأَن مُتَوَلِّي مُعظم الْإِفْك يُقَال لَهُ عبد الله بن أبي.
قَوْله: ( أَن يسب) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( وَتقول: إِنَّه) أَي: تَقول عَائِشَة: إِن حسان قَالَ: فَإِن أبي ووالده ... إِلَى آخِره.
قَوْله: ( فَإِن أبي) أَرَادَ بِهِ حسان أَبَاهُ ثَابتا، وَأَرَادَ بقوله: ( ووالده) أَي: وَالِد أَبِيه وَهُوَ مُنْذر، وَأَبُو جده: حرَام، لِأَن حسان هُوَ ابْن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرَام بن عَمْرو بن زيد مَنَاة بن عدي بن مَالك بن النجار النجاري الْأنْصَارِيّ، وَحرَام ضد الْحَلَال وعاش كل وَاحِد من حسان وَأَبِيهِ وجده وجد أَبِيه مائَة وَعشْرين سنة، وَهَذَا من الغرائب.
قَوْله: ( وعرضي) بِالْكَسْرِ: هُوَ مَوضِع الْمَدْح والذم من الْإِنْسَان سَوَاء كَانَ فِي نَفسه أَو فِي سلفه أَو من يلْزمه أمره، وَقيل: هُوَ جَانِبه الَّذِي يصونه من نَفسه وحسبه ويحامي عَنهُ أَن ينتقص ويثلب.
قَوْله: ( وقاء) بِكَسْر الْوَاو، قَالَ الْجَوْهَرِي: الوقاء والوقاء مَا وقيت بِهِ شَيْئا.
قَوْله: ( فاشتكيت) أَي: مَرضت.
قَوْله: ( وَالنَّاس يفيضون) ، بِضَم الْيَاء أَي: يَخُوضُونَ.
قَوْله: ( وَهُوَ يريبني) ، بِفَتْح الْيَاء وَضمّهَا يُقَال: رابه وأرابه إِذا أَوْهَمهُ وشككه.
قَوْله: ( اللطف) ، بِضَم اللَّام وَسُكُون الطَّاء وَبِفَتْحِهَا جَمِيعًا: الْبر والرفق.
قَوْله: ( كَيفَ تيكم؟) إعلم أَن: تأوته: ته، اسْم يشار بِهِ إِلَى الْمُؤَنَّث، فَإِن خاطبت جِئْت بِالْكَاف، فَقلت: تيك وتيكما وتيكم، وَمَا قبل الْكَاف لمن تُشِير إِلَيْهِ فِي التَّذْكِير والتأنيث والثنية وَالْجمع.
قَوْله: ( حِين نقهت) ، بِفَتْح الْقَاف وَكسرهَا أَي: حِين أَفَقْت من الْمَرَض، يُقَال: نقه نقهاً ونقوها: إِذا صَحَّ عقيب علته، وأنقهه الله فَهُوَ ناقه.
قَوْله: ( قبل المناصع) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، والمناصع بالنُّون وَالصَّاد وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ على وزن الْمَسَاجِد: مَوَاضِع خَارج الْمَدِينَة كَانُوا يتبرزون فِيهَا، قَالَه الْأَزْهَرِي.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: هِيَ الْمَوَاضِع الَّتِي يتخلى فِيهَا لقَضَاء الْحَاجة، وَاحِدهَا منصع لِأَنَّهُ يبرز إِلَيْهَا وَيظْهر، من نصع الشَّيْء ينصع إِذا وضح وَبَان.
قَوْله: ( متبرزنا) ، بتَشْديد الرَّاء الْمَفْتُوحَة بعْدهَا الزَّاي الْمَفْتُوحَة: وَهُوَ مَوضِع البرَاز.
قَوْله: ( الكنف) ، بِضَمَّتَيْنِ جمع: كنيف، وَهُوَ كل مَا ستر من بِنَاء أَو حَظِيرَة.
قَوْله: ( الأول) بِضَم الْهمزَة وَفتح الْوَاو المخففة، ويروى بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْوَاو.
قَوْله: ( وَهِي ابْنة أبي رهم) ، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْهَاء واسْمه: أنيس، بِفَتْح الْهمزَة وَكسر النُّون: ابْن الْمطلب بن عبد منَاف، ذكره الزبير وَضَبطه ابْن مَاكُولَا هَكَذَا، وَيُقَال اسْمه صَخْر بن عَامر بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة.
قَوْله: ( تعس) ، بِكَسْر الْعين، قَالَه الْجَوْهَرِي، وَبِفَتْحِهَا قَالَه القَاضِي.
قَوْله: ( أَي: هنتاه) يَعْنِي: يَا هنتاه، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون النُّون وَفتحهَا، وَأما الْهَاء الْأَخِيرَة فتضم وتسكن وَهَذِه اللَّفْظَة تخْتَص بالنداء، وَمَعْنَاهُ: يَا هَذِه، وَقيل: يَا بلهاء كَأَنَّهَا نسبت إِلَى قلَّة الْمعرفَة بمكائد النَّاس وشرورهم.
قَوْله: ( وضيئة) ، أَي: حَسَنَة جميلَة، من الْوَضَاءَة وَهِي الْحسن.
قَوْله: ( إلاَّ كثرن) ، بتَشْديد الثَّاء الْمُثَلَّثَة، ويروى: أكثرن، من الْإِكْثَار، أَي: كثرن القَوْل الرَّدِيء عَلَيْهَا.
قَوْله: ( لَا يرقأ) بِالْقَافِ والهمزة، أَي: لَا يَنْقَطِع يُقَال رقا الدمع وَالدَّم والعرق يرقأ رقوء بِالضَّمِّ: إِذا سكن وَانْقطع.
قَوْله: ( أهلك) ، قَالَ الْكرْمَانِي: بِالرَّفْع وَالنّصب.
قلت: وَجه الرّفْع على أَنه مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف، وَالتَّقْدِير: هِيَ أهلك مَا بهَا شَيْء، وَوجه النصب على تَقْدِير: إلزم أهلك.
قَوْله: ( لم يضيق الله عَلَيْك) قَول عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، هَذَا لم يكن عَدَاوَة وَلَا بغضاً، وَلَكِن لما رأى انزعاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الْأَمر وتقلقه بِهِ أَرَادَ إراحة خاطره وتسهيل الْأَمر عَلَيْهِ.
قَوْله: ( أَي بَرِيرَة) يَعْنِي: يَا بَرِيرَة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الرَّاء الأولى، وَهِي مولاة عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَوْله: ( أغمصه) جملَة وَقعت صفة لقَوْله: أمرا، وَمَعْنَاهُ: أعيبها بِهِ وأطع بِهِ عَلَيْهَا، ومادته: غين مُعْجمَة وَمِيم وصاد مُهْملَة.
قَوْله: ( الدَّاجِن) ، بِكَسْر الْجِيم وَهِي: الشَّاة الَّتِي تقتنى فِي الْبَيْت وتعلف، وَقد تطلق على غير الشَّاة من كل مَا يألف الْبيُوت من الطير وَغَيره.
قَوْله: ( فاستعذر من عبد الله بن أبي) ، أَي: قَالَ من يعذرني فِيمَن أذاني فِي أَهلِي؟ وَمعنى: من يعذرني؟ وَمن يقوم بعذري إِن كافأته على قبح فعله؟ وَقيل: مَعْنَاهُ: من ينصرني؟ والعذير النَّاصِر.
قَوْله: ( فَقَامَ سعد بن معَاذ) ، فَإِن قلت: حَدِيث الْإِفْك كَانَ فِي الْمُريْسِيع، وَسعد قد مَاتَ قبله؟ قلت: ذكر ابْن مَنْدَه أَن سَعْدا مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة خمس، وغزوة الْمُريْسِيع كَانَت فِي شعْبَان سنة خمس، فَكَأَن سَعْدا مَاتَ بعد شعْبَان من هَذِه السّنة.
.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: يشبه أَن سَعْدا لم ينفجر جرحه إلاَّ بعد الْمُريْسِيع.
قَوْله: ( قلص دمعي) ، أَي: انْقَطع، قَوْله: ( من البرحاء) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء وَتَخْفِيف الْحَاء الْمُهْملَة وبالمد، وبرحاء الْحمى وَغَيرهَا: شدَّة الْأَذَى.
قَوْله: ( الجمان) ، بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف الْمِيم وَهُوَ: اللُّؤْلُؤ الصغار، وَقيل: حب يتَّخذ من الْفضة أَمْثَال اللُّؤْلُؤ.
قَوْله: ( من ثقل القَوْل) ، وَضَبطه ابْن التِّين بِكَسْر الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْقَاف.
قَوْله: { وَلَا يَأْتَلِ أولو الْفضل مِنْكُم} ( النُّور: 22) .
أَي: لَا يحلف.
قَوْله: ( أحمى سَمْعِي وبصري) هُوَ مَأْخُوذ من الْحمى، تَقول: أحميه من المآثم إِن رَأَيْت مَا قيل، وَبَقِيَّة الْكَلَام قد مرت فِي كتاب الشَّهَادَات مستوفاة.