هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4136 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ فَقَالَ : عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ المَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ ، فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الغَدُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ قَالَ : مَا قُلْتُ لَكَ : إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الغَدِ ، فَقَالَ : مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ فَقَالَ : عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ ، فَقَالَ : أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ ، فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، يَا مُحَمَّدُ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ إِلَيَّ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلاَدِ إِلَيَّ ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ العُمْرَةَ ، فَمَاذَا تَرَى ؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ : صَبَوْتَ ، قَالَ : لاَ ، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلاَ وَاللَّهِ ، لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ ، حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4136 حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث ، قال : حدثني سعيد بن أبي سعيد ، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه ، قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال ، فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما عندك يا ثمامة ؟ فقال : عندي خير يا محمد ، إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت ، فترك حتى كان الغد ، ثم قال له : ما عندك يا ثمامة ؟ قال : ما قلت لك : إن تنعم تنعم على شاكر ، فتركه حتى كان بعد الغد ، فقال : ما عندك يا ثمامة ؟ فقال : عندي ما قلت لك ، فقال : أطلقوا ثمامة فانطلق إلى نجل قريب من المسجد ، فاغتسل ثم دخل المسجد ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، يا محمد ، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب الدين إلي ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة ، فماذا ترى ؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر ، فلما قدم مكة قال له قائل : صبوت ، قال : لا ، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا والله ، لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة ، حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) sent some cavalry towards Najd and they brought a man from the tribe of Banu Hanifa who was called Thumama bin Uthal. They fastened him to one of the pillars of the Mosque. The Prophet went to him and said, What have you got, O Thumama? He replied, I have got a good thought, O Muhammad! If you should kill me, you would kill a person who has already killed somebody, and if you should set me free, you would do a favor to one who is grateful, and if you want property, then ask me whatever wealth you want. He was left till the next day when the Prophet (ﷺ) said to him, What have you got, Thumama? He said, What I told you, i.e. if you set me free, you would do a favor to one who is grateful. The Prophet (ﷺ) left him till the day after, when he said, What have you got, O Thumama? He said, I have got what I told you. On that the Prophet (ﷺ) said, Release Thumama. So he (i.e. Thumama) went to a garden of date-palm trees near to the Mosque, took a bath and then entered the Mosque and said, I testify that None has the right to be worshipped except Allah, and also testify that Muhammad is His Apostle! By Allah, O Muhammad! There was no face on the surface of the earth most disliked by me than yours, but now your face has become the most beloved face to me. By Allah, there was no religion most disliked by me than yours, but now it is the most beloved religion to me. By Allah, there was no town most disliked by me than your town, but now it is the most beloved town to me. Your cavalry arrested me (at the time) when I was intending to perform the `Umra. And now what do you think? The Prophet (ﷺ) gave him good tidings (congratulated him) and ordered him to perform the `Umra. So when he came to Mecca, someone said to him, You have become a Sabian? Thumama replied, No! By Allah, I have embraced Islam with Muhammad, Apostle of Allah. No, by Allah! Not a single grain of wheat will come to you from Yamamah unless the Prophet gives his permission.

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( قَولُهُ بَابُ وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بن آثال)
أما حنيفَة فَهُوَ بن لجيم بجيم بن صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَهِيَ قَبِيلَةٌ كَبِيرَةٌ شَهِيرَةٌ يَنْزِلُونَ الْيَمَامَةَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ وَكَانَ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ كَمَا ذكره بن إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنهم كَانُوا سَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فِيهِمْ مُسَيْلِمَةُ.
وَأَمَّا ثُمَامَة بن آثال فأبوه بِضَم الْهمزَة وبمثلثة خَفِيفَة بن النُّعْمَانِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْحَنَفِيُّ وَهُوَ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ وَكَانَتْ قِصَّتُهُ قَبْلَ وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ بِزَمَانٍ فَإِنَّ قِصَّتَهُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ وَكَانَ الْبُخَارِيُّ ذَكَرَهَا هُنَا اسْتِطْرَادًا ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ثُمَامَةَ وَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِسَمَاعِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ لَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ بن إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدٍ فَقَالَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ فَإِنَّ اللَّيْثَ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ أَتْقَنُ النَّاسِ لِحَدِيثِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَعِيدٌ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ حَدَّثَهُ بِهِ قَبْلُ أَوْ ثَبَّتَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَحَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ

[ قــ :4136 ... غــ :4372] .

     قَوْلُهُ  بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ أَيْ بَعَثَ فُرْسَانَ خَيْلٍ إِلَى جِهَةِ نَجْدٍ وَزَعَمَ سَيْفٌ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ لَهُ أَنَّ الَّذِي أَخَذَ ثُمَامَةَ وَأَسَرَهُ هُوَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّ الْعَبَّاسَ إِنَّمَا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَمَانِ فَتْحِ مَكَّةَ وَقِصَّةُ ثُمَامَةَ تَقْتَضِي أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ بِحَيْثُ اعْتَمَرَ ثُمَامَةُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ ثُمَّ مَنَعَهُمْ أَنْ يَمِيرُوا أَهْلَ مَكَّةَ ثُمَّ شَكَا أَهْلُ مَكَّةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ ثُمَّ بَعَثَ يَشْفَعُ فِيهِمْ عِنْدَ ثُمَامَةَ .

     قَوْلُهُ  مَاذَا عِنْدَكَ أَيْ أَيُّ شَيْءٍ عِنْدَكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَذَا مَوْصُولَة وَعِنْدَكَ صِلَتُهُ أَيْ مَا الَّذِي اسْتَقَرَّ فِي ظَنِّكَ أَنْ أَفْعَلَهُ بِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ ظَنَّ خَيْرًا فَقَالَ عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ أَيْ لِأَنَّكَ لَسْتَ مِمَّنْ يَظْلِمُ بَلْ مِمَّنْ يَعْفُو وَيُحْسِنُ .

     قَوْلُهُ  إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِمُهْمَلَةٍ مُخَفَّفَةِ الْمِيمِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ ذَمٍّ بِمُعْجَمَةٍ مُثْقَّلِ الْمِيمِ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ أَيْ صَاحِبِ دَمٍ لِدَمِهِ مَوْقِعٌ يَشْتَفِي قَاتِلُهُ بِقَتْلِهِ وَيُدْرِكُ ثَأْرَهُ لِرِيَاسَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ عَلَيْهِ دَمٌ وَهُوَ مَطْلُوبٌ بِهِ فَلَا لَوْمَ عَلَيْكَ فِي قَتْلِهِ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ بِالْمُعْجَمَةِ فَمَعْنَاهَا ذَا ذِمَّةٍ وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَضَعَّفَهَا عِيَاضٌ بِأَنَّهُ يَقْلِبُ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ ذَا ذِمَّةٍ يَمْتَنِعُ قَتْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ بِالذِّمَّةِ الْحُرْمَةُ فِي قَوْمِهِ وَأَوْجَهُ الْجَمِيعِ الْوَجْهُ الثَّانِي لِأَنَّهُ مُشَاكِلٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَجَمِيعُ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ عِنْدِي خَيْرٌ وَفِعْلُ الشَّرْطِ إِذَا كُرِّرَ فِي الْجَزَاءِ دَلَّ عَلَى فَخَامَةِ الْأَمْرِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عِنْدِي مَا.

قُلْتُ لَكَ أَيْ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ هَكَذَا اقْتَصَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ وَحَذَفَ الْأَمْرَيْنِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حَذْفِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَوَّلَ يَوْمٍ أَشَقَّ الْأَمْرَيْنِ عَلَيْهِ وَأَشْفَى الْأَمْرَيْنِ لِصَدْرِ خُصُومِهِ وَهُوَ الْقَتْلُ فَلَمَّا لَمْ يَقَعِ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الِاسْتِعْطَافِ وَطَلَبِ الْإِنْعَامِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَكَأَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ رَأَى أَمَارَاتِ الْغَضَبِ فَقَدَّمَ ذِكْرَ الْقَتْلِ فَلَمَّا لَمْ يَقْتُلْهُ طَمِعَ فِي الْعَفْوِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَلَمَّا لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا مِمَّا قَالَ اقْتَصَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ عَلَى الْإِجْمَالِ تَفْوِيضًا إِلَى جَمِيلِ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَافَقَ ثُمَامَةُ فِي هَذِهِ الْمُخَاطَبَةِ قَوْلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم لِأَنَّ الْمَقَامُ يَلِيقُ بِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَطْلِقُوا ثُمَامَة فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ قَالَ قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ يَا ثُمَامَةُ وأعتقتك وَزَاد بن إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْأَسْرِ جَمَعُوا مَا كَانَ فِي أَهْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَعَامٍ وَلَبَنٍ فَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مِنْ ثُمَامَةَ مَوْقِعًا فَلَمَّا أَسْلَمَ جَاءُوهُ بِالطَّعَامِ فَلَمْ يُصِبْ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا فَتَعَجَّبُوا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ .

     قَوْلُهُ  فَبَشَّرَهُ أَيْ بِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَوْ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ أَوْ بِمَحْوِ ذُنُوبِهِ وَتَبِعَاتِهِ السَّابِقَةِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا قدم مَكَّة زَاد بن هِشَامٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّهُ خَرَجَ مُعْتَمِرًا حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَطْنِ مَكَّةَ لَبَّى فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ يُلَبِّي فَأَخَذَتْهُ قُرَيْشٌ فَقَالُوا لَقَدِ اجْتَرَأْتَ عَلَيْنَا وَأَرَادُوا قَتْلَهُ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ دَعُوهُ فَإِنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الطَّعَامِ مِنَ الْيَمَامَةِ فَتَرَكُوهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لَا وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ كَأَنَّهُ قَالَ لَا مَا خَرَجْتُ مِنَ الدِّينِ لِأَنَّ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ لَيْسَتْ دِينًا فَإِذَا تَرَكْتُهَا لَا أَكُونُ خَرَجْتُ مِنْ دِينٍ بَلِ اسْتَحْدَثْتُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَقَولُهُ مَعَ مُحَمَّدٍ أَيْ وَافَقْتُهُ عَلَى دِينِهِ فَصِرْنَا مُتَصَاحِبَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ أَنَا بِالِابْتِدَاءِ وَهُوَ بِالِاسْتِدَامَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن هِشَامٍ وَلَكِنْ تَبِعْتُ خَيْرَ الدِّينِ دِينِ مُحَمَّدٍ .

     قَوْلُهُ  وَلَا وَاللَّهِ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ وَاللَّهِ لَا أَرْجِعُ إِلَى دِينِكُمْ وَلَا أَرْفَقُ بِكُمْ فَأَتْرُكُ الْمِيرَةَ تَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ .

     قَوْلُهُ  لَا تَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ بن هِشَامٍ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْيَمَامَةِ فَمَنَعَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا إِلَى مَكَّةَ شَيْئًا فَكَتَبُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ فَكَتَبَ إِلَى ثُمَامَةَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْحَمْلِ إِلَيْهِمْ وَفِي قِصَّةِ ثُمَامَةَ مِنَ الْفَوَائِدِ رَبْطُ الْكَافِرِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَنُّ عَلَى الْأَسِيرِ الْكَافِرِ وَتَعْظِيمُ أَمْرِ الْعَفْوِ عَنِ الْمُسِيءِ لِأَنَّ ثُمَامَةَ أَقْسَمَ أَنَّ بُغْضَهُ انْقَلَبَ حُبًّا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ لِمَا أَسَدَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ مِنَ الْعَفْوِ وَالْمَنِّ بِغَيْرِ مُقَابِلٍ وَفِيهِ الِاغْتِسَالُ عِنْدَ الْإِسْلَامِ وَأَنَّ الْإِحْسَانَ يُزِيلُ الْبُغْضَ وَيُثَبِّتُ الْحُبَّ وَأَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَرَادَ عَمَلَ خَيْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ شَرَعَ لَهُ أَنْ يَسْتَمِرَّ فِي عَمَلِ ذَلِكَ الْخَيْرِ وَفِيهِ الْمُلَاطَفَةُ بِمَنْ يُرْجَى إِسْلَامُهُ مِنَ الْأُسَارَى إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْإِسْلَامِ وَلَا سِيَّمَا مَنْ يَتْبَعُهُ عَلَى إِسْلَامِهِ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنْ قَوْمِهِ وَفِيهِ بَعْثُ السَّرَايَا إِلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ وَأَسْرُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ وَالتَّخْيِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي قَتْلِهِ أَوِ الْإِبْقَاءِ عَلَيْهِ