هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4167 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَبُو كُرَيْبٍ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَتْ : تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ ، غَيْرَ فَرَسِهِ ، قَالَتْ : فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ ، وَأَكْفِيهِ مَئُونَتَهُ وَأَسُوسُهُ وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ ، وَأَعْلِفُهُ ، وَأَسْتَقِي الْمَاءَ وَأَخْرُزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ ، وَكَانَ يَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ ، قَالَتْ : وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي ، وَهِيَ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ قَالَتْ : فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي ، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَدَعَانِي ، ثُمَّ قَالَ : إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ ، قَالَتْ : فَاسْتَحْيَيْتُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى عَلَى رَأْسِكِ أَشَدُّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ ، قَالَتْ : حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ ، بَعْدَ ذَلِكَ ، بِخَادِمٍ فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَتْنِي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4167 حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب الهمداني ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، أخبرني أبي ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء ، غير فرسه ، قالت : فكنت أعلف فرسه ، وأكفيه مئونته وأسوسه وأدق النوى لناضحه ، وأعلفه ، وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن ، ولم أكن أحسن أخبز ، وكان يخبز لي جارات من الأنصار وكن نسوة صدق ، قالت : وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي ، وهي على ثلثي فرسخ قالت : فجئت يوما والنوى على رأسي ، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه ، فدعاني ، ثم قال : إخ إخ ليحملني خلفه ، قالت : فاستحييت وعرفت غيرتك ، فقال : والله لحملك النوى على رأسك أشد من ركوبك معه ، قالت : حتى أرسل إلي أبو بكر ، بعد ذلك ، بخادم فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقتني
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Asma' daughter of Abu Bakr reported that the was married to Zubair. He had neither land nor wealth nor slave nor anything else like it except a bom. She further said:

I grazed his horse. provided fodder to it and looked after it, and ground dates for his camel. Besides this, I grazed the camel, made arrangements for providing it with water and patched up the leather bucket and kneaded the flour. But I was not proficient in baking the bread, so my female neighbours used to bake bread for me and they were sincere women. She further said: I was carrying on my head the stones of the dates from the land of Zubair which Allah's Messenger (ﷺ) had endowed him and it was at a distance of two miles (from Medina). She add: As I was one day carrying the atones of dates upon my head I happened to meet Allah's Messenger (ﷺ) along with a group of his Companions. He called me and said (to the camel) to sit down so that he should make cite ride behind hirn. (I told my husband: ) I felt shy and remembered your jealousy, whereupon he said: By Allah. the carrying of the stone dates upon your bead is more severe a burden than riding with him. She said: (I led the life of hardship) until Abu Bakr sent afterwards a female servant who took upon herself the responsibility of looking after the horse and I felt as it she had emancipated me.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه.
قالت: فكنت أعلف فرسه وأكفيه مئونته وأسوسه وأدق النوى لناضحه وأعلفه، وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز لي جارات من الأنصار، وكن نسوة صدق.
قالت: وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي على ثلثي فرسخ.
قالت: فجئت يوماً والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه، فدعاني ثم قال: إخ إخ ليحملني خلفه.
قالت: فاستحييت وعرفت غيرتك.
فقال: والله لحملك النوى على رأسك أشد من ركوبك معه.
قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم فكفتني سياسة الفرس، فكأنما أعتقتني.


المعنى العام

خلق الله تعالى حواء من آدم، ولآدم، تعينه وتساعده على الحياة الشاقة في الدنيا، التي كتبت عليه في الأزل، هبطت معه من الجنة، بعد أن بدت لهما سوآتهما في الجنة، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة معاً، وناداهما ربهما نداءً واحداً، وحاسبهما على معصيتهما معاً، وحكم عليهما معاً: اهبطا إلى الأرض معاً، فيها تحيون، وفيها تموتون، ومنها تخرجون.
ومنذ اللحظة الأولى على الأرض تساعد حواء آدم على المعيشة، يتحمل هو الأعمال الشاقة، وتتحمل هي ما تطيق، وكانت مهمتها الأساسية -لضعفها- أمور البيت، وتوالت العصور، وجاءت الرسالات وحاجات البيت من مهام حواء، حتى الإسلام بشريعته السمحة، وبإنصافه للمرأة، بل وبمحاباته لها، أقر عملها بالمنزل، تخبز، وتطبخ، وتغسل للزوج ولأطفالها، فها هي فاطمة بنت سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها تعمل في بيت زوجها علي، وتطحن الحب على الرحى، لتصنعه خبزاً، حتى مجلت يدها من الرحى، ذهبت تشكو إلى أبيها متاعبها، وتكشف له يدها، فلا يرفع عنها عملها، ولا يوصي علياً أن يعفيها، بل يطلب منها مواصلة العمل، والصبر، وذكر الله، وهذه أسماء بنت أبي بكر، وأخت عائشة، وقد تزوجت الزبير بن العوام بمكة، وأسلمت مثله في أوائل المسلمين تعين زوجها على الحياة بكل ما تستطيع، هاجرت إلى المدينة، وهاجر، وكان له فرس وجمل، لم تكتف بالطبخ في البيت والكنس والغسل وإعداد الطعام وتربية الأطفال، بل خرجت إلى المزارع، تحش الحشيش، وتجمع النوى من الأرض، وتحمله فوق رأسها إلى البيت، ثلاثة كيلو مترات ونصفاً، وهي ابنة من؟ ابنة الوزير الأول في الدولة، وعلى مسمع ومرأى من رئيس الدولة، لقد رآها صلى الله عليه وسلم يوماً، وعلى رأسها مكتل النوى، تئن بحمله، وتلهث من ثقله، وكان على ناقته ومعه بعض أصحابه، فأشار عليهم أن يتقدموا، وأناخ ناقته، وناداها، وطلب منها أن تركب خلفه بما تحمل، وغمرها الحياء، فاعتذرت في أدب، إن باعث النداء عليها الشفقة والرحمة، وهي أخت زوجته، محرمة عليه تحريماً مؤقتاً، ثم هو الرسول صلى الله عليه وسلم، مأمون الفتنة، لكنها امرأة، وليست كأية امرأة إنها ابنة أبي بكر، وزوجة رجل من أغير الناس على زوجته، فاعتذرت في حياء ورقة، إنه صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه ربه { { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم } } [التوبة: 128] وهي التي تحترم زوجها في غيبته، وتحفظ مشاعره وهو بعيد عنها، فاعتذرت شاكرة مقدرة، إنه مع ركب من أصحابه، إن سار وسارت معهم ربما ظهر منهم أو منها ما يحرجها، وإن تخلف عنهم من أجلها ربما قذف الشيطان شيئاً في قلوبهم، كل هذا خطر في نفسها في لحظات، فاعتذرت، وهي مازالت تحمل المكتل بالنوى، ولم يكن بد من أن يقدر صلى الله عليه وسلم موقفها، ويعذرها، ويركب ناقته، ويدرك أصحابه، أما هي فاستعانت بالله على حملها، حتى وصلت متثاقلة به، ككل يوم، وجاء زوجها من سفره، فأخبرته بما جرى، فتقطع قلبه شفقة عليها، وكاد يذرف الدمع رحمة بها، وتحشرجت في صدره كلمات العطف والحنان: إن حملك النوى يا أسماء أصعب وأشق على نفسي من الركوب معه صلى الله عليه وسلم.

هكذا ربى الإسلام التعاون والتعاطف بين الزوجين، شركة لا تهتم بالحقوق والواجبات، ولا محاسبة بين طرفيها عن هذا لك، وهذا لي، شركة يبذل كل من طرفيها ما يقدر عليه، لإقامة حياة مستقرة، شركة ينتج منها ومن دم طرفيها أولاد، يصبحون أغلى نتائجها، ويرثون جهادها وكفاحها.

لا تقل: هل عمل الزوجة في بيت زوجها واجب عليها؟ أو كرم أخلاق منها؟ إن هذا السؤال من أحد طرفيها يفسدها، وإن التدخل الخارجي بالقوانين والمحاسبات هو الشرارة التي تحرقها، وإن حرص كل منهما على أن يأخذ من الآخر يزعزعها، بل يدمرها، وقانون هذه الشركة في السماء قوله تعالى: { { ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } } [الروم: 21] .

المباحث العربية

( عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: تزوجني الزبير) بن العوام بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي، أبو عبد الله، ابن عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمه صفية بنت عبد المطلب، أسلم وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وهاجر الهجرتين ولم يتخلف عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة الذين جعل عمر الخلافة فيهم من بعده، كان تاجراً، بارك الله له في أمواله في أواخر حياته، كان في جيش عائشة وانسحب من القتال، فاغتاله رجل وهو في طريقه عائداً، وتوفي وسنه ست وستون.

أما أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- فهي أخت عائشة لأبيها، وأمها قتيلة بنت عبد العزى، أسلمت قديماً بمكة، بعد سبعة عشر نفساً، وتزوجها الزبير بن العوام، وهاجرت وهي حامل منه، بولده عبد الله، وعاشت إلى أن ولي ابنها الخلافة، ثم إلى أن قتل، وماتت بعده بقليل، وكانت تلقب بذات النطاقين، لدورها في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

( وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه) في الأرض أي على ظهر الأرض، أي في الدنيا، ومن مال من زائدة، ومال اسم ما بمعنى ليس والمملوك الرقيق من العبيد والإماء، وهو هنا من عطف الخاص على العام، وقال الحافظ ابن حجر: المراد بالمال هنا الإبل، أو الأراضي التي تزرع، وهو استعمال معروف للعرب، يطلقون المال على كل من ذلك.
اهـ فهو من عطف المغاير، وقولها بعد ذلك ولا شيء من عطف العام على الخاص، يشمل كل ما يتملك، أو يتمول، لكن الظاهر أنها لم ترد ما لا بد منه في المعيشة، من مسكن وملبس ومطعم، ورأس مال تجارة، وهي هنا لم تستثن الناضح -وهو الجمل الذي يستقى عليه، مع أنها تقول في الرواية نفسها وأدق النوى لناضحه، ووقع استثناؤه في رواية البخاري، ولفظها ولا شيء غير ناضح، وغير فرسه وقولها تزوجني الزبير وما له في الأرض...غير كذا يفيد أنه لم يكن يملك حين زواجه بها سوى هذا، فالجملة حال مقارنة، واستشكل الدودي على هذا، فقال: لم يكن له بمكة فرس ولا ناضح، ففي استثنائها لهما نظر، وأجاب الحافظ ابن حجر بأنه لا مانع من أن يكون الفرس والجمل كانا له بمكة، قبل أن يهاجر، فقد ثبت أنه يوم بدر كان على فرس، ولم يكن قبل بدر غزوة يحصل من غنيمتها على فرس، والجمل يحتمل أن يكون كان له بمكة، ولما قدم به المدينة، وأقطع الأرض، أعده لسقيها، وكان ينتفع به قبل ذلك في غير السقي، فلا إشكال.

( فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤنته، وأسوسه) يقال: ساس الدواب، يسوسها، إذا راضها وأدبها، والمراد من كفاية مؤنة الفرس أنها كانت تقوم بحش الحشائش له، وجمع النوى المتساقط على الأرض من آكلي التمر والبلح، وتحمله فوق رأسها من الأرض المزروعة إلى البيت، وتدق النوى، وتقدمه علفاً للفرس والناضح، وتحمل الماء من البئر من خارج الدار، فتسقي الفرس والناضح، ومن في البيت، وفي الرواية الثانية وكان له فرس، وكنت أسوسه، فلم يكن من الخدمة شيء أشد علي من سياسة الفرس، كنت أحتش له، وأقوم عليه وأسوسه.

( وأدق النوى) أي أكسره بالدق، عن طرق حجر أو نحوه، على حجر منقور أو نحوه، كالذي يعرف بالهاون وقد يكون عن طريق الرحى، وإن غلب على عملها الطحن.

( وأخرز غربه) أخرز بخاء بعدها راء ثم زاي، يقال: خرز الجلد ونحوه، خاطه، والغرب بفتح الغين وسكون الراء بعدها باء الدلو الكبير.

( وأعجن) الدقيق للخبز.

( ولم أكن أحسن أخبز) يقال: خبز بفتح الباء، يخبز بكسرها، خبزاً بسكونها، إذا صنعه، بأن أخذ قطعة العجين وبسطها، ورققها، وأدخلها الفرن أو النار، حتى تنضج، وفعل أخبز مسبوك بمصدر من غير سابك، مفعول أحسن أي لم أكن أحسن وأتقن صنعة خبز الخبز.

( وكان يخبز لي جارات من الأنصار) هذا محمول على أن في كلامها شيئاً محذوفاً مطويا ، تقديره: تزوجني الزبير بمكة، وهو بالصفة المذكورة، واستمر على ذلك حتى قدمنا المدينة، وفيها كنت أصنع كذا وكذا، لأن النسوة من الأنصار، إنما جاورنها بعد قدومها المدينة، وكذا ما سيأتي من نقل النوى من أرض الزبير.

( وكن نسوة صدق) الوصف بالمصدر وإضافة الصفة إلى الموصوف يفيد المبالغة، والمراد من الصدق هنا حسن العشرة والإخلاص في المودة.

( وكنت أنقل النوى من أرض الزبير، التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، على رأسي) على رأس ستة أشهر من غزوة بدر حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير، فكان جلاؤهم إلى الشام، وتركوا أرضهم، فكانت فيئاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم للأنصار: إن شئتم قسمت بينكم ما أفاء الله علي، وبقي المهاجرون على ما هم عليه من السكنى في منازلكم ومشاركتكم أموالكم، وإن شئتم أعطيتهم، وخرجوا عنكم، فاختاروا الثاني، فأقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرين بعض الأرض، فكان للزبير بن العوام منها نصيب.

( وهي على ثلثي فرسخ) وفي رواية البخاري وهي مني على ثلثي فرسخ أي تبعد عن مكان سكني بثلثي فرسخ والفرسخ ثلاثة أميال، فهي على مسافة ميلين من مسكنها، أي نحو ثلاثة كيلو مترات، ونصف الكيلو متر.

( فدعاني، ثم قال: إخ.
إخ)
أي قال لناقته: إخ.
إخ.
بكسر الهمزة وسكون الخاء، كلمة تقال للبعير، لمن أراد أن ينيخه.

( ليحملني خلفه) كأنها فهمت ذلك من قرينة الحال، وإلا فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم قد أراد أن يركبها وما معها على ناقته، ويركب هو شيئاً آخر.

( قالت: فاستحييت، وعرفت غيرتك) فهي قد قالت ذلك لزوجها الزبير بعد ما وصلت، ولم تركب، ففي رواية البخاري فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت -أي تذكرت- الزبير وغيرته، وكان أغير الناس، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت، فمضى، فجئت الزبير، فقلت: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب، فاستحييت منه، وعرفت غيرتك.

( والله لحملك النوى على رأسك أشد من ركوبك معه) سقطت من هذه الرواية لفظ علي وهي في رواية البخاري أشد علي ووجه المفاضلة التي أشار إليها الزبير أن ركوبها مع النبي صلى الله عليه وسلم لا ينشأ عنه كبير أمر من الغيرة لأنها أخت امرأته، فهي في تلك الحالة لا تحل له أن يتزوجها لو كانت خلية من الزوج، أما أنها كانت تخشى أن ينكشف منها حالة السير ما لا تريد انكشافه، أو أن يقع لها من الرجال مزاحمة بغير قصد، فهذا كله أخف مما تحقق من تبذلها، بحمل النوى على رأسها من مكان بعيد، لأنه قد يوهم خسة النفس، ودناءة الهمة، ولكن كان السبب الحامل على ذلك شغل زوجها وأبيها بالجهاد وغيره، وكانوا لا يتفرغون للقيام بأمور البيت، بأن يتعاطوا ذلك بأنفسهم، ولضيق ما بأيديهم على استخدام من يقوم بذلك عنهم فانحصر الأمر في نسائهم، فكن يكفينهم مؤنة المنزل ومن فيه، ليتوافروا هم على ما هم فيه، من نصر الإسلام مع ما ينضم إلى ذلك من العادة المانعة من تسمية ذلك عاراً محضاً.
ذكره الحافظ ابن حجر.

( حتى أرسل إلي أبو بكر بخادم) الخادم يطلق على الذكر والأنثى، والمراد هنا أنثى، وفي الرواية الثانية جاء النبي صلى الله عليه وسلم سبي، فأعطاها خادماً قال الحافظ ابن حجر: ويجمع بين الروايتين بأن السبي لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أبا بكر منه خادما، ليرسله إلى ابنته أسماء، فصدق أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المعطي، ولكن وصل ذلك إليها بواسطة.

( إني إن رخصت لك، أبى ذلك الزبير) أي إني إن رخصت لك قبل استشارة الزبير وموافقته رفض الزبير موافقتي.

( ما لك بالمدينة إلا داري؟) الاستفهام إنكاري توبيخي، أي ما ينبغي أن تلجأ إلى داري وفي المدينة دور كثيرات، فالجأ لغير داري.
قالت ذلك تتظاهر بعدم الموافقة لتكون الموافقة من الزبير.

( مالك أن تمنعي رجلاً فقيراً يبيع) أي ما ينبغي لك أن تمنعي...

( فكان يبيع إلى أن كسب) أي إلى أن كان غير فقير، لدرجة قدرته على شراء الإماء والخدم.

( فبعته الجارية) وهو محمول على أنها استغنت عنها بغيرها.

( فقال: هبيها لي) الظاهر أنه لم يكن يعلم أنها باعتها.

( قالت: إني قد تصدقت بها) أي إني بعتها، وهذا ثمنها، وسأتصدق به.

فقه الحديث

المسألة الفقهية الأساسية في هذا الحديث هي عمل المرأة في بيت زوجها، وظاهر الحديث يدل على أن على المرأة القيام بجميع ما يحتاج إليه زوجها من الخدمة، وإليه ذهب أبو ثور، ويؤيده حديث فاطمة رضي الله عنها، حين شكت ما تلقى يداها من الرحى، وسألت أباها خادماً، فدلها على خير من ذلك، وهو ذكر الله تعالى.

وقال النووي: ما قامت به أسماء -رضي الله عنها- كله من المعروف والمروءات، التي أطبق عليها الناس، وهو أن المرأة تخدم زوجها هذه الأمور المذكورة ونحوها، من الخبز والطبخ وغسل الثياب وغير ذلك، وكله تبرع من المرأة، وإحسان منها إلى زوجها، وحسن معاشرة، وفعل معروف معه، ولا يجب عليها شيء من ذلك، بل لو امتنعت من جميع هذا لم تأثم، ويلزمه هو تحصيل هذه الأمور لها، ولا يحل له إلزامها بشيء من هذا، وإنما تفعله المرأة تبرعاً، وهي عادة جميلة استمر عليها النساء، من الزمن الأول، إلى الآن، وإنما الواجب على المرأة شيئان، تمكينها زوجها من نفسها، وملازمة بيته.
اهـ

قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن هذه الواقعة وأمثالها كانت في حال ضرورة، فلا يطرد الحكم في غيرها، مما لم يكن في مثل حالهم، والذي يترجح حمل الأمر في ذلك على عوائد البلاد، فإنها مختلفة في هذا الباب.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم

1- جواز الإرداف على الدابة، إذا كانت مطيقة.

2- وجواز إرداف المرأة التي ليست محرماً، إذا وجدت في طريق وقد أعيت، ولا سيما مع جماعة رجال صالحين.
ولا شك في جواز مثل هذا.
كذا قال النووي، وقال القاضي عياض: هذا خاص للنبي صلى الله عليه وسلم، بخلاف غيره، فقد أمرنا بالمباعدة بين أنفاس الرجال والنساء، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم مباعدتهن، لتقتدي به أمته، قال: وإنما كانت هذه الخصوصية له لكونها بنت أبي بكر، وأخت عائشة، وامرأة للزبير، فكانت كإحدى أهله ونسائه، مع ما خص به صلى الله عليه وسلم من أنه أملك لإربه، وأما إرداف المحارم فجائز بلا خلاف، بكل حال.

3- وما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على المؤمنين والمؤمنات، ورحمتهم ومواساتهم فيما أمكنه.

4- ومن التقاطها النوى قال القاضي عياض: فيه جواز التقاط المطروحات رغبة عنها، كالنوى والسنابل وخرق المزابل وسقاطتها، وما يطرحه الناس من رديء المتاع ورديء الخضر وغيرها، مما يعرف أنهم تركوه، رغبة عنه، فكل هذا يحل التقاطه، ويملكه الملتقط، وقد لقطه الصالحون وأهل الورع، ورأوه من الحلال المحض، وارتضوه لأكلهم ولباسهم.

5- ومن إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم الأرض للزبير جواز إقطاع الإمام، قال النووي: فأما الأرض المملوكة لبيت المال فلا يملكها أحد إلا بإقطاع الإمام، ثم تارة يقطع رقبتها، ويملكها الإنسان، حيث يرى في ذلك مصلحة، فيجوز، ويملكها كما يملك ما يعطيه من الدراهم والدنانير وغيرها، وتارة يقطعه منفعتها، فيستحق الانتفاع بها مدة الإقطاع.

وأما الموات فيجوز لكل أحد إحياؤه، ولا يفتقر إلى إذن الإمام، هذا مذهب مالك والشافعي والجمهور، وقال أبو حنيفة: لا يملك الموات بالإحياء إلا بإذن الإمام.

6- ومن قصة الفقير الذي استأذنها أن يبيع في ظل دارها، وذكرها الحيلة في استرضاء الزبير، حسن الملاطفة في تحصيل المصالح، ومداراة أخلاق الناس في تتميم ذلك.

7- وفي الحديث مدح الغيرة على الزوجة.

8- ومنقبة للزبير بن العوام.

9- ومنقبة لأسماء بنت أبي بكر.

10- وما كان عليه نساء الأنصار من التعاون والتواد وحسن العشرة.

11- وما كان عليه الصحابة من ضيق العيش وقلة ذات اليد.

12- قال المهلب: وفيه أن المرأة الشريفة إذا تطوعت بخدمة زوجها بشيء لا يلزمها لم ينكر عليها ذلك أب ولا سلطان، قال الحافظ ابن حجر: وتعقب بأنه بناه على أصله، من أن ذلك كان تطوعاً، ولخصمه أن يعكس، فيقول: لو لم يكن لازماً ما سكت أبوها مثلاً على ذلك، مع ما فيه من المشقة عليه وعليها.

13- أخذ منه بعضهم أن الحجاب إنما هو في حق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فليس في الحديث أنها استترت، ولا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بذلك.
وتعقب بأن ذلك كان قبل نزول الحجاب.

14- قال المهلب: وفيه غيرة الرجل عند ابتذال أهله، فيما يشق من الخدمة، وأنفة نفسه من ذلك، لا سيما إذا كانت ذات حسب.

15- ومن بيعها الجارية بدون علمه دليل على أن للزوجة أن تتصرف في مالها وأملاكها، دون علم زوجها، وقد يقال: إنها كانت مأذوناً لها إذناً عاماً.

16- وعن استئذان الرجل الفقير قال السنوسي: هذا يدل على أن أصحاب الأفنية أحق بها، فلا يقعد فيها للبيع إلا بإذن، وبشرط أن لا يضيق على الماريين.

والله أعلم