4172 حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ إِذَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَاهُ جِبْرِيلُ ، قَالَ : بِاسْمِ اللَّهِ يُبْرِيكَ ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ |
4172 حدثنا ابن أبي عمر المكي ، حدثنا عبد العزيز الدراوردي ، عن يزيد وهو ابن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أنها قالت : كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل ، قال : باسم الله يبريك ، ومن كل داء يشفيك ، ومن شر حاسد إذا حسد ، وشر كل ذي عين |
'A'isha (the wife of Allah's Apostle) said:
When Allah's Messenger (ﷺ) fell ill, Gabriel used to recite this: In the name of Allah, may He cure you from all kinds of illnesses and safeguard you from the evil of a jealous one when he feels jealous and from the evil influence of eye.
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب الطِّبِّ وَالْمَرَضِ وَالرُّقَى
[ سـ :4172 ... بـ :2185]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ إِذَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَاهُ جِبْرِيلُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ يُبْرِيكَ وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ
قَوْلُهُ : ( إِنَّ جِبْرِيلَ رَقَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ، وَذَكَرَ الْأَحَادِيثَ بَعْدَهُ فِي الرُّقَى ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ( لَا يَرْقُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) فَقَدْ يُظَنُّ مُخَالِفًا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، وَلَا مُخَالَفَةَ ، بَلِ الْمَدْحُ فِي تَرْكِ الرُّقَى الْمُرَادُ بِهَا الرُّقَى الَّتِي هِيَ مِنْ كَلَامِ الْكُفَّارِ ، وَالرُّقَى الْمَجْهُولَةُ ، وَالَّتِي بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَمَا لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهَا ، فَهَذِهِ مَذْمُومَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَعْنَاهَا كُفْرٌ ، أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ ، أَوْ مَكْرُوهٌ .
وَأَمَّا الرُّقَى بِآيَاتِ الْقُرْآنِ ، وَبِالْأَذْكَارِ الْمَعْرُوفَةِ ، فَلَا نَهْيَ فِيهِ ، بَلْ هُوَ سُنَّةٌ .
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ إِنَّ الْمَدْحَ فِي تَرْكِ الرُّقَى لِلْأَفْضَلِيَّةِ وَبَيَانِ التَّوَكُّلِ .
وَالَّذِي فَعَلَ الرُّقَى ، وَأَذِنَ فِيهَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ ، مَعَ أَنَّ تَرْكَهَا أَفْضَلُ ، وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، وَحَكَاهُ عَمَّنْ حَكَاهُ .
وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ ، وَقَدْ نَقَلُوا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ الرُّقَى بِالْآيَاتِ ، وَأَذْكَارِ اللَّهِ تَعَالَى .
قَالَ الْمَازِرِيُّ : جَمِيعُ الرُّقَى جَائِزَةٌ إِذَا كَانَتْ بِكِتَابِ اللَّهِ ، أَوْ بِذِكْرِهِ ، وَمَنْهِيٌّ عَنْهَا إِذَا كَانَتْ بِاللُّغَةِ الْعَجَمِيَّةِ ، أَوْ بِمَا لَا يُدْرَى مَعْنَاهُ ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ كُفْرٌ .
قَالَ : وَاخْتَلَفُوا فِي رُقْيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَجَوَّزَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَرِهَهَا مَالِكٌ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ مِمَّا بَدَّلُوهُ .
وَمَنْ جَوَّزَهَا قَالَ : الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يُبَدِّلُوا الرُّقَى ، فَإِنَّهُمْ لَهُمْ غَرَضٌ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِمَّا بَدَّلُوهُ .
وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ ) .
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى ) فَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدِهَا كَانَ نَهَى أَوَّلًا ، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ ، وَأَذِنَ فِيهَا ، وَفَعَلَهَا ، وَاسْتَقَرَّ الشَّرْعُ عَلَى الْإِذْنِ .
وَالثَّانِي أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الرُّقَى الْمَجْهُولَةِ كَمَا سَبَقَ .
وَالثَّالِثُ أَنَّ النَّهْيَ لِقَوْمٍ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ مَنْفَعَتَهَا وَتَأْثِيرَهَا بِطَبْعِهَا كَمَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَزْعُمُهُ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ .
أَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : ( لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَّةٍ ) فَقَالَ الْعُلَمَاءُ : لَمْ يُرِدْ بِهِ حَصْرَ الرُّقْيَةِ الْجَائِزَةِ فِيهِمَا ، وَمَنْعَهَا فِيمَا عَدَاهُمَا ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ لَا رُقْيَةَ أَحَقُّ وَأَوْلَى مَنْ رُقْيَةِ الْعَيْنِ وَالْحُمَّةِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ فِيهِمَا .
قَالَ الْقَاضِي : وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ : سُئِلَ عَنِ النَّشْرَةِ ، فَأَضَافَهَا إِلَى الشَّيْطَانِ .
قَالَ : وَالنَّشْرَةُ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ أَهْلِ التَّعْزِيمِ ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَنْشُرُ عَنْ صَاحِبِهَا ، أَيْ تُخَلِّي عَنْهُ .
وَقَالَ الْحَسَنُ : هِيَ مِنَ السَّحَرِ .
قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا أَشْيَاءُ خَارِجَةٌ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَذْكَارِهِ ، وَعَنِ الْمُدَاوَاةِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ الْمُبَاحِ .
وَقَدِ اخْتَارَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ هَذَا ، فَكَرِهَ حَلَّ الْمَعْقُودِ عَنِ امْرَأَتِهِ .
وَقَدْ حَكَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بِهِ طِبٌّ أَيْ ضَرْبٌ مِنَ الْجُنُونِ ، أَوْ يُؤْخَذُ عَنِ امْرَأَتِهِ ، أَيُخَلَّى عَنْهُ أَوْ يُنْشَرُ ؟ قَالَ : لَا بَأْسَ بِهِ ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الصَّلَاحَ ، فَلَمْ يَنْهَ عَمَّا يَنْفَعُ .
وَمِمَّنْ أَجَازَ النَّشْرَةَ الطَّبَرِيُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
قَالَ كَثِيرُونَ أَوِ الْأَكْثَرُونَ : يَجُوزُ الِاسْتِرْقَاءُ لِلصَّحِيحِ لِمَا يَخَافُ أَنْ يَغْشَاهُ مِنَ الْمَكْرُوهَاتِ ، وَالْهَوَامِّ .
وَدَلِيلُهُ أَحَادِيثُ ، وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ تَفَلَ فِي كَفِّهِ ، وَيَقْرَأُ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَالْمُعَوِذِّتَيْنِ ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ ، وَمَا بَلَغَتْ يَدَهُ مِنْ جَسَدِهِ ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ .