هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4313 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَخْبَرَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ ، قَالَ : حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، فَإِذَا فِي المَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ وَالمُسْلِمِينَ ، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ ، خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ، ثُمَّ قَالَ : لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ : أَيُّهَا المَرْءُ إِنَّهُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ ، إِنْ كَانَ حَقًّا فَلاَ تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا ، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا ، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ ، حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا ، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ ؟ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - قَالَ : كَذَا وَكَذَا ، قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ ، لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ البُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالعِصَابَةِ ، فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ شَرِقَ بِذَلِكَ ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ ، فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ ، وَأَهْلِ الكِتَابِ ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا } الآيَةَ ، وَقَالَ اللَّهُ : { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } إِلَى آخِرِ الآيَةِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ العَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ ، حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا ، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ ، قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ : هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ ، فَبَايَعُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمُوا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  يريد عبد الله بن أبي قال : كذا وكذا ، قال سعد بن عبادة : يا رسول الله ، اعف عنه واصفح عنه ، فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك ، لقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة ، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك ، فذلك فعل به ما رأيت ، فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين ، وأهل الكتاب ، كما أمرهم الله ، ويصبرون على الأذى ، قال الله عز وجل : { ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا } الآية ، وقال الله : { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم } إلى آخر الآية ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول العفو ما أمره الله به ، حتى أذن الله فيهم ، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا ، فقتل الله به صناديد كفار قريش ، قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان : هذا أمر قد توجه ، فبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأسلموا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4566] .

     قَوْلُهُ  عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ أَيْ كِسَاءٍ غَلِيظٍ مَنْسُوبٍ إِلَى فَدَكَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالدَّالِ وَهِيَ بَلَدٌ مَشْهُورٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  يَعُودُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فِيهِ عِيَادَةُ الْكَبِيرِ بَعْضَ أَتْبَاعِهِ فِي دَارِهِ وَقَولُهُ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ أَيْ فِي مَنَازِلِ بَنِي الْحَارِثِ وَهُمْ قَوْمُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ .

     قَوْلُهُ  قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَقِيعَةِ .

     قَوْلُهُ  وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي أَي قبل أَن يظْهر الْإِسْلَامِ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَالْمُسْلِمِينَ كَذَا فِيهِ تَكْرَارُ لَفْظِ الْمُسْلِمِينَ آخِرًا بَعْدَ الْبُدَاءَةِ بِهِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ أَحَدِهِمَا وَسَقَطَتِ الثَّانِيَةُ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فَعَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَولُهُ الْيَهُودِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْبَدَلِ أَوْ عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْيَهُودَ مُقِرُّونَ بِالتَّوْحِيدِ نَعَمْ مِنْ لَازِمِ قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْهُم عَزِيز بن اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِشْرَاكُ وَعَطْفُهُمْ عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ تَنْوِيهًا بِهِمْ فِي الشَّرِّ ثُمَّ ظَهَرَ لِي رُجْحَانُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ كَأَنَّهُ فَسَّرَ الْمُشْرِكِينَ بِعبدةِ الْأَوْثَانِ وَبِالْيَهُودِ وَمِنْهُ يَظْهَرُ تَوْجِيهُ إِعَادَةِ لَفْظِ الْمُسلمينكَأَنَّهُ فَسَّرَ الْأَخْلَاطَ بِشَيْئَيْنِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمَّا فَسَّرَ الْمُشْرِكِينَ بِشَيْئَيْنِ رَأَى إِعَادَةَ ذِكْرِ الْمُسلمين تَأْكِيدًا وَلَو كَانَ قَالَ أولَاهُنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ مَا احْتَاجَ إِلَى إِعَادَةِ وَإِطْلَاقُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْيَهُودِ لِكَوْنِهِمْ يُضَاهُونَ قَوْلَهُمْ وَيُرَجِّحُونَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُوَافِقُونَهُمْ فِي تَكْذِيبِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ومعاداته وقتاله بعد مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي بن سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فعطف عَبدة الْأَوْثَان علىالمشركين وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .

     قَوْلُهُ  عَجَاجَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَجِيمَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ أَيْ غُبَارُهَا وَقَولُهُ خَمَّرَ أَيْ غَطَّى وَقَولُهُ أَنْفَهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَجْهَهُ .

     قَوْلُهُ  فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ السَّلَامِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَ مَعَهُمْ كُفَّارٌ وَيَنْوِي حِينَئِذٍ بِالسَّلَامِ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي سَلَّمَ بِهِ عَلَيْهِمْ صِيغَةُ عُمُومٍ فِيهَا تَخْصِيصٌ كَقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ عَبَّرَ عَنِ انْتِهَاءِ مَسِيرِهِ بِالْوُقُوفِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ بِنَصْبِ أَحْسَنَ وَفَتْحِ أَوَّلِهِ عَلَى أَنَّهُ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ وَيَجُوزُ فِي أَحْسَنَ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ لَا وَالِاسْمُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّ النُّونِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَأَحْسَنُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ لَكِنْ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّ النُّونِ عَلَى أَنَّهَا لَامُ الْقَسَمِ كَأَنَّهُ قَالَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنْ تَقْعُدَ فِي بَيْتِكِ حَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ أَبِي عَلِيِّ وَاسْتَحْسنهُ وَحكى بن الْجَوْزِيِّ تَشْدِيدَ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بِغَيْرِ نُونٍ مِنَ الْحِسِّ أَيْ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ شَيْئًا .

     قَوْلُهُ  يَتَثَاوَرُونَ بِمُثَلَّثَةٍ أَيْ يَتَوَاثَبُونَ أَيْ قَارَبُوا أَنْ يَثِبَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَيَقْتَتِلُوا يُقَالُ ثَارَ إِذَا قَامَ بِسُرْعَةٍ وَانْزِعَاجٍ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى سَكَنُوا بِالنُّونِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَعِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْمُثَنَّاةِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ نَزَلَ فِي ذَلِكَ وَأَن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا الْآيَةَ وَقَدْ قَدَّمْتُ مَا فِيهِ مِنَ الْإِشْكَالِ وَجَوَابَهُ عِنْدَ شَرْحِ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ .

     قَوْلُهُ  أَيَا سَعْدُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَيْ سَعْدُ .

     قَوْلُهُ  أَبُو حُبَابٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَبِمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ وَهِيَ كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَكَنَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَشْهُورًا بِهَا أَوْ لِمَصْلَحَةِ التَّأَلُّفِ .

     قَوْلُهُ  وَلَقَدِ اصْطَلَحَ بِثُبُوتِ الْوَاوِ لِلْأَكْثَرِ وَبِحَذْفِهَا لِبَعْضِهِمْ .

     قَوْلُهُ  أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ الْبُحَيْرَةِ بِالتَّصْغِيرِ وَهَذَا اللَّفْظُ يُطْلَقُ عَلَى الْقَرْيَةِ وَعَلَى الْبَلَدِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَدِينَةُ النَّبَوِيَّةُ وَنَقَلَ يَاقُوتٌ أَنَّ الْبَحْرَةَ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ يَعْنِي يُرَئِّسُوهُ عَلَيْهِمْ وَيُسَوِّدُوهُ وَسُمِّيَ الرَّئِيسُ مُعَصَّبًا لِمَا يَعْصِبُ بِرَأْسِهِ من الْأُمُور أَو لأَنهم يعصبون رؤوسهم بِعِصَابَةٍ لَا تَنْبَغِي لِغَيْرِهِمْ يَمْتَازُونَ بِهَا وَوَقَعَ فِي غَيْرِ الْبُخَارِيِّ فَيُعَصِّبُونَهُ وَالتَّقْدِيرُ فَهُمْ يُعَصِّبُونَهُ أَو فَإِذا هم يعصبونه وَعند بن إِسْحَاقَ لَقَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِكَ وَإِنَّا لَنَنْظِمُ لَهُ الْخَرَزَ لِنُتَوِّجَهُ فَهَذَا تَفْسِيرُ الْمُرَادِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  شَرِقَ بِذَلِكَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ غُصَّ بِهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْحَسَدِ يُقَالُ غُصَّ بِالطَّعَامِ وَشَجِيَ بِالْعَظْمِ وَشَرِقَ بِالْمَاءِ إِذَا اعْتَرَضَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَلْقِ فَمَنَعَهُ الْإِسَاغَةَ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ هَذَا حَدِيثٌ آخَرُ أفرده بن أبي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ الَّذِي قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ الْإِسْنَادُ مُتَّحِدًا وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَلَمْ يُخَرِّجْ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْآخَرِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  اللَّهُ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أنفسهم إِلَى آخِرِ الْآيَةِ سَاقَ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ الْآيَةَ وَبِمَا بَعْدَ مَا سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا تَتَبَيَّنُ الْمُنَاسَبَةُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى فاعفوا واصفحوا .

     قَوْلُهُ  حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ أَيْ فِي قِتَالِهِمْ أَيْ فَتَرَكَ الْعَفْوَ عَنْهُمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَرَكَهُ أَصْلًا بَلْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَرْكِ الْقِتَالِ أَوَّلًا وَوُقُوعِهِ آخِرًا وَإِلَّا فَعَفْوُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودبِالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَصَفْحُهُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ مَشْهُورٌ فِي الْأَحَادِيثِ وَالسِّيَرِ .

     قَوْلُهُ  صَنَادِيدَ بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ نُونٍ خَفِيفَةٍ جَمْعُ صِنْدِيدٍ بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَهُوَ الْكَبِيرُ فِي قَوْمِهِ .

     قَوْلُهُ  هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ أَيْ ظَهَرَ وَجْهُهُ .

     قَوْلُهُ  فَبَايَعُوا بِلَفْظِ الْمَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ أعلم ( قَولُهُ بَابُ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا) سَقَطَ لَفْظُ بَابُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا)
ذَكَرَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فِيمَا كَانَ يَهْجُو بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ مِنَ الشِّعْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي خَبَرُهُ وَفِيهِ شَرْحُ حَدِيثِ مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَرَوَى بن أبي حَاتِم وبن الْمُنْذر بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَا كَانَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَبَيْنَ فِنْحَاصَ الْيَهُودِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِ فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَلَتْ

[ قــ :4313 ... غــ :4566] .

     قَوْلُهُ  عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ أَيْ كِسَاءٍ غَلِيظٍ مَنْسُوبٍ إِلَى فَدَكَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالدَّالِ وَهِيَ بَلَدٌ مَشْهُورٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  يَعُودُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فِيهِ عِيَادَةُ الْكَبِيرِ بَعْضَ أَتْبَاعِهِ فِي دَارِهِ وَقَولُهُ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ أَيْ فِي مَنَازِلِ بَنِي الْحَارِثِ وَهُمْ قَوْمُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ .

     قَوْلُهُ  قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَقِيعَةِ .

     قَوْلُهُ  وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي أَي قبل أَن يظْهر الْإِسْلَامِ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَالْمُسْلِمِينَ كَذَا فِيهِ تَكْرَارُ لَفْظِ الْمُسْلِمِينَ آخِرًا بَعْدَ الْبُدَاءَةِ بِهِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ أَحَدِهِمَا وَسَقَطَتِ الثَّانِيَةُ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فَعَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَولُهُ الْيَهُودِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْبَدَلِ أَوْ عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْيَهُودَ مُقِرُّونَ بِالتَّوْحِيدِ نَعَمْ مِنْ لَازِمِ قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْهُم عَزِيز بن اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِشْرَاكُ وَعَطْفُهُمْ عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ تَنْوِيهًا بِهِمْ فِي الشَّرِّ ثُمَّ ظَهَرَ لِي رُجْحَانُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ كَأَنَّهُ فَسَّرَ الْمُشْرِكِينَ بِعبدةِ الْأَوْثَانِ وَبِالْيَهُودِ وَمِنْهُ يَظْهَرُ تَوْجِيهُ إِعَادَةِ لَفْظِ الْمُسلمين كَأَنَّهُ فَسَّرَ الْأَخْلَاطَ بِشَيْئَيْنِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمَّا فَسَّرَ الْمُشْرِكِينَ بِشَيْئَيْنِ رَأَى إِعَادَةَ ذِكْرِ الْمُسلمين تَأْكِيدًا وَلَو كَانَ قَالَ أولَاهُنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ مَا احْتَاجَ إِلَى إِعَادَةِ وَإِطْلَاقُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْيَهُودِ لِكَوْنِهِمْ يُضَاهُونَ قَوْلَهُمْ وَيُرَجِّحُونَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُوَافِقُونَهُمْ فِي تَكْذِيبِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ومعاداته وقتاله بعد مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي بن سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فعطف عَبدة الْأَوْثَان علىالمشركين وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .

     قَوْلُهُ  عَجَاجَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَجِيمَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ أَيْ غُبَارُهَا وَقَولُهُ خَمَّرَ أَيْ غَطَّى وَقَولُهُ أَنْفَهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَجْهَهُ .

     قَوْلُهُ  فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ السَّلَامِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَ مَعَهُمْ كُفَّارٌ وَيَنْوِي حِينَئِذٍ بِالسَّلَامِ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي سَلَّمَ بِهِ عَلَيْهِمْ صِيغَةُ عُمُومٍ فِيهَا تَخْصِيصٌ كَقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ عَبَّرَ عَنِ انْتِهَاءِ مَسِيرِهِ بِالْوُقُوفِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ بِنَصْبِ أَحْسَنَ وَفَتْحِ أَوَّلِهِ عَلَى أَنَّهُ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ وَيَجُوزُ فِي أَحْسَنَ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ لَا وَالِاسْمُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّ النُّونِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَأَحْسَنُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ لَكِنْ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّ النُّونِ عَلَى أَنَّهَا لَامُ الْقَسَمِ كَأَنَّهُ قَالَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنْ تَقْعُدَ فِي بَيْتِكِ حَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ أَبِي عَلِيِّ وَاسْتَحْسنهُ وَحكى بن الْجَوْزِيِّ تَشْدِيدَ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بِغَيْرِ نُونٍ مِنَ الْحِسِّ أَيْ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ شَيْئًا .

     قَوْلُهُ  يَتَثَاوَرُونَ بِمُثَلَّثَةٍ أَيْ يَتَوَاثَبُونَ أَيْ قَارَبُوا أَنْ يَثِبَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَيَقْتَتِلُوا يُقَالُ ثَارَ إِذَا قَامَ بِسُرْعَةٍ وَانْزِعَاجٍ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى سَكَنُوا بِالنُّونِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَعِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْمُثَنَّاةِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ نَزَلَ فِي ذَلِكَ وَأَن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا الْآيَةَ وَقَدْ قَدَّمْتُ مَا فِيهِ مِنَ الْإِشْكَالِ وَجَوَابَهُ عِنْدَ شَرْحِ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ .

     قَوْلُهُ  أَيَا سَعْدُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَيْ سَعْدُ .

     قَوْلُهُ  أَبُو حُبَابٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَبِمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ وَهِيَ كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَكَنَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَشْهُورًا بِهَا أَوْ لِمَصْلَحَةِ التَّأَلُّفِ .

     قَوْلُهُ  وَلَقَدِ اصْطَلَحَ بِثُبُوتِ الْوَاوِ لِلْأَكْثَرِ وَبِحَذْفِهَا لِبَعْضِهِمْ .

     قَوْلُهُ  أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ الْبُحَيْرَةِ بِالتَّصْغِيرِ وَهَذَا اللَّفْظُ يُطْلَقُ عَلَى الْقَرْيَةِ وَعَلَى الْبَلَدِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَدِينَةُ النَّبَوِيَّةُ وَنَقَلَ يَاقُوتٌ أَنَّ الْبَحْرَةَ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ يَعْنِي يُرَئِّسُوهُ عَلَيْهِمْ وَيُسَوِّدُوهُ وَسُمِّيَ الرَّئِيسُ مُعَصَّبًا لِمَا يَعْصِبُ بِرَأْسِهِ من الْأُمُور أَو لأَنهم يعصبون رؤوسهم بِعِصَابَةٍ لَا تَنْبَغِي لِغَيْرِهِمْ يَمْتَازُونَ بِهَا وَوَقَعَ فِي غَيْرِ الْبُخَارِيِّ فَيُعَصِّبُونَهُ وَالتَّقْدِيرُ فَهُمْ يُعَصِّبُونَهُ أَو فَإِذا هم يعصبونه وَعند بن إِسْحَاقَ لَقَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِكَ وَإِنَّا لَنَنْظِمُ لَهُ الْخَرَزَ لِنُتَوِّجَهُ فَهَذَا تَفْسِيرُ الْمُرَادِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  شَرِقَ بِذَلِكَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ غُصَّ بِهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْحَسَدِ يُقَالُ غُصَّ بِالطَّعَامِ وَشَجِيَ بِالْعَظْمِ وَشَرِقَ بِالْمَاءِ إِذَا اعْتَرَضَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَلْقِ فَمَنَعَهُ الْإِسَاغَةَ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ هَذَا حَدِيثٌ آخَرُ أفرده بن أبي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ الَّذِي قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ الْإِسْنَادُ مُتَّحِدًا وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَلَمْ يُخَرِّجْ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْآخَرِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  اللَّهُ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أنفسهم إِلَى آخِرِ الْآيَةِ سَاقَ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ الْآيَةَ وَبِمَا بَعْدَ مَا سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا تَتَبَيَّنُ الْمُنَاسَبَةُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى فاعفوا واصفحوا .

     قَوْلُهُ  حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ أَيْ فِي قِتَالِهِمْ أَيْ فَتَرَكَ الْعَفْوَ عَنْهُمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَرَكَهُ أَصْلًا بَلْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَرْكِ الْقِتَالِ أَوَّلًا وَوُقُوعِهِ آخِرًا وَإِلَّا فَعَفْوُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُود بِالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَصَفْحُهُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ مَشْهُورٌ فِي الْأَحَادِيثِ وَالسِّيَرِ .

     قَوْلُهُ  صَنَادِيدَ بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ نُونٍ خَفِيفَةٍ جَمْعُ صِنْدِيدٍ بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَهُوَ الْكَبِيرُ فِي قَوْمِهِ .

     قَوْلُهُ  هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ أَيْ ظَهَرَ وَجْهُهُ .

     قَوْلُهُ  فَبَايَعُوا بِلَفْظِ الْمَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}
هذا ( باب) بالتنوين في قوله: ( { ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} ) يعني اليهود ( { ومن الذين أشركوا أذى كثيرًا} ) [آل عمران: 186] باللسان والفعل من هجاء الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والطعن في الدين وإغراء الكفرة على المسلمين أخبره تعالى بذلك عند مقدمة المدينة قبل وقعة بدر مسليًا له عما يناله من الأذى.


[ قــ :4313 ... غــ : 4566 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ -رضي الله عنهما- أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ
وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، قَالَ: حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَالْمُسْلِمِينَ وَفِي الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قَالَ: لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ أَيُّهَا الْمَرْءُ إِنَّهُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا فَلاَ تُؤْذِينَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ، حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ -يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ- قَالَ: كَذَا وَكَذَا» قَالَ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُونَهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ شَرِقَ بِذَلِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ ما رَأَيْتَ فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] الآيَةَ.

     وَقَالَ  اللَّهُ: { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] إِلَى آخِرِ الآيَةِ وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَدْرًا فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ فَبَايَعُوا الرَّسُولَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمُوا.

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ولأبي ذر: أخبرنا ( عروة بن الزبير) بن العوّام ( أن أسامة بن زيد) اسم جده حارثة الكلبي ( -رضي الله عنهما- أخبره أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركب على حمار على قطيفة) بفتح القاف وكسر الطاء المهملة كساء غليظ ( فدكية) بفاء فدال مهملة مفتوحتين صفتها منسوبة إلى فدك بلد مشهور على مرحلتين من المدينة ( وأردف) بالواو في اليونينية وفي الفرع فأردف ( أسامة بن زيد وراءه) حال كونه ( يعود سعد بن عبادة) بضم العين وتخفيف الموحدة الأنصاري أحد النقباء ( في) منازل ( بني الحرث بن الخزرج) وهم قوم سعد ( قبل وقعة بدر) ولأبي ذر عن الكشميهني وقيعة بكسر القاف بعدها تحتية ساكنة ( قال: حتى مر
بمجلس فيه عبد الله أُبَيٍّ)
بالتنوين ( ابن سلول) بألف ورفع ابن صفة لعبد الله لا صفة لأُبي لأن سلول أم عبد الله غير منصرف ( وذلك قبل أن يسلم) أي يظهر الإسلام ( عبد الله بن أبيّ) ولم يسلم قط ( فإذا في المجلس أخلاط) بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة أنواع ( من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان) بالجر بدلًا من سابقه ( واليهود والمسلمين) بذكر المسلمين أولًا وآخرًا وسقطت الأخيرة من رواية مسلم ( وفي المجلس عبد الله بن رواحة) بفتح الراء والواو المخففة والحاء المهملة ابن ثعلبة بن امرئ القيس الخزرجي الأنصاري الشاعر أحد السابقين شهد بدرًا استشهد بمؤتة وكان ثالث الأمراء بها في جمادى الأولى سنة ثمان ( فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة) بفتح العين وجيمين خفيفتين أي غبارها وعجاجة رفع فاعل ( خمّر) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الميم أي غطى ( عبد الله بن أبي أنفه) ولأبي ذر عن الكشميهني وجهه ( بردائه ثم قال: لا تغبروا علينا) بالموحدة ( فسلم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليهم) ناويًا المسلمين أو قال السلام على من اتبع الهدى ( ثم وقف فنزل) عن الدابة ( فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن فقال) : بالفاء في اليونينية وفي الفرع وقال بالواو ( عبد الله أبي) بالتنوين ( ابن سلول) للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أيها المرء إنه لا) شيء ( أحسن مما تقول) بفتح الهمزة وفتح السين والنون أفعل تفضيل وهو اسم لا وخبرها شيء المقدر ولأبي ذر عن الكشميهني لا أحسن ما تقول بضم الهمزة وكسر السين وضم النون وما بميم واحدة ( إن كان حقًّا) شرط قدم جزاؤه ( فلا تؤذينا به) بالياء قبل النون ولأبي ذر فلا تؤذنا بحذفها على الأصل في الجزم ( في مجلسنا) بالإفراد، ولأبي ذر: في مجالسنا بالجمع ( ارجع إلى رحلك) أي إلى منزلك ( فمن جاءك فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة بلى يا رسول الله فاغشنا به) بهمزة وصل وفتح الشين المعجمة ( في مجالسنا فإنا نحب ذلك فاستبّ) بالفاء، ولأبي ذر واستبّ ( المسلمون والمشركون واليهود) عطف على المشركين وإن كانوا داخلين فيهم تنبيهًا على زيادة شرهم ( حتى كادوا يتثاورون) بالمثلثة أي قاربوا أن يثب بعضهم على بعض فيقتتلوا ( فلم يزل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بخفضهم) بالخاء والضاد المعجمتين يسكنهم ( حتى سكنوا) بالنون من السكون، ولأبي ذر عن المستملي، وقال في الفتح عن الكشميهني: حتى سكتوا بالمثناة الفوقية من السكوت ( ثم ركب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة فقال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب) بضم الحاء المهملة وتخفيف الموحدة الأولى ( يريد عبد الله بن أُبي قال كذا وكذا.
قال سعد بن عبادة: يا رسول الله اعف عنه واصفح عنه فو)
الله ( الذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الدي أنزل عليك) ولأبي ذر: نزل بإسقاط الهمزة وتشديد الزاي ( لقد اصطلح) بدل أو عطف بيان وفي نسخة ولقد اصطلح ( أهل هذه البحيرة) بضم الموحدة مصغرًا أي البليدة والمراد المدينة النبوية، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني البحرة بفتح الموحدة وسكون المهملة ( على أن يتوّجوه) بتاج الملك ( فيعصبونه بالعصابة) أي فيعممونه بعمامة الملوك.

وقال في الكواكب: أي يجعلونه رئيسًا لهم ويسوّدونه عليهم، وكان الرئيس معصبًا لما
يعصب برأيه من الأمر، وقيل كان الرؤساء يعصبون رؤوسهم بعصابة يعرفون بها، وفي بعض النسخ يعصبونه بغير فاء فيكون بدلًا من قوله على أن يتوّجوه والنون ثابتة في فيعصبونه ساقطة من يتوّجوه.
قال في المصابيح: ففيه الجمع بين أعمال إن وإهمالها في كلام واحد كما في قوله:
أن تقرآن على أسماء ويحكما ... مني السلام وأن لا تشعرا أحدا
ولأبي ذر وحده: فيعصبوه بالفاء وحذف النون كذا في غير ما نسخة من المقابل على اليونينية المصححة بحضرة إمام النحاة في عصره ابن مالك مع جمع من الحفاظ والأصول المعتمدة.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: ووقع في غير البخاري فيعصبونه أي بالنون والتقدير فهم يعصبونه أو فإذا هم يعصبونه ولعله لم يقف على رواية الأكثرين بالنون.

( فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق) ولأبي ذر أعطاك شرق بفتح الشين المعجمة وبعد الراء المكسورة قاف أي غص ابن أبي ( بذلك) الحق الذي أعطاك الله وسقط لفظ الجلالة بعد أعطاك لدلالة الأولى ( فذلك) الحق الذي أتيت به ( فعل به ما رأيت) من فعله وقوله القبيح ( فعفا عنه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب ما أمرهم الله ويصبرون على الأذى.
قال الله تعالى: ( { ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيرًا} [آل عمران: 186] الآية) .

هذا حديث آخر أفرده ابن أبي حاتم في تفسيره عن السابق بسند البخاري، وقال في آخره:
وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتأوّل في العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم فكل من قام بحق أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر فلا بدّ أن يؤذى فما له دواء إلا الصبر في الله والاستعانة به والرجوع إليه ( وقال الله: { ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردّونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا من عند أنفسهم} [البقرة: 109] إلى آخر الآية) زاد أبو نعيم في مستخرجه من وجه آخر ما تظهر به المناسبة وهو قوله: { فاعفوا واصفحوا} [البقرة: 109] ( وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتأوّل العفو) ولأبي ذر في العفو ( ما أمره الله به حتى أذن الله) له ( فيهم) بالقتال فترك العفو عنهم أي بالنسبة للقتال وإلا فكم عفا عن كثير من اليهود والمشركين بالمنّ والفداء وغير ذلك.

( فلما غزا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بدرًا فقتل الله به صناديد كفار قريش) بالصاد المهملة أي ساداتهم ( قال ابن أُبي) بالتنوين ( ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان) عطفهم على المشركين من عطف الخاص على العام لأن إيمانهم كان أبعد وضلالهم أشدّ ( هذا أمر قد توجه) أي ظهر وجهه ( فبايعوا الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الإسلام فأسلموا) فبايعوا بفتح التحتية بلفظ الماضي والرسول نصب على المفعولية، ولأبي ذر والأصيلي: فبايعوا بكسرها بلفظ الأمر لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولما لم يقف العيني كابن حجر على هذه الرواية قال ويحتمل أن يكون بلفظ الأمر.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف في الجهاد مختصرًا وفي اللباس والأدب والطبّ والاستئذان ومسلم في المغازي والنسائي في الطب.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ: { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذَى كَثِيرا} (آل عمرَان: 186)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} الْآيَة.
قَالَ الواحدي؟ عَن كَعْب بن مَالك: إِن سَبَب نزلوها هُوَ أَن كَعْب بن الْأَشْرَف كَانَ يهجو سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويحرض عَلَيْهِ كفار قُرَيْش، فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْمَدِينَة وَبهَا، أخلاط مِنْهُم الْمُسلمُونَ وَمِنْهُم الْمُشْركُونَ وَمِنْهُم الْيَهُود أَرَادَ أَن يستصلحهم، فَكَانَ الْمُشْركُونَ وَالْيَهُود يؤذونه ويؤذون أَصْحَابه أَشد الإذاء فَأمر الله عز وجلّ نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالصبرِ على ذَلِك،.

     وَقَالَ  عِكْرِمَة: نزلت فِي سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذْ بعث أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى فنحَاص بن عازورا يستمده، فَقَالَ فنحَاص: قد احْتَاجَ ربكُم أَن نمده وَأول الْآيَة.
{ لتبلون فِي أَمْوَالكُم وَأَنْفُسكُمْ ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} يَعْنِي: الْيَهُود فِي قَوْلهم: إِن الله فَقير وَنحن أَغْنِيَاء، وَقَوْلهمْ: يَد الله مغلولة، وَمَا أشبه ذَلِك من افترائهم على الله.
قَوْله: (وَمن الَّذين أشركوا) ، يَعْنِي: النَّصَارَى فِي قَوْلهم: الْمَسِيح ابْن الله، وَمَا أشبهه.
قَوْله: (أَذَى كثيرا) ، قَالَ الزّجاج: مَقْصُور يكْتب بِالْيَاءِ يُقَال: قد أَذَى فلَان يأذى، إِذا سمع مَا يسوؤه،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: أَذَاهُ يُؤْذِيه أذاءة وأذية.



[ قــ :4313 ... غــ :4566 ]
- (حَدثنَا أَبُو الْيَمَان أخبرنَا شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير أَن أُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنْهُمَا أخبرهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ركب على حمَار على قطيفة فَدَكِيَّة وَأَرْدَفَ أُسَامَة بن زيد وَرَاءه يعود سعد بن عبَادَة فِي بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج قبل وقْعَة بدر قَالَ حَتَّى مر بِمَجْلِس فِيهِ عبد الله بن أبي بن سلول وَذَلِكَ قبل أَن يسلم عبد الله بن أبي فَإِذا فِي الْمجْلس أخلاط من الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين عَبدة الْأَوْثَان وَالْيَهُود وَالْمُسْلِمين وَفِي الْمجْلس عبد الله بن رَوَاحَة فَلَمَّا غشيت الْمجْلس عجاجة الدَّابَّة خمر عبد الله بن أبي أَنفه بردائه ثمَّ قَالَ لَا تغبروا علينا فَسلم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِم ثمَّ وقف فَنزل فَدَعَاهُمْ إِلَى الله وَقَرَأَ عَلَيْهِم الْقُرْآن فَقَالَ عبد الله بن أبي ابْن سلول أَيهَا الْمَرْء إِنَّه لَا أحسن مِمَّا تَقول إِن كَانَ حَقًا فَلَا تؤذينا بِهِ فِي مَجْلِسنَا ارْجع إِلَى رحلك فَمن جَاءَك فاقصص عَلَيْهِ فَقَالَ عبد الله بن رَوَاحَة بلَى يَا رَسُول الله فاغشنا بِهِ فِي مجالسنا فَإنَّا نحب ذَلِك فاستب الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُود حَتَّى كَادُوا يتثاورون فَلم يزل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخفضهم حَتَّى سكنوا ثمَّ ركب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَابَّته فَسَار حَتَّى دخل على سعد بن عبَادَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا سعد ألم تسمع مَا قَالَ أَبُو حبابُ يُرِيد عبد الله بن أبي قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ سعد بن عبَادَة يَا رَسُول الله اعْفُ عَنهُ وَاصْفَحْ عَنهُ فو الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب لقد جَاءَ الله بِالْحَقِّ الَّذِي أنزل عَلَيْك وَلَقَد اصْطلحَ أهل هَذِه الْبحيرَة على أَن يُتَوِّجُوهُ فيعصبوه بِالْعِصَابَةِ فَلَمَّا أَبى الله ذَلِك بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاك الله شَرق بذلك فَذَلِك فعل بِهِ مَا رَأَيْت فَعَفَا عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه يعفون عَن الْمُشْركين وَأهل الْكتاب كَمَا أَمرهم الله ويصبرون على الْأَذَى قَالَ الله عز وَجل { ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا} الْآيَة.

     وَقَالَ  الله { ود كثير من أهل الْكتاب لَو يردونكم من بعد إيمَانكُمْ كفَّارًا حسدا من عِنْد أنفسهم} إِلَى آخر الْآيَة وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَأَوَّل الْعَفو مَا أمره الله بِهِ حَتَّى أذن الله فيهم فَلَمَّا غزا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَدْرًا فَقتل الله بِهِ صَنَادِيد كفار قُرَيْش قَالَ ابْن أبي ابْن سلول وَمن مَعَه من الْمُشْركين وَعَبدَة الْأَوْثَان هَذَا أَمر قد توجه فَبَايعُوا الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْإِسْلَام فأسلموا) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع الْحِمصِي وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي وَأخرج هَذَا الحَدِيث هُنَا بأتم الطّرق وأكملها وَأخرجه فِي الْجِهَاد مُخْتَصرا جدا مُقْتَصرا على أرداف أُسَامَة من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن أُسَامَة وَأخرجه أَيْضا فِي اللبَاس عَن قُتَيْبَة وَفِي الْأَدَب عَن أبي الْيَمَان أَيْضا وَعَن إِسْمَاعِيل وَفِي الطِّبّ عَن يحيى بن بكير وَفِي الاسْتِئْذَان عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي وَالنَّسَائِيّ فِي الطِّبّ قَوْله " على قطيفة " بِفَتْح الْقَاف وَكسر الطَّاء الْمُهْملَة وَهِي كسَاء غليظ قَوْله " فَدَكِيَّة " صفتهَا أَي منسوبة إِلَى فدك بِفَتْح الْفَاء وَالدَّال وَهِي بَلْدَة مَشْهُورَة على مرحلَتَيْنِ أَو ثَلَاث من الْمَدِينَة قَوْله " يعود " جملَة حَالية قَوْله " فِي بني الْحَارِث " أَي فِي منَازِل بني الْحَارِث وهم قوم سعد بن عبَادَة وَفِيه أَحْكَام (جَوَاز الأرداف) وعيادة الْكَبِير الصَّغِير وَعدم امْتنَاع الْكَبِير عَن ركُوب الْحمير وَإِظْهَار التَّوَاضُع وَجَوَاز العيادة رَاكِبًا.

     وَقَالَ  الْمُهلب فِي هَذَا أَنْوَاع من التَّوَاضُع وَقد ذكر ابْن مَنْدَه أَسمَاء الأرداف فَبلغ نيفا وَثَلَاثِينَ شخصا قَوْله " ابْن سلول " بِرَفْع ابْن لِأَنَّهُ صفة عبد الله لَا صفة أبي لِأَن سلول اسْم أم عبد الله بن أبي وَهُوَ بِالْفَتْح لِأَنَّهُ لَا ينْصَرف قَوْله " وَذَلِكَ قبل أَن يسلم عبد الله بن أبي " أَي قبل أَن يظْهر الْإِسْلَام وَإِلَّا فَهُوَ لم يسلم قطّ قَوْله " فَإِذا فِي الْمجْلس " كلمة إِذا للمفاجأة قَوْله " أخلاط " بِفَتْح الْهمزَة جمع خلط بِالْكَسْرِ وَأُرِيد بِهِ الْأَنْوَاع قَوْله " عَبدة الْأَوْثَان " بِالْجَرِّ بدل من الْمُشْركين وَيجوز أَن يكون عطف بَيَان قَوْله " وَالْيَهُود " بِالْجَرِّ عطف على عَبدة الْأَوْثَان.

     وَقَالَ  بَعضهم يجوز أَن يكون الْيَهُود عطفا على الْبَدَل أَو الْمُبدل مِنْهُ وَهُوَ الْأَظْهر (قلت) الْأَظْهر أَن يكون عطفا على الْبَدَل لِأَن الْمُبدل مِنْهُ فِي حكم السُّقُوط قَوْله " وَالْمُسْلِمين " مُكَرر فَلَا مَحل لَهُ هَهُنَا لِأَنَّهُ ذكر أَولا فَلَا فَائِدَة لذكره ثَانِيًا قَالَ الْكرْمَانِي لَعَلَّ فِي بعض النّسخ كَانَ أَولا وَفِي بَعْضهَا آخرا فَجمع الْكَاتِب بَينهمَا وَالله أعلم.

     وَقَالَ  بَعضهم الأولى حذف أَحدهمَا وَلم يبين أَيهمَا أولى بالحذف فَجعل الثَّانِي أولى على مَا لَا يخفى قَوْله " فَلَمَّا غشيت الْمجْلس " فعل ومفعول وعجاجة الدَّابَّة بِالرَّفْع فَاعله والعجاجة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الجيمين الْغُبَار قَوْله " خمر " بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمِيم أَي غطى قَوْله " فَسلم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِم " قَالَ صَاحب التَّوْضِيح لَعَلَّه نوى بِهِ الْمُسلمين فَلَا بَأْس بِهِ إِذا (قلت) إِذا كَانَ فِي مجْلِس مُسلمُونَ وكفار يجوز السَّلَام عَلَيْهِم وَيَنْوِي بِهِ الْمُسلمين قَوْله " ثمَّ وقف فَنزل " فِيهِ جَوَاز اسْتِمْرَار الْوُقُوف الْيَسِير على الدَّابَّة فَإِن طَال نزل كَفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقيل لبَعض التَّابِعين أَنه نهى عَن الْوُقُوف على متن الدَّابَّة قَالَ أَرَأَيْت لَو صيرتها سانية أما كَانَ يجوز لي ذَلِك قيل لَهُ نعم قَالَ فَأَي فرق بَينهمَا أَرَادَ لَا فرق بَينهمَا قَوْله " لَا أحسن مِمَّا تَقول " بِفَتْح الْهمزَة على وزن أفعل التَّفْضِيل وَهُوَ اسْم لَا وخبرها مَحْذُوف أَي لَا أحسن كَائِن مِمَّا تَقول قيل وَيجوز رفع أحسن على أَنه خبر لَا وَالِاسْم مَحْذُوف أَي لَا شَيْء أحسن مِمَّا تَقول وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِضَم أَوله وَكسر السِّين وَضم النُّون من أحسن يحسن وَفِي رِوَايَة أُخْرَى وَلَا حسن بِحَذْف الْألف وَفتح السِّين وَضم النُّون قَالَ بَعضهم على أَنَّهَا لَام الْقسم كَأَنَّهُ قَالَ لَا حسن من هَذَا أَن تقعد فِي بَيْتك وَلَا تَأْتِينَا (قلت) هَذَا غلط صَرِيح وَاللَّام فِيهِ لَام الِابْتِدَاء دخلت على أحسن الَّذِي هُوَ أفعل التَّفْضِيل وَلَيْسَ للام الْقسم فِيهِ مجَال وَلم يكتف هَذَا الغالط بِهَذَا الْغَلَط الْفَاحِش حَتَّى نسبه إِلَى عِيَاض وَحكى ابْن الْجَوْزِيّ ضم الْهمزَة وَتَشْديد السِّين بِغَيْر نون من الْحس يَعْنِي لَا أعلم شَيْئا قَوْله " إِن كَانَ حَقًا " شَرط وجزاؤه مقدما قَوْله " لَا أحسن مِمَّا تَقول " قَوْله " فَلَا تؤذينا " ويروى " فَلَا تؤذنا " على الأَصْل قَوْله " رحلك " أَي مَنْزِلك قَوْله " وَالْيَهُود " عطف على الْمُشْركين وَإِنَّمَا اختصوا بِالذكر وَإِن كَانُوا داخلين فِي الْمُشْركين تَنْبِيها على زِيَادَة شرهم قَوْله " كَادُوا يتثاورون " أَي قربوا أَن يتثاوروا بِقِتَال وَهُوَ من ثار بالثاء الْمُثَلَّثَة يثور إِذا قَامَ بِسُرْعَة وإزعاج وَعبارَة ابْن التِّين يتبادرون قَوْله " يخفضهم " أَي يسكنهم قَوْله حَتَّى سكنوا بالنُّون من السّكُون هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْكشميهني حَتَّى سكتوا بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق من السُّكُوت قَوْله " مَا قَالَ أَبُو حبابُ " بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة أُخْرَى وَهِي كنية عبد الله بن أبي وَلَيْسَت الكنية للتكرمة مُطلقًا بل قد تكون للشهرة وَغَيرهَا قَوْله " وَلَقَد اصْطلحَ " بِالْوَاو ويروى بِغَيْر الْوَاو وَوَجهه أَن يكون بَدَلا أَو عطف بَيَان وتوضيح أَو تكون الْوَاو محذوفة قَوْله " الْبحيرَة " بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة مصغرة.

     وَقَالَ  عِيَاض فِي غير صَحِيح مُسلم بِفَتْح الْبَاء وَكسر الْحَاء مكبرة وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى وَاحِد يُرِيد أهل الْمَدِينَة والبحرة بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْحَاء الأَرْض والبلد والبحار والقرى قَالَ بعض الْمُفَسّرين المُرَاد بقوله (ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر) الْقرى والأمصار.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ كل قَرْيَة لَهَا نهر جَار فالعرب تسميها بحرة.

     وَقَالَ  ياقوت بحرة على لفظ تَأْنِيث الْبَحْر من أَسمَاء مَدِينَة سيدنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وبالبحرين قَرْيَة لعبد الْقَيْس يُقَال لَهَا بحرة وبحرة مَوضِع لية من الطَّائِف.

     وَقَالَ  الْبكْرِيّ لية بِكَسْر أَوله وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَهِي أَرض من الطَّائِف على أَمْيَال يسيرَة وَهِي على لَيْلَة من قرن وَلما سَار رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد حنين إِلَى الطَّائِف سلك على نَخْلَة الْيَمَامَة ثمَّ على قرن ثمَّ على الْمليح ثمَّ على بحرة الرعاء من لية فابتنى فِي بحرة مَسْجِدا وَصلى فِيهِ.

     وَقَالَ  ياقوت الْبحيرَة تَصْغِير بحرة يُرَاد بِهِ كل مجمع مَاء مستنقع لَا اتِّصَال لَهُ بالبحر الْأَعْظَم غَالِبا ثمَّ ذكر بحيرات عديدة ثمَّ قَالَ فِي آخرهَا والبحيرة كورة بِمصْر قرب اسكندرية قَوْله على أَن يُتَوِّجُوهُ أَي على أَن يَجْعَلُوهُ ملكا وَكَانَ من عَادَتهم إِذا ملكوا إنْسَانا توجوه أَي جعلُوا على رَأسه تاجا قَوْله فيعصبوه بِالْعِصَابَةِ أَي فيعمموه بعمامة الْمُلُوك وَوَقع فِي أَكثر نسخ البُخَارِيّ يعصبوه بِدُونِ الْفَاء وَوَجهه أَن يكون بَدَلا من قَوْله " على أَن يُتَوِّجُوهُ " ويروى فَيعصبُونَهُ بِالْفَاءِ وبالنون على تَقْدِير فهم يعصبونه قَالَ الْكرْمَانِي أَي يَجْعَلُوهُ رَئِيسا لَهُم ويسودوه عَلَيْهِم وَكَانَ الرئيس معصبا لما يعصب بِرَأْيهِ من الْأَمر وَقيل بل كَانَ الرؤساء يعصبون رُؤْسهمْ بعصابة يعْرفُونَ بهَا قَوْله شرف بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء وبالقاف يَعْنِي غص لِأَنَّهُ حسد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَانَ سَبَب نفَاقه يُقَال غص الرجل بِالطَّعَامِ وشرق بِالْمَاءِ وشجي بالعظم إِذا اعْترض شَيْء فِي الْحلق فَمنع الإساغة قَوْله " بذلك " أَي بِمَا أَتَى بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله " فَذَلِك فعل بِهِ مَا رَأَيْت " أَي الَّذِي أَتَى الله بِهِ من الْحق فعل بِهِ مَا رَأَيْت مِنْهُ من قَوْله وَفعله القبيحين وَمَا رَأَيْت فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ مفعول فعل وَمَا مَوْصُولَة وصلتها محذوفة وَالتَّقْدِير الَّذِي رَأَيْته قَوْله " فَعَفَا عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَكَانَ الْعَفو مِنْهُ قبل أَن يُؤذن لَهُ فِي الْقِتَال كَمَا يذكرهُ فِي الحَدِيث قَوْله قَالَ الله تَعَالَى { ولتسمعن} الْآيَة ولتسمعن خطاب للْمُؤْمِنين خوطبوا بذلك ليوطنوا أنفسهم على احْتِمَال مَا سيلقون من الْأَذَى والشدائد وَالصَّبْر عَلَيْهَا.

     وَقَالَ  ابْن كثير يَقُول الله تَعَالَى للْمُؤْمِنين عِنْد مقدمهم الْمَدِينَة قبل وقْعَة بدر مسليا لَهُم عَمَّا ينالهم من الْأَذَى من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين وَأمرهمْ بِالصبرِ والصفح حَتَّى يفرج الله تَعَالَى عَنْهُم قَوْله { فَإِن ذَلِك} أَي فَإِن الصَّبْر وَالتَّقوى قَوْله { من عزم الْأُمُور} أَي مِمَّا عزم الله أَن يكون ذَلِك عَزمَة من عَزمَات الله لَا بُد لكم أَن تصبروا وتتقوا قَوْله " حَتَّى أذن الله فيهم " أَي فِي قِتَالهمْ وَترك الْعَفو عَنْهُم وَلَيْسَ المُرَاد أَنه ترك الْعَفو أصلا بل بِالنِّسْبَةِ إِلَى ترك الْقِتَال وَلَا ووقوعه أخيرا وَإِلَّا فعفوه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن كثير من الْمُشْركين وَالْيَهُود بالمن وَالْفِدَاء وصفحه عَن الْمُنَافِقين مَشْهُور فِي الْأَحَادِيث وَالسير قَوْله " صَنَادِيد " جمع صنديد وَهُوَ السَّيِّد الْكَبِير فِي الْقَوْم قَوْله " وَعَبدَة الْأَوْثَان " من عطف الْخَاص على الْعَام وَفَائِدَته الإيذان بِأَن إِيمَانهم كَانَ أبعد وضلالهم أَشد قَوْله " قد توجه " أَي ظهر وَجهه قَوْله " فَبَايعُوا " بِصُورَة الْجُمْلَة الْمَاضِيَة وَيحْتَمل أَن يكون بِصِيغَة الْأَمر -