هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4366 وَحَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ ، وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ ، وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الْوَرِقِ ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ ، فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَا يَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4366 وحدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا نافع بن عمر الجمحي ، عن ابن أبي مليكة ، قال : قال عبد الله بن عمرو بن العاص : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حوضي مسيرة شهر ، وزواياه سواء ، وماؤه أبيض من الورق ، وريحه أطيب من المسك ، وكيزانه كنجوم السماء ، فمن شرب منه فلا يظمأ بعده أبدا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من شرح النووى على مسلم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ سـ :4366 ... بـ :2292]
وَحَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ الْوَرِقِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَا يَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَاهُ طُولُهُ كَعَرْضِهِ كَمَا قَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ ( عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ ) .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الْوَرِقِ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( الْوَرِقِ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ ، وَهُوَ الْفِضَّةُ .
وَالنَّحْوِيُّونَ يَقُولُونَ : إِنَّ فِعْلَ التَّعَجُّبِ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ هُوَ أَفْعَلُ مِنْ كَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا كَانَ مَاضِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ ، فَإِنْ زَادَ لَمْ يُتَعَجَّبْ مِنْ فَاعِلِهِ ، وَإِنَّمَا يُتَعَجَّبُ مِنْ مَصْدَرِهِ ، فَلَا يُقَالُ : مَا أَبْيَضَ زَيْدًا ، وَلَا زَيْدٌ أَبْيَضُ مِنْ عَمْرٍو ، وَإِنَّمَا يُقَالُ : مَا أَشَدُّ بَيَاضِهِ : وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ كَذَا ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ أَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الَّذِي أَنْكَرُوهُ فَعَدُّوهُ شَاذًّا لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ ، وَهِيَ لُغَةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الِاسْتِعْمَالِ ، وَمِنْهَا قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ ) .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( فِيهِ أَبَارِيقُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( وإِنَّ فِيهِ مِنَ الْأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( تَرَى فِيهِ أَبَارِيقَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( كَأَنَّ الْأَبَارِيقَ فِيهِ النُّجُومُ ) الْمُخْتَارُ الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ لِلْآنِيَةِ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَأَنَّهَا أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ ، وَلَا مَانِعَ عَقْلِيًّا وَلَا شَرْعِيًّا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ، بَلْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ مُؤَكَّدًا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ ) وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى كَثْرَةِ الْعَدَدِ ، وَغَايَتُهُ الْكَثْرَةُ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ ) وَهُوَ بَابٌ مِنَ الْمُبَالَغَةِ مَعْرُوفٌ فِي الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ ، وَلَا يُعَدُّ كَذِبًا إِذَا كَانَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ فِي حَيِّزِ الْكَثْرَةِ وَالْعِظَمِ وَمَبْلَغِ الْغَايَةِ فِي بَابِهِ ، بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ .
قَالَ : وَمِثْلُهُ كَلَّمْتُهُ أَلْفَ مَرَّةٍ ، وَلَقِيتُهُ مِائَةَ كَرَّةٍ ، فَهَذَا جَائِزٌ إِذَا كَانَ كَثِيرًا ، وَإِلَّا فَلَا .
هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَوْضِ : ( وَإِنَّ عَرْضَهُ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى الْجُحْفَةِ ) وَفِي روايةٍ : ( مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْهِ كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ ) قَالَ الرَّاوِي : هُمَا قَرْيَتَانِ بِالشَّامِ ، بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ ثَلَاثِ لَيَالٍ .
وَفِي رِوَايَةٍ : ( عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( مِنْ مَقَامِي إِلَى عَمَّانَ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( قَدْرُ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْمَدِينَةِ ) .


أَمَّا ( أَيْلَةُ ) فَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ اللَّامِ ، وَهِيَ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي عِرَاقِ الشَّامِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ ، مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِمَشْقَ وَمِصْرَ ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ نَحْوُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرْحَلَةٍ ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ دِمَشْقَ نَحْوُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرْحَلَةٍ ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرَ نَحْوُ ثَمَانِ مَرَاحِلٍ .
قَالَ الْحَازِمِيُّ : قِيلَ : هِيَ آخِرُ الْحِجَازِ ، وَأَوَّلُ الشَّامِ .


وَأَمَّا ( الْجُحْفَةُ ) فَسَبَقَ بَيَانُهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ ، وَهِيَ بِنَحْوِ سَبْعِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ .


وَأَمَّا ( جَرْبَا ) فَبِجِيمٍ مَفْتُوحَةٍ ، ثُمَّ رَاءٍ سَاكِنَةٍ ، ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ ، ثُمَّ أَلِفٍ مَقْصُورَةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، الْمَشْهُورُ أَنَّهَا مَقْصُورَةٌ ، وَكَذَا قَيَّدَهَا الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُؤْتَلِفُ فِي الْأَمَاكِنِ ، وَكَذَا ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ : وَوَقَعَ عِنْدَ بَعْضِ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ مَمْدُودًا .
قَالَا : وَهُوَ خَطَأٌ .
وَقَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ : هِيَ بِالْمَدِّ ، وَقَدْ تُقْصَرُ .
قَالَ الْحَازِمِيُّ : كَانَ أَهْلُ جَرْبَا يَهُودًا كَتَبَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمَانَ لَمَّا قَدَمَ عَلَيْهِ لِحْيَةُ بْنُ رُؤْبَةَ صَاحِبُ أَيْلَةَ بِقَوْمٍ مِنْهُمْ وَمِنْ أَهْلِ أَذْرُحَ يَطْلُبُونَ الْأَمَانَ .


وَأَمَّا ( أَذْرُحُ ) فَبِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ .
هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ .
قَالَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ : وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْجِيمِ .
قَالَا : وَهُوَ تَصْحِيفٌ لَا شَكَّ فِيهِ ، وَهُوَ كَمَا قَالَا ، وَهِيَ مَدِينَةٌ فِي طَرَفِ الشَّامِ فِي قِبْلَةِ الشُّوَيْكِ ، بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ نَحْوُ نِصْفِ يَوْمٍ ، وَهِيَ فِي طَرَفِ الشَّرَاطِ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ فِي طَرَفِهَا الشَّمَالِيِّ ، وَتَبُوكُ فِي قِبْلَةِ أَذْرُحَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ أَرْبَعِ مَرَاحِلَ .
وَبَيْنَ تَبُوكَ وَمَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَرْحَلَةً .


وَأَمَّا ( عَمَّانُ ) فَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ ، وَهِيَ بَلْدَةٌ بِالْبَلْقَاءِ مِنَ الشَّامِ .
قَالَ الْحَازِمِيُّ : قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعْلَانَ مِنْ عَمَّ يَعُمُّ ، فَلَا تَنْصَرِفُ مَعْرِفَةً ، وَتَنْصَرِفُ نَكِرَةً .
قَالَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَّالًا مِنْ عَمَّنَ ، فَتَنْصَرِفُ مَعْرِفَةً وَنَكِرَةً إِذَا عَنَى بِهَا الْبَلَدَ .
هَذَا كَلَامُهُ .
وَالْمَعْرُوفُ فِي رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهَا تَرْكُ صَرْفِهَا .


قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ عَرْضِ الْحَوْضِ لَيْسَ مُوجِبًا لِلِاضْطِرَابِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ ، بَلْ فِي أَحَادِيثَ مُخْتَلِفَةِ الرُّوَاةِ ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ سَمِعُوهَا فِي مَوَاطِنَ مُخْتَلِفَةٍ ضَرَبَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَثَلًا لِبُعْدِ أَقْطَارِ الْحَوْضِ ، وَسَعَتِهِ ، وَقَرَّبَ ذَلِكَ مِنَ الْأَفْهَامِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ لَا عَلَى التَّقْدِيرِ الْمَوْضُوعِ لِلتَّحْدِيدِ ، بَلْ لِلْإِعْلَامِ بِعِظَمِ هَذِهِ الْمَسَافَةِ ، فَبِهَذَا تُجْمَعُ الرِّوَايَاتُ .
هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي .
قُلْتُ : وَلَيْسَ فِي الْقَلِيلِ مِنْ هَذِهِ مَنْعُ الْكَثِيرِ ، وَالْكَثِيرُ ثَابِتٌ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ ، وَلَا مُعَارَضَةَ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهَا : ( كُفِّي رَأْسِي ) هُوَ بِالْكَافِ أَيِ اجْمَعِيهِ ، وَضُمِّي شَعْرَهُ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ .


قَوْلُهَا : ( إِنِّي مِنَ النَّاسِ ) دَلِيلٌ لِدُخُولِ النِّسَاءِ فِي خِطَابِ النَّاسِ ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي دُخُولِهِنَّ فِي خِطَابِ الذُّكُورِ ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُنَّ لَا يَدْخُلْنَ فِيهِ ، وَفِيهِ إِثْبَاتُ الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ .


قَوْلُهُ : ( صَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ) أَيْ دَعَا لَهُمْ بِدُعَاءِ صَلَاةِ الْمَيِّتِ ، وَسَبَقَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْحَوْضَ حَوْضٌ حَقِيقِيٌّ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا سَبَقَ ، وَأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مَوْجُودٌ الْيَوْمَ ، وَفِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ لِتَفْخِيمِ الشَّيْءِ وَتَوْكِيدِهِ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ، أَوْ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ ، إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي ، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَتَنَافَسُوا فِيهَا ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( مَفَاتِيحَ ) فِي اللَّفْظَيْنِ بِالْيَاءِ .
قَالَ الْقَاضِي : وَرُوِيَ ( مَفَاتِحَ ) بِحَذْفِهَا .
مَنْ أَثْبَتَهَا فَهُوَ جَمْعُ مِفْتَاحٍ ، وَمَنْ حَذَفَهَا فَجَمْعُ مِفْتَحٍ ، وَهُمَا لُغَتَانِ فِيهِ .


وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ أُمَّتَهُ تَمْلِكُ خَزَائِنَ الْأَرْضِ ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ ، وَأَنَّهَا لَا تَرْتَدُّ جُمْلَةً ، وَقَدْ عَصَمَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ ، وَأَنَّهَا تَتَنَافَسُ فِي الدُّنْيَا ، وَقَدْ وَقَعَ كُلُّ ذَلِكَ .


قَوْلُهُ : ( صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ ، فَكَانَتْ آخِرَ مَا رَأَيْتُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ ) مَعْنَاهُ : خَرَجَ إِلَى قَتْلَى أُحُدٍ وَدَعَا لَهُمْ دُعَاءَ مُوَدِّعٍ ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ الْأَحْيَاءَ خُطْبَةَ مُوَدِّعٍ ، كَمَا قَالَ النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ ، وَفِيهِ مَعْنَى الْمُعْجِزَةِ .