هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4372 حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، أَخْبَرَنَا المُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ، ثُمَّ قَالَ : { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ، وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } إِلَى آخِرِ الآيَةِ ، ثُمَّ قَالَ : أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ ، أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ، فَأَقُولُ : يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي ، فَيُقَالُ : إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ : { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } فَيُقَالُ : إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4372 حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة ، أخبرنا المغيرة بن النعمان ، قال : سمعت سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس ، إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا ، ثم قال : { كما بدأنا أول خلق نعيده ، وعدا علينا إنا كنا فاعلين } إلى آخر الآية ، ثم قال : ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم ، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا رب أصيحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبد الصالح : { وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد } فيقال : إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4625] أُصَيْحَابِي كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّصْغِيرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِغَيْرِ تَصْغِيرٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قِلَّةِ عَدَدِ مَنْ وَقَعَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَقَعَ لِبَعْضِ جُفَاةِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَقَعْ مِنْ أحد الصَّحَابَة الْمَشْهُورين ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ الْآيَة) ذكر فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ قَبْلُ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا( .

     قَوْلُهُ  سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ بن عَبَّاسٍ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ مَعْذِرَتُهُمْ وَصَلَهُ بن أبي حَاتِم من طَرِيق بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ.

     وَقَالَ  مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِتْنَتُهُمْ مَقَالَتُهُمْ قَالَ وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ مَعْذِرَتُهُمْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ شَيْبَانَ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله ثمَّ لم تكن فتنتهم قَالَ مَعْذِرَتُهُمْ .

     قَوْلُهُ  مَعْرُوشَاتٍ مَا يُعَرِّشُ مِنَ الْكَرْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَذَا ثَبَتَ لِغَيْرِ أَبِي ذَر وَقد وَصله بن أبي حَاتِم من طَرِيق بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ قَالَ مَا يُعَرِّشُ مِنَ الْكُرُومِ وَغَيْرَ معروشات مَالا يُعَرِّشُ وَقِيلَ الْمَعْرُوشُ مَا يَقُومُ عَلَى سَاقٍ وَغَيْرُ الْمَعْرُوشِ مَا يُبْسَطُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَوْله حمولة مَا يحمل عَلَيْهَا وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ حمولة وفرشا فَأَمَّا الْحَمُولَةُ فَالْإِبِلُ وَالْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ وَكُلُّ شَيْءٍ يُحْمَلُ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الْفَرْشُ صِغَارُ الْإِبِلِ الَّتِي لَمْ تُدِرُّ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهَا.

     وَقَالَ  مَعْمَرُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ الْحَمُولَةُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ مِنْهَا وَالْفَرْشُ حَوَاشِيهَا يَعْنِي صِغَارَهَا قَالَ قَتَادَةُ وَكَانَ غَيْرُ الْحَسَنِ يَقُولُ الْحَمُولَةُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْفَرْشُ الْغَنَمُ أَحْسِبُهُ ذَكَرَهُ عَنْ عِكْرِمَةَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَنِ بن مَسْعُودٍ الْحَمُولَةُ مَا حُمِلَ مِنَ الْإِبِلِ وَالْفَرْشُ الصِّغَارُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ .

     قَوْلُهُ  وَلَلَبَسْنَا لشبهنا وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ يَقُولُ لَشَبَّهْنَا عَلَيْهِمْ .

     قَوْلُهُ  لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ أَهْلَ مَكَّةَ هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَكَذَا ثَبَتَ عِنْدَ النَّسَفِيِّ وَقد وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَأوحى إِلَى هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ يَعْنِي أهل مَكَّة وَقَوله وَمن بلغ قَالَ وَمَنْ بَلَغَهُ هَذَا الْقُرْآنُ مِنَ النَّاسِ فَهُوَ لَهُ نَذِيرٌ .

     قَوْلُهُ  وَيَنْأَوْنَ يَتَبَاعَدُونَ وَصَلَهُ بن أبي حَاتِم من طَرِيق بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنهُ قَالَ يتباعدون وَكَذَا قَالَ أَبُو عبيد ينأون عَنهُ أَيْ يَتَبَاعَدُونَ عَنْهُ وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخر عَن بن عَبَّاسٍ نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَنْهَى الْمُشْرِكِينَ عَنْ أَذَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَبَاعَدُ عَمَّا جَاءَ بِهِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .

     قَوْلُهُ  تُبْسَلَ تُفْضَحُ وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نفس يَعْنِي أَنْ تُفْضَحَ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ أَنْ تُبْسَلَ أَيْ تُسْلَمَ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ تُحْبَسُ .

     قَوْلُهُ  أُبْسِلُوا أُفْضِحُوا كَذَا فِيهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَهِيَ لُغَةٌ يُقَالُ فَضَح وأفضح وروى بن أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ أُولَئِكَ الَّذين أبسلوا بِمَا كسبوا يَعْنِي فُضِحُوا وَقَدْمَضَى كَمَا تَرَى لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ تَفْسِيرٌ آخَرُ عَن غير بن عَبَّاسٍ وَأَنْكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هَذَا التَّفْسِيرَ الْأَوَّلَ فَكَأَنَّهُ لم يعرف أَنه عَن بن عَبَّاسٍ .

     قَوْلُهُ  بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ الْبَسْطُ الضَّرْبُ وَصَلَهُ بن أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنِ بن عَبَّاس فِي قَوْله وَالْمَلَائِكَة باسطو أَيْديهم قَالَ هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَالْبَسْطُ الضَّرْبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْثَرْتُمْ أَضْلَلْتُمْ كَثِيرًا وَصَلَهُ بن أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  مِمَّا ذَرَأَ من الْحَرْث جَعَلُوا لِلَّهِ مِنْ ثَمَرَاتِهِمْ وَمَالِهِمْ نَصِيبًا وَلِلشَّيْطَانِ والأوثان نَصِيبا وَصله بن أبي حَاتِم أَيْضا عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبا الْآيَةَ قَالَ جَعَلُوا لِلَّهِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ فَإِنْ سَقَطَ مِنْ ثَمَرَةِ مَا جَعَلُوا لِلَّهِ فِي نَصِيبِ الشَّيْطَانِ تَرَكُوهُ وَإِنْ سَقَطَ مِمَّا جَعَلُوا للشَّيْطَان فِي نصيب الله لقطوه وروى عبد بن حميد من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كَانُوا يُسَمُّونَ لِلَّهِ جُزْءًا مِنَ الْحَرْثِ وَلِشُرَكَائِهِمْ جُزْءًا فَمَا ذَهَبَتْ بِهِ الرِّيحُ مِمَّا سَمَّوْا لِلَّهِ إِلَى جُزْءِ أَوْثَانِهِمْ تَرَكُوهُ وَقَالُوا اللَّهُ غَنِيٌّ عَنْ هَذَا وَمَا ذَهَبَتْ بِهِ الرِّيحُ مِنْ جُزْءِ أَوْثَانِهِمْ إِلَى جُزْءِ اللَّهِ أَخَذُوهُ وَالْأَنْعَامُ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ هِيَ الْبَحِيرَةُ وَالسَّائِبَةُ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا فِي الْمَائِدَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَخْبَارِ الْجَاهِلِيَّة قَول بن عَبَّاسٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَأَشَارَ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ .

     قَوْلُهُ  أَكِنَّةً وَاحِدُهَا كِنَانٌ ثَبَتَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْمُسْتَمْلِي وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى اكنة أَن يفقهوه وَاحِدُهَا كِنَانٌ أَيْ أَغْطِيَةٌ وَمِثْلُهُ أَعِنَّةٌ وَعِنَانٌ وَأَسِنَّةٌ وَسِنَانٌ .

     قَوْلُهُ  سَرْمَدًا دَائِمًا كَذَا وَقَعَ هُنَا وَلَيْسَ هَذَا فِي الْأَنْعَامِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُم اللَّيْل سرمدا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة سرمدا أَي دَائِما قَالَ وكل شَيْء لاينقطع فَهُوَ سرمد.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي كَأَنَّهُ ذكرهَا هُنَا لِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ وجاعل اللَّيْلَ سَكَنًا .

     قَوْلُهُ  وَقْرًا صَمَمٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا أَيِ الثِّقَلَ وَالصَّمَمَ وَإِنْ كَانُوا يَسْمَعُونَ لَكِنَّهُمْ صُمٌّ عَنِ الْحَقِّ وَالْهُدَى.

     وَقَالَ  مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يفقهوه وَفِي آذانهم وقرا قَالَ يَسْمَعُونَ بِآذَانِهِمْ وَلَا يَعُونَ مِنْهَا شَيْئًا كَمثل الْبَهِيمَة تسمع القَوْل وَلَا تَدْرِي مايقال لَهَا وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ بِكَسْرِهَا .

     قَوْلُهُ .

.
وَأَمَّا الْوِقْرُ أَيْ بِكَسْرِ الْوَاوِ فَإِنَّهُ الْحِمْلُ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَهُ مُتَّصِلًا بِكَلَامِهِ الَّذِي قَبْلَهُ فَقَالَ الْوِقْرُ الْحِمْلُ إِذَا كَسَرْتَهُ وَأَفَادَ الرَّاغِبُ الْوِقْرُ حِمْلُ الْحِمَارِ وَالْوَسْقُ حِمْلُ الْجَمَلِ وَالْمَعْنَى عَلَى قِرَاءَةِ الْكَسْرِ أَنَّ فِي آذَانِهِمْ شَيْئًا يَسُدُّهَا عَنِ اسْتِمَاعِ الْقَوْلِ ثَقِيلًا كَوِقْرِ الْبَعِيرِ .

     قَوْلُهُ  أَسَاطِيرٌ وَاحِدُهَا أُسْطُورَةٌ وَإِسْطَارَةٌ وَهِيَ التُّرَّهَاتُ هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا قَالَ فِي قَوْلِهِ إِلَّا أساطير الْأَوَّلين وَاحِدُهَا أُسْطُورَةٌ وَإِسْطَارَةٌ وَمَجَازُهَا التُّرَّهَاتُ انْتَهَى وَالتُّرَّهَاتُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَصْلُهَا بِنْيَاتُ الطَّرِيقِ وَقِيلَ إِنَّ تَاءَهَا مُنْقَلِبَةٌ مِنْ وَاوٍ وَأَصْلُهَا الْوَرَهُ وَهُوَ الْحُمْقُ .

     قَوْلُهُ  الْبَأْسَاءُ مِنَ الْبَأْسِ وَيَكُونُ مِنَ الْبُؤْسِ هُوَ مَعْنَى كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ هِيَ الْبَأْسُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْبُؤْسُ انْتَهَى وَالْبَأْسُ الشِّدَّةُ وَالْبُؤْسُ الْفَقْرُ وَقِيلَ الْبَأْسُ الْقَتْلُ وَالْبُؤْسُ الضُّرُّ .

     قَوْلُهُ  جَهْرَةً مُعَايَنَةٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَاب الله بَغْتَة أَيْ فَجْأَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَوْ جَهْرَةً أَيْ عَلَانِيَةً وَهُمْ يَنْظُرُونَ .

     قَوْلُهُ  الصُّوَرُ جَمَاعَةُ صُورَةٍ كَقَوْلِكَ سُورَةٌ وَسُوَرٌ بِالصَّادِ أَوَّلًا وَبِالسِّينِ ثَانِيًا كَذَا لِلْجَمِيعِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ فَفِيهَا كَقَوْلِهِ صُورَةٌ وَصُوَرٌ بِالصَّادِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالِاخْتِلَافُ فِي سُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَيَوْمَ ينْفخ فِي الصُّور يُقَالُ إِنَّهَا جَمْعُ صُورَةٍ يُنْفَخُ فِيهَا رُوحُهَا فَتَحْيَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ سُوَرُ الْمَدِينَةِ وَاحِدُهَا سُورَةٌ قَالَ النَّابِغَةأَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ سُورَةً يُرَى كُلُّ مَلِكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ انْتَهَى وَالثَّابِتُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الصُّورَ قَرْنٌ يَنْفُخُ فِيهِ وَهُوَ وَاحِدٌ لَا اسْمَ جَمْعٍ وَحَكَى الْفِرَاءُ الْوَجْهَيْنِ.

     وَقَالَ  فِي الْأَوَّلِ فَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ النَّفْخُ فِي الْمَوْتَى وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ الْحَسَنَ قَرَأَهَا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسَبَقَ النُّحَاسُ فَقَالَ لَيْسَتْ بِقِرَاءَةٍ وَأَثْبَتَهَا أَبُو الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيُّ قِرَاءَةً فِي كِتَابِهِ إِعْرَابِ الشَّوَاذِّ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  يُقَالُ عَلَى اللَّهِ حُسْبَانُهُ أَيْ حِسَابُهُ تَقَدَّمَ هَذَا فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَالشَّمْس وَالْقَمَر حسبانا قَالَ يَدُورَانِ فِي حِسَابٍ وَعَنِ الْأَخْفَشِ قَالَ حُسْبَانٌ جَمْعُ حِسَابٍ مِثْلُ شُهْبَانٍ جَمْعُ شِهَابٍ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى عَلَا وَقَعَ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ تَعَالَى اللَّهُ عَلَا اللَّهُ وَهُوَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  حُسْبَانًا مَرَامِيَ وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ .

     قَوْلُهُ  جَنَّ أَظْلَمَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أَيْ غَطَّى عَلَيْهِ وَأَظْلَمَ وَمَا جَنَّكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جِنَانٌ لَكَ أَيْ غِطَاءٌ .

     قَوْلُهُ  مُسْتَقَرٌّ فِي الصُّلْبِ وَمُسْتَوْدَعٌ فِي الرَّحِمِ هَكَذَا وَقَعَ هُنَا وَقَدْ قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله فمستقر ومستودع قَالَ مُسْتَقَرٌّ فِي الرَّحِمِ وَمُسْتَوْدَعٌ فِي الصُّلْبِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مِثْلُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ مُسْتَقَرٌّ فِي صُلْبِ الْأَبِ وَمُسْتَوْدَعٌ فِي رَحِمِ الْأُمِّ وَكَذَا أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ مُسْتَقَرُّهَا فِي الدُّنْيَا وَمُسْتَوْدَعُهَا فِي الْآخِرَةِ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ الْمُسْتَقَرُّ الرَّحِمُ وَالْمُسْتَوْدَعُ الأَرْض تَنْبِيه قَرَأَ أَبُو عَمْرو وبن كَثِيرٍ فَمُسْتَقِرٌّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا وَقَرَأَ الْجَمِيعُ مُسْتَوْدَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ إِلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي عَمْرٍو فَبِكَسْرِهَا .

     قَوْلُهُ  الْقِنْوُ الْعِذْقُ وَالِاثْنَانِ قِنْوَانِ وَالْجَمَاعَةُ أَيْضًا قِنْوَانٌ مثل صنْوَان وَصِنْوَانٍ كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ تَكْرِيرُ صِنْوَانٍ الْأُولَى مَجْرُورَةَ النُّونِ وَالثَّانِيَةُ مَرْفُوعَةٌ وَسَقَطَتِ الثَّانِيَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَيُوَضِّحُ الْمُرَادَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ الَّذِي هُوَ مَنْقُولٌ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طلعها قنوان قَالَ الْقِنْوُ هُوَ الْعِذْقُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ يَعْنِي الْعُنْقُودَ وَالِاثْنَانِ قِنْوَانِ وَالْجَمْعُ قِنْوَانٌ كَلَفْظِ الِاثْنَيْنِ إِلَّا أَنَّ الِاثْنَيْنِ مَجْرُورَةٌ وَنُونُ الْجَمْعِ يَدْخُلُهُ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَالْجَرُّ وَلَمْ نَجِدْ مِثْلَهُ غَيْرَ صِنْوٍ وَصِنْوَانِ وَالْجَمْعُ صِنْوَانٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى قِنْوَانٍ وَصِنْوَانٍ وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ اللَّفْظِيِّ فِي إِرَادَةِ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ فَإِذَا وَصَلَ ظَهَرَ الْفَرْقُ فَيَقَعُ الْإِعْرَابُ عَلَى النُّونِ فِي الْجَمْعِ دُونَ التَّثْنِيَةِ فَإِنَّهَا مَكْسُورَةُ النُّونِ خَاصَّةً وَيَقَعُ الْفَرْقُ أَيْضًا بِانْقِلَابِ الْأَلِفِ فِي التَّثْنِيَةِ حَالَ الْجَرِّ وَالنَّصْبِ بِخِلَافِهَا فِي الْجَمْعِ وَكَذَا بِحَذْفِ نُونِ التَّثْنِيَةِ فِي الْإِضَافَةِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ تَنْبِيهٌ قَرَأَ الْجُمْهُورُ قِنْوَانٌ بِكَسْرِ الْقَافِ وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَالْأَعْرَجُ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِضَمِّهَا وَهِيَ لُغَةُ قَيْسٍ وَعَنْ أَبِي عَمْرٍو رِوَايَةٌ أَيْضا بِفَتْح الْقَاف وخرجها بن جنى على أَنَّهَا اسْم جمع لِقِنْوٍ لَا جَمْعٌ وَفِي الشَّوَاذِّ قِرَاءَةٌ أُخْرَى .

     قَوْلُهُ  مَلَكُوتٌ وَمُلْكٌ رَهَبُوتٌ رَحَمُوتٌ وَتَقُولُ تُرْهِبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرْحَمَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَفِيهِ تَشْوِيشٌ وَلِغَيْرِهِ مَلَكُوتٌ مُلْكٌ مِثْلُ رَهَبُوتٌ خَيْرُ مِنْ رَحَمُوتٍ وَتَقُولُ تُرْهِبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرْحَمَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَسَّرَ مَعْنَى مَلَكُوتٍ بِمُلْكٍ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ وَزْنَهُ رَهَبُوتٌ وَرَحَمُوتٌ وَيُوَضِّحُهُ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَي ملك السَّمَاوَات خرج مخرج قَوْلهم فِي الْمَثْلِ رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ أَيْ رهبةخَيْرٌ مِنْ رَحْمَةٍ انْتَهَى وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مَلَكُوتٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَقَرَأَ أَبُو السِّمَاكِ بِسُكُونِهَا وَرُوِيَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهِيَ بِالنَّبَطِيَّةِ مَلْكُوثَا أَيْ بِسُكُونِ اللَّامِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَزِيَادَةِ أَلِفٍ وَعَلَى هَذَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْكَلِمَةُ مُعَرَّبَةً وَالْأَوْلَى مَا تقدم وَأَنَّهَا مُشْتَقَّة من ملك كَمَا وَرَدَ مِثْلُهُ فِي رَهَبُوتٍ وَجَبَرُوتٍ .

     قَوْلُهُ  وَإِنْ تَعْدِلَ تُقْسِطُ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَقَدْ حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ وَاسْتَنْكَرَهُ وَفَسَّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْعَدْلَ بِالتَّوْبَةِ قَالَ لِأَنَّ التَّوْبَةَ إِنَّمَا تَنْفَعُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَالْمَشْهُورُ مَا رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ تعدل كل عدل لَا يُؤْخَذ مِنْهَا أَيْ لَوْ جَاءَتْ بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَمْ يُقْبَلْ فَجَعَلَهُ مِنَ الْعِدْلِ بِمَعْنَى الْمِثْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  أَمَّا اشْتَمَلت عَلَيْهِ أَرْحَام الْأُنْثَيَيْنِ يَعْنِي هَلْ تَشْتَمِلُ إِلَّا عَلَى ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَلِمَ تُحَرِّمُونَ بَعْضًا وَتُحِلُّونَ بَعْضًا كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ هُنَا وَلِغَيْرِهِ فِي أَوَائِلِ التَّفَاسِيرِ وَهُوَ أَصْوَبُ وَهُوَ إِرْدَافُهُ عَلَى تَفَاسِيرِ بن عَبَّاس فقد وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ مِثْلُهُ وَوَقَعَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الرُّوَاةِ فَلِمَ تُحَرِّمُوا وَلِمَ تُحَلِّلُوا بِغَيْرِ نُونٍ فِيهِمَا وَحَذْفُ النُّونِ بِغَيْرِ نَاصِبٍ وَلَا جَازِمٍ لُغَةٌ.

     وَقَالَ  الْفَرَّاءُ .

     قَوْلُهُ  قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أما اشْتَمَلت عَلَيْهِ أَرْحَام الْأُنْثَيَيْنِ يَقُولُ أَجَاءَكُمُ التَّحْرِيمُ فِيمَا حَرَّمْتُمْ مِنَ السَّائِبَةِ وَالْبَحِيرَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ مِنْ قِبَلِ الذَّكَرَيْنِ أَمْ مِنَ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ قَالُوا مِنْ قِبَلِ الذَّكَرِ لَزِمَ تَحْرِيمَ كُلِّ ذَكَرِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُنْثَى فَكَذَلِكَ وَإِنْ قَالُوا مِنْ قِبَلِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الرَّحِمِ لَزِمَ تَحْرِيمَ الْجَمِيعِ لِأَنَّ الرَّحِمَ لَا يَشْتَمِلُ إِلَّا عَلَى ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَخْبَارِ الْجَاهِلِيَّةِ قَوْلُ بن عَبَّاسٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأِ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةً مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ يَعْنِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةَ .

     قَوْلُهُ  مَسْفُوحًا مِهْرَاقًا وَقَعَ هَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَو دَمًا مسفوحا أَي مهراقا مصبوبا وَمِنْه قَوْلهم سَفَحَ الدَّمْعُ أَيْ سَالَ .

     قَوْلُهُ  صَدَفَ أَعْرَضَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ هم يصدفون أَيْ يُعْرِضُونَ يُقَالُ صَدَفَ عَنِّي بِوَجْهِهِ أَيْ أَعْرَضَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ يَصْدِفُونَ أَيْ يُعْرِضُونَ عَنْهَا .

     قَوْلُهُ  أُبْلِسُوا أُويِسُوا كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِغَيْرِهِ أَيِسُوا بِغَيْرِ وَاوٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذا هم مبلسون الْمُبْلِسُ الْحَزِينُ النَّادِمُ قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ وَفِي الْوُجُوهِ صُفْرَةٌ وَإِبْلَاسٌ أَيِ اكْتِئَابٌ وَحُزْنٌ.

     وَقَالَ  الْفراء قَوْله فَإِذا هم مبلسون المبلس البائس الْمُنْقَطع رجاؤه وَكَذَلِكَ يُقَال للَّذي يَسْكُتُ عِنْدَ انْقِطَاعِ حُجَّتِهِ فَلَا يُجِيبُ قَدْ أَبْلَسَ قَالَ الْعَجَّاجُ يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِفُ رَسْمًا دَارِسًا قَالَ نَعَمْ أَعْرِفُهُ وَأَبْلَسَا وَتَفْسِيرُ المبلس بالحزين وبالبائس مُتَقَارِبٌ .

     قَوْلُهُ  أُبْسِلُوا أُسْلِمُوا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كسبوا أَيْ أُسْلِمُوا وَقَولُهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى أَنْ تبسل نفس أَيْ تُرْتَهَنَ وَتُسْلَمَ قَالَ عَوْفُ بْنُ الْأَحْوَصِ وَإِبْسَالِي بَنِيَّ بِغَيْرِ جُرْمٍ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله أَن تبسل نفس قَالَ تُحْبَسُ قَالَ قَتَادَةُ.

     وَقَالَ  الْحَسَنُ أَيْ تُسْلَمُ أَيْ إِلَى الْهَلَاكِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ تَفْسِيرٌ آخَرُ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ .

     قَوْلُهُ  اسْتَهْوَتْهُ أَضَلَّتْهُ هُوَ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْله تَعَالَى كَالَّذي استهوته الشَّيَاطِين هُوَ الَّذِي تُشَبِّهُ لَهُ الشَّيَاطِينُ فَيَتْبَعَهَا حَتَّى يَهْوِيَ فِي الْأَرْضِ فَيَضِلُّ .

     قَوْلُهُ  تَمْتَرُونَ تَشُكُّونَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ أَنْتُم تمترون أَيْ تَشُكُّونَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَسْبَاطعَنِ السُّدِّيِّ .

     قَوْلُهُ  يُقَالُ عَلَى اللَّهِ حُسْبَانُهُ أَيْ حِسَابُهُ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ أَعَادَهُ هُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلُ ( قَولُهُ بَابُ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ) الْمَفَاتِحُ جَمْعُ مِفْتَحٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْآلَةُ الَّتِي يُفْتَحُ بِهَا مِثْلُ مِنْجَلٍ وَمَنَاجِلٍ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ فِي الْآلَةِ وَالْمَشْهُورُ مِفْتَاحٌ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ وَجَمْعُهُ مَفَاتِيحُ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَقَدْ قُرِئَ بِهَا فِي الشواذ قَرَأَ بن السَّمَيْفَعِ وَعِنْدَهُ مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ وَقِيلَ بَلْ هُوَ جَمْعُ مَفْتَحٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهُوَ الْمَكَانُ وَيُؤَيِّدُهُ تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ فِيمَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ قَالَ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَزَائِنُ الْغَيْبِ وَجَوَّزَ الْوَاحِدِيُّ أَنَّهُ جَمْعُ مَفْتَحٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْفَتْحِ أَيْ وَعِنْدَهُ فُتُوحُ الْغَيْبِ أَيْ يَفْتَحُ الْغَيْبَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَا يَخْفَى بُعْدَ هَذَا التَّأْوِيلِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَأَنَّ مَفَاتِحَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق بن مَسْعُودٍ قَالَ أُعْطِيَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مَفَاتِحَ الْغَيْبِ وَيُطْلَقُ الْمِفْتَاحُ عَلَى مَا كَانَ مَحْسُوسًا مِمَّا يَحِلُّ غَلْقًا كَالْقُفْلِ وَعَلَى مَا كَانَ مَعْنَوِيًّا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيح للخير الحَدِيث صَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَاب حَدِيث بن عُمَرَ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَسَاقَهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ لُقْمَانَ مُطَوَّلًا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ هُنَاكَ مُسْتَوْفًى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَولُهُ بَابُ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عذَابا من فَوْقكُم الْآيَةَ يَلْبِسَكُمْ يَخْلِطَكُمْ مِنَ الِالْتِبَاسِ يَلْبِسُوا يَخْلِطُوا هُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَعند بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَسْبَاطَ بْنِ نَصْرٍ عَنِ السُّدِّيِّ مِثْلُهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فيهم)
ذكر فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الرِّقَاقِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مادمت فِيهِمْ وَقَولُهُ

[ قــ :4372 ... غــ :4625] أُصَيْحَابِي كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّصْغِيرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِغَيْرِ تَصْغِيرٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قِلَّةِ عَدَدِ مَنْ وَقَعَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَقَعَ لِبَعْضِ جُفَاةِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَقَعْ مِنْ أحد الصَّحَابَة الْمَشْهُورين

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 117]
هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى: ( {وكنت عليهم شهيدًا}) رقيبًا كالشاهد لم أمكنهم من هذا القول الشنيع وهو المذكور في قوله تعالى: {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} فضلًا عن أن يعتقدوه ( {ما دمت فيهم فلما توفيتني}) أي بالرفع إلى السماء لقوله تعالى: {إني متوفيك ورافعك} [آل عمران: 55] والمتوفى أخذ الشيء وافيًا والموت نوع منه ( {كنت أنت الرقيب عليهم}) المراقب لأحوالهم فتمنع من أردت عصمته بأدلة العقل والآيات التي أنزلت إليهم ( {وأنت على كل شيء شهيد}) [المائدة: 117] مطلع عليه مراقب له.

قال في فتوح الغيب: فإن قلت: إذا كان الشهيد بمعنى الرقيب فلمَ عدل عنه إلى الرقيب في قوله تعالى: {كنت أنت الرقيب عليهم} مع أنه ذيل الكلام بقوله: {وأنت على كل شيء شهيد}؟ وأجاب: بأنه خولف بين العبارتين ليميز بين الشهيدين والرقيبين فيكون عيسى عليه السلام رقيبًا ليس كالرقيب الذي يمنع ويلزم بل هو كالشاهد على المشهود عليه ومنعه بمجرد القول، وأنه تعالى هو الذي يمنع منع إلزام بنصب الأدلة وإنزال البينات وإرسال الرسل، وسقط لأبي ذر قوله: {فلما توفيتني} الخ ... وقال بعد قوله: {ما دمت فيهم} الآية.


[ قــ :4372 ... غــ : 4625 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» ثُمَّ قَالَ: «{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}» إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
ثُمَّ قَالَ: «أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: كَمَا قَالَ: الْعَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( أخبرنا المغيرة بن النعمان) النخعي الكوفي ( قال: سمعت سعيد بن جبير) الأسدي مولاهم الكوفي ( عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) أنه ( قال: خطب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( يا أيها الناس إنكم محشورون) أي مجموعون يوم القيامة ( إلى الله) تعالى حال كونكم ( حفاة عراة غرلًا) بضم الغين وسكون الراء جمع أغرل وهو الأقلف، والغرلة القلفة التي تقطع من ذكر الصبي.
قال ابن عبد البر: يحشر الآدمي عاريًا ولكل من الأعضاء ما كان له يوم ولد فمن قطع له شيء يرد حتى الأقلف.
وقال أبو الوفاء بن عقيل: حشفة الأقلف موقاة بالقلفة فلما أزالوها في الدنيا أعادها الله في الآخرة ليذيقها من حلاوة فضله، وسقط لأبي ذر: عراة ( ثم قال) عليه الصلاة والسلام: ولأبي ذر عن الكشميهني ثم قرأ: ( {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدًا علينا إنا كنا فاعلين}) [الأنبياء: 104] ( إلى آخر الآية) .
قال في شرح المشكاة: إن قيل سياق الآية في إثبات الحشر والنشر لأن المعنى نوجدكم عن العدم كما أوجدناكم أولًا عن العدم فكيف يستشهد بها للمعنى المذكور؟ وأجاب: بأن سياق الآية دل على إثبات الحشر وأشارتها على المعنى المراد من الحديث فهو من باب الإدماج.

( ثم قال) عليه الصلاة والسلام: ( ألا) بالتخفيف للاستفتاح ( وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم) الخليل -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه أول من عري في ذات الله حين أرادوا إلقاءه في النار ولا يلزم من أوليته لذلك تفضيله على نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنا نقول إذا استأثر الله عبدًا بفضيلة على آخر واستأثر المستأثر عليه على المستأثر بتلك الواحدة بغيرها أفضل منها كانت الفضيلة له، فحلة نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التي يكساها بعد الخليل حلة خضراء وهي حلة الكرامة بقرينة إجلاسه عند ساق العرش فهي أعلى وأكمل فتجبر بنفاستها ما فات من الأولية ولا خفاء بأن منصب الشفاعة حيث لا يؤذن لأحد غير نبينا فيه لم يبق سابقة لأولي السابقة ولا فضيلة لذوي الفضائل إلا أتت عليها وكم له من فضائل مختصة به لم يسبق إليها ولم يشارك فيها ( ألا) بالتخفيف أيضًا ( وإنه يجاء) بضم الياء وفتح الجيم ( برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال) جهة النار ( فأقول: يا رب أصيحابي) بضم الهمزة وفتح المهملة مصغرًا والتصغير يدل على التقليل والمراد أنهم تأخروا عن بعض الحقوق وقصروا فيها أو من ارتد من جفاة الأعراب ولأبي ذر عن الكشميهني أصحابي بالتكبير ( فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول: كما قال العبد الصالح) عيسى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( {وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) وزاد أبو ذر {وأنت على كل شيء شهيد}.

وهذا موضع الترجمة على ما لا يخفى.

( فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ) بالنون لأبي ذر عن الكشميهني مذ ( فارقتهم) لم يرد به خواص الصحابة الذين لزموه وعرفوا بصحبته فقد صانهم الله تعالى وعصمهم من ذلك وإنما ارتد قوم من جفاة الأعراب من المؤلّفة قلوبهم ممن لا بصيرة له في الدين.

وهذا الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في الرقاق بعون الله تعالى وقوته.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ: { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدا مَا دُمْتُ فِيهمْ فَلمَّا تَوَفَيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأنْتَ عَلَى كُلُّ شَيْءٍ شَهِيدا} ( الْمَائِدَة: 117)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا} الْآيَة هَذِه والآيات الَّتِي قبلهَا من قَوْله: { وَإِذا قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس} ( الْمَائِدَة: 116) إِلَى آخر السُّورَة، مِمَّا يُخَاطب الله بِهِ عَبده وَرَسُوله عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام قَائِلا لَهُ يَوْم الْقِيَامَة بِحَضْرَة من اتَّخذهُ وَأمه إلاهين من دون الله تهديدا لِلنَّصَارَى وتوبيخا وتقريعا على رُؤُوس الأشهاد، وَهَكَذَا قَالَ قَتَادَة وَغَيره.
)

[ قــ :4372 ... غــ :4625 ]
- ح دَّثنا أبُو الوَلِيدِ حدَّثنا شُعْبَةُ أخْبَرنا المُغِيرَةُ بنُ النُّعْمَانِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بن جُبَيْرٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَال خَطَبَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا أيُّها النَّاسُ إنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إلَى الله حُفاةً عُرَاةً غُرلاً ثُمَّ قَالَ: { كَمَا بَدَأْنَا أولَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدا عَلَيْنَا إنّا كُنّا فَاعِلِينَ} ( الْأَنْبِيَاء: 104) إلَى آخِرِ الآيَةِ ثُمَّ قَالَ أَلا وَإنَّ أوَّلَ الخَلائِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إبْرَاهِيمُ أَلا وَإنَّهُ يُجاءُ بِرِجالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فأقُولُ يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي فَيُقال إنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَالِحُ: { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَيْتَنِي كُنْتُ أنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} فَيُقَالُ إنَّ هاؤُلاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِينَ عَلَى أعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، والْحَدِيث قد مضى فِي مَنَاقِب إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، وَأخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان عَن الْمُغيرَة بن النُّعْمَان عَن سعيد بن جُبَير عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى آخِره.

قَوْله: ( غرلًا) بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة جمع أغرل وَهُوَ الَّذِي لم يختن وَبقيت مِنْهُ غرلته وَهِي مَا يقطعهُ الْخِتَان من ذكر الصَّبِي.
قَوْله: ( ذَات الشمَال) ، جِهَة النَّار.
قَوْله: ( أصيحابي) ، مصغر الْأَصْحَاب، كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِالتَّصْغِيرِ يدل على تقليل عَددهمْ وَلم يرد بِهِ خَواص أَصْحَابه الَّذين لزموه وَعرفُوا بِصُحْبَتِهِ أُولَئِكَ صانهم الله وعصمهم من التبديل، وَالَّذِي وَقع من تَأْخِير بعض الْحُقُوق إِنَّمَا كَانَ من جُفَاة الْأَعْرَاف وَكَذَلِكَ الَّذِي ارْتَدَّ مَا كَانَ إلاَّ مِنْهُم مِمَّن لَا بَصِيرَة لَهُ فِي الدّين وَذَلِكَ لَا يُوجب قدحا فِي الصَّحَابَة الْمَشْهُورين، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ.
قَوْله: ( العَبْد الصَّالح) ، هُوَ عِيسَى ابْن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا السَّلَام.