4472 وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرٍ . فَتَنَزَّهَ عَنْهُ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَغَضِبَ حَتَّى بَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ قَالَ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْغَبُونَ عَمَّا رُخِّصَ لِي فِيهِ ، فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً |
4472 وحدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر . فتنزه عنه ناس من الناس ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فغضب حتى بان الغضب في وجهه ، ثم قال : ما بال أقوام يرغبون عما رخص لي فيه ، فوالله لأنا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
[ سـ :4472 ... بـ :2356]
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرٍ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ نَاسٌ مِنْ النَّاسِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ حَتَّى بَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْغَبُونَ عَمَّا رُخِّصَ لِي فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً
قَوْلُهُ : ( فَغَضِبَ حَتَّى بَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ قَالَ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْغَبُونَ عَمَّا رُخِّصَ لِي فِيهِ ؟ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً ) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالنَّهْيُ عَنِ التَّعَمُّقِ فِي الْعِبَادَةِ ، وَذَمُّ التَّنَزُّهِ عَنِ الْمُبَاحِ شَكًّا فِي إِبَاحَتِهِ .
وَفِيهِ الْغَضَبُ عِنْدَ انْتَهَاكِ حُرُمَاتِ الشَّرْعِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْتَهِكُ مُتَأَوِّلًا تَأْوِيلًا بَاطِلًا .
وَفِيهِ حُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ بِإِرْسَالِ التَّعْزِيرِ وَالْإِنْكَارِ فِي الْجَمْعِ ، وَلَا يُعَيَّنُ فَاعِلُهُ ، فَيُقَالُ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ ؟ وَنَحْوُهُ .
وَفِيهِ أَنَّ الْقُرْبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سَبَبٌ لِزِيَادَةِ الْعِلْمِ بِهِ وَشِدَّةِ خَشْيَتِهِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ ، وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً ) فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يَتَوَهَّمُونَ أَنَّ سُنَنَهُمْ عَمَّا فَعَلْتُ أَقْرَبُ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، وَإِنْ فَعَلَ خِلَافَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمُوا ، بَلْ أَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ ، وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً .
وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقُرْبُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَالْخَشْيَةُ لَهُ عَلَى حَسَبِ مَا أَمَرَ ، لَا بِمُخَيَّلَاتِ النُّفُوسِ ، وَتَكَلُّفِ أَعْمَالٍ لَمْ يَأْمُرْ بِهَا .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .