هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4570 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ : ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، كُلَّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ ، قَالَ عُمَرُ : فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ النَّاسِ ، وَخَشِيتُ أَنْ يُنْزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي ، فَقُلْتُ : لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ : لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ، ثُمَّ قَرَأَ : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4570 حدثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره ، وعمر بن الخطاب يسير معه ليلا ، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم سأله فلم يجبه ، ثم سأله فلم يجبه ، فقال عمر بن الخطاب : ثكلت أم عمر ، نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ، كل ذلك لا يجيبك ، قال عمر : فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس ، وخشيت أن ينزل في قرآن ، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي ، فقلت : لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن ، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال : لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، ثم قرأ : { إنا فتحنا لك فتحا مبينا }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({ إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا} [الفتح: 1] الأكثرون على أنه صلح الحديبية، وقيل فتح مكة والتعبير عنه بالماضي لتحقّقه قال في الكشاف وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن المخبر ما لا يخفى اهـ.

قال الطيبي لأن هذا الأسلوب إنما يرتكب في أمر يعظم مناله ويعز الوصول إليه ولا يقدر على نيله إلا مَن له قهر وسلطان ولذا ترى أكثر أحوال القيامة واردة على هذا المنهج لأن فتح مكة من أمهات الفتوح وبه دخل الناس في دين الله أفواجًا وأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالاستغفار والتأهّب للمسير إلى دار القرار.
وقال مجاهد: فتح خيبر وقيل فتح الروم وقيل فتح الإسلام بالحجة والبرهان والسيف والسنان وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.


[ قــ :4570 ... غــ : 4833 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فُلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ، قَالَ عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ النَّاسِ وَخَشِيتُ أَنْ يُنْزَلَ فِيَّ الْقُرْآنُ فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ.
ثُمَّ قَرَأَ: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ».

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) الإمام (عن زيد بن أسلم) العدوي المدني مولى عمر (عن أبيه) أسلم المخضرم المتوفى سنة ثمانين وهو ابن أربع عشرة ومائة سنة زاد البزار من طريق محمد بن خالد بن عثمة عن مالك سمعت عمر (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يسير في بعض أسفاره) هو سفر الحديبية كما في حديث ابن مسعود عند الطبراني وظاهر قوله عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإرسال لأن أسلم لم يدرك هذه القصة لكن قوله في أثناء هذا الحديث فقال عمر فحركت بعيري الخ يقضي بأنه سمعه من عمر ويؤيده تصريح رواية البزار بذلك كما مر (وعمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- (يسير معه ليلًا فسأله عمر بن الخطاب) سقط ابن الخطاب لأبي ذر (عن شيء فلم يجبه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لاشتغاله بما كان من نزول الوحي (ثم سأله) عمر (فلم يجبه) عليه الصلاة والسلام (ثم سأله فلم يجبه) تكرير السؤال ثلاثًا يحتمل أنه
خشي أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكن سمعه (فقال عمر بن الخطاب ثكلت) بفتح المثلثة وكسر الكاف أي فقدت (أم عمر) عمر دعا على نفسه بسبب ما وقع منه من الإلحاح.
وقال ابن الأثير: دعا على نفسه بالموت والموت يعمّ كل أحد فإذن الدعاء كلا دعاء ولأبي ذر عن الكشميهني ثكلتك أم عمر (نزرت) بزاي مفتوحة مخففة وتثقل فراء ساكنة (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ألححت عليه وبالغت في السؤال ثلاث مرات (كل ذلك لا يجيبك قال) ولأبي ذر فقال (عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل فيّ القرآن) بتشديد ياء فيّ ولأبي ذر قرآن بإسقاط آلة التعريف (فما نشبت) بفتح النون وكسر المعجمة وبعد الموحدة الساكنة فوقية فما لبثت وما تعلقت بشيء (أن سمعت صارخًا) لم يسم (يصرخ بي فقلت لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآن، فجئت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسلمت عليه فقال) أي بعد أن ردّ عليّ السلام:
(لقد أُنزلت عليّ الليلة سورة لهي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس) لما فيها من البشارة بالمغفرة والفتح وغيرهما واللام في لهي للتأكيد (ثم قرأ) عليه الصلاة والسلام ({ إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا} ) [الفتح: 1] .

وهذا الحديث أخرجه في المغازي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ: { إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحا مُبِينا} (الْفَتْح: 1)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْفَتْح فتح مَكَّة وَعَن مُجَاهِد والعوفي فتح خَيْبَر، وَعَن بَعضهم: فتح الرّوم، وَقيل: فتح الْإِسْلَام، وَعَن جَابر: مَا كُنَّا نعد فتح مَكَّة إلاَّ يَوْم الْحُدَيْبِيَة، وَعَن بشر بن الْبَراء قَالَ: لما رَجعْنَا من غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة وَقد حيل بَيْننَا وَبَين نسكنا فَنحْن بَين الْحزن والكآبة.
فَأنْزل الله عز وَجل: { إِنَّا فتحنا لَك} الْآيَة كلهَا.



[ قــ :4570 ... غــ :4833 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ عَنْ أبِيهِ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أسْفَارِهِ وَعُمَرُ بنُ الخَطابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً فَسَأَلَهُ عُمَرُ ابنُ الخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجْبْهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجْبْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ سَالَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَابِ ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ نزَرْتَ رسولَ الله ثَلاثَ مَرَّاتٍ كلَّ ذالِكَ لَا يُجِيبُكَ قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أمامَ النَّاسِ وَخَشِيتُ أنْ يُنْزَلَ فِيَّ القُرْآنُ فَمَا نَشِبْتُ أنْ سَمِعْتُ صَارِخا يَصْرُخُ بِي فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ فَجِئتُ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ صُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَرَأَ: { إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحا مُبِينا} .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأسلم مولى عمر بن الْخطاب كَانَ من سبي الْيمن،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: أَبُو زيد الحبشي البجاوي من بجاوة.

وَهَذَا الحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي فِي: بابُُ غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، ولنتكلم هُنَا أَيْضا لبعد الْمسَافَة، فَنَقُول: هَذَا صورته صُورَة الْإِرْسَال لِأَن أسلم لم يدْرك زمَان هَذِه الْقِصَّة، لكنه مَحْمُول على أَنه سمع من عمر بِدَلِيل قَوْله فِي أثْنَاء الحَدِيث: (فحركت بَعِيري).

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: رَوَاهُ عَن مَالك عَن زيد عَن أَبِيه عَن عمر مُتَّصِلا بِمُحَمد بن خَالِد بن عَثْمَة وَأَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن غَزوَان وَإِسْحَاق الحنيني، وَيزِيد بن أبي حَكِيم وَمُحَمّد بن حَرْب الْمَكِّيّ، وَأما أَصْحَاب (الْمُوَطَّأ) فَرَوَوْه عَن مَالك مُرْسلا.

قَوْله: (فِي بعض أَسْفَاره) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَهَذَا السّفر كَانَ لَيْلًا متصرفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحُدَيْبِيَة لَا أعلم بَين أهل الْعلم فِي ذَلِك خلافًا قَوْله: (ثكلت أم عمر) فِي رِوَايَة الْكشميهني، ثكلتك أم عمر، من الثكل وَهُوَ فقدان الْمَرْأَة وَلَدهَا، وَامْرَأَة ثاكل وثكلى وَرجل ثاكل وثكلان، وَكَأن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، دَعَا على نَفسه حَيْثُ ألح على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير كَأَنَّهُ دَعَا على نَفسه بِالْمَوْتِ وَالْمَوْت يعم كل أحد فَإِذا الدُّعَاء عَلَيْهِ كلا دُعَاء، وَيجوز أَن يكون من الْأَلْفَاظ الَّتِي تجْرِي على أَلْسِنَة الْعَرَب وَلَا يُرَاد بهَا الدُّعَاء، كَقَوْلِهِم: تربت يداك وقاتلك الله.
قَوْله: (نزرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بالنُّون وَتَخْفِيف الزاء وبالراء أَي: ألححت عَلَيْهِ وبالغت فِي السُّؤَال، ويروى بتَشْديد الزَّاي وَالتَّخْفِيف أشهر،.

     وَقَالَ  ابْن وهب: أكرهته أَي: أَتَيْته بِمَا يكره من سُؤَالِي فَأَرَادَ الْمُبَالغَة، والنزر الْقلَّة وَمِنْه الْبِئْر النزور الْقَلِيل المَاء.
قَالَ أَبُو ذَر: سَأَلت من لقِيت من الْعلمَاء أَرْبَعِينَ سنة فَمَا أجابوا إلاَّ بِالتَّخْفِيفِ، وَكَذَا ذكره ثَعْلَب وَأهل اللُّغَة، وبالتشديد ضَبطهَا الْأصيلِيّ وَكَأَنَّهُ على الْمُبَالغَة،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: نزرت قللت كَلَامه أَو سَأَلته فِيمَا لَا يحب أَن يُجيب فِيهِ.

وَفِيه: أَن الْجَواب لَيْسَ لكل الْكَلَام بل السُّكُوت جَوَاب لبَعض الْكَلَام، وتكرير عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، السُّؤَال إِمَّا لكَونه ظن أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسمعهُ وَإِمَّا لِأَنَّهُ الْأَمر الَّذِي كَانَ يسْأَل عَنهُ كَانَ مهما عِنْده، وَلَعَلَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَجَابَهُ بعد ذَلِك، وَإِنَّمَا ترك إجَابَته أَولا لشغله بِمَا كَانَ فِيهِ من نزُول الْوَحْي.
قَوْله: (فَمَا نشبت) ، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: فَمَا لَبِثت وَلَا تعلّقت بِشَيْء غير مَا ذكرت قَوْله: (لهي أحب إليّ) ، اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد، وَإِنَّمَا كَانَت أحب إِلَيْهِ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لما فِيهَا من مغْفرَة مَا تقدم وَمَا تَأَخّر، وَالْفَتْح والنصر وإتمام النِّعْمَة وَغَيرهَا من رِضَاء الله عز وَجل عَن أَصْحَاب الشَّجَرَة وَنَحْوهَا..
     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: أطلق المفاضلة بَين الْمنزلَة الَّتِي أعطيها وَبَين مَا طلعت عَلَيْهَا الشَّمْس، وَمن شَرط المفاضلة اسْتِوَاء الشَّيْئَيْنِ فِي أصل الْمَعْنى ثمَّ يزِيد أَحدهمَا على الآخر.
وَأجَاب ابْن بطال بِأَن مَعْنَاهُ أَنَّهَا أحب إِلَيْهِ من كل شَيْء لِأَنَّهُ لَا شَيْء إلاَّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فَأخْرج الْخَبَر عَن ذكر الشَّيْء بِذكر الدُّنْيَا إِذْ لَا شَيْء سواهَا إلاَّ الْآخِرَة وَأجَاب ابْن الْعَرَبِيّ بِمَا ملخصه أَن أفعل قد لَا يُرَاد فِيهِ المفاضلة كَقَوْلِه: { خير مُسْتَقر أَو أحسن مقيلاً} (الْفرْقَان: 42) وَلَا مفاضلة بَين الْجنَّة وَالنَّار، أَو الْخطاب وَقع على مَا اسْتَقر فِي أنفس أَكثر النَّاس فَإِنَّهُم يَعْتَقِدُونَ أَن الدُّنْيَا لَا شَيْء مثلهَا وَأَنَّهَا الْمَقْصُود فَأخْبر بِأَنَّهَا عِنْده خبر مِمَّا تظنون أَن لَا شَيْء أفضل مِنْهُ.