هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5104 حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ : اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَأَتَاهُ عَلِيٌّ فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيٍّ يَتَبَرَّدُ فِيهَا ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : اخْرُجْ ، فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ ، فَكَفَّ عَلِيٌّ عَنْهُ ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمَجْبُوبٌ مَا لَهُ ذَكَرٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5104 حدثني زهير بن حرب ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا ثابت ، عن أنس ، أن رجلا كان يتهم بأم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : اذهب فاضرب عنقه فأتاه علي فإذا هو في ركي يتبرد فيها ، فقال له علي : اخرج ، فناوله يده فأخرجه ، فإذا هو مجبوب ليس له ذكر ، فكف علي عنه ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله إنه لمجبوب ما له ذكر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Anas reported that a person was charged with fornication with the slavegirl of Allah's Messenger (ﷺ). Thereupon Allah's Messenger (ﷺ) said to 'Ali:

Go and strike his neck. 'Ali came to him and he found him in a well making his body cool. 'Ali said to him: Come out, and as he took hold of his hand and brought him out, he found that his sexual organ had been cut. Hadrat 'Ali refrained from striking his neck. He came to Allah's Apostle (ﷺ) and said: Allah's Messenger, he has not even the sexual organ with him.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أنس رضي الله عنه أن رجلا كان يتهم بأم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي اذهب فاضرب عنقه فأتاه علي فإذا هو في ركي يتبرد فيها فقال له علي اخرج فناوله يده فأخرجه فإذا هو مجبوب ليس له ذكر فكف علي عنه ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه لمجبوب ما له ذكر



المعنى العام

نكتفي بما أخذناه من حادثة الإفك من عبر في آخر فقه الحديث

المباحث العربية

( عن الزهري قال حدثني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن حديث عائشة إلخ) قال النووي هذا الذي ذكره الزهري من جمعه الحديث عنهم جائز لا منع منه ولا كراهة فيه لأنه قد بين أن بعض الحديث عن بعضهم وبعضه عن بعضهم وهؤلاء الأربعة أئمة حفاظ ثقات من أجل التابعين فإذا ترددت اللفظة من هذا الحديث بين كونها عن هذا أو ذاك لم يضر وجاز الاحتجاج بها لأنهما ثقتان وقد اتفق العلماء على أنه لو قال حدثني زيد أو عمرو وهما ثقتان معروفان بالثقة عند المخاطب جاز الاحتجاج به

( وكلهم حدثني طائفة من حديثه) في رواية وكل حدثني بعض هذا الحديث وقد جمعت لك كل الذي حدثوني

( وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصا) أي أحفظ وأحسن إيرادا وسردا للحديث

( وبعض حديثهم يصدق بعضا) قال الحافظ ابن حجر كأنه مقلوب والمقام يقتضي أن يقول وحديث بعضهم يصدق بعضا ويحتمل أن يكون على ظاهره والمراد أن بعض حديث كل منهم يدل على صدق الراوي الآخر في بقية حديثه

( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه) أي أن يخرج إلى سفر فهو منصوب بنزع الخافض أو ضمن يخرج معنى ينشئ فيكون سفرا منصوبا على المفعولية وفي رواية للبخاري كان إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه ومعنى أقرع بين نسائه أي ضرب سهاما معلمة لكل واحدة

( فأقرع بيننا في غزوة غزاها) هي غزوة بني المصطلق وصرح بها في بعض الروايات

( وذلك بعد ما أنزل الحجاب) أي بعد ما أنزل الأمر بالحجاب أي حجاب أمهات المؤمنين عن رؤية الرجال لهن بقوله تعالى { { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب } } [الأحزاب 53] وقالت هذا كالتوطئة للسبب في كونها كانت تستتر في الهودج حتى أفضى ذلك إلى الظن أنها فيه وهي ليست فيه بخلاف ما كان قبل الحجاب حيث كن يركبن ظهر الرواحل بغير هوادج أو يركبن الهوادج غير مستترات فما كان يقع لها الذي وقع

( فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه مسيرنا) الهودج بفتح الهاء والدال بينهما واو ساكنة محمل له قبة تستتر بالثياب ونحوها يوضع على ظهر البعير يركب عليه النساء ليكون أستر لهن وفي رواية ابن إسحاق فكنت إذا رحلوا بعيري جلست في هودجي ثم يأخذون بأسفل الهودج فيضعونه على ظهر البعير

( حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوه وقفل) أي رجع من غزوته

( ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل) قال النووي آذن روى بالمد وتخفيف الذال وبالقصر وتشديدها أي أعلم بتحرك الجيش بعد نزوله وفي رواية ابن إسحاق فنزل منزلا فبات به بعض الليل ثم آذن بالرحيل

( فقمت حين آذنوا بالرحيل) لأقضي حاجتي منفردة بعيدا عن الجيش

( فلما قضيت من شأني) أي قضيت حاجتي

( أقبلت إلى الرحل) أي إلى الهودج

( فلمست صدري فإذا عقدي من جزع ظفار قد انقطع) جزع ظفار بفتح الجيم وإسكان الزاي وهو خرز يماني معروف في سواده بياض كالعروق وظفار قرية باليمن مبنية على الكسر وفي رواية للبخاري جزع أظفار وحكى ابن التين أن قيمة هذا العقد كانت اثني عشر درهما وفي رواية الواقدي فكان في عنقي عقد من جزع ظفار كانت أمي أدخلتني به على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية ابن إسحاق قد انسل من عنقي وأنا لا أدري

( فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه) وفي رواية ابن إسحاق فرجعت عودي على بدئي إلى المكان الذي ذهبت إليه زاد في رواية الواقدي وكنت أظن أن القوم لو لبثوا شهرا لم يبعثوا بعيري حتى أكون في هودجي

( وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي) بفتح الياء وسكون الراء يقال رحلت البعير إذا شددت عليه الرحل قال النووي هكذا وقع في أكثر النسخ يرحلون لي وفي بعض النسخ بي

( فحملوا هودجي فرحلوا على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه) قال النووي لم يهبلن ضبطوه على أوجه أشهرها ضم الياء وفتح الهاء والباء المشددة أي يثقلن باللحم والشحم والثاني بفتح الياء والباء وإسكان الهاء بينهما والثالث بفتح الياء وضم الباء ويجوز بضم الياء وسكون الهاء وكسر الباء قال أهل اللغة هبله اللحم وأهبله إذا أثقله وكثر لحمه وشحمه وفي رواية للبخاري لم يثقلهن اللحم وهو أيضا المراد من قولها لم يغشهن اللحم ومعنى يأكلن العلقة بضم العين أي القليل ويقال لها أيضا البلغة وفي رواية للبخاري ولم يستنكر القوم خفة الهودج وهي أوضح لأن مرادها إقامة عذرهم في تحميل هودجها وهي ليست فيه

( وكنت جارية حديثة السن) كان سنها إذ ذاك لا يتجاوز الخامسة عشرة وفائدة ذكر هذه الجملة المبالغة في خفتها أي إنها مع نحافتها كانت صغيرة السن أو الإشارة إلى بيان عذرها فيما فعلته من الحرص على العقد ومن استقلالها بالتنبيش عليه وترك إعلام أهلها بذلك

( فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب) أي منازل الجيش وفي رواية وليس فيها أحد

( فتيممت منزلي الذي كنت فيه) أي قصدت المكان الذي كان فيه هودجي

( فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت) في الصحيح أنها أقامت في منزلها إلى أن أصبحت وعند ابن إسحاق فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني

( وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني) المعطل بفتح الطاء

( قد عرس من وراء الجيش فادلج فأصبح عند منزلي) التعريس النزول آخر الليل في السفر لنوم أو استراحة وقيل هو النزول في أي وقت كان وادلج بتشديد الدال أي سار آخر الليل وفي رواية أن صفوان سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله على الساقة فكان إذا رحل الناس قام يصلي ثم تبع منازلهم فمن سقط له شيء أتاه به وفي رواية فكان صفوان يتخلف عن الناس فيصيب القدح والجراب والإداوة فيحمله فيقدم به فيعرفه في أصحابه والمعنى كان صفوان قد نزل آخر الليل منزلا خلف الجيش يصلي وينتظر تحرك الجيش ورحيله فلما بدا ضوء الصبح أخذ يفتش عن الأشياء التي قد تكون منسية

( فرأى سواد إنسان نائم) سواد الإنسان شخصه أي إنسانا نائما من بعيد

( فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي) والظاهر أن وجهها كان قد انكشف وهي نائمة

( فاستيقظت باسترجاعه) أي بقوله إنا لله وإنا إليه راجعون وصرح بها ابن إسحاق في روايته وكأنه شق عليه ما جرى لعائشة أو خشي أن يقع ما وقع أو أنه اكتفى بالاسترجاع رافعا به صوته عن الكلام معها صيانة لها عن المخاطبة

( فخمرت وجهي بجلبابي) أي غطيت وجهي بثوبي الذي كان علي

( حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها فركبتها) وفي رواية حين أناخ وفي رواية فقرب بعيره فوطئ على ذراعه فولاني قفاه فركبت

( فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة) الموغر النازل في وقت الوغرة وهي شدة الحر ونحر الظهيرة وقت القائلة وشدة الحر وفي رواية موعرين بالعين بدل الغين

( فهلك من هلك في شأني) وفي رواية فهنالك قال في وفيه أهل الإفك ما قالوا أبهمت الذين خاضوا والمشهور في أسمائهم عبد الله بن أبي ومسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش

( وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ابن سلول) قال النووي هكذا صوابه ابن سلول برفع ابن وكتابته بالألف صفة لعبد الله

( فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهرا والناس يفيضون في قول أهل الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك) يفيضون بضم الياء الأولى أي يخوضون وفي رواية ابن إسحاق وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي ولا يذكرون لي شيئا من ذلك

( وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي) يريبني بفتح الياء الأولى من الريب ويجوز الضم من الرباعي يقال رابه وأرابه وضمير وهو للحال والشأن وإني لا أعرف مسبوك بمصدر فاعل يريبني والجملة خبر ضمير الشأن واللطف بضم اللام وإسكان الطاء ويقال بفتحهما معا لغتان وهو البر والرفق وفي رواية ابن إسحاق أنكرت بعض لطفه وحين أشتكي أي حين أمرض

( إنما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول كيف تيكم) تيكم اسم إشارة للمؤنثة كما في ذاكم وفي رواية ابن إسحاق فكان إذا دخل قال لأمي وهي تمرضني كيف تيكم وفي رواية إلا أنه يقول وهو مار كيف تيكم ولا يدخل عندي ولا يعودني ويسأل عني أهل البيت وفي رواية وكنت أرى منه جفوة ولا أدري من أي شيء واستدلت عائشة بهذه الحالة على أنها استشعرت منه بعض جفاء ولم تبالغ في التنقيب عن ذلك

( فذاك يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعد ما نقهت وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل) نقهت بفتح النون والقاف وبكسر القاف والفتح أشهر والناقه هو الذي أفاق من المرض وبرأ منه وهو قريب العهد به ولم يتراجع إليه كمال صحته وأم مسطح بكسر الميم وسكون السين والمناصع بفتح الميم أرض ترابية خارج المدينة كانوا يتبرزون فيها

( وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا) بضم الكاف والنون جمع كنيف وهو الساتر مطلقا والمراد به هنا المكان المعد لقضاء الحاجة زاد ابن إسحاق الكنف التي يتخذها الأعاجم

( وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه) قال النووي ضبطوا الأول بوجهين الأول ضم الهمزة وتخفيف الواو والثاني بفتح الهمزة وتشديد الواو وكلاهما صحيح والتنزه طلب النزاهة بالخروج إلى الصحراء تريد أنهم لم يكونوا تخلقوا بأخلاق العجم وفي رواية البخاري وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط جهة الأرض البعيدة المنخفضة

( وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب) رهم بضم الراء وسكون الهاء وأثاثة بضم الهمزة وثاءين ومسطح في الأصل عود من أعواد الخباء وهو هنا لقب واسمه عامر وقيل عوف كنيته أبو عباد وقيل أبو عبد الله واسم أم مسطح سلمى وهي بنت خالة أبي بكر أسلمت وأسلم أبوها قديما مات مسطح سنة أربع وثلاثين وقيل سبع وثلاثين وكانت أمه من أشد الناس عليه حين تكلمه مع أهل الإفك كان هو وأمه من المهاجرين الأولين وكان أبوه مات وهو صغير فكفله أبو بكر لقرابة أم مسطح منه

( فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا قد شهد بدرا) عثرت بفتح الثاء وتعس بفتح العين وكسرها لغتان ومعناه عثر وقيل هلك وقيل لزمه الشر وقيل بعد وقيل سقط بوجهه خاصة والمرط بكسر الميم كساء من صوف وقد يكون من غيره وظاهر هذه الرواية أن عثرة أم مسطح كانت في العودة بعد التبرز لكن في رواية للبخاري أنها عثرت قبل أن تقضي عائشة حاجتها وأنها لما أخبرتها الخبر رجعت كأن الذي خرجت له لا تجد منه لا قليلا ولا كثيرا وكذا في رواية ابن إسحاق قالت فوالله ما قدرت أن أقضي حاجتي وفي رواية فذهب عني ما كنت أجد من الغائط ورجعت عودى على بدئي وفي رواية فأخذتني الحمى وتقلص ما كان مني قال الحافظ ابن حجر ويجمع بينهما بأن معنى قولها وقد فرغنا من شأننا أي من شأن المسير لا قضاء الحاجة اهـ

( قالت أي هنتاه) بإسكان النون وفتحها والإسكان أشهر قال صاحب النهاية وتضم الهاء الأخيرة وتسكن ويقال في التثنية هنتان وفي الجمع هنات وهنوات وفي المذكر هن وهنان وهنون ولك أن تلحقها الهاء لبيان الحركة فتقول يا هنه وأن تشبع حركة النون فتصير ألفا فتقول يا هناه ولك ضم الهاء الأخيرة فتقول يا هناه أقبل قالوا وهذه اللفظة تختص بالنداء ومعناه يا هذه وقيل يا امرأة وقيل يا بلهاء كأنها نسبت إلى قلة المعرفة بمكايد الناس وشرورهم

قال ابن أبي جمرة يحتمل أن يكون قول أم مسطح هذا عمدا لتتوصل إلى إخبار عائشة بما قيل فيها وهي غافلة ويحتمل أن يكون اتفاقا أجراه الله على لسانها لتستيقظ عائشة من غفلتها عما قيل فيها أي لتدافع عن نفسها

وفي رواية فقالت لها إنك لغافلة عما يقول الناس وفيها إن مسطحا وفلانا وفلانا يجتمعون في بيت عبد الله بن أبي يتحدثون عنك وعن صفوان يرمونك به وفي رواية أشهد أنك من الغافلات المؤمنات وفي رواية للبخاري فنقرت لي الحديث أي أعلمتنيه وفي رواية للطبراني عن عائشة قالت لما بلغني ما تكلموا به هممت أن آتي قليبا فأطرح نفسي فيه

( قلت أتأذن لي أن آتي أبوي ... فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية فقلت أرسلني إلى بيت أبي فأرسل معي الغلام

( فجئت أبوي فقلت لأمي يا أمتاه ما يتحدث الناس فقالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها) في رواية يا بنية خففي عليك الشأن وفي رواية حظية أي محظية رفيعة المنزلة وفي رواية ما كانت امرأة حسناء وقد أسندت الكلام للضرائر لأنهن في العادة يختلقن مثل هذا ولأن حمنة بنت جحش أخت زينب بنت جحش كانت من الخائضين وكان الحامل لها على ذلك كون عائشة ضرة أختها

( قالت قلت سبحان الله وقد تحدث الناس بهذا) زاد الطبري وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت نعم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية ابن إسحاق فقلت لأمي غفر الله لك يتحدث الناس بهذا ولا تذكرين لي وفي رواية فقلت لأبوي أما اتقيتما الله في؟ وما وصلتما رحمي؟ يتحدث الناس بهذا ولم تعلماني وفي رواية فاستعبرت فبكيت فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ فقال لأمي ما شأنها؟ فقالت بلغها الذي ذكر من شأنها ففاضت عيناه فقال أقسمت عليك يا بنية إلا رجعت إلى بيتك فرجعت

( قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي) لا يرقأ لا ينقطع ولا أكتحل بنوم استعارة للسهر وفي رواية فخرت مغشيا عليها فما استفاقت إلا وعليها حمى بنافض فطرحت عليها ثيابها فغطيتها وفي رواية فألقت علي أمي كل ثوب في البيت

( ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله) استلبث الوحي أي أبطأ ولبث ولم ينزل وفي رواية وكان إذا أراد أن يستشير أحدا في أمر أهله لم يعد عليا وأسامة

( فأما أسامة ....
فقال يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيرا)
أي هي العفيفة اللائقة بك قيل عبر عن عائشة بالجمع هم لإرادة تعظيمها

( وأما علي بن أبي طالب فقال لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك) وفي رواية الواقدي قد أحل الله لك وأطاب طلقها وانكح غيرها وسنوضح في فقه الحديث موقف علي من هذه القضية

( قالت له بريرة والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله) في رواية فأرسل إلى بريرة فقال أتشهدين أني رسول الله قالت نعم قال فإني سائلك عن شيء فلا تكتميه قالت نعم قال هل رأيت من عائشة ما تكرهينه؟ قالت لا وفي رواية فانتهرها بعض أصحابه فقال اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي شأنك بالجارية فسألها علي وتوعدها فلم تخبره إلا بخير ثم ضربها وسألها فقالت والله ما علمت على عائشة سوءا

وإن في قولها إن رأيت عليها أمرا قط نافية أي ما رأيت عليها مما تسألون عنه شيئا أصلا وأما من غيره ففيها ما ذكرت من غلبة النوم إلخ وفي رواية لابن إسحاق ما كنت أعيب عليها إلا أني كنت أعجن عجيني وآمرها أن تحفظه فتنام عنه وفي رواية ما رأيت منها منذ كنت عندها إلا أني عجنت عجينا لي فقلت احفظي هذه العجينة حتى أقتبس نارا لأخبزها فغفلت فجاءت الشاة فأكلتها وفي رواية ما علمت منها إلا ما يعلم الصائغ على الذهب الأحمر أي من الخلوص من العيب وفي رواية فقالت الجارية الحبشية والله لعائشة أطيب من الذهب ولئن كانت صنعت ما قال الناس ليخبرنك الله قالت فعجب الناس من فقهها

( فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول فقال وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي) فاستعذر أي طلب العذر والإنصاف ورفع الملامة أي من يقوم بعذري فيما رمي به أهلي ومن يقوم بعذره إذا عاقبته على سوء ما صدر منه وقيل معناه من ينصرني وقيل معناه من ينتقم لي منه وفي رواية من يعذرني فيمن يؤذيني في أهلي ويجمع في بيته من يؤذيني وكان صفوان بن المعطل قد قعد لحسان فضربه ضربة بالسيف وهو يقول

تلق ذباب السيف مني فإنني
غلام إذا هوجيت لست بشاعر

فصاح حسان ففر صفوان فاستوهب النبي صلى الله عليه وسلم من حسان ضربة صفوان فوهبها له وفي الرواية الثانية قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فتشهد فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي قال النووي بباء مفتوحة مخففة ومشددة رووه هنا بالوجهين والتخفيف أشهر ومعناه اتهموها يقال أبنه بالفتح يأبنه ويأبنه بكسر الباء وضمها إذا اتهمه ورماه بخلة سوء فهو مأبون وأيم الله ما علمت على أهلي من سوء قط وأبنوهم بمن والله ما علمت عليه من سوء قط ولا دخل بيتي قط إلا وأنا حاضر ولا غبت في سفر إلا غاب معي

( فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا ولكن اجتهلته الحمية فقال لسعد بن معاذ كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت) قال القاضي عياض قال بعض شيوخنا ذكر سعد بن معاذ في هذا وهم والأشبه أنه غيره قال ابن إسحاق إن المتكلم أولا وأخيرا أسيد بن حضير ومعلوم أن سعد بن معاذ مات في إثر غزاة الخندق من الرمية التي أصابته سنة أربع وحديث الإفك كان في غزوة المريسيع سنة أربع قال القاضي ذكر القاضي إسماعيل الخلاف في تاريخ المريسيع والخندق وقال الأولى أن يكون المريسيع قبل الخندق قال القاضي فعلى هذا يستقيم فيه ذكر سعد بن معاذ وهو الذي في الصحيحين قال النووي هذا كلام القاضي وهو صحيح اهـ ولا يتعلق بهذا الخلاف كبير غرض وإنما الذي يعنينا أن المتكلم الأول رئيس الأوس سعد بن معاذ أو أسيد بن حضير وقال ضربنا عنقه لأنه كان سيدهم فحكمه فيهم نافذ فجزم بالحكم وأن سعد بن عبادة زعيم الخزرج وعبد الله بن أبي كان زعيم الخزرج ومن أشرافهم قبل الإسلام كادوا يتوجونه ملكا عليهم لكنه رأس المنافقين في الإسلام والكلام من زعيم الأوس لا شك يعنيه فدفاع سعد بن عبادة عنه صادر عن حمية العصبية القبلية ولهذا قالت عائشة وكان رجلا صالحا ولكن اجتهلته الحمية قال النووي هكذا هو هنا لمعظم رواة صحيح مسلم اجتهلته بالجيم والهاء أي استخفته وأغضبته وحملته على الجهل وفي رواية احتملته بالحاء والميم وكذا رواه مسلم [في آخر روايتنا هذه وملحقها] وكذا رواه البخاري ومعناه أغضبته فالروايتان صحيحتان اهـ

وفي رواية ابن إسحاق قال سعد بن عبادة ما قلت هذه المقالة إلا أنك علمت أنه من الخزرج وفي رواية للبخاري ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل وفي رواية قال يا ابن معاذ والله ما بك نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنها قد كانت بيننا ضغائن في الجاهلية وإحن الجاهلية

قال ابن التين تكلم سعد بن عبادة بحكم الأنفة ولم يرد الرضا بما نقل عن عبد الله بن أبي وإنما معنى قول عائشة وكان قبل ذلك رجلا صالحا [أي في رواية البخاري] أي لم يتقدم منه ما يتعلق بالوقوف مع أنفة الحمية ولم ترد أنه ناضل عن المنافقين اهـ

وأما قول سعد بن عبادة لا تقدر على قتله مع أن سعد بن معاذ لم يقل بقتله فلأنه فهم أن قول ابن معاذ أمرتنا ففعلنا أمرك أي إن أمرتنا بقتله قتلناه وإن أمرت قومه بقتله قتلوه فنفي سعد بن عبادة قدرة سعد بن معاذ على قتله إن كان من الخزرج لعلمه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر غير قومه بقتله وهو بذلك لا يرد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لو أمر ولا بحمية الجاهلية

وقد اعتذر المازري عن قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة إنك منافق أن ذلك وقع منه على جهة الغيظ والحنق والمبالغة في زجر سعد بن عبادة عن المجادلة عن ابن أبي وغيره ولم يرد النفاق الذي هو إظهار الإيمان وإبطان الكفر

( وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه) معناه إن كنت فعلت ذنبا وليس ذلك لك بعادة وهذا أصل اللمم

( قلص ومعي) بفتح القاف واللام أي ارتفع لاستعظام الأمر

( فقلت لأبي أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال) تقصد بطلب الإجابة عنها تفويض الكلام إلى الكبار لأنهما أعرف بمقاصده وباللائق بالمواطن منها وردهما بأنهما لا يدريان ما يقولان أي ما عندهما من العلم بهذا الأمر لا يزيد على ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأنه سوى حسن الظن بها وفي رواية قال أبو بكر لا أفعل هو رسول الله والوحي يأتيه وفي رواية فأصبح أبواي عندي فلم يزالا حتى دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلى العصر وقد اكتنفني أبواي عن يميني وعن شمالي وفي رواية وقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس على سرير وجاهي

( قد سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم) في رواية حتى وقر في أنفسكم أي ثبت وزنا ومعنى

( ثم تحولت فاضجعت على فراشي) زاد في رواية ووليت وجهي نحو الجدر

( ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى) في رواية إسحاق يقرأ به في المساجد ويصلى به

( فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه) أي ما فارق مجلسه

( ولا خرج أحد من أهل البيت) الذين كانوا حينئذ حضورا

( فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي) بضم الباء وفتح الراء بعدها حاء ومد وهي شدة الحمى

وقيل شدة الكرب وقيل شدة الحر ومنه برح بي الهم إذا بلغ غايته

( حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق) ليتحدر أي لينصب والجمان بضم الجيم وتخفيف الميم حب يعمل من الفضة كاللؤلؤ شبهت قطرات عرقه صلى الله عليه وسلم بالجمان في الصفاء والحسن زاد في رواية قال أبو بكر فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخشى أن ينزل من السماء ما لا مرد له وأنظر إلى وجه عائشة فإذا هو منبسق أي صافي في اللون فيطمعني ذلك فيها وفي رواية ابن إسحاق فأما أنا فوالله ما فزعت قد عرفت أني بريئة وأن الله غير ظالمي وأما أبواي فما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما يقول الناس

( فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) بضم السين وتشديد الراء المكسورة أي كشف وأزيل

( وهو يضحك) جملة حالية وفي رواية فوالذي أكرمه وأنزل عليه الكتاب مازال يضحك حتى إني لأنظر إلى نواجذه سرورا ثم مسح وجهه

( فقالت لي أمي قومي إليه فقلت والله ما أقوم إليه ولا أحمد إلا الله هو الذي أنزل براءتي) وعند الطبري أحمد الله لا إياكما وفي رواية نحمد الله ولا نحمدكم وفي رواية ولا نحمدك ولا نحمد أصحابك وفي رواية فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فانتزعت يدي منه فنهرني أبو بكر وفي رواية قالت لما نزل عذرها قبل أبو بكر رأسها فقالت ألا عذرتني فقال أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت ما لا أعلم

{ { ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة } } [النور 22] أي لا يحلفوا والألية اليمين

( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري ما علمت أو ما رأيت فقالت يا رسول الله أحمي سمعي وبصري والله ما علمت إلا خيرا قالت عائشة وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع) تساميني تفاخرني وتضاهيني بجمالها ومكانها عند النبي صلى الله عليه وسلم من السمو وهو العلو ومعنى أحمي سمعي وبصري أي أصون سمعي من أن يدعي سماع شيء لم يسمعه وأصون بصري أن أدعي أني رأيت شيئا لم أره والمراد من الورع هنا المحافظة على الدين ومجانبة الزور

( وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها) حمنة بفتح الحاء وسكون الميم وكانت تحت طلحة بن عبيد الله أي جعلت تتعصب لها وشرعت تنشر الإفك عنها فتحكي ما يقول أهل الإفك لتنخفض منزلة عائشة وتعلو منزلة أختها زينب

( وأما المنافق عبد الله بن أبي فهو الذي كان يستوشيه ويجمعه وهو الذي تولى كبره وحمنة) يستوشيه أي يخرجه بالبحث والمسألة ثم يشيعه ويفشيه ويحركه

فقه الحديث

استنبط الإمام النووي من حديث الإفك أربعة وخمسين مأخذا نذكرها كما ذكرها

1- جواز رواية الحديث الواحد عن جماعة عن كل واحد قطعة مبهمة منه وقد أجمع المسلمون على قبوله والاحتجاج به

2- قال النووي الحديث دليل للشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء في العمل بالقرعة في القسم بين الزوجات وفي العتق والوصايا والقسمة ونحو ذلك وقد جاءت فيها أحاديث كثيرة في الصحيح مشهورة قال أبو عبيد عمل بها ثلاثة من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين يونس وزكريا ومحمد صلى الله عليه وسلم قال ابن المنذر استعمالها كالإجماع قال ولا معنى لقول من ردها والمشهور عن أبي حنيفة إبطالها وحكى عنه إجازتها قال ابن المنذر وغيره القياس تركها لكن عملنا بها للآثار

3- قال وفيه القرعة بين النساء عند إرادة السفر ببعضهن ولا يجوز أخذ بعضهم بغير قرعة هذا مذهبنا وبه قال أبو حنيفة وآخرون وهو رواية عن مالك وعنه رواية أن له السفر بمن شاء منهن بلا قرعة لأنها قد تكون أنفع له في طريقه والأخرى أنفع له في بيته وماله

4- أنه لا يجب قضاء ليالي السفر للنسوة المقيمات وهذا مجمع عليه إذا كان السفر طويلا وحكم السفر القصير حكم الطويل على المذهب الصحيح وخالف فيه بعض أصحابنا

5- جواز سفر الرجل بزوجته

6- جواز غزوهن

7- جواز ركوب النساء في الهوادج [على ظهر البعير حيث يكون مطيقا]

8- جواز خدمة الرجال لهن في تلك الأسفار

9- أن ارتحال العسكر يتوقف على أمر الأمير

10- جواز خروج المرأة لحاجة الإنسان بغير إذن الزوج وهذا من الأمور المستثناه

11- جواز لبس النساء القلائد في السفر كالحضر

12- أن من يركب المرأة البعير وغيره لا يكلمها إذا لم يكن محرما لها إلا لحاجة لأنهم حملوا الهودج ولم يكلموا من يظنونها فيه اهـ وفيه نظر لأنه لا يلزم من عدم كلامهن منع الكلام

13- فضيلة الاقتصار في الأكل للنساء وغيرهن وألا يكثر منه بحيث يهبله اللحم لأن هذا كان حالهن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وما كان في زمانه صلى الله عليه وسلم فهو الكامل الفاضل المختار اهـ وفيه نظر فقد كان هذا لقلة الطعام عندهم

14- جواز تأخر بعض الجيش ساعة ونحوها لحاجة تعرض له عن الجيش إذا لم يكن ضرورة إلى الاجتماع اهـ وهذا المأخذ غير واضح وفيه نظر لأن تأخر عائشة رضي الله عنها لم تقر عليه

15- إعانة الملهوف وعون المنقطع وإنقاذ الضائع وإكرام ذوي الأقدار

16- حسن الأدب مع الأجنبيات لا سيما في الخلوة بهن عند الضرورة في برية أو غيرها كما فعل صفوان من إبراكه الجمل من غير كلام ولا سؤال وأنه ينبغي أن يمشي قدامها لا بجنبها ولا وراءها

17- استحباب الإيثار بالركوب ونحوه

18- استحباب الاسترجاع عند المصائب سواء كانت في الدين أو في الدنيا وسواء كانت في نفسه أو فيمن يعز عليه

19- تغطية المرأة وجهها عن نظر الأجنبي سواء كان صالحا أو غيره اهـ وفيه نظر فإن لأمهات المؤمنين حجابا خاصا

20- جواز الحلف من غير استحلاف

21- يستحب أن يستر عن الإنسان ما يقال فيه إذا لم يكن في ذكره فائدة كما كتموا عن عائشة رضي الله عنها هذا الأمر شهرا

22- استحباب ملاطفة الرجل زوجته وحسن المعاشرة

23- أنه إذا عرض عارض بأن سمع عن زوجته شيئا أو نحو ذلك جاز التقليل من اللطف ونحوه لتفطن هي فتسأل عن سببه فتزيله

24- استحباب السؤال عن المريض

25- أنه يستحب للمرأة إذا أرادت الخروج لحاجة أن تكون معها رفيقة تستأنس بها ولئلا يتعرض لها أحد

26- كراهة الإنسان صاحبه أو قريبه إذا آذى أهل الفضل أو فعل قبيحا من القبائح كما فعلت أم مسطح مع ابنها ودعائها عليه

27- فضيلة أهل بدر والذب عنهم كما فعلت عائشة في ذبها عن مسطح

28- أن الزوجة لا تذهب إلى بيت أبويها إلا بإذن زوجها اهـ وفيه نظر فكونها استأذنت لا يلزم منه أن الاستئذان لازم لكن هناك أحاديث أخرى لا تخرج من بيته إلا بإذنه

29- جواز التعجب بلفظ التسبيح وقد تكرر في هذا الحديث وغيره

30- استحباب مشاورة الرجل بطانته وأهله وأصدقاءه فيما ينوبه من الأمور

31- جواز البحث والسؤال عن الأمور المسموعة عمن له به تعلق أما غيره فهو منهي عنه وهو تجسس وفضول

32- خطبة الإمام عند نزول أمر مهم

33- اشتكاء ولي الأمر للمسلمين من تعرض له بأذى في نفسه أو أهله واعتذاره فيما يريد أن يؤذيه به

34- فضائل ظاهرة لصفوان بن المعطل رضي الله عنه بما شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم وبفعله الجميل في إركاب عائشة رضي الله عنها وحسن أدبه في جملة القضية

35- فضيلة لسعد بن معاذ وأسيد بن حضير رضي الله عنهما

36- المبادرة إلى قطع الفتن والخصومات والمنازعات وتسكين الغضب

37- قبول التوبة والحث عليها

38- تفويض الكلام إلى الكبار دون الصغار لأنهم أعرف

39- جواز الاستشهاد بآيات القرآن العزيز ولا خلاف في أنه جائز

40- استحباب المبادرة بتبشير من تجددت له نعمة ظاهرة أو اندفعت عنه بلية ظاهرة

41- براءة عائشة رضي الله عنها من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافرا مرتدا بإجماع المسلمين قال ابن عباس وغيره لم تزن امرأة نبي من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين إكراما من الله لهم

42- تجديد شكر الله تعالى عند تجدد النعم

43- فضائل لأبي بكر رضي الله عنه في قوله تعالى { { ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة } } [النور 22]

44- استحباب صلة الأرحام وإن كانوا مسيئين

45- العفو والصفح عن المسيء

46- استحباب الصدقة والإنفاق في سبيل الله في الخيرات

47- أنه يستحب لمن حلف على يمين ورأى خيرا منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه

48- فضيلة زينب أم المؤمنين رضي الله عنها

49- التثبيت في الشهادة

50- إكرام المحبوب بمراعاة أصحابه ومن خدمه أو أطاعه كما فعلت عائشة بمراعاة حسان وإكرامه إكراما للنبي صلى الله عليه وسلم

51- أن الخطبة تبدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله

52- أنه يستحب في الخطب أن يقول بعد الحمد والثناء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والشهادتين أما بعد وقد كثرت فيه الأحاديث الصحيحة

53- غضب المسلمين عند انتهاك حرمة أميرهم واهتمامهم بدفع ذلك

54- جواز سب المتعصب لمبطل

55- ومن الرواية الثالثة براءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الريبة أما أمر النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بأن يقتل المتهم فقيل لعله كان منافقا ومستحقا للقتل بطريق آخر وجعل هذا محركا لقتله بنفاقه وغيره لا بالزنا وكف عنه علي رضي الله عنه اعتمادا على أن القتل بالزنا وقد علم انتفاء الزنا والله أعلم

ونقل الحافظ ابن حجر ذلك كله وزاد كثيرا نقتطف منه

56- جواز حكاية ما وقع للمرء من الفضل ولو كان فيه مدح ناس وذم ناس إذا تضمن إزالة توهم النقص عن الحاكي

57- واستعمال التوطئة فيما يحتاج إليه من الكلام

58- وأن الهودج يقوم مقام البيت في حجب المرأة

59- وشؤم الحرص على المال لأنها لو لم تطل التفتيش لرجعت بسرعة ولما حصل ما حصل

60- ومن فعل أبي بكر وزوجه أنه لا ينبغي لأهل المريض أن يعلموه بما يؤذيه

61- والتوقف في خبر الواحد ولو كان صادقا

62- وطلب الارتقاء من مرتبة الظن إلى مرتبة اليقين

63- واستشارة الأعلى لمن هو دونه

64- وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي

65- واحتمال أخف الضررين بزوال أغلظهما

66- وفضل احتمال الأذى

67- وأن الشدة إذا اشتدت أعقبها الفرج

68- وفضل من يفوض الأمر لربه

69- ووقوع المغفرة لمن أحسن إلى من أساء إليه أو صفح عنه

70- وذم الغيبة وذم سماعها وزجر من يتعاطاها لا سيما إذا تضمنت تهمة المؤمن بما لم يقع منه والله أعلم

ونأخذ من هذه الحادثة عبرا كثيرة منها

1- اتقاء مواطن الشبهات فإن ما حدث كان بسبب أن عائشة رضي الله عنها اعتمدت أكثر من اللازم على أنها أم المؤمنين وزوجة الرسول الأمين فلا يحوم حولها التهم واطمأنت للبراءة الواقعية فلم تحسب حسابا لقالة السوء ولم تقدر أن المنافقين يتربصون برسول الله صلى الله عليه وسلم مغمزا ليطعنوه

2- تقدير المسئولية واحتمال أخف الضررين ولو أن أم المؤمنين وازنت بين تخلفها عن الجيش وما يتبع ذلك من مخاوف وبين ترك العقد رأسا لاختارت الثاني

3- الدقة واليقظة فيما يعهد إلى الإنسان من مهام فلو أن المكلفين بهودج عائشة انتبهوا للتأكد من وجودها فيه لاختلفت النتيجة

4- الحذر من تلقف الحديث ونقله باللسان إلى ميدان آخر أو من أذن إلى أذن

5- التأسي بأم المؤمنين زينب بنت جحش إذ حاربت في نفسها شهوة استغلال الفرص للنيل من الخصم

6- الاستيثاق من الأخبار قبل العمل بموجبها وخصوصا إذا جاءت من متهم في موضوع الاتهام

7- النصح والمشورة بخير والإمساك عن الشر مهما اعتقد الناصح أن في ذلك المصلحة فإن مشورة علي رضي الله عنه ظل أثرها في نفس عائشة رضي الله عنها سنين طويلة رغم أنه لم يعمل بها والروايات كلها تجمع على أن عليا رضي الله عنه لم يدافع عن عائشة في الوقت الذي دافع عنها فيه كبار الصحابة بل تجمع على أنه أشار بطلاقها بطريق التصريح أو التلميح ومهما اعتذرنا عن هذا الموقف كما اعتذر العلماء المنصفون يبقى أنه لم يدافع عنها وهي غرقة في بحر التهم المظلم ولا يخالجني شك في أنه لم يقصد بمشورته إيذاء عائشة رضي الله عنها أو التشكيك فيها وإذا كان خصومه قد نظروا إلى تلك النصيحة بعد نزول الآيات ووضوح الحقيقة فحكموا عليها بالخطأ فهذه النظرة هي التي تجافي الصواب لأن القصة كلها كانت امتحانا وابتلاء للجميع وكان تيار الإفك جارفا ولم يقاومه المسلمون لعدم الأدلة عندهم حتى أبو بكر رضي الله عنه

8- علاج الأمور في الفتن باللين والحكمة والبعد عن العنف والشدة فإن الفتن عمياء صماء لا عقل لها فالضرب فيها يزيدها اشتعالا كالنار ضربها يزيدها التهابا وموتها في حصارها وكتم أنفاسها

9- الأدب في الدفاع عن النفس واستنفاد الجهد ثم اللجوء إلى الله تعالى

10- وللحب ضريبة يدفعها المحبوب وللنبوغ ضريبة يدفعها النابغ وكلما علا نجم المرء كثر حساده بمثل هذا هدأت أم رومان بنتها عائشة رضي الله عنهما

11- وأخيرا لكل حادثة من الحوادث جوانب خير وجوانب شر وقد شاءت حكمة الله ألا تصفو الخيرات من الشوائب إلا في الآخرة كما شاءت أن يبتلى المؤمن أكثر من الكافر والمؤمن العاقل إذا أصابه خير لم يفرح به فرح البطر الأشر وإذا أصابه شر استرجع وحمد الله وتدبر فضل الله في هذا الابتلاء

ويعجبني قول أهل الحقيقة ما أصابني شر إلا عرفت فضل الله علي فيه في أربع فحمدت الله تعالى على كل منها

الأولى أحمد الله على أن مصيبتي لم تكن في ديني

الثانية أحمد الله أنها لم تكن أكبر من ذلك

الثالثة أحمد الله على أن الله منحني الصبر عليها وتحملها

الرابعة أحمد الله لما فيها من أجر أخره عنده

ومن هنا قال الله تعالى للمؤمنين عن حادث الإفك { { لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم } } [النور 11] وفقنا الله للإيمان بالقضاء والصبر على الضراء والشكر على السراء إنه سميع مجيب

والله أعلم.