هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6159 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ : حَدَّثَنَا : أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ : يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ المَجْلِ ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ ، فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ ، فَيُقَالُ : إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلًا أَمِينًا ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ : مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمُ ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ ، فَأَمَّا اليَوْمَ : فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلاَنًا وَفُلاَنًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6159 حدثنا محمد بن كثير ، أخبرنا سفيان ، حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، حدثنا حذيفة ، قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين ، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر : حدثنا : أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، ثم علموا من القرآن ، ثم علموا من السنة وحدثنا عن رفعها قال : ينام الرجل النومة ، فتقبض الأمانة من قلبه ، فيظل أثرها مثل أثر الوكت ، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل المجل ، كجمر دحرجته على رجلك فنفط ، فتراه منتبرا وليس فيه شيء ، فيصبح الناس يتبايعون ، فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة ، فيقال : إن في بني فلان رجلا أمينا ، ويقال للرجل : ما أعقله وما أظرفه وما أجلده ، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت ، لئن كان مسلما رده علي الإسلام ، وإن كان نصرانيا رده علي ساعيه ، فأما اليوم : فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Hudhaifa:

Allah's Messenger (ﷺ) narrated to us two narrations, one of which I have seen (happening) and I am waiting for the other. He narrated that honesty was preserved in the roots of the hearts of men (in the beginning) and then they learnt it (honesty) from the Qur'an, and then they learnt it from the (Prophet's) Sunna (tradition). He also told us about its disappearance, saying, A man will go to sleep whereupon honesty will be taken away from his heart, and only its trace will remain, resembling the traces of fire. He then will sleep whereupon the remainder of the honesty will also be taken away (from his heart) and its trace will resemble a blister which is raised over the surface of skin, when an ember touches one's foot; and in fact, this blister does not contain anything. So there will come a day when people will deal in business with each other but there will hardly be any trustworthy persons among them. Then it will be said that in such-and-such a tribe there is such-and-such person who is honest, and a man will be admired for his intelligence, good manners and strength, though indeed he will not have belief equal to a mustard seed in his heart. The narrator added: There came upon me a time when I did not mind dealing with anyone of you, for if he was a Muslim, his religion would prevent him from cheating; and if he was a Christian, his Muslim ruler would prevent him from cheating; but today I cannot deal except with so-and-so and so-and-so. (See Hadith No. 208, Vol. 9)

":"ہم سے محمد بن کثیر نے بیان کیا ، کہا ہم کو سفیان ثوری نے خبر دی ، کہا ہم سے اعمش نے بیان کیا ، کہاان سے زید بن وہب نے ، کہا ہم سے حضرت حذیفہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہہم سے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے دوحدیثیں ارشاد فرمائیں ۔ ایک کا ظہور تو میں دیکھ چکا ہوں اور دوسری کا منتظر ہوں ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے ہم سے فرمایا کہ امانت لوگوں کے دلوں کی گہرائیوں میں اترتی ہے ۔ پھر قرآن شریف سے ۔ پھر حدیث شریف سے اس کی مضبوطی ہوتی جاتی ہے اور آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے ہم سے اس کے اٹھ جانے کے متعلق ارشاد فرمایا کہ ” آدمی ایک نیند سوئے گا اور ( اسی میں ) امانت اس کے دل سے ختم ہوئے گی اور اس بیایمانی کا ہلکا نشان پڑ جائے گا ۔ پھر ایک اور نیند لے گا اب اس کا نشان چھالے کی طرح ہو جائے گاجیسے تو پاؤں پر ایک چنگاری لڑھکائے تو ظاہر میں ایک چھالا پھول آتا ہے اس کو پھولا دیکھتا ہے ، پر اندر کچھ نہیں ہوتا ۔ پھر حال یہ ہو جائے گا کہ صبح اٹھ کر لوگ خریدوفروخت کریں گے اور کوئی شخص امانت دار نہیں ہو گا ۔ کہا جائے گا کہ بنی فلاں میں ایک امانت دار شخص ہے ۔ کسی شخص کے متعلق کہا جائے گا کہ کتنا عقلمند ہے ، کتنا بلند حوصلہ ہے اور کتنا بہادر ہے ۔ حالانکہ اس کے دل میں رائی برابر بھی ایمان ( امانت ) نہیں ہو گا ۔ “ ( حضرت حذیفہ رضی اللہ عنہ کہتے ہیں ) میں نے ایک ایسا وقت بھی گذارا ہے کہ میں اس کی پروا نہیں کرتا تھا کہ کس سے خریدوفروخت کرتا ہوں ۔ اگر وہ مسلمان ہوتا تو اس کو اسلام ( بیایمانی سے ) روکتا تھا ۔ اگر وہ نصرانی ہوتا تو اس کا مددگار اسے روکتا تھا لیکن اب میں فلاں اور فلاں کے سوا کسی سے خریدوفروخت ہی نہیں کرتا ۔

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    [ قــ :6159 ... غــ :6497] .

     قَوْلُهُ  وَلَا يَكَادُ أَحَدُهُمْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَحَدٌ بِغَيْرِ ضَمِيرٍ .

     قَوْلُهُ  مِنْ إِيمَانٍ قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمَانَةِ فِي الْحَدِيثِ الْإِيمَانُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَكَرَ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا لَازِمَةَ الْإِيمَانِ .

     قَوْلُهُ  بَايَعْت قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَأَوَّلَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى بَيْعَةِ الْخِلَافَةِ وَهَذَا خَطَأٌ وَكَيف يَكُونُ وَهُوَ يَقُولُ إِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَى سَاعِيهِ فَهَلْ يُبَايَعُ النَّصْرَانِيُّ عَلَى الْخِلَافَةِ وَإِنَّمَا أَرَادَ مُبَايَعَةَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ .

     قَوْلُهُ  رَدَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بِالْإِسْلَامِ بِزِيَادَةِ مُوَحَّدَةٍ .

     قَوْلُهُ  نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَى سَاعِيهِ أَيْ وَالِيهِ الَّذِي أُقِيمَ عَلَيْهِ لِيُنْصَفَ مِنْهُ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ السَّاعِي فِي وُلَاةِ الصَّدَقَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ هُنَا الَّذِي يَتَوَلَّى قَبْضَ الْجِزْيَةِ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمَّى اثْنَيْنِ مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالْأَمَانَةِ إِذْ ذَاكَ فأبهمهما الرَّاوِي وَالْمعْنَى لست اثق بِأحد آتمنه عَلَى بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا .

     قَوْلُهُ  قَالَ الْفَرَبْرِيُّ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَأَبُو جَعْفَرٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ هُنَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الْبُخَارِيُّ وَرَّاقُ الْبُخَارِيِّ أَيْ نَاسِخُ كُتُبِهِ وَقَولُهُ حَدَّثْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُرِيدُ الْبُخَارِيَّ وَحَذَفَ مَا حَدَّثَهُ بِهِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لَهُ حِينَئِذٍ وَقَولُهُ فَقَالَ سَمِعْتُ الْقَائِلُ هُوَ الْبُخَارِيُّ وَشَيْخُهُ أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ هُوَ الْبَلْخِيُّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ وَأَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ هُوَ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ الْمَشْهُورُ صَاحِبُ كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنَ التَّصَانِيفِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ وَكَذَا الْأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو وَقَولُهُ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ هُوَ عَبْدُ الْملك بن قريب وَأَبُو عَمْرو هُوَ بن الْعَلَاءِ .

     قَوْلُهُ  وَغَيْرهمَا ذَكَرَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيِّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ سُفْيَانُ الْجَذْرُ الْأَصْلُ .

     قَوْلُهُ  الْجَذْرُ الْأَصْلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ اتَّفَقُوا عَلَى التَّفْسِيرِ وَلَكِنْ عِنْدَ أَبِي عَمْرٍو أَنَّ الْجِذْرَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَعِنْدَ الْأَصْمَعِيِّ بِفَتْحِهَا .

     قَوْلُهُ  وَالْوَكْتُ أَثَرُ الشَّيْءِ الْيَسِيرُ مِنْهُ هَذَا مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدٍ أَيْضًا وَهُوَ أَخَصُّ مِمَّا تَقَدَّمَ لِتَقْيِيدِهِ باليسير الحَدِيث الثَّالِث حَدِيث بن عمر وَسَنَده مَعْدُودٌ فِي أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً فَعَلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ وَبِغَيْرِ تَكَادُ فَالْمَعْنَى لَا تَجِدُ فِي مِائَةِ إِبِلٍ رَاحِلَةً تَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ لِأَنَّ الَّذِي يَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَطِيئًا سَهْلَ الِانْقِيَادِ وَكَذَا لَا تَجِدُ فِي مِائَةٍ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَصْلُحُ لِلصُّحْبَةِ بِأَنْ يُعَاوِنَ رَفِيقَهُ وَيُلِينَ جَانِبَهُ وَالرِّوَايَةُ بِإِثْبَاتِ لَا تَكَادُ أَوْلَى لِمَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الْمَعْنَى وَمُطَابَقَةِ الْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ مَعْنَى الْأَوَّلِ يَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ وَيُحْمَلُ النَّفْيُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَعَلَى أَنَّ النَّادِرَ لَا حُكْمَ لَهُ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ الْعَرَبُ تَقُولُ لِلْمِائَةِ مِنَ الْإِبِلِ إِبِلٌ يَقُولُونَ لِفُلَانٍ إِبِلٌ أَيْ مِائَةُ بَعِيرٍ وَلِفُلَانٍ إِبِلَانِ أَيْ مِائَتَانِ.

قُلْتُ فَعَلَى هَذَا فَالرِّوَايَةُ الَّتِي بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ يَكُونُ .

     قَوْلُهُ  مِائَةٌ تَفْسِيرًا لِقولِهِ إِبِلٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَإِبِلٍ أَيْ كَمِائَةِ بَعِيرٍ وَلَمَّا كَانَ مُجَرَّدُ لَفْظِ إِبِلٍ لَيْسَ مَشْهُور الِاسْتِعْمَال فِي الْمِائَة ذكر الْمِائَة توضحيا ورفعا لِلْإِلْبَاسِ.
وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَاللَّامُ لِلْجِنْسِ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ الْإِبِلُ اسْمُ مِائَةِ بَعِيرٍ فَ.

     قَوْلُهُ  كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ الْمُرَادُ بِهِ عَشَرَةُ آلَافٍ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ كَالْمِائَةِ الْمِائَةِ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ عَلَى تَسْلِيمِ قَوْلِهِ لَا يَلْزَمُ مَا قَالَ إِنَّ الْمُرَادَ عَشَرَةُ آلَافٍ بَلِ الْمِائَةُ الثَّانِيَةُ لِلتَّأْكِيدِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ النَّاسَ فِي أَحْكَامِ الدِّينِ سَوَاءٌ لافضل فِيهَا لِشَرِيفٍ عَلَى مَشْرُوفٍ وَلَا لِرَفِيعٍ عَلَى وَضِيعٍ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ الَّتِي لَا يَكُونُ فِيهَا رَاحِلَةٌ وَهِيَ الَّتِي تُرَحَّلُ لِتُرْكَبَ وَالرَّاحِلَةُ فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ كُلُّهَا حَمُولَةٌ تَصْلُحُ لِلْحَمْلِ وَلَا تَصْلُحُ لِلرَّحْلِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا وَالثَّانِي أَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ أَهْلُ نَقْصٍ.
وَأَمَّا أَهْلُ الْفَضْلِ فَعَدَدُهُمْ قَلِيلٌ جِدًّا فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الرَّاحِلَةِ فِي الْإِبِل الحمولة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ.

قُلْتُ وَأَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ فِي تَسْوِيَةِ الْقَاضِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ أَخْذًا بالتأويل الأول وَنقل عَن بن قُتَيْبَةَ أَنَّ الرَّاحِلَةَ هِيَ النَّجِيبَةُ الْمُخْتَارَةُ مِنَ الْإِبِلِ لِلرُّكُوبِ فَإِذَا كَانَتْ فِي إِبِلٍ عُرِفَتْ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ النَّاسَ فِي النَّسَبِ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ الَّتِي لَا رَاحِلَةَ فِيهَا فَهِيَ مُسْتَوِيَةٌ.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِيُّ الرَّاحِلَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الذَّكَرُ النَّجِيبُ وَالْأُنْثَى النَّجِيبَةُ وَالْهَاءُ فِي الرَّاحِلَةِ لِلْمُبَالَغَةِ قَالَ وَقَول بن قُتَيْبَةَ غَلَطٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّاهِدَ فِي الدُّنْيَا الْكَامِلَ فِيهِ الرَّاغِبَ فِي الْآخِرَةِ قَلِيلٌ كَقِلَّةِ الرَّاحِلَةِ فِي الْإِبِلِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ هَذَا أَجْوَدُ وَأَجْوَدُ مِنْهُمَا قَوْلُ آخَرِينَ إِنَّ الْمَرْضِيَّ الْأَحْوَالِ مِنَ النَّاسِ الْكَامِلَ الْأَوْصَافِ قَلِيلٌ.

قُلْتُ هُوَ الثَّانِي إِلَّا أَنَّهُ خَصَّصَهُ بِالزَّاهِدِ وَالْأَوْلَى تَعْمِيمُهُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ الَّذِي يُنَاسِبُ التَّمْثِيلَ أَنَّ الرَّجُلَ الْجَوَادَ الَّذِي يَحْمِلُ أَثْقَالَ النَّاسِ وَالْحُمَالَاتِ عَنْهُمْ وَيَكْشِفُ كُرَبَهُمْ عَزِيزُ الْوُجُودِ كالراحلة فِي الْإِبِل الْكَثِيرَة.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ النَّاسَ كَثِيرٌ وَالْمَرْضِيَّ مِنْهُمْ قَلِيلٌ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَوْمَأَ الْبُخَارِيُّ بِإِدْخَالِهِ فِي بَابِ رَفْعِ الْأَمَانَةِ لِأَنَّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ فَالِاخْتِيَارُ عَدَمُ مُعَاشَرَتِهِ وَأَشَارَ بن بَطَّالٍ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّاسِ فِي الْحَدِيثِ مَنْ يَأْتِي بَعْدَ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم حَيْثُ يصيرون يخونون وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَنَقَلَ الْكِرْمَانِيُّ هَذَا عَنْ مُغْلَطَايْ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ كَلَامُهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْزُهُ فَقَالَ لَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا التَّخْصِيصِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَفَّارِ وَالله اعْلَم