هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6192 حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَقُولُ اللَّهُ : يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، قَالَ : يَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ ، قَالَ : وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ، فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ ( وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ ؟ قَالَ : أَبْشِرُوا ، فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا وَمِنْكُمْ رَجُلٌ ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ قَالَ : فَحَمِدْنَا اللَّهَ وَكَبَّرْنَا ، ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي الأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ ، أَوِ الرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الحِمَارِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6192 حدثني يوسف بن موسى ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله : يا آدم ، فيقول : لبيك وسعديك والخير في يديك ، قال : يقول : أخرج بعث النار ، قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين ، فذاك حين يشيب الصغير ( وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكرى وما هم بسكرى ولكن عذاب الله شديد ) فاشتد ذلك عليهم فقالوا : يا رسول الله ، أينا ذلك الرجل ؟ قال : أبشروا ، فإن من يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجل ثم قال : والذي نفسي بيده ، إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة قال : فحمدنا الله وكبرنا ، ثم قال : والذي نفسي بيده ، إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة ، إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود ، أو الرقمة في ذراع الحمار
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Sa`id:

The Prophet (ﷺ) said, Allah will say, 'O Adam!. Adam will reply, 'Labbaik and Sa`daik (I respond to Your Calls, I am obedient to Your orders), wal Khair fi Yadaik (and all the good is in Your Hands)!' Then Allah will say (to Adam), Bring out the people of the Fire.' Adam will say, 'What (how many) are the people of the Fire?' Allah will say, 'Out of every thousand (take out) nine hundred and ninety-nine (persons).' At that time children will become hoary-headed and every pregnant female will drop her load (have an abortion) and you will see the people as if they were drunk, yet not drunk; But Allah's punishment will be very severe. That news distressed the companions of the Prophet (ﷺ) too much, and they said, O Allah's Messenger (ﷺ)! Who amongst us will be that man (the lucky one out of one-thousand who will be saved from the Fire)? He said, Have the good news that one-thousand will be from Gog and Magog, and the one (to be saved will be) from you. The Prophet (ﷺ) added, By Him in Whose Hand my soul is, I Hope that you (Muslims) will be one third of the people of Paradise. On that, we glorified and praised Allah and said, Allahu Akbar. The Prophet (ﷺ) then said, By Him in Whose Hand my soul is, I hope that you will be one half of the people of Paradise, as your (Muslims) example in comparison to the other people (non-Muslims), is like that of a white hair on the skin of a black ox, or a round hairless spot on the foreleg of a donkey.

":"مجھ سے یوسف بن موسیٰ قطان نے بیان کیا ، کہا ہم سے جریر بن عبدالحمید نے بیان کیا ، ان سے اعمش نے ، ان سے ابوصالح نے اور ان سے ابو سعید خدری رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اللہ تعالیٰ فرمائے گا اے آدم ! آدم علیہ السلام کہیں گے حاضر ہوں فرماں بردار ہوں اور ہربھلائی تیرے ہاتھ میں ہے ۔ اللہ تعالیٰ فرمائے گا جو لوگ جہنم میں ڈالے جائیں گے انہیں نکال لو ۔ آدم علیہ السلام پوچھیں گے جہنم میں ڈالے جانے والے لوگ کتنے ہیں ؟ اللہ تعالیٰ فرمائے گا کہ ہر ایک ہزار میں سے نو سو ننانوے ۔ یہی وہ وقت ہو گا جب بچے غم سے بوڑھے ہو جائیں گے اور حاملہ عورتیں اپنا حمل گرادیں گی اور تم لوگوں کو نشہ کی حالت میں دیکھوگے ، حالانکہ وہ واقعی نشہ کی حالت میں نہ ہوں گے بلکہ اللہ کا عذاب سخت ہو گا ۔ صحابہ کو یہ بات بہت سخت معلوم ہوئی تو انہوں نے عرض کیا یا رسول اللہ ! پھر ہم میں سے وہ ( خوش نصیب ) شخص کون ہو گا ؟ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ تمہیں خوشخبری ہو ، ایک ہزار یاجوج ماجوج کی قوم سے ہوں گے ۔ اور تم میں سے وہ ایک جنتی ہو گا پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اس ذات کی قسم جس کے ہاتھ میں میری جان ہے ، مجھے امید ہے کہ تم لوگ اہل جنت کا ایک تہائی حصہ ہو گے ۔ راوی نے بیان کیا کہ ہم نے اس پر اللہ کی حمد بیان کی اور اس کی تکبیر کہی ۔ پھر آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ، اس ذات کی قسم جس کے ہاتھ میں میری جان ہے مجھے امید ہے کہ آدھا حصہ اہل جنت کا تم لوگ ہو گے ۔ تمہاری مثال دوسری امتوں کے مقابلہ میں ایسی ہے جیسے کسی سیاہ بیل کے جسم پر سفید بالوں کی ( معمولی تعداد ) ہوتی ہے یا وہ سفید داغ جو گدھے کے آگے کے پاؤں پر ہوتا ہے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6530] قَوْله جرير هُوَ بن عَبْدِ الْحَمِيدِ .

     قَوْلُهُ  عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَحَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحَجِّ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ وَهُوَ ذَكْوَانُ وَأَبُو سَعِيدٍ هُوَ الْخُدْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  يَقُولُ اللَّهُ كَذَا وَقَعَ لِلْأَكْثَرِ غَيْرَ مَرْفُوعٍ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ بِإِثْبَاتِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا وَقَعَ لِمُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ بِسَنَدِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ وَحَفْصٍ وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ خِطَابَ آدَمَ بِذَلِكَ أَوَّلُ شَيْءٍ يَقَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَفْظُهُ أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فتراأى ذُرِّيَّتُهُ بِمُثَنَّاةٍ وَاحِدَةٍ وَمَدٍّ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ ممالة وَأَصله فتتراأي فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ وتراأى الشَّخْصَانِ تَقَابَلَا بِحَيْثُ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رُؤْيَةِ الْآخَرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ من طَرِيق الدَّرَاورْدِي عَن ثَوْر فتتراأي لَهُ ذُرِّيَّتُهُ عَلَى الْأَصْلِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيُقَالُ هَذَا أَبُوكُمْ وَفِي رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ فَيَقُولُونَ هَذَا أَبُوكُمْ .

     قَوْلُهُ  فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْخَيْرِ نَوْعُ تَعْطِيفٍ وَرِعَايَةٌ لِلْأَدَبِ وَإِلَّا فَالشَّرُّ أَيْضًا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ كَالْخَيْرِ .

     قَوْلُهُ  أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ نَصِيبَ بَدَلَ بَعْثَ وَالْبَعْثُ بِمَعْنَى الْمَبْعُوثِ وَأَصْلُهَا فِي السَّرَايَا الَّتِي يَبْعَثُهَا الْأَمِيرُ إِلَى جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ لِلْحَرْبِ وَغَيْرِهَا وَمَعْنَاهَا هُنَا مَيِّزْ أَهْلَ النَّارِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا خَصَّ بِذَلِكَ آدَمَ لِكَوْنِهِ وَالِدَ الْجَمِيعِ وَلِكَوْنِهِ كَانَ قَدْ عَرَفَ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَقَدْ رَآهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَعَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَنْ شِمَالِهِ أَسْوِدَةٌ الْحَدِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث الْإِسْرَاء وَقد أخرج بن أَبِي الدُّنْيَا مِنْ مُرْسَلِ الْحَسَنِ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ لِآدَمَ يَا آدَمُ أَنْتَ الْيَوْمَ عَدْلٌ بَيْنِي وَبَيْنَ ذُرِّيَّتِكَ قُمْ فَانْظُرْ مَا يُرْفَعُ إِلَيْكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ الْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى شَيْءٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ وَمَا بَعْثُ النَّارِ أَيْ وَمَا مِقْدَارُ مَبْعُوثِ النَّارِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ كَمْ أُخْرِجُ .

     قَوْلُهُ  مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَكَذَا فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثَ ثَوْرٍ يَعْنِي رَاوِيهِ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَمًا.

.

قُلْتُ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ غَيْرَهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ نَحْوَهُ وَفِي أَوَّلِهِ زِيَادَةٌ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَرَفَعَ صَوْتَهُ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ يَا أَيهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم إِلَى شَدِيدٌ فَحَثَّ أَصْحَابُهُ الْمَطِيَّ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ ذَاكَ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ ذَاكَ يَوْمٌ يُنَادِي اللَّهُ آدَمَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَصَحَّحَهُ وَكَذَا الْحَاكِمُ وَهَذَا سِيَاقُ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ عَنْهُ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَنَقَلَ عَنِ الذُّهْلِيِّ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى هِيَ الْمَحْفُوظَةُ وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى ثَقِيلَةٌ عَن عِكْرِمَةعَن بن عَبَّاسٍ قَالَ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَكَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ رَفَعَهُ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ وَفِيهِ فَيُقَالُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَذَاكَ يَوْمٌ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبَا وَكَذَا رَأَيْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِمِثْلِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ رُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ طَلْحَةَ بْنِ الصَّقْرِ وَأخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى نَحْوَهُ فَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ وَلَمْ يَسْتَحْضِرِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُتَابِعًا وَقَدْ ظَفِرْتُ بِهِ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ الْهِجْرِيِّ وَفِيهِ مَقَالٌ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَا اعْتِبَارَ لَهُ فَالتَّخْصِيصُ بِعَدَدٍ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْعَدَدَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ تَقْلِيلُ عَدَدِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَكْثِيرُ عَدَدِ الْكَافِرِينَ.

.

قُلْتُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الْأَوَّلِ تَقْدِيمُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَإِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى زِيَادَةٍ فَإِنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَدُلُّ عَلَى عَشَرَةٍ فَالْحُكْمُ لِلزَّائِدِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الْأَخِيرِ أَنْ لَا يُنْظَرَ إِلَى الْعَدَدِ أَصْلًا بَلِ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْلِيلِ الْعَدَدِ وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ أُخَرَ وَهُوَ حَمْلُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى جَمِيعِ ذُرِّيَّةِ آدَمَ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَحَمْلُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى مَنْ عَدَا يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ عَشَرَةٌ وَيُقَرِّبُ ذَلِكَ أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ذَكَرُوا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ دُونَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ يَتَعَلَّقُ بِالْخَلْقِ أَجْمَعِينَ وَالثَّانِي بِخُصُوصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَيُقَرِّبُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا اخذ منا لَكِن فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا أُمَّتِي جُزْءٌ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَقَعَ الْقِسْمَةُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمِ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَمَرَّةً مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ فَقَطْ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ عَشَرَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِبَعْثِ النَّارِ الْكُفَّارَ وَمَنْ يَدْخُلُهَا مِنَ الْعُصَاةِ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ كَافِرًا وَمَنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ عَاصِيًا وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ وَسَاقَ إِلَى قَوْله قَوْلِهِ شَدِيد ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ فِي الْمَوْقِفِ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ لَا حَمْلَ فِيهِ وَلَا وَضْعَ وَلَا شَيْبَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّ ذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَكِنَّ الْحَدِيثَ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَالتَّهْوِيلِ وَسَبَقَ إِلَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فَقَالَ فِيهِ وَجْهَانِ لِلْعُلَمَاءِ فَذَكَرَهُمَا.

     وَقَالَ  التَّقْدِيرُ أَنَّ الْحَالَ يَنْتَهِي إِلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ النِّسَاءُ حِينَئِذٍ حَوَامِلَ لَوَضَعَتْ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ أَصَابَنَا أَمْرٌ يَشِيبُ مِنْهُ الْوَلِيدُ وَأَقُولُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ فَتُبْعَثُ الْحَامِلُ حَامِلًا وَالْمُرْضِعُ مُرْضِعَةً وَالطِّفْلُ طِفْلًا فَإِذَا وَقَعَتْ زَلْزَلَةُ السَّاعَةِ وَقِيلَ ذَلِكَ لِآدَمَ وَرَأَى النَّاسُ آدَمَ وَسَمِعُوا مَا قِيلَ لَهُ وَقَعَ بِهِمْ مِنَ الْوَجَلِ مَا يَسْقُطُ مَعَهُ الْحَمْلُ وَيَشِيبُ لَهُ الطِّفْلُ وَتَذْهَلُ بِهِ الْمُرْضِعَةُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ وَيَكُونُ خَاصًّا بِالْمَوْجُودِينَ حِينَئِذٍ وَتَكُونُ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فَذَاكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْآيَةِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ مَا يُتَخَيَّلُ مِنْ طُولِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ قِيَامِ السَّاعَةِ وَاسْتِقْرَارِ النَّاسِ فِي الْمَوْقِفِ وَنِدَاءِ آدَمَ لِتَمْيِيزِ أَهْلِ الْمَوْقِفِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ مُتَقَارِبًا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذا هم بالساهرة يَعْنِي أَرْضَ الْمَوْقِفِ.

     وَقَالَ  تَعَالَى يَوْمًا يَجْعَلُ الْولدَان شيبا السَّمَاء منفطر بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُطْلَقُ عَلَى مَا بَعْدَ نَفْخَةِ الْبَعْثِ مِنْ أَهْوَالٍ وَزَلْزَلَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَى آخِرِ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّار وَقَرِيبمِنْهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِلَى أَنْ ذَكَرَ النَّفْخَ فِي الصُّورِ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ فَذَكَرَهُ قَالَ فَذَاكَ يَوْمٌ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ الطَّوِيلِ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ وَغَيْرِهِ مَا يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ النَّفْخِ فِي الصُّورِ وَفِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ مَا فِي بُطُونِهَا وَتَشِيبُ الْوِلْدَانُ وَتَتَطَايَرُ الشَّيَاطِينُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتِ الْأَرْضُ فَيَأْخُذُهُمْ لِذَلِكَ الْكَرْبُ وَالْهَوْلُ ثُمَّ تَلَا الْآيَتَيْنِ مِنْ أَوَّلِ الْحَجِّ الْحَدِيثَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ هَذَا الحَدِيث صَححهُ بن الْعَرَبِيِّ فَقَالَ يَوْمُ الزَّلْزَلَةِ يَكُونُ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى وَفِيهِ مَا يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ الْعَظِيمَةِ وَمَنْ جُمْلَتِهَا مَا يُقَالُ لِآدَمَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى بَلْ لَهُ مَحْمَلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ آخِرُ الْكَلَامِ مَنُوطًا بِأَوَّلِهِ وَالتَّقْدِيرُ يُقَالُ لِآدَمَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ الَّذِي يَشِيبُ فِيهِ الْوِلْدَانُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ شَيْبُ الْوِلْدَانِ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى حَقِيقَةً وَالْقَوْلُ لِآدَمَ يَكُونُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ إِخْبَارًا عَنْ شِدَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عَيْنُ ذَلِكَ الشَّيْءِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ حِينَ يَقَعُ لَا يُهِمُّ كُلَّ أَحَدٍ إِلَّا نَفْسُهُ حَتَّى إِنَّ الْحَامِلَ تُسْقِطُ مِنْ مِثْلِهِ وَالْمُرْضِعَةُ إِلَخْ وَنُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمَعْنَى أَنْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ مُرْضِعَةٌ لَذَهَلَتْ وَذَكَرَ الْحَلِيمِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْيِيَ اللَّهُ حِينَئِذٍ كُلَّ حَمْلٍ كَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ وَنُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ فَتَذْهَلُ الْأُمُّ حِينَئِذٍ عَنْهُ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ على ارضاعه إِذْ لَا غذَاء هُنَاكَ وَلَا لَبَنَ.

.
وَأَمَّا الْحَمْلُ الَّذِي لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّهُ إِذَا سَقَطَ لَمْ يَحْيَى لِأَنَّ ذَلِكَ يَوْمُ الْإِعَادَةِ فَمَنْ لَمْ يَمُتْ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَحْيَى فِي الْآخِرَةِ .

     قَوْلُهُ  فَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِم فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْمِ وَوَقَعَتْ عَلَيْهِمُ الْكَآبَةُ وَالْحُزْنُ وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ من رِوَايَة بن جُدْعَانَ عَنِ الْحَسَنِ فَأَنْشَأَ الْمُؤْمِنُونَ يَبْكُونَ وَمِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ فَنُبِسَ الْقَوْمُ حَتَّى مَا أَبْدَوْا بِضَاحِكَةٍ وَنُبِسَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ مَعْنَاهُ تَكَلَّمَ فَأَسْرَعَ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ وَفِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ عَن قَتَادَة عِنْد بن مَرْدَوَيْهِ أَبْلَسُوا وَكَذَا لَهُ نَحْوُهُ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنِ الْحَسَنِ .

     قَوْلُهُ  وَأَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ قَالَ الطِّيبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَكَانَ حَقَّ الْجَوَابِ أَنَّ ذَلِكَ الْوَاحِدَ فُلَانٌ أَوْ مَنْ يَتَّصِفُ بِالصِّفَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْظَامًا لِذَلِكَ الْأَمْرِ وَاسْتِشْعَارًا لِلْخَوْفِ مِنْهُ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الْجَوَابُ بِقَوْلِهِ أَبْشِرُوا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَمَاذَا يَبْقَى وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَبَكَى أَصْحَابُهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَبْشِرُوا فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ مِثْلَهُ وللترمذي من طَرِيق بن جُدْعَانَ قَارِبُوا وَسَدِّدُوا وَنَحْوَهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا وَمِنْكُمْ رَجُلٌ ظَاهِرُهُ زِيَادَةُ وَاحِدٍ عَمَّا ذَكَرَ مِنْ تَفْصِيلِ الْأَلْفِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جَبْرِ الْكَسْرِ وَالْمُرَادُ أَنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ أَوْ أَلْفًا إِلَّا وَاحِدًا.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَمِنْكُمْ رَجُلٌ تَقْدِيرُهُ وَالْمُخْرَجُ مِنْكُمْ أَوْ وَمِنْكُمْ رَجُلٌ مُخْرَجٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا بِالنَّصْبِ فِيهِمَا عَلَى الْمَفْعُولِ بِإِخْرَاجِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ أَيْ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ كَذَا وَرَوَى بِالرَّفْعِ عَلَى خَبَرِ إِنَّ وَاسْمِهَا مُضْمَرٌ قَبْلَ الْمَجْرُورِ أَيْ فَإِنَّ الْمُخْرَجَ مِنْكُمْ رَجُلٌ.

.

قُلْتُ وَالنَّصْبُ أَيْضًا عَلَى اسْمِ إِنَّ صَرِيحًا فِي الْأَوَّلِ وَبِتَقْدِيرٍ فِي الثَّانِي وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الَّذِي قَالَهُ فَإِنَّ فِيهِ تَكَلُّفًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِالرَّفْعِ فِي أَلْفٍ وَحْدَهُ وَبِالنَّصْبِ فِي رَجُلًا وَلِأَبِي ذَرٍّ بِالْعَكْسِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَافِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنَّهُ فَحَذَفَ الْهَاءَ وَهِيَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ كَثِيرًا وَوَقَعَ فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا أُمَّتِي جُزْءٌ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ قَالَ الطِّيبِيُّ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ دَاخِلُونَ فِي الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ وَالْوَعِيدِ كَمَا يَدُلُّ .

     قَوْلُهُ  رُبُعُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى أَنَّ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَيْضًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ .

     قَوْلُهُ  مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ أَيْ مِنْهُمْ وَمِمَّنْ كَانَ عَلَى الشِّرْكِ مِثْلَهُمْ وَقَولُهُ وَمِنْكُمْ رَجُلٌ يَعْنِي مِنْ أَصْحَابِهِ وَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا مِثْلَهُمْ.

.

قُلْتُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِقَوْلِهِ مِنْكُمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ بِقَوْلِهِ إِنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَكَذَا فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ فَقَدْ تقدم أَن الْقِصَّة الَّتِي فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَقَعَتْ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَقَعَتْ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَائِرٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن بن عَبَّاسٍ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرِهِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَمِثْلُهُ فِي مُرْسَلِ مُجَاهِدٍ عِنْدَ الْخَطِيبِ فِي الْمُبْهَمَاتِ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي بَابُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ حَفِظَ فِيهِ مَا لَمْ يَحْفَظِ الْآخَرُ إِلَّا أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ كَانَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَاهٍ وَالصَّحِيحُ مَا فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِمِنًى.

.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي قُبَّتِهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عِمْرَانَ بِأَنَّ تِلَاوَتَهُ الْآيَةَ وَجَوَابَهُ عَنْهَا اتَّفَقَ أَنَّهُ كَانَ وَهُوَ سَائِرٌ ثُمَّ .

     قَوْلُهُ  إِنِّي لَأَطْمَعُ إِلَخْ وَقَعَ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ وَقَعَدَ بِالْقُبَّةِ.

.
وَأَمَّا زِيَادَةُ الرُّبُعِ قَبْلَ الثُّلُثِ فَحَفِظَهَا أَبُو سَعِيدٍ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَحْفَظِ الرُّبُعَ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ سَائِرُ مَبَاحِثِهِ فِي الْحَدِيثِ الْخَامِسِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قبله ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاس لرب الْعَالمين) كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ الْآيَةِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ فِي الزُّهْدِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَيُوفُونَ الْكَيْلَ فَقَالَ وَمَا يَمْنَعُهُمْ وَقد قَالَ الله تَعَالَى ويل لِلْمُطَفِّفِينَ إِلَى قَوْلِهِ يَوْمَيقوم النَّاس لرب الْعَالمين قَالَ إِنَّ الْعَرَقَ لَيَبْلُغُ أَنْصَافَ آذَانِهِمْ مِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهَذَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ على شَرطه أَشَارَ إِلَيْهِ وَأورد حَدِيث بن عُمَرَ الْمَرْفُوعَ فِي مَعْنَاهُ وَأَصْلُ الْبَعْثِ إِثَارَةُ الشَّيْءِ عَنْ جَفَاءٍ وَتَحْرِيكُهُ عَنْ سُكُونٍ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا إِحْيَاءُ الْأَمْوَاتِ وَخُرُوجُهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ وَنَحْوُهَا إِلَى حُكْمِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ بن عَبَّاسٍ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ قَالَ الْوُصُلَاتُ فِي الدُّنْيَا بِضَم الْوَاو وَالصَّاد الْمُهْملَة.

     وَقَالَ  بن التِّينِ ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَبِضَمِّهَا وَبِسُكُونِهَا.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الْأَسْبَابُ هِيَ الْوُصُلَاتُ الَّتِي كَانُوا يَتَوَاصَلُونَ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَاحِدَتُهَا وَصْلَةٌ وَهَذَا الْأَثر لم اظفر بِهِ عَن بن عَبَّاسٍ بِهَذَا اللَّفْظِ وَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حميد والطبري وبن أبي حَاتِم بِسَنَد ضَعِيف عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْمَوَدَّةُ وَهُوَ بِالْمَعْنَى وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَلِلطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلُ وَمِنْ طَرِيقِ الرّبيع بن أنس مثله وَأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ يَعْنِي أَسْبَابُ النَّدَامَةِ وللطبري من طَرِيق بن جريج عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْأَسْبَابُ الْأَرْحَامُ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ قَالَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَرْحَامُ وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلُ فِي النَّارِ وَوَرَدَ بِلَفْظِ التَّوَاصُلِ وَالْمُوَاصَلَةِ أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورُونَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ تَوَاصُلُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلِلطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ تَوَاصُلٌ كَانَ بَيْنَهُمْ بِالْمَوَدَّةِ فِي الدُّنْيَا وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ وَلِعَبْدٍ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ قَالَ الْأَسْبَابُ الْمُوَاصَلَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا يَتَوَاصَلُونَ بِهَا وَيَتَحَابُّونَ فَصَارَتْ عَدَاوَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ هُوَ الْوَصْلُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلِعَبْدٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ الْأَعْمَالُ وَهُوَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ عَنِ السُّدِّيِّ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ الْأَسْبَابُ جَمْعُ سَبَبٍ وَهُوَ كُلُّ مَا يُتَسَبَّبُ بِهِ إِلَى طُلْبَةٍ وَحَاجَةٍ فَيُقَالُ لِلْحَبْلِ سَبَبٌ لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الْحَاجَةِ الَّتِي يُتَعَلَّقُ بِهِ إِلَيْهَا وللطريق سَبَب للتسبب بركوبه إِلَى مَالا يُدْرَكُ إِلَّا بِقَطْعِهِ وَلِلْمُصَاهَرَةِ سَبَبٌ لِلْحُرْمَةِ وَلِلْوَسِيلَةِ سَبَبٌ لِلْوُصُولِ بِهَا إِلَى الْحَاجَةِ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ السَّبَبُ الْحَبْلُ وَسُمِّيَ كُلُّ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى شَيْءٍ سَبَبًا وَمِنْهُ لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسبَاب السَّمَاوَات أَيْ أَصِلُ إِلَى الْأَسْبَابِ الْحَادِثَةِ فِي السَّمَاءِ فَأَتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يَدَّعِيهِ مُوسَى وَيُسَمَّى الْعِمَامَةُ وَالْخِمَارُ وَالثَّوْبُ الطَّوِيلُ سَبَبًا تَشْبِيهًا بِالْحَبْلِ وَكَذَا مَنْهَجُ الطَّرِيقِ لِشَبَهِهِ بِالْحَبْلِ وَبِالثَّوْبِ الْمَمْدُودِ أَيْضًا وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ وَكَذَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير ويل لِلْمُطَفِّفِينَ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَالرَّشْحُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهُمَا مُهْمَلَةٌ هُوَ الْعَرَقُ شُبِّهَ بِرَشْحِ الْإِنَاءِ لِكَوْنِهِ يَخْرُجُ مِنَ الْبَدَنِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعَرَقَ يَحْصُلُ لِكُلِّ شَخْصٍ مِنْ نَفْسِهِ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَرَقِهِ فَقَطْ أَوْ مِنْ عَرَقِهِ وَعَرَقِ غَيْرِهِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ عَرَقَ الْإِنْسَانِ نَفْسِهِ بِقَدْرِ خَوْفهِ مِمَّا يُشَاهِدُهُ مِنَ الْأَهْوَالِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ عَرَقَهُ وَعَرَقَ غَيْرِهِ فَيُشَدَّدُ عَلَى بَعْضٍ وَيُخَفَّفُ عَلَى بَعْضٍ وَهَذَا كُلُّهُ بِتَزَاحُمِ النَّاسِ وَانْضِمَامِ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ حَتَّى صَارَ الْعَرَقُ يَجْرِي سَائِحًا فِي وَجْهِ الْأَرْضِ كَالْمَاءِ فِي الْوَادِي بَعْدَ أَنْ شَرِبَتْ مِنْهُ الْأَرْضُ وَغَاصَ فِيهَا سَبْعِينَ ذِرَاعًا.

.

قُلْتُ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ إِذَا وَقَفُوا فِي الْمَاءِ الَّذِي عَلَى أَرْضٍ مُعْتَدِلَةٍ كَانَتْ تَغْطِيَةُ الْمَاءِ لَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ لَكِنَّهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ تَفَاوَتُوا فَكَيْفَ يَكُونُ الْكُلُّ إِلَى الْأُذُنِ وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْخَوَارِقِ الْوَاقِعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَالْإِشَارَةُ بِمَنْ يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى أُذُنَيْهِ إِلَى غَايَةِ مَا يَصِلُ الْمَاءُ وَلَا يَنْفِي أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ لِبَعْضِهِمْ إِلَى دُونِ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَفَعَهُ تَدْنُو الشَّمْسُ مِنَ الْأَرْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَعْرَقُ النَّاسُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ عَرَقُهُ عَقِبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ نِصْفَ سَاقِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ رُكْبَتَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ فَخِذَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ خَاصِرَتَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ مَنْكِبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ فَاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَأَلْجَمَهَا فَاهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُغَطِّيهِ عَرَقُهُ وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَلَيْسَ بِتَمَامِهِ وَفِيهِ تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُم كمقدار ميل فَتكون النَّاسُ عَلَى مِقْدَارِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ الْحَدِيثَ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمْ يَسْتَوُونَ فِي وُصُولِ الْعَرَقِ إِلَيْهِمْ وَيَتَفَاوَتُونَ فِي حُصُولِهِ فِيهِمْ وَأَخْرَجَ أَبُو يعلى وَصَححهُ بن حِبَّانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ يقوم النَّاس لرب الْعَالمين قَالَ مِقْدَارُ نِصْفِ يَوْمٍ مِنْ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَيَهُونُ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِ كَتَدَلِّي الشَّمْسِ إِلَى أَن تغرب وَأخرجه احْمَد وبن حِبَّانَ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يُحْشَرُ النَّاسُ قِيَامًا أَرْبَعِينَ سَنَةً شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيُلْجِمُهُمُ الْعَرَقُ مِنْ شِدَّةِ الْكَرْبِ الْحَدِيثُ الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)
أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ وَالزَّلْزَلَةُ الِاضْطِرَابُ وَأَصْلُهُ مِنَ الزَّلَلِ وَفِي تَكْرِيرِ الزَّايِ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى ذَلِكَ وَالسَّاعَةُ فِي الْأَصْلِ جُزْءٌ مِنَ الزَّمَانِ وَاسْتُعِيرَتْ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ.

     وَقَالَ  الزَّجَّاجُ مَعْنَى السَّاعَةِ الْوَقْتُ الَّذِي تَقُومُ فِيهِ الْقِيَامَةُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهَا سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ يَقَعُ فِيهَا أَمْرٌ عَظِيمٌ وَقِيلَ سُمِّيَتْ سَاعَةً لِوُقُوعِهَا بَغْتَةً أَوْ لِطُولِهَا أَوْ لِسُرْعَةِ الْحِسَابِ فِيهَا أَوْ لِأَنَّهَا عِنْدَ اللَّهِ خَفِيفَةٌ مَعَ طُولِهَا عَلَى النَّاسِ .

     قَوْلُهُ  أَزِفَتِ الْآزِفَةُ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ هُوَ مِنَ الْأَزَفِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَهُوَ الْقُرْبُ يُقَالُ أَزِفَ كَذَا أَيْ قَرُبَ وَسُمِّيَتِ السَّاعَةُ آزِفَةً لِقُرْبِهَا أَوْ لِضِيقِ وَقْتهَا وَاتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى أَزِفَتِ اقْتَرَبَتْ أَو دنت

[ قــ :6192 ... غــ :6530] قَوْله جرير هُوَ بن عَبْدِ الْحَمِيدِ .

     قَوْلُهُ  عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَحَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحَجِّ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ وَهُوَ ذَكْوَانُ وَأَبُو سَعِيدٍ هُوَ الْخُدْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  يَقُولُ اللَّهُ كَذَا وَقَعَ لِلْأَكْثَرِ غَيْرَ مَرْفُوعٍ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ بِإِثْبَاتِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا وَقَعَ لِمُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ بِسَنَدِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ وَحَفْصٍ وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ خِطَابَ آدَمَ بِذَلِكَ أَوَّلُ شَيْءٍ يَقَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَفْظُهُ أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فتراأى ذُرِّيَّتُهُ بِمُثَنَّاةٍ وَاحِدَةٍ وَمَدٍّ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ ممالة وَأَصله فتتراأي فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ وتراأى الشَّخْصَانِ تَقَابَلَا بِحَيْثُ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رُؤْيَةِ الْآخَرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ من طَرِيق الدَّرَاورْدِي عَن ثَوْر فتتراأي لَهُ ذُرِّيَّتُهُ عَلَى الْأَصْلِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيُقَالُ هَذَا أَبُوكُمْ وَفِي رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ فَيَقُولُونَ هَذَا أَبُوكُمْ .

     قَوْلُهُ  فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْخَيْرِ نَوْعُ تَعْطِيفٍ وَرِعَايَةٌ لِلْأَدَبِ وَإِلَّا فَالشَّرُّ أَيْضًا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ كَالْخَيْرِ .

     قَوْلُهُ  أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ نَصِيبَ بَدَلَ بَعْثَ وَالْبَعْثُ بِمَعْنَى الْمَبْعُوثِ وَأَصْلُهَا فِي السَّرَايَا الَّتِي يَبْعَثُهَا الْأَمِيرُ إِلَى جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ لِلْحَرْبِ وَغَيْرِهَا وَمَعْنَاهَا هُنَا مَيِّزْ أَهْلَ النَّارِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا خَصَّ بِذَلِكَ آدَمَ لِكَوْنِهِ وَالِدَ الْجَمِيعِ وَلِكَوْنِهِ كَانَ قَدْ عَرَفَ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَقَدْ رَآهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَعَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَنْ شِمَالِهِ أَسْوِدَةٌ الْحَدِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث الْإِسْرَاء وَقد أخرج بن أَبِي الدُّنْيَا مِنْ مُرْسَلِ الْحَسَنِ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ لِآدَمَ يَا آدَمُ أَنْتَ الْيَوْمَ عَدْلٌ بَيْنِي وَبَيْنَ ذُرِّيَّتِكَ قُمْ فَانْظُرْ مَا يُرْفَعُ إِلَيْكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ الْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى شَيْءٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ وَمَا بَعْثُ النَّارِ أَيْ وَمَا مِقْدَارُ مَبْعُوثِ النَّارِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ كَمْ أُخْرِجُ .

     قَوْلُهُ  مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَكَذَا فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثَ ثَوْرٍ يَعْنِي رَاوِيهِ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَمًا.

.

قُلْتُ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ غَيْرَهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ نَحْوَهُ وَفِي أَوَّلِهِ زِيَادَةٌ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَرَفَعَ صَوْتَهُ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ يَا أَيهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم إِلَى شَدِيدٌ فَحَثَّ أَصْحَابُهُ الْمَطِيَّ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ ذَاكَ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ ذَاكَ يَوْمٌ يُنَادِي اللَّهُ آدَمَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَصَحَّحَهُ وَكَذَا الْحَاكِمُ وَهَذَا سِيَاقُ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ عَنْهُ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَنَقَلَ عَنِ الذُّهْلِيِّ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى هِيَ الْمَحْفُوظَةُ وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى ثَقِيلَةٌ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَكَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ رَفَعَهُ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ وَفِيهِ فَيُقَالُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَذَاكَ يَوْمٌ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبَا وَكَذَا رَأَيْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِمِثْلِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ رُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ طَلْحَةَ بْنِ الصَّقْرِ وَأخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى نَحْوَهُ فَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ وَلَمْ يَسْتَحْضِرِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُتَابِعًا وَقَدْ ظَفِرْتُ بِهِ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ الْهِجْرِيِّ وَفِيهِ مَقَالٌ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَا اعْتِبَارَ لَهُ فَالتَّخْصِيصُ بِعَدَدٍ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْعَدَدَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ تَقْلِيلُ عَدَدِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَكْثِيرُ عَدَدِ الْكَافِرِينَ.

.

قُلْتُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الْأَوَّلِ تَقْدِيمُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَإِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى زِيَادَةٍ فَإِنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَدُلُّ عَلَى عَشَرَةٍ فَالْحُكْمُ لِلزَّائِدِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الْأَخِيرِ أَنْ لَا يُنْظَرَ إِلَى الْعَدَدِ أَصْلًا بَلِ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْلِيلِ الْعَدَدِ وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ أُخَرَ وَهُوَ حَمْلُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى جَمِيعِ ذُرِّيَّةِ آدَمَ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَحَمْلُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى مَنْ عَدَا يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ عَشَرَةٌ وَيُقَرِّبُ ذَلِكَ أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ذَكَرُوا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ دُونَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ يَتَعَلَّقُ بِالْخَلْقِ أَجْمَعِينَ وَالثَّانِي بِخُصُوصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَيُقَرِّبُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا اخذ منا لَكِن فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا أُمَّتِي جُزْءٌ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَقَعَ الْقِسْمَةُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمِ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَمَرَّةً مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ فَقَطْ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ عَشَرَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِبَعْثِ النَّارِ الْكُفَّارَ وَمَنْ يَدْخُلُهَا مِنَ الْعُصَاةِ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ كَافِرًا وَمَنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ عَاصِيًا وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ وَسَاقَ إِلَى قَوْله قَوْلِهِ شَدِيد ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ فِي الْمَوْقِفِ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ لَا حَمْلَ فِيهِ وَلَا وَضْعَ وَلَا شَيْبَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّ ذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَكِنَّ الْحَدِيثَ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَالتَّهْوِيلِ وَسَبَقَ إِلَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فَقَالَ فِيهِ وَجْهَانِ لِلْعُلَمَاءِ فَذَكَرَهُمَا.

     وَقَالَ  التَّقْدِيرُ أَنَّ الْحَالَ يَنْتَهِي إِلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ النِّسَاءُ حِينَئِذٍ حَوَامِلَ لَوَضَعَتْ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ أَصَابَنَا أَمْرٌ يَشِيبُ مِنْهُ الْوَلِيدُ وَأَقُولُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ فَتُبْعَثُ الْحَامِلُ حَامِلًا وَالْمُرْضِعُ مُرْضِعَةً وَالطِّفْلُ طِفْلًا فَإِذَا وَقَعَتْ زَلْزَلَةُ السَّاعَةِ وَقِيلَ ذَلِكَ لِآدَمَ وَرَأَى النَّاسُ آدَمَ وَسَمِعُوا مَا قِيلَ لَهُ وَقَعَ بِهِمْ مِنَ الْوَجَلِ مَا يَسْقُطُ مَعَهُ الْحَمْلُ وَيَشِيبُ لَهُ الطِّفْلُ وَتَذْهَلُ بِهِ الْمُرْضِعَةُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ وَيَكُونُ خَاصًّا بِالْمَوْجُودِينَ حِينَئِذٍ وَتَكُونُ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فَذَاكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْآيَةِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ مَا يُتَخَيَّلُ مِنْ طُولِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ قِيَامِ السَّاعَةِ وَاسْتِقْرَارِ النَّاسِ فِي الْمَوْقِفِ وَنِدَاءِ آدَمَ لِتَمْيِيزِ أَهْلِ الْمَوْقِفِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ مُتَقَارِبًا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذا هم بالساهرة يَعْنِي أَرْضَ الْمَوْقِفِ.

     وَقَالَ  تَعَالَى يَوْمًا يَجْعَلُ الْولدَان شيبا السَّمَاء منفطر بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُطْلَقُ عَلَى مَا بَعْدَ نَفْخَةِ الْبَعْثِ مِنْ أَهْوَالٍ وَزَلْزَلَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَى آخِرِ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّار وَقَرِيب مِنْهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِلَى أَنْ ذَكَرَ النَّفْخَ فِي الصُّورِ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ فَذَكَرَهُ قَالَ فَذَاكَ يَوْمٌ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ الطَّوِيلِ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ وَغَيْرِهِ مَا يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ النَّفْخِ فِي الصُّورِ وَفِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ مَا فِي بُطُونِهَا وَتَشِيبُ الْوِلْدَانُ وَتَتَطَايَرُ الشَّيَاطِينُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتِ الْأَرْضُ فَيَأْخُذُهُمْ لِذَلِكَ الْكَرْبُ وَالْهَوْلُ ثُمَّ تَلَا الْآيَتَيْنِ مِنْ أَوَّلِ الْحَجِّ الْحَدِيثَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ هَذَا الحَدِيث صَححهُ بن الْعَرَبِيِّ فَقَالَ يَوْمُ الزَّلْزَلَةِ يَكُونُ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى وَفِيهِ مَا يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ الْعَظِيمَةِ وَمَنْ جُمْلَتِهَا مَا يُقَالُ لِآدَمَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى بَلْ لَهُ مَحْمَلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ آخِرُ الْكَلَامِ مَنُوطًا بِأَوَّلِهِ وَالتَّقْدِيرُ يُقَالُ لِآدَمَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ الَّذِي يَشِيبُ فِيهِ الْوِلْدَانُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ شَيْبُ الْوِلْدَانِ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى حَقِيقَةً وَالْقَوْلُ لِآدَمَ يَكُونُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ إِخْبَارًا عَنْ شِدَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عَيْنُ ذَلِكَ الشَّيْءِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ حِينَ يَقَعُ لَا يُهِمُّ كُلَّ أَحَدٍ إِلَّا نَفْسُهُ حَتَّى إِنَّ الْحَامِلَ تُسْقِطُ مِنْ مِثْلِهِ وَالْمُرْضِعَةُ إِلَخْ وَنُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمَعْنَى أَنْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ مُرْضِعَةٌ لَذَهَلَتْ وَذَكَرَ الْحَلِيمِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْيِيَ اللَّهُ حِينَئِذٍ كُلَّ حَمْلٍ كَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ وَنُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ فَتَذْهَلُ الْأُمُّ حِينَئِذٍ عَنْهُ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ على ارضاعه إِذْ لَا غذَاء هُنَاكَ وَلَا لَبَنَ.

.
وَأَمَّا الْحَمْلُ الَّذِي لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّهُ إِذَا سَقَطَ لَمْ يَحْيَى لِأَنَّ ذَلِكَ يَوْمُ الْإِعَادَةِ فَمَنْ لَمْ يَمُتْ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَحْيَى فِي الْآخِرَةِ .

     قَوْلُهُ  فَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِم فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْمِ وَوَقَعَتْ عَلَيْهِمُ الْكَآبَةُ وَالْحُزْنُ وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ من رِوَايَة بن جُدْعَانَ عَنِ الْحَسَنِ فَأَنْشَأَ الْمُؤْمِنُونَ يَبْكُونَ وَمِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ فَنُبِسَ الْقَوْمُ حَتَّى مَا أَبْدَوْا بِضَاحِكَةٍ وَنُبِسَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ مَعْنَاهُ تَكَلَّمَ فَأَسْرَعَ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ وَفِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ عَن قَتَادَة عِنْد بن مَرْدَوَيْهِ أَبْلَسُوا وَكَذَا لَهُ نَحْوُهُ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنِ الْحَسَنِ .

     قَوْلُهُ  وَأَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ قَالَ الطِّيبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَكَانَ حَقَّ الْجَوَابِ أَنَّ ذَلِكَ الْوَاحِدَ فُلَانٌ أَوْ مَنْ يَتَّصِفُ بِالصِّفَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْظَامًا لِذَلِكَ الْأَمْرِ وَاسْتِشْعَارًا لِلْخَوْفِ مِنْهُ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الْجَوَابُ بِقَوْلِهِ أَبْشِرُوا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَمَاذَا يَبْقَى وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَبَكَى أَصْحَابُهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَبْشِرُوا فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ مِثْلَهُ وللترمذي من طَرِيق بن جُدْعَانَ قَارِبُوا وَسَدِّدُوا وَنَحْوَهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا وَمِنْكُمْ رَجُلٌ ظَاهِرُهُ زِيَادَةُ وَاحِدٍ عَمَّا ذَكَرَ مِنْ تَفْصِيلِ الْأَلْفِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جَبْرِ الْكَسْرِ وَالْمُرَادُ أَنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ أَوْ أَلْفًا إِلَّا وَاحِدًا.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَمِنْكُمْ رَجُلٌ تَقْدِيرُهُ وَالْمُخْرَجُ مِنْكُمْ أَوْ وَمِنْكُمْ رَجُلٌ مُخْرَجٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا بِالنَّصْبِ فِيهِمَا عَلَى الْمَفْعُولِ بِإِخْرَاجِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ أَيْ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ كَذَا وَرَوَى بِالرَّفْعِ عَلَى خَبَرِ إِنَّ وَاسْمِهَا مُضْمَرٌ قَبْلَ الْمَجْرُورِ أَيْ فَإِنَّ الْمُخْرَجَ مِنْكُمْ رَجُلٌ.

.

قُلْتُ وَالنَّصْبُ أَيْضًا عَلَى اسْمِ إِنَّ صَرِيحًا فِي الْأَوَّلِ وَبِتَقْدِيرٍ فِي الثَّانِي وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الَّذِي قَالَهُ فَإِنَّ فِيهِ تَكَلُّفًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِالرَّفْعِ فِي أَلْفٍ وَحْدَهُ وَبِالنَّصْبِ فِي رَجُلًا وَلِأَبِي ذَرٍّ بِالْعَكْسِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنَّهُ فَحَذَفَ الْهَاءَ وَهِيَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ كَثِيرًا وَوَقَعَ فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا أُمَّتِي جُزْءٌ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ قَالَ الطِّيبِيُّ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ دَاخِلُونَ فِي الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ وَالْوَعِيدِ كَمَا يَدُلُّ .

     قَوْلُهُ  رُبُعُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى أَنَّ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَيْضًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ .

     قَوْلُهُ  مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ أَيْ مِنْهُمْ وَمِمَّنْ كَانَ عَلَى الشِّرْكِ مِثْلَهُمْ وَقَولُهُ وَمِنْكُمْ رَجُلٌ يَعْنِي مِنْ أَصْحَابِهِ وَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا مِثْلَهُمْ.

.

قُلْتُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِقَوْلِهِ مِنْكُمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ بِقَوْلِهِ إِنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَكَذَا فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ فَقَدْ تقدم أَن الْقِصَّة الَّتِي فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَقَعَتْ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَقَعَتْ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَائِرٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن بن عَبَّاسٍ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرِهِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَمِثْلُهُ فِي مُرْسَلِ مُجَاهِدٍ عِنْدَ الْخَطِيبِ فِي الْمُبْهَمَاتِ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي بَابُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ حَفِظَ فِيهِ مَا لَمْ يَحْفَظِ الْآخَرُ إِلَّا أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ كَانَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَاهٍ وَالصَّحِيحُ مَا فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِمِنًى.

.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي قُبَّتِهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عِمْرَانَ بِأَنَّ تِلَاوَتَهُ الْآيَةَ وَجَوَابَهُ عَنْهَا اتَّفَقَ أَنَّهُ كَانَ وَهُوَ سَائِرٌ ثُمَّ .

     قَوْلُهُ  إِنِّي لَأَطْمَعُ إِلَخْ وَقَعَ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ وَقَعَدَ بِالْقُبَّةِ.

.
وَأَمَّا زِيَادَةُ الرُّبُعِ قَبْلَ الثُّلُثِ فَحَفِظَهَا أَبُو سَعِيدٍ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَحْفَظِ الرُّبُعَ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ سَائِرُ مَبَاحِثِهِ فِي الْحَدِيثِ الْخَامِسِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قبله

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب .

     قَوْلُهُ  عَزَّ وَجَلَّ:
{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1] أَزِفَتِ الآزِفَةُ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: 1] .

( باب قوله عز وجل: ( {إن}) ولأبي ذر باب بالتنوين: إن ( {زلزلة الساعة}) أي تحريكها للأشياء على الإسناد المجازي أو تحريك الأشياء فيها فأضيفت إليها إضافة معنوية بتقدير في أو من إضافة المصدر إلى الفاعل والمحذوف المفعول وهو الأرض يدل عليه {إذا زلزلت الأرض زلزالها} [الزلزلة: 1] وقيل هي زلزلة تكون قبيل طلوع الشمس من مغربها وإضافتها إلى الساعة لأنها من أشراطها ( {شيء عظيم}) [الحج: 1] هائل ومفهومه جواز إطلاق الشيء على المعدوم لأن الزلزلة لم تقع بعد ومن منع إيقاعه على المعدوم قال: جعل الزلزلة شيئًا لتيقن وقوعها وصيرورتها إلى الوجود ( أزفت الآزفة) دنت الساعة الموصوفة بالدنوّ في نحو قوله: {اقتربت الساعة} [القمر: 1] قال الزجاج: يعني الساعة التي تقوم فيها القيامة.


[ قــ :6192 ... غــ : 6530 ]
- حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَقُولُ اللَّهُ يَا آدَمُ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِى يَدَيْكَ، قَالَ: يَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، {وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى
وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ» [الحج: 2] فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ» فَقَالُوا: يَا رَسُولُ اللَّهِ أَيُّنَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: «أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ، وَمِنْكُمْ رَجُلٌ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِى نَفْسِى فِى يَدِهِ إِنِّى لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ»، قَالَ: فَحَمِدْنَا اللَّهَ وَكَبَّرْنَا ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِى نَفْسِى فِى يَدِهِ إِنِّى لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِى الأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِى جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ -أَوِ الرَّقْمَةِ فِى ذِرَاعِ الْحِمَارِ».

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر وابن عساكر: حدّثنا ( يوسف بن موسى) بن راشد القطان الكوفي المتوفى ببغداد سنة اثنتين وخمسين ومائتين قال: ( حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد ( عن الأعمش) سليمان ( عن أبي صالح) ذكوان الزيات ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك الخدري -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يقول الله) عز وجل وسقط لأبي ذر قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيكون الحديث غير مرفوع، وبه جزم أبو نعيم في مستخرجه قال في الفتح: وفي رواية بإثبات قوله قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكذا في مسلم عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير بسند البخاري فيه ( يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك) في الاقتصار على الخير نوع تعطف ورعاية للأدب وإلاّ فالشر أيضًا بتقديره كالخير ( قال: يقول أخرج بعث النار) ميزهم من الناس ( قال) آدم: سمعت يا رب وأطعت ( وما بعث النار) ؟ فالواو عاطفة على محذوف أي وما مقدار مبعوث النار ( قال) الله تعالى: {من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين) فالمتأخر من الألف واحد ولا معارضة بينه وبين الرواية الأولى من كل مائة تسعة وتسعين لأن مفهوم العدد لا اعتبار له، فالتخصيص بعدد لا يدل على نفي الزائد أو المقصود من العددين هو تقليل عدد المؤمنين وتكثير عدد الكافرين قاله صاحب الكواكب.
وتعقبه صاحب الفتح فقال: مقتضى كلامه الأول تقديم حديث أبي هريرة على حديث أبي سعيد فإنه يشتمل على زيادة، فإن حديث أبي سعيد يدل على أن نصيب أهل الجنة من كل ألف واحد، وحديث أبي هريرة يدل على أنه عشرة فالحكم للزائد ومقتضى كلامه الأخير أن لا ينظر إلى العدد أصلاً بل القدر المشترك منهما ما ذكره من تقليل العدد، ثم أجاب بحمل حديث أبي سعيد ومن وافقه على جميع ذرية آدم فيكون من كل ألف واحد، وحمل حديث أبي هريرة ومن وافقه على من عدا يأجوج ومأجوج، فيكون من كل ألف عشرة ويقرب ذلك أن يأجوج ومأجوج ذكروا في حديث أبي سعيد دون حديث أبي هريرة، ويحتمل أن يكون الأول يتعلق بالخلق أجمعين، والثاني بخصوص هذه الأمة ويقربه قوله في حديث أبي هريرة: إذا أخذ منا واحد ومرة من هذه الأمة فقط فيكون من كل ألف، ويحتمل أن تقع القسمة مرتين مرة من جميع الأمة لكن قيل في حديث ابن عباس إنما أنتم جزء من ألف جزء ويحتمل أن يكون المراد ببعث النار الكفار ومن يدخلها من العصاة فيكون من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون كافرًا ومن كل مائة تسعة وتسعون عاصيًا اهـ.

( فذاك) بدون لام ( حين) أي الوقت الذي من شدة هوله ( يثيب) فيه ( الصغير) {وتضع كل
ذات حمل حملها} جنينها {وترى الناس سكرى} بفتح السين وسكون الكاف كأنهم سكرى {وما هم بسكرى} على الحقيقة {ولكن عذاب الله شديد} [الحج: 2] ولابن عساكر سكارى بضم السين وفتح الكاف فيهما وبها قرأ غير حمزة والكسائي في الحج، وهذا وقع على سبيل الفرض أو التمثيل والتقدير أن الحال ينتهي إلى أنه لو كانت النساء حينئذٍ حوامل لوضعت أو يحمل على الحقيقة، فإن كان أحد يبعث على ما مات عليه فتبعث الحامل حاملاً والطفل طفلاً فإذا وقعت زلزلة الساعة وقيل ذلك لآدم حل بهم من الرجل ما تسقط معه الحامل ويشيب له الطفل ( فاشتد ذلك عليهم) على الصحابة ( فقالوا: يا رسول الله أينا ذلك الرجل) الذي يبقى من الألف ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( أبشروا) قال الطيبي: يحتمل أن يكون الاستفهام على حقيقته فكان حق الجواب أن ذلك الواحد فلان أو من يتصف بالصفة الفلانية، ويحتمل أن يكون استعظامًا لذلك الأمر واستشعار الخوف منه فلذلك وقع الجواب بقوله أبشروا ( فإن من يأجوج ومأجوج ألف) بالرفع مصححًا عليه في الفرع كأصله بتقدير فإنه فحذفت الهاء وهي ضمير الشأن والجملة الاسمية بعده خبر إن ولأبي ذر ألفًا بالنصب اسم إن ( ومنكم رجل) .
وظاهر قوله: فإن من يأجوج ومأجوج ألف بزيادة واحد عما ذكر من تفصيل الألف فيحتمل كما في الفتح أن يكون من جبر الكسر، والمراد أن من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين أو ألفًا إلا واحدًا، وأما قوله: ومنكم رجل فتقديره والمخرج منكم رجل أو منكم رجل مخرج.
وقال القرطبي: قوله من يأجوج ومأجوج ألف أي منهم وممن كان على الشرك مثلهم، وقوله ومنكم رجل يعني من أصحابه ومن كان مؤمنًا مثلهم، وحاصلهم كما في الفتح أن الإشارة بقوله منكم إلى المسلمين من جميع الأمم، وقد أشار إلى ذلك في حديث ابن مسعود بقوله: إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة.
قال في الفتح: ووقع في بعض الشروح أن لبعض الرواة فإن منكم رجلاً ومن يأجوج ومأجوج ألفًا بالنصب فيهما.
قلت: وكذا هو في المصابيح كالتنقيح وقال الزركشي؟ إنه مفعول بأخرج المذكور في أول الحديث أي فإنه يخرج منكم كذا قال البدر الدماميني، ومراده أنه مفعول بفعل يدل عليه أخرج المذكور أولاً إذ لا يتصوّر أن يكون مفعولاً بنفس ذلك الفعل ففي عبارته تساهل ظاهر ثم إعرابه على هذا الوجه يقتضي حذف الضمير المنصوب بأن وهو عندهم قليل، وابن الحاجب صرح بضعفه مع أنه لا داعي إلى ارتكابه وإنما الإعراب الظاهر فيه أن يكون رجلاً اسم إن ومنكم خبرها متعلق بيخرج أي فإن رجلاً يخرج منكم ومن يأجوج ومأجوج معطوف على منكم وألفًا معطوف على رجلاً.

ثم قال: فإن قلت: إنما يقدر متعلق الظرف والجار والمجرور والمخبر بهما مثلاً كونًا مطلقًا كالحصول والوجود كما قدره النحاة فكيف قدرته كونًا خاصًّا وهل هذا إلا عدول عن طريقتهم فما السبب فيه؟ وأجاب: بأن تمثيل النحاة بالكون والحصول إنما كان لأن غرضهم لم يتعلق بعامل بعينه، وإنما تعلق بالعامل من حيث هو عامل وإلا فلو كان المقام يقتضي تقدير خاص لقدرناه.
ألا ترى أنه لو قيل زيد على الفرس لقدرت راكب وهو أمس من تقدير حاصل ولا يتردد في
جواز مثله من له ممارسة بفن العربية.
قال: ويروى ألف بالرفع ومنكم رجلاً بالنصب وهي رواية الأصيلي ووجهها أن يكون ألف رفعًا على اسم إن باعتبار المحل وهو هنا جائز بالإجماع لأنه بعد مضي الخبر ويحتمل أن يكون مبتدأ وخبره الجار والمجرور المتقدم عليه والجملة معطوفة على الجملة المتقدمة المصدرة بإن اهـ.

( ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( والذي نفسي في يده) ولأبي ذر بيده ( إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة) وسبق في حديث ابن مسعود أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة وحملوه على تعدد القصة ( قال) أبو سعيد: ( فحمدنا الله) تعالى على ذلك ( وكبرنا) وفيه دلالة على أنهم استبشروا بما بشرهم به فحمدوا الله على نعمته العظمى وكبروه استعظامًا لنعمته بعد استعظامهم لنقمته ( ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( والذي نفسي بيده) ولغير أبي ذر في يده ( إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة) نصف أهلها ( إن مثلكم) بفتح الميم والمثلثة ( في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو الرقمة) بفتح الراء وسكون القاف ولأبي ذر أو كالرقمة وهي قطعة بيضاء أو شيء مستدير لا شعر فيه يكون ( في ذراع الحمار) .

والحديث سبق في باب قصة يأجوج ومأجوج.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: { (22) إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} (الْحَج: 1) أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { إِن زَلْزَلَة السَّاعَة} أَي: اضْطِرَاب يَوْم الْقِيَامَة { شَيْء عَظِيم} والساعة فِي أصل الْوَضع جُزْء من الزَّمَان واستعيرت ليَوْم الْقِيَامَة..
     وَقَالَ  الزّجاج: معنى السَّاعَة الْوَقْت الَّذِي فِيهِ الْقِيَامَة.
وَقيل: سميت سَاعَة لوقوعها بَغْتَة، أَو لطولها، أولسرعة الْحساب فِيهَا، أَو لِأَنَّهَا عِنْد الله خَفِيفَة مَعَ طولهَا على النَّاس.

{ (53) أزفت الآزفة} (النَّجْم: 75)

أزف، الْمَاضِي مُشْتَقّ من الأزف بِفَتْح الزَّاي وَهُوَ الْقرب، يُقَال: أزف الْوَقْت وحان الْأَجَل أَي: دنا وَقرب.

{ (54) اقترتب السَّاعَة} (الْقَمَر: 1)

أَي: دنت الْقِيَامَة،.

     وَقَالَ  ابْن كيسَان فِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير مجازها: انْشَقَّ الْقَمَر واقتربت السَّاعَة، وَقيل: مَعْنَاهُ: وسينشق الْقَمَر، وَالْعُلَمَاء على خِلَافه.



[ قــ :6192 ... غــ :6530 ]
- حدّثني يُوسُفُ بنُ مُوسى احدّثنا جَرِيرٌ عنِ الأعْمَشِ عنْ أبي صالِحٍ عنْ أبي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يَقُول الله: يَا آدَمُ { فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ والخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، قَالَ: يَقُولُ: أخْرِجْ بَعْثَ النَّار.
قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ ألْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وتِسْعَةً وتِسْعِينَ، فذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغيرُ { (22) وتضع كل ذَات.
.
وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد}
(الْحَج: 2) فاشْتَدَّ ذالِكَ عَليْهِم فقالُوا: يَا رسولَ الله}
أيُّنا ذالِكَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: (أبْشِرُوا فإنَّ مِنْ يَأْجُوجَ ومَأْجوجَ ألْفٌ ومِنْكُمْ رَجُلٌ) ثُمَّ قَالَ: (والّذِي نَفْسِي فِي يَدِهِ إنِّي لأَطْمَعُ أنْ تَكونُوا ثُلُثَ أهْل الجَنَّةِ) قَالَ: فَحَمِدْنا الله وكَبَّرْنا، ثُمَّ قَالَ: (والّذِي نَفْسِي فِي يَدِهِ إنِّي لأطْمَعُ أنْ تَكُونوا شَطْرَ أهْلِ الجَنَّةِ إنَّ مَثلَكُمْ فِي الأمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ البَيْضاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأسْوَدِ، أَو الرَّقْمَةِ فِي ذِراعٍ الحِمارِ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (يشيب الصَّغِير)
إِلَى آخِره الْآيَة.

ويوسف بن مُوسَى بن رَاشد الْقطَّان الْكُوفِي، مَاتَ بِبَغْدَاد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَأَبُو صَالح هُوَ ذكْوَان الزيات، وَأَبُو سعيد هُوَ سعد بن مَالك الْخُدْرِيّ.

والْحَدِيث مر فِي: بابُُ قصَّة يَأْجُوج وَمَأْجُوج فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْحَاق بن نصر عَن أبي أُسَامَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ.

قَوْله: (قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَقع غير مَرْفُوع، وَوَقع فِيمَا مضى فِي: بابُُ قصَّة يَأْجُوج وَمَأْجُوج مَرْفُوعا، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم.
قَوْله: (وَالْخَيْر فِي يَديك) خص بِهِ لرعاية الْأَدَب، وإلاّ فالخير وَالشَّر كُله بيد الله، وَقيل: الْكل بِالنِّسْبَةِ إِلَى الله حسن وَلَا قَبِيح فِي فعله، وَإِنَّمَا الْحسن والقبح بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعباد.
قَوْله: (من كل ألف) وَقد سبق فِي الحَدِيث الَّذِي قبل هَذَا الْبابُُ: من كل مائَة، والتفاوت بَينهمَا كثير.
(وَالْجَوَاب) : أَن مَفْهُوم الْعدَد لَا اعْتِبَار لَهُ يَعْنِي التَّخْصِيص بِعَدَد لَا يدل على نفي الزَّائِد، أَو الْمَقْصُود مِنْهُمَا، شَيْء وَاحِد وَهُوَ تقليل عدد الْمُؤمنِينَ وتكثير عدد الْكَافرين قَوْله: (وَمَا بعث النَّار) عطف على مُقَدّر تَقْدِيره: سَمِعت وأطعت، وَمَا بعث النَّار؟ أَي: وَمَا مِقْدَار مَبْعُوث النَّار؟ قَوْله: (فَذَاك) إِشَارَة إِلَى الْوَقْت الَّذِي يشيب فِيهِ الصَّغِير وتضع كل ذَات حمل حملهَا، وَظَاهر هَذَا الْكَلَام أَن هَذَا يَقع فِي الْموقف..
     وَقَالَ  بعض الْمُفَسّرين: إِن ذَلِك قبل يَوْم الْقِيَامَة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا حمل وَلَا وضع وَلَا شيب، والْحَدِيث يرد عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هَذَا تَمْثِيل للتهويل.
وَقيل: إِنَّه كِنَايَة عَن اشتداد الْحَال بِحَيْثُ إِنَّه لَو كَانَت النِّسَاء حوامل لوضعت حَملهنَّ ويشيب فِيهِ الطِّفْل كَمَا تَقول الْعَرَب: أَصَابَنَا أَمر يشب فِيهِ الْوَلِيد.
قَوْله: أَيّنَا ذَلِك الرجل؟ إِشَارَة إِلَى الرجل الَّذِي يسْتَثْنى من الْألف.
قَوْله: (أَبْشِرُوا) وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: إعملوا وَأَبْشِرُوا.
وَفِي حَدِيث أنس أخرجه التِّرْمِذِيّ: قاربوا وسددوا.
قَوْله: (ومنكم رجل) أَي: الْمخْرج مِنْكُم رجل وَاحِد،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: قَوْله: (من يَأْجُوج وَمَأْجُوج ألف) أَي: مِنْهُم وَمِمَّنْ كَانَ على الشّرك مثلهم.
قَوْله: (أَو الرَّقْمَة) بِفَتْح الْقَاف وسكونها.
الْخط، والرقمتان فِي الْحمار هما الأثران اللَّذَان فِي بَاطِن عضديه، وَقيل: الدائرة فِي ذراعه،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الْفرق كثير بَين الْمُشبه والمشبه بِهِ الأول وَالثَّانِي، فَكيف يَصح التَّشْبِيه فِي الْمِقْدَار بشيئين مختلفي الْقدر؟ وَأجَاب: بِأَن الْغَرَض من التشبيهين أَمر وَاحِد وَهُوَ بَيَان قلَّة عدد الْمُؤمنِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكَافرين غَايَة الْقلَّة، وَهُوَ حَاصِل مِنْهُمَا سَوَاء.