هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6340 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ ، قَالَ : سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ ، فِي حَدِيثِهِ : { وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا } فَقَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ : إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنِّي أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6340 حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن عبد الله بن كعب ، وكان قائد كعب من بنيه حين عمي ، قال : سمعت كعب بن مالك ، في حديثه : { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } فقال في آخر حديثه : إن من توبتي أني أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أمسك عليك بعض مالك ، فهو خير لك
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ka`b bin Malik:

In the last part of his narration about the three who remained behind (from the battle of Tabuk). (I said) As a proof of my true repentance (for not joining the Holy battle of Tabuk), I shall give up all my property for the sake of Allah and His Apostle (as an expiation for that sin). The Prophet (ﷺ) said (to me), Keep some of your wealth, for that is better for you.

":"ہم سے احمد بن صالح نے بیان کیا ، کہا ہم سے ابن وہب نے بیان کیا ، کہا مجھ کو یونس نے خبر دی ، انہیں ابن شہاب نے ، کہا مجھے عبدالرحمٰن بن عبداللہ بن کعب بن مالک نے خبر دی ،جب حضرت کعب رضی اللہ عنہ نابینا ہو گئے تھے تو ان کی اولاد میں ایک یہی کہیں آنے جانے میں ان کے ساتھ رہتے تھے ۔ انہوں نے بیان کیا کہ میں نے حضرت کعب بن مالک رضی اللہ عنہ سے ان کے واقعہ اور آیت ” وعلی الثلاثۃ الذین خلقوا “ کے سلسلہ میں سنا ، انہوں نے اپنی حدیث کے آخر میں کہا کہ ( میں نے آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کے سامنے یہ پیش کش کی کہ ) اپنی توبہ کی خوشی میں میں اپنا مال اللہ اور اس کے رسول کے دین کی خدمت میں صدقہ کر دوں ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے اس پر فرمایا کہ اپنا کچھ مال اپنے پاس ہی رکھو ، یہ تمہارے لیے بہترہے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6690] .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنِي يُونُس هُوَ بن يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ هُوَ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّاوِي عَنْهُ وَقد مضى فِي تَفْسِيرُ سُورَةِ بَرَاءَةٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ حَدثنِي بن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدثنَا يُونُس عَن بن شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق إِسْحَاق بن رَاشد عَن بن شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ فِي حَدِيثِهِ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا أَيِ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ تَخَلُّفِهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلَامِهِ وَكَلَامِ رَفِيقَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ مَعَ شَرْحِهِ فِي الْمَغَازِي لَكِن بِوَجْه آخر عَن بن شِهَابٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ بِنُونٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ أَعْرَى مِنْ مَالِي كَمَا يَعْرَى الْإِنْسَانُ إِذَا خَلَعَ ثَوْبَهُ .

     قَوْلُهُ  أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ زَادَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ بِهَذَا السَّنَدِ فَقُلْتُ إِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ وَهُوَ عِنْدَ المُصَنّف من وَجه آخر عَن بن شهَاب وَوَقع فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَخْرُجَ مِنْ مَالِي كُلَّهِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صَدَقَةً قَالَ لَا.

.

قُلْتُ فَنِصْفَهُ قَالَ لَا.

.

قُلْتُ فَثُلُثَهُ قَالَ نَعَمْ.

.

قُلْتُ فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِيَ الَّذِي بِخَيْبَر واخرج من طَرِيق بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَإِنِّي أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي كُلِّهُ صَدَقَةً قَالَ يُجزئ عَنْكَ الثُّلُثُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ عِنْدَ احْمَد وَأبي دَاوُد نَحوه وقداختلف السَّلَفُ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ عَلَى عَشَرَةِ مَذَاهِبَ فَقَالَ مَالِكٌ يَلْزَمُهُ الثُّلُثُ لهَذَا الْحَدِيثِ وَنُوزِعَ فِي أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ النَّذْرِ وَلَا بِمَعْنَاهُ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ نَجَّزَ النَّذْرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَهُ فَاسْتَأْذَنَ وَالِانْخِلَاعُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي صُدُورِ النَّذْرِ مِنْهُ وَإِنَّمَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُؤَكِّدَ أَمْرَ تَوْبَتِهِ بِالتَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ مَالِهِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ كَانَ الأولى لكعب أَنْ يَسْتَشِيرَ وَلَا يَسْتَبِدَّ بِرَأْيِهِ لَكِنْ كَأَنَّهُ قَامَتْ عِنْدَهُ حَالٌ لِفَرَحِهِ بِتَوْبَتِهِ ظَهَرَ لَهُ فِيهَا أَنَّ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ فِي الشُّكْرِ فَأَوْرَدَ الِاسْتِشَارَةَ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ فِي كَوْنِهِ جَزَمَ بِأَنَّ مِنْ تَوْبَتِهِ أَنْ يَنْخَلِعَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ إِلَّا أَنَّهُ نَجَّزَ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ لَمْ يَبُتَّ كَعْبٌ الِانْخِلَاعَ بَلِ اسْتَشَارَ هَل يفعل اولا.

.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَفْهَمَ وَحُذِفَتْ أَدَاةُ الِاسْتِفْهَامِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْكَثِيرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وُجُوبَ الْوَفَاءِ لِمَنِ الْتَزَمَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ إِلَّا إِذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْقُرْبَةِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مَلِيًّا لَزِمَهُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهَذَا قَول اللَّيْث وَوَافَقَهُ بن وهبوَزَادَ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا يُخْرِجُ قَدْرَ زَكَاةِ مَالِهِ وَالْأَخِيرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ وَهُوَ قَول ربيعَة وَعَن الشّعبِيّ وبن أَبِي لُبَابَةَ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ أَصْلًا وَعَنْ قَتَادَةَ يَلْزَمُ الْغَنِيَّ الْعُشْرُ وَالْمُتَوَسِّطَ السُّبُعُ وَالْمُمْلَقَ الْخُمُسُ وَقِيلَ يَلْزَمُ الْكُلُّ إِلَّا فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ فَكَفَّارَتُهُ يَمِينٌ وَعَنْ سَحْنُونٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يخرج مَالا يَضُرُّ بِهِ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَجَمَاعَةٍ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ وَعَنِ النَّخَعِيِّ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَمُنَاسَبَةُ حَدِيثِ كَعْبٍ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ مَعْنَى التَّرْجَمَةِ أَنَّ مَنْ أَهْدَى أَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ إِذَا تَابَ مِنْ ذَنْبٍ أَوْ إِذَا نَذَرَ هَلْ يَنْفُذُ ذَلِكَ إِذَا نَجَّزَهُ أَوْ عَلَّقَهُ وَقِصَّةُ كَعْبٍ مُنْطَبِقَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ التَّنْجِيزُ لَكِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ تَنْجِيزٌ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِنَّمَا اسْتَشَارَ فَأُشِيرَ عَلَيْهِ بِإِمْسَاكِ الْبَعْضِ فَيَكُونُ الْأَوْلَى لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ يُعَلِّقَهُ أَنْ يُمْسِكَ بَعْضَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ نَجَّزَهُ لَمْ يَنْفُذْ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ إِلَى أَنَّ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ الْمَالِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فَمَنْ كَانَ قَوِيًّا عَلَى ذَلِكَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الصَّبْرَ لَمْ يُمْنَعْ وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّلُ فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَإِيثَارُ الْأَنْصَارِ عَلَى أَنْفُسِهِمُ الْمُهَاجِرِينَ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّلُ لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَفِي لَفْظِ أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي حَدِيثِ كَعْبٍ أَنَّ لِلصَّدَقَةِ أَثَرًا فِي مَحْوِ الذُّنُوبِ وَمِنْ ثَمَّ شُرِعَتِ الْكَفَّارَةُ الْمَالِيَّةُ وَنَازَعَهُ الْفَاكِهَانِيُّ فَقَالَ التَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا وَظَاهِرُ حَالِ كَعْبٍ أَنَّهُ أَرَادَ فِعْلَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الشُّكْرِ.

.

قُلْتُ مُرَادُ الشَّيْخِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ كَعْبٍ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي إِلَخْ أَنَّ لِلصَّدَقَةِ أَثَرًا فِي قَبُولِ التَّوْبَةِ الَّتِي يَتَحَقَّقُ بِحُصُولِهَا مَحْوُ الذُّنُوبِ وَالْحُجَّةُ فِيهِ تَقْرِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ على القَوْل الْمَذْكُور ( قَولُهُ بَابُ إِذَا حَرَّمَ طَعَامًا) فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ طَعَامَهُ وَهَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ مَثَلًا طَعَامُ كَذَا أَوْ شَرَابُ كَذَا عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ نَذَرْتُ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا آكُلَ كَذَا أَوْ لَا أَشْرَبَ كَذَا وَالرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا إِنْ قَرَنَهُ بِحَلِفٍ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ .

     قَوْلُهُ  وَقَوله تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّالله لَك تبتغي مرضاة ازواجك وَزَادَ غَيْرُ أَبِي ذَرٍّ إِلَى قَوْلِهِ تَحِلَّةَ ايمانكم وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَهَلْ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي تَحْرِيمِ مَارِيَةَ أَوْ فِي تَحْرِيمِ شُرْبِ الْعَسَلِ وَإِلَى الثَّانِي أَشَارَ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ سَاقَهُ فِي الْبَابِ وَيُؤْخَذُ حُكْمُ الطَّعَامِ مِنْ حُكْمِ الشَّرَابِ قَالَ بن الْمُنْذِرِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا يَحِلُّ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَبِهَذَا قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ .

     .

     وَقَالَتْ  
طَائِفَةٌ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ إِلَّا إِنْ حَلَفَ وَإِلَى تَرْجِيحِ هَذَا الْقَوْلِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِإِيرَادِ الْحَدِيثِ لِقَوْلِهِ وَقَدْ حَلَفْتُ وَهُوَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ لَكِنِ اسْتَثْنَى مَالِكٌ الْمَرْأَةَ فَقَالَ تَطْلُقُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْأَمَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ فَهُوَ فِرَاقٌ الْتَزَمَهُ فَتَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْلِفَ فَإِنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَمَتُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِذَا لَمْ يَحْلِفْ إِلَّا إِذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَتَطْلُقُ أَوِ الْعِتْقَ فَتُعْتَقُ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ .

     قَوْلُهُ  وَقَولُهُ تَعَالَى لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ الثَّوْرِيُّ فِي جَامِعَة وبن الْمُنْذر من طَرِيقه بِسَنَد صَحِيح عَن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ جِيءَ عِنْدَهُ بِطَعَامٍ فَتَنَحَّى رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي حَرَّمْتُهُ أَنْ لَا آكُلَهُ فَقَالَ إِذَنْ فَكُلْ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ ثُمَّ تَلَا هَذِه الْآيَة إِلَى قَوْله لَا تَعْتَدوا قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بَعْضُ مَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ بِمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فِي قِصَّةِ الرَّجُلِ الْجَرْمِيِّ وَالدَّجَاجِ وَتِلْكَ رِوَايَةٌ مُخْتَصَرَةٌ وَقَدْ ثَبَتَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الرَّجُلَ قَالَ حَلَفْتُ أَنْ لَا آكُلَهُ.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ النِّيَّةِ فِي الْأَيْمَانِ)
بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لِلْجَمِيعِ وَحَكَى الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْأَعْمَالَ دَاخِلَةٌ فِي الْإِيمَانِ.

.

قُلْتُ وَقَرِينَةُ تَرْجَمَةِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ كَافِيَةٌ فِي تَوْهِينِ الْكَسْرِ وَعبد الْوَهَّاب الْمَذْكُور فِي السَّنَد هُوَ بن عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ التَّيْمِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ الْأَعْمَالِ فِي أَوَّلِ بَدْءِ الْوَحْيِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْيَمِينَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَعْمَالِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَخْصِيصِ الْأَلْفَاظِ بِالنِّيَّةِ زَمَانًا وَمَكَانًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ كَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ زَيْدٍ وَأَرَادَ فِي شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مَثَلًا أَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ زَيْدًا مَثَلًا وَأَرَادَ فِي مَنْزِلِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يَحْنَثُ إِذَا دَخَلَ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ فِي الْأُولَى وَلَا إِذَا كَلَّمَهُ فِي دَارٍ أُخْرَى فِي الثَّانِيَةِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِيمَنْ قَالَ إِنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى عَدَدًا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِهِ وَكَذَا مَنْ قَالَ إِنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ بَائِنٌ إِنْ نَوَى ثَلَاثًا بَانَتْ وَإِنْ نَوَى مَا دُونَهَا وَقَعَ مَا نَوَى رَجْعِيًّا وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ لَكِنْ فِيمَا عَدَا حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَهِيَ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِالتَّوْرِيَةِ فِي ذَلِكَ إِذَا اقْتَطَعَ بِهَا حَقًا لغيره وَهَذَا إِذا تحاكما واما فِي غَيْرِ الْمُحَاكَمَةِ فَقَالَ الْأَكْثَرُ نِيَّةُ الْحَالِفِ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَطَائِفَةٌ نِيَّةُ الْمَحْلُوفِ لَهُ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ مَنِ ادَّعَى حَقًّا عَلَى رَجُلٍ فَأَحْلَفَهُ الْحَاكِمُ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ عَلَى مَا نَوَاهُ الْحَاكِمُ وَلَا تَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ اتِّفَاقًا فَإِنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اسْتِحْلَافِ الْحَاكِمِ نَفَعَتِ التَّوْرِيَةُ إِلَّا أَنَّهُ إِنْ أَبْطَلَ بِهَا حَقًّا أَثِمَ وَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا حَلَفَ بِاللَّهِ فَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوِ الْعَتَاقِ نَفَعَتْهُ التَّوْرِيَةُ وَلَوْ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِذَلِكَ كَذَا أَطْلَقَ وَيَنْبَغِي فِيمَا إِذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَرَى جَوَازَ التَّحْلِيفِ بِذَلِكَ أَنْ لَا تَنْفَعهُ التورية قَولُهُ بَابُ إِذَا أَهْدَى مَالَهُ عَلَى وَجْهِ النّذر وَالتَّوْبَة كَذَا للْجَمِيع إِلَّا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَعِنْدَهُ الْقُرْبَةُ بَدَلُ التَّوْبَةِ وَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي مُسْتَخْرَجِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَقَولُهُ أَهْدَى أَيْ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ أَوْ جَعَلَهُ هَدِيَّةً لِلْمُسْلِمِينَ وَهَذَا الْبَابُ هُوَ أَوَّلُ أَبْوَابِ النُّذُورِ وَالنَّذْرُ فِي اللُّغَةِ الْتِزَامُ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَفِي الشَّرْعِ الْتِزَامُ الْمُكَلَّفِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا وَهُوَ قِسْمَانِ نَذْرُ تَبَرُّرٍ وَنَذْرُ لَجَاجٍ وَنَذْرُ التَّبَرُّرِ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا مَا يتَقرَّب بِهِ ابْتِدَاء كلله عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ كَذَا وَيُلْتَحَقُ بِهِ مَا إِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ كَذَا شُكْرًا عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيَّ مِنْ شِفَاءِ مَرِيضِي مَثَلًا وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُهُمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى صِحَّتِهِ وَاسْتِحْبَابِهِ وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ وَالثَّانِي مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ مُعَلَّقًا بِشَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ إِذَا حَصَلَ لَهُ كَإِنْ قَدِمَ غَائِبِي أَوْ كَفَانِي شَرَّ عَدُوِّي فَعَلَيَّ صَوْمُ كَذَا مَثَلًا وَالْمُعَلَّقُ لَازِمٌ اتِّفَاقًا وَكَذَا الْمُنَجَّزُ فِي الرَّاجِحِ وَنَذْرُ اللَّجَاجِ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا مَا يُعَلِّقُهُ عَلَى فِعْلِ حَرَامٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ فَلَا يَنْعَقِدُ فِي الرَّاجِحِ إِلَّا إِنْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَوْ كَانَ فِي فِعْلِهِ مَشَقَّةٌ فَيَلْزَمُهُ وَيُلْتَحَقُ بِهِ مَا يُعَلِّقُهُ عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ وَالثَّانِي مَا يُعَلِّقُهُ عَلَى فِعْلِ خِلَافِ الْأُولَى أَوْ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكِ مُسْتَحَبٍّ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ الْوَفَاءُ أَو كَفَّارَة يَمِين أَو التَّخْيِير بَيْنَهُمَا وَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَكَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَجَزَمَ الْحَنَفِيَّةُ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ فِي الْجَمِيعِ وَالْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا

[ قــ :6340 ... غــ :6690] .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنِي يُونُس هُوَ بن يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ هُوَ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّاوِي عَنْهُ وَقد مضى فِي تَفْسِيرُ سُورَةِ بَرَاءَةٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ حَدثنِي بن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدثنَا يُونُس عَن بن شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق إِسْحَاق بن رَاشد عَن بن شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ فِي حَدِيثِهِ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا أَيِ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ تَخَلُّفِهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلَامِهِ وَكَلَامِ رَفِيقَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ مَعَ شَرْحِهِ فِي الْمَغَازِي لَكِن بِوَجْه آخر عَن بن شِهَابٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ بِنُونٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ أَعْرَى مِنْ مَالِي كَمَا يَعْرَى الْإِنْسَانُ إِذَا خَلَعَ ثَوْبَهُ .

     قَوْلُهُ  أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ زَادَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ بِهَذَا السَّنَدِ فَقُلْتُ إِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ وَهُوَ عِنْدَ المُصَنّف من وَجه آخر عَن بن شهَاب وَوَقع فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَخْرُجَ مِنْ مَالِي كُلَّهِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صَدَقَةً قَالَ لَا.

.

قُلْتُ فَنِصْفَهُ قَالَ لَا.

.

قُلْتُ فَثُلُثَهُ قَالَ نَعَمْ.

.

قُلْتُ فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِيَ الَّذِي بِخَيْبَر واخرج من طَرِيق بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَإِنِّي أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي كُلِّهُ صَدَقَةً قَالَ يُجزئ عَنْكَ الثُّلُثُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ عِنْدَ احْمَد وَأبي دَاوُد نَحوه وقداختلف السَّلَفُ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ عَلَى عَشَرَةِ مَذَاهِبَ فَقَالَ مَالِكٌ يَلْزَمُهُ الثُّلُثُ لهَذَا الْحَدِيثِ وَنُوزِعَ فِي أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ النَّذْرِ وَلَا بِمَعْنَاهُ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ نَجَّزَ النَّذْرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَهُ فَاسْتَأْذَنَ وَالِانْخِلَاعُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي صُدُورِ النَّذْرِ مِنْهُ وَإِنَّمَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُؤَكِّدَ أَمْرَ تَوْبَتِهِ بِالتَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ مَالِهِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ كَانَ الأولى لكعب أَنْ يَسْتَشِيرَ وَلَا يَسْتَبِدَّ بِرَأْيِهِ لَكِنْ كَأَنَّهُ قَامَتْ عِنْدَهُ حَالٌ لِفَرَحِهِ بِتَوْبَتِهِ ظَهَرَ لَهُ فِيهَا أَنَّ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ فِي الشُّكْرِ فَأَوْرَدَ الِاسْتِشَارَةَ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ فِي كَوْنِهِ جَزَمَ بِأَنَّ مِنْ تَوْبَتِهِ أَنْ يَنْخَلِعَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ إِلَّا أَنَّهُ نَجَّزَ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ لَمْ يَبُتَّ كَعْبٌ الِانْخِلَاعَ بَلِ اسْتَشَارَ هَل يفعل اولا.

.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَفْهَمَ وَحُذِفَتْ أَدَاةُ الِاسْتِفْهَامِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْكَثِيرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وُجُوبَ الْوَفَاءِ لِمَنِ الْتَزَمَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ إِلَّا إِذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْقُرْبَةِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مَلِيًّا لَزِمَهُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهَذَا قَول اللَّيْث وَوَافَقَهُ بن وهب وَزَادَ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا يُخْرِجُ قَدْرَ زَكَاةِ مَالِهِ وَالْأَخِيرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ وَهُوَ قَول ربيعَة وَعَن الشّعبِيّ وبن أَبِي لُبَابَةَ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ أَصْلًا وَعَنْ قَتَادَةَ يَلْزَمُ الْغَنِيَّ الْعُشْرُ وَالْمُتَوَسِّطَ السُّبُعُ وَالْمُمْلَقَ الْخُمُسُ وَقِيلَ يَلْزَمُ الْكُلُّ إِلَّا فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ فَكَفَّارَتُهُ يَمِينٌ وَعَنْ سَحْنُونٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يخرج مَالا يَضُرُّ بِهِ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَجَمَاعَةٍ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ وَعَنِ النَّخَعِيِّ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَمُنَاسَبَةُ حَدِيثِ كَعْبٍ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ مَعْنَى التَّرْجَمَةِ أَنَّ مَنْ أَهْدَى أَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ إِذَا تَابَ مِنْ ذَنْبٍ أَوْ إِذَا نَذَرَ هَلْ يَنْفُذُ ذَلِكَ إِذَا نَجَّزَهُ أَوْ عَلَّقَهُ وَقِصَّةُ كَعْبٍ مُنْطَبِقَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ التَّنْجِيزُ لَكِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ تَنْجِيزٌ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِنَّمَا اسْتَشَارَ فَأُشِيرَ عَلَيْهِ بِإِمْسَاكِ الْبَعْضِ فَيَكُونُ الْأَوْلَى لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ يُعَلِّقَهُ أَنْ يُمْسِكَ بَعْضَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ نَجَّزَهُ لَمْ يَنْفُذْ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ إِلَى أَنَّ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ الْمَالِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فَمَنْ كَانَ قَوِيًّا عَلَى ذَلِكَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الصَّبْرَ لَمْ يُمْنَعْ وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّلُ فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَإِيثَارُ الْأَنْصَارِ عَلَى أَنْفُسِهِمُ الْمُهَاجِرِينَ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّلُ لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَفِي لَفْظِ أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي حَدِيثِ كَعْبٍ أَنَّ لِلصَّدَقَةِ أَثَرًا فِي مَحْوِ الذُّنُوبِ وَمِنْ ثَمَّ شُرِعَتِ الْكَفَّارَةُ الْمَالِيَّةُ وَنَازَعَهُ الْفَاكِهَانِيُّ فَقَالَ التَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا وَظَاهِرُ حَالِ كَعْبٍ أَنَّهُ أَرَادَ فِعْلَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الشُّكْرِ.

.

قُلْتُ مُرَادُ الشَّيْخِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ كَعْبٍ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي إِلَخْ أَنَّ لِلصَّدَقَةِ أَثَرًا فِي قَبُولِ التَّوْبَةِ الَّتِي يَتَحَقَّقُ بِحُصُولِهَا مَحْوُ الذُّنُوبِ وَالْحُجَّةُ فِيهِ تَقْرِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ على القَوْل الْمَذْكُور

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِذَا أَهْدَى مَالَهُ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَالتَّوْبَةِ
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( إذا أهدى) شخص ( ماله) أي تصدق به ( على وجه النذر والتوبة) بالمثناة الفوقية والموحدة المفتوحتين بينهما واو ساكنة وللكشميهني والقربة بالقاف المضمومة والراء الساكنة بدل الفوقية والواو والجواب محذوف تقديره هل ينفذ ذلك إذا أنجزه أو علقه والنذر بالذال المعجمة هو لغة الوعد بشرط أو التزام ما ليس بلازم أو الوعد بخير أو شر وشرعًا التزام قربة لم تتعين وأركانه صيغة ومنذور وناذر وشرطه في الناذر إسلام واختيار ونفوذ تصرف فيما ينذره فيصح من السكران لا من الكافر لعدم أهليته للقربة ولا من مكره ولا ممن لا ينفذ تصرفه.
وفي الصيغة لفظ يشعر بالالتزام كلّله عليّ كذا أو عليّ كذا كعتق وصوم وصلاة فلا يصح إلا بالنية كسائر العقود، وفي النذور كونه قربة لم تتعين نفلاً كانت أو فرض كفاية لم يتعين كعتق وعبادة فلو نذر غير القربة من واجب عيني كصلاة الظهر مثلاً أو معصية كشرب خمر أو مكروه صوم الدهر لمن خاف به الضرر أو فوت حق أو مباح كقيام وقعود سواء نذر فعله أو تركه لم يصح نذره ولم يلزمه بمخالفته كفارة والنذر ضربان نذر لجاج وهو التمادي في الخصومة ويسمى نذر اللجاج
والغضب بأن يمنع نفسه أو غيرها من شيء أو يحث عليه أو يحقق خبرًا غضبًا بالتزام قربة كإن كلمته أو إن لم أكلمه أو إن لم يكن الأمر كما قلته فعليَّ كذا، وفيه عند وجود الصفة ما التزمه أو كفارة يمين ونذر تبرر بأن يلتزم قربة بلا تعليق كعليّ كذا، وكقول من شفي من مرضه لله عليّ كذا لما أنعم الله عليّ من شفائي من مرضي أو يتعلق بحدوث نعمة أو ذهاب نقمة كإن شفى الله مريضي فعليّ كذا فيلزمه ذلك حالاً إن لم يعلقه أو عند وجود الصفة إن علقه.


[ قــ :6340 ... غــ : 6690 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ - قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فِى حَدِيثِهِ: { وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] فَقَالَ فِى آخِرِ حَدِيثِهِ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنِّى أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ».

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن صالح) المصري المعروف بابن الطبراني كان أبوه من طبرستان قال: ( حدّثنا ابن وهب) عبد الله المصري قال: ( أخبرني) بالإفراد ( يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك) الأنصاري أبو الخطاب المدني ولأبي ذر كما في اليونينية أخبرني عبد الرَّحمن بن عبد الله عن عبد الله بن كعب بن مالك ( وكان) عبد الله ( قائد كعب) أبيه ( من) بين ( بنيه حين عمي) وكان بنوه أربعة عبد الله وعبد الرَّحمن ومحمد وعبيد الله ( قال: سمعت) أبي ( كعب بن مالك في حديثه) الطويل في قصة تخلفه عن غزوة تبوك السوق هنا مختصرًا ( { وعلى الثلاثة الذين خلفوا} ) [التوبة: 118] ( فقال في آخر حديثه إنّ من) شكر ( توبتي أن أنخلع) أي أن أعرى ( من مالي) كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه ( صدقة إلى الله ورسوله) إلى بمعنى اللام أي صدقة خالصة لله ورسوله أو تتعلق بصفة مقدّرة أي صدقة واصلة إلى الله أي إلى ثوابه وجزائه وإلى رسوله أي إلى رضاه وحكمه وتصرفه ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( امسك) بكسر المهملة ( عليك بعض مالك فهو خير لك) فى سنن أبي داود من توبتي إلى الله أن أخرج من مالي كله إلى الله وإلى رسوله صدقة قال: لا.
قلت فثلثه قال: نعم والضمير عائد على المصدر المستفاد من أمسك أي إمساكك بعض مالك خير لك من أن تتضرر بالفقر والفاء في فهو جواب شرط مقدّر أي أن تمسك فهو خير لك.

واستشكل إيراد هذا الحديث في النذور لأن كعبًا لم يصرح بلفظ النذر ولا بمعناه والانخلاع الذي ذكره ليس بظاهر في صدور النذر منه، وإنما الظاهر أنه يؤكد أمر توبته بالتصدق بجميع ماله شكرًا لله تعالى على ما أنعم به عليه.
وأجيب: بأن المناسبة للترجمة أن معنى الترجمة أن من أهدى أو تصدق بجميع ماله إذا تاب من ذنب أو إذا نذر هل ينفذ ذلك إذ أنجزه أو علقه.
وقصة
كعب هذه منطبقة على التنجيز لكنه لم يصدر منه تنجيز وإنما استشار فأشير عليه فإمساك البعض، واختلف في هذه المسألة فقيل يلزمه الثلث إذا نذر التصدق بجميع ماله، وقيل يلزمه جميع ماله، وقيل إن علقه بصفة فالقياس إخراجه كله قاله أبو حنيفة، وقال إن كان نذر تبرر كإن شفى الله مريضي لزمه كله وإن كان لجاجًا وغضبًا فهو بالخيار بين أن يفي بذلك كله أو يكفر كفارة يمين وهو قول الشافعي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ إِذا أهْدَى مالَهُ عَلى وَجْهِ النَّذْرِ والتَّوْبَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا أهْدى شخص مَاله أَي جعله هَدِيَّة للْمُسلمين أَو تصدق بِهِ على وَجه النّذر أَو على وَجه التَّوْبَة بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْوَاو، وَهَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْجَمِيع إلاَّ الْكشميهني، فَإِن فِي رِوَايَته: إلاَّ الْقرْبَة، بِضَم الْقَاف وَسُكُون الرَّاء، وَجَوَابه مَحْذُوف تَقْدِيره: هَل ينفذ ذَلِك إِذا نجزه أَو علقه؟ وَهَذَا الْبابُُ أول أَبْوَاب النذور لِأَن الْكتاب كَانَ فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور، وَفرغ من أَبْوَاب الْأَيْمَان وَشرع فِي أَبْوَاب النذور، وَهُوَ جمع نذر وَهُوَ إِيجَاب شَيْء من عبَادَة أَو صَدَقَة أَو نَحْوهمَا على نَفسه تَبَرعا، يُقَال: نذرت الشَّيْء أنذر وأنذر بِالْكَسْرِ وَالضَّم نذرا.
وَيُقَال النّذر فِي اللُّغَة الْتِزَام خير أَو شَرّ، وَفِي الشَّرْع: الْتِزَام الْمُكَلف شَيْئا لم يكن عَلَيْهِ مُنجزا أَو مُعَلّقا، وَالنّذر نَوْعَانِ: نذر تبرر، وَنذر لجاج.

فَالْأول: على قسمَيْنِ: أَحدهمَا: مَا يتَقرَّب بِهِ ابْتِدَاء كَقَوْلِه: لله على أَن أَصوم كَذَا ... مُطلقًا، أَو: أَصوم شكرا على أَن شفي الله مريضي.
.
وَنَحْوه، وَقيل: الِاتِّفَاق على صِحَّته فِي الْوَجْهَيْنِ وَعَن بعض الشَّافِعِيَّة فِي الْوَجْه الثَّانِي أَنه لَا ينْعَقد.
وَالثَّانِي: من الْقسمَيْنِ: مَا يتَقرَّب بِهِ مُعَلّقا كَقَوْلِه: إِن قدم فلَان من سَفَره فعلي أَن أَصوم كَذَا، وَهَذَا لَازم اتِّفَاقًا.

وَنذر اللجاج كَذَلِك على قسمَيْنِ: أَحدهمَا: مَا يعلقه على فعل حرَام أَو ترك وَاجِب فَلَا ينْعَقد.
وَالْقسم الآخر: مَا يتَعَلَّق بِفعل مُبَاح أَو ترك مُسْتَحبّ أَو خلاف الأولى، فَفِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال للْعُلَمَاء: الْوَفَاء أَو كَفَّارَة يَمِين أَو التَّخْيِير بَينهمَا عِنْد الشَّافِعِيَّة، وَعند الْمَالِكِيَّة: لَا ينْعَقد أصلا، وَعند الْحَنَفِيَّة: يلزمة كَفَّارَة الْيَمين فِي الْجَمِيع.



[ قــ :6340 ... غــ :6690 ]
- حدّثنا أحْمَدُ بنُ صالِحٍ حَدثنَا ابنُ وَهْبٍ أَخْبرنِي يُونُسُ عَن ابنِ شِهابٍ أَخْبرنِي عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَبْدِ الله بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ وَكَانَ قائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ قَالَ: سَمِعْتُ كعْبَ بنِ مالِكٍ فِي حَدِيثِهِ: { وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} ( التَّوْبَة: 811) فَقَالَ فِي آخر حَدِيثِهِ: إنَّ مِنْ تَوْبَتِي أنْ أنْخَلِعَ مِنْ مالِي صَدَقَةً إِلَى الله ورسُولِهِ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مالِكَ فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن كَعْب بن مَالك جعل من تَوْبَته انخلاعه من مَاله صَدَقَة إِلَى الله وَرَسُوله.
قيل: فِيهِ نظر لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الانخلاع الْمَذْكُور مَا يدل على النّذر مِنْهُ، والترجمة فِيهَا النّذر وَيُمكن الْجَواب بِأَن يُقَال: إِن فِي الانخلاع معنى الِالْتِزَام، وَفِي الِالْتِزَام معنى النّذر، وَلم يذكر هَذَا أحد من الشُّرَّاح.

وَأحمد بن صَالح أَبُو جَعْفَر الْمصْرِيّ يروي عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.

والْحَدِيث مضى بِطُولِهِ فِي كاب الْمَغَازِي.

وَكَعب ابْن مَالك هُوَ أحد { الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} وَنزلت الْآيَة فِيهِ وَفِي صَاحِبيهِ، وهما: مرَارَة بِضَم الْمِيم وهلال.
قَوْله: ( فِي حَدِيثه) أَي: فِي حَدِيث تخلفه عَن غَزْوَة تَبُوك.
قَوْله: ( أَن انخلع) كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة، وأنخلع من الانخلاع أَي: أَن أعرى من مَالِي كَمَا يعرى الْإِنْسَان إِذا خلع ثَوْبه.
قَوْله: ( أمسك عَلَيْك بعض مَالك) وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن أَحْمد بن صَالح بِهَذَا السَّنَد: فَقلت: إِنِّي أمسك سهمي الَّذِي يخيبر.
قَوْله: ( فَهُوَ خير لَك) أَي: إمْسَاك بعض مَالك خير لَك، وَعين الْبَعْض فِي رِوَايَة لأبي دَاوُد قَالَ: يجزىء عَنْك الثُّلُث.

اخْتلف الْعلمَاء فِيمَن نذر أَن يتَصَدَّق بِجَمِيعِ مَاله على عشرَة أَقْوَال.

الأول: يلْزمه ثلث مَاله، وَبِه قَالَ مَالك.
الثَّانِي: إِنَّه إِن كَانَ مَلِيًّا فَكَذَلِك، وَإِن كَانَ فَقِيرا فكفارة يَمِين، وَبِه قَالَ اللَّيْث وَابْن وهب.
الثَّالِث: إِن كَانَ متوسطاً يخرج بِحِصَّة الثُّلُث، وَهُوَ قَول ربيعَة.
الرَّابِع: يخرج مَا لَا يضر بِهِ، وَهُوَ قَول سَحْنُون من الْمَالِكِيَّة.
الْخَامِس: يخرج زَكَاة مَاله، يرْوى ذَلِك عَن ربيعَة أَيْضا.
السَّادِس: يخرج جَمِيع مَاله، وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ.
السَّابِع: إِن علقه بِشَرْط كَقَوْلِه: إِن شفى الله مريضي، أَو إِن دخلت الدَّار ... فَالْقِيَاس أَن يلْزمه إِخْرَاج كل مَاله، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة.
الثَّامِن: إِن أخرج نَذره مخرج التبرر مثل: إِن شفي الله مريضي فَيلْزمهُ جَمِيع مَاله، وَإِن كَانَ لجاجاً وغضباً فيقصد منع نَفسه من فعل مُبَاح كَأَن دخلت الدَّار فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَن يَفِي بذلك أَو يكفر كَفَّارَة يَمِين، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي.
التَّاسِع: لَا يلْزمه شَيْء أصلا، وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى، وطاووس وَالشعْبِيّ.
الْعَاشِر: يحبس لنَفسِهِ من مَاله قوت شَهْرَيْن ثمَّ يتَصَدَّق بِمثلِهِ إِذا أَفَادَ، وَهُوَ قَول زفر.