6471 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : حَفِظْنَاهُ مِنْ فِي الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ : أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ ، قَالاَ : كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ ، فَقَامَ خَصْمُهُ ، وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ ، فَقَالَ : اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي ؟ قَالَ : قُلْ قَالَ : إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ ، ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ ، فَأَخْبَرُونِي : أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ ، وَعَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ ، المِائَةُ شَاةٍ وَالخَادِمُ رَدٌّ ، عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا قُلْتُ لِسُفْيَانَ : لَمْ يَقُلْ : فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ ؟ فَقَالَ : الشَّكُّ فِيهَا مِنَ الزُّهْرِيِّ ، فَرُبَّمَا قُلْتُهَا ، وَرُبَّمَا سَكَتُّ |
6471 حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، قال : حفظناه من في الزهري ، قال : أخبرني عبيد الله : أنه سمع أبا هريرة ، وزيد بن خالد ، قالا : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال : أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله ، فقام خصمه ، وكان أفقه منه ، فقال : اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي ؟ قال : قل قال : إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته ، فافتديت منه بمائة شاة وخادم ، ثم سألت رجالا من أهل العلم ، فأخبروني : أن على ابني جلد مائة وتغريب عام ، وعلى امرأته الرجم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله جل ذكره ، المائة شاة والخادم رد ، عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ، واغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها فغدا عليها فاعترفت فرجمها قلت لسفيان : لم يقل : فأخبروني أن على ابني الرجم ؟ فقال : الشك فيها من الزهري ، فربما قلتها ، وربما سكت |
":"ہم سے علی بن عبداللہ نے بیان کیا ، کہا ہم سے سفیان نے بیان کیا ، کہا ہم نے اسے زہری سے ( سن کر ) یاد کیا ، انہوں نے بیان کیا کہ مجھے عبیداللہ نے خبر دی ، انہوں نے حضرت ابوہریرہ اور زید بن خالد رضی اللہ عنہما سے سنا ، انہوں نے بیان کیا کہہم نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے پاس تھے تو ایک صاحب کھڑے ہوئے اور کہا میں آپ کو اللہ کی قسم دیتا ہوں آپ ہمارے درمیان اللہ کی کتاب سے فیصلہ کریں ۔ اس پر اس کا مقابل بھی کھڑا ہو گیا اور وہ پہلے سے زیادہ سمجھدار تھا ، پھر اس نے کہا کہ واقعی آپ ہمارے درمیان کتاب اللہ سے ہی فیصلہ کیجئے اور مجھے بھی گفتگو کی اجازت دیجئیے ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ کہو ۔ اس شخص نے کہا کہ میرا بیٹا اس شخص کے یہاںمزدوری پر کام کرتا تھا پھر اس نے اس کی عورت سے زنا کر لیا ، میں نے اس کے فدیہ میں اسے سو بکری اور ایک خادم دیا ، پھر میں نے بعض علم والوں سے پوچھا تو انہوں نے مجھے بتایا کہ میرے لڑکے پر سوکوڑے اور ایک سال شہر بدر ہونے کی حد واجب ہے ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے اس پر فرمایا کہ اس ذات کی قسم جس کے ہاتھ میں میری جان ہے میں تمہارے درمیان کتاب اللہ ہی کے مطابق فیصلہ کروں گا ۔ سو بکریاں اور خادم تمہیں واپس ہوں گے اور تمہارے بیٹے کو سو کوڑے لگائے جائیں گے اور ایک سال کے لیے اسے جلاوطن کیا جائے گا اور اے انیس ! صبح کو اس کی عورت کے پاس جانا اگر وہ ( زنا کا ) اقرار کر لے تو اسے رجم کر دو ۔ چنانچہ وہ صبح کو اس کے پاس گئے اور اس نے اقرار کر لیا اور انہوں نے رجم کر دیا ۔ علی بن عبداللہ مدینی کہتے ہیں میں نے سفیان بن عیینہ سے پوچھا جس شخص کا بیٹا تھا اس نے یوں نہیں کہا کہ ان عالموں نے مجھ سے بیان کیا کہ تیرے بیٹے پر رجم ہے ۔ انہوں نے کہا کہ مجھ کو اس میں شک ہے کہ زہری سے میں نے سنا ہے یا نہیں ، اس لیے میں نے اس کو کبھی بیان کیا کبھی نہیں بیان کیا بلکہ سکوت کیا ۔
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[6827] قَوْله حَدثنَا سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ .
قَوْلُهُ حَفِظْنَاهُ مِنْ فِي الزُّهْرِيِّ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ .
قَوْلُهُ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله زَاد الْحميدِي بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ .
قَوْلُهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَشِبْلٍ وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ وَقُتَيْبَةُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبَة وَمُحَمّد بن الصَّباح عِنْد بن مَاجَهْ وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَآخَرُونَ عَنْ سُفْيَانَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سُفْيَانَ وَلَفْظُهُ سَمِعْتُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَشِبْلٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا وَهْمٌ مِنْ سُفْيَانَ وَإِنَّمَا رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ حَدِيثَ إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ فَذَكَرَ فِيهِ شِبْلًا وَرَوَى حَدِيثَ الْبَابِ بِهَذَا السَّنَدِ لَيْسَ فِيهِ شِبْلٌ فَوَهِمَ سُفْيَانُ فِي تَسْوِيَتِهِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ.
.
قُلْتُ وَسَقَطَ ذِكْرُ شِبْلٍ مِنْ رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَا أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْهَا عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَصَالح بن كيسَان وللبخاري من رِوَايَة بن أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَمَعْمَرٍ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ شِبْلٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَشِبْلٌ لَا صُحْبَةَ لَهُ وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى الزبيدِيّ وَيُونُس وبن أَخِي الزُّهْرِيِّ فَقَالُوا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ شِبْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْأَوْسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ.
.
قُلْتُ وَرِوَايَةُ الزُّبَيْدِيِّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَيْسَ هُوَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إِلَّا عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ كُنْتُعِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَوْلُهُ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ بن أَبِي ذِئْبٍ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ .
قَوْلُهُ فَقَامَ رجل فِي رِوَايَة بن أَبِي ذِئْبٍ الْآتِيَةِ قَرِيبًا وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ الْآتِيَةِ فِي الْأَحْكَامِ وَاللَّيْثِ الْمَاضِيَةِ فِي الشُّرُوطِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فِي الْأَحْكَامِ إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ الْآتِيَةِ قَرِيبًا أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا .
قَوْلُهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَنُونٍ سَاكِنَةٍ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ وَضَمَّنَ أَنْشُدُكَ مَعْنَى أذكرك فَحذف الْبَاء أَي أذكرك رَافعا نشيدتي أَيْ صَوْتِي هَذَا أَصْلُهُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مَطْلُوبٍ مُؤَكَّدٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رَفْعُ صَوْتٍ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ إِيرَادُ مَنِ اسْتَشْكَلَ رَفْعَ الرَّجُلِ صَوْتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّهْيِ عَنْهُ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ لِكَوْنِهِ أَعْرَابِيًّا أَوِ النَّهْيُ لِمَنْ يَرْفَعُهُ حَيْثُ يَتَكَلَّمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَغَلَّطَهُ .
قَوْلُهُ إِلَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ قِيلَ فِيهِ اسْتِعْمَالُ الْفِعْلِ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ لِضَرُورَةِ افْتِقَارِ الْمَعْنَى إِلَيْهِ وَهُوَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا الْفِعْلُ مَوْقِعَ الِاسْمِ وَيُرَادُ بِهِ النَّفْيُ الْمَحْصُورُ فِيهِ الْمَفْعُولُ وَالْمَعْنَى هُنَا لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا الْقَضَاءَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ إِلَّا جَوَابَ الْقَسَمِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْحَصْرِ وَتَقْدِيرُهُ أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ لَا تَفْعَلْ شَيْئًا إِلَّا الْقَضَاءَ فَالتَّأْكِيدُ إِنَّمَا وَقَعَ لِعَدَمِ التَّشَاغُلِ بِغَيْرِهِ لَا لِأَنَّ لِقَوْلِهِ بِكِتَابِ اللَّهِ مَفْهُومًا وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ إِيرَادُ مَنِ اسْتَشْكَلَ فَقَالَ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكُمُ إِلَّا بِكِتَابِ اللَّهِ فَمَا فَائِدَةُ السُّؤَالِ وَالتَّأْكِيدِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ وَالْمُرَادُ بِكِتَابِ اللَّهِ مَا حَكَمَ بِهِ وَكَتَبَ عَلَى عِبَادِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ الْقُرْآن وَهُوَ الْمُتَبَادر.
وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ الرَّجْمَ وَالتَّغْرِيبَ لَيْسَا مَذْكُورَيْنِ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا بِوَاسِطَةِ أَمْرِ اللَّهِ بِاتِّبَاعِ رَسُولِهِ قِيلَ وَفِيمَا قَالَ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا تَضَمَّنَهُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ السَّبِيلَ جَلْدُ الْبِكْرِ وَنَفْيُهُ وَرَجْمُ الثَّيِّبِ.
.
قُلْتُ وَهَذَا أَيْضًا بِوَاسِطَةِ التَّبْيِينِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْآيَةُ الَّتِي نُسِخَتْ تِلَاوَتُهَا وَهِيَ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ وَبِهَذَا أَجَابَ الْبَيْضَاوِيُّ وَيَبْقَى عَلَيْهِ التَّغْرِيبُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِكِتَابِ اللَّهِ مَا فِيهِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّ خَصْمَهُ كَانَ أَخَذَ مِنْهُ الْغَنَمَ وَالْوَلِيدَةَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِذَلِكَ قَالَ الْغَنَمُ وَالْوَلِيدَةُ رَدٌّ عَلَيْكَ وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكِتَابِ اللَّهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ أَفْرَادِ الْقِصَّةِ مِمَّا وَقَعَ بِهِ الْجَوَابُ الْآتِي ذِكْرُهُ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
قَوْلُهُ فَقَامَ خَصْمُهُ وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فَقَالَ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي كَانَ عَارِفًا بِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَتَحَاكَمَا فَوَصَفَ الثَّانِيَ بِأَنَّهُ أَفْقَهُ مِنَ الْأَوَّلِ إِمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْخَاصَّةِ أَوِ اسْتَدَلَّ بِحُسْنِ أَدَبِهِ فِي اسْتِئْذَانِهِ وَتَرْكِ رَفْعِ صَوْتِهِ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ رَفَعَهُ وَتَأْكِيدِهِ السُّؤَالَ عَلَى فِقْهِهِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ حسن السُّؤَال نصف الْعلم وَأوردهُ بن السُّنِّيِّ فِي كِتَابِ رِيَاضَةِ الْمُتَعَلِّمِينَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ .
قَوْلُهُ فَقَالَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ الله وائذن لِي فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فَقَالَ أَجَلْ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَقَالَ نَعَمْ فَاقْضِ وَفِي رِوَايَةِ بن أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبٍ فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ لَهُ يَا رَسُول الله بِكِتَاب الله قَوْله وائذن لي زَاد بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ حَتَّى أَقُولَ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ أَنْ أَتَكَلَّمَ .
قَوْلُهُ قُلْ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ قَالَ تَكَلَّمْ .
قَوْلُهُ قَالَ ظَاهِرُالسِّيَاقِ أَنَّ الْقَائِلَ هُوَ الثَّانِي وَجَزَمَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْقَائِلَ هُوَ الْأَوَّلُ وَاسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ لِمَا وَقَعَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ عَنْ آدَمَ عَن بن أَبِي ذِئْبٍ هُنَا فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ إِنَّ ابْنِي بَعْدَ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ وَفِيهِ فَقَالَ خَصْمُهُ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ شَاذَّةٌ وَالْمَحْفُوظُ مَا فِي سَائِرِ الطُّرُقِ كَمَا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَذَا وَقَعَ فِي الشُّرُوط عَن عَاصِم بن عَليّ عَن بن أَبِي ذِئْبٍ مُوَافِقًا لِلْجَمَاعَةِ وَلَفْظُهُ فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِكِتَابِ اللَّهِ ان ابْني الخ فالاختلاف فِيهِ على بن أَبِي ذِئْبٍ وَقَدْ وَافَقَ آدَمَ أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَوَافَقَ عَاصِمًا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ .
قَوْلُهُ إِنَّ ابْنِي هَذَا فِيهِ أَنَّ الِابْنَ كَانَ حَاضِرًا فَأَشَارَ إِلَيْهِ وَخَلَا مُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْ هَذِهِ الْإِشَارَةِ .
قَوْلُهُ كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا هَذِهِ الْإِشَارَةُ الثَّانِيَةُ لِخَصْمِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ زَادَ شُعَيْبٌ فِي رِوَايَتِهِ وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ وَهَذَا التَّفْسِيرُ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ وَكَأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ كَثِيرًا مِنَ التَّفْسِيرِ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِي فِي الْمُدْرَجِ وَقَدْ فَصَّلَهُ مَالِكٌ فَوَقَعَ فِي سِيَاقِهِ كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ وَحَذَفَهَا سَائِرُ الرُّوَاةِ وَالْعَسِيفُ بِمُهْمَلَتَيْنِ الْأَجِيرُ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ وَالْجَمْعُ عُسَفَاءُ كَأُجَرَاءَ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْخَادِمِ وَعَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى السَّائِلِ وَقِيلَ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ يُسْتَهَانُ بِهِ وَفَسَّرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ بِالْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ وَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِطْلَاقُهُ عَلَى صَاحِبِ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ فِي ابْتِدَاءِ الِاسْتِئْجَارِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ تَعْيِينُ كَوْنِهِ أَجِيرًا وَلَفْظُهُ من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن بن شِهَابٍ كَانَ ابْنِي أَجِيرًا لِامْرَأَتِهِ وَسُمِّيَ الْأَجِيرُ عَسِيفًا لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَعْسِفُهُ فِي الْعَمَلِ وَالْعَسْفُ الْجَوْرُ أَوْ هُوَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ لِكَوْنِهِ يَعْسِفُ الْأَرْضَ بِالتَّرَدُّدِ فِيهَا يُقَالُ عَسَفَ اللَّيْلَ عَسْفًا إِذَا أَكْثَرَ السَّيْرَ فِيهِ وَيُطْلَقُ الْعَسْفُ أَيْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ وَالْأَجِيرُ يَكْفِي الْمُسْتَأْجِرَ الْأَمْرَ الَّذِي أَقَامَهُ فِيهِ .
قَوْلُهُ عَلَى هَذَا ضَمَّنَ عَلَى معنى عِنْد بِدَلِيل رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْبٍ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَسِيفًا فِي أَهْلِ هَذَا وَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَخْدَمَهُ فِيمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ مِنَ الْأُمُورِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَا وَقَعَ لَهُ مَعَهَا .
قَوْلُهُ فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَافْتَدَيْتُ زَادَ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ وَقَدْ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ رِوَايَةً فِي آخِرِهِ هُنَا أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَشُكُّ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَرُبَّمَا تَرَكَهَا وَغَالِبُ الرُّوَاةِ عَنْهُ كأحمد وَمُحَمّد بن يُوسُف وبن أَبِي شَيْبَةَ لَمْ يَذْكُرُوهَا وَثَبَتَتْ عِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْث وبن أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ آدَمَ فَقَالُوا لِي عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فَأُخْبِرْتُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ فَقَالَ لِي بِالْإِفْرَادِ وَكَذَا عِنْدَ أَبِي عوَانَة من رِوَايَة بن وهب عَن يُونُس عَن بن شِهَابٍ فَإِنْ ثَبَتَتْ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ لِخَصْمِهِ وَكَأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ وَهَذَا ظَنٌّ بَاطِلٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَسَأَلْتُ مَنْ لَا يَعْلَمُ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ .
قَوْلُهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ الْمُرَادُ بِالْخَادِمِ الْجَارِيَةُ الْمُعَدَّةُ لِلْخِدْمَةِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ بِلَفْظِ وَجَارِيَةٍ لي وَفِي رِوَايَة بن أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبٍ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْوَلِيدَةِ فِي أَوَاخِرِ الْفَرَائِضِ .
قَوْلُهُ ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي لَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَائِهِمْ وَلَا عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا عَلَى اسْمِ الْخَصْمَيْنِ وَلَا الِابْنِ وَلَا الْمَرْأَةِ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَشُعَيْبٍ ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي وَمِثْلُهُ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ لَكِنْ قَالَ فَزَعَمُوا وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَهْلُ الْعِلْمِ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ثُمَّ سَأَلْتُ مَنْ يَعْلَمُ .
قَوْلُهُ أَنَّ عَلَى ابْنِي فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ إِنَّمَا عَلَى ابْنِي .
قَوْلُهُ جَلْدُ مِائَةٍ بِالْإِضَافَةِ لِلْأَكْثَرِ وَقَرَأَهُبَعْضُهُمْ بِتَنْوِينِ جَلْدٍ مَرْفُوعٍ وَتَنْوِينِ مِائَةٍ مَنْصُوبٍ عَلَى التَّمْيِيزِ وَلَمْ يَثْبُتْ رِوَايَةً .
قَوْلُهُ وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَالْأَكْثَرُ وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَأَخْبَرُونِي أَنْ لَيْسَ عَلَى ابْنِي الرَّجْمُ .
قَوْلُهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ أَمَا وَالَّذِي .
قَوْلُهُ لَأَقْضِيَنَّ بِتَشْدِيدِ النُّونِ لِلتَّأْكِيدِ .
قَوْلُهُ بِكِتَابِ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِالْحَقِّ وَهِيَ تُرَجِّحُ أَوَّلَ الِاحْتِمَالَاتِ الْمَاضِيَ ذِكْرُهَا .
قَوْلُهُ الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ رَدٌّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَلَيْكَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَلَفْظُهُ أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ أَيْ مَرْدُودٌ مِنْ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ كَقَوْلِهِمْ ثَوْبٌ نَسْجٌ أَيْ مَنْسُوجٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرُدَّهَا وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَمَّا مَا أَعْطَيْتَهُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ فَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي أَعْطَيْتَهُ لِخَصْمِهِ تَأَيَّدَتِ الرِّوَايَةُ الْمَاضِيَةُ وَإِنْ كَانَ لِلْعَطَاءِ فَلَا .
قَوْلُهُ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّ الِابْنَ كَانَ بِكْرًا وَأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَضْمَرَ اعْتِرَافَهُ وَالتَّقْدِيرُ وَعَلَى ابْنِكَ إِنِ اعْتَرَفَ وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي مَقَامِ الْحُكْمِ فَلَوْ كَانَ فِي مَقَامِ الْإِفْتَاءِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ إِنْ كَانَ زَنَى وَهُوَ بِكْرٌ وَقَرِينَةُ اعْتِرَافِهِ حُضُورُهُ مَعَ أَبِيهِ وَسُكُوتُهُ عَمَّا نَسَبَهُ إِلَيْهِ.
.
وَأَمَّا الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ بِكْرًا فَوَقَعَ صَرِيحًا مِنْ كَلَامِ أَبِيهِ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَلَفْظُهُ كَانَ ابْنِي أَجِيرًا لِامْرَأَةِ هَذَا وَابْنِي لَمْ يُحْصَنْ .
قَوْلُهُ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَافَقَهُ الْأَكْثَرُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ.
.
وَأَمَّا ابْنُكَ فَنَجْلِدُهُ مِائَةً وَنُغَرِّبُهُ سَنَةً وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الَّذِي صَدَرَ حِينَئِذٍ كَانَ حُكْمًا لَا فَتْوَى بِخِلَافِ رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ .
قَوْلُهُ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ بِنُونٍ وَمُهْمَلَةٍ مُصَغَّرٌ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا زَادَ مُحَمَّد بن يُوسُف فاسألها قَالَ بن السَّكَنِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ وَلَا وَجَدْتُ لَهُ رِوَايَةً وَلَا ذِكْرًا إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.
وَقَالَ بن عبد الْبر هُوَ بن الضَّحَّاك الْأَسْلَمِيّ وَقيل بن مرْثَد وَقيل بن أَبِي مَرْثَدٍ وَزَيَّفُوا الْأَخِيرَ بِأَنَّ أُنَيْسَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَهُوَ غَنَوِيٌّ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ لَا أَسْلَمِيٌّ وَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ لَا التَّصْغِيرِ وَغَلِطَ مَنْ زَعَمَ أَيْضًا أَنَّهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَصُغِّرَ كَمَا صُغِّرَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ أَنْصَارِيٌّ لَا أَسْلَمِيٌّ وَوَقع فِي رِوَايَة شُعَيْب وبن أَبِي ذِئْبٍ.
.
وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ فَاغْدُ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَيُونُسَ وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهُ أُنَيْسٌ قُمْ يَا أُنَيْسُ فَسَلِ امْرَأَةَ هَذَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُدُوِّ الذَّهَابُ وَالتَّوَجُّهُ كَمَا يُطْلَقُ الرَّوَاحُ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْغُدُوِّ وَهُوَ التَّأْخِيرُ إِلَى أَوَّلِ النَّهَارِ كَمَا لَا يُرَادُ بِالرَّوَاحِ التَّوَجُّهُ نِصْفَ النَّهَارِ وَقَدْ حَكَى عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَدَلَّ بِهِ على جَوَاز تَأْخِير إِقَامَةِ الْحَدِّ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَاسْتَضْعَفَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي آخِرِ النَّهَارِ .
قَوْلُهُ فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فِي رِوَايَةِ يُونُسَ وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَرْجُمَ امْرَأَة الآخر إِن اعْتَرَفَتْ .
قَوْلُهُ فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجمت وَاخْتَصَرَهُ بن أَبِي ذِئْبٍ فَقَالَ فَغَدَا عَلَيْهَا فَرَجَمَهَا وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ.
.
وَأَمَّا امْرَأَةُ هَذَا فَتُرْجَمُ وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ أَتَمُّهَا لِأَنَّهَا تُشْعِرُ بِأَنَّ أُنَيْسًا أَعَادَ جَوَابَهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ حِينَئِذٍ بِرَجْمِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَمْرَهُ الْأَوَّلَ الْمُعَلَّقَ عَلَى اعْتِرَافِهَا فَيَتَّحِدُ مَعَ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ وَهُوَ أَوْلَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ الرُّجُوعُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ نَصًّا أَوِ اسْتِنْبَاطًا وَجَوَازُ الْقَسَمِ عَلَى الْأَمْرِ لِتَأْكِيدِهِ وَالْحَلِفُ بِغَيْرِ اسْتِحْلَافٍ وَحسنخُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحِلْمُهُ عَلَى مَنْ يُخَاطِبُهُ بِمَا الْأَوْلَى خِلَافُهُ وَأَنَّ مَنْ تَأَسَّى بِهِ مِنَ الْحُكَّامِ فِي ذَلِكَ يُحْمَدُ كَمَنْ لَا يَنْزَعِجُ لِقَوْلِ الْخَصْمِ مَثَلًا احْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ.
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ إِنَّمَا تَوَارَدَا عَلَى سُؤَالِ الْحُكْمِ بِكِتَابِ اللَّهِ مَعَ أَنَّهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ إِلَّا بِحُكْمِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِالْحَقِّ الصِّرْفِ لَا بِالْمُصَالَحَةِ وَلَا الْأَخْذِ بِالْأَرْفَقِ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِرِضَا الْخَصْمَيْنِ وَفِيهِ أَنَّ حُسْنَ الْأَدَبِ فِي مُخَاطَبَةِ الْكَبِيرِ يَقْتَضِي التَّقْدِيمَ فِي الْخُصُومَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَذْكُورُ مَسْبُوقًا وَأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْخَصْمَيْنِ فِي الدَّعْوَى إِذَا جَاءَا مَعًا وَأَمْكَنَ أَنْ كُلًّا مِنْهُمَا يَدَّعِي وَاسْتِحْبَابُ اسْتِئْذَانِ الْمُدَّعِي وَالْمُسْتَفْتِي الْحَاكِمَ وَالْعَالِمَ فِي الْكَلَامِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ إِذَا ظَنَّ أَنَّ لَهُ عُذْرًا وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالْحَدِّ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ إِقَامَتُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ مُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ مَنْ قَذَفَ غَيْرَهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إِلَّا إِنْ طَلَبَهُ الْمَقْذُوفُ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ قَالَ يَجِبُ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبِ الْمَقْذُوفُ.
.
قُلْتُ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إِذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ حَاضِرًا.
.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ غَائِبًا كَهَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّأْخِيرَ لِاسْتِكْشَافِ الْحَالِ فَإِنْ ثَبَتَ فِي حَقِّ الْمَقْذُوفِ فَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ كَمَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ إِنَّ سَبَبَ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَيْسًا لِلْمَرْأَةِ لِيُعْلِمَهَا بِالْقَذْفِ الْمَذْكُورِ لِتُطَالِبِ بِحَدِّ قَاذِفِهَا إِنْ أَنْكَرَتْ قَالَ هَكَذَا أَوَّلَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بُعِثَ يَطْلُبُ إِقَامَةَ حَدِّ الزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا لَا يُحْتَاطُ لَهُ بِالتَّجَسُّسِ وَالتَّنْقِيبِ عَنْهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ تَلْقِينُ الْمُقِرِّ بِهِ لِيَرْجِعَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ وَكَأَنَّ لِقَوْلِهِ فَإِنِ اعْتَرَفَتْ مُقَابِلًا أَيْ وَإِنْ أَنْكَرَتْ فَأَعْلِمْهَا أَنَّ لَهَا طَلَبَ حَدِّ الْقَذْفِ فَحُذِفَ لِوُجُودِ الِاحْتِمَالِ فَلَوْ أَنْكَرَتْ وَطَلَبَتْ لَأُجِيبَتْ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمسيب عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا أَقَرَّ بِأَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ الْمَرْأَةَ فَقَالَتْ كَذَبَ فَجَلَدَهُ حَدَّ الْفِرْيَةِ ثَمَانِينَ وَقَدْ سَكَتَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَاسْتَنْكَرَهُ النَّسَائِيُّ وَفِيهِ أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ الَّتِي لَا تَعْتَادُ الْبُرُوزَ لَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُرْسَلَ إِلَيْهَا مَنْ يَحْكُمُ لَهَا وَعَلَيْهَا وَقَدْ تَرْجَمَ النَّسَائِيُّ لِذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ السَّائِلَ يَذْكُرُ كُلَّ مَا وَقَعَ فِي الْقِصَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَفْهَمَ الْمُفْتِي أَوِ الْحَاكِمُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى خُصُوصِ الْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ لِقَوْلِ السَّائِلِ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا وَهُوَ إِنَّمَا جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ حُكْمِ الزِّنَا وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ لِابْنِهِ مَعْذِرَةً مَا وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِالْعِهْرِ وَلَمْ يَهْجُمْ عَلَى الْمَرْأَةِ مَثَلًا وَلَا اسْتَكْرَهَهَا وَإِنَّمَا وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ لِطُولِ الْمُلَازَمَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِمَزِيدِ التَّأْنِيسِ وَالْإِدْلَالِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ الْحَثُّ عَلَى إِبْعَادِ الْأَجْنَبِيِّ مِنَ الْأَجْنَبِيَّةِ مَهْمَا أَمْكَنَ لِأَنَّ الْعِشْرَةَ قَدْ تُفْضِي إِلَى الْفَسَادِ وَيَتَسَوَّرُ بِهَا الشَّيْطَانُ إِلَى الْإِفْسَادِ وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِفْتَاءِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ مَنَعَ التَّابِعِيَّ أَنْ يُفْتِيَ مَعَ وُجُودِ الصَّحَابِيِّ مَثَلًا وَفِيه جَوَاز الِاكْتِفَاء فِي الحكم بِالْأَمر الناشيء عَنِ الظَّنِّ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ لَكِنْ إِذَا اخْتَلَفُوا عَلَى الْمُسْتَفْتِي يَرْجِعُ إِلَى مَا يُفِيدُ الْقَطْعَ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ الشَّرِيفِ مَنْ يُفْتِي بِالظَّنِّ الَّذِي لَمْ يَنْشَأْ عَنْ أَصْلٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ ذَلِكَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَوْ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَأَقْدَمَ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي بَلَدِهِ وَقَدْ عَقَدَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ بَابًا لِذَلِكَ وَأَخْرَجَ بِأَسَانِيدَ فِيهَا الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مِنْهُمْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَفِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَبْنِيَّ عَلَى الظَّنِّ يُنْقَضُ بِمَا يُفِيدُ الْقَطْعَ وَفِيهِ أَنَّ الْحَدَّ لَا يَقْبَلُ الْفِدَاءَ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْحِرَابَةِ وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقَذْفِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَجْرِي الْفِدَاءُ فِي الْبَدَنِ كَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ وَأَنَّ الصُّلْحَ الْمَبْنِيَّ عَلَى غَيْرِ الشَّرْعِ يُرَدُّ وَيُعَادُ المَال الْمَأْخُوذ فِيهِقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ ضَعْفُ عُذْرِ مَنِ اعْتَذَرَ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَنْ بَعْضِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ بِأَنَّ الْمُتَعَاوِضَيْنِ تَرَاضَيَا وَأَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ مُقَيَّدٌ بِالْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْإِعْذَارِ وَالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِوَاحِدٍ وَأَجَابَ عِيَاضٌ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ثَبَتَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهَادَةِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ كَذَا قَالَ وَالَّذِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مِنَ الثَّلَاثَةِ وَالِدُ الْعَسِيفِ فَقَطْ.
.
وَأَمَّا الْعَسِيفُ وَالزَّوْجُ فَلَا وَغَفَلَ بَعْضُ مَنْ تَبِعَ الْقَاضِيَ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ وَإِلَّا لَزِمَ الِاكْتِفَاءُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا وَلَا قَائِلَ بِهِ وَيُمْكِنُ الِانْفِصَالُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ أُنَيْسًا بُعِثَ حَاكِمًا فَاسْتَوْفَى شُرُوطَ الْحَكَمِ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ فِي رَجْمِهَا فَأَذِنَ لَهُ فِي رَجْمِهَا وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ مِنَ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ إِقَامَةُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى عَلَيْهَا وَلَا عَلَى وَكِيلِهَا مَعَ حُضُورِهَا فِي الْبَلَدِ غَيْرِ مُتَوَارِيَةٍ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا شَهَادَةُ حِسْبَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ هُنَاكَ صِيغَةُ الشَّهَادَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي ذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْحُكْمِ بِإِقْرَارِ الْجَانِي مِنْ غَيْرِ ضَبْطٍ بِشَهَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُنَيْسٌ أَشْهَدَ قَبْلَ رَجْمِهَا قَالَ عِيَاضٌ احْتَجَّ قَوْمٌ بِجَوَازِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ عِنْدَهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَبَى ذَلِكَ الْجُمْهُورُ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ أَقْوَى قَالَ وَقِصَّةُ أُنَيْسٍ يَطْرُقُهَا احْتِمَالُ مَعْنَى الْإِعْذَارِ كَمَا مَضَى وَأَنَّ قَوْلَهُ فَارْجُمْهَا أَيْ بَعْدَ إِعْلَامِي أَوْ أَنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إِلَيْهِ فَإِذَا اعْتَرَفَتْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَثْبُتُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ تُحْكَمُ وَقَدْ دَلَّ .
قَوْلُهُ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي حَكَمَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُ أُنَيْسٌ بِاعْتِرَافِهَا كَذَا قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أُنَيْسًا لَمَّا اعْتَرَفَتْ أَعْلَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَالَغَةً فِي الِاسْتِثْبَاتِ مَعَ كَوْنِهِ كَانَ عَلَّقَ لَهُ رَجْمَهَا عَلَى اعْتِرَافِهَا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الْإِمَامِ الرَّجْمَ لَيْسَ شَرْطًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ أُنَيْسًا كَانَ حَاكِمًا وَقَدْ حَضَرَ بَلْ بَاشَرَ الرَّجْمَ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ فَرَجَمَهَا وَفِيهِ تَرْكُ الْجَمْعِ بَيْنِ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ وَفِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِالِاعْتِرَافِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَكَرَّرَ اعْتِرَافُهَا وَالِاكْتِفَاءُ بِالرَّجْمِ مِنْ غَيْرِ جَلْدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِي قِصَّتِهَا أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا عُمُومَ لَهُ فَالتَّرْكُ أَوْلَى وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِئْجَارِ الْحُرِّ وَجَوَازُ إِجَارَةِ الْأَبِ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ لِمَنْ يَسْتَخْدِمُهُ إِذَا احْتَاجَ لِذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَى الْأَبِ لِمَحْجُورِهِ وَلَوْ كَانَ بَالِغًا لِكَوْنِ الْوَلَدِ كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ إِلَّا أَبُوهُ وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلُهُ أَوْ لِأَنَّ التَّدَاعِيَ لَمْ يَقَعْ إِلَّا بِسَبَبِ الْمَالِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْفِدَاءُ فَكَأَنَّ وَالِدَ الْعَسِيفِ ادَّعَى عَلَى زَوْجِ الْمَرْأَةِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ إِمَّا لِنَفْسِهِ وَإِمَّا لِامْرَأَتِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ حِينَ أَعْلَمَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِأَنَّ ذَلِكَ الصُّلْحَ فَاسِدٌ لِيَسْتَعِيدَهُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّ ذَلِكَ إِلَيْهِ.
.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْقِصَّةِ مِنَ الْحَدِّ فَبِاعْتِرَافِ الْعَسِيفِ ثُمَّ الْمَرْأَةِ وَفِيهِ أَنَّ حَالَ الزَّانِيَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا أُقِيمَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ حَدَّهُ لِأَنَّ الْعَسِيفَ جُلِدَ وَالْمَرْأَةَ رُجِمَتْ فَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ رَقِيقًا وَكَذَا لَوْ زَنَى بَالِغٌ بِصَبِيَّةٍ أَوْ عَاقِلٌ بِمَجْنُونَةٍ حُدَّ الْبَالِغُ وَالْعَاقِلُ دُونَهُمَا وَكَذَا عَكْسُهُ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ قَذَفَ وَلَدَهُ لَا يُحَدُّ لَهُ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَالَ إِنَّ ابْنِي زَنَى وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ حد الْقَذْف الحَدِيث الثَّانِي
( قَولُهُ بَابُ الِاعْتِرَافِ بِالزِّنَا)
هَكَذَا عَبَّرَ بِالِاعْتِرَافِ لِوُقُوعِهِ فِي حَدِيثَيِ الْبَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قِصَّةِ مَاعِزٍ الْبَحْثُ فِي أَنَّهُ هَلْ يشْتَرط فِي الْإِقْرَار بِالزِّنَا التكرير أَولا وَاحْتَجَّ مَنِ اكْتَفَى بِالْمَرَّةِ بِإِطْلَاقِ الِاعْتِرَافِ فِي الْحَدِيثِ وَلَا يُعَارِضُ مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ مِنْ تَكْرَارِ الِاعْتِرَافِ لِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ كَمَا تقدم
[ قــ
:6471 ... غــ
:6827] قَوْله حَدثنَا سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ .
قَوْلُهُ حَفِظْنَاهُ مِنْ فِي الزُّهْرِيِّ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ .
قَوْلُهُ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله زَاد الْحميدِي بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ .
قَوْلُهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَشِبْلٍ وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ وَقُتَيْبَةُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبَة وَمُحَمّد بن الصَّباح عِنْد بن مَاجَهْ وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَآخَرُونَ عَنْ سُفْيَانَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سُفْيَانَ وَلَفْظُهُ سَمِعْتُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَشِبْلٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا وَهْمٌ مِنْ سُفْيَانَ وَإِنَّمَا رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ حَدِيثَ إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ فَذَكَرَ فِيهِ شِبْلًا وَرَوَى حَدِيثَ الْبَابِ بِهَذَا السَّنَدِ لَيْسَ فِيهِ شِبْلٌ فَوَهِمَ سُفْيَانُ فِي تَسْوِيَتِهِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ.
.
قُلْتُ وَسَقَطَ ذِكْرُ شِبْلٍ مِنْ رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَا أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْهَا عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَصَالح بن كيسَان وللبخاري من رِوَايَة بن أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَمَعْمَرٍ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ شِبْلٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَشِبْلٌ لَا صُحْبَةَ لَهُ وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى الزبيدِيّ وَيُونُس وبن أَخِي الزُّهْرِيِّ فَقَالُوا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ شِبْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْأَوْسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ.
.
قُلْتُ وَرِوَايَةُ الزُّبَيْدِيِّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَيْسَ هُوَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إِلَّا عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ كُنْتُ
عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَوْلُهُ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ بن أَبِي ذِئْبٍ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ .
قَوْلُهُ فَقَامَ رجل فِي رِوَايَة بن أَبِي ذِئْبٍ الْآتِيَةِ قَرِيبًا وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ الْآتِيَةِ فِي الْأَحْكَامِ وَاللَّيْثِ الْمَاضِيَةِ فِي الشُّرُوطِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فِي الْأَحْكَامِ إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ الْآتِيَةِ قَرِيبًا أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا .
قَوْلُهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَنُونٍ سَاكِنَةٍ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ وَضَمَّنَ أَنْشُدُكَ مَعْنَى أذكرك فَحذف الْبَاء أَي أذكرك رَافعا نشيدتي أَيْ صَوْتِي هَذَا أَصْلُهُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مَطْلُوبٍ مُؤَكَّدٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رَفْعُ صَوْتٍ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ إِيرَادُ مَنِ اسْتَشْكَلَ رَفْعَ الرَّجُلِ صَوْتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّهْيِ عَنْهُ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ لِكَوْنِهِ أَعْرَابِيًّا أَوِ النَّهْيُ لِمَنْ يَرْفَعُهُ حَيْثُ يَتَكَلَّمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَغَلَّطَهُ .
قَوْلُهُ إِلَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ قِيلَ فِيهِ اسْتِعْمَالُ الْفِعْلِ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ لِضَرُورَةِ افْتِقَارِ الْمَعْنَى إِلَيْهِ وَهُوَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا الْفِعْلُ مَوْقِعَ الِاسْمِ وَيُرَادُ بِهِ النَّفْيُ الْمَحْصُورُ فِيهِ الْمَفْعُولُ وَالْمَعْنَى هُنَا لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا الْقَضَاءَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ إِلَّا جَوَابَ الْقَسَمِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْحَصْرِ وَتَقْدِيرُهُ أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ لَا تَفْعَلْ شَيْئًا إِلَّا الْقَضَاءَ فَالتَّأْكِيدُ إِنَّمَا وَقَعَ لِعَدَمِ التَّشَاغُلِ بِغَيْرِهِ لَا لِأَنَّ لِقَوْلِهِ بِكِتَابِ اللَّهِ مَفْهُومًا وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ إِيرَادُ مَنِ اسْتَشْكَلَ فَقَالَ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكُمُ إِلَّا بِكِتَابِ اللَّهِ فَمَا فَائِدَةُ السُّؤَالِ وَالتَّأْكِيدِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ وَالْمُرَادُ بِكِتَابِ اللَّهِ مَا حَكَمَ بِهِ وَكَتَبَ عَلَى عِبَادِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ الْقُرْآن وَهُوَ الْمُتَبَادر.
وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ الرَّجْمَ وَالتَّغْرِيبَ لَيْسَا مَذْكُورَيْنِ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا بِوَاسِطَةِ أَمْرِ اللَّهِ بِاتِّبَاعِ رَسُولِهِ قِيلَ وَفِيمَا قَالَ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا تَضَمَّنَهُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ السَّبِيلَ جَلْدُ الْبِكْرِ وَنَفْيُهُ وَرَجْمُ الثَّيِّبِ.
.
قُلْتُ وَهَذَا أَيْضًا بِوَاسِطَةِ التَّبْيِينِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْآيَةُ الَّتِي نُسِخَتْ تِلَاوَتُهَا وَهِيَ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ وَبِهَذَا أَجَابَ الْبَيْضَاوِيُّ وَيَبْقَى عَلَيْهِ التَّغْرِيبُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِكِتَابِ اللَّهِ مَا فِيهِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّ خَصْمَهُ كَانَ أَخَذَ مِنْهُ الْغَنَمَ وَالْوَلِيدَةَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِذَلِكَ قَالَ الْغَنَمُ وَالْوَلِيدَةُ رَدٌّ عَلَيْكَ وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكِتَابِ اللَّهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ أَفْرَادِ الْقِصَّةِ مِمَّا وَقَعَ بِهِ الْجَوَابُ الْآتِي ذِكْرُهُ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
قَوْلُهُ فَقَامَ خَصْمُهُ وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فَقَالَ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي كَانَ عَارِفًا بِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَتَحَاكَمَا فَوَصَفَ الثَّانِيَ بِأَنَّهُ أَفْقَهُ مِنَ الْأَوَّلِ إِمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْخَاصَّةِ أَوِ اسْتَدَلَّ بِحُسْنِ أَدَبِهِ فِي اسْتِئْذَانِهِ وَتَرْكِ رَفْعِ صَوْتِهِ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ رَفَعَهُ وَتَأْكِيدِهِ السُّؤَالَ عَلَى فِقْهِهِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ حسن السُّؤَال نصف الْعلم وَأوردهُ بن السُّنِّيِّ فِي كِتَابِ رِيَاضَةِ الْمُتَعَلِّمِينَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ .
قَوْلُهُ فَقَالَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ الله وائذن لِي فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فَقَالَ أَجَلْ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَقَالَ نَعَمْ فَاقْضِ وَفِي رِوَايَةِ بن أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبٍ فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ لَهُ يَا رَسُول الله بِكِتَاب الله قَوْله وائذن لي زَاد بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ حَتَّى أَقُولَ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ أَنْ أَتَكَلَّمَ .
قَوْلُهُ قُلْ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ قَالَ تَكَلَّمْ .
قَوْلُهُ قَالَ ظَاهِرُ
السِّيَاقِ أَنَّ الْقَائِلَ هُوَ الثَّانِي وَجَزَمَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْقَائِلَ هُوَ الْأَوَّلُ وَاسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ لِمَا وَقَعَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ عَنْ آدَمَ عَن بن أَبِي ذِئْبٍ هُنَا فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ إِنَّ ابْنِي بَعْدَ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ وَفِيهِ فَقَالَ خَصْمُهُ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ شَاذَّةٌ وَالْمَحْفُوظُ مَا فِي سَائِرِ الطُّرُقِ كَمَا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَذَا وَقَعَ فِي الشُّرُوط عَن عَاصِم بن عَليّ عَن بن أَبِي ذِئْبٍ مُوَافِقًا لِلْجَمَاعَةِ وَلَفْظُهُ فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِكِتَابِ اللَّهِ ان ابْني الخ فالاختلاف فِيهِ على بن أَبِي ذِئْبٍ وَقَدْ وَافَقَ آدَمَ أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَوَافَقَ عَاصِمًا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ .
قَوْلُهُ إِنَّ ابْنِي هَذَا فِيهِ أَنَّ الِابْنَ كَانَ حَاضِرًا فَأَشَارَ إِلَيْهِ وَخَلَا مُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْ هَذِهِ الْإِشَارَةِ .
قَوْلُهُ كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا هَذِهِ الْإِشَارَةُ الثَّانِيَةُ لِخَصْمِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ زَادَ شُعَيْبٌ فِي رِوَايَتِهِ وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ وَهَذَا التَّفْسِيرُ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ وَكَأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ كَثِيرًا مِنَ التَّفْسِيرِ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِي فِي الْمُدْرَجِ وَقَدْ فَصَّلَهُ مَالِكٌ فَوَقَعَ فِي سِيَاقِهِ كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ وَحَذَفَهَا سَائِرُ الرُّوَاةِ وَالْعَسِيفُ بِمُهْمَلَتَيْنِ الْأَجِيرُ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ وَالْجَمْعُ عُسَفَاءُ كَأُجَرَاءَ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْخَادِمِ وَعَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى السَّائِلِ وَقِيلَ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ يُسْتَهَانُ بِهِ وَفَسَّرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ بِالْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ وَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِطْلَاقُهُ عَلَى صَاحِبِ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ فِي ابْتِدَاءِ الِاسْتِئْجَارِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ تَعْيِينُ كَوْنِهِ أَجِيرًا وَلَفْظُهُ من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن بن شِهَابٍ كَانَ ابْنِي أَجِيرًا لِامْرَأَتِهِ وَسُمِّيَ الْأَجِيرُ عَسِيفًا لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَعْسِفُهُ فِي الْعَمَلِ وَالْعَسْفُ الْجَوْرُ أَوْ هُوَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ لِكَوْنِهِ يَعْسِفُ الْأَرْضَ بِالتَّرَدُّدِ فِيهَا يُقَالُ عَسَفَ اللَّيْلَ عَسْفًا إِذَا أَكْثَرَ السَّيْرَ فِيهِ وَيُطْلَقُ الْعَسْفُ أَيْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ وَالْأَجِيرُ يَكْفِي الْمُسْتَأْجِرَ الْأَمْرَ الَّذِي أَقَامَهُ فِيهِ .
قَوْلُهُ عَلَى هَذَا ضَمَّنَ عَلَى معنى عِنْد بِدَلِيل رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْبٍ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَسِيفًا فِي أَهْلِ هَذَا وَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَخْدَمَهُ فِيمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ مِنَ الْأُمُورِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَا وَقَعَ لَهُ مَعَهَا .
قَوْلُهُ فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَافْتَدَيْتُ زَادَ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ وَقَدْ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ رِوَايَةً فِي آخِرِهِ هُنَا أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَشُكُّ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَرُبَّمَا تَرَكَهَا وَغَالِبُ الرُّوَاةِ عَنْهُ كأحمد وَمُحَمّد بن يُوسُف وبن أَبِي شَيْبَةَ لَمْ يَذْكُرُوهَا وَثَبَتَتْ عِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْث وبن أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ آدَمَ فَقَالُوا لِي عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فَأُخْبِرْتُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ فَقَالَ لِي بِالْإِفْرَادِ وَكَذَا عِنْدَ أَبِي عوَانَة من رِوَايَة بن وهب عَن يُونُس عَن بن شِهَابٍ فَإِنْ ثَبَتَتْ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ لِخَصْمِهِ وَكَأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ وَهَذَا ظَنٌّ بَاطِلٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَسَأَلْتُ مَنْ لَا يَعْلَمُ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ .
قَوْلُهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ الْمُرَادُ بِالْخَادِمِ الْجَارِيَةُ الْمُعَدَّةُ لِلْخِدْمَةِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ بِلَفْظِ وَجَارِيَةٍ لي وَفِي رِوَايَة بن أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبٍ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْوَلِيدَةِ فِي أَوَاخِرِ الْفَرَائِضِ .
قَوْلُهُ ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي لَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَائِهِمْ وَلَا عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا عَلَى اسْمِ الْخَصْمَيْنِ وَلَا الِابْنِ وَلَا الْمَرْأَةِ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَشُعَيْبٍ ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي وَمِثْلُهُ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ لَكِنْ قَالَ فَزَعَمُوا وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَهْلُ الْعِلْمِ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ثُمَّ سَأَلْتُ مَنْ يَعْلَمُ .
قَوْلُهُ أَنَّ عَلَى ابْنِي فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ إِنَّمَا عَلَى ابْنِي .
قَوْلُهُ جَلْدُ مِائَةٍ بِالْإِضَافَةِ لِلْأَكْثَرِ وَقَرَأَهُ
بَعْضُهُمْ بِتَنْوِينِ جَلْدٍ مَرْفُوعٍ وَتَنْوِينِ مِائَةٍ مَنْصُوبٍ عَلَى التَّمْيِيزِ وَلَمْ يَثْبُتْ رِوَايَةً .
قَوْلُهُ وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَالْأَكْثَرُ وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَأَخْبَرُونِي أَنْ لَيْسَ عَلَى ابْنِي الرَّجْمُ .
قَوْلُهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ أَمَا وَالَّذِي .
قَوْلُهُ لَأَقْضِيَنَّ بِتَشْدِيدِ النُّونِ لِلتَّأْكِيدِ .
قَوْلُهُ بِكِتَابِ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِالْحَقِّ وَهِيَ تُرَجِّحُ أَوَّلَ الِاحْتِمَالَاتِ الْمَاضِيَ ذِكْرُهَا .
قَوْلُهُ الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ رَدٌّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَلَيْكَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَلَفْظُهُ أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ أَيْ مَرْدُودٌ مِنْ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ كَقَوْلِهِمْ ثَوْبٌ نَسْجٌ أَيْ مَنْسُوجٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرُدَّهَا وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَمَّا مَا أَعْطَيْتَهُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ فَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي أَعْطَيْتَهُ لِخَصْمِهِ تَأَيَّدَتِ الرِّوَايَةُ الْمَاضِيَةُ وَإِنْ كَانَ لِلْعَطَاءِ فَلَا .
قَوْلُهُ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّ الِابْنَ كَانَ بِكْرًا وَأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَضْمَرَ اعْتِرَافَهُ وَالتَّقْدِيرُ وَعَلَى ابْنِكَ إِنِ اعْتَرَفَ وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي مَقَامِ الْحُكْمِ فَلَوْ كَانَ فِي مَقَامِ الْإِفْتَاءِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ إِنْ كَانَ زَنَى وَهُوَ بِكْرٌ وَقَرِينَةُ اعْتِرَافِهِ حُضُورُهُ مَعَ أَبِيهِ وَسُكُوتُهُ عَمَّا نَسَبَهُ إِلَيْهِ.
.
وَأَمَّا الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ بِكْرًا فَوَقَعَ صَرِيحًا مِنْ كَلَامِ أَبِيهِ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَلَفْظُهُ كَانَ ابْنِي أَجِيرًا لِامْرَأَةِ هَذَا وَابْنِي لَمْ يُحْصَنْ .
قَوْلُهُ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَافَقَهُ الْأَكْثَرُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ.
.
وَأَمَّا ابْنُكَ فَنَجْلِدُهُ مِائَةً وَنُغَرِّبُهُ سَنَةً وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الَّذِي صَدَرَ حِينَئِذٍ كَانَ حُكْمًا لَا فَتْوَى بِخِلَافِ رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ .
قَوْلُهُ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ بِنُونٍ وَمُهْمَلَةٍ مُصَغَّرٌ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا زَادَ مُحَمَّد بن يُوسُف فاسألها قَالَ بن السَّكَنِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ وَلَا وَجَدْتُ لَهُ رِوَايَةً وَلَا ذِكْرًا إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.
وَقَالَ بن عبد الْبر هُوَ بن الضَّحَّاك الْأَسْلَمِيّ وَقيل بن مرْثَد وَقيل بن أَبِي مَرْثَدٍ وَزَيَّفُوا الْأَخِيرَ بِأَنَّ أُنَيْسَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَهُوَ غَنَوِيٌّ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ لَا أَسْلَمِيٌّ وَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ لَا التَّصْغِيرِ وَغَلِطَ مَنْ زَعَمَ أَيْضًا أَنَّهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَصُغِّرَ كَمَا صُغِّرَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ أَنْصَارِيٌّ لَا أَسْلَمِيٌّ وَوَقع فِي رِوَايَة شُعَيْب وبن أَبِي ذِئْبٍ.
.
وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ فَاغْدُ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَيُونُسَ وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهُ أُنَيْسٌ قُمْ يَا أُنَيْسُ فَسَلِ امْرَأَةَ هَذَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُدُوِّ الذَّهَابُ وَالتَّوَجُّهُ كَمَا يُطْلَقُ الرَّوَاحُ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْغُدُوِّ وَهُوَ التَّأْخِيرُ إِلَى أَوَّلِ النَّهَارِ كَمَا لَا يُرَادُ بِالرَّوَاحِ التَّوَجُّهُ نِصْفَ النَّهَارِ وَقَدْ حَكَى عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَدَلَّ بِهِ على جَوَاز تَأْخِير إِقَامَةِ الْحَدِّ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَاسْتَضْعَفَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي آخِرِ النَّهَارِ .
قَوْلُهُ فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فِي رِوَايَةِ يُونُسَ وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَرْجُمَ امْرَأَة الآخر إِن اعْتَرَفَتْ .
قَوْلُهُ فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجمت وَاخْتَصَرَهُ بن أَبِي ذِئْبٍ فَقَالَ فَغَدَا عَلَيْهَا فَرَجَمَهَا وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ.
.
وَأَمَّا امْرَأَةُ هَذَا فَتُرْجَمُ وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ أَتَمُّهَا لِأَنَّهَا تُشْعِرُ بِأَنَّ أُنَيْسًا أَعَادَ جَوَابَهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ حِينَئِذٍ بِرَجْمِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَمْرَهُ الْأَوَّلَ الْمُعَلَّقَ عَلَى اعْتِرَافِهَا فَيَتَّحِدُ مَعَ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ وَهُوَ أَوْلَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ الرُّجُوعُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ نَصًّا أَوِ اسْتِنْبَاطًا وَجَوَازُ الْقَسَمِ عَلَى الْأَمْرِ لِتَأْكِيدِهِ وَالْحَلِفُ بِغَيْرِ اسْتِحْلَافٍ وَحسن
خُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحِلْمُهُ عَلَى مَنْ يُخَاطِبُهُ بِمَا الْأَوْلَى خِلَافُهُ وَأَنَّ مَنْ تَأَسَّى بِهِ مِنَ الْحُكَّامِ فِي ذَلِكَ يُحْمَدُ كَمَنْ لَا يَنْزَعِجُ لِقَوْلِ الْخَصْمِ مَثَلًا احْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ.
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ إِنَّمَا تَوَارَدَا عَلَى سُؤَالِ الْحُكْمِ بِكِتَابِ اللَّهِ مَعَ أَنَّهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ إِلَّا بِحُكْمِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِالْحَقِّ الصِّرْفِ لَا بِالْمُصَالَحَةِ وَلَا الْأَخْذِ بِالْأَرْفَقِ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِرِضَا الْخَصْمَيْنِ وَفِيهِ أَنَّ حُسْنَ الْأَدَبِ فِي مُخَاطَبَةِ الْكَبِيرِ يَقْتَضِي التَّقْدِيمَ فِي الْخُصُومَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَذْكُورُ مَسْبُوقًا وَأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْخَصْمَيْنِ فِي الدَّعْوَى إِذَا جَاءَا مَعًا وَأَمْكَنَ أَنْ كُلًّا مِنْهُمَا يَدَّعِي وَاسْتِحْبَابُ اسْتِئْذَانِ الْمُدَّعِي وَالْمُسْتَفْتِي الْحَاكِمَ وَالْعَالِمَ فِي الْكَلَامِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ إِذَا ظَنَّ أَنَّ لَهُ عُذْرًا وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالْحَدِّ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ إِقَامَتُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ مُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ مَنْ قَذَفَ غَيْرَهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إِلَّا إِنْ طَلَبَهُ الْمَقْذُوفُ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ قَالَ يَجِبُ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبِ الْمَقْذُوفُ.
.
قُلْتُ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إِذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ حَاضِرًا.
.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ غَائِبًا كَهَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّأْخِيرَ لِاسْتِكْشَافِ الْحَالِ فَإِنْ ثَبَتَ فِي حَقِّ الْمَقْذُوفِ فَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ كَمَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ إِنَّ سَبَبَ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَيْسًا لِلْمَرْأَةِ لِيُعْلِمَهَا بِالْقَذْفِ الْمَذْكُورِ لِتُطَالِبِ بِحَدِّ قَاذِفِهَا إِنْ أَنْكَرَتْ قَالَ هَكَذَا أَوَّلَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بُعِثَ يَطْلُبُ إِقَامَةَ حَدِّ الزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا لَا يُحْتَاطُ لَهُ بِالتَّجَسُّسِ وَالتَّنْقِيبِ عَنْهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ تَلْقِينُ الْمُقِرِّ بِهِ لِيَرْجِعَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ وَكَأَنَّ لِقَوْلِهِ فَإِنِ اعْتَرَفَتْ مُقَابِلًا أَيْ وَإِنْ أَنْكَرَتْ فَأَعْلِمْهَا أَنَّ لَهَا طَلَبَ حَدِّ الْقَذْفِ فَحُذِفَ لِوُجُودِ الِاحْتِمَالِ فَلَوْ أَنْكَرَتْ وَطَلَبَتْ لَأُجِيبَتْ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمسيب عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا أَقَرَّ بِأَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ الْمَرْأَةَ فَقَالَتْ كَذَبَ فَجَلَدَهُ حَدَّ الْفِرْيَةِ ثَمَانِينَ وَقَدْ سَكَتَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَاسْتَنْكَرَهُ النَّسَائِيُّ وَفِيهِ أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ الَّتِي لَا تَعْتَادُ الْبُرُوزَ لَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُرْسَلَ إِلَيْهَا مَنْ يَحْكُمُ لَهَا وَعَلَيْهَا وَقَدْ تَرْجَمَ النَّسَائِيُّ لِذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ السَّائِلَ يَذْكُرُ كُلَّ مَا وَقَعَ فِي الْقِصَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَفْهَمَ الْمُفْتِي أَوِ الْحَاكِمُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى خُصُوصِ الْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ لِقَوْلِ السَّائِلِ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا وَهُوَ إِنَّمَا جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ حُكْمِ الزِّنَا وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ لِابْنِهِ مَعْذِرَةً مَا وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِالْعِهْرِ وَلَمْ يَهْجُمْ عَلَى الْمَرْأَةِ مَثَلًا وَلَا اسْتَكْرَهَهَا وَإِنَّمَا وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ لِطُولِ الْمُلَازَمَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِمَزِيدِ التَّأْنِيسِ وَالْإِدْلَالِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ الْحَثُّ عَلَى إِبْعَادِ الْأَجْنَبِيِّ مِنَ الْأَجْنَبِيَّةِ مَهْمَا أَمْكَنَ لِأَنَّ الْعِشْرَةَ قَدْ تُفْضِي إِلَى الْفَسَادِ وَيَتَسَوَّرُ بِهَا الشَّيْطَانُ إِلَى الْإِفْسَادِ وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِفْتَاءِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ مَنَعَ التَّابِعِيَّ أَنْ يُفْتِيَ مَعَ وُجُودِ الصَّحَابِيِّ مَثَلًا وَفِيه جَوَاز الِاكْتِفَاء فِي الحكم بِالْأَمر الناشيء عَنِ الظَّنِّ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ لَكِنْ إِذَا اخْتَلَفُوا عَلَى الْمُسْتَفْتِي يَرْجِعُ إِلَى مَا يُفِيدُ الْقَطْعَ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ الشَّرِيفِ مَنْ يُفْتِي بِالظَّنِّ الَّذِي لَمْ يَنْشَأْ عَنْ أَصْلٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ ذَلِكَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَوْ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَأَقْدَمَ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي بَلَدِهِ وَقَدْ عَقَدَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ بَابًا لِذَلِكَ وَأَخْرَجَ بِأَسَانِيدَ فِيهَا الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مِنْهُمْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَفِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَبْنِيَّ عَلَى الظَّنِّ يُنْقَضُ بِمَا يُفِيدُ الْقَطْعَ وَفِيهِ أَنَّ الْحَدَّ لَا يَقْبَلُ الْفِدَاءَ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْحِرَابَةِ وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقَذْفِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَجْرِي الْفِدَاءُ فِي الْبَدَنِ كَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ وَأَنَّ الصُّلْحَ الْمَبْنِيَّ عَلَى غَيْرِ الشَّرْعِ يُرَدُّ وَيُعَادُ المَال الْمَأْخُوذ فِيهِ
قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ ضَعْفُ عُذْرِ مَنِ اعْتَذَرَ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَنْ بَعْضِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ بِأَنَّ الْمُتَعَاوِضَيْنِ تَرَاضَيَا وَأَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ مُقَيَّدٌ بِالْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْإِعْذَارِ وَالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِوَاحِدٍ وَأَجَابَ عِيَاضٌ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ثَبَتَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهَادَةِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ كَذَا قَالَ وَالَّذِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مِنَ الثَّلَاثَةِ وَالِدُ الْعَسِيفِ فَقَطْ.
.
وَأَمَّا الْعَسِيفُ وَالزَّوْجُ فَلَا وَغَفَلَ بَعْضُ مَنْ تَبِعَ الْقَاضِيَ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ وَإِلَّا لَزِمَ الِاكْتِفَاءُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا وَلَا قَائِلَ بِهِ وَيُمْكِنُ الِانْفِصَالُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ أُنَيْسًا بُعِثَ حَاكِمًا فَاسْتَوْفَى شُرُوطَ الْحَكَمِ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ فِي رَجْمِهَا فَأَذِنَ لَهُ فِي رَجْمِهَا وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ مِنَ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ إِقَامَةُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى عَلَيْهَا وَلَا عَلَى وَكِيلِهَا مَعَ حُضُورِهَا فِي الْبَلَدِ غَيْرِ مُتَوَارِيَةٍ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا شَهَادَةُ حِسْبَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ هُنَاكَ صِيغَةُ الشَّهَادَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي ذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْحُكْمِ بِإِقْرَارِ الْجَانِي مِنْ غَيْرِ ضَبْطٍ بِشَهَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُنَيْسٌ أَشْهَدَ قَبْلَ رَجْمِهَا قَالَ عِيَاضٌ احْتَجَّ قَوْمٌ بِجَوَازِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ عِنْدَهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَبَى ذَلِكَ الْجُمْهُورُ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ أَقْوَى قَالَ وَقِصَّةُ أُنَيْسٍ يَطْرُقُهَا احْتِمَالُ مَعْنَى الْإِعْذَارِ كَمَا مَضَى وَأَنَّ قَوْلَهُ فَارْجُمْهَا أَيْ بَعْدَ إِعْلَامِي أَوْ أَنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إِلَيْهِ فَإِذَا اعْتَرَفَتْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَثْبُتُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ تُحْكَمُ وَقَدْ دَلَّ .
قَوْلُهُ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي حَكَمَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُ أُنَيْسٌ بِاعْتِرَافِهَا كَذَا قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أُنَيْسًا لَمَّا اعْتَرَفَتْ أَعْلَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَالَغَةً فِي الِاسْتِثْبَاتِ مَعَ كَوْنِهِ كَانَ عَلَّقَ لَهُ رَجْمَهَا عَلَى اعْتِرَافِهَا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الْإِمَامِ الرَّجْمَ لَيْسَ شَرْطًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ أُنَيْسًا كَانَ حَاكِمًا وَقَدْ حَضَرَ بَلْ بَاشَرَ الرَّجْمَ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ فَرَجَمَهَا وَفِيهِ تَرْكُ الْجَمْعِ بَيْنِ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ وَفِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِالِاعْتِرَافِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَكَرَّرَ اعْتِرَافُهَا وَالِاكْتِفَاءُ بِالرَّجْمِ مِنْ غَيْرِ جَلْدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِي قِصَّتِهَا أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا عُمُومَ لَهُ فَالتَّرْكُ أَوْلَى وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِئْجَارِ الْحُرِّ وَجَوَازُ إِجَارَةِ الْأَبِ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ لِمَنْ يَسْتَخْدِمُهُ إِذَا احْتَاجَ لِذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَى الْأَبِ لِمَحْجُورِهِ وَلَوْ كَانَ بَالِغًا لِكَوْنِ الْوَلَدِ كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ إِلَّا أَبُوهُ وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلُهُ أَوْ لِأَنَّ التَّدَاعِيَ لَمْ يَقَعْ إِلَّا بِسَبَبِ الْمَالِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْفِدَاءُ فَكَأَنَّ وَالِدَ الْعَسِيفِ ادَّعَى عَلَى زَوْجِ الْمَرْأَةِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ إِمَّا لِنَفْسِهِ وَإِمَّا لِامْرَأَتِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ حِينَ أَعْلَمَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِأَنَّ ذَلِكَ الصُّلْحَ فَاسِدٌ لِيَسْتَعِيدَهُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّ ذَلِكَ إِلَيْهِ.
.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْقِصَّةِ مِنَ الْحَدِّ فَبِاعْتِرَافِ الْعَسِيفِ ثُمَّ الْمَرْأَةِ وَفِيهِ أَنَّ حَالَ الزَّانِيَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا أُقِيمَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ حَدَّهُ لِأَنَّ الْعَسِيفَ جُلِدَ وَالْمَرْأَةَ رُجِمَتْ فَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ رَقِيقًا وَكَذَا لَوْ زَنَى بَالِغٌ بِصَبِيَّةٍ أَوْ عَاقِلٌ بِمَجْنُونَةٍ حُدَّ الْبَالِغُ وَالْعَاقِلُ دُونَهُمَا وَكَذَا عَكْسُهُ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ قَذَفَ وَلَدَهُ لَا يُحَدُّ لَهُ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَالَ إِنَّ ابْنِي زَنَى وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ حد الْقَذْف الحَدِيث الثَّانِي
( بابُُ الاعْتِرافِ بالزِّنى)
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الِاعْتِرَاف بِالزِّنَا.
[ قــ
:6471 ... غــ
:6827 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدّثنا سُفيانُ، قَالَ: حَفِظْناهُ مِنْ فِي الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله أنّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وزَيْدَ بنَ خالِدٍ قَالَا: كُنَّا عِنْدَ النَّبيِّ فقامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أنْشُدُكَ الله إلاّ مَا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتابِ الله، فقامَ خَصْمُهُ وكانَ أفْقَهَ منْهُ فَقَالَ: اقضِ بَيْنَنا بِكِتابِ الله وأذَنْ لي.
قَالَ: قلْ قَالَ: إنَّ ابْنِي كانَ عَسِيفاً عَلى هاذَا، فَزَنَي بِامْرَأتِهِ، فافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمائَةِ شاةٍ وخادِمٍ، ثُمَّ سَألْتُ رِجالاً مِنْ أهْلِ العِلْمِ، فأخْبَرُونِي أنَّ عَلى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وتَغْرِيبَ عامٍ، وعَلى امْرَأتِهِ الرَّجْمَ، فَقَالَ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأقْضِيَنَّ بَيْنَكُما بِكِتابِ الله جَلَّ ذِكْرُهُ، المِائَةُ شاةٍ والخادِمُ رَدٌّ، وعَلى ابْنِكَ.
جَلْدُ مِائَةٍ وتَغْرِيبُ عامٍ، واغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلى امْرَأةِ هاذا، فإنِ اعْتَرَفَت فارْجُمْها فَغَدا عَلَيْها فاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَها..
.
قُلْتُ لِسُفْيانَ: لَمْ يَقُلْ: فأخْبَرُونِي أنَّ عَلى ابْنِي الرَّجْمَ.
فَقَالَ: أشُكُّ فِيها مِنَ الزُّهْرِيِّ، فَرُبَّما قُلْتُها وَرُبَّمَا سَكَتُّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فَاعْترفت فرجمها
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعبيد الله هُوَ ابْن عبد الله بن عتبَة.
والْحَدِيث مضى فِي الْوكَالَة عَن أبي الْوَلِيد وَفِي الشُّرُوط عَن قُتَيْبَة وَفِي النذور عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس وَغير ذَلِك فِي مَوَاضِع كَثِيرَة.
وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة وَمضى الْكَلَام فِيهِ مفرقاً.
قَوْله من فِي الزُّهْرِيّ أَي: من فَمه، وَفِي رِوَايَة الْحميدِي: حَدثنَا الزُّهْرِيّ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: سَمِعت الزُّهْرِيّ.
قَوْله: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي رِوَايَة شُعَيْب: بَيْنَمَا نَحن عِنْد النبيصلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي رِوَايَة ابْن أبي ذِئْب: وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد.
قَوْله: فَقَامَ رجل فِي رِوَايَة الشُّرُوط: أَن رجلا من الْأَعْرَاب جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي رِوَايَة شُعَيْب فِي الْأَحْكَام: إِذا قَامَ رجل من الْأَعْرَاب.
قَوْله: أنْشدك الله بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون النُّون وَضم الشين الْمُعْجَمَة من قَوْلهم: نشده إِذا سَأَلَهُ رَافعا نشيدته وَهِي صَوته، وَضمن معنى: أنْشدك أذكرك.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ معنى: وأنشدك إلاَّ فعلت مَا أطلب مِنْك إلاَّ فعلك.
وَقيل: يحْتَمل أَن يكون: إلاَّ، جَوَاب الْقسم لما فِيهَا من معنى الْحصْر، وَتَقْدِيره: أَسأَلك بِاللَّه لَا تفعل شَيْئا إلاَّ الْقَضَاء بِكِتَاب الله.
فَإِن قلت: مَا فَائِدَة هَذَا وَالنَّبِيّ لَا يحكم إلاَّ بِكِتَاب الله؟ .
قلت: هَذَا من خَفَاء وَجه الحكم عَلَيْهِ حِين سَأَلَ أهل الْعلم الَّذين أجابوا بِمِائَة جلدَة وتغريب عَام، وَهَذَا من قبيل قَول الْملكَيْنِ لداود عَلَيْهِ السَّلَام.
ص: 22 وَمن هَذَا قَالُوا: يجوز قَول الْخصم للْإِمَام الْعَادِل: اقْضِ بَيْننَا بِالْحَقِّ، على أَن النَّبِي لم يُنكر عَلَيْهِ قَوْله ذَلِك.
قَوْله: إلاَّ قضيت بِكَسْر الْهمزَة وَتَشْديد اللَّام وَهِي كلمة اسْتثِْنَاء، وَالْمعْنَى: مَا أطلب مِنْك إلاَّ الْقَضَاء بِحكم الله.
قَوْله: بِكِتَاب الله قَالَ شَيخنَا زين الدّين: هَل المُرَاد بقوله: بِكِتَاب الله، أَي بِقَضَائِهِ وَحكمه؟ أَو المُرَاد بِهِ الْقُرْآن؟ يحْتَمل كلا الْأَمريْنِ.
قَوْله: فَقَامَ خَصمه، وَكَانَ أفقه مِنْهُ الْوَاو فِي: وَكَانَ، للْحَال وَفِي رِوَايَة مَالك:.
وَقَالَ الآخر وَهُوَ أفقههما.
إِمَّا مُطلقًا وَإِمَّا فِي هَذِه الْقَضِيَّة الْخَاصَّة.
قَوْله: وائذن لي أَي: فِي التَّكَلُّم، وَهَذَا من جملَة كَلَام الرجل لَا الْخصم، وَهَذَا من جملَة أفقهيته حَيْثُ اسْتَأْذن بِحسن الْأَدَب وَترك رفع الصَّوْت، وَقد ورد حَدِيث مَرْفُوع، وَإِن كَانَ ضَعِيفا: أَن حسن السُّؤَال نصف الْعلم.
قَوْله: إِن ابْني ويروى: إِن ابْني هَذَا.
فَإِن قلت: إِقْرَار الْأَب عَلَيْهِ لَا يقبل.
قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا أَيْضا جَوَاب لاستفتائه، أَي: إِن كَانَ ابْنك زنى وَهُوَ بكر فَعَلَيهِ كَذَا.
قلت: الْأَحْسَن مَا قَالَه النَّوَوِيّ، على مَا يَجِيء عَن قريب.
قَوْله: كَانَ عسيفاً بِفَتْح الْمُهْملَة الأولى: الْأَجِير، قَالَه مَالك،.
وَقَالَ أَبُو عمر: وَقد يكون العَبْد والسائل، وَفِي الْمُحكم العسيف الْأَجِير المستهان، وَقيل: هُوَ الْمَمْلُوك المستهان، وَقيل: كل خَادِم عسيف وَالْجمع عسفاء على الْقيَاس وعسفة على غير قِيَاس، وَفِي شرح الْمُوَطَّأ لعبد الْملك
بن حبيب: العسيف الْغُلَام الَّذِي لم يبلغ الْحلم.
قَوْله: وخادم الْخَادِم الْجَارِيَة الْمعدة للْخدمَة بِدَلِيل لفظ مَالك: وَجَارِيَة لي.
قَوْله: ثمَّ سَأَلت رجَالًا من أهل الْعلم وَفِيه إِشْعَار بِأَن الصَّحَابَة كَانُوا يفتون فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد ذكر مُحَمَّد بن سعد مِنْهُم أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وعليّاً وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَأبي بن كَعْب ومعاذ بن جبل وَزيد بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُم.
قَوْله: الْمِائَة شَاة على مَذْهَب الْكُوفِيّين.
قَوْله: وخادم عطف عَلَيْهِ.
قَوْله: رد أَي: مَرْدُود، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: رد عَلَيْك وعَلى ابْنك جلد مائَة وتغريب عَام قَالَ النَّوَوِيّ رَحمَه الله: هُوَ مَحْمُول على أَنه علم أَن الابْن كَانَ بكرا وَأَنه اعْترف بالزنى، وَيحْتَمل أَنه أضمر اعترافه، وَالتَّقْدِير: وعَلى ابْنك إِن اعْترف، وَالْأول أليق وَأَنه كَانَ فِي مقَام الحكم، فَلَو كَانَ فِي مقَام الْإِفْتَاء لم يكن فِيهِ إِشْكَال لِأَن التَّقْدِير إِن كَانَ زنى وَهُوَ بكر، وقرينة اعترافه حُضُوره مَعَ أَبِيه وسكوته على مَا نسبه إِلَيْهِ.
وَأما الْعلم بِكَوْنِهِ بكرا فَوَقع صَرِيحًا من كَلَام أَبِيه فِي رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب، وَلَفظه: كَانَ ابْني أَجِيرا لامْرَأَة هَذَا وَابْني لم يحصن.
قَوْله: واغد يَا أنيس كلمة: غَدا، أَمر من غَدا غدواً وَهُوَ الذّهاب هُنَا والتوجه وَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة الغدو، وَهُوَ التَّأْخِير إِلَى أول النَّهَار.
وَحكى عِيَاض أَن بَعضهم اسْتدلَّ بِهِ على جَوَاز تَأْخِير إِقَامَة الْحَد عِنْد ضيق الْوَقْت، واستضعفه بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَر أَن ذَلِك كَانَ فِي آخر النَّهَار، وأنيس مصغر أنس وَاخْتلف فِيهِ فِي هَذَا الحَدِيث: فَالْمَشْهُور أَنه أنيس بن الضَّحَّاك الْأَسْلَمِيّ وَكَانَت الْمَرْأَة أَيْضا أسلمية كَمَا ذهب ابْن عبد الْبر إِلَى هَذَا، وَقيل: أنيس بن مرْثَد، وَقيل: ابْن أبي مرْثَد، وَهُوَ غير صَحِيح لِأَن أنيس بن أبي مرْثَد صَحَابِيّ مَشْهُور غنوي بالغين الْمُعْجَمَة وَالنُّون الْأَسْلَمِيّ وَهُوَ بِفتْحَتَيْنِ غير مصغر وَلم يَصح أَيْضا قَول من قَالَ: إِنَّه أنس بن مَالك وصغرهصلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ أَنْصَارِي لَا أسلمي، وَوَقع فِي رِوَايَة شُعَيْب وَابْن أبي ذِئْب: وَأما أَنْت يَا أنيس لرجل من أسلم، فاغدُ.
قيل: حد الزِّنَى لَا يثبت بالتجسس والاستكشاف عَنهُ فَمَا وَجه إرْسَال أنيس إِلَى الْمَرْأَة؟ وَأجِيب: بِأَن الْمَقْصُود مِنْهُ إعلامها بِأَن هَذَا الرجل قَذفهَا وَلها عَلَيْهِ حد الْقَذْف، فإمَّا أَن تطالبه بِهِ أَو تَعْفُو عَنهُ أَو تعترف بالزنى.
قَوْله: قلت لِسُفْيَان الْقَائِل لِسُفْيَان بن عُيَيْنَة هُوَ عَليّ بن عبد الله شيخ البُخَارِيّ.
قَوْله: لم يقل: فَأَخْبرُونِي أَن على ابْني الرَّجْم أَي: لم يقل الرجل الَّذِي قَالَ: إِن ابْني كَانَ عسيفاً، فِي كَلَامه، فَأَخْبرُونِي أَن على ابْني الرَّجْم.
قَوْله: فَقَالَ أَي: سُفْيَان: أَشك فِيهَا أَي: فِي سماعهَا من الزُّهْرِيّ، فَتَارَة أذكرها وَتارَة أسكت عَنْهَا.
وَفِي الحَدِيث فَوَائِد: الترافع إِلَى السُّلْطَان الْأَعْلَى فِيمَا قد قضى فِيهِ غَيره مِمَّن هُوَ دونه إِذا لم يُوَافق الْحق، وَفسخ كل صلح وَقع على خلاف السّنة، وَمَا قَبضه الَّذِي قضى لَهُ بِالْبَاطِلِ لَا يصلح أَن يكون ملكا لَهُ، وللعالم أَن يُفْتِي فِي مصر فِيهِ من هُوَ أعلم مِنْهُ.
وَفِيه: جَوَاز عدم الِاقْتِصَار على قَول وَاحِد من الْعلمَاء، وَجَوَاز قَول الْخصم للْإِمَام الْعدْل: اقضِ بَيْننَا بِالْحَقِّ.
وَفِيه: النَّفْي والتغريب للبكر الزَّانِي استدلت بِهِ الشَّافِعِيَّة وَأَبُو حنيفَة لَا يَقُول بِالنَّفْيِ لِأَن إِيجَابه زِيَادَة على النَّص وَالزِّيَادَة على النَّص بِخَبَر الْوَاحِد نسخ، فَلَا يجوز وَفِيه رجم الثّيّب بِلَا جلد، على مَا ذهب إِلَيْهِ أَئِمَّة الْفَتْوَى فِي الْأَمْصَار.
وَفِيه: إرْسَال الْوَاحِد لتنفيذ الحكم.
وَفِيه: أَن المخدرة الَّتِي لَا تعتاد البروز لَا تكلّف الْحُضُور لمجلس الحكم بل يجوز أَن يُرْسل إِلَيْهَا من يحكم لَهَا وَعَلَيْهَا، وَقد ترْجم النَّسَائِيّ فِي ذَلِك.