هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
669 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي البَرَاءُ - وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ - ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ ، حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا ، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، نَحْوَهُ بِهَذَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  وهو غير كذوب ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال : سمع الله لمن حمده ، لم يحن أحد منا ظهره ، حتى يقع النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا ، ثم نقع سجودا بعده حدثنا أبو نعيم ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، نحوه بهذا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي البَرَاءُ - وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ - ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ ، حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا ، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ .

Narrated Al-Bara:

(and he was not a liar) When Allah's Messenger (ﷺ) said, Sami`a l-lahu liman hamidah none of us bent his back (for prostration) till the Prophet (ﷺ) prostrated and then we would prostrate after him.

":"ہم سے مسدد بن مسرہد نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے یحییٰ بن سعید نے سفیان سے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ مجھ سے ابواسحاق نے بیان کیا ، کہا کہ مجھ سے عبداللہ بن یزید نے بیان کیا ، کہا کہ مجھ سے براء بن عازب رضی اللہ عنہ نے بیان کیا ، وہ جھوٹے نہیں تھے ۔ ( بلکہ نہایت ہی سچے تھے ) انہوں نے بتلایا کہجب نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم «سمع الله لمن حمده‏» کہتے تو ہم میں سے کوئی بھی اس وقت تک نہ جھکتا جب تک آنحضور صلی اللہ علیہ وسلم سجدہ میں نہ چلے جاتے پھر ہم لوگ سجدہ میں جاتے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [690] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سُفْيَانَ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هُوَ الْخَطْمِيُّ كَذَا وَقَعَ مَنْسُوبًا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي رِوَايَةٍ لِشُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى خَطْمَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ بَطْنٌ مِنَ الْأَوْسِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ أَمِيرا على الْكُوفَة فِي زمن بن الزُّبَيْرِ وَوَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابُ رَفْعِ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يَخْطُبُ وَأَبُو إِسْحَاقَ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ لَكِنَّهُ سَمِعَ هَذَا عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ وَفِيهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ رِوَايَة صَحَابِيّ بن صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ بن صَحَابِيّ كِلَاهُمَا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ وَكِلَاهُمَا سَكَنَ الْكُوفَةَ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْحُمَيْدِيُّ فِي جَمْعِهِ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ لَكِنْ رَوَى عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ .

     قَوْلُهُ  هُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ إِنَّمَا يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الرَّاوِيَ عَنِ الْبَرَاءِ لَا الْبَرَاءَ وَلَا يُقَالُ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ كَذُوبٍ يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ إِنَّمَا تَحْسُنُ فِي مَشْكُوكٍ فِي عَدَالَتِهِ وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تَزْكِيَةٍ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ هَذَا الْقَوْلُ لَا يُوجِبُ تُهْمَةً فِي الرَّاوِي إِنَّمَا يُوجِبُ حَقِيقَةَ الصِّدْقِ لَهُ قَالَ وَهَذِهِ عَادَتُهُمْ إِذَا أَرَادُوا تَأْكِيدَ الْعِلْمِ بِالرَّاوِي وَالْعَمَلَ بِمَا رَوَى كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ خَلِيلِي الصَّادِقَ المصدوق.

     وَقَالَ  بن مَسْعُودٍ حَدَّثَنِي الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ لَا وَصْمَ فِي هَذَا عَلَى الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّعْدِيلَ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ تَقْوِيَةَ الْحَدِيثِ إِذْ حَدَّثَ بِهِ الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ وَقَدْ قَالَ بن مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُمَا قَالَ وَهَذَا قَالُوهُ تَنْبِيهًا عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ لَا أَنَّ قَائِلَهُ قصد بِهِ تَعْدِيل رَاوِيه وَأَيْضًا فتنزيه بن مَعِينٍ لِلْبَرَاءِ عَنِ التَّعْدِيلِ لِأَجْلِ صُحْبَتِهِ وَلَمْ يُنَزِّهْ عَنْ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ انْتَهَى كَلَامُهُ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ أَخَذَ كَلَامَ الْخَطَّابِيِّ فَبَسَطَهُ وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ الْإِلْزَامَ الْأَخِيرَ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ لَا يُثْبِتُ صُحْبَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَقَدْ نَفَاهَا أَيْضًا مُصْعَبُ الزَّبِيرِيُّ وَتَوَقَّفَ فِيهَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُد وأثبتها بن الْبَرْقِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَآخَرُونَ.

     وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى الْكَلَامِ حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ كَمَا عَلِمْتُمْ فَثِقُوا بِمَا أُخْبِرُكُمْ بِهِ عَنْهُ وَقَدِ اعْتَرَضَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى التَّنْظِيرِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ كَأَنَّهُ لَمْ يُلِمَّ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِ الْبَيَانِ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ قَوْلِنَا فُلَانٌ صَدُوقٌ وَفُلَانٌ غَيْرُ كَذُوبٍ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ إِثْبَاتُ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَفِي الثَّانِي نَفْيُ ضِدِّهَا عَنْهُ فَهُمَا مُفْتَرِقَانِ قَالَ وَالسِّرُّ فِيهِ أَنَّ نَفْيَ الضِّدِّ كَأَنَّهُ يَقَعُ جَوَابًا لِمَنْ أَثْبَتَهُ يُخَالِفُ إِثْبَاتَ الصِّفَةِ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يَقَعُ فِي الْإِثْبَاتِ بِالْمُطَابَقَةِ وَفِي النَّفْيِ بِالِالْتِزَامِ لَكِنَّ التَّنْظِيرَ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِاللَّفْظَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَزْكِيَةٌ فِي حَقٍّ مَقْطُوعٍ بِتَزْكِيَتِهِ فَيَكُونُ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَيَحْصُلُ الِانْفِصَالُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا تَفْخِيمُ الْأَمْرِ وَتَقْوِيَتُهُ فِي نفس السَّامع وَذكر بن دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَلَامُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بِقَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ وَكَانَ غَيْرُ كَذُوبٍ قَالَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا.

.

قُلْتُ لَكِنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الْأَوَّلِ وَقَدْ وَجَدْتُ الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَفِيهِ .

     قَوْلُهُ  أَيْضًا حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدٍ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ فَذَكَرَهُ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ غَيْرَ كَذُوبٍ وَهَذَا يُقَوِّي أَنَّ الْكَلَامَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَائِدَةٌ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ هَذَا شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى سَبَبِ رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِهِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِالْكُوفَةِ فَكَانَ النَّاس يضعون رؤوسهم قَبْلَ أَنْ يَضَعَ رَأْسَهُ وَيَرْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي إِنْكَارِهِ عَلَيْهِمْ .

     قَوْلُهُ  إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ نَزَلْ قِيَامًا .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَحْنِ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَمْ يَثْنِ يُقَالُ حَنَيْتُ الْعُودَ إِذَا ثَنَيْتُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ لَا يَحْنُو وَهِيَ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ يُقَالُ حَنَيْتُ وَحَنَوْتُ بِمَعْنًى .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَقَعَ سَاجِدًا فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ حَتَّى يَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ وَنَحْوِهِ لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَة زُهَيْر عَن أبي إِسْحَاق وَلِأَحْمَدَ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ حَتَّى يَسْجُدَ ثمَّ يَسْجُدُونَ وَاسْتدلَّ بِهِ بن الْجَوْزِيِّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَشْرَعُ فِي الرُّكْنِ حَتَّى يُتِمَّهُ الْإِمَامُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا التَّأَخُّرُ حَتَّى يَتَلَبَّسَ الْإِمَامُ بِالرُّكْنِ الَّذِي يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ بِحَيْثُ يَشْرَعُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ شُرُوعِهِ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَكَانَ لَا يَحْنِي أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَسْتَتِمَّ سَاجِدًا وَلِأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ حَتَّى يَتَمَكَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السُّجُودِ وَهُوَ أَوْضَحُ فِي انْتِفَاءِ الْمُقَارَنَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ على طول الطُّمَأْنِينَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْإِمَامِ لِاتِّبَاعِهِ فِي انْتِقَالَاتِهِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ نَحْوَهُ هَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَكَرِيمَةَ وَسَقَطَ لِلْبَاقِينَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الصَّغَانِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَلَفْظُهُ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم جَبهته( قَولُهُ بَابُ إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ) أَيْ مِنَ السُّجُودِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ هُوَ الْجُمَحِيُّ مَدَنِيٌّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ وَلَهُ فِي الْبُخَارِيِّ أَحَادِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي التَّابِعِينَ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ الْحِمْصِيُّ وَلَهُ عِنْدَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ فِي الْمُزَارَعَةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [690] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ".
وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد (قال: حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن سفيان) الثوري (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي، بفتح العين فيهما وفتح السين وكسر الموحدة في الثالث، (قال: حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن يزيد) بفتح المثناة التحتية وكسر الزاي، الخطمي، بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء (قال: حدّثني) بالإفراد وللأصيلي: حدّثنا (البراء) وللأصيلي: البراء بن عازب رضي الله عنهما، (وهو) أي: عبد الله بن يزيد الخطمي (غير كذوب) في قوله: حدّثني البراء، فالضمير لا يعود عليه لأن الصحابة عدول لا يحتاجون إلى تعديل، وهذا قول يحيى بن معين، وهو مبني على قوله: إن عبد الله بن يزيد غير صحابي، أو الضمير عائد على البراء، ومثل هذا لا يوجب تهمة في الراوي، إنما يوجب حقيقة الصدق له.
وقد قال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهذا قول الخطابي، واعترض بعضهم التنظير المذكور، فقال له: كأنه لم يلم بشيء من علم البيان للفرق الواضح بين قوّلنا: فلان صدوق، وفلان غير كذوب.
لأن في الأول إثبات الصفة للموصوف، وفي الثاني نفي ضدّها عنه.
قال: والسر فيه أن نفي الضد كأنه وقع جوابًا لمن أثبته، بخلاف إثبات الصفة.
انتهى.
وفرق في فتح الباري بينهما بأنه يقع في الإثبات بالمطابقة، وفي النفي بالالتزام، واستشكل صاحب المصابيح إيراد هذه الصيغة في مقام التزكية لعدم دلالة اللفظ على انتفاء الكذب مطلقًا.
فإن كذوبًا للمبالغة والكثرة، فلا يلزم من نفيها نفي أصل الكذب، والثاني هو المطلوب.
لكن قد يقال: يحتمل بمعونة القرائن ومناسبة المقام أن المراد نفي مطلق الكذب لا نفي الكثير منه.
(قال) أي البراء (كانرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا قال): (سمع الله لمن حمده) بكسر الميم (لم يحن) بفتح الياء وكسر النون وضمها.
يقال: حنيت العود وحنوته، أي: لم يقوس (أحد منّا ظهره، حتى يقع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حال كونه (ساجدًا).
وفي عين: يقع الرفع والنصب، ولإسرائيل عن ابن إسحاق: حتى يقع جبهته على الأرض (ثم نقع) بنون المتكلم مع غيره، والعين رفع فقط، حال كوننا (سجودًا بعده) جمع ساجد، أي بحيث يتأخر ابتداء فعلهم عن ابتداء فعله عليه الصلاة والسلام، ويتقدم ابتداء فعلهم على فراغه عليه الصلاة والسلام من السجود، إذ أنه لا يجوز التقدم على الإمام ولا التخلّف عنه.
ولا دلالة فيه على أن المأموم لا يشرع في الركن حتى يتمه الإمام، خلافًا لابن الجوزي.
ورواة هذا الحديث ستة، وفيه صحابي عن صحابي ابن صحابي، كلاهما من الأنصار سكنا الكوفة، وفيه التحديث جميعًا وإفرادًا، والعنعنة، والقول، وأخرجه المؤلّف، وكذا مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ نَحْوَهُ بِهَذَا.
[الحديث طرفاه في: 747، 811] .
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين، وفي رواية: قال، أي: المؤلّف، وحدّثنا أبو نعيم (عن سفيان) الثوري (عن أبي اسحاق) السبيعي (نحوه) أي الحديث (بهذا).
وقد سقط قوله حدّثنا أبو نعيم إليّ بهذا عند الأصيلي وابن عساكر، وثبت جميع ذلك ما عدا بهذا عند أبي ذر، وكذا في الفرع، وعزا الحافظ ابن حجر ثبوت الكل لرواية المستملي وكريمة، والإسقاط للباقين.
53 - باب إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ (باب إثم من رفع رأسه) من السجود، أو منه ومن الركوع (قبل الإمام).

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [690] نازلاً؛ لأنه ذكر فِي حديثه سماع سُفْيَان لَهُ من أَبِي إِسْحَاق، وسماع أَبِي إِسْحَاق من عَبْد الله بن يزيد، وسماعه من البراء.
وقوله: ( ( حَدَّثَنِي البراء وَهُوَ غير كذوب) ) ظاهر السياق يقتضي أَنَّهُ من قَوْلِ عَبْد الله بن يزيد في حق البراء، ورجح ذَلِكَ الخطابي وغيره.
وَقَالَ ابن معين وغيره: إنما هُوَ من قَوْلِ أَبِي إِسْحَاق فِي حق عَبْد الله بن يزيد، وقالوا: إن الصَّحَابَة أجل من أن يوصفوا بنفي الكذب.
وهذا ليس بشيء، ونفي الكذب صفة مدح لا ذم، وكذلك نفي سائر النقائص؟ وقد كَانَ عَلِيّ بن أَبِي طالب يَقُول: والله مَا كذبت ولا كذبت، فنفى الكذب عَن نفسه، وأشار إلى نفيه عمن أخبره، وَهُوَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقالت عَائِشَة فِي حق عُمَر وابن عُمَر: إنكم لتحدثون عَن غير كاذبين ولا مكذبين، ولكن السمع يخطيء.
وأبلغ من هَذَا، أن الله تعالى نفى عَن نفسه النقائص والعيوب، كالظلم وإرادته، والغفلة والنسيان، وكذلك نفيه للشريك والصاحبة والولد، وليس فِي شيء من ذَلِكَ نقص بوجه مَا.
وأيضاً؛ فعبد الله بن يزيد هُوَ الخطمي، وَهُوَ معدود من الصَّحَابَة، وله رِوَايَة عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكيف حسن نفي الكذب عَنْهُ دون البراء، وكلاهما صحابي؟ وإن كَانَ البراء أشهر مِنْهُ، وأكثر رِوَايَة.
والله أعلم.
وفي الحَدِيْث: دليل عَلَى أن المأموم يتابع الإمام، وتكون أفعاله بعد أفعال الإمام؛ فإن البراء أخبر أنهم كانوا إذا رفعوا من الركوع لَمْ يحن أحد منهم ظهره حَتَّى يقع النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ساجداً، ثُمَّ يسجدون بعده.
وفي رِوَايَة لمسلم فِي هَذَا الحَدِيْث: أنهم كانوا يصلون مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا رفع رأسه من الركوع لَمْ نر أحداً يحني ظهره حَتَّى يضع رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جبهته عَلَى الأرض، ثُمَّ نخر من ورائه سجداً.
وهذه صريحة فِي أنهم كانوا لا يشرعون فِي السجود حَتَّى ينهيه النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقول النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا) ) يدل عَلَى أن تكبير المأمومين من ركوعهم وسجودهم يكون عقيب تكبير الإمام وركوعه وسجوده، ولا مَعَهُ ولا قبله.
وفي حَدِيْث أَبِي موسى، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم، فتلك بتلك) ) .
خرجه مُسْلِم، وقد سبق ذكره.
وأكثر العلماء عَلَى أن الأفضل للمأموم أن يتابع الإمام، فيركع ويرفع ويسجد ويجلس بعد الإمام فِي ذَلِكَ، وكذلك كَانَ يفعل أبو قلابة وغيره من السلف.
وروى وكيع بإسناده، عَن ابن مَسْعُود، قَالَ: لا تبادروا أئمتكم، فإنما جعل الإمام ليؤتم بِهِ، فيكون أول من يركع وأول من يسجد وأول من يرفع.
وَهُوَ مذهب الشَّافِعِيّ وأحمد، ورواية عَن مَالِك.
وإن وافقه فِي فعله مَعَهُ كره، وصحت صلاته عِنْدَ أكثر أصحابنا والشافعية، ومن أصحابنا من أبطل الصلاة بذلك.
ويستثنى من ذَلِكَ صورتان:إحداهما: تكبيرة الإحرام فِي ابتداء الصلاة، فإذا كبر مَعَهُ لَمْ تنعقد صلاة المأموم عِنْدَ ابن المبارك والشافعي وأحمد، وَهُوَ قَوْلِ مَالِك وأبي يوسف.
وَقَالَ أبو حنيفة والثوري والعنبري ومحمد بن الْحَسَن وزفر: تنعقد صلاته بذلك.
وزاد الثوري عليهم، فَقَالَ: لَوْ كبر مَعَ إمامه وفرغ من تكبيره قَبْلَ فراغ إمامه جاز.
ومن الحنفية من جعل تكبيرة الإحرام شرطاً للصلاة كالطهارة والستارة، ولم يجعلها مِنْهَا.
والصورة الثانية: إذا سلم مَعَ إمامه، فإنه يجوز مَعَ الكراهة عِنْدَ أكثر أصحابنا والشافعية.
ولهم وجه أخر: أَنَّهُ لا يجوز، وحكي عَن مَالِك.
قَالَ بعض أصحابنا: وهذا قَوْلِ قوي عَلَى قَوْلِ من يعتبر النية للخروج.
وعن مَالِك فِي أصل متابعة المأموم لإمامة ثَلاَثَة روايات: إحداهن: أنه يستحب أن يكون عمله بعد عمل إمامه، معاقباً لَهُ، كقول الشَّافِعِيّ وأحمد.
والثانية: أن عمل المأموم كله مَعَ عمل الإمام: ركوعه وسجوده وخفضه ورفعه، مَا خلا الإحرام والتسليم، فإنه لا يأتي المأموم بهما إلا بعد تكبير الإمام وسلامه.
وقيل: إنها أصح الروايات عَنْهُ.
والثالثة: أَنَّهُ يكون عمله مَعَ الإمام؛ مَا خلا ثَلاَثَة أشياء: التحريم والتسليم والقيام من اثنتين، فإنه يكون بعده.
53 - بَاب إِثْم مَنْ رَفَعَ رَأَسَهَ قَبْلَ الإمَامِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ)
أَيْ إِذَا اعْتَدَلَ أَوْ جَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  أَنَسٌ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ الْمَاضِي فِي الْبَابِ قَبْلَهُ لَكِنْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ دُونَ بَعْضٍ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ إِيجَابِ التَّكْبِيرِ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِهِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِحَدِيثِ الْبَابِ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ مَا يُسَمَّى رُكُوعًا مِنَ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى تَقَدُّمِ الشَّرْطِ عَلَى الْجَزَاءِ وَحَدِيثُ الْبَابِ يُفَسِّرُهُ

[ قــ :669 ... غــ :690] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سُفْيَانَ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هُوَ الْخَطْمِيُّ كَذَا وَقَعَ مَنْسُوبًا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي رِوَايَةٍ لِشُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى خَطْمَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ بَطْنٌ مِنَ الْأَوْسِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ أَمِيرا على الْكُوفَة فِي زمن بن الزُّبَيْرِ وَوَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابُ رَفْعِ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يَخْطُبُ وَأَبُو إِسْحَاقَ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ لَكِنَّهُ سَمِعَ هَذَا عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ وَفِيهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ رِوَايَة صَحَابِيّ بن صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ بن صَحَابِيّ كِلَاهُمَا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ وَكِلَاهُمَا سَكَنَ الْكُوفَةَ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْحُمَيْدِيُّ فِي جَمْعِهِ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ لَكِنْ رَوَى عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ .

     قَوْلُهُ  هُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ إِنَّمَا يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الرَّاوِيَ عَنِ الْبَرَاءِ لَا الْبَرَاءَ وَلَا يُقَالُ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ كَذُوبٍ يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ إِنَّمَا تَحْسُنُ فِي مَشْكُوكٍ فِي عَدَالَتِهِ وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تَزْكِيَةٍ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ هَذَا الْقَوْلُ لَا يُوجِبُ تُهْمَةً فِي الرَّاوِي إِنَّمَا يُوجِبُ حَقِيقَةَ الصِّدْقِ لَهُ قَالَ وَهَذِهِ عَادَتُهُمْ إِذَا أَرَادُوا تَأْكِيدَ الْعِلْمِ بِالرَّاوِي وَالْعَمَلَ بِمَا رَوَى كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ خَلِيلِي الصَّادِقَ المصدوق.

     وَقَالَ  بن مَسْعُودٍ حَدَّثَنِي الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ لَا وَصْمَ فِي هَذَا عَلَى الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّعْدِيلَ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ تَقْوِيَةَ الْحَدِيثِ إِذْ حَدَّثَ بِهِ الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ وَقَدْ قَالَ بن مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُمَا قَالَ وَهَذَا قَالُوهُ تَنْبِيهًا عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ لَا أَنَّ قَائِلَهُ قصد بِهِ تَعْدِيل رَاوِيه وَأَيْضًا فتنزيه بن مَعِينٍ لِلْبَرَاءِ عَنِ التَّعْدِيلِ لِأَجْلِ صُحْبَتِهِ وَلَمْ يُنَزِّهْ عَنْ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ انْتَهَى كَلَامُهُ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ أَخَذَ كَلَامَ الْخَطَّابِيِّ فَبَسَطَهُ وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ الْإِلْزَامَ الْأَخِيرَ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ لَا يُثْبِتُ صُحْبَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَقَدْ نَفَاهَا أَيْضًا مُصْعَبُ الزَّبِيرِيُّ وَتَوَقَّفَ فِيهَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُد وأثبتها بن الْبَرْقِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَآخَرُونَ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ مَعْنَى الْكَلَامِ حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ كَمَا عَلِمْتُمْ فَثِقُوا بِمَا أُخْبِرُكُمْ بِهِ عَنْهُ وَقَدِ اعْتَرَضَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى التَّنْظِيرِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ كَأَنَّهُ لَمْ يُلِمَّ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِ الْبَيَانِ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ قَوْلِنَا فُلَانٌ صَدُوقٌ وَفُلَانٌ غَيْرُ كَذُوبٍ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ إِثْبَاتُ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَفِي الثَّانِي نَفْيُ ضِدِّهَا عَنْهُ فَهُمَا مُفْتَرِقَانِ قَالَ وَالسِّرُّ فِيهِ أَنَّ نَفْيَ الضِّدِّ كَأَنَّهُ يَقَعُ جَوَابًا لِمَنْ أَثْبَتَهُ يُخَالِفُ إِثْبَاتَ الصِّفَةِ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يَقَعُ فِي الْإِثْبَاتِ بِالْمُطَابَقَةِ وَفِي النَّفْيِ بِالِالْتِزَامِ لَكِنَّ التَّنْظِيرَ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِاللَّفْظَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَزْكِيَةٌ فِي حَقٍّ مَقْطُوعٍ بِتَزْكِيَتِهِ فَيَكُونُ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَيَحْصُلُ الِانْفِصَالُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا تَفْخِيمُ الْأَمْرِ وَتَقْوِيَتُهُ فِي نفس السَّامع وَذكر بن دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَلَامُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بِقَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ وَكَانَ غَيْرُ كَذُوبٍ قَالَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا.

.

قُلْتُ لَكِنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الْأَوَّلِ وَقَدْ وَجَدْتُ الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَفِيهِ .

     قَوْلُهُ  أَيْضًا حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدٍ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ فَذَكَرَهُ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ غَيْرَ كَذُوبٍ وَهَذَا يُقَوِّي أَنَّ الْكَلَامَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَائِدَةٌ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ هَذَا شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى سَبَبِ رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِهِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِالْكُوفَةِ فَكَانَ النَّاس يضعون رؤوسهم قَبْلَ أَنْ يَضَعَ رَأْسَهُ وَيَرْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي إِنْكَارِهِ عَلَيْهِمْ .

     قَوْلُهُ  إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ نَزَلْ قِيَامًا .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَحْنِ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَمْ يَثْنِ يُقَالُ حَنَيْتُ الْعُودَ إِذَا ثَنَيْتُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ لَا يَحْنُو وَهِيَ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ يُقَالُ حَنَيْتُ وَحَنَوْتُ بِمَعْنًى .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَقَعَ سَاجِدًا فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ حَتَّى يَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ وَنَحْوِهِ لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَة زُهَيْر عَن أبي إِسْحَاق وَلِأَحْمَدَ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ حَتَّى يَسْجُدَ ثمَّ يَسْجُدُونَ وَاسْتدلَّ بِهِ بن الْجَوْزِيِّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَشْرَعُ فِي الرُّكْنِ حَتَّى يُتِمَّهُ الْإِمَامُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا التَّأَخُّرُ حَتَّى يَتَلَبَّسَ الْإِمَامُ بِالرُّكْنِ الَّذِي يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ بِحَيْثُ يَشْرَعُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ شُرُوعِهِ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَكَانَ لَا يَحْنِي أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَسْتَتِمَّ سَاجِدًا وَلِأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ حَتَّى يَتَمَكَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السُّجُودِ وَهُوَ أَوْضَحُ فِي انْتِفَاءِ الْمُقَارَنَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ على طول الطُّمَأْنِينَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْإِمَامِ لِاتِّبَاعِهِ فِي انْتِقَالَاتِهِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ نَحْوَهُ هَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَكَرِيمَةَ وَسَقَطَ لِلْبَاقِينَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الصَّغَانِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَلَفْظُهُ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم جَبهته

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بَاب
مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإمَامِ؟
وَقَالَ أَنَس، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( وإذا سجد فاسجدوا) ) .

حَدِيْث أَنَس هَذَا، قَدْ خرجه البخاري فيما بعد من رِوَايَة الزُّهْرِيّ، عَنْهُ، ويأتي فِي موضعه - إن شاء الله.

وفيه: دليل عَلَى أن سجود المأموم يكون عقيب سجود الإمام، ولا يكون مَعَهُ ولا قبله.

[ قــ :669 ... غــ :690 ]
- حَدَّثَنَا مسدد، ثنا يَحْيَى بن سَعِيد، عَن سُفْيَان، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد الله بن يزيد، قَالَ: حَدَّثَنِي البراء – وَهُوَ غير كذوب -، قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قَالَ: ( ( سَمِعَ الله لمن حمده) ) لَمْ يحن أحد منا ظهره حَتَّى يقع النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ساجداً، ثُمَّ نقع سجوداً بعده.

قَالَ أبو عَبْد الله: أخبرنا أبو نعيم، عَن سُفْيَان بهذا، وإنما أدخلت حَدِيْث مسدد لحال الإخبار.

هكذا وقع فِي بعض النسخ دون بعض.

ومعناه: أن هَذَا الحَدِيْث سمعه البخاري من أَبِي نعيم، عَن سُفْيَان – هُوَ: الثوري – بهذا الإسناد، ولكن معنعناً، وإنما خرجه عَن مسدد، عَن يَحْيَى بن سَعِيد، عَن سُفْيَان نازلاً؛ لأنه ذكر فِي حديثه سماع سُفْيَان لَهُ من أَبِي إِسْحَاق، وسماع أَبِي إِسْحَاق من عَبْد الله بن يزيد، وسماعه من البراء.

وقوله: ( ( حَدَّثَنِي البراء وَهُوَ غير كذوب) ) ظاهر السياق يقتضي أَنَّهُ من قَوْلِ عَبْد الله بن يزيد في حق البراء، ورجح ذَلِكَ الخطابي وغيره.

وَقَالَ ابن معين وغيره: إنما هُوَ من قَوْلِ أَبِي إِسْحَاق فِي حق عَبْد الله بن يزيد، وقالوا: إن الصَّحَابَة أجل من أن يوصفوا بنفي الكذب.

وهذا ليس بشيء، ونفي الكذب صفة مدح لا ذم، وكذلك نفي سائر النقائص؟ وقد كَانَ عَلِيّ بن أَبِي طالب يَقُول: والله مَا كذبت ولا كذبت، فنفى الكذب عَن نفسه، وأشار إلى نفيه عمن أخبره، وَهُوَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقالت عَائِشَة فِي حق عُمَر وابن عُمَر: إنكم لتحدثون عَن غير كاذبين ولا مكذبين، ولكن السمع يخطيء.

وأبلغ من هَذَا، أن الله تعالى نفى عَن نفسه النقائص والعيوب، كالظلم وإرادته، والغفلة والنسيان، وكذلك نفيه للشريك والصاحبة والولد، وليس فِي شيء من ذَلِكَ نقص بوجه مَا.

وأيضاً؛ فعبد الله بن يزيد هُوَ الخطمي، وَهُوَ معدود من الصَّحَابَة، وله رِوَايَة عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكيف حسن نفي الكذب عَنْهُ دون البراء، وكلاهما صحابي؟ وإن كَانَ البراء أشهر مِنْهُ، وأكثر رِوَايَة.
والله أعلم.

وفي الحَدِيْث: دليل عَلَى أن المأموم يتابع الإمام، وتكون أفعاله بعد أفعال الإمام؛ فإن البراء أخبر أنهم كانوا إذا رفعوا من الركوع لَمْ يحن أحد منهم ظهره حَتَّى يقع النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ساجداً، ثُمَّ يسجدون بعده.
وفي رِوَايَة لمسلم فِي هَذَا الحَدِيْث: أنهم كانوا يصلون مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا رفع رأسه من الركوع لَمْ نر أحداً يحني ظهره حَتَّى يضع رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جبهته عَلَى الأرض، ثُمَّ نخر من ورائه سجداً.

وهذه صريحة فِي أنهم كانوا لا يشرعون فِي السجود حَتَّى ينهيه النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقول النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا) ) يدل عَلَى أن تكبير المأمومين من ركوعهم وسجودهم يكون عقيب تكبير الإمام وركوعه وسجوده، ولا مَعَهُ ولا قبله.

وفي حَدِيْث أَبِي موسى، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم، فتلك بتلك) ) .

خرجه مُسْلِم، وقد سبق ذكره.

وأكثر العلماء عَلَى أن الأفضل للمأموم أن يتابع الإمام، فيركع ويرفع ويسجد ويجلس بعد الإمام فِي ذَلِكَ، وكذلك كَانَ يفعل أبو قلابة وغيره من السلف.

وروى وكيع بإسناده، عَن ابن مَسْعُود، قَالَ: لا تبادروا أئمتكم، فإنما جعل الإمام ليؤتم بِهِ، فيكون أول من يركع وأول من يسجد وأول من يرفع.

وَهُوَ مذهب الشَّافِعِيّ وأحمد، ورواية عَن مَالِك.

وإن وافقه فِي فعله مَعَهُ كره، وصحت صلاته عِنْدَ أكثر أصحابنا والشافعية، ومن أصحابنا من أبطل الصلاة بذلك.

ويستثنى من ذَلِكَ صورتان: إحداهما: تكبيرة الإحرام فِي ابتداء الصلاة، فإذا كبر مَعَهُ لَمْ تنعقد صلاة المأموم عِنْدَ ابن المبارك والشافعي وأحمد، وَهُوَ قَوْلِ مَالِك وأبي يوسف.

وَقَالَ أبو حنيفة والثوري والعنبري ومحمد بن الْحَسَن وزفر: تنعقد صلاته بذلك.

وزاد الثوري عليهم، فَقَالَ: لَوْ كبر مَعَ إمامه وفرغ من تكبيره قَبْلَ فراغ إمامه جاز.

ومن الحنفية من جعل تكبيرة الإحرام شرطاً للصلاة كالطهارة والستارة، ولم يجعلها مِنْهَا.

والصورة الثانية: إذا سلم مَعَ إمامه، فإنه يجوز مَعَ الكراهة عِنْدَ أكثر أصحابنا والشافعية.

ولهم وجه أخر: أَنَّهُ لا يجوز، وحكي عَن مَالِك.

قَالَ بعض أصحابنا: وهذا قَوْلِ قوي عَلَى قَوْلِ من يعتبر النية للخروج.

وعن مَالِك فِي أصل متابعة المأموم لإمامة ثَلاَثَة روايات:
إحداهن: أنه يستحب أن يكون عمله بعد عمل إمامه، معاقباً لَهُ، كقول الشَّافِعِيّ وأحمد.

والثانية: أن عمل المأموم كله مَعَ عمل الإمام: ركوعه وسجوده وخفضه ورفعه، مَا خلا الإحرام والتسليم، فإنه لا يأتي المأموم بهما إلا بعد تكبير الإمام وسلامه.

وقيل: إنها أصح الروايات عَنْهُ.

والثالثة: أَنَّهُ يكون عمله مَعَ الإمام؛ مَا خلا ثَلاَثَة أشياء: التحريم والتسليم والقيام من اثنتين، فإنه يكون بعده.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ؟
قَالَ أَنَسٌ: فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا.

هذا (باب متى يسجد من) أي الذي (خلف الإمام) إذا اعتدل أو جلس بين السجدتين؟
(قال أنس) رضي الله عنه، ولأبوي ذر والوقت، وقال أنس، وزاد أبو الوقت وذر وابن عساكر: عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فإذا) بالفاء، وللمستملي: وإذا (سجد فاسجدوا).

وهذا التعليق، قال الحافظ ابن حجر: هو طرف من حديثه الماضي في الباب الذي قبله، لكن في بعض طرقه دون بعض، وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب: إيجاب التكبير من رواية الليث، عن الزهري، بلفظه انتهى.

وقد اعترضه العيني فقال: ليست هذه اللفظة في الحديث الماضي، وإنما، هي في باب: إيجاب التكبير، وهذا عجيب منه كيف اعترضه بعد قوله، لكن في بعض طرقه دون بعض فليتأمل.


[ قــ :669 ... غــ : 690 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ".

وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد (قال: حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن سفيان) الثوري (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي، بفتح العين فيهما وفتح السين وكسر الموحدة في الثالث، (قال: حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن يزيد) بفتح المثناة التحتية وكسر الزاي، الخطمي، بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء (قال: حدّثني) بالإفراد وللأصيلي: حدّثنا (البراء) وللأصيلي: البراء بن عازب رضي الله عنهما، (وهو) أي: عبد الله بن يزيد الخطمي (غير كذوب) في قوله: حدّثني البراء، فالضمير لا يعود عليه لأن الصحابة عدول لا يحتاجون إلى تعديل، وهذا قول يحيى بن معين، وهو مبني على قوله: إن عبد الله بن يزيد غير صحابي، أو الضمير عائد
على البراء، ومثل هذا لا يوجب تهمة في الراوي، إنما يوجب حقيقة الصدق له.

وقد قال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهذا قول الخطابي، واعترض بعضهم التنظير المذكور، فقال له: كأنه لم يلم بشيء من علم البيان للفرق الواضح بين قوّلنا: فلان صدوق، وفلان غير كذوب.
لأن في الأول إثبات الصفة للموصوف، وفي الثاني نفي ضدّها عنه.

قال: والسر فيه أن نفي الضد كأنه وقع جوابًا لمن أثبته، بخلاف إثبات الصفة.
انتهى.

وفرق في فتح الباري بينهما بأنه يقع في الإثبات بالمطابقة، وفي النفي بالالتزام، واستشكل صاحب المصابيح إيراد هذه الصيغة في مقام التزكية لعدم دلالة اللفظ على انتفاء الكذب مطلقًا.
فإن

كذوبًا للمبالغة والكثرة، فلا يلزم من نفيها نفي أصل الكذب، والثاني هو المطلوب.
لكن قد يقال: يحتمل بمعونة القرائن ومناسبة المقام أن المراد نفي مطلق الكذب لا نفي الكثير منه.

(قال) أي البراء (كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا قال): (سمع الله لمن حمده) بكسر الميم (لم يحن) بفتح
الياء وكسر النون وضمها.
يقال: حنيت العود وحنوته، أي: لم يقوس (أحد منّا ظهره، حتى يقع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حال كونه (ساجدًا).
وفي عين: يقع الرفع والنصب، ولإسرائيل عن ابن إسحاق: حتى يقع جبهته على الأرض (ثم نقع) بنون المتكلم مع غيره، والعين رفع فقط، حال كوننا (سجودًا بعده) جمع ساجد، أي بحيث يتأخر ابتداء فعلهم عن ابتداء فعله عليه الصلاة والسلام، ويتقدم ابتداء فعلهم على فراغه عليه الصلاة والسلام من السجود، إذ أنه لا يجوز التقدم على الإمام ولا التخلّف عنه.

ولا دلالة فيه على أن المأموم لا يشرع في الركن حتى يتمه الإمام، خلافًا لابن الجوزي.

ورواة هذا الحديث ستة، وفيه صحابي عن صحابي ابن صحابي، كلاهما من الأنصار سكنا الكوفة، وفيه التحديث جميعًا وإفرادًا، والعنعنة، والقول، وأخرجه المؤلّف، وكذا مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ نَحْوَهُ بِهَذَا.
[الحديث 690 - طرفاه في: 747، 811] .

وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين، وفي رواية: قال، أي: المؤلّف، وحدّثنا أبو نعيم (عن سفيان) الثوري (عن أبي اسحاق) السبيعي (نحوه) أي الحديث (بهذا).

وقد سقط قوله حدّثنا أبو نعيم إليّ بهذا عند الأصيلي وابن عساكر، وثبت جميع ذلك ما عدا بهذا عند أبي ذر، وكذا في الفرع، وعزا الحافظ ابن حجر ثبوت الكل لرواية المستملي وكريمة، والإسقاط للباقين.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإمَامِ)

أَي: هَذَا بابُُ تَرْجَمته: مَتى يسْجد من خلف الإِمَام، يَعْنِي إِذا اعتدل أَو جلس بَين السَّجْدَتَيْنِ.
قَوْله: ( من) فَاعل قَوْله: ( يسْجد) .

قَالَ أنَسٌ فإذَا سَجَدَ فاسْجُدُوا
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يبين معنى مَتى يسْجد من خلف الإِمَام، وَهُوَ أَنه يسْجد إِذا سجد الإِمَام، بِنَاء على تقدم الشَّرْط على االجزاء، وَهَذَا التَّعْلِيق أخرجه مَوْصُولا فِي: بابُُ إِيجَاب التَّكْبِير، فَإِن فِيهِ: وَإِذا سجد فاسجدوا..
     وَقَالَ  بَعضهم: هُوَ طرف من حَدِيثه الْمَاضِي فِي الْبابُُ الَّذِي قبله قلت: لَيست هَذِه اللَّفْظَة فِي الحَدِيث الْمَاضِي، وَإِنَّمَا هِيَ فِي: بابُُ إِيجَاب التَّكْبِير، كَمَا ذكرنَا.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) : وَفِي بعض النّسخ، قَالَ أنس: إِذا سجد فاسجدوا، يَعْنِي: من غير ذكره: عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.



[ قــ :669 ... غــ :690 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ عَن سُفْيَانَ قَالَ حدَّثني أَبُو إسْحَاقَ قَالَ حدَّثني عَبْدُ الله بنُ يَزِيدَ قَالَ حدَّثني البَرَاءُ وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ قَالَ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاجِدا ثُمَّ نَقَعُ سُجُودا بَعْدَهُ مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ثمَّ نقع سجودا بعده) ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَن يكون سُجُود من خلف الإِمَام إِذا شرع الإِمَام فِي السَّجْدَة.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: مُسَدّد بن مسرهد، وَقد تكَرر ذكره.
الثَّانِي: يحيى بن سعيد الْقطَّان.
الثَّالِث: سُفْيَان الثَّوْريّ.
الرَّابِع: أَبُو إِسْحَاق، واسْمه: عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: نِسْبَة إِلَى سبيع بطن من هَمدَان.
الْخَامِس: عبد الله بن يزِيد من الزِّيَادَة الخطمي كَذَا وَقع مَنْسُوبا عِنْد الإسماععيلي فِي رِوَايَة شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق، وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى خطمي، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الطَّاء: بطن من الْأَوْس..
     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ: عبد الله بن يزِيد بن زيد ابْن حُصَيْن بن عَمْرو الأوسي الخطمي أَبُو مُوسَى، شهد الْحُدَيْبِيَة وَمَات قبل ابْن الزبير.
السَّادِس: الْبَراء بن عَازِب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: عبد الله بن يزِيد الصَّحَابِيّ من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ ابْن الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ ابْن الصَّحَابِيّ.
وَذكر الذَّهَبِيّ فِي ( تَجْرِيد الصَّحَابَة) وَالِد عبد الله ووالد الْبَراء كليهمَا من الصَّحَابَة، فَقَالَ: يزِيد بن زيد بن حُصَيْن الْأنْصَارِيّ الخطمي، وَالِد عبد الله وجد عدي بن ثَابت لأمه..
     وَقَالَ  أَيْضا: عَازِب بن الْحَارِث وَالِد الْبَراء، قَالَ البراءوفيه: اشْترى أَبُو بكر من عَازِب رجلا.
وَفِيه: أَن أَبَا إِسْحَاق كَانَ مَعْرُوفا بالرواية عَن الْبَراء بن عَازِب لكنه روى الحَدِيث الْمَذْكُور هَهُنَا بِوَاسِطَة.
وَهُوَ: عبد الله بن يزِيد.
وَفِيه: أَن أحد الروَاة كَانَ أَمِيرا وَهُوَ: عبد الله بن يزِيد، وَكَانَ أَمِيرا على الْكُوفَة فِي زمن عبد الله بن الزبير، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي: بابُُ رفع الْبَصَر فِي الصَّلَاة: أَن أَبَا إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت عبد الله ابْن يزِيد يخْطب.
وَفِيه: قَوْله: ( غير كذوب) وَهُوَ على وزن: فعول، وَهُوَ صِيغَة مُبَالغَة: كصبور وشكور، وَاخْتلفُوا فِي هَذَا قيل: فِي حق من؟ فَقَالَ يحيى بن معِين والْحميدِي وَابْن الْجَوْزِيّ: إِن الْإِشَارَة فِي قَول أبي إِسْحَاق: غير كذوب، إِلَى عبد الله بن يزِيد، لَا إِلَى الْبَراء، لِأَن الصَّحَابَة عدُول فَلَا يحْتَاج أحد مِنْهُم إِلَى تَزْكِيَة وتعديل..
     وَقَالَ  الْخَطِيب: إِن كَانَ هَذَا القَوْل من أبي إِسْحَاق فَهُوَ فِي عبد الله بن يزِيد، وَإِن كَانَ من عبد الله فَهُوَ فِي الْبَراء..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: هَذَا القَوْل لَا يُوجب تُهْمَة فِي الرَّاوِي؛ وَإِنَّمَا يُوجب حَقِيقَة الصدْق لَهُ لِأَن هَذِه عَادَتهم إِذا أَرَادوا تَأْكِيد الْعلم بالراوي وَالْعَمَل بِمَا روى، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول: سَمِعت خليلي الصَّادِق المصدوق،.

     وَقَالَ  ابْن مَسْعُود: حَدثنِي الصَّادِق المصدوق، وسلك عِيَاض أَيْضا هَذَا المسلك.

     وَقَالَ : لم يرد بِهِ التَّعْدِيل وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ تَقْوِيَة الحَدِيث إِذْ حدث بِهِ الْبَراء، وَهُوَ غير مُتَّهم: وَمثل هَذَا قَول أبي مُسلم الْخَولَانِيّ: حَدثنِي الحبيب الْأمين..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: معنى الْكَلَام: حَدثنِي الْبَراء وَهُوَ غير مُتَّهم، كَمَا علمْتُم فثقوا بِمَا أخْبركُم بِهِ عَنهُ.

قلت: قد ظهر من كَلَام الْخطابِيّ وعياض وَالنَّوَوِيّ أَن هَذَا القَوْل فِي الْبَراء، ويترجح هَذَا بِوَجْهَيْنِ: الأول: أَنه رُوِيَ عَن أبي إِسْحَاق فِي بعض طرقه: سَمِعت عبد الله بن يزِيد وَهُوَ يخْطب يَقُول: حَدثنَا الْبَراء، وَكَانَ غير كذوب.
قَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: اسْتدلَّ بِهِ بَعضهم على أَنه كَلَام عبد الله بن يزِيد.
قلت: إِذا كَانَ هَذَا كَلَام عبد الله فَيكون ذَاك فِي الْبَراء، وأوضح من هَذَا وَأبين مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي ( صَحِيحه) من طَرِيق محَارب بن دثار، قَالَ: سَمِعت عبد الله بن يزِيد على الْمِنْبَر يَقُول: حَدثنِي الْبَراء وَكَانَ غير كذوب.
الثَّانِي: أَن الضَّمِير أَعنِي قَوْله: وَهُوَ يرجع إِلَى أقرب الْمَذْكُورين وَهُوَ الْبَراء، فَإِن قلت: كَيفَ نزه يحيى بن معِين الْبَراء عَن التَّعْدِيل لأجل صحبته وَلم ينزه عبد الله بن يزِيد وَهُوَ أَيْضا صَحَابِيّ؟ قلت: يحيى بن معِين لَا تثبت صحبته فَلذَلِك تنْسب هَذِه اللَّفْظَة إِلَيْهِ، وَوَافَقَهُ على ذَلِك مُصعب الزبيرِي، وَتوقف فِي صحبته أَحْمد وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو دَاوُد، وأثبتها ابْن البرقي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَآخَرُونَ.
فَإِن قلت: نفي الكذوبية لَا يسْتَلْزم نفي الكاذبية، مَعَ أَنه يجب نفي مُطلق الْكَذِب عَنْهُمَا قلت: مَعْنَاهُ غير ذِي كذب، كَمَا قيل فِي قَوْله تَعَالَى: { وَمَا رَبك بظلام للعبيد} ( فصلت: 46) .
أَي: وَمَا رَبك بِذِي ظلم.
فَإِن قلت: مَا سَبَب رِوَايَة عبد الله ابْن يزِيد هَذَا الحَدِيث؟ قلت: روى الطَّبَرَانِيّ من طَرِيقه أَنه كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِالْكُوفَةِ، فَكَانَ النَّاس يضعون رؤوسهم قبل أَن يضع رَأسه، ويرفعون قبل أَن يرفع رَأسه، فَذكر الحَدِيث فِي إِنْكَاره عَلَيْهِم.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن أبي نعيم وَعَن حجاج عَن شُعْبَة وَعَن آدم عَن إِسْرَائِيل.
وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن أَحْمد بن يُونُس وَيحيى بن يحيى كِلَاهُمَا عَن زُهَيْر وَعَن أبي بكر بن خَلاد.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن بنْدَار عَن ابْن مهْدي عَن سُفْيَان بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن إِسْمَاعِيل بن علية وَعَن عَليّ بن الْحُسَيْن الدرهمي عَن أُميَّة بن خَالِد، كِلَاهُمَا عَن شُعْبَة بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( إِذا قَالَ: سمع الله لمن حَمده) وَفِي رِوَايَة شُعْبَة: ( إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع) .
وَفِي رِوَايَة لمُسلم: ( فَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع فَقَالَ: سمع الله لمن حَمده لم نزل قيَاما) .
قَوْله: ( لم يحن) ، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة، من: حنيت الْعود عطفته وحنوت لُغَة، قَالَه الْجَوْهَرِي، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( لَا يحنو أحد، وَلَا يحني) ، رِوَايَتَانِ أَي: لَا يقوس ظَهره.
قَوْله: ( حَتَّى يَقع سَاجِدا) أَي: حَال كَونه سَاجِدا، وَفِي رِوَايَة الإسرائيلي عَن أبي إِسْحَاق: ( حَتَّى يضع جَبهته على الأَرْض) ، وَنَحْوه وَفِي رِوَايَة مُسلم من رِوَايَة زُهَيْر عَن أبي إِسْحَاق، وَفِي رِوَايَة أَحْمد عَن غنْدر عَن شُعْبَة: ( حَتَّى يسْجد ثمَّ يَسْجُدُونَ) .
قَوْله: ( ثمَّ نقع) بنُون الْمُتَكَلّم مَعَ الْغَيْر.
قَوْله: ( سجودا) حَال، وَهُوَ جمع: ساجد، ونقع، مَرْفُوع لَا غير، و: يَقع، الأول الَّذِي هُوَ مَنْصُوب فَاعله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يجوز فِيهِ الْأَمْرَانِ: الرّفْع وَالنّصب.

ذكر مَا يستنبط مِنْهُ فِيهِ: وجوب مُتَابعَة الإِمَام فِي أَفعاله، وَاسْتدلَّ بِهِ ابْن الْجَوْزِيّ على أَن الْمَأْمُوم لَا يشرع فِي الرُّكْن حَتَّى يتمه الإِمَام، وَفِيه نظر، لِأَن الإِمَام إِذا أتم الرُّكْن ثمَّ شرع الْمَأْمُوم فِيهِ لَا يكون مُتَابعًا للْإِمَام وَلَا يعْتد بِمَا فعله، وَمعنى الحَدِيث أَن الْمَأْمُوم يشرع بعد شُرُوع الإِمَام فِي الرُّكْن وَقبل فَرَاغه مِنْهُ حَتَّى تُوجد الْمُتَابَعَة، وَوَقع فِي حَدِيث عَمْرو بن سليم أخرجه مُسلم: ( فَكَانَ لَا يحني أحد منا ظَهره حَتَّى يَسْتَقِيم سَاجِدا) .
وروى أَبُو يعلى من حَدِيث أنس: ( حَتَّى يتَمَكَّن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من السُّجُود) ، وَمعنى هَذَا كُله ظَاهر فِي أَن الْمَأْمُوم يشرع فِي الرُّكْن بعد شُرُوع الإِمَام فِيهِ، وَقبل فَرَاغه مِنْهُ.
وَاسْتدلَّ بِهِ قوم على طول الطُّمَأْنِينَة، وَفِيه نظر، لِأَن الحَدِيث لَا يدل على هَذَا.
وَفِيه: جَوَاز النّظر إِلَى الْأَمَام لأجل اتِّبَاعه فِي انتقالاته فِي الْأَركان.

حدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ عنْ سُفْيَانَ عنْ أبي أسْحَاقَ نَحْوَهُ بِهَذَا
أَبُو نعيم هُوَ الْفضل بن دُكَيْن، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ وَأَبُو إِسْحَاق هُوَ السبيعِي الْمَذْكُور، وَهَذَا السَّنَد وَقع فِي البُخَارِيّ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وكريمة، وَلَيْسَ بموجود فِي رِوَايَة البَاقِينَ..
     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) : هَذَا السَّنَد مَذْكُور فِي نُسْخَة سَمَاعنَا، وَفِي بعض النّسخ عَلَيْهِ ضرب، وَلم يذكرهُ أَصْحَاب الْأَطْرَاف: أَبُو الْعَبَّاس الطرقي وَخلف وَأَبُو مَسْعُود فَمن بعدهمْ، وَلم يذكرهُ أَيْضا أَبُو نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) قلت: أخرجه أَبُو عوَانَة عَن الصَّاغَانِي وَغَيره عَن أبي نعيم، وَلَفظه: ( كُنَّا إِذا صلينَا خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يحن أحد منا ظَهره حَتَّى يضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَبهته) .