هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6961 حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ ، قَالَ : رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ : أَنَّ ابْنَ الصَّائِدِ الدَّجَّالُ ، قُلْتُ : تَحْلِفُ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6961 حدثنا حماد بن حميد ، حدثنا عبيد الله بن معاذ ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن محمد بن المنكدر ، قال : رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله : أن ابن الصائد الدجال ، قلت : تحلف بالله ؟ قال : إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Muhammad bin Al-Munkadir:

I saw Jabir bin `Abdullah swearing by Allah that Ibn Sayyad was the Dajjal. I said to Jabir, How can you swear by Allah? Jabir said, I have heard `Umar swearing by Allah regarding this matter in the presence of the Prophet (ﷺ) and the Prophet (ﷺ) did not disapprove of it.

":"ہم سے حماد بن حمید نے بیان کیا ‘ کہا ہم سے عبیداللہ بن معاذ نے ‘ کہا ہم سے ہمارے والد حضرت معاذ بن حسان نے بیان کیا ‘ ان سے شعبہ بن حجاج نے بیان کیا ‘ ان سے سعد بن ابراہیم نے ‘ ان سے محمد بن المنکدر نے بیان کیا ‘ ان سے سعد بن ابراہیم نے ‘ ان سے محمد بن المنکدر نے بیان کیا کہمیں نے جابر بن عبداللہ رضی اللہ عنہ کو دیکھا کہ وہ ابن الصیاد کے واقعہ پر اللہ کی قسم کھا تے تھے ۔ میں نے ان سے کہا کہ آپ اللہ کی قسم کھا تے ہیں ؟ انہوں نے کہا کہ میں نے عمر رضی اللہ عنہ کو نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے سامنے اللہ کی قسم کھا تے دیکھا اور آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے اس پر کوئی انکار نہیں فرمایا ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [7355] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ هُوَ خُرَاسَانِيٌّ فِيمَا ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ فِي رِجَالِ البُخَارِيّ وَذكر بن رَشِيدٍ فِي فَوَائِدِ رِحْلَتِهِ وَالْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْقَدِيمَةِ مِنَ الْبُخَارِيِّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ صَاحِبٌ لَنَا حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ فِي الْأَحْيَاء وَذكر بن أَبِي حَاتِمٍ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ نَزِيلُ عَسْقَلَانَ رَوَى عَنْ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ وَأَبِي ضَمْرَةَ وَغَيْرِهِمَا وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو حَاتِم.

     وَقَالَ  شَيْخي فَزعم أَبُو الْيَد الْبَاجِيُّ فِي رِجَالِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ الْبَابِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ بِلَا وَاسِطَةٍ وَهُوَ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي نَزَلَ فِيهَا الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ عَنْ شَيْخٍ وَأَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ بِوَاسِطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الشَّيْخِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ لَيْسَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُهَا بِطَرِيقِ التَّصْرِيحِ وَفِيهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ نَحْوُ الْأَرْبَعِينَ مِمَّا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ ذَلِكَ وَقَدْ أَفْرَدْتُهَا فِي جُزْءٍ جَمَعْتُ مَا وَقَعَ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ ذَلِكَ فَكَانَ أَضْعَافَ أَضْعَافِ مَا وَقَعَ لِمُسْلِمٍ وَذَلِكَ أَنَّ مُسْلِمًا فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بَاقٍ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى أَوِ الثَّانِيَةِ مِنْ شُيُوخِهِ.

.
وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَإِنَّهُ نَزَلَ فِيهَا عَنْ طَبَقَتِهِ الْعَالِيَةِ بِدَرَجَتَيْنِ مِثَالُ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ إِذَا رَوَى حَدِيثَ شُعْبَةَ عَالِيًا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ رَاوٍ وَاحِدٍ وَقَدْ أَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شُعْبَةَ فِيهِ ثَلَاثَةً.

.
وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَلَا يَرْوِي حَدِيثَ شُعْبَةَ بِأَقَلِّ مِنْ وَاسِطَتَيْنِ وَالْحَدِيثُ الثَّانِي مِنَ الْأَرْبَعَةِ مَضَى فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ أَخْرَجَهُ عَنْ أَحْمَدَ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ النَّيْسَابُورِيَّيْنِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُعْبَةَ بِسَنَدٍ آخَرَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ نَفْسِهِ وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ أَخْرَجَهُ فِي آخِرَ الْمَغَازِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي عَدَدِ الْغَزَوَاتِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِهَذَا السَّنَدِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَالْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَقَعَ فِي كِتَابِ كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَهُوَ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِصَاعِقَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ رُشَيْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي فَضْلِ الْعِتْقِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ رَشِيدٍ نَفْسِهِ وَهَذَا مِمَّا نَزَلَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ عَنْ طَبَقَتِهِ دَرَجَتَيْنِ لِأَنَّهُ يروي حَدِيث بن غَسَّانَ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ كَسَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَهُنَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثُ وَسَائِطَ وَقَدْ أَشَرْتُ لِكُلِّ حَدِيثٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي مَوْضِعِهِ وَجَمَعْتُهَا هُنَا تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ أَي بن مُعَاذِ بْنُ نَصْرِ بْنِ حَسَّانَ الْعَنْبَرِيُّ وَسَعْدُ بن إِبْرَاهِيم أَي بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِنَ الْأَقْرَانِ لِأَنَّهُمِنْ طَبَقَتِهِ .

     قَوْلُهُ  رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ أَيْ شَاهَدْتُهُ حِينَ حَلَفَ .

     قَوْلُهُ  ان بن الصَّيَّادِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ وَوَقَعَ عِنْد بن بَطَّالٍ مِثْلُهُ لَكِنْ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم وللباقين بن الصَّائِد بِوَزْن الظَّالِم قَوْله تَحْلِفُ بِاللَّهِ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ إِلَخْ كَأَنَّ جَابِرًا لَمَّا سَمِعَ عُمَرَ يَحْلِفُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فَهِمَ مِنْهُ الْمُطَابَقَةَ وَلَكِنْ بَقِيَ أَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ بِالتَّقْرِيرِ أَنْ لَا يُعَارِضَهُ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ فَمَنْ قَالَ أَوْ فُعِلَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَأَقَرَّهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْجَوَازِ فَإِنْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْعَلْ خِلَافَ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى نَسْخِ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ إِلَّا إِنْ ثَبت دَلِيل الخصوصية قَالَ بن بَطَّالٍ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ دَلِيلَ جَابِرٍ فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ يَعْنِي كَمَا فِي الْجَنَائِزِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قصَّة بن صياد دَعْنِي أَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلَنْ تُسَلَّطْ عَلَيْهِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي أَمْرِهِ يَعْنِي فَلَا يَدُلُّ سُكُوتُهُ عَنْ إِنْكَارِهِ عِنْدَ حَلِفِ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ هُوَ قَالَ وَعَنْ ذَلِكَ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّرْدِيدَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ هُوَ الدَّجَّالُ فَلَمَّا أَعْلَمَهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى عُمَرَ حَلِفَهُ وَالثَّانِي أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تُخْرِجُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الشَّكِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْخَبَرِ شَكٌّ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ تَلَطُّفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمَرَ فِي صَرْفِهِ عَنْ قَتْلِهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا ثُمَّ ذَكَرَ مَا وَرَدَ عَنْ غَيْرِ جَابِرٍ مِمَّا يَدُلُّ على ان بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ كَالْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاق بِسَنَد صَحِيح عَن بن عمر قَالَ لقِيت بن صَيَّادٍ يَوْمًا وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَإِذَا عَيْنُهُ قَدْ طَفِئَتْ وَهِيَ خَارِجَةٌ مِثْلَ عَيْنِ الْجَمَلِ فَلَمَّا رَأَيْتُهَا.

.

قُلْتُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا بن صَيَّادٍ مَتَى طَفِئَتْ عَيْنَكَ قَالَ لَا أَدْرِي وَالرَّحْمَنِ.

.

قُلْتُ كَذَبْتَ لَا تَدْرِي وَهِيَ فِي رَأْسِكِ قَالَ فَمَسَحَهَا وَنَخَرَ ثَلَاثًا فَزَعَمَ الْيَهُودِيُّ أَنِّي ضَرَبْتُ بِيَدَيَّ صَدْرَهُ وَقُلْتُ لَهُ اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُو قَدَرَكَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ فَقَالَتْ حَفْصَةُ اجْتَنِبْ هَذَا الرَّجُلَ فَإِنَّمَا يُتَحَدَّثُ أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ عِنْدَ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا انْتَهَى وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخر عَن بن عُمَرَ وَلَفْظُهُ لَقِيتُهُ مَرَّتَيْنِ فَذَكَرَ الْأُولَى ثُمَّ قَالَ لَقِيتُهُ لُقْيَةً أُخْرَى وَقَدْ نَفَرَتْ عَيْنُهُ فَقُلْتُ مَتَى فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا أَرَى قَالَ مَا أَدْرِي.

.

قُلْتُ لَا تَدْرِي وَهِيَ فِي رَأْسِكَ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ جَعَلَهَا فِي عَصَاكَ هَذِهِ وَنَخَرَ كَأَشَدَّ نَخِيرِ حِمَارٍ سَمِعْتُ فَزَعَمَ أَصْحَابِي أَنِّي ضَرَبْتُهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعِي حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَأَنَا وَاللَّهِ مَا شَعَرْتُ قَالَ وَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ فَحَدَّثَهَا فَقَالَتْ مَا تُرِيدُ إِلَيْهِ أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّهُ قَدْ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يَبْعَثُهُ على النَّاس غضب يغضبه ثمَّ قَالَ بن بَطَّالٍ فَإِنْ قِيلَ هَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى التَّرَدُّدِ فِي أَمْرِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إِنْ وَقَعَ الشَّكُّ فِي أَنَّهُ الدَّجَّالُ الَّذِي يَقْتُلُهُ عِيسَى بن مَرْيَمَ فَلَمْ يَقَعِ الشَّكُّ فِي أَنَّهُ أَحَدُ الدَّجَّالِينَ الْكَذَّابِينَ الَّذِينَ أَنْذَرَ بِهِمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ دَجَّالِينَ كَذَّابِينَ يَعْنِي الْحَدِيثَ الَّذِي مَضَى مَعَ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ انْتَهَى وَمُحَصَّلُهُ عَدَمُ تَسْلِيمِ الْجَزْمِ بِأَنَّهُ الدَّجَّالُ فَيَعُودُ السُّؤَالُ الْأَوَّلُ عَنْ جَوَابِ حَلِفِ عُمَرَ ثُمَّ جَابِرٍ عَلَى أَنَّهُ الدَّجَّالُ الْمَعْهُودُ لَكِنْ فِي قصَّة حَفْصَة وبن عُمَرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا أَرَادَا الدَّجَّالَ الْأَكْبَرَ وَاللَّامُ فِي الْقِصَّةِ الْوَارِدَةِ عَنْهُمَا لِلْعَهْدِ لَا لِلْجِنْسِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ بن عُمَرَ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَشُكَّ أَنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّال هُوَ بن صَيَّادٍ وَوَقَعَ لِابْنِ صَيَّادٍ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قِصَّةٌ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الدَّجَّالِ فَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ صحبني بن صَيَّادٍ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ لِي مَاذَا لَقِيتَ مِنَ النَّاسِ يَزْعُمُونَ أَنِّي الدَّجَّالُ أَلَسْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّهُ لَا يُولَدُ لَهُ.

.

قُلْتُ بَلَى قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ وُلِدَ لِي قَالَ أَوَ لَسْتَ سَمِعْتَهُ يَقُولُ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا مَكَّةَ.

.

قُلْتُ بَلَى قَالَ فَقَدْ وُلِدْتُ بِالْمَدِينَةِ وَهَا أَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ وَمِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ أخذتني من بن صياددمامة فَقَالَ هَذَا عذرت النَّاس مَالِي وَأَنْتُمْ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ أَلَمْ يَقُلْ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَعْنِي الدَّجَّالَ يَهُودِيٌّ وَقَدْ أَسْلَمْتَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ الْجَرِيرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سعيد خرجنَا حجاجا ومعنا بن صَيَّادٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا وَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً مِمَّا يُقَالُ فِيهِ فَقُلْتُ الْحَرُّ شَدِيدٌ فَلَوْ وَضَعْتَ ثِيَابَكَ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَفَعَلَ فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ فَقَالَ اشْرَبْ يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقُلْتُ إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ وَمَا بِي إِلَّا أَنْ أَكْرَهْ أَنِّي أَشْرَبُ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلًا فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمَّ أَخْتَنِقَ بِهِ مِمَّا يَقُولُ لِيَ النَّاسُ يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ وَزَادَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ حَتَّى كِدْتُ أَعْذُرَهُ وَفِي آخِرِ كُلٍّ مِنَ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدِهِ وَأَيْنَ هُوَ الْآنَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَقُلْتُ لَهُ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ لَفْظُ الْجريرِي وَأجَاب الْبَيْهَقِيّ عَن قصَّة بن صَيَّادٍ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْكُثُ أَبُو الدَّجَّالِ ثَلَاثِينَ عَامًا لَا يُولَدُ لَهُمَا ثُمَّ يُولَدُ لَهُمَا غُلَامٌ أَعْوَرُ أَضَرُّ شَيْءٍ وَأَقَلُّهُ نَفْعًا وَنَعَتَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ قَالَ فَسَمِعْنَا بِمَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْيَهُودِ فَذَهَبْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَامِ فَدَخَلْنَا عَلَى أَبَوَيْهِ فَإِذَا النَّعْتُ فَقُلْنَا هَلْ لَكُمَا مِنْ وَلَدٍ قَالَا مَكَثْنَا ثَلَاثِينَ عَامًا لَا يُولَدُ لَنَا ثُمَّ وُلِدَ لَنَا غُلَامٌ أَضَرُّ شَيْءٍ وَأَقَلُّهُ نَفْعًا الْحَدِيثَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

.

قُلْتُ وَيُوهِي حَدِيثُهُ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ إِنَّمَا أَسْلَمَ لَمَّا نَزَلَ مِنَ الطَّائِفِ حِينَ حُوصِرَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَة وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا بن صياد كَانَ بن صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ كَالْمُحْتَلِمِ فَمَتَى يُدْرِكُ أَبُو بَكْرَةَ زَمَانَ مَوْلِدِهِ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ لَمْ يَسْكُنِ الْمَدِينَةَ إِلَّا قَبْلَ الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ بِسَنَتَيْنِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ فِي الزَّمَنِ النَّبَوِيِّ كَالْمُحْتَلِمِ فَالَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَعَلَّ الْوَهْمَ وَقَعَ فِيمَا يَقْتَضِي تراخي مولد بن صَيَّادٍ أَوَّلًا وَهْمٌ فِيهِ بَلْ يَحْتَمِلُ .

     قَوْلُهُ  بَلَغَنَا أَنَّهُ وُلِدَ لِلْيَهُودِ مَوْلُودٌ عَلَى تَأَخُّرِ الْبَلَاغِ وَإِنْ كَانَ مَوْلِدُهُ كَانَ سَابِقًا عَلَى ذَلِك بِمدَّة بِحَيْثُ يأتلف مَعَ حَدِيث بن عُمَرَ الصَّحِيحِ ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَيْسَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَكْثَرُ مِنْ سُكُوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَلِفِ عُمَرَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَوَقِّفًا فِي أَمْرِهِ ثُمَّ جَاءَهُ الثَّبْتُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ غَيْرُهُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ قِصَّةُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَبِهِ تَمَسَّكَ مَنْ جزم بَان الدَّجَّال غير بن صَيَّادٍ وَطَرِيقُهُ أَصَحُّ وَتَكُونُ الصِّفَةُ الَّتِي فِي بن صَيَّادٍ وَافَقَتْ مَا فِي الدَّجَّالِ.

.

قُلْتُ قِصَّةُ تَمِيمٍ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَذَكَرَ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا ثُمَّ نَزَلُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فَلَقِيَتُهُمْ دَابَّةٌ كَثِيرَةُ الشَّعْرِ فَقَالَتْ لَهُمْ أَنَا الْجَسَّاسَةُ وَدَلَّتْهُمْ عَلَى رَجُلٍ فِي الدَّيْرِ قَالَ فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا فَدَخَلْنَا الدَّيْرَ فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا وَأَشَدُّهُ وَثَاقًا مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ بِالْحَدِيدِ فَقُلْنَا وَيْلَكَ مَا أَنْتَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ نَبِيِّ الْأُمِّيِّينَ هَلْ بُعِثَ وَأَنَّهُ قَالَ إِنْ يُطِيعُوهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُمْ وَأَنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ وَعَنْ عَيْنِ زُغَرٍ وَعَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي أَنَا الْمَسِيحُ وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعُ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ شَيْخٌ وَسَنَدُهَا صَحِيحٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ أَنَّ الدَّجَّالَ الْأَكْبَرَ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخر الزَّمَان غير بن صياد وَكَانَ بن صَيَّادٍ أَحَدَ الدَّجَّالِينَ الْكَذَّابِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُرُوجِهِمْ وَقَدْ خَرَجَ أَكْثَرُهُمْ وَكَانَ الَّذِينَ يَجْزِمُونَ بِابْنِ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ لَمْ يَسْمَعُوا بِقِصَّةِ تَمِيمٍ وَإِلَّا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَعِيدٌ جِدًّا إِذْ كَيْفَ يَلْتَئِمُ أَنْ يَكُونَ مَنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْحَيَاةِ النَّبَوِيَّةِ شِبْهَ المحتلم ويجتمعبِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْأَلُهُ أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِهَا شَيْخًا كَبِيرًا مَسْجُونًا فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ مُوثَقًا بِالْحَدِيدِ يَسْتَفْهِمُ عَنْ خَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ خَرَجَ أَوْ لَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ الِاطِّلَاعِ أَمَّا عُمَرُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ قِصَّةَ تَمِيمٍ ثُمَّ لَمَّا سَمِعَهَا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ.

.
وَأَمَّا جَابِرٌ فَشَهِدَ حَلِفَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَصْحَبَ مَا كَانَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ عُمَرَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَمِيعٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ فَذَكَرَ قِصَّةَ الْجَسَّاسَةِ وَالدَّجَّالِ بِنَحْوِ قِصَّةِ تَمِيمٍ قَالَ قَالَ أَيِ الْوَلِيد فَقَالَ لي بن أَبِي سَلَمَةَ إِنَّ فِي هَذَا شَيْئًا مَا حفظته قَالَ شهد جَابر انه بن صَيَّادٍ.

.

قُلْتُ فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ قَالَ وَإِنْ مَاتَ.

.

قُلْتُ فَإِنَّهُ أَسْلَمَ قَالَ وَإِنْ أَسْلَمَ.

.

قُلْتُ فَإِنَّهُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ قَالَ وَإِنْ دَخَلَ الْمَدِينَة انْتهى وبن أَبِي مَسْلَمَةَ اسْمُهُ عُمَرُ فِيهِ مَقَالٌ وَلَكِنَّ حَدِيثَهُ حَسَنٌ وَيُتَعَقَّبُ بِهِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ جَابِرًا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى قِصَّةِ تَمِيمٍ وَقد تكلم بن دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّقْرِيرِ فِي أَوَائِلِ شَرْحِ الْإِلْمَامِ فَقَالَ مَا مُلَخَّصُهُ إِذَا أَخْبَرَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرٍ لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ يَكُونُ سُكُوتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلًا عَلَى مُطَابَقَةِ مَا فِي الْوَاقِعِ كَمَا وَقَعَ لِعُمَرَ فِي حلفه على بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فَهَلْ يدل عدم إِنْكَاره على أَن بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ كَمَا فَهِمَهُ جَابِرٌ حَتَّى صَارَ يَحْلِفُ عَلَيْهِ وَيَسْتَنِدُ إِلَى حَلِفِ عُمَرَ أَوْ لَا يَدُلُّ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَدُلُّ لِأَنَّ مَأْخَذَ الْمَسْأَلَةِ وَمَنَاطَهَا هُوَ الْعِصْمَةُ مِنَ التَّقْرِيرِ عَلَى بَاطِلٍ وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَحَقُّقِ الْبُطْلَانِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ عَدَمُ تَحَقُّقِ الصِّحَّةِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ مُدَّعٍ أَنَّهُ يَكْفِي فِي وُجُوبِ الْبَيَانِ عَدَمُ تَحَقُّقِ الصِّحَّةِ فَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ نَعَمْ التَّقْرِيرُ يُسَوِّغُ الْحَلِفَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَلَا يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْبُطْلَانِ أَنْ يَكُونَ السُّكُوتُ مُسْتَوْفِي الطَّرَفَيْنِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِنْ قِسْمٍ خِلَافَ الْأَوْلَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أَمر بن صَيَّادٍ بَعْدَ كِبَرِهِ فَرُوِيَ أَنَّهُ تَابَ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّهُمْ لَمَّا أَرَادُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كَشَفُوا وَجْهَهُ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ وَقِيلَ لَهُمُ اشْهَدُوا.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ قصَّة بن صَيَّادٍ مُشْكِلَةٌ وَأَمْرُهُ مُشْتَبِهٌ لَكِنْ لَا شَكَّ أَنَّهُ دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِهِ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ بِصِفَاتِ الدَّجَّال وَكَانَ فِي بن صَيَّادٍ قَرَائِنُ مُحْتَمِلَةٌ فَلِذَلِكَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْطَعُ فِي أَمْرِهِ بِشَيْءٍ بَلْ قَالَ لِعُمَرَ لَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ الْحَدِيثَ.

.
وَأَمَّا احْتِجَاجَاتُهُ هُوَ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ إِلَى سَائِرِ مَا ذَكَرَ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى دَعْوَاهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ صِفَاتِهِ وَقْتَ خُرُوجِهِ آخِرَ الزَّمَانِ قَالَ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا فِي قِصَّتِهِ .

     قَوْلُهُ  لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَقَولُهُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ صَادِقٌ وَكَاذِبٌ وَقَولُهُ إِنَّهُ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَقَولُهُ إِنَّهُ يَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الدَّجَّالَ وَأَنَّهُ يَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وَمَوْضِعَهُ وَأَيْنَ هُوَ الْآنَ قَالَ.

.
وَأَمَّا إِسْلَامُهُ وَحَجُّهُ وَجِهَادُهُ فَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ الدَّجَّالِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخْتَمَ لَهُ بِالشَّرِّ فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ مَا يُؤَيِّدُ كَوْنَ بن صَيَّادِ هُوَ الدَّجَّالُ فَسَاقَ مِنْ طَرِيقِ شُبَيْلٍ بِمُعْجَمَة وموحدة مُصَغرًا آخِره لَام بن عَرْزَةَ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ بِوَزْنِ ضَرْبَةَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا افْتَتَحْنَا أَصْبَهَانَ كَانَ بَيْنَ عَسْكَرِنَا وَبَيْنَ الْيَهُودِيَّةِ فَرْسَخٌ فَكُنَّا نَأْتِيهَا فَنَمْتَارَ مِنْهَا فَأَتَيْتُهَا يَوْمًا فَإِذَا الْيَهُودُ يَزْفِنُونَ وَيَضْرِبُونَ فَسَأَلْتُ صَدِيقًا لِي مِنْهُمْ فَقَالَ مَلِكُنَا الَّذِي نَسْتَفْتِحُ بِهِ عَلَى الْعَرَبِ يَدْخُلُ فَبِتَّ عِنْدَهُ عَلَى سَطْحٍ فَصَلَّيْتُ الْغَدَاةَ فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِذَا لِرَهْجٍ مِنْ قِبَلِ الْعَسْكَرِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مِنْ رَيْحَانٍ وَالْيَهُودُ يَزْفِنُونَ وَيَضْرِبُونَ فَنَظَرْتُ فَإِذا هُوَ بن صَيَّادٍ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ فَلَمْ يَعُدْ حَتَّىالسَّاعَةَ.

.

قُلْتُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ مَا عَرَفْتُهُ وَالْبَاقُونَ ثِقَاتٌ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَد صَحِيح عَن جَابر قَالَ فَقدنَا بن صَيَّادٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَبِسَنَدٍ حَسَنٍ مَضَى التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فَقِيلَ إِنَّهُ مَاتَ.

.

قُلْتُ وَهَذَا يُضَعِّفُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَيْهِ وَكَشَفُوا عَنْ وَجْهِهِ وَلَا يَلْتَئِمُ خَبَرُ جَابِرٍ هَذَا مَعَ خَبَرِ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِأَنَّ فَتْحَ أَصْبَهَانَ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِهَا وَبَيْنَ قَتْلِ عُمَرَ وَوَقْعَةِ الْحَرَّةِ نَحْوُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَيُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ إِنَّمَا شَاهَدَهَا وَالِدُ حَسَّانَ بَعْدَ فَتْحِ أَصْبَهَانَ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ وَيَكُونُ جَوَابُ لِمَا فِي قَوْلِهِ لَمَّا افْتَتَحْنَا أَصْبَهَانَ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ صِرْتُ أَتَعَاهَدُهَا وَأَتَرَدَّدُ إِلَيْهَا فجرت قصَّة بن صَيَّادٍ فَلَا يَتَّحِدُ زَمَانُ فَتْحِهَا وَزَمَانُ دُخُولِهَا بن صَيَّادٍ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ مَرْفُوعًا إِنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَصْبَهَانَ وَمِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ حِينَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ لَكِنَّ عِنْدَهُ مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ كَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ مِنْ جُمْلَةِ قُرَى أَصْبَهَانَ وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْيَهُودِيَّةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَخْتَصُّ بِسُكْنَى الْيَهُودِ قَالَ وَلَمْ تَزَلْ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ مَصَّرَهَا أَيُّوبَ بْنَ زِيَادٍ أَمِيرِ مِصْرَ فِي زَمَنِ الْمَهْدِيِّ بْنِ الْمَنْصُورِ فَسَكَنَهَا الْمُسْلِمُونَ وَبَقِيَتْ لِلْيَهُودِ مِنْهَا قِطْعَةٌ مُنْفَرِدَةٌ.

.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا قَالَ يَتْبَعُ الدَّجَّالَ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ فَلَعَلَّهَا كَانَتْ يَهُودِيَّةَ أَصْبَهَانَ يُرِيدُ الْبَلَدَ الْمَذْكُورَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ جَمِيعُ أَهْلِ أَصْبَهَانَ يَهُودَ وَأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا وَذَكَرَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ أَحَادِيثَ تَتَعَلَّقُ بِالدَّجَّالِ وَخُرُوجِهِ إِذَا ضُمَّتْ إِلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْفِتَنِ انْتَظَمَتْ مِنْهَا لَهُ تَرْجَمَةٌ تَامَّةٌ مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَشُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ وَعَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ قَالُوا جَمِيعًا الدَّجَّالُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَانٌ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ مُوثَقٌ بِسَبْعِينَ حَلْقَةٍ فِي بَعْضِ جَزَائِرِ الْيَمَنِ لَا يَعْلَمُ مَنْ أَوْثَقَهُ سُلَيْمَانُ النَّبِيُّ أَوْ غَيْرُهُ فَإِذَا آنَ ظُهُورُهُ فَكَّ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ عَامٍ حَلْقَةً فَإِذَا بَرَزَ أَتَتْهُ أَتَانُ عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا فَيَضَعُ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْبَرًا مِنْ نُحَاسٍ وَيَقْعُدُ عَلَيْهِ وَيَتْبَعُهُ قَبَائِلُ الْجِنِّ يُخْرِجُونَ لَهُ خَزَائِنَ الْأَرْضِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ مَعَه كَون بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالِ وَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ مَعَ كَوْنِهِمْ ثِقَاتٍ تَلَقَّوْا ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّ الدَّجَّالَ تَلِدُهُ أُمُّهُ بِقُوصٍ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ قَالَ وَبَيْنَ مَوْلِدِهِ وَمَخْرَجِهِ ثَلَاثُونَ سَنَةً قَالَ وَلَمْ يَنْزِلْ خَبَرُهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ انْتَهَى وَأَخْلِقْ بِهَذَا الْخَبَرِ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا فَإِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ قَبْلَ نَبِيِّنَا أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ وَكَوْنُهُ يُولَدُ قبل مخرجه بالمدة الْمَذْكُورَة مُخَالف لكَونه بن صَيَّادٍ وَلِكَوْنِهِ مُوَثَّقًا فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْر وَذكر بن وَصِيفٍ الْمُؤَرِّخُ أَنَّ الدَّجَّالَ مِنْ وَلَدِ شَقِّ الْكَاهِنِ الْمَشْهُورِ قَالَ.

     وَقَالَ  بَلْ هُوَ شَقَّ نَفْسَهُ أَنْظَرَهُ اللَّهُ وَكَانَتْ أُمُّهُ جِنِّيَّةً عَشِقَتْ أَبَاهُ فَأَوْلَدَهَا وَكَانَ الشَّيْطَانُ يَعْمَلُ لَهُ الْعَجَائِبَ فَأَخَذَهُ سُلَيْمَانُ فَحَبَسَهُ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ وَهَذَا أَيْضًا فِي غَايَةِ الْوَهْيِ وَأَقْرَبُ مَا يُجْمَعُ بِهِ بَيْنَ مَا تَضَمَنَّهُ حَدِيثُ تَمِيم وَكَون بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ أَنَّ الدَّجَّالَ بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي شَاهده تَمِيم موثقًا وَأَن بن صَيَّادٍ شَيْطَانٌ تَبَدَّى فِي صُورَةِ الدَّجَّالِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إِلَى أَنْ تَوَجَّهَ إِلَى أَصْبَهَانَ فَاسْتَتَرَ مَعَ قَرِينِهِ إِلَى أَنْ تَجِيءَ الْمُدَّةُ الَّتِي قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى خُرُوجَهُ فِيهَا وَلِشِدَّةِ الْتِبَاسِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ سَلَكَ الْبُخَارِيُّ مَسْلَكَ التَّرْجِيحِ فَاقْتَصَرَ عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ فِي بن صَيَّادٍ وَلَمْ يُخْرِجْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي قِصَّةِ تَمِيمٍ وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَرِيبٌ فَرُدَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهُ مَعَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَجَابِرٌ أَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنِالْمُحْرِزِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ بِطُولِهِ وَأخرجه أَبُو دَاوُد مُخْتَصرا وبن مَاجَهْ عَقِبَ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ قَالَ الشَّعْبِيُّ فَلَقِيتُ الْمُحْرِزَ فَذَكَرَهُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ اسْتَوَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ حَدَّثَنِي تَمِيمٌ فَرَأَى تَمِيمًا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا تَمِيمُ حَدِّثِ النَّاسَ بِمَا حَدَّثْتَنِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَإِذَا أَحَدُ مَنْخَرَيْهِ مَمْدُودٌ وَإِحْدَى عَيْنَيْهِ مَطْمُوسَةٌ الْحَدِيثَ وَفِيهِ لَأَطَأَن الأَرْض بقدمي هَاتين إِلَى مَكَّةَ وَطَابَا.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى عَائِشَةَ حَدَّثتنِي كَمَا حَدَّثَتْكَ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ أَنَّهُ بَيْنَمَا أُنَاسٌ يَسِيرُونَ فِي الْبَحْرِ فَنَفِدَ طَعَامُهُمْ فَرُفِعَتْ لَهُمْ جَزِيرَةٌ فَخَرَجُوا يُرِيدُونَ الْخَبَرَ فَلَقِيَتْهُمُ الْجَسَّاسَةُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ سُؤَالُهُمْ عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ وَفِيهِ أَنَّ جَابِرًا شهد انه بن صَيَّادٍ فَقُلْتُ إِنَّهُ قَدْ مَاتَ قَالَ وَإِنْ مَاتَ.

.

قُلْتُ فَإِنَّهُ أَسْلَمَ قَالَ وَإِنْ أَسْلَمَ.

.

قُلْتُ فَإِنَّهُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ قَالَ وَإِنْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَفِي كَلَامِ جَابِرٍ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ أَمْرَهُ مُلَبَّسٌ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا ظَهَرَ مِنْ أَمْرِهِ إِذْ ذَاكَ لَا يُنَافِي مَا تَوَقَّعَ مِنْهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَر لِأَن أَحْلف عشر مرار ان بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَمن حَدِيث بن مَسْعُودٍ نَحْوُهُ لَكِنْ قَالَ سَبْعًا بَدَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْحَلِفِ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وَمِنْ صُوَرِهِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ أَنَّ مَنْ وَجَدَ بِخَطِّ أَبِيهِ الَّذِي يَعْرِفُهُ أَنَّ لَهُ عِنْدَ شَخْصٍ مَالًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ أَنَّ لَهُ إِذَا طَالَبَهُ وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ يسْتَحق قبض ذَلِك مِنْهُ( قَولُهُ بَابُ الْأَحْكَامِ الَّتِي تُعْرَفُ بِالدَّلَائِلِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالدَّلِيلِ بِالْإِفْرَادِ وَالدَّلِيلُ مَا يُرْشِدُ إِلَى الْمَطْلُوبِ وَيَلْزَمُ مِنَ الْعِلْمِ بِهِ الْعِلْمُ بِوُجُودِ الْمَدْلُولِ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ مَنْ أَرْشَدَ قَاصِدَ مَكَانٍ مَا إِلَى الطَّرِيقِالْمُوَصِّلِ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَكَيْفَ مَعْنَى الدَّلَالَةِ وَتَفْسِيرُهَا يَجُوزُ فِي الدَّلَالَةِ فَتْحُ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَحُكِيَ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ أَعْلَى وَالْمُرَادُ بِهَا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ الْإِرْشَادُ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ الْخَاصِّ الَّذِي لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ خَاصٌّ دَاخِلٌ تَحْتَ حُكْمِ دَلِيلٍ آخَرَ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ فَهَذَا مَعْنَى الدَّلَالَةِ.

.
وَأَمَّا تَفْسِيرُهَا فَالْمُرَادُ بِهِ تَبْيِينُهَا وَهُوَ تَعْلِيمُ الْمَأْمُورِ كَيْفِيَّةَ مَا أُمِرَ بِهِ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ فِي ثَانِي أَحَادِيثِ الْبَابِ وَيُسْتَفَادُ مِنَ التَّرْجَمَةِ بَيَانُ الرَّأْيِ الْمَحْمُودِ وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِمَّا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ بِطَرِيقِ التَّنْصِيصِ وَبِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ فَيَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ الِاسْتِنْبَاطُ وَيَخْرُجُ الْجُمُودُ عَلَى الظَّاهِرِ الْمَحْضِ .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرِ الْخَيْلِ إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَمُرَادُهُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ إِلَى آخَرِ السُّورَةِ عَامٌّ فِي الْعَامِلِ وَفِي عَمَلِهِ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ اقْتِنَاءِ الْخَيْلِ وَأَحْوَالِ مُقْتَنِيهَا وَسُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ أَشَارَ إِلَى أَنَّ حُكْمَهَا وَحُكْمَ الْخَيْلِ وَحُكْمَ غَيْرِهَا مُنْدَرِجٌ فِي الْعُمُومِ الَّذِي يُسْتَفَادُ مِنَ الْآيَةِ .

     قَوْلُهُ  وَسُئِلَ عَنِ الضَّبِّ إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى ثَالِثِ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَمُرَادُهُ بَيَانُ حُكْمِ تَقْرِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ يُفِيدُ الْجَوَازَ إِلَى أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ .

     قَوْلُهُ  وَسُئِلَ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْمُ السَّائِلِ عَنْ ذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِصَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ التَّمِيمِيِّ وَحَدِيثُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي التَّفْسِيرِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَلَفْظُهُ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ يَعْمَلُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ إِلَى آخَرِ السُّورَةِ قَالَ مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَسْمَعَ غَيْرَهَا حَسْبِي حَسْبِي وَحكى بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حُجَّةٌ فِي إِثْبَاتِ الْقِيَاسِ وَفِيهِ نَظَرٌ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ عِنْدَ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَأَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي بَابِ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَحْيَى كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ غَيْرُ مَنْسُوبٍ وَصَنِيعُ بن السكن يَقْتَضِي أَنه بن مُوسَى الْبَلْخِيُّ وَتَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَجَزَمَ الْكَلَابَاذِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالْبَيْهَقِيِّ بِأَنَّهُ بن جَعْفَرٍ الْبِيكَنْدِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ الْحميدِي وَعبد الرَّحْمَن وَالِد مَنْصُور الْمَذْكُور هُوَ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ الْعَبْدَرِيِّ الْحَجَبِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ وَوَقَعَ هُنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَيْبَةَ وَشَيْبَةُ إِنَّمَا هُوَ جَدُّ مَنْصُورٍ لِأُمِّهِ لِأَنَّ اسْمَ أُمِّهِ صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْحَجَبِيِّ وَعَلَى هَذَا فَيكْتب بن شَيْبَةَ بِالْأَلِفِ وَيُعْرَبُ إِعْرَابَ مَنْصُورٍ لَا إِعْرَابَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ تَفَطَّنَ لِذَلِكَ الْكِرْمَانِيُّ هُنَا وَلِصَفِيَّةَ وَلِأَبِيهَا صُحْبَةٌ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ امْرَأَةَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا ذَكَرَ مِنَ الْمَتْنِ أَوَّلَهُ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى السَّنَدِ الثَّانِي وَمُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ شَيْخُهُ هُوَ الشَّيْبَانِيُّ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِيمَا جَزَمَ بِهِ الْكَلَابَاذِيُّ وَحَكَى الْمِزِّيُّ أَنَّهُ يُكْنَى أَبَا جَعْفَرٍ وَهُوَ كُوفِيٌّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ رَوَى عَنْهُ مَعَ الْبُخَارِيِّ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَآخَرُونَ وَوَثَّقَهُ مُطَيَّنٌ وبن عدي وَغَيرهمَا قَالَ بن حِبَّانَ مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ.

.

قُلْتُ فَهُوَ مِنْ قُدَمَاءِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ مَا لَهُ عِنْدَهُ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ فِيمَا ذَكَرَ الْكَلَابَاذِيُّ لَكِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ لَهُ مَوْضِعًا آخَرَ تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ وَآخَرُ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ وَلَهُ فِي الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ عِنْدَهُ مُتَابِعٌ فَمَا أَخْرَجَ لَهُ شَيْئًا اسْتِقْلَالًا وَلَكِنَّهُ سَاقَ الْمَتْنَ هُنَا عَلَى لَفظه واما لفظ بن عُيَيْنَةَ فِيهِ فَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّ اسْمَ الْمَرْأَةِ السَّائِلَةِ أَسْمَاءُ بِنْتُ شَكَلٍ بِمُعْجَمَةٍ وَكَافٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ لَامٍ وَقِيلَ اسْمُ أَبِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ سَائِرِ شَرحه قَالَ بن بَطَّالٍ لَمْ تَفْهَمِ السَّائِلَةُ غَرَضَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ ان تتبع الدَّم بالفرصة يُسمى تَوَضَّأ إِذَا اقْتَرَنَ بِذِكْرِ الدَّمِ وَالْأَذَىوانما قيل لَهُ ذَلِك لكَونه مِمَّا يستحيي مِنْ ذِكْرِهِ فَفَهِمَتْ عَائِشَةُ غَرَضَهُ فَبَيَّنَتْ لِلْمَرْأَةِ مَا خَفِيَ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُجْمَلَ يُوقَفُ عَلَى بَيَانِهِ مِنَ الْقَرَائِنِ وَتَخْتَلِفُ الْأَفْهَامُ فِي إِدْرَاكِهِ وَقَدْ عَرَّفَ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ الْمُجْمَلَ بِمَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ وَيَقَعُ فِي اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ كَالْقُرْءِ لِاحْتِمَالِهِ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ وَفِي الْمُرَكَّبِ مِثْلَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ لِاحْتِمَالِهِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ وَمِنَ الْمُفْرَدِ الْأَسْمَاءُ الشَّرْعِيَّة مثل كتب عَلَيْكُم الصّيام فَقِيلَ هُوَ مُجْمَلٌ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِكُلِّ صَوْمٍ وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى شَهْرُ رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ حَدِيثَ الْبَابِ فِي قَوْلِهِ تَوَضَّئِي فَإِنَّهُ وَقَعَ بَيَانُهُ لِلسَّائِلَةِ بِمَا فَهِمَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأُقِرَّتْ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيث بن عَبَّاسٍ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَنْ رَأَى تَرْكَ النَّكِيرِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةً)
النَّكِيرُ بِفَتْحِ النُّونِ وَزْنُ عَظِيمُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِنْكَارِ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ تَقْرِيرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا يُفْعَلُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ يُقَالُ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِنْكَارٍ دَالٍّ عَلَى الْجَوَازِ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ تَنْفِي عَنْهُ مَا يَحْتَمِلُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِنْكَارِ فَلَا يُقِرُّ عَلَى بَاطِلٍ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ لَا مِنْ غَيْرِ الرَّسُولِ فَإِنَّ سُكُوتَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَوَقَعَ فِي تَنْقِيحِ الزَّرْكَشِيِّ فِي التَّرْجَمَةِ بَدَلَ قَوْلِهِ لَا مِنْ غَيْرِ الرَّسُولِ لِأَمْرٍ يَحْضُرُهُ الرَّسُول وَلم أره لغيره وَأَشَارَ بن التِّينِ إِلَى أَنَّ التَّرْجَمَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ وَأَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُنْسَبُ لِسَاكِتٍ قَوْلٌ لِأَنَّهُ فِي مُهْلَةِ النَّظَرِ .

     .

     وَقَالَتْ  
طَائِفَةٌ إِنْ قَالَ الْمُجْتَهِدُ قَوْلًا وَانْتَشَرَ لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَهُوَ حُجَّةٌ وَقِيلَ لَا يَكُونُ حُجَّةً حَتَّى يَتَعَدَّدَ الْقِيلُ بِهِ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ أَنْ لَا يُخَالِفَ ذَلِكَ الْقَوْلِ نَصُّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ فَإِنْ خَالَفَهُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى تَقْدِيمِ النَّصِّ وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ مُطْلَقًا أَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُنْكِرُ عَلَى غَيْرِهِ إِذَا كَانَ الْقَوْلُ عِنْدَهُ ضَعِيفًا وَكَانَ عِنْدَهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ مِنْ نَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَسْكُتُ فَلَا يَكُونُ سُكُوتُهُ دَلِيلًا عَلَى الْجَوَازِ لِتَجْوِيزِ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَتَّضِحْ لَهُ الْحُكْمُ فَسَكَتَ لِتَجْوِيزِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَوْلُ صَوَابًا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهُهُ

[ قــ :6961 ... غــ :7355] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ هُوَ خُرَاسَانِيٌّ فِيمَا ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ فِي رِجَالِ البُخَارِيّ وَذكر بن رَشِيدٍ فِي فَوَائِدِ رِحْلَتِهِ وَالْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْقَدِيمَةِ مِنَ الْبُخَارِيِّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ صَاحِبٌ لَنَا حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ فِي الْأَحْيَاء وَذكر بن أَبِي حَاتِمٍ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ نَزِيلُ عَسْقَلَانَ رَوَى عَنْ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ وَأَبِي ضَمْرَةَ وَغَيْرِهِمَا وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو حَاتِم.

     وَقَالَ  شَيْخي فَزعم أَبُو الْيَد الْبَاجِيُّ فِي رِجَالِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ الْبَابِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ بِلَا وَاسِطَةٍ وَهُوَ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي نَزَلَ فِيهَا الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ عَنْ شَيْخٍ وَأَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ بِوَاسِطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الشَّيْخِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ لَيْسَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُهَا بِطَرِيقِ التَّصْرِيحِ وَفِيهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ نَحْوُ الْأَرْبَعِينَ مِمَّا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ ذَلِكَ وَقَدْ أَفْرَدْتُهَا فِي جُزْءٍ جَمَعْتُ مَا وَقَعَ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ ذَلِكَ فَكَانَ أَضْعَافَ أَضْعَافِ مَا وَقَعَ لِمُسْلِمٍ وَذَلِكَ أَنَّ مُسْلِمًا فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بَاقٍ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى أَوِ الثَّانِيَةِ مِنْ شُيُوخِهِ.

.
وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَإِنَّهُ نَزَلَ فِيهَا عَنْ طَبَقَتِهِ الْعَالِيَةِ بِدَرَجَتَيْنِ مِثَالُ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ إِذَا رَوَى حَدِيثَ شُعْبَةَ عَالِيًا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ رَاوٍ وَاحِدٍ وَقَدْ أَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شُعْبَةَ فِيهِ ثَلَاثَةً.

.
وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَلَا يَرْوِي حَدِيثَ شُعْبَةَ بِأَقَلِّ مِنْ وَاسِطَتَيْنِ وَالْحَدِيثُ الثَّانِي مِنَ الْأَرْبَعَةِ مَضَى فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ أَخْرَجَهُ عَنْ أَحْمَدَ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ النَّيْسَابُورِيَّيْنِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُعْبَةَ بِسَنَدٍ آخَرَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ نَفْسِهِ وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ أَخْرَجَهُ فِي آخِرَ الْمَغَازِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي عَدَدِ الْغَزَوَاتِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِهَذَا السَّنَدِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَالْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَقَعَ فِي كِتَابِ كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَهُوَ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِصَاعِقَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ رُشَيْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي فَضْلِ الْعِتْقِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ رَشِيدٍ نَفْسِهِ وَهَذَا مِمَّا نَزَلَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ عَنْ طَبَقَتِهِ دَرَجَتَيْنِ لِأَنَّهُ يروي حَدِيث بن غَسَّانَ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ كَسَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَهُنَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثُ وَسَائِطَ وَقَدْ أَشَرْتُ لِكُلِّ حَدِيثٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي مَوْضِعِهِ وَجَمَعْتُهَا هُنَا تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ أَي بن مُعَاذِ بْنُ نَصْرِ بْنِ حَسَّانَ الْعَنْبَرِيُّ وَسَعْدُ بن إِبْرَاهِيم أَي بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِنَ الْأَقْرَانِ لِأَنَّهُ مِنْ طَبَقَتِهِ .

     قَوْلُهُ  رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ أَيْ شَاهَدْتُهُ حِينَ حَلَفَ .

     قَوْلُهُ  ان بن الصَّيَّادِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ وَوَقَعَ عِنْد بن بَطَّالٍ مِثْلُهُ لَكِنْ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم وللباقين بن الصَّائِد بِوَزْن الظَّالِم قَوْله تَحْلِفُ بِاللَّهِ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ إِلَخْ كَأَنَّ جَابِرًا لَمَّا سَمِعَ عُمَرَ يَحْلِفُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فَهِمَ مِنْهُ الْمُطَابَقَةَ وَلَكِنْ بَقِيَ أَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ بِالتَّقْرِيرِ أَنْ لَا يُعَارِضَهُ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ فَمَنْ قَالَ أَوْ فُعِلَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَأَقَرَّهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْجَوَازِ فَإِنْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْعَلْ خِلَافَ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى نَسْخِ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ إِلَّا إِنْ ثَبت دَلِيل الخصوصية قَالَ بن بَطَّالٍ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ دَلِيلَ جَابِرٍ فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ يَعْنِي كَمَا فِي الْجَنَائِزِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قصَّة بن صياد دَعْنِي أَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلَنْ تُسَلَّطْ عَلَيْهِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي أَمْرِهِ يَعْنِي فَلَا يَدُلُّ سُكُوتُهُ عَنْ إِنْكَارِهِ عِنْدَ حَلِفِ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ هُوَ قَالَ وَعَنْ ذَلِكَ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّرْدِيدَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ هُوَ الدَّجَّالُ فَلَمَّا أَعْلَمَهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى عُمَرَ حَلِفَهُ وَالثَّانِي أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تُخْرِجُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الشَّكِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْخَبَرِ شَكٌّ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ تَلَطُّفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمَرَ فِي صَرْفِهِ عَنْ قَتْلِهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا ثُمَّ ذَكَرَ مَا وَرَدَ عَنْ غَيْرِ جَابِرٍ مِمَّا يَدُلُّ على ان بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ كَالْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاق بِسَنَد صَحِيح عَن بن عمر قَالَ لقِيت بن صَيَّادٍ يَوْمًا وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَإِذَا عَيْنُهُ قَدْ طَفِئَتْ وَهِيَ خَارِجَةٌ مِثْلَ عَيْنِ الْجَمَلِ فَلَمَّا رَأَيْتُهَا.

.

قُلْتُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا بن صَيَّادٍ مَتَى طَفِئَتْ عَيْنَكَ قَالَ لَا أَدْرِي وَالرَّحْمَنِ.

.

قُلْتُ كَذَبْتَ لَا تَدْرِي وَهِيَ فِي رَأْسِكِ قَالَ فَمَسَحَهَا وَنَخَرَ ثَلَاثًا فَزَعَمَ الْيَهُودِيُّ أَنِّي ضَرَبْتُ بِيَدَيَّ صَدْرَهُ وَقُلْتُ لَهُ اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُو قَدَرَكَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ فَقَالَتْ حَفْصَةُ اجْتَنِبْ هَذَا الرَّجُلَ فَإِنَّمَا يُتَحَدَّثُ أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ عِنْدَ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا انْتَهَى وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخر عَن بن عُمَرَ وَلَفْظُهُ لَقِيتُهُ مَرَّتَيْنِ فَذَكَرَ الْأُولَى ثُمَّ قَالَ لَقِيتُهُ لُقْيَةً أُخْرَى وَقَدْ نَفَرَتْ عَيْنُهُ فَقُلْتُ مَتَى فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا أَرَى قَالَ مَا أَدْرِي.

.

قُلْتُ لَا تَدْرِي وَهِيَ فِي رَأْسِكَ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ جَعَلَهَا فِي عَصَاكَ هَذِهِ وَنَخَرَ كَأَشَدَّ نَخِيرِ حِمَارٍ سَمِعْتُ فَزَعَمَ أَصْحَابِي أَنِّي ضَرَبْتُهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعِي حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَأَنَا وَاللَّهِ مَا شَعَرْتُ قَالَ وَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ فَحَدَّثَهَا فَقَالَتْ مَا تُرِيدُ إِلَيْهِ أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّهُ قَدْ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يَبْعَثُهُ على النَّاس غضب يغضبه ثمَّ قَالَ بن بَطَّالٍ فَإِنْ قِيلَ هَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى التَّرَدُّدِ فِي أَمْرِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إِنْ وَقَعَ الشَّكُّ فِي أَنَّهُ الدَّجَّالُ الَّذِي يَقْتُلُهُ عِيسَى بن مَرْيَمَ فَلَمْ يَقَعِ الشَّكُّ فِي أَنَّهُ أَحَدُ الدَّجَّالِينَ الْكَذَّابِينَ الَّذِينَ أَنْذَرَ بِهِمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ دَجَّالِينَ كَذَّابِينَ يَعْنِي الْحَدِيثَ الَّذِي مَضَى مَعَ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ انْتَهَى وَمُحَصَّلُهُ عَدَمُ تَسْلِيمِ الْجَزْمِ بِأَنَّهُ الدَّجَّالُ فَيَعُودُ السُّؤَالُ الْأَوَّلُ عَنْ جَوَابِ حَلِفِ عُمَرَ ثُمَّ جَابِرٍ عَلَى أَنَّهُ الدَّجَّالُ الْمَعْهُودُ لَكِنْ فِي قصَّة حَفْصَة وبن عُمَرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا أَرَادَا الدَّجَّالَ الْأَكْبَرَ وَاللَّامُ فِي الْقِصَّةِ الْوَارِدَةِ عَنْهُمَا لِلْعَهْدِ لَا لِلْجِنْسِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ بن عُمَرَ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَشُكَّ أَنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّال هُوَ بن صَيَّادٍ وَوَقَعَ لِابْنِ صَيَّادٍ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قِصَّةٌ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الدَّجَّالِ فَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ صحبني بن صَيَّادٍ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ لِي مَاذَا لَقِيتَ مِنَ النَّاسِ يَزْعُمُونَ أَنِّي الدَّجَّالُ أَلَسْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّهُ لَا يُولَدُ لَهُ.

.

قُلْتُ بَلَى قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ وُلِدَ لِي قَالَ أَوَ لَسْتَ سَمِعْتَهُ يَقُولُ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا مَكَّةَ.

.

قُلْتُ بَلَى قَالَ فَقَدْ وُلِدْتُ بِالْمَدِينَةِ وَهَا أَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ وَمِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ أخذتني من بن صياد دمامة فَقَالَ هَذَا عذرت النَّاس مَالِي وَأَنْتُمْ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ أَلَمْ يَقُلْ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَعْنِي الدَّجَّالَ يَهُودِيٌّ وَقَدْ أَسْلَمْتَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ الْجَرِيرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سعيد خرجنَا حجاجا ومعنا بن صَيَّادٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا وَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً مِمَّا يُقَالُ فِيهِ فَقُلْتُ الْحَرُّ شَدِيدٌ فَلَوْ وَضَعْتَ ثِيَابَكَ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَفَعَلَ فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ فَقَالَ اشْرَبْ يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقُلْتُ إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ وَمَا بِي إِلَّا أَنْ أَكْرَهْ أَنِّي أَشْرَبُ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلًا فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمَّ أَخْتَنِقَ بِهِ مِمَّا يَقُولُ لِيَ النَّاسُ يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ وَزَادَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ حَتَّى كِدْتُ أَعْذُرَهُ وَفِي آخِرِ كُلٍّ مِنَ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدِهِ وَأَيْنَ هُوَ الْآنَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَقُلْتُ لَهُ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ لَفْظُ الْجريرِي وَأجَاب الْبَيْهَقِيّ عَن قصَّة بن صَيَّادٍ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْكُثُ أَبُو الدَّجَّالِ ثَلَاثِينَ عَامًا لَا يُولَدُ لَهُمَا ثُمَّ يُولَدُ لَهُمَا غُلَامٌ أَعْوَرُ أَضَرُّ شَيْءٍ وَأَقَلُّهُ نَفْعًا وَنَعَتَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ قَالَ فَسَمِعْنَا بِمَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْيَهُودِ فَذَهَبْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَامِ فَدَخَلْنَا عَلَى أَبَوَيْهِ فَإِذَا النَّعْتُ فَقُلْنَا هَلْ لَكُمَا مِنْ وَلَدٍ قَالَا مَكَثْنَا ثَلَاثِينَ عَامًا لَا يُولَدُ لَنَا ثُمَّ وُلِدَ لَنَا غُلَامٌ أَضَرُّ شَيْءٍ وَأَقَلُّهُ نَفْعًا الْحَدِيثَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

.

قُلْتُ وَيُوهِي حَدِيثُهُ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ إِنَّمَا أَسْلَمَ لَمَّا نَزَلَ مِنَ الطَّائِفِ حِينَ حُوصِرَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَة وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا بن صياد كَانَ بن صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ كَالْمُحْتَلِمِ فَمَتَى يُدْرِكُ أَبُو بَكْرَةَ زَمَانَ مَوْلِدِهِ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ لَمْ يَسْكُنِ الْمَدِينَةَ إِلَّا قَبْلَ الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ بِسَنَتَيْنِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ فِي الزَّمَنِ النَّبَوِيِّ كَالْمُحْتَلِمِ فَالَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَعَلَّ الْوَهْمَ وَقَعَ فِيمَا يَقْتَضِي تراخي مولد بن صَيَّادٍ أَوَّلًا وَهْمٌ فِيهِ بَلْ يَحْتَمِلُ .

     قَوْلُهُ  بَلَغَنَا أَنَّهُ وُلِدَ لِلْيَهُودِ مَوْلُودٌ عَلَى تَأَخُّرِ الْبَلَاغِ وَإِنْ كَانَ مَوْلِدُهُ كَانَ سَابِقًا عَلَى ذَلِك بِمدَّة بِحَيْثُ يأتلف مَعَ حَدِيث بن عُمَرَ الصَّحِيحِ ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَيْسَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَكْثَرُ مِنْ سُكُوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَلِفِ عُمَرَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَوَقِّفًا فِي أَمْرِهِ ثُمَّ جَاءَهُ الثَّبْتُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ غَيْرُهُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ قِصَّةُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَبِهِ تَمَسَّكَ مَنْ جزم بَان الدَّجَّال غير بن صَيَّادٍ وَطَرِيقُهُ أَصَحُّ وَتَكُونُ الصِّفَةُ الَّتِي فِي بن صَيَّادٍ وَافَقَتْ مَا فِي الدَّجَّالِ.

.

قُلْتُ قِصَّةُ تَمِيمٍ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَذَكَرَ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا ثُمَّ نَزَلُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فَلَقِيَتُهُمْ دَابَّةٌ كَثِيرَةُ الشَّعْرِ فَقَالَتْ لَهُمْ أَنَا الْجَسَّاسَةُ وَدَلَّتْهُمْ عَلَى رَجُلٍ فِي الدَّيْرِ قَالَ فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا فَدَخَلْنَا الدَّيْرَ فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا وَأَشَدُّهُ وَثَاقًا مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ بِالْحَدِيدِ فَقُلْنَا وَيْلَكَ مَا أَنْتَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ نَبِيِّ الْأُمِّيِّينَ هَلْ بُعِثَ وَأَنَّهُ قَالَ إِنْ يُطِيعُوهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُمْ وَأَنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ وَعَنْ عَيْنِ زُغَرٍ وَعَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي أَنَا الْمَسِيحُ وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعُ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ شَيْخٌ وَسَنَدُهَا صَحِيحٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ أَنَّ الدَّجَّالَ الْأَكْبَرَ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخر الزَّمَان غير بن صياد وَكَانَ بن صَيَّادٍ أَحَدَ الدَّجَّالِينَ الْكَذَّابِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُرُوجِهِمْ وَقَدْ خَرَجَ أَكْثَرُهُمْ وَكَانَ الَّذِينَ يَجْزِمُونَ بِابْنِ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ لَمْ يَسْمَعُوا بِقِصَّةِ تَمِيمٍ وَإِلَّا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَعِيدٌ جِدًّا إِذْ كَيْفَ يَلْتَئِمُ أَنْ يَكُونَ مَنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْحَيَاةِ النَّبَوِيَّةِ شِبْهَ المحتلم ويجتمع بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْأَلُهُ أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِهَا شَيْخًا كَبِيرًا مَسْجُونًا فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ مُوثَقًا بِالْحَدِيدِ يَسْتَفْهِمُ عَنْ خَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ خَرَجَ أَوْ لَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ الِاطِّلَاعِ أَمَّا عُمَرُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ قِصَّةَ تَمِيمٍ ثُمَّ لَمَّا سَمِعَهَا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ.

.
وَأَمَّا جَابِرٌ فَشَهِدَ حَلِفَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَصْحَبَ مَا كَانَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ عُمَرَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَمِيعٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ فَذَكَرَ قِصَّةَ الْجَسَّاسَةِ وَالدَّجَّالِ بِنَحْوِ قِصَّةِ تَمِيمٍ قَالَ قَالَ أَيِ الْوَلِيد فَقَالَ لي بن أَبِي سَلَمَةَ إِنَّ فِي هَذَا شَيْئًا مَا حفظته قَالَ شهد جَابر انه بن صَيَّادٍ.

.

قُلْتُ فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ قَالَ وَإِنْ مَاتَ.

.

قُلْتُ فَإِنَّهُ أَسْلَمَ قَالَ وَإِنْ أَسْلَمَ.

.

قُلْتُ فَإِنَّهُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ قَالَ وَإِنْ دَخَلَ الْمَدِينَة انْتهى وبن أَبِي مَسْلَمَةَ اسْمُهُ عُمَرُ فِيهِ مَقَالٌ وَلَكِنَّ حَدِيثَهُ حَسَنٌ وَيُتَعَقَّبُ بِهِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ جَابِرًا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى قِصَّةِ تَمِيمٍ وَقد تكلم بن دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّقْرِيرِ فِي أَوَائِلِ شَرْحِ الْإِلْمَامِ فَقَالَ مَا مُلَخَّصُهُ إِذَا أَخْبَرَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرٍ لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ يَكُونُ سُكُوتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلًا عَلَى مُطَابَقَةِ مَا فِي الْوَاقِعِ كَمَا وَقَعَ لِعُمَرَ فِي حلفه على بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فَهَلْ يدل عدم إِنْكَاره على أَن بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ كَمَا فَهِمَهُ جَابِرٌ حَتَّى صَارَ يَحْلِفُ عَلَيْهِ وَيَسْتَنِدُ إِلَى حَلِفِ عُمَرَ أَوْ لَا يَدُلُّ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَدُلُّ لِأَنَّ مَأْخَذَ الْمَسْأَلَةِ وَمَنَاطَهَا هُوَ الْعِصْمَةُ مِنَ التَّقْرِيرِ عَلَى بَاطِلٍ وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَحَقُّقِ الْبُطْلَانِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ عَدَمُ تَحَقُّقِ الصِّحَّةِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ مُدَّعٍ أَنَّهُ يَكْفِي فِي وُجُوبِ الْبَيَانِ عَدَمُ تَحَقُّقِ الصِّحَّةِ فَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ نَعَمْ التَّقْرِيرُ يُسَوِّغُ الْحَلِفَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَلَا يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْبُطْلَانِ أَنْ يَكُونَ السُّكُوتُ مُسْتَوْفِي الطَّرَفَيْنِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِنْ قِسْمٍ خِلَافَ الْأَوْلَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أَمر بن صَيَّادٍ بَعْدَ كِبَرِهِ فَرُوِيَ أَنَّهُ تَابَ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّهُمْ لَمَّا أَرَادُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كَشَفُوا وَجْهَهُ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ وَقِيلَ لَهُمُ اشْهَدُوا.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ قصَّة بن صَيَّادٍ مُشْكِلَةٌ وَأَمْرُهُ مُشْتَبِهٌ لَكِنْ لَا شَكَّ أَنَّهُ دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِهِ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ بِصِفَاتِ الدَّجَّال وَكَانَ فِي بن صَيَّادٍ قَرَائِنُ مُحْتَمِلَةٌ فَلِذَلِكَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْطَعُ فِي أَمْرِهِ بِشَيْءٍ بَلْ قَالَ لِعُمَرَ لَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ الْحَدِيثَ.

.
وَأَمَّا احْتِجَاجَاتُهُ هُوَ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ إِلَى سَائِرِ مَا ذَكَرَ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى دَعْوَاهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ صِفَاتِهِ وَقْتَ خُرُوجِهِ آخِرَ الزَّمَانِ قَالَ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا فِي قِصَّتِهِ .

     قَوْلُهُ  لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَقَولُهُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ صَادِقٌ وَكَاذِبٌ وَقَولُهُ إِنَّهُ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَقَولُهُ إِنَّهُ يَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الدَّجَّالَ وَأَنَّهُ يَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وَمَوْضِعَهُ وَأَيْنَ هُوَ الْآنَ قَالَ.

.
وَأَمَّا إِسْلَامُهُ وَحَجُّهُ وَجِهَادُهُ فَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ الدَّجَّالِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخْتَمَ لَهُ بِالشَّرِّ فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ مَا يُؤَيِّدُ كَوْنَ بن صَيَّادِ هُوَ الدَّجَّالُ فَسَاقَ مِنْ طَرِيقِ شُبَيْلٍ بِمُعْجَمَة وموحدة مُصَغرًا آخِره لَام بن عَرْزَةَ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ بِوَزْنِ ضَرْبَةَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا افْتَتَحْنَا أَصْبَهَانَ كَانَ بَيْنَ عَسْكَرِنَا وَبَيْنَ الْيَهُودِيَّةِ فَرْسَخٌ فَكُنَّا نَأْتِيهَا فَنَمْتَارَ مِنْهَا فَأَتَيْتُهَا يَوْمًا فَإِذَا الْيَهُودُ يَزْفِنُونَ وَيَضْرِبُونَ فَسَأَلْتُ صَدِيقًا لِي مِنْهُمْ فَقَالَ مَلِكُنَا الَّذِي نَسْتَفْتِحُ بِهِ عَلَى الْعَرَبِ يَدْخُلُ فَبِتَّ عِنْدَهُ عَلَى سَطْحٍ فَصَلَّيْتُ الْغَدَاةَ فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِذَا لِرَهْجٍ مِنْ قِبَلِ الْعَسْكَرِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مِنْ رَيْحَانٍ وَالْيَهُودُ يَزْفِنُونَ وَيَضْرِبُونَ فَنَظَرْتُ فَإِذا هُوَ بن صَيَّادٍ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ فَلَمْ يَعُدْ حَتَّى السَّاعَةَ.

.

قُلْتُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ مَا عَرَفْتُهُ وَالْبَاقُونَ ثِقَاتٌ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَد صَحِيح عَن جَابر قَالَ فَقدنَا بن صَيَّادٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَبِسَنَدٍ حَسَنٍ مَضَى التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فَقِيلَ إِنَّهُ مَاتَ.

.

قُلْتُ وَهَذَا يُضَعِّفُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَيْهِ وَكَشَفُوا عَنْ وَجْهِهِ وَلَا يَلْتَئِمُ خَبَرُ جَابِرٍ هَذَا مَعَ خَبَرِ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِأَنَّ فَتْحَ أَصْبَهَانَ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِهَا وَبَيْنَ قَتْلِ عُمَرَ وَوَقْعَةِ الْحَرَّةِ نَحْوُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَيُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ إِنَّمَا شَاهَدَهَا وَالِدُ حَسَّانَ بَعْدَ فَتْحِ أَصْبَهَانَ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ وَيَكُونُ جَوَابُ لِمَا فِي قَوْلِهِ لَمَّا افْتَتَحْنَا أَصْبَهَانَ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ صِرْتُ أَتَعَاهَدُهَا وَأَتَرَدَّدُ إِلَيْهَا فجرت قصَّة بن صَيَّادٍ فَلَا يَتَّحِدُ زَمَانُ فَتْحِهَا وَزَمَانُ دُخُولِهَا بن صَيَّادٍ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ مَرْفُوعًا إِنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَصْبَهَانَ وَمِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ حِينَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ لَكِنَّ عِنْدَهُ مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ كَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ مِنْ جُمْلَةِ قُرَى أَصْبَهَانَ وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْيَهُودِيَّةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَخْتَصُّ بِسُكْنَى الْيَهُودِ قَالَ وَلَمْ تَزَلْ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ مَصَّرَهَا أَيُّوبَ بْنَ زِيَادٍ أَمِيرِ مِصْرَ فِي زَمَنِ الْمَهْدِيِّ بْنِ الْمَنْصُورِ فَسَكَنَهَا الْمُسْلِمُونَ وَبَقِيَتْ لِلْيَهُودِ مِنْهَا قِطْعَةٌ مُنْفَرِدَةٌ.

.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا قَالَ يَتْبَعُ الدَّجَّالَ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ فَلَعَلَّهَا كَانَتْ يَهُودِيَّةَ أَصْبَهَانَ يُرِيدُ الْبَلَدَ الْمَذْكُورَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ جَمِيعُ أَهْلِ أَصْبَهَانَ يَهُودَ وَأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا وَذَكَرَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ أَحَادِيثَ تَتَعَلَّقُ بِالدَّجَّالِ وَخُرُوجِهِ إِذَا ضُمَّتْ إِلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْفِتَنِ انْتَظَمَتْ مِنْهَا لَهُ تَرْجَمَةٌ تَامَّةٌ مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَشُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ وَعَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ قَالُوا جَمِيعًا الدَّجَّالُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَانٌ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ مُوثَقٌ بِسَبْعِينَ حَلْقَةٍ فِي بَعْضِ جَزَائِرِ الْيَمَنِ لَا يَعْلَمُ مَنْ أَوْثَقَهُ سُلَيْمَانُ النَّبِيُّ أَوْ غَيْرُهُ فَإِذَا آنَ ظُهُورُهُ فَكَّ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ عَامٍ حَلْقَةً فَإِذَا بَرَزَ أَتَتْهُ أَتَانُ عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا فَيَضَعُ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْبَرًا مِنْ نُحَاسٍ وَيَقْعُدُ عَلَيْهِ وَيَتْبَعُهُ قَبَائِلُ الْجِنِّ يُخْرِجُونَ لَهُ خَزَائِنَ الْأَرْضِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ مَعَه كَون بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالِ وَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ مَعَ كَوْنِهِمْ ثِقَاتٍ تَلَقَّوْا ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّ الدَّجَّالَ تَلِدُهُ أُمُّهُ بِقُوصٍ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ قَالَ وَبَيْنَ مَوْلِدِهِ وَمَخْرَجِهِ ثَلَاثُونَ سَنَةً قَالَ وَلَمْ يَنْزِلْ خَبَرُهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ انْتَهَى وَأَخْلِقْ بِهَذَا الْخَبَرِ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا فَإِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ قَبْلَ نَبِيِّنَا أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ وَكَوْنُهُ يُولَدُ قبل مخرجه بالمدة الْمَذْكُورَة مُخَالف لكَونه بن صَيَّادٍ وَلِكَوْنِهِ مُوَثَّقًا فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْر وَذكر بن وَصِيفٍ الْمُؤَرِّخُ أَنَّ الدَّجَّالَ مِنْ وَلَدِ شَقِّ الْكَاهِنِ الْمَشْهُورِ قَالَ.

     وَقَالَ  بَلْ هُوَ شَقَّ نَفْسَهُ أَنْظَرَهُ اللَّهُ وَكَانَتْ أُمُّهُ جِنِّيَّةً عَشِقَتْ أَبَاهُ فَأَوْلَدَهَا وَكَانَ الشَّيْطَانُ يَعْمَلُ لَهُ الْعَجَائِبَ فَأَخَذَهُ سُلَيْمَانُ فَحَبَسَهُ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ وَهَذَا أَيْضًا فِي غَايَةِ الْوَهْيِ وَأَقْرَبُ مَا يُجْمَعُ بِهِ بَيْنَ مَا تَضَمَنَّهُ حَدِيثُ تَمِيم وَكَون بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ أَنَّ الدَّجَّالَ بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي شَاهده تَمِيم موثقًا وَأَن بن صَيَّادٍ شَيْطَانٌ تَبَدَّى فِي صُورَةِ الدَّجَّالِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إِلَى أَنْ تَوَجَّهَ إِلَى أَصْبَهَانَ فَاسْتَتَرَ مَعَ قَرِينِهِ إِلَى أَنْ تَجِيءَ الْمُدَّةُ الَّتِي قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى خُرُوجَهُ فِيهَا وَلِشِدَّةِ الْتِبَاسِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ سَلَكَ الْبُخَارِيُّ مَسْلَكَ التَّرْجِيحِ فَاقْتَصَرَ عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ فِي بن صَيَّادٍ وَلَمْ يُخْرِجْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي قِصَّةِ تَمِيمٍ وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَرِيبٌ فَرُدَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهُ مَعَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَجَابِرٌ أَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْمُحْرِزِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ بِطُولِهِ وَأخرجه أَبُو دَاوُد مُخْتَصرا وبن مَاجَهْ عَقِبَ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ قَالَ الشَّعْبِيُّ فَلَقِيتُ الْمُحْرِزَ فَذَكَرَهُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ اسْتَوَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ حَدَّثَنِي تَمِيمٌ فَرَأَى تَمِيمًا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا تَمِيمُ حَدِّثِ النَّاسَ بِمَا حَدَّثْتَنِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَإِذَا أَحَدُ مَنْخَرَيْهِ مَمْدُودٌ وَإِحْدَى عَيْنَيْهِ مَطْمُوسَةٌ الْحَدِيثَ وَفِيهِ لَأَطَأَن الأَرْض بقدمي هَاتين إِلَى مَكَّةَ وَطَابَا.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى عَائِشَةَ حَدَّثتنِي كَمَا حَدَّثَتْكَ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ أَنَّهُ بَيْنَمَا أُنَاسٌ يَسِيرُونَ فِي الْبَحْرِ فَنَفِدَ طَعَامُهُمْ فَرُفِعَتْ لَهُمْ جَزِيرَةٌ فَخَرَجُوا يُرِيدُونَ الْخَبَرَ فَلَقِيَتْهُمُ الْجَسَّاسَةُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ سُؤَالُهُمْ عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ وَفِيهِ أَنَّ جَابِرًا شهد انه بن صَيَّادٍ فَقُلْتُ إِنَّهُ قَدْ مَاتَ قَالَ وَإِنْ مَاتَ.

.

قُلْتُ فَإِنَّهُ أَسْلَمَ قَالَ وَإِنْ أَسْلَمَ.

.

قُلْتُ فَإِنَّهُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ قَالَ وَإِنْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَفِي كَلَامِ جَابِرٍ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ أَمْرَهُ مُلَبَّسٌ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا ظَهَرَ مِنْ أَمْرِهِ إِذْ ذَاكَ لَا يُنَافِي مَا تَوَقَّعَ مِنْهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَر لِأَن أَحْلف عشر مرار ان بن صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَمن حَدِيث بن مَسْعُودٍ نَحْوُهُ لَكِنْ قَالَ سَبْعًا بَدَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْحَلِفِ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وَمِنْ صُوَرِهِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ أَنَّ مَنْ وَجَدَ بِخَطِّ أَبِيهِ الَّذِي يَعْرِفُهُ أَنَّ لَهُ عِنْدَ شَخْصٍ مَالًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ أَنَّ لَهُ إِذَا طَالَبَهُ وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ يسْتَحق قبض ذَلِك مِنْهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ رَأَى تَرْكَ النَّكِيرِ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُجَّةً لاَ مِنْ غَيْرِ الرَّسُولِ
( باب من رأى ترك النكير) بفتح النون وكسر الكاف أي الإنكار ( من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما يفعل بحضرته أو يقال ويطلع عليه ( حجة) لأنه لا يقرّ أحدًا على باطل سواء استبشر به مع ذلك أم لا لكن دلالته مع الاستبشار أقوى، وقد تمسك الشافعي في القيافة واعتبارها في النسب بكِلا الأمرين الاستبشار وعدم الإنكار في قصة المدلجي، وسواء كان المسكوت عنه ممن يغريه الإنكار أو لا كافرًا كان أو منافقًا والقول باستثناء من يزيده الإنكار إغراء حكاه ابن السمعاني عن المعتزلة بناء على أنه لا يجب إنكاره عليه للإغراء.
قال: والأظهر أنه يجب إنكاره عليه ليزول توهم الإباحة والقول باستثناء ما إذا كان الفاعل كافرًا أو منافقًا قول إمام الحرمين بناء على أن الكافر غير مكلف بالفروع، ولأن المنافق كافر في الباطن والقول بالاقتصار على الكافر ذهب إليه الماوردي وهو أظهر لأنه أهل للانقياد في الجملة وكما يدل للجواز للفاعل فكذا لغيره لأن حكمه على الواحد حكمه على الجماعة.
وذهب القاضي أبو بكر الباقلاني إلى اختصاصه بمن قرر ولا يتعدى إلى غيره فإن
التقرير لا صيغة له.
نعم والصحيح أنه يعم سائر المكلفين لأنه في حكم الخطاب وخطاب الواحد خطاب للجميع ( لا من غير الرسول) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعدم عصمته، فسكوته لا يدل على الجواز لأنه قد لا يتبين له حينئذٍ وجه الصواب.
قال في المصابيح: وفيه نظر لأنه إذا أفتى واحد في مسألة تكليفية وعرف به أهل الإجماع وسكتوا عليه ولم ينكره أحد ومضى قدر مهلة النظر في تلك الحادثة عادة وكان ذلك القول المسكوت عليه واقعًا في محل الاجتهاد، فالصحيح أنه حجة وهل هو إجماع أو لا؟ فيه خلاف.
قالوا: والخلاف لفظي وعلى الجملة قد تصوّرنا في بعض الصور أن ترك النكير من غير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حجة.


[ قــ :6961 ... غــ : 7355 ]
- حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ الصَّائِدِ الدَّجَّالُ قُلْتُ: تَحْلِفُ بِاللَّهِ قَالَ: إِنِّى سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا حماد بن حميد) بالتصغير قال في الفتح هو خراساني فيما ذكره أبو عبد الله بن منده في رجال البخاري، وقال محمد بن إسماعيل بن محمد بن خلفون: حماد بن حميد العسقلاني روى عن عبيد الله بن معاذ روى عنه البخاري في الاعتصام، وقال أبو أحمد بن عدي حماد بن حميد لا يعرف عن عبيد الله بن معاذ، وقال ابن أبي حاتم: حماد بن حميد العسقلاني روى عن ضمرة وبشر بن بكر بن سويد وروّاد سمع منه أي ببيت المقدس في رحلته الثانية، وروى عنه.
وسئل أي عنه فقال: شيخ.
قال محمد بن إسماعيل روى عنه البخاري في الجامع في باب من رأى ترك النكير من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حجة.
قال محمد بن إسماعيل: لم يجر لحماد ذكر في النسخة عن النسفيّ إنما عنده.
وقال عبيد الله بن معاذ وليس قبله حماد بن حميد اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر وقد زعم أبو الوليد الباجي في رجال البخاري أنه هو الذي روى عنه البخاري هنا وهو بعيد قال: ( حدّثنا عبيد الله) بالتصغير ( ابن معاذ) قال: ( حدّثنا أبي) معاذ بن حسان بن نصر بن حسان العنبري البصري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن سعد بن إبراهيم) بسكون العين ابن عبد الرحمن بن عوف ( عن محمد بن المنكدر) أنه ( قال: رأيت جابر بن عبد الله) الأنصاري -رضي الله عنه- ( يحلف) أي شاهدته حين حلف ( بالله أن ابن الصائد) بألف بعد الصاد بوزن الظالم ولأبي ذر ابن الصياد واسمه صاف ( الدجال) قال ابن المنكدر ( قلت) له: ( تحلف بالله قال) جابر: ( إني سمعت عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( يحلف) أي بالله ( على ذلك عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم ينكره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .

استشكل هذا مع ما سبق في الجنائز من أن عمر -رضي الله عنه- قال للنبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعني أضرب عنقه فقال: إن يكن هو فلن تسلط عليه إذ هو صريح في أنه تردد في أمره، وحينئذٍ فلا يدل
سكوته على إنكاره عند حلف عمر على أنه هو وقد تقرر أن شرط العمل بالتقرير أن لا يعارضه التصريح بخلافه فمن قال أو فعل بحضرته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئًا فأقره دلّ ذلك على الجواز، فلو قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو فعل خلاف ذلك دل على نسخ ذلك التقرير إلا دليل الخصوصية، وعند أبي داود بسند صحيح عن موسى بن عقبة عن نافع قال كان ابن عمر يقول والله ما أشك أن المسيح الدجال هو ابن صياد.
وأجاب ابن بطال عن التردّد: بأنه كان قبل أن يعلمه الله بأنه هو الدجال فلما أعلمه لم ينكر على عمر حلفه، وبأن العرب قد تخرج الكلام مخرج الشك وإن لم يكن في الخبر شك فيكون ذلك من تلطفه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعمر في صرفه عن قتله.

وقال ابن دقيق العيد في أوائل شرح الإلمام: إذا أخبر شخص بحضرة النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أمر ليس فيه حكم شرعي فهل يكون سكوته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دليلاً على مطابقة ما في الواقع كما وقع لعمر في حلفه على أن ابن صياد هو الدجال فلم ينكر عليه، فهل يدل عدم إنكاره على أن ابن صياد هو الدجال كما فهمه جابر حتى صار يحلف عليه ويستند إلى حلف عمر أو لا يدل؟ فيه نظر.
قال: والأقرب عندي أنه لا يدل لأن مأخذ المسألة ومناطها هو العصمة من التقرير على الباطل وذلك يتوقف على تحقق البطلان، ولا يكفي فيه عدم تحقق الصحة إلا أن يدعي مدّعٍ أنه يكفي في وجوب البيان عدم تحقق الصحة فيحتاج إلى دليل وهو عاجر عنه.
نعم التقرير يسوّغ الحلف على ذلك على غلبة الظن لعدم توقف ذلك على العلم اهـ.

قال في الفتح: ولا يلزم من عدم تحقق البطلان أن يكون السكوت مستوي الطرفين، بل يجوز أن يكون المحلوف عليه من قسم خلاف الأولى.

وقال في المصابيح: وقد يقال هذا محمول على أنه لم ينكره إنكار من نفى كونه الدجال بدليل أنه أيضًا لم يسكت على ذلك بل أشار إلى أنه متردّد، ففي الصحيحين أنه قال لعمر: إن يكن هو فلن تسلط عليه فتردّد في أمره فلما حلف عمر على ذلك صار حالفًا على غلبة ظنه والبيان قد تقدم من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم هذا سكوت عن حلف على أمر غيب لا على حكم شرعي ولعل مسألة السكوت والتقرير مختصة بالأحكام الشرعية لا الأمور الغيبية اهـ.

وقال البيهقي: ليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على حلف عمر، فيحتمل أن يكون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان متوقفًا في أمره ثم جاءه التثبت من الله بأنه غيره على ما تقتضيه قصة تميم الداري وبه تمسك من جزم بأن الدجال غير ابن صياد وتكون الصفة التي في ابن صياد وافقت ما في الدجال، والحاصل أنه إن وقع الشك في أنه الدجال الذي يقتله عيسى ابن مريم عليهما السلام فلم يقع الشك في أنه أحد الدجالين الكذابين الذين أنذر بهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قوله: إن بين يدي الساعة دجالين كذابين، وقصة تميم الداري أخرجها مسلم من حديث فاطمة بنت قيس أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خطب فذكر أن تميمًا الداري ركب في سفينة مع ثلاثين رجلاً من قومه فلعب بهم الموج شهرًا ثم نزلوا في جزيرة فلقيتهم دابة كثيرة الشعر فقالت لهم: أنا الجساسة ودلتهم على رجل في
الدير قال: فانطلقنا سراعًا فدخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقًا وأشد وثاقًا مجموعة يداه إلى عنقه بالحديد فقلنا: ويلك من أنت فذكر الحديث وفيه أنه سألهم عن نبي الأميين هل بعث وأنه قال إن يطيعوه فهو خير لهم وأنه سألهم عن بحيرة طبرية وأنه قال لهم إني مخبركم عني أنا المسيح وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، ففيه كما قال البيهقي أن الدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد، وعند مسلم من طريق داود بن أبي هند عن أبي بصرة عن أبي سعيد قال: صحبني ابن صياد إلى مكة فقال لي: ما قد لقيت من الناس يزعمون أني الدجال ألست سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إنه لا يولد له"؟! قلت: بلى.
قال: فإنه قد ولد لي.
قال: أوَلست سمعته يقول: "لا يدخل المدينة ولا مكة"؟! قلت: بلى.
قال: قد ولدت بالمدينة وها أنا أريد مكة.

وقال الخطابي اختلف السلف في أمر ابن صياد بعد كبره فروي عنه أنه تاب عن ذلك القول ومات بالمدينة وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس، وقيل لهم اشهدوا لكن يعكر على هذا ما عند أبي داود بسند صحيح عن جابر قال: فقدنا ابن صياد يوم الحرّة وبسند حسن قيل إنه مات.
وفي الحديث جواز الحلف بما يغلب على الظن.

والحديث أخرجه مسلم في الفتن وأبو داود في الملاحم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَنْ رَأى تَرْكَ النَّكِيرِ مِنَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حُجَّةً لَا مِنْ غَيْرِ الرَّسُولِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من رأى ترك النكير أَي الْإِنْكَار وَهُوَ بِفَتْح النُّون وَكسر الْكَاف مُبَالغَة فِي الْإِنْكَار غَرَضه أَن تَقْرِير الرَّسُول، حجَّة إِذْ هُوَ نوع من فعله وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ مُنْكرا للزمه التَّغْيِير وَلَا خلاف بَين الْعلمَاء فِي ذَلِك، لِأَنَّهُ، لَا يجوز لَهُ أَن يرى أحدا من أمته يَقُول قولا أَو يفعل فعلا مَحْظُورًا فيقرره عَلَيْهِ لِأَن الله تَعَالَى فرض عَلَيْهِ النَّهْي عَن الْمُنكر.
قَوْله: لَا من غير الرَّسُول، يَعْنِي: لَيْسَ بِحجَّة ترك الْإِنْكَار من غير الرَّسُول لجَوَاز أَنه لم يتَبَيَّن لَهُ حينئذٍ وَجه الصَّوَاب..
     وَقَالَ  ابْن التِّين: التَّرْجَمَة تتَعَلَّق بِالْإِجْمَاع السكوتي وَأَن النَّاس اخْتلفُوا فِيهِ، وَقد علم ذَلِك فِي مَوْضِعه.



[ قــ :6961 ... غــ :7355 ]
- حدّثنا حَمَّادُ بنُ حُمَيْدٍ، حدّثنا عُبَيْدُ الله بنُ مُعاذٍ، حدّثنا أبي، حَدثنَا شعبْةُ، عنْ سَعْدِ ابنِ إبْراهِيمَ، عنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ قَالَ: رَأيْتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله يَحْلِفُ بِالله أنَّ ابنَ الصَّيَّادِ الدَّجَّالُ.
قُلْتُ: تَحْلِفُ بِالله؟ قَالَ: إنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلى ذالِكَ عِنْدَ النبيِّ فَلَمْ يُنْكِرْهُ النبيُّ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَحَمَّاد بن حميد بِالضَّمِّ الْخُرَاسَانِي وَذكر الْحَافِظ الْمزي فِي التَّهْذِيب أَن فِي بعض النّسخ الْقَدِيمَة من البُخَارِيّ: حَدثنَا حَمَّاد بن حميد صَاحب لنا حَدثنَا بِهَذَا الحَدِيث.
وَعبيد الله بن معَاذ فِي الْإِحْيَاء.

وَقد أخرج مُسلم هَذَا الحَدِيث عَن عبيد الله بن معَاذ بِلَا وَاسِطَة، قيل: هُوَ أحد الْأَحَادِيث الَّتِي نزل فِيهَا البُخَارِيّ عَن مُسلم، أخرجهَا مُسلم عَن شيخ وأخرجها البُخَارِيّ بِوَاسِطَة بَينه وَبَين ذَلِك الشَّيْخ.
قلت: عبيد الله بن معَاذ من مَشَايِخ مُسلم روى عَنهُ فِي غير مَوضِع، وروى البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن النَّضر وَحَمَّاد بن حميد وَأحمد غير مَنْسُوب عَنهُ فِي ثَلَاث مَوَاضِع فِي كِتَابه: فِي تَفْسِير سُورَة الْأَنْفَال فِي موضِعين، وَفِي آخر الِاعْتِصَام، وروى البُخَارِيّ هُنَا عَن حَمَّاد عَن عبيد الله عَن أَبِيه معَاذ بن حسان الْعَنْبَري الْبَصْرِيّ عَن شُعْبَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرحمان بن عَوْف عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر.
وَأخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد كِلَاهُمَا عَن عبيد الله بن معَاذ، فَمُسلم أخرجه فِي الْفِتَن، وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَلَاحِم.

قَوْله: إِن ابْن الصياد كَذَا لأبي ذَر بِصِيغَة الْمُبَالغَة، وَوَقع عِنْد ابْن بطال مثله لَكِن بِغَيْر الْألف وَاللَّام، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ ابْن الصَّائِد، بِوَزْن الظَّالِم واسْمه صَاف، وَإِنَّمَا حلف عمر بِالظَّنِّ وَلَعَلَّه سَمعه من النَّبِي، أَو فهمه بالعلامات والقرائن.
فَإِن قلت: جَاءَ فِي خَبره أَن عمر قَالَ لرَسُول الله، دَعْنِي أضْرب عُنُقه، فَقَالَ: إِن يكن هُوَ فَلَنْ تسلط عَلَيْهِ، وَإِن لم يكن فَلَا خير لَك فِي قَتله، فَهَذَا يدل على شكه فِيهِ، وَترك الْقطع عَلَيْهِ أَنه الدَّجَّال.
قلت: يُمكن أَن يكون هَذَا الشَّك مِنْهُ كَانَ مُتَقَدما على يَمِين عمر بِأَنَّهُ الدَّجَّال، ثمَّ أعلمهُ الله أَنه الدَّجَّال، وَجَوَاب آخر أَن الْكَلَام، وَإِن خرج مخرج الشَّك، فقد يجوز، أَن يُرَاد بِهِ الْيَقِين وَالْقطع.
كَقَوْلِه: لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك وَقد علم تَعَالَى أَن ذَلِك لَا يَقع مِنْهُ فَإِنَّمَا خرج هَذَا مِنْهُ على الْمُتَعَارف عِنْد الْعَرَب فِي مخاطبتها قَالَ الشَّاعِر:
( أيا ظَبْيَة الوعساء بَين جلاجل ... وَبَين النقا أَأَنْت أم أم سَالم؟) فَأخْرج كَلَامه مخرج الشَّك مَعَ كَونه غير شَاك فِي أَنَّهَا لَيست بِأم سَالم، وَكَذَلِكَ كَلَامه خرج مخرج الشَّك لطفاً مِنْهُ بعمر فِي صرفه عَن عزمه على قَتله.