هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6986 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ ، فَقَدْ كَذَبَ ، وَهُوَ يَقُولُ : { لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ } ، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الغَيْبَ ، فَقَدْ كَذَبَ ، وَهُوَ يَقُولُ : لاَ يَعْلَمُ الغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6986 حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه ، فقد كذب ، وهو يقول : { لا تدركه الأبصار } ، ومن حدثك أنه يعلم الغيب ، فقد كذب ، وهو يقول : لا يعلم الغيب إلا الله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Masruq:

`Aisha said, If anyone tells you that Muhammad has seen his Lord, he is a liar, for Allah says: 'No vision can grasp Him.' (6.103) And if anyone tells you that Muhammad has seen the Unseen, he is a liar, for Allah says: None has the knowledge of the Unseen but Allah.

":"ہم سے محمد بن یوسف نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا ہم سے سفیان نے بیان کیا ‘ ان سے اسماعیل نے بیان کیا ‘ ان سے شعبی نے بیان کیا ‘ ان سے مسروق نے اور ان سے عائشہ رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہاگر تم سے کوئی یہ کہتا ہے کہ محمد صلی اللہ علیہ وسلم نے اپنے رب کو دیکھا تو وہ غلط کہتا ہے کیونکہ اللہ تعالیٰ اپنے بارے میں خود کہتا ہے کہ نظریں اس کو دیکھ نہیں سکتیں اور جو کوئی کہتا ہے کہ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم غیب جانتے تھے تو غلط کہتا ہے کیونکہ خداوند تعالیٰ خود کہتا ہے کہ غیب کا علم اللہ کے سوا اور کسی کو نہیں ۔

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أحدا)
وان الله عِنْده علم السَّاعَة وانزله بِعِلْمِهِ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ الا بِعِلْمِهِ إِلَيْهِ يرد علم السَّاعَة أَمَّا الْآيَةُ الْأُولَى فَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِي آخِرِ شَرْحِهِ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ فَمَضَى الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي تَفْسِير سُورَة لُقْمَان عِنْد شرح حَدِيث بن عُمَرَ الْمَذْكُورِ هُنَا.
وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّالِثَةُ فَمِنَ الْحُجَجِ الْبَيِّنَةِ فِي إِثْبَاتِ الْعِلْمِ لِلَّهِ وَحَرَّفَهُ الْمُعْتَزِلِيُّ نُصْرَةً لِمَذْهَبِهِ فَقَالَ أَنْزَلَهُ مُلْتَبِسًا بِعِلْمِهِ الْخَاصِّ وَهُوَ تَأْلِيفُهُ عَلَى نَظْمٍ وَأُسْلُوبٍ يَعْجِزُ عَنْهُ كُلُّ بَلِيغٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ نَظْمَ الْعِبَارَاتِ لَيْسَ هُوَ نَفْسُ الْعِلْمِ الْقَدِيمِ بَلْ دَالٌّ عَلَيْهِ وَلَا ضَرُورَةَ تُحْوِجُ إِلَى الْحَمْلِ عَلَى غَيْرِ الْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ الْإِخْبَارُ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ.

     وَقَالَ  الْمُعْتَزِلِيُّ أَيْضًا أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَهُوَ عَالِمٌ فَأَوَّلَ عِلْمَهُ بِعَالِمٍ فِرَارًا مِنْ إِثْبَاتِ الْعِلْمِ لَهُ مَعَ تَصْرِيحِ الْآيَةِ بِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَتَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَالْخَضِرِ مَا عِلْمِي وعلمك فِي علم الله وَوَقع فِي حَدِيثُ الِاسْتِخَارَةِ الْمَاضِي فِي الدَّعَوَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الرَّابِعَةُ فَهِيَ كَالْأُولَى فِي إِثْبَاتِ الْعِلْمِ وَأَصْرَحُ.

     وَقَالَ  الْمُعْتَزِلِيُّ .

     قَوْلُهُ  بِعِلْمِهِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ لَا مَعْلُومَةَ بِعِلْمِهِ فَتَعَسَّفَ فِيمَا أَوَّلَ وَعَدَلَ عَنِ الظَّاهِرِ بِغَيْرِ مُوجِبٍ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الْخَامِسَةُ فَقَالَ الطَّبَرِيُّ مَعْنَاهَا لَا يَعْلَمُ مَتَى وَقْتُ قِيَامِهَا غَيْرُهُ فَعَلَى هَذَا فَالتَّقْدِيرُ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ وَقْتٍ السَّاعَة قَالَ بن بَطَّالٍ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ إِثْبَاتُ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إِنَّهُ عَالِمٌ بِلَا عِلْمٍ ثُمَّ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ عِلْمَهُ قَدِيمٌ وَجَبَ تَعَلُّقُهُ بِكُلِّ مَعْلُومٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِدَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ فِي الْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْحَيَاةِ وَغَيْرِهَا.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ مُرِيدٌ بِدَلِيلِ تَخْصِيصِ الْمُمْكِنَاتِ بِوُجُودِ مَا وُجِدَ مِنْهَا بَدَلًا مِنْ عَدَمِهِ وَعَدَمُ الْمَعْدُومِ مِنْهَا بَدَلًا مِنْ وُجُودِهِ ثُمَّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ لَهَا بِصِفَةٍ يَصِحُّ مِنْهُ بِهَا التَّخْصِيصُ وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ أَوَّلًا وَالثَّانِي لَوْ كَانَ فَاعِلًا لَهَا لَا بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ لَزِمَ صُدُورَ الْمُمْكِنَاتِ عَنْهُ صُدُورًا وَاحِدًا بِغَيْرِ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَلَا تَطْوِيرٍ وَلَكَانَ يَلْزَمُ قِدَمَهَا ضَرُورَةُ اسْتِحَالَةِ تَخَلُّفِ الْمُقْتَضِي عَلَى مُقْتَضَاهُ الذَّاتِيِّ فَيَلْزَمُ كَوْنُ الْمُمْكِنِ وَاجِبًا وَالْحَادِثُ قَدِيمًا وَهُوَ مُحَالٌ فَثَبَتَ أَنَّهُ فَاعِلٌ بِصِفَةٍ يَصِحُّ مِنْهُ بِهَا التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فَهَذَا بُرْهَانُ الْمَعْقُولِ.
وَأَمَّا بُرْهَانُ الْمَنْقُولِ فَآيٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لما يُرِيد ثُمَّ الْفَاعِلُ لِلْمَصْنُوعَاتِ بِخَلْقِهِ بِالِاخْتِيَارِ يَكُونُ مُتَّصِفًا بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ لِأَنَّ الْإِرَادَةَ وَهِيَ الِاخْتِيَارُ مَشْرُوطَةٌ بِالْعِلْمِ بِالْمُرَادِ وَوُجُودُ الْمَشْرُوطِ بِدُونِ شَرْطِهِ مُحَالٌ وَلِأَنَّ الْمُخْتَارَ لِلشَّيْءِ إِنْ كَانَ غَيْرُهُ قَادِرًا عَلَيْهِ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ صُدُورُ مُخْتَارِهِ وَمُرَادِهِ وَلَمَّا شُوهِدَتِ الْمَصْنُوعَاتُ صَدَرَتْ عَنْ فَاعِلِهَا الْمُخْتَارِ مِنْ غَيْرِ تَعَذُّرِ عِلْمٍ قَطَعْنَا أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِيجَادِهَا وَسَيَأْتِي مَزِيدُ الْكَلَامِ فِي الْإِرَادَةِ فِي بَابِ الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ بَعْدَ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ بَابًا.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةَ فِي الْبَابِ وَغَيْرَهَا مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهَا كَانَ أَبُو إِسْحَاق الاسفرايني يَقُولُ مَعْنَى الْعَلِيمِ يَعْلَمُ الْمَعْلُومَاتِ وَمَعْنَى الْخَبِيرِ يَعْلَمُ مَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ وَمَعْنَى الشَّهِيدِ يَعْلَمُ الْغَائِبَ كَمَا يَعْلَمُ الْحَاضِرَ وَمَعْنَى الْمُحْصِي لَا تَشْغَلُهُ الْكَثْرَةُ عَنِ الْعِلْمِ وَسَاقَ عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى قَالَ يَعْلَمُ مَا أَسَرَّ الْعَبْدُ فِي نَفْسِهِ وَمَا أَخْفَى عَنْهُ مِمَّا سَيَفْعَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَله وَمن وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ يَعْلَمُ السِّرَّ الَّذِي فِي نَفْسِكَ وَيَعْلَمُ مَا سَتَعْمَلُ غَدًا .

     قَوْلُهُ  قَالَ يَحْيَى الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وَالْبَاطِنُ عَلَى كل شَيْء علما يحيى هَذَا هُوَ بن زِيَادٍ الْفَرَّاءُ النَّحْوِيُّ الْمَشْهُورُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ مَعَانِي الْقُرْآنِ لَهُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مَعْنَى الظَّاهِرِ الْبَاطِنِ الْعَالِمُ بِظَوَاهِرِ الْأَشْيَاءِ وَبَوَاطِنِهَا وَقِيلَ الظَّاهِرُ بِالْأَدِلَّةِ الْبَاطِنُ بِذَاتِهِ وَقِيلَ الظَّاهِرُ بِالْعَقْلِ الْبَاطِنُ بِالْحِسِّ وَقِيلَ مَعْنَى الظَّاهِرِ الْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى شَيْءٍ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَعَلَاهُ وَالْبَاطِنُ الَّذِي بَطَنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَيْ عَلِمَ بَاطِنَهُ وَشَمَلَ .

     قَوْلُهُ  أَي كل شَيْء علم مَا كَانَ وَمَا سَيَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ لِأَنَّ خَالِقَ الْمَخْلُوقَاتِ كُلَّهَا بِالِاخْتِيَارِ مُتَّصِفٌ بِالْعِلْمِ بِهِمْ وَالِاقْتِدَارِ عَلَيْهِمْ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الِاخْتِيَارَ مَشْرُوطٌ بِالْعِلْمِ وَلَا يُوجَدُ الْمَشْرُوطُ دُونَ شَرْطِهِ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْمُخْتَارَ لِلشَّيْءِ لَوْ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَيْهِ لَتَعَذَّرَ مُرَادُهُ وَقَدْ وُجِدَتْ بِغَيْرِ تَعَذُّرٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِيجَادِهَا وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ لَمْ يُتَخَصَّصُ عِلْمُهُ فِي تَعَلُّقِهِ بِمَعْلُومٍ دُونَ مَعْلُومٍ لِوُجُوبِ قِدَمِهِ الْمُنَافِي لِقَبُولِ التَّخْصِيصِ فَثَبَتَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْكُلِّيَّاتِ لِأَنَّهَا مَعْلُومَاتٌ وَالْجُزْئِيَّاتِ لِأَنَّهَا مَعْلُومَاتٌ أَيْضًا وَلِأَنَّهُ مُرِيدٌ لِإِيجَادِ الْجُزْئِيَّاتِ وَالْإِرَادَةُ لِلشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ إِثْبَاتًا وَنَفْيًا مَشْرُوطَةٌ بِالْعِلْمِ بِذَلِكَ الْمُرَادِ الْجُزْئِيِّ فَيَعْلَمُ الْمَرْئِيَّاتِ لِلرَّائِينَ وَرُؤْيَتَهُمْ لَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْخَاصِّ وَكَذَا الْمَسْمُوعَاتِ وَسَائِرَ الْمُدْرَكَاتِ لِمَا عُلِمَ ضَرُورَةً مِنْ وُجُوبِ الْكَمَالِ لَهُ وَأَضْدَادُ هَذِهِ الصِّفَاتِ نَقْصٌ وَالنَّقْصُ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَضَلَّ مَنْ زَعَمَ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ عَلَى الْوَجْهِ الْكُلِّيِّ لَا الْجُزْئِيِّ وَاحْتَجُّوا بِأُمُورٍ فَاسِدَةٍ مِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى مُحَالٍ وَهُوَ تَغَيُّرُ الْعِلْمِ فَإِنَّ الْجُزْئِيَّاتِ زَمَانِيَّةٌ تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَالْأَحْوَالِ وَالْعِلْمُ تَابِعٌ لِلْمَعْلُومَاتِ فِي الثَّبَاتِ وَالتَّغَيُّرِ فَيَلْزَمُ تَغَيُّرُ عِلْمِهِ وَالْعِلْمُ قَائِمٌ بِذَاتِهِ فَتَكُونُ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ وَهُوَ مُحَالٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّغَيُّرَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي الْأَحْوَالِ الْإِضَافِيَّةِ وَهَذَا مِثْلُ رَجُلٍ قَامَ عَنْ يَمِينِ الْأُسْطُوَانَةِ ثُمَّ عَنْ يَسَارِهَا ثُمَّ أَمَامَهَا ثُمَّ خَلْفَهَا فَالرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَتَغَيَّرُ وَالْأُسْطُوَانَةُ بِحَالِهَا فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَالِمٌ بِمَا كُنَّا عَلَيْهِ أَمْسِ وَبِمَا نَحْنُ عَلَيْهِ الْآنَ وَبِمَا نَكُونُ عَلَيْهِ غَدًا وَلَيْسَ هَذَا خَبَرًا عَنْ تَغَيُّرِ عِلْمِهِ بَلِ التَّغَيُّرُ جَارٍ عَلَى أَحْوَالِنَا وَهُوَ عَالِمٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ.
وَأَمَّا السَّمْعِيَّةُ فَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ طَافِحٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى أَحَاطَ بِكُل شَيْء علما.

     وَقَالَ  لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِك وَلَا أكبر.

     وَقَالَ  تَعَالَى إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ من أُنْثَى وَلَا تضع الا بِعِلْمِهِ وَقَولُهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِس الا فِي كتاب مُبين ولهذه النُّكْتَة اورد المُصَنّف حَدِيث بن عُمَرَ فِي مَفَاتِيحِ الْغَيْبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ مُخْتَصَرًا وَقَولُهُ

[ قــ :6986 ... غــ :7380] فِيهِ وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَقَدْ كَذَبَ وَهُوَ يَقُولُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَهُوَ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَان وَهُوَ الثَّوْريّ عَن إِسْمَاعِيل وَهُوَ بن أَبِي خَالِدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّجْمِ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِلَفْظِ وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ ثُمَّ قَرَأَتْ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تكسب غَدا وَذِكْرُ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْسَبُ فِي هَذَا الْبَابِ لموافقته حَدِيث بن عُمَرَ الَّذِي قَبْلَهُ لَكِنَّهُ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ الَّتِي أَكْثَرَ مِنْهَا مِنَ اخْتِيَارِ الْإِشَارَةِ عَلَى صَرِيحِ الْعِبَارَةِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرُّؤْيَةِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّجْمِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِعِلْمِ الْغَيْب فِي تَفْسِير سُورَةِ لُقْمَانَ وَتَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ بِهَذَا السَّنَدِ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا كَتَمَ شَيْئًا وَأَحَلْتُ بِشَرْحِهِ عَلَى كِتَابِ التَّوْحِيدِ وَسَأَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَاب يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبك وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ قَالَ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذَا الطَّرِيقِ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَعْلَمُ الْغَيْبَ مَا أَظُنُّهُ مَحْفُوظًا وَمَا أَحَدٌ يَدَّعِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْلَمُ مِنَ الْغَيْبِ إِلَّا مَا عُلِّمَ انْتَهَى وَلَيْسَ فِي الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا التَّصْرِيحُ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا وَقَعَ فِيهِ بِلَفْظِ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَأَظُنُّهُ بُنِيَ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ عَائِشَةَ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ حَيْثُ قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ ثُمَّ قَالَتْ وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ثَلَاثٌ مَنْ قَالَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلزَّاعِمِ وَلَكِنْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا أخرجه بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ بِلَفْظِ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ مَنْ قَالَ إِنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ وَإِنَّ مُحَمَّدًا كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الْوَحْيِ وَإِنَّ مُحَمَّدًا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ دَاوُدَ وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ وَلَكِنْ قَالَ فِيهِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ هَكَذَا بِالضَّمِيرِ كَمَا فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ مَعْطُوفًا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا وَمَا ادَّعَاهُ مِنَ النَّفْيِ مُتَعَقَّبٌ فَإِنَّ بَعْضَ مَنْ لَمْ يَرْسَخْ فِي الْإِيمَانِ كَانَ يَظُنُّ ذَلِكَ حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّ صِحَّةَ النُّبُوَّةِ تَسْتَلْزِمُ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَمِيعِ الْمُغَيَّبَاتِ كَمَا وَقَعَ فِي الْمَغَازِي لِابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ نَاقَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَلَّتْ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ اللَّصِيتِ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَآخِرُهُ مُثَنَّاةٌ وَزْنُ عَظِيمٍ يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَيُخْبِرُكُمْ عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ رَجُلًا يَقُولُ كَذَا وَكَذَا وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَعْلَمُ إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ وَقَدْ دَلَّنِي اللَّهُ عَلَيْهَا وَهِيَ فِي شِعْبِ كَذَا قَدْ حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ فَذَهَبُوا فَجَاءُوهُ بِهَا فَأَعْلَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِنَ الْغَيْبِ إِلَّا مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارتضى من رَسُول الْآيَةَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْغَيْبِ فِيهَا فَقِيلَ هُوَ عَلَى عُمُومِهِ وَقِيلَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَحْيِ خَاصَّةً وَقِيلَ مَا يَتَعَلَّقُ بِعِلْمِ السَّاعَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ لُقْمَانَ أَنَّ عِلْمَ السَّاعَةِ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ إِلَّا إِنْ ذَهَبَ قَائِلُ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَيْبِ هُنَاكَ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِبْطَالُ الْكَرَامَاتِ لِأَنَّ الَّذِينَ يُضَافُ إِلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا أَوْلِيَاءَ مُرْتَضِينَ فَلَيْسُوا بِرُسُلٍ وَقَدْ خَصَّ اللَّهُ الرُّسُل من بَين المرتضعين بِالِاطِّلَاعِ عَلَى الْغَيْبِ وَتُعُقِّبَ بِمَا تَقَدَّمَ.

     وَقَالَ  الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ .

     قَوْلُهُ  عَلَى غَيْبِهِ لَفْظٌ مُفْرَدٌ وَلَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ عُمُومٍ فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبٍ وَاحِدٍ مِنْ غُيُوبِهِ أَحَدًا إِلَّا الرُّسُلَ فَيُحْمَلُ عَلَى وَقْتِ وُقُوعِ الْقِيَامَةِ وَيُقَوِّيهِ ذِكْرُهَا عَقِبَ قَوْله اقريب مَا توعدون وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الرُّسُلَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى ذَلِكَ.

     وَقَالَ  أَيْضًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا أَيْ لَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ الْمَخْصُوصِ أَحَدًا لَكِنْ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ لَهُ حِفْظَهُ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ يُخَصَّصُ الرَّسُولُ بِالْمَلَكِ فِي اطِّلَاعِهِ عَلَى الْغَيْبِ وَالْأَوْلِيَاءُ يَقَعُ لَهُم ذَلِك بالالهام.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ دَعْوَى الزَّمَخْشَرِيِّ عَامَّةٌ وَدَلِيلُهُ خَاصٌّ فَالدَّعْوَى امْتِنَاعُ الْكَرَامَاتِ كُلِّهَا وَالدَّلِيلُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا نَفْيُ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْغَيْبِ بِخِلَاف سَائِر الكرمات انْتَهَى وَتَمَامُهُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى الْغَيْبِ عِلْمُ مَا سَيَقَعُ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى تَفْصِيلِهِ فَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا مَا يُكْشَفُ لَهُمْ مِنَ الْأُمُورِ الْمُغَيَّبَةِ عَنْهُمْ وَمَا لَا يُخْرَقُ لَهُمْ مِنَ الْعَادَةِ كَالْمَشْيِ عَلَى الْمَاءِ وَقَطْعِ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ فِي مُدَّةٍ لَطِيفَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ الْأَقْرَبُ تَخْصِيصُ الِاطِّلَاعِ بِالظُّهُورِ وَالْخَفَاءِ فَإِطْلَاعُ اللَّهِ الْأَنْبِيَاءَ عَلَى الْمُغَيَّبِ أَمْكَنُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَرْفُ الِاسْتِعْلَاءِ فِي عَلَى غَيْبِهِ فَضَمَّنَ يُظْهِرُ مَعْنَى يُطْلِعُ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ إِظْهَارًا تَامًّا وَكَشْفًا جَلِيًّا إِلَّا لِرَسُولٍ يُوحَى إِلَيْهِ مَعَ مَلَكٍ وَحَفَظَةٍ وَلِذَلِكَ قَالَ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلفه رصدا وَتَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبهم.
وَأَمَّا الْكَرَامَاتُ فَهِيَ مِنْ قَبِيلِ التَّلْوِيحِ وَاللَّمَحَاتِ وَلَيْسُوا فِي ذَلِكَ كَالْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ جَزَمَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ بِأَنَّ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ لَا تُضَاهِي مَا هُوَ مُعْجِزَةٌ لِلْأَنْبِيَاءِ.

     وَقَالَ  أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكَ الْأَنْبِيَاءُ مَأْمُورُونَ بِإِظْهَارِهَا وَالْوَلِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ إِخْفَاؤُهَا وَالنَّبِيُّ يَدَّعِي ذَلِكَ بِمَا يَقْطَعُ بِهِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَأْمَنُ الِاسْتِدْرَاجَ وَفِي الْآيَةِ رَدٌّ عَلَى الْمُنَجِّمِينَ وَعَلَى كُلِّ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى مَا سَيَكُونُ مِنْ حَيَاةٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلْقُرْآنِ وَهُمْ أَبْعَدُ شَيْءٍ من الارتضا مَعَ سَلْبِ صِفَةِ الرُّسُلِيَّةِ عَنْهُمْ وَقَولُهُ فِي أول حَدِيث بن عُمَرَ مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ إِلَى أَنْ قَالَ لَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلَّا اللَّهُ فَوَقَعَ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ لَا يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ إِلَّا اللَّهُ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ عَلَى أَقْوَالٍ فَقِيلَ مَا يَنْقُصُ مِنَ الْخِلْقَةِ وَمَا يَزْدَادُ فِيهَا وَقِيلَ مَا يَنْقُصُ مِنَ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ فِي الْحَمْلِ وَمَا يَزْدَادُ فِي النِّفَاسِ إِلَى السِّتِّينَ وَقِيلَ مَا يَنْقُصُ بِظُهُورِ الْحَيْضِ فِي الْحَبَلِ بِنَقْصِ الْوَلَدِ وَمَا يَزْدَادُ عَلَى التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ بِقَدْرِ مَا حَاضَتْ وَقِيلَ مَا يَنْقُصُ فِي الْحَمْلِ بِانْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَمَا يَزْدَادُ بِدَمِ النِّفَاسِ مِنْ بَعْدِ الْوَضْعِ وَقِيلَ مَا يَنْقُصُ مِنَ الْأَوْلَادِ قَبْلُ وَمَا يَزْدَادُ مِنَ الْأَوْلَادِ بَعْدُ.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ اسْتَعَارَ لِلْغَيْبِ مَفَاتِيحَ اقْتِدَاءً بِمَا نَطَقَ بِهِ الْكتاب الْعَزِيز وَعِنْده مفاتح الْغَيْب وَلِيُقَرِّبَ الْأَمْرَ عَلَى السَّامِعِ لِأَنَّ أُمُورَ الْغَيْبِ لَا يُحْصِيهَا إِلَّا عَالِمُهَا وَأَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ إِلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا غَابَ الْأَبْوَابُ وَالْمَفَاتِيحُ أَيْسَرُ الْأَشْيَاءِ لِفَتْحِ الْبَابِ فَإِذَا كَانَ أَيْسَرُ الْأَشْيَاءِ لَا يُعْرَفُ مَوْضِعُهَا فَمَا فَوْقَهَا أَحْرَى أَنْ لَا يُعْرَفَ قَالَ وَالْمُرَادُ بِنَفْيِ الْعِلْمِ عَنِ الْغَيْبِ الْحَقِيقِيِّ فَإِنَّ لِبَعْضِ الْغُيُوبِ أَسْبَابًا قَدْ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَيْهَا لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ حَقِيقِيًّا قَالَ فَلَمَّا كَانَ جَمِيعُ مَا فِي الْوُجُودِ مَحْصُورًا فِي عِلْمِهِ شَبَّهَهُ الْمُصْطَفَى بِالْمَخَازِنِ وَاسْتَعَارَ لِبَابِهَا الْمِفْتَاحَ وَهُوَ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عندنَا خزائنه قَالَ وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهَا خَمْسًا الْإِشَارَةُ إِلَى حَصْرِ الْعَوَالِمِ فِيهَا فَفِي قَوْلِهِ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَام إِشَارَةٌ إِلَى مَا يَزِيدُ فِي النَّفْسِ وَيَنْقُصُ وَخَصَّ الرَّحِمَ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِ الْأَكْثَرِ يَعْرِفُونَهَا بِالْعَادَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَنَفَى أَنْ يَعْرِفَ أَحَدٌ حَقِيقَتَهَا فَغَيْرَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَفِي قَوْلِهِ وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ إِشَارَةٌ إِلَى أُمُورِ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَخَصَّ الْمَطَرَ مَعَ أَنَّ لَهُ أَسْبَابًا قَدْ تَدُلُّ بِجَرْيِ الْعَادَةِ عَلَى وُقُوعِهِ لَكِنَّهُ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ وَفِي قَوْلِهِ وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِشَارَةٌ إِلَى أُمُورِ الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ مَعَ أَنَّ عَادَةَ أَكْثَرِ النَّاسِ أَنْ يَمُوتَ بِبَلَدِهِ وَلَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ حَقِيقَةً بَلْ لَوْ مَاتَ فِي بَلَدِهِ لَا يُعْلَمُ فِي أَيِّ بُقْعَةٍ يُدْفَنُ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَقْبَرَةٌ لِأَسْلَافِهِ بَلْ قَبْرٌ أَعَدَّهُ هُوَ لَهُ وَفِي قَوْلِهِ وَلَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنْوَاعِ الزَّمَانِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْحَوَادِثِ وَعَبَّرَ بِلَفْظِ غَدٍ لِتَكُونَ حَقِيقَتُهُ أَقْرَبَ الْأَزْمِنَةِ وَإِذَا كَانَ مَعَ قُرْبِهِ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ مَا يَقَعُ فِيهِ مَعَ إِمْكَانِ الْأَمَارَةِ وَالْعَلَامَةِ فَمَا بَعُدَ عَنْهُ أَوْلَى وَفِي قَوْلِهِ وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى عُلُومِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوَّلُهَا وَإِذَا نَفَى عِلْمَ الْأَقْرَبِ انْتَفَى عِلْمُ مَا بَعْدِهِ فَجَمَعَتِ الْآيَةُ أَنْوَاعَ الْغُيُوبِ وَأَزَالَتْ جَمِيعَ الدَّعَاوِي الْفَاسِدَةِ وَقَدْ بَيَّنَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارتضى من رَسُول أَنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا يكون الا بِتَوْفِيق انْتهى مُلَخصا