هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
73 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بَالَ فِي السُّوقِ . ثُمَّ تَوَضَّأَ ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، وَيَدَيْهِ ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ . ثُمَّ دُعِيَ لِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا حِينَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
73 وحدثني عن مالك عن نافع ، أن عبد الله بن عمر بال في السوق . ثم توضأ ، فغسل وجهه ، ويديه ، ومسح رأسه . ثم دعي لجنازة ليصلي عليها حين دخل المسجد ، فمسح على خفيه ، ثم صلى عليها
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من شرح الزرقاني

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بَالَ فِي السُّوقِ.
ثُمَّ تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ.
ثُمَّ دُعِيَ لِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا حِينَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا.


( مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ) الزهري ( عَنْ عَبَّادِ) بفتح المهملة وشد الموحدة ( بْنِ زِيَادٍ) أخي عبيد الله بن زياد المعروف بابن أبيه، ويقال له ابن أبي سفيان يكنى عباد أبا حرب وكان والي سجستان سنة ثلاث وخمسين، وثقه ابن حبان، وروى له مسلم وأبو داود والنسائي، ومات سنة مائة وقوله: ( مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ) وهم من مالك وإنما هو مولى المغيرة قاله الشافعي ومصعب الزبيري وأبو حاتم والدارقطني وابن عبد البر قال: وانفرد يحيى وعبد الرحمن بن مهدي بوهم ثان فقالا: ( عَنْ أَبِيهِ) ولم يقله من رواة الموطأ غيرهما وإنما يقولون: ( عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ) ثم هو منقطع فعباد لم يسمع من المغيرة ولا رآه وإنما يرويه الزهري عن عباد عن عروة وحمزة ابني المغيرة عن أبيهما، وربما حدث به الزهري عن عروة وحده دون حمزة.

قال الدارقطني: فوهم مالك في إسناده في موضعين أحدهما قوله عباد من ولد المغيرة، والثاني إسقاطه عروة وحمزة قال: ورواه إسحاق بن راهويه عن روح بن عبادة عن مالك عن الزهري عن عباد بن زياد عن رجل من ولد المغيرة فإن كان روح حفظه عن مالك فقد أتى بالصواب عن الزهري قال وبعض الرواة عن عروة بن المغيرة عن أبيه لم يذكر عبادًا والصحيح قول من ذكر عبادًا وعروة.

( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ) أي لقضاء حاجة الإنسان، وفي مسلم فتبرز صلى الله عليه وسلم قبل الغائط فحملت معه إداوة قبل صلاة الفجر، ولابن سعد عن المغيرة لما كنا بين الحجر وتبوك ذهب لحاجته وتبعته بماء بعد الفجر ويجمع بأن خروجه كان بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح ( فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ) آخر مغازيه صلى الله عليه وسلم بنفسه بمنع الصرف للتأنيث والعلمية كذا قال النووي وتبعه في الفتح وتعقب بأنه سهو لأن علة منعه كونه على مثال الفعل كتقول والمذكر والمؤنث في ذلك سواء مكان بينه وبين المدينة من جهة الشام أربعة عشر مرحلة وبينها وبين دمشق إحدى عشرة وسميت بذلك في أحاديث صحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم: إنكم ستأتون غدًا عين تبوك، فمقتضاه قدم تسميتها بذلك وقيل سميت به لقوله عليه السلام وقد رأى قومًا من أصحابه يبوكون عين الماء أي يدخلون فيها القدح ويحركونه ليخرج الماء: ما زلتم تبوكونها بوكًا.

( قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَذَهَبْتُ مَعَهُ بِمَاءٍ) في إداوة، وللبخاري في الجهاد وغيره عن مسروق عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يتبعه بالإداوة فانطلق حتى توارى عني فقضى حاجته ثم أقبل فتوضأ.

وفي رواية أحمد أن الماء أخذه المغيرة من أعرابية صبته له من قربة من جلد ميتة فقال له صلى الله عليه وسلم: سلها فإن كانت دبغتها فهو طهورها فقالت: أي والله لقد دبغتها، وفيه قبول خبر الواحد في الأحكام ولو امرأة سواء كان مما تعم به البلوى أم لا لقبول خبر الأعرابية.

( فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بعد قضاء حاجته ( فَسَكَبْتُ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ) زاد في رواية أحمد ثلاث مرات، وفي هذه الرواية اختصار فعند أحمد من طريق عياد بن زياد المذكور أنه غسل كفيه وله من وجه آخر قوي فغسلهما فأحسن غسلهما، وللبخاري في الجهاد وتمضمض واستنشق، وفي مسلم فلما رجع أخذت أهريق على يديه من الإداوة وغسل يديه ثلاث مرات ثم غسل وجهه.

( ثُمَّ ذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْ) بضم الكاف ( جُبَّتِهِ) وهي ما قطع من الثياب مشمرًا قاله في المشارق، وللبخاري وعليه جبة شامية، ولأبي داود من صوف من جباب الروم.
قال القرطبي: ففيه أن الصوف لا ينجس بالموت لأن الشام إذ ذاك كانت دار كفر ومأكولها كلها الميتات كذا قال ( فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ ضِيقِ كُمَّيِ الْجُبَّةِ) إخراج يديه وفيه التشمير في السفر ولبس الثياب الضيقة فيه لأنها أعون عليه.
قال ابن عبد البر: بل هو مستحب في الغزو للتشمير والتأسي به صلى الله عليه وسلم ولا بأس به عندي في الحضر.

( فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ) زاد مسلم وألقى الجبة على منكبيه ( فَغَسَلَ يَدَيْهِ) ولأحمد فغسل يده اليمنى ثلاث مرات ويده اليسرى ثلاث مرات ( وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ) وفي رواية لمسلم ومسح بناصيته وعلى العمامة وفيه وجوب تعميم الرأس لأنه كمل بالمسح على العمامة وكأنه لعذر ولم يكتف بالمسح على ما بقي ( وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ) محل الشاهد من الحديث، وفيه الرد على من زعم أن المسح عليهما منسوخ بآية المائدة لأنها نزلت في غزوة المريسيع.
وهذه القصة في غزوة تبوك بعدها باتفاق إذ هي آخر المغازي ثم المسح على الخفين خاص بالوضوء لا مدخل للغسل فيه بإجماع.

( فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَؤُمُّهُمْ) وفي مسلم قال أي المغيرة: فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن ولابن سعد فأسفر الناس بصلاتهم حتى خافوا الشمس فقدموا عبد الرحمن ( وَقَدْ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً) من صلاة الفجر كما في مسلم وأبي داود وزاد أحمد قال المغيرة: فأردت تأخير عبد الرحمن فقال صلى الله عليه وسلم دعه.
وعند ابن سعد فانتهينا إلى عبد الرحمن وقد ركع ركعة فسبح الناس له حين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كادوا يفتتنون فجعل عبد الرحمن يريد أن ينكص فأشار إليه صلى الله عليه وسلم أن أثبت.

( فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ) لفظ مسلم وأبي داود فصلى وراء عبد الرحمن بن عوف الركعة الثانية، ثم سلم عبد الرحمن فقام صلى الله عليه وسلم في صلاته ففزع المسلمون فأكثروا التسبيح لأنهم سبقوا النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة فلما سلم قال لهم: أصبتم أو أحسنتم وفي رواية ابن سعد فصلينا الركعة التي أدركنا وقضينا التي سبقتنا فقال صلى الله عليه وسلم حين صلى خلف عبد الرحمن: ما قبض نبي قط حتى يصلي خلف رجل صالح من أمته.

( فَفَزِعَ النَّاسُ) لسبقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة وأكثروا التسبيح رجاء أن يشير لهم هل يعيدونها معه أم لا، لظنهم أنه أدركها من أولها وأن قيامه لأمر حدث كأنهم ظنوا الزيادة في الصلاة كما زعم بعضهم لتصريحه في رواية ابن سعد بأنهم علموا بالنبي صلى الله عليه وسلم حين دخل معهم فسبحوا حتى كادوا يفتتنون.

( فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَحْسَنْتُمْ) إذ جمعتم الصلاة لوقتها، ويحتمل أنه أراد أن يسكن ما بهم من الفزع قاله الأصيلي، وقد زاد مسلم يغبطهم أن صلوا لوقتها بالتشديد أي يحملهم على الغبطة لأجل ذلك ويجعل هذا الفعل عندهم مما يغبط عليه، وإن روي بالتخفيف فيكون قد غبطهم لتقدمهم وسبقهم إلى الصلاة قاله ابن الأثير.

قال ابن عبد البر: وفي قوله: أحسنتم أنه ينبغي شكر من بادر إلى أداء فرضه وعمل ما يجب عليه وفضل عبد الرحمن إذ قدمه الصحابة بدلاً عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، وفيه اقتداء الفاضل بالمفضول، وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلف بعض أمته.

وروى البزار عن الصديق مرفوعًا: ما قبض نبي حتى يؤمه رجل من أمته وتقدم من حديث المغيرة وأما بقاء عبد الرحمن وتأخر أبي بكر ليتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فالفرق أن عبد الرحمن كان قد ركع ركعة فترك صلى الله عليه وسلم التقدم لئلا يختل ترتيب صلاة القوم بخلاف صلاة أبي بكر فلا اختلال فيها لأن الإمام إنما هو المصطفى وأبو بكر إنما كان يسمع الناس، وفرق أيضًا بأنه أراد أن يعين لهم حكم قضاء المسبوق بفعله كما بينه بقوله نعم.

روى الترمذي وصححه عن جابر والنسائي عن أنس قالا: آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوب واحد متوشحًا به خلف أبي بكر.

وأخرج الترمذي وقال: حسن صحيح والنسائي عن عائشة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدًا.

وروى ابن حبان عنها أن أبا بكر صلى بالناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف خلفه.

واستشكلت هذه الأحاديث بما في الصحيح عن عائشة قالت: لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة أذن أي النبي فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس فخرج أبو بكر يصلي فوجد صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج يهادي بين رجلين كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع، فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه أن مكانك ثم أتى به حتى جلس إلى جنبه، فقيل للأعمش: فكان صلى الله عليه وسلم يصلي وأبو بكر يصلي بصلاته والناس بصلاة أبي بكر فقال نعم.

ولمسلم عن جابر نحوه وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام وأن أبا بكر كان مأمومًا ويسمع الناس تكبيره.

وجمع ابن حبان بأنه صلى في مرضه صلاتين في المسجد جماعة كان في إحداهما مأمومًا وفي الأخرى إمامًا بدليل أن في خبر عبيد الله عن عائشة خرج بين رجلين تريد بأحدهما العباس والآخر عليًا.

وفي خبر مسروق عنها خرج بين بريرة ونوبة يعني بنون وموحدة واختلف في أنه رجل أو امرأة.
وكذا جمع البيهقي وبين أن الصلاة التي صلاها أبو بكر مأمومًا صلاة الظهر والتي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم خلفه هي صلاة الصبح يوم الإثنين وهي آخر صلاة صلاها.

وكذا جمع ابن حزم فقال إنهما صلاتان متغايرتان بلا شك إحداهما التي رواها الأسود عن عائشة وعبيد الله عنها وعن ابن عباس صفتها أنه صلى الله عليه وسلم أم الناس والناس خلفه وأبو بكر عن يمينه في موقف المأموم يسمع الناس تكبيره والثانية التي رواها مسروق وعبيد الله عن عائشة وحميد عن أنس صفتها أنه صلى الله عليه وسلم كان خلف أبي بكر في الصف مع الناس فارتفع الإشكال جملة قال: وليست صلاة واحدة في الدهر فيحمل ذلك على التعارض بل في كل يوم خمس صلوات ومدة مرضه صلى الله عليه وسلم اثنا عشر يومًا فيه ستون صلاة أو نحو ذلك اهـ.

فقد ثبت بهذا كله أنه صلى خلف أبي بكر وابن عوف فيرد ذلك على قول عياض لا يجوز لأحد أن يؤمه لأنه لا يجوز التقدم بين يديه في الصلاة ولا غيرها لا لعذر ولا لغيره، وقد نهى الله تعالى المؤمنين عن ذلك ولا يكون أحد شافعًا له، وقد قال: أئمتكم شفعاؤكم، ولذا قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحكاه عنه صاحب الأنموذج وقال: إنه من خصائصه ويمكن أن يجاب بأن معناه لا يجوز لأحد أن يؤمه ابتداء ولو لعذر أما إذا أم غيره فجاء وأبقاه صلى الله عليه وسلم فيجوز بدليل قصتي أبي بكر وعبد الرحمن، فأما الصديق فإنما أم غيره لغيبته لمرضه واستخلافه إياه على الإمامة، وأما ابن عوف فإنما أم لغيبته لقضاء حاجته بتقديم الناس له حين خافوا طلوع الشمس، ولهذا لما أتى صلى الله عليه وسلم هم كل منهما أن ينكص حتى أشار له أن اثبت والله أعلم.
ثم حديث الباب صحيح بلا شك وإن وقع في إسناده الوهمان السابقان، وقد خرجه مسلم من عدة طرق بألفاظ متقاربة، وخرج البخاري بعضه في مواضع من طرق وهو متواتر عن المغيرة بن شعبة ذكر البزار أنه رواه عنه ستون رجلاً.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ) العدوي مولاهم المدني أبي عبد الرحمن روى عن مولاه ابن عمر وأنس وعنه الثوري وابن عيينة ومالك وشعبة.
قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث مات سنة سبع وعشرين ومائة.

( أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ) أي مالكًا ( أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ) بن الخطاب ( قَدِمَ الْكُوفَةَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) مالك الزهري ( وَهُوَ أَمِيرُهَا) من قبل عمر ( فَرَآهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ) لأنه لم يبلغه مع قدم صحبته وكثرة روايته إذ قد يخفى على قديم الصحبة من الأمور الجلية في الشرع ما يطلع عليه غيره، ويحتمل أنه أنكر عليه المسح في الحضر لا في السفر على ظاهر هذه القصة، وأما السفر فكان ابن عمر يعلمه، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما روى ابن أبي خيثمة وابن أبي شيبة عن سالم عن أبيه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين بالماء في السفر.

( فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: سَلْ أَبَاكَ إِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِ) المدينة ( فَقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ فَنَسِيَ أَنْ يَسْأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ سَعْدٌ فَقَالَ:) لابن عمر لإزالة إنكاره وإفادته الحكم ( أَسَأَلْتَ أَبَاكَ؟ فَقَالَ: لَا) ولأحمد من وجه آخر فلما اجتمعنا عند عمر قال لي سعد سل أباك ( فَسَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ) ولابن خزيمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر فقال عمر: كنا ونحن مع نبينا صلى الله عليه وسلم نمسح على خفافنا لا نرى بذلك بأسًا ( فَقَالَ عُمَرُ: إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الْخُفَّيْنِ، وَهُمَا طَاهِرَتَانِ) طهارة كاملة مائية ( فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَإِنْ جَاءَ أَحَدُنَا مِنَ الْغَائِطِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: نَعَمْ وَإِنْ جَاءَ أَحَدُكُمْ مِنَ الْغَائِطِ)
.

وفي البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمر عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين وأن ابن عمر سأل أباه عن ذلك؟ فقال: نعم إذا حدثك شيئًا سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تسأل عنه غيره، وللإسماعيلي إذا حدثك سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تبغ وراء حديثه شيئًا أي لقوة الوثوق بنقله ففيه تعظيم عظيم من عمر لسعد وفيه دليل على أن الصفات الموجبة للترجيح إذا اجتمعت في الراوي كانت من جملة القرائن التي إذا حفت خبر الواحد قامت مقام الأشخاص المتعددة، وقد يفيد العلم عند بعض دون بعض، وأن عمر كان يقبل خبر الواحد وما نقل عنه من التوقف إنما كان عند وقوع ريبة له في بعض المواضع، واحتج به من قال بتفاوت رتب العدالة ودخول الترجيح في ذلك عند التعارض ويمكن إبداء الفرق في ذلك بين الرواية والشهادة.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بَالَ فِي السُّوقِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ دُعِيَ لِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا حِينَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ) النبوي ( فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ) لأنه كان قد لبسهما على طهارة ( ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا) .

قال أبو عمر: تأخيره مسح خفيه محمول عند أصحابنا أنه نسي، وقال غيره: لأنه كان برجليه علة فلم يمكنه الجلوس في السوق حتى أتى المسجد فجلس ومسح والمسجد قريب من السوق.

وقال الباجي: يحتمل أنه نسي وأنه اعتقد جواز تفريق الطهارة وأنه لعجز الماء عن الكفاية، وقد قال ابن القاسم في المجموعة لم يأخذ مالك بفعل ابن عمر في تأخير المسح.

( مالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ) بضم الراء وبالقاف والشين المعجمة مصغر الأشعري الأسدي المدني ثقة من صغار التابعين ( أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مالِكٍ أَتَى قُبَا) بضم القاف ( فَبَالَ ثُمَّ أُتِيَ بِوَضُوءٍ) بالفتح ما يتوضأ به ( فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثُمَّ جَاءَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى) .
والقصد من ذكر هذا وما قبله أن المسح عليهما معمول به عند الصحابة بعده صلى الله عليه وسلم بالمدينة وغيرها، فلو كان منسوخًا كما زعم الخوارج ما عملوا به، وقولهم إنه خلاف القرآن وعسى أن يكون القرآن نسخه مردود بما في مسلم وغيره أن جرير بن عبد الله البجلي بال ثم توضأ ومسح على خفيه فقيل: تفعل هذا؟ فقال: نعم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه.

قال إبراهيم النخعي: فكان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة، وفي لفظ أن جريرًا قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة وكان إسلامه في سنة عشر، وقيل أول سنة إحدى عشرة.

( قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ بَالَ ثُمَّ نَزَعَهُمَا ثُمَّ رَدَّهُمَا فِي رِجْلَيْهِ أَيَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ؟ فَقَالَ: لِيَنْزِعْ خُفَّيْهِ وَلْيَغْسِلْ رِجْلَيْهِ) لأن المسح عليهما بطل بنزعهما ( وَإِنَّمَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَنْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ بِطُهْرِ الْوُضُوءِ) كما روى البخاري عن المغيرة كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما، ولأبي داود: فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان فمفهومه قول الإمام.

( وَأَمَّا مَنْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفَّيْنِ وَهُمَا غَيْرُ طَاهِرَتَيْنِ بِطُهْرِ الْوُضُوءِ فَلَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ) لأن الحديث جعل الطهارة قبل لبسهما شرطًا لجواز المسح.

( وَسُئِلَ مَالكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ خُفَّاهُ فَسَهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ حَتَّى جَفَّ وَضُوءهُ وَصَلَّى؟ قَالَ: لِيَمْسَحْ عَلَى خُفَّيْهِ وَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ) وجوبًا لأنه صلاها بوضوء ناقص ( وَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ) لأن الفور والموالاة إنما تشرع مع القدرة والذكر والسؤال أنه سها.

( وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ غَسَلَ قَدَمَيْهِ) أي رجليه ( ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ فَقَالَ لِيَنْزِعْ خُفَّيْهِ ثُمَّ لْيَتَوَضَّأْ وَلْيَغْسِلْ رِجْلَيْهِ) .
لأنه لم يلبس الخفين على طهارة كاملة.