هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
807 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ ، مَوْلَى بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ - وَقَالَ مَرَّةً : مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الحَارِثِ - أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ - وَهُوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ ، وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمُ الظَّهْرَ ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاَةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ، ثُمَّ سَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  وقال مرة : مولى ربيعة بن الحارث أن عبد الله ابن بحينة وهو من أزد شنوءة ، وهو حليف لبني عبد مناف وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر ، فقام في الركعتين الأوليين لم يجلس ، فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس ، فسجد سجدتين قبل أن يسلم ، ثم سلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ - وَهُوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ ، وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمُ الظَّهْرَ ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاَةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ، ثُمَّ سَلَّمَ .

Narrated `Abdullah bin Buhaina:

(he was from the tribe of Uzd Shanu'a [??] and was the ally of the tribe of `Abdul-Manaf and was one of the companions of the Prophet): Once the Prophet (ﷺ) led us in the Zuhr prayer and stood up after the second rak`a and did not sit down. The people stood up with him. When the prayer was about to end and the people were waiting for him to say the Taslim, he said Takbir while sitting and prostrated twice before saying the Taslim and then he said the Taslim.

":"ہم سے ابو الیمان نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ شعیب نے ہمیں خبر دی ، انہوں نے زہری سے خبر دی ، انہوں نے کہا کہ مجھ سے عبدالرحمٰن بن ہرمز نے بیان کیا جو مولی بن عبدالمطلب ( یا مولی ربیعہ بن حارث ) تھے ، کہ عبداللہ بن بحینہ رضی اللہ عنہ جو صحابی رسول اور بنی عبد مناف کے حلیف قبیلہ ازدشنوہ سے تعلق رکھتے تھے ، نے بیان کیا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے انہیں ظہر کی نماز پڑھائی اور دو رکعتوں پر بیٹھنے کے بجائے کھڑے ہو گئے ، چنانچہ سارے لوگ بھی ان کے ساتھ کھڑے ہو گئے ، جب نماز ختم ہونے والی تھی اور لوگ آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے سلام پھیرنے کا انتظار کر رہے تھے تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے «الله أكبر‏» کہا اور سلام پھیرنے سے پہلے دو سجدے کئے ، پھر سلام پھیرا ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [829] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ هُوَ الْأَعْرَجُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

     وَقَالَ  مَرَّةً أَيِ الزُّهْرِيُّ مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَذَكَرَهُ أَوَّلًا بِجَدِّ مَوَالِيهِ الْأَعْلَى وَثَانِيًا بِمَوْلَاهُ الْحَقِيقِيِّ .

     قَوْلُهُ  أَزْدِ شَنُوءَةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ ثُمَّ مُعْجَمَةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ نُونٌ مَضْمُومَةٌ وَهَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَزْنَ فَعُولَةٍ قَبِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ .

     قَوْلُهُ  حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ صَوَابٌ لِأَنَّ جَدَّهُ حَالَفَ الْمُطَّلِبَ بْنَ عبد منَاف قَالَه بن سَعْدٍ وَغَيْرُهُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي أَبْوَابِ سُجُودِ السَّهْوِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ أَيْ للتَّشَهُّد وَوَقع فِي رِوَايَة بن عَسَاكِرَ وَلَمْ يَجْلِسْ بِزِيَادَةِ وَاوٍ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَلَمْ يَجْلِسْ بِالْفَاءِ وَسَيَأْتِي فِي السَّهْوِ كَذَلِك قَالَ بن رَشِيدٍ إِذَا أُطْلِقَ فِي الْأَحَادِيثِ الْجُلُوسُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَالْمُرَادُ بِهِ جُلُوسُ التَّشَهُّدِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ( قَولُهُ بَابُ التَّشَهُّدِ فِي الْأُولَى أَيِ الْجِلْسَةُ الْأُولَى مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَالَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْأُولَى لِبَيَانِ عَدَمِ وُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِيَةَ لِبَيَانِ مَشْرُوعِيَّتِهِ أَيْ وَالْمَشْرُوعِيَّةُ أَعَمُّ مِنَ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوب

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [829] حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -وَقَالَ مَرَّةً: مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ- أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ وَهْوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ! فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاَةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهْوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ".
[الحديث أطرافه في: 830، 1224، 1225، 1230، 6670] .
وبالسند قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال: أخبرنا) وللأصيلي: حدّثنا ( شعيب) هو ابن أبي حمزة، دينار ( عن) ابن شهاب محمد بن مسلم ( الزهري قال: حدّثني) بالإفراد ( عبد الرحمن بن هرمز) الأعرج ( مولى بني عبد المطلب) نسبه لجد مواليه الأعلى ( - قال) الزهري ( مرة، مولى ربيعة بن الحرث-) بن عبد المطلب، فنسبه لمولاه الحقيقي، فلا منافاة بينهما: ( إن عبد الله بن بحينة) بضم الموحدة وفتح المهملة، اسم أمه، ( وهو) أي ابن بحينة ( من أزد شنوأة) بفتح الهمزة وسكون الزاي بعدها دال مهملة في الأولى، وفتح الشين وضم النون وفتح الهمزة في الثانية، بوزن فعولة، قبيلة مشهورة ( وهو) أي ابن بحينة أيضًا ( حليف لبني عبد مناف) بالحاء المهملة، لأن جدّه حالف المطلب بن عبد المناف ( وكان من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) هو مقول التابعي الراوي عنه، ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صلّى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين) إلى الثالثة حال كونه ( لم يجلس) للتشهد، ولابن عساكر، ولم يجلس، بالواو.
وفي مسلم، بالفاء ( فقام الناس معه) زاد الضحاك بن عثمان، عن الأعرج فيما رواه ابن خزيمة: فسبحوا به، فمضى ( حتى إذا قضى الصلاة) أي فرغ منها ( وانتظر الناس تسليمه، كبر وهو جالس) جملة حالية ( فسجد سجدتين) للسهو بعد التشهد ( قبل أن يسلم، ثم سلم) فيه ندبية التشهد الأول، لأنه لو كان واجبًا لرجع وتداركه.
وهذا مذهب الجمهور، خلافًا لأحمد حيث قال: يجب، لأنه عليه الصلاة والسلام فعله وداوم عليه، وجبره بالسجود حين نسيه، وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي.
وتعقب: بأن جبره بالسجود، دليل عليه لا له، لأن الواجب لا يجبر بذلك، كالركوع وغيره.
وممّن قال بالوجوب أيضًا: إسحاق، وهو قول للشافعي، ورواية عند الحنفية.
وفي الحديث مباحث تأتي إن شاء الله تعالى في السهو.
ورواته ما بين حمصي ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة والسهو والنذور، ومسلم والنسائي وابن ماجة في الصلاة والله المعين.
147 - باب التَّشَهُّدِ فِي الأُولَى ( باب) مشروعية ( التشهد في) الجلسة ( الأولى) من الثلاثية والرباعية.
830 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظُّهْرَ، فَقَامَ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ.
فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ صَلاَتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهْوَ جَالِسٌ".
وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) بكسر العين، وسقط في رواية ابن عساكر لفظ: ابن سعيد ( قال: حدّثنا) وللأصيلي: أخبرنا ( بكر) بفتح الموحدة وسكون الكاف، وفي بعضها: بكر بن مضر ( عن جعفر بن ربيعة) بن شرحبيل المصري ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن عبد الله بن مالك ابن بحينة) بتنوين مالك، وكتابة ابن بعده بألف، وإعرابه إعراب عبد الله، لأن بحينة اسم أمه ( قال: صلّى بنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظهر، فقام وعليه جلوس) للتشهد الأوّل، ( فلما كان في آخرصلاته سجد سجدتين) للسهو ( وهو جالس) قبل أن يسلم وبعد أن تشهد.
قيل وفيه إشعار بالوجوب حيث قال: فقام وعليه جلوس، وفيه نظر.
148 - باب التَّشَهُّدِ فِي الآخِرَةِ ( باب) وجوب ( التشهد في) الجلسة ( الآخرة) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَاجِبًا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَرْجِعْ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ ذَكَرَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ الْحُكْمَ وَدَلِيلَهُ وَلَمْ يَثْبُتِ الْحُكْمُ مَعَ ذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ بَابُ لَا يَجِبُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَسَبَبُهُ مَا يَطْرُقُ الدَّلِيلَ الْمَذْكُورَ مِنَ الِاحْتِمَالِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى مُعَارَضَتِهِ فِي التَّرْجَمَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ حَيْثُ أَوْرَدَهَا بِنَظِيرِ مَا أَوْرَدَ بِهِ للتَّرْجَمَة الَّتِي بَعْدَهَا وَفِي لَفْظِ حَدِيثِ الْبَابِ فِيهَا مَا يُشْعِرُ بِالْوُجُوبِ حَيْثُ قَالَ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ التَّشَهُّدِ وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَرَجَعَ إِلَيْهِ لَمَّا سَبَّحُوا بِهِ بَعْدَ أَنْ قَامَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ فِي أَبْوَابِ سُجُودِ السَّهْوِ وَيعرف مِنْهُ أَن قَول نَاصِر الدّين بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَسَبَّحُوا بِهِ وَلَمْ يُسَارِعُوا إِلَى الْمُوَافَقَةِ عَلَى التَّرْكِ غَفْلَةٌ عَنِ الرِّوَايَةِ الْمَنْصُوصِ فِيهَا عَلَى أَنَّهُمْ سبحوا بِهِ قَالَ بن بَطَّالٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ لَا يَنُوبُ عَنِ الْوَاجِبِ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَمْ تُجْبَرْ فَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ لَا يُجْهَرُ بِهِ بِحَالٍ فَلَمْ يَجِبْ كَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ بِتَقْرِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ عَلَى مُتَابَعَتِهِ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ تَعَمَّدُوا تَرْكَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَمِمَّنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ اللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَاحْتَجَّ الطَّبَرِيُّ لِوُجُوبِهِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ أَوَّلًا رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ التَّشَهُّدُ فِيهَا وَاجِبًا فَلَمَّا زِيدَتْ لَمْ تَكُنِ الزِّيَادَةُ مُزِيلَةً لِذَلِكَ الْوَاجِبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا هُمَا الْفَرْضَ الْأَوَّلَ وَالْمَزِيدُ هُمَا الركعتان الأولتان بِتَشَهُّدِهِمَا وَيُؤَيِّدُهُ اسْتِمْرَارُ السَّلَامِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ كَمَا كَانَ وَاحْتُجَّ أَيْضًا بِأَنَّ مَنْ تَعَمَّدْ تَرْكَ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا لَا يَرِدُ لِأَنَّ مَنْ لَا يُوجِبُهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِتَرْكِهِ .

     قَوْلُهُ  التَّشَهُّدَ هُوَ تَفَعُّلٌ مِنْ تَشَهَّدَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النُّطْقِ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ تَغْلِيبًا لَهَا عَلَى بَقِيَّةِ أَذْكَارِهِ لِشَرَفِهَا

[ قــ :807 ... غــ :829] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ هُوَ الْأَعْرَجُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

     وَقَالَ  مَرَّةً أَيِ الزُّهْرِيُّ مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَذَكَرَهُ أَوَّلًا بِجَدِّ مَوَالِيهِ الْأَعْلَى وَثَانِيًا بِمَوْلَاهُ الْحَقِيقِيِّ .

     قَوْلُهُ  أَزْدِ شَنُوءَةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ ثُمَّ مُعْجَمَةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ نُونٌ مَضْمُومَةٌ وَهَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَزْنَ فَعُولَةٍ قَبِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ .

     قَوْلُهُ  حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ صَوَابٌ لِأَنَّ جَدَّهُ حَالَفَ الْمُطَّلِبَ بْنَ عبد منَاف قَالَه بن سَعْدٍ وَغَيْرُهُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي أَبْوَابِ سُجُودِ السَّهْوِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ أَيْ للتَّشَهُّد وَوَقع فِي رِوَايَة بن عَسَاكِرَ وَلَمْ يَجْلِسْ بِزِيَادَةِ وَاوٍ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَلَمْ يَجْلِسْ بِالْفَاءِ وَسَيَأْتِي فِي السَّهْوِ كَذَلِك قَالَ بن رَشِيدٍ إِذَا أُطْلِقَ فِي الْأَحَادِيثِ الْجُلُوسُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَالْمُرَادُ بِهِ جُلُوسُ التَّشَهُّدِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
من لم يرى التشهد الأول واجباً
لان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قام من الركعتين ولم يرجع
[ قــ :807 ... غــ :829 ]
- حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري: حدثني عبد الرحمن بن هرمز مولى بني عبد المطلب - وقال مرة: مولى ربيعة بن الحارث - أن عبد الله بن بحينه - وهو من أزد شنوءة، وهو حليف لبني عبد مناف، وكان من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين، لم يجلس، فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس، فسجد سجدتين قبل أن
يسلم، ثم سلم.

عبد الرحمن بن هرمز: هو الأعرج؛ وهو مولى ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب، فلذلك نسبه الزهري مرة إلى ولاء بني عبد المطلب، ومرة إلى مولاه.

وقد استدل بهذا الحديث كثير من العلماء - كما أشار إليه البخاري - على أن التشهد الأول ليس بواجب؛ لأن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نسيه، ولم يرجع بعد قيامه إلى الركعة الثالثة.
وممن ذهب إلى أن التشهد الأول والجلوس لهُ سنة لا تبطل الصَّلاة بتركهما عمداً: النخعي وأبو حنيفة وإلاوزاعي ومالك والشافعي وحكي رواية عن أحمد.
والمنصوص عن أحمد: إنكار تسميته سنة، وتوقف في تسميته فرضاً؛ وقال: هو أمر أمر به
رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقال الثوري وأحمد – في ظاهر مذهبه – وإسحاق وأبو ثور وداود: أن ترك واحداً منها عمداً بطلت الصلاة، وإن تركه سهواً سجد لسهو.
وحكى الطحاوي مثله عن مالك.

لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يداوم عليه، وقال: ( ( صلوا كما رأيتموني أصلي) ) ، وإنما تركه نسياناً، وجبره بسجود السهو، وقد روى عنه الأمر به.
كما خرّجه أبو دواد من حديث رفاعة بن رافع، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للمسيء في صلاته: ( ( فإذا جلست في وسط الصلاة فأطمئن وأفترش فخذك اليسرى ثم تشهد) ) .

والعجب أن من المخالفين في ذلك من يقول في خطبتي الجمعة: إذا لم تجلس بينهما لم تصح الخطبة، وهو يقول: لو صلى الظهر أربعاً من غير جلوس في وسطها صحت صلاته.

وأما التشهد الأخر والجلوس به، فقال كثير من العلماء: إنهما من فرائض
الصلاة، ومن تركهما لم تصح صلاته، وهو قول الحسن ومكحول ونافع مولى ابن عمر والشافعي وأحمد - في ظاهر مذهبه - وإسحاق وأبي ثور وداود.

وحكى ابن المنذر مثله عن مالك، إلا أنه قال: إذا نسيه خلف الإمام حمله
عنه، وروي عن إلاوزاعي نحوه.
ونقل مهنا عن أحمد ما يدل على مثل ذلك.
وقال أبو مصعب: من ترك التشهد بطلت صلاته، ونقله عن مالك وأهل المدينة.
وقالت طائفة: هو سنة كالتشهد الأول، لا تبطل الصلاة بتركه، منهم: النخعي وقتادة وحماد وإلاوزاعي، وهو المشهور عن مالك.

ونقل محمد بن يحيى الكحال، عن أحمد، فيمن سلم ولم يتشهد: لا إعادة، واستدل بحديث ابن بحينه.
ونقل ابن وهب، عن مالك، قال: كل أحد يحسن
التشهد؟ وإذا ذكر الله أجزاء عنه.

وقال أحمد - في رواية عنه، نقلها حرب -: إذا لم يقدر أن يتعلم التشهد يدعو بما أحب.
وأوجب أبو حنيفة الجلوس له بقدر التشهد، دون التشهد، وهو رواية عن الثوري.

وروي عنه: أن أحدث قبل التشهد تمت صلاته.
وحكي القول بأنه رواية عن أحمد - أيضاً - حكاه عنه الترمذي في ( ( جامعه) ) ، فأنه قال في رواية ابن منصور، وقد قيل: فأن لم يتشهد وسلم؟ قال: التشهد أهون؛ قام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثنتين ولم يتشهد فحمله هؤلاء على أن التشهد غير واجب.

ومنهم من حملة على التشهد الأول؛ لاستدلاله عليهِ الحديث، والحديث إنما ورد في الأول، وقالوا: قد فرق بين الأول والثاني في روايات آخر عنه.
وقال طائفة: هوَ واجب، تبطل الصَّلاة بتركه عمداً، ويسجد لسهوه، وهو قول الزهيري والثوري، وحكي عن إلاوزاعي - أيضاً - ونقله إسماعيل بن سعيد وأبو طالب وغيرهما عن
أحمد.

وذكر أبو حفص البرمكي من أصحابنا: أن هذا هو مذهب أحمد، وأنه لا فرق عنده بين التشهد الأول والثاني، وإنهما واجبان تبطل الصلاة بتركهما عمداً، ويسجد لسهوهما.

وهو - أيضاً - قول أبي خيثمة وسليمان بن داود الهاشمي وابن أبي شيبة واستدل من قال:
أنه فرض، بما روي عن ابن مسعود، أنه قال: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: ( ( السلام على الله) ) - الحديث، وذكر فيه أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهم بالتشهد وتعليمه لهم.

خرّجه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح.

وخرّج البزار والطبراني من حديث ابن مسعود، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علمهم التشهد، وقال لهم: ( ( تعلموا؛ فإنه لا صلاة إلا بتشهد) ) .
وفي إسناده أبو حمزة، ضعيف جداً.

وخرّج الطبراني نحوه من حديث علي مرفوعاً، بإسناد لا يصح.
وقد روى موقوفاً على ابن مسعود، وهو أشبه.

وروى شعبة، عن مسلم أبي النضر، قال: سمعت حملة بن عبد الرحمن، عن
عمر، أنه قالَ: لا تجزي صلاة إلا بتشهد.
خرّجه الجوزجاني وغيره.

وفي رواية: قالَ: من لم يشهد فلا صلاة لهُ.
وخرّجه البهقي، وعنده التصريح بسماع حملة لهُ من عمر.

* * *

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ لَمْ يَرَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ وَاجِبًا لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَرْجِعْ
( باب من لم ير التشهد الأوّل) في الجلسة الأولى من الرباعية والثلاثية ( واجبًا) .

والتشهد: تفعل من تشهد، سمي بذلك لاشتماله على النطق بشهادة الحق، تغليبًا له على بقية أذكاره لشرفها، وهو من باب إطلاق اسم البعض على الكل.

وقد استدلّ المؤلّف لما ترجم له بقوله: ( لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قام من الركعتين ولم يرجع) إلى التشهد، ولو كان واجبًا لرجع إليه لما سبحوا به، كما سيأتي إن شاء الله تعالى قريبًا.


[ قــ :807 ... غــ : 829 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -وَقَالَ مَرَّةً: مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ- أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ وَهْوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ! فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاَةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهْوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ".
[الحديث 829 - أطرافه في: 830، 1224، 1225، 1230، 6670] .

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال: أخبرنا) وللأصيلي: حدّثنا ( شعيب) هو ابن أبي حمزة، دينار ( عن) ابن شهاب محمد بن مسلم ( الزهري قال: حدّثني) بالإفراد ( عبد الرحمن بن هرمز) الأعرج ( مولى بني عبد المطلب) نسبه لجد مواليه الأعلى ( - قال) الزهري ( مرة، مولى ربيعة بن الحرث-) بن عبد المطلب، فنسبه لمولاه الحقيقي، فلا منافاة بينهما: ( إن عبد الله بن بحينة) بضم الموحدة وفتح المهملة، اسم أمه، ( وهو) أي ابن بحينة ( من أزد شنوأة) بفتح

الهمزة وسكون الزاي بعدها دال مهملة في الأولى، وفتح الشين وضم النون وفتح الهمزة في الثانية، بوزن فعولة، قبيلة مشهورة ( وهو) أي ابن بحينة أيضًا ( حليف لبني عبد مناف) بالحاء المهملة، لأن جدّه حالف المطلب بن عبد المناف ( وكان من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) هو مقول التابعي الراوي عنه، ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صلّى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين) إلى الثالثة حال كونه ( لم يجلس) للتشهد، ولابن عساكر، ولم يجلس، بالواو.
وفي مسلم، بالفاء ( فقام الناس معه) زاد الضحاك بن عثمان، عن الأعرج فيما رواه ابن خزيمة: فسبحوا به، فمضى ( حتى إذا قضى الصلاة) أي فرغ منها ( وانتظر الناس تسليمه، كبر وهو جالس) جملة حالية ( فسجد سجدتين) للسهو بعد التشهد ( قبل أن يسلم، ثم سلم) فيه ندبية التشهد الأول، لأنه لو كان واجبًا لرجع وتداركه.

وهذا مذهب الجمهور، خلافًا لأحمد حيث قال: يجب، لأنه عليه الصلاة والسلام فعله وداوم عليه، وجبره بالسجود حين نسيه، وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي.
وتعقب: بأن جبره بالسجود، دليل عليه لا له، لأن الواجب لا يجبر بذلك، كالركوع وغيره.

وممّن قال بالوجوب أيضًا: إسحاق، وهو قول للشافعي، ورواية عند الحنفية.

وفي الحديث مباحث تأتي إن شاء الله تعالى في السهو.

ورواته ما بين حمصي ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة والسهو والنذور، ومسلم والنسائي وابن ماجة في الصلاة والله المعين.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَن لَمْ يَرَ التَّشَهُّدَ الأولَ وَاجِبا لِأَن النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ ولَمْ يَرْجِعْ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم من لم ير التَّشَهُّد الأول فِي الجلسة الأولى من الثلاثية أَو الرّبَاعِيّة، وَالْمرَاد من التَّشَهُّد تشهد الصَّلَاة، وَهُوَ التَّحِيَّات، سمي تشهدا لِأَن فِيهِ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَهُوَ تفعل من الشَّهَادَة.
فَإِن قلت: فِي التَّحِيَّات أَشْيَاء غير التَّشَهُّد، فَمَا وَجه التَّخْصِيص بِلَفْظ التَّشَهُّد؟ قلت: لشرفه على غَيره من حَيْثُ إِنَّه كَلَام بِهِ يصير الشَّخْص مُؤمنا ويرتفع عَنهُ السَّيْف، وينتظم فِي سلك الْمُوَحِّدين الَّذِي بِهِ النجَاة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَالْبُخَارِيّ مِمَّن يرى عدم وجود التَّشَهُّد الأول.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : أجمع فُقَهَاء الْأَمْصَار، أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَاللَّيْث وَأَبُو ثَوْر: على أَن التَّشَهُّد الأول غير وَاجِب، حاشا أَحْمد، فَإِنَّهُ أوجبه.
كَذَا نَقله ابْن الْقصار، وَنَقله ابْن التِّين أَيْضا عَن اللَّيْث وَأبي ثَوْر.
وَفِي ( شرح الْهِدَايَة) : قِرَاءَة التَّشَهُّد فِي الْقعدَة الأولى وَاجِبَة عِنْد أبي حنيفَة، وَهُوَ الْمُخْتَار وَالصَّحِيح، وَقيل: سنة وَهُوَ الأقيس، لكنه خلاف ظَاهر الرِّوَايَة، وَفِي ( الْمُغنِي) : إِن كَانَت الصَّلَاة مغربا أَو ربَاعِية فهما واجبان فيهمَا على إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَب اللَّيْث وَإِسْحَاق لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله وداوم عَلَيْهِ وَأمر بِهِ فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس بقوله: ( قُولُوا التَّحِيَّات لله) وجبره بِالسُّجُود حِين نَسيَه،.

     وَقَالَ : ( صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) وَفِي مُسلم: عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: ( وَكَانَ يَقُول فِي كل رَكْعَتَيْنِ: التَّحِيَّة) وللنسائي من حَدِيث ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا: ( إِذا قعدتم فِي كل رَكْعَتَيْنِ فَقولُوا: التَّحِيَّات.
.
)
الحَدِيث، وَحَدِيث الْمُسِيء وَحَدِيث رِفَاعَة الَّذِي مضى، وَرُوِيَ عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ يَقُول: من لم يتَشَهَّد فَلَا صَلَاة لَهُ.
وَحجَّة الْجُمْهُور هُوَ قَوْله: لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ، يَعْنِي قَامَ إِلَى الثَّالِثَة وَترك التَّشَهُّد وَلم يرجع إِلَى التَّشَهُّد، وَلَو كَانَ وَاجِبا لوَجَبَ عَلَيْهِ التَّدَارُك حِين علم تَركه مَا أَتَى بِهِ، بل جبره بسجود السَّهْو..
     وَقَالَ  التَّيْمِيّ: سُجُوده نَاب عَن التَّشَهُّد وَالْجُلُوس، وَلَو كَانَا واجبين لم ينب منابهما سُجُود السَّهْو، كَمَا لَا يَنُوب عَن الرُّكُوع وَسَائِر الْأَركان، وَاحْتج الطَّبَرِيّ لوُجُوبه: بِأَن الصَّلَاة فرضت أَولا رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ التَّشَهُّد فِيهَا وَاجِبا، فَلَمَّا زيدت لم تكن الزِّيَادَة مزيلة لذَلِك.
وَأجِيب بِأَن الزِّيَادَة لم تتَعَيَّن فِي الْأُخْرَيَيْنِ بل يحْتَمل، أَن تَكُونَا هما الْفَرْض الأول والمزيد هما الركعتان الأوليان بتشهدهما، وَيُؤَيِّدهُ اسْتِمْرَار السَّلَام بعد التَّشَهُّد الْأَخير كَمَا كَانَ، وَفِيه نظر يخفى.



[ قــ :807 ... غــ :829 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبَرَنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدَّثني عَبْدُ الرَّحْمنِ بنْ هُرْمُزَ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ وقالَ مَرَّةً مَوْلَى بَنِي رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ أنَّ عَبْدَ الله بنَ مالِكٍ ابنِ بُحَيْنَةَ وَهْوَ مِنْ أزْدِ شنُوءَةَ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وكانَ مِنْ أصْحَابِ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَّى بِهِمُ الظهْرَ فقامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ فقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلاَةَ وانْتَظَرَ الناسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهْوَ جالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما ترك التَّشَهُّد الأول من صَلَاة الظّهْر الَّذِي صلى بهم، لم يرجع إِلَيْهِ، فَلَو كَانَ التَّشَهُّد الأول وَاجِبا لرجع إِلَيْهِ كَمَا ذكرنَا.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة ذكرُوا: أَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب ابْن أبي حَمْزَة وَاسم أبي حَمْزَة: دِينَار، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، بِالْهَاءِ وَالْمِيم المضمومتين بَينهمَا رَاء سَاكِنة: هُوَ الْأَعْرَج، وَعبد الله بن مَالك ابْن بُحَيْنَة، بِضَم الْمُوَحدَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح النُّون: وَهُوَ اسْم أم عبد الله.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن الْأَوَّلين من الروَاة حمصيان والإثنان بعدهمَا مدنيان.
وَفِيه: ذكر عبد الله ابْن مَالك باسم أَبِيه وبنسبته إِلَى أمه.
وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: شَهَادَة الرَّاوِي التَّابِعِيّ أَن عبد الله بن مَالك من الصَّحَابَة.
وَفِيه: ذكر الزُّهْرِيّ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز أَولا بمولى بني عبد الْمطلب، وَثَانِيا بمولى بني ربيعَة بن الْحَارِث، وَلَا مُنَافَاة بَينهمَا، لِأَنَّهُ ذكر أَولا بجد موَالِيه الْأَعْلَى، وَثَانِيا بمولاه الْحَقِيقِيّ، وَهُوَ ربيعَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب، وَفِيه: ذكر عبد الله بن مَالك مَنْسُوبا إِلَى قبيلته وَهُوَ أَزْد شنُوءَة، وَهِي قَبيلَة مَشْهُورَة، وأزد، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الزَّاي بعْدهَا الدَّال الْمُهْملَة، وشنوءة، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَضم النُّون وَفتح الْهمزَة على وزن: فعولة.
وَفِيه: أَنه حَلِيف لبني عبد منَاف، وَهُوَ صَحِيح، لِأَن جده حَالف الْمطلب بن عبد منَاف.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن عبد الله بن يُوسُف وَعَن قُتَيْبَة وَفِي السَّهْو عَن قُتَيْبَة وَفِي النذور عَن آدم.
وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن يحيى بن يحيى وَعَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح وَعَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي وَعَن عَمْرو بن عُثْمَان.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَعَن أبي الطَّاهِر وَعَن يحيى بن حبيب وَعَن سُوَيْد بن نصر وَعَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود وَعَن سُلَيْمَان بن مُسلم وَعَن مَحْمُود بن غيلَان.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَعبد الله بن نمير.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( لم يجلس) جملَة حَالية أَي: لم يجلس للتَّشَهُّد، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: ( فَلم يجلس) بِالْفَاءِ، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: ( وَلم يجلس) بِزِيَادَة: وَاو.
قَوْله: ( حَتَّى إِذا قضى الصَّلَاة) أَي: أَدَّاهَا وتممها، وَالْقَضَاء يَأْتِي بِمَعْنى الْأَدَاء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى وَفِيه: { فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض} ( الْجُمُعَة: 10) .
أَي: فَإِذا أدّيت.
قَوْله: ( وَهُوَ جَالس) جملَة حَالية.
قَوْله: ( سَجْدَتَيْنِ) أَي: سَجْدَتي السَّهْو.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن التَّشَهُّد الأول غير وَاجِب لقَوْله: ( لم يجلس) ، وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ مستقصى.
وَفِيه: أَن الإِمَام إِذا سَهَا وَاسْتمرّ بِهِ السَّهْو حَتَّى يَسْتَوِي قَائِما فِي مَوضِع قعوده للتَّشَهُّد الأول تبعه الْقَوْم، قَالَ الْخطابِيّ: فِيهِ أَن مَوضِع سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام، وَمن فرق بِأَن السَّهْو إِذا كَانَ من نُقْصَان سجد قبل السَّلَام، وَإِذا كَانَ من زِيَادَة سجد بعد السَّلَام، لم يرجع فِيمَا ذهب إِلَيْهِ إِلَى فرق صَحِيح.
قلت: قَوْله: مَوضِع سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام، هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد فِي رِوَايَة، وَهُوَ مَذْهَب الزُّهْرِيّ وَمَكْحُول وَرَبِيعَة وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث بن سعد،.

     وَقَالَ  ابْن قدامَة فِي ( الْمُغنِي) : السُّجُود كُله عِنْد أَحْمد قبل السَّلَام إلاّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ اللَّذين ورد النَّص بسجودهما بعد السَّلَام، وهما: إِذا سلم من نقص فِي صلَاته، أَو تحرى الإِمَام فَبنى على غَالب ظَنّه، وَمَا عداهما يسْجد لَهُ قبل السَّلَام، نَص على هَذَا فِي رِوَايَة الْأَثْرَم.
وَالْجَمَاعَة المذكورون احْتَجُّوا بِحَدِيث الْبابُُ، وَقَول الْخطابِيّ: وَمن فرق بِأَن السَّهْو ... إِلَى آخِره، أَشَارَ بِهِ إِلَى مَذْهَب مَالك، فَإِنَّهُ فصل،.

     وَقَالَ : إِن سُجُود السَّهْو للنقصان قبل السَّلَام وللزيادة بعد السَّلَام، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو ثَوْر أَيْضا وَنَفر من الْحِجَازِيِّينَ.
وَأجَاب الْكرْمَانِي عَن قَول الْخطابِيّ: لم يرجع فِيمَا ذهب إِلَيْهِ إِلَى فرق صَحِيح، بِأَن الْفرق صَحِيح، لِأَنَّهُ قَالَ: السُّجُود فِي النُّقْصَان لجبر مَا فَاتَ لَهُ من الصَّلَاة، فَنَاسَبَ أَن يتداركه فِي نفس الصَّلَاة، وَفِي الزِّيَادَة لترغيم الشَّيْطَان، فَنَاسَبَ خَارج الصَّلَاة.
قلت: هَذَا دَلِيل عَقْلِي، فلِمَ لَمْ يقل فِي رده على الْخطابِيّ: إِن مَالِكًا عمل فِي النُّقْصَان بِحَدِيث ابْن بُحَيْنَة، وَهُوَ حَدِيث الْبابُُ، وَبِحَدِيث مُعَاوِيَة أخرجه النَّسَائِيّ: ( أَنه صلى إمَامهمْ فَقَامَ فِي الصَّلَاة وَعَلِيهِ جُلُوس فسبح النَّاس فتم على قِيَامه ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس بعد أَن أتم الصَّلَاة، ثمَّ قعد على الْمِنْبَر فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من نسي شَيْئا من صلَاته فليسجد مثل هَاتين السَّجْدَتَيْنِ) .
وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بأصرح مِنْهُ، وَلَفظه: ( أَن مُعَاوِيَة صلى بهم فَقَامَ وَعَلِيهِ جُلُوس فَلم يجلس، فَلَمَّا كَانَ فِي آخر السَّجْدَة من صلَاته سجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم، فَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع) .
وَعمل فِي النُّقْصَان بِحَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ وَغَيره،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: وَحَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ مَحْمُول على أَن تَأْخِيره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد السَّلَام كَانَ عَن سَهْو، وَذَلِكَ أَن الصَّلَاة قد توالى فِيهَا السَّهْو وَالنِّسْيَان مَرَّات فِي أُمُور شَتَّى، فَلم يُنكر أَن يكون هَذَا مِنْهَا.
انْتهى.
قلت: أَشَارَ بِهِ إِلَى الْجَواب عَن حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ الَّذِي احْتج بِهِ أَصْحَابنَا، على أَن سَجْدَتي السَّهْو بعد السَّلَام، وَهَذَا غير سديد لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَة إِلَى حمل تَأْخِيره على السَّهْو..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: لِأَن جَمِيع الْعلمَاء قَائِلُونَ بِجَوَاز التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، ونزاعهم فِي الْأَفْضَل، فتأخيره مَحْمُول على بَيَان الْجَوَاز.
قلت: فِي قَوْله: ونزاعهم فِي الْأَفْضَل، فِيهِ نظر، لِأَن الْقَدُورِيّ قَالَ: لَو سجد للسَّهْو قبل السَّلَام، رُوِيَ عَن أَصْحَابنَا أَنه: لَا يجوز لِأَنَّهُ أَدَّاهُ قبل وقته، وَلَكِن قَالَ صَاحب ( الْهِدَايَة) : هَذَا الْخلاف فِي الْأَوْلَوِيَّة، وَكَذَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ فِي ( الْحَاوِي) وَابْن عبد الْبر وَغَيرهم، وأصحابنا احْتَجُّوا فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِحَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: ( صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَهَا، فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فسبحنا بِهِ، فَمضى، فَلَمَّا أتم الصَّلَاة وَسلم سجد سَجْدَتي السَّهْو) .
أخرجه الطَّحَاوِيّ وَالتِّرْمِذِيّ..
     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِأَحَادِيث رويت عَن جمَاعَة من الصخابة فِيهَا سُجُود السَّهْو بعد السَّلَام، وَقد بَينا ذَلِك فِي ( شرحنا لمعاني الْآثَار) لِلْحَافِظِ أبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وَمثل مَذْهَبنَا مَرْوِيّ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَجَمَاعَة من التَّابِعين، أما الصَّحَابَة فهم: عَليّ بن أبي طَالب وَسعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَبَّاس وعمار بن يَاسر وَعبد الله بن الزبير وَأنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَأما التابعون: فإبراهيم النَّخعِيّ وَابْن أبي ليلى وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَهُوَ مَذْهَب سُفْيَان الثَّوْريّ أَيْضا.