هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
879 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ هُوَ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يَقُولُ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَدَّ البَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلاَةِ ، وَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلاَةِ ، يَعْنِي الجُمُعَةَ ، قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ : أَخْبَرَنَا أَبُو خَلْدَةَ ، فَقَالَ : بِالصَّلاَةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الجُمُعَةَ ، وَقَالَ بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ : حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ ، قَالَ : صَلَّى بِنَا أَمِيرٌ الجُمُعَةَ ، ثُمَّ قَالَ لِأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ ؟
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
879 حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، قال : حدثنا حرمي بن عمارة ، قال : حدثنا أبو خلدة هو خالد بن دينار ، قال : سمعت أنس بن مالك ، يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة ، يعني الجمعة ، قال يونس بن بكير : أخبرنا أبو خلدة ، فقال : بالصلاة ولم يذكر الجمعة ، وقال بشر بن ثابت : حدثنا أبو خلدة ، قال : صلى بنا أمير الجمعة ، ثم قال لأنس رضي الله عنه : كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر ؟
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يَقُولُ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَدَّ البَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلاَةِ ، وَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلاَةِ ، يَعْنِي الجُمُعَةَ.

Narrated Anas bin Malik:

The Prophet (ﷺ) used to offer the prayer earlier if it was very cold; and if it was very hot he used to delay the prayer, i.e. the Jumua prayer.

Abu Khalda — C'estàdire Khâlid ben Dinar — dit: «J'ai entendu 'Anas ben Mâlik dire: Lorsque le froid était intense, le Prophète () faisait tôt la prière; lorsque la chaleur devient torride, il attendait la fraîcheur pour [accomplir] la prière. C'estàdire, celle du vendredi.»

":"ہم سے محمد بن ابی بکر مقدمی نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے حرمی بن عمارہ نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے ابوخلدہ جن کا نام خالد بن دینار ہے ، نے بیان کیا کہ میں نے انس بن مالک رضی اللہ عنہ سے سنا ، آپ نے فرمایا کہاگر سردی زیادہ پڑتی تو نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نماز سویرے پڑھ لیتے ۔ لیکن جب گرمی زیادہ ہوتی تو ٹھنڈے وقت نماز پڑھتے ۔ آپ کی مراد جمعہ کی نماز سے تھی ۔ یونس بن بکیر نے کہا کہ ہمیں ابوخلدہ نے خبر دی ۔ انہوں نے صرف نماز کہا ۔ جمعہ کا ذکر نہیں کیا اور بشر بن ثابت نے کہا کہ ہم سے ابوخلدہ نے بیان کیا کہ امیر نے ہمیں جمعہ کی نماز پڑھائی ۔ پھر حضرت انس رضی اللہ عنہ سے پوچھا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم ظہر کی نماز کس وقت پڑھتے تھے ؟

Abu Khalda — C'estàdire Khâlid ben Dinar — dit: «J'ai entendu 'Anas ben Mâlik dire: Lorsque le froid était intense, le Prophète () faisait tôt la prière; lorsque la chaleur devient torride, il attendait la fraîcheur pour [accomplir] la prière. C'estàdire, celle du vendredi.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [906] .

     قَوْلُهُ  وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ يَعْنِي الْجُمُعَةَ لَمْ يَجْزِمِ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِ التَّرْجَمَةِ لِلِاحْتِمَالِ الْوَاقِعِ فِي قَوْلِهِ يَعْنِي الْجُمُعَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ التَّابِعِيِّ أَوْ مَنْ دُونَهُ وَهُوَ ظَنٌّ مِمَّنْ قَالَهُ وَالتَّصْرِيحُ عَنْ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ الْمَاضِيَةِ أَنَّهُ كَانَ يُبَكِّرُ بِهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْمُعَلَّقَةُ الثَّانِيَةُ فَإِنَّ فِيهَا الْبَيَانَ بِأَنَّ قَوْلَهُ يَعْنِي الْجُمُعَةَ إِنَّمَا أَخَذَهُ قَائِلُهُ مِمَّا فَهِمَهُ مِنَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ عِنْدَ أَنَسٍ حَيْثُ اسْتَدَلَّ لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْجُمُعَةِ بِقَوْلِهِ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ حَرَمِيٍّ وَلَفْظُهُ سَمِعْتُ أَنَسًا وَنَادَاهُ يَزِيدُ الضَّبِّيُّ يَوْمَ جُمُعَةِ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَدْ شَهِدْتَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فَذَكَرَهُ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَهُ يَعْنِي الْجُمُعَةَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَلَفْظُهُ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ مَعَ الْحَكَمِ أَمِيرِ الْبَصْرَةِ عَلَى السَّرِيرِ يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ وَزَادَ يَعْنِي الظُّهْرَ وَالْحَكَمُ الْمَذْكُورُ هُوَ بن أبي عقيل الثَّقَفِيّ كَانَ نَائِبا عَن بن عَمِّهِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَكَانَ عَلَى طَرِيقَةِ بن عَمِّهِ فِي تَطْوِيلِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَكَادَ الْوَقْتُ أَنْ يَخْرُجَ وَقَدْ أَوْرَدَ أَبُو يَعْلَى قِصَّةَ يَزِيدَ الضَّبِّيِّ الْمَذْكُورِ وَإِنْكَارَهُ عَلَى الْحَكَمِ هَذَا الصَّنِيعَ وَاسْتِشْهَادَهُ بِأَنَسٍ وَاعْتِذَارَ أَنَسٍ عَنِ الْحَكَمِ بِأَنَّهُ أَخَّرَ لِلْإِبْرَادِ فَسَاقَهَا مُطَوَّلَةٌ فِي نَحْوِ وَرَقَةٍ وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْإِبْرَادَ بِالْجُمُعَةِ عِنْدَ أَنَسٍ إِنَّمَا هُوَ بِالْقِيَاسِ عَلَى الظُّهْرِ لَا بِالنَّصِّ لَكِنَّ أَكْثَرَ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بِشْرِ بْنِ ثَابِتٍ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ كَانَ إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ بَكَّرَ بِالظُّهْرِ وَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ أَبْرَدَ بِهَا وَعُرِفَ مِنْ طَرِيقِ الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ تَسْمِيَةُ الْأَمِيرِ الْمُبْهَمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَمِنْ رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْرِهِ سَبَبُ تَحْدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِذَلِكَ حَتَّى سَمِعَهُ أَبُو خَلْدَةَ.

     وَقَالَ  الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ نَحَا الْبُخَارِيُّ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْإِبْرَادِ بِالْجُمُعَةِ وَلَمْ يَبُتَّ الْحُكْمَ بِذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَعْنِي الْجُمُعَةَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ التَّابِعِيِّ مِمَّا فَهِمَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَقْلِهِ فَرَجَحَ عِنْدَهُ إِلْحَاقُهَا بِالظُّهْرِ لِأَنَّهَا إِمَّا ظُهْرٌ وَزِيَادَةٌ أَوْ بَدَلٌ عَنِ الظُّهْرِ وَأَيَّدَ ذَلِكَ قَوْلُ أَمِيرِ الْبَصْرَةِ لِأَنَسٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَجَوَابُ أَنَسٍ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارِ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  أَيْضًا إِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِبْرَادَ يُشْرَعُ فِي الْجُمُعَةِ أُخِذَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تُشْرَعُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِأَنَّهُ لَوْ شُرِعَ لَمَا كَانَ اشْتِدَادُ الْحَرِّ سَبَبًا لِتَأْخِيرِهَا بَلْ كَانَ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِتَعْجِيلِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بن بَطَّالٍ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْجُمُعَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ لِأَنَّ أَنَسًا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي جَوَابِهِ خِلَافًا لِمَنْ أَجَازَ الْجُمُعَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَفِيهِ إِزَالَةُ التَّشْوِيشِ عَنِ الْمُصَلِّي بِكُلِّ طَرِيقٍ مُحَافَظَةً عَلَى الْخُشُوعِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ فِي مُرَاعَاة الْإِبْرَاد فِي الْحر دون الْبرد( قَولُهُ بَابُ الْمَشْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَقَوْلُ اللَّهِ جلّ ذكره فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله) وَمَنْ قَالَ السَّعْيُ الْعَمَلُ وَالذَّهَابُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وسعى لَهَا سعيها قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ لَمَّا قَابَلَ اللَّهُ بَيْنَ الْأَمر بالسعى وَالنَّهْي عَن البيع دلّ على أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّعْيِ الْعَمَلُ الَّذِي هُوَ الطَّاعَةُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُقَابَلُ بِسَعْيِ الدُّنْيَا كَالْبَيْعِ وَالصِّنَاعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ سَعْيُ الْآخِرَةِ وَالْمَنْهِيَّ عَنْهُ سَعْيُ الدُّنْيَا وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالك أَنه سَأَلَ بن شِهَابٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ كَانَ عُمَرُ يَقْرَؤُهَا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ فَامْضُوا وَكَأَنَّهُ فَسَّرَ السَّعْيَ بِالذَّهَابِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا السَّعْيُ الْعَمَلُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْض.

     وَقَالَ  وَأما من جَاءَك يسْعَى قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ السَّعْيُ الِاشْتِدَادَ اه وَقِرَاءَةُ عُمَرَ الْمَذْكُورَةُ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي التَّفْسِيرِ وَقَدْ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ لَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى أَنَّ السَّعْيَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْآيَةِ غَيْرُ السَّعْيِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ وَالْحُجَّةُ فِيهِ أَنَّ السَّعْيَ فِي الْآيَةِ فُسِّرَ بِالْمُضِيِّ وَالسَّعْيَ فِي الْحَدِيثِ فُسِّرَ بِالْعَدْوِ لِمُقَابَلَتِهِ بِالْمَشْيِ حَيْثُ قَالَ لَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا تَمْشُونَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ يَحْرُمُ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ أَيْ إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ وَهَذَا الْأَثر ذكره بن حزم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ لَا يَصْلُحُ الْبَيْعُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يُنَادَى لِلصَّلَاةِ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَاشْتَرِ وبع وَرَوَاهُ بن مردوية من وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا وَإِلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَابْتِدَاؤُهُ عِنْدَهُمْ مِنْ حِينِ الْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيِالْإِمَامِ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ أَنَّ النِّدَاءَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَذِّنُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ حِينَ يَخْرُجُ الْإِمَامُ وَذَلِكَ النِّدَاءُ الَّذِي يَحْرُمُ عِنْدَهُ الْبَيْعُ وَهُوَ مُرْسَلٌ يُعْتَضَدُ بِشَوَاهِدَ تَأْتِي قَرِيبًا.

.
وَأَمَّا الْأَذَانُ الَّذِي عِنْدَ الزَّوَالِ فَيَجُوزُ عِنْدَهُمُ الْبَيْعُ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَلَا يَحْرُمُ وَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ هَلْ يَقْتَضِي الْفَسَادَ مُطْلَقًا أَوْ لَا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عَطَاءٌ تَحْرُمُ الصِّنَاعَاتُ كُلُّهَا وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ بِلَفْظِ إِذَا نُودِيَ بِالْأَذَانِ حَرُمَ اللَّهْوُ وَالْبَيْعُ وَالصِّنَاعَاتُ كُلُّهَا وَالرُّقَادُ وَأَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَأَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلَخْ لَمْ أَرَهُ مِنْ رِوَايَة إِبْرَاهِيم وَقد ذكره بن الْمُنْذِرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَقِيلَ عَنْهُ هَكَذَا وَقِيلَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ إِنَّهُ لَا جُمُعَةَ عَلَى مُسَافِرٍ كَذَا رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَهُوَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ اه وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ عَلَى حَالَيْنِ فَحَيْثُ قَالَ لَا جُمُعَةَ عَلَى مُسَافِرٍ أَرَادَ عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ وَحَيْثُ قَالَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ أَرَادَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ وَيُمْكِنُ أَنْ تُحْمَلَ رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ هَذِهِ عَلَى صُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَهُوَ إِذَا اتَّفَقَ حُضُورُهُ فِي مَوْضِعٍ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ فَسَمِعَ النِّدَاءَ لَهَا لَا أَنَّهَا تَلْزَمُ الْمُسَافِرُ مُطْلَقًا حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ السَّفَرُ قَبْلَ الزَّوَالِ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي يَدْخُلُهَا مُجْتَازًا مَثَلًا وَكَأَنَّ ذَلِكَ رَجَحَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَيَتَأَيَّدُ عِنْدَهُ بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله فَلَمْ يَخُصَّ مُقِيمًا مِنْ مُسَافِرٍ.

.
وَأَمَّا مَا احْتج بِهِ بن الْمُنْذِرِ عَلَى سُقُوطِ الْجُمُعَةِ عَنِ الْمُسَافِرِ بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِعَرَفَةَ وَكَانَ يَوْمَ جُمُعَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا جُمُعَةَ عَلَى مُسَافِرٍ فَهُوَ عَمَلٌ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ الصُّورَةَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا.

     وَقَالَ  الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ قَرَّرَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِثْبَاتَ الْمَشْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِقَوْلِ مَنْ فَسَّرَهَا بِالذَّهَابِ الَّذِي يَتَنَاوَلُ الْمَشْيَ وَالرُّكُوبَ وَكَأَنَّهُ حَمَلَ الْأَمْرَ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ عَلَى عُمُومِهِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فَتَدْخُلُ الْجُمُعَةُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِسْرَاعِ فِي حَالِ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ أَيْضًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [906] حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي: ثنا حرمي بن عمارةً: ثناابو خلدة –هو: خالد بن دينار -، قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذا أشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا أشتد الحر أبرد بالصلاة –يعني: الجمعة.
وقال يونس بن بكير: أنا أبو خلدة، وقال: ( ( بالصلاة) ) ، ولم يذكر: ( ( الجمعة) ) .
وقال بشر بن ثابت: ثنا أبو خلدة: صلى بنا أمير المؤمنين الجمعة، ثم قال لأنسٍ: كيف كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي الظهر؟ خرّج الإسماعيلي في ( ( صحيحه) ) –وهو ( ( المستخرج على صحيح البخاري) ) –من طريق هارون بن عبد الله، عن حرمي بن عمارة: حدثني أبو خلدة، قالَ: سمعت أنس بن مالكٍ –وناداه يزيد الضبي: يا أبا حمزة، قد شهدت الصَّلاة مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وشهدت الصَّلاة معنا، فكيف كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي الجمعة؟ - فقال: كان إذا أشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا أشتد الحر أبرد بالصلاة.
وخرّجه –أيضاً - من رواية محمد بن المثنى، عن حرمي، ولم يذكر في حديثه: ( ( الجمعة) ) .
وخرّج –أيضاً - رواية يونس بن بكير التي علقها البخاري، ولفظحديثه: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان الحر أبرد بالصلاة، وإذا كان البرد بكر بها –يعني: الظهر.
وخرّج - أيضاً - حديث بشر بن ثابت الذي علقه البخاري - أيضاً -، ولفظ حديثه: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان الشتاء يبكر بالظهر، وإذا كان الصيف أبرد بها، ولكن يصلي العصر والشمس بيضاء.
وخرّجه البيهقي من رواية بشر بن ثابت – بهذا المعنى.
وخرّج - أيضاً - رواية يونس بن بكيرٍ: ثنا أبو خلدة: سمعت أنس بن مالكٍ – وهو جالسٌ مع الحكم أمير البصرة على السرير – يقول: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان الحر أبرد بالصلاة، وإذا كان البرد بكر بالصلاة.
وروى هذا الحديث – أيضاً – خالد بن الحارث: ثنا أبو خلدة، أن الحكم ابن أيوب أخر الجمعة يوماً، فتكلم يزيد الضبي.
وقال: دخلنا الدار وأنس معه على السرير، فقال له يزيد: يا أبا حمزة، قد صليت مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحضرت صلاتنا، فأين صلاتنا من صلاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقال: إذا كان الحر برد بالصلاة، وإذا كان البرد يبكر بالصلاة، ولم يسمعه، ولكنه قد شهد الأمر.
خرّجه النسائي في ( ( كتاب الجمعة) ) .
وهذه الرواية تخالف رواية البخاري التي فيها التصريح بالسماع.
وقد رواه سهل بن حمادٍ، عن أبي خلدة، قال: بينا الحكم بن أيوب يخطب في البصرة إذ قام يزيد الضبي، فناداه، فقال: أيها الأمير: إنك لا تملك الشمس، فقال: خذاه، فأخذ، فلما قضى الصلاة أدخل عليه، ودخل الناس، وثم أنس بن مالكٍ، فأقبل على أنس، فقال: كيف كنتم تصلون مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبرد بالصلاة في الحر، ويبكر بها في الشتاء.
خرّجه المروزي في ( ( كتاب الجمعة) ) .
فقد تبين بهذه الروايات أن سبب سؤال أنس إنما كان تأخير الحكم بن أيوب.
وقضية يزيد الضبي مع الحكم بن أيوب في إنكاره عليه تأخير الجمعة وهو يخطب معروفة، وكان أنس بن مالكٍ حاضراً.
وقد خرّجها بتمامها ابن أبي الدنيا في ( ( كتاب الأمر بالمعروف) ) من رواية جعفر بن سليمان: حدثني المعلى بن زياد، قال: حدثني يزيد الضبي، قال: أتيت الحسن ثلاث مراتٍ، فقلت: يا أبا سعيدٍ، غلبنا على كل شيء، وعلى صلاتنا نغلب؟! فقال الحسن: إنك لن تصنع شيئاً، إنما تعرض نفسك لهم.
قال: فقمت والحكم بن أيوب ابن عم الحجاج يخطب، فقلت: الصلاة يرحمك الله، قال: فجاءتني الزبانية، فسعوا الي من كل جانب، فأخذوا بلبتي، وأخذوا بلحيتي ويدي وكل شيء، وجعلوا يضربوني بنعالهم وسيوفهم، قال: وسكت الحكم بن أيوب، وكدت أن أقتل دونه، ففتح باب المقصورة، فادخلت عليه، فقال: أمجنونٌ أنت؟!قلت: ما بي من جنون، قالَ: أوما كنا في صلاة؟ قلت: أصلحك الله، هل من كلام أفضل من كتاب الله؟ قال: لا، قلت: لو أن رجلاً نشر مصحفه فقرأه غدوة حتى يمسي، ولا يصلي فيما بين ذلك، كان ذلك قاضياً عنه صلاته؟ قال الحكم: إني لأحسبك مجنوناً: قال: وأنس بن مالكٍ جالس قريباً من المنبر، على وجههٌ خرقة خضراء، فقلت: يا أبا حمزة، أذكرك الله، فانك صحبت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخدمته، أحقٌ أقول أم باطلٌ؟ قال: فو الله ما أجابني بكلمةٍ، فقال له الحكم: يا أنس، قال: لبيك، أصلحك الله – قال: وقد كان فات ميقات الصلاة – قال: يقول له أنس: قد كان بقي من الشمس بقيةٌ؟ فقال: احبساه.
قال: فحبست، فشهدوا أني مجنونٌ.
قال جعفر: فإنما نجا من القتل بذلك – وذكر بقية القصة.
فقد تبين بهذا السياق أن الصحابة والتابعين كانوا كلهم خائفين من ولاة السوء الظالمين، وإنهم غير قادرين على الإنكار عليهم، وأنه غير نافع بالكلية؛ فإنهم يقتلون من أنكر، ولا يرجعون عن تأخير الصلاة على عوائدهم الفاسدة.
وقد تكلم بعض علماء أهل الشام في زمن الوليد بن عبد الملك في ذلك، وقال: أبعث نبيٌ بعد محمدٍ يعلمكم هذا – أو نحو ذلك؟ فأخذ فأدخل الخضراء، فكان آخر العهد به.
ولهذا لم يستطع أنس أن يجيب يزيد الضبي بشئ حين تكلم يزيد، وإنما قال للحكم لما سأله: قد بقي من الشمس بقيةٌ – يريد: قد بقي من ميقات العصر بقيةٌ -، وهو كما قال لكن وقت الجمعة كان قد فات، ولميستطع أن يتكلم بذلك، فلما دخل الحكم داره، وأدخل معه أنساً ويزيد الضبي، فسئل أنس في ذلك الوقت عن وقت صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخبر أنه كان يعجل في البرد، ويبرد في الحر، ومراده –والله أعلم -: صلاة الظهر، وهذا هو الذي امكن أنسا أن يقوله فيذلك الوقت، ولم يمكنه الزيادة على ذلك.
وأكثر العلماء على أن الجمعة لا يبرد بها بعد الزوال، بل تعجل في أول الوقت، وللشافعية في ذلك وجهان.
وقد كان الصحابة والتابعون مع أولئك الظلمة في جهدٍ جهيدٍ، لا سيما في تأخير الصلاة عن ميقاتها، وكانوا يصلون الجمعة في أخر وقت العصر، فكان أكثر من يجيء إلى الجمعة يصلي الظهر والعصر في بيته، ثم يجيء إلى المسجد تقية لهم، ومنهم من كان إذا ضاق وقت الصلاة وهو في المسجد أومأ بالصلاة خشية القتل.
وكانوا يحلفون من دخل المسجد أنه ما صلى في بيته قبل أن يجيء.
قال إبراهيم بن مهاجرٍ: كنت أنا وسعيد بن جبيرٍ وإبراهيم نصلي الظهر، ثم نجلس فنتحدث والحجاج يخطب يوم الجمعة.
خرّجه أبو نعيمٍ الفضل بن دكين في ( ( كتاب الصلاة) ) .
وخَّرج –أيضاً - بإسناده، عن أبي بكر بن عتبة، قال صليت إلى جنب أبي جحيفة، فتمسى الحجاج بالصلاة، فقام يصلي الجمعة، ثم قام فصلى ركعتين، ثم قال: يا أبا بكر، أشهدك أنها الجمعة.
وهذا غريبٌ، يدل على أنه يصح أن يصلي الرجل الجمعة وحده.
وبإسناده: عن الأعمش، عن إبراهيم وخيثمة، أنهما كانا يصليان الظهر والعصر، ثم يأتيان الحجاج يوم الجمعة، فيصليان معه.
وعن أبي وائل، أنه كان يأمرهم أن يصلوا في بيوتهم، ثم يأتوا الحجاج فيصلون معه الجمعة.
وعن محمد بن أبي إسماعيل، قال: كنت في مسجد منى، وصحف تقرأ للوليد، فأخروا الصلاة: قال: فنظرت إلى سعيدٍ بن جبير وعطاء يومئان، وهما قاعدان.
وقد ذكر أبو زيد عمر بن شبة النميري البصري في ( ( كتاب أدب السلطان) ) باباً في تأخير الأمراء الصلاة، خَّرج فيه الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة في ذلك، وقد سبق ذكر بعضها في ( ( أبواب: المواقيت) ) .
وروى فيه بإسناده: أن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعودٍ كان يروح إلى المسجد وقد صلى الظهر والعصر، فيجلس فينتظر، فيقول: ماله قاتله الله؟! يصيح على منبره صياحاً، وقد فاتته العصر، ولم يصل الظهر بعد.
وبإسناده: عن عمرو بن هرم، قال: كان أنس بن مالكٍ يصلي الظهر والعصر في بيته، ثم يأتي الحجاج فيصلي معه الجمعة.
وبإسناده: عن عبد الله بن أبي زكريا، أنه كان يجمع مع الوليد بن عبد الملك ما صلى الوليد في وقت الظهر الجمعة، ويعتد بها جمعةً، فإن أخرها عن وقت الظهر صلى الظهر في آخر وقت الظهر أربعاً إيماءً، ثمصلى الجمعة معه، وجعلها تطوعا، فإن أخر العصر حتى يخرج وقتها صلاها في آخر وقتها ايماءً.
وبإسناده: عن حصينٍ، قال: كان أبو وائل إذا أخر الحجاج الجمعة استقبل القبلة، يومئ ايماءً: يتناعس.
وبإسناده: عن جريرٍ، قال: شهدت الجمعة مع ابن هبيرة، فأخر الصلاة إلى قريب من العصر، فرأيت الناس يخرجون، فرأيت أبا حنيفة خَّرج، فكأن شيخ يصيح في المسجد: لو كان الحجاج ما خرجوا، وجعل فضيل بن غزوان ويقول: إنهم، إنهم.
وبإسناده: عن ابن سيرين، أنه حضر الجمعة، فأخر الأمير الصلاة، فأدمى ظفره، ثم قام فخرج، وأخذته السياط حتى خَّرج من المسجد.
وعن عطاءٍ بن السائب: قال: رأيت سعيدٍ بن جبير وأبا البختري وأصحابه يومئون يوم الجمعة، والحجاج يخطب، وهم جلوسٌ.
وعن محمد بن إسماعيل، قال: رأيت سعيد بن جبير وعطاء، وأخر الوليد الجمعة والعصر، فصلاهما جميعاً، قال: فأومئا إيماءً، ثم صليا معه بمنىً.
وبإسناده: عن حميدٍ، أن الوليد بن عبد الملك خَّرج بمنىً بعد العصر، فخطب حتى صارت الشمس على رؤس الجبال، فنزل فصلى الظهر، ثم صلى العصر، ثم صلى المغرب.
وروى بإسنادٍ له: عن سالم، أنه ذكر أن الوليد قدم عليهم المدينة، فما زال يخطب ويقرأ الليث حتى مضى وقت الجمعة، ثم مضى وقت العصر، فقال القاسم بن محمد لسالم: أما قمت فصليت؟ قال: لا.
قال: أفما اومأت؟ قال: لا.
وقال: خشيت أن يقال: رجل من آل عمر.
وروى بإسناده: عن عمارة بن زاذان: حدثني مكحولٌ، قال: خطب الحجاج بمكة، وأنا إلى جنب ابن عمر، يحبس الناس بالصلاة، فرفع ابن عمر راسه، ونهض، وقال: يا معشر المسلمين، انهضوا إلى صلاتكم، ونهض الناس، ونزلالحجاج، فلما صلى قال: ويحكم، من هذا؟ قالوا: ابن عمر.
قال: أما والله لولا أن به لمماً لعاقبته.
وروى أبو نعيم في ( ( كتاب الصلاة) ) : ثنا زهير، عن جابر –وهو: الجعفي -، عن نافع، قال: كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج، فلما اخرهاترك الصلاة معه.
وكان الحسن يأمر بالكف عن الإنكار عليهم، ثم غلبه الأمر فأنكر على الحجاج، وكان سبب اختفائه منه حتى مات الحجاج، والحسن متوار عنه بالبصرة.
وقد روى أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب ( ( مناقب الحسن) ) بإسناد له، أن الحسن شهد الجمعة مع الحجاج، فرقى الحجاج المنبر، فأطال الخطبة حتى دخل في وقت العصر، فقال الحسن: أما من رجل يقول:الصلاة جامعةٌ؟ فقالَ رجل: يا أبا سعيدٍ، تأمرنا أن نتكلم والإمام يخطب؟ فقال: إنما أمرنا أن ننصت لهم فيما أخذوا من أمر ديننا، فإذا أخذوا في أمر دنياهم أخذنا في أمر ديننا، قوموا، فقام الحسن وقام الناس لقيام الحسن، فقطع الحجاج خطبته، ونزل فصلى بهم، فطلب الحجاج الحسن فلم يقدر عليه.
وهذا كله مما يدل على اجتماع السلف الصالح على أن تأخير الجمعة إلى دخول وقت العصر حرام لا مساغ له في الإسلام.
ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة صلى الجمعة في أول وقتها على ما كانت عليه السنة.
فروى إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن مهاجرٍ، أن عمر بن عبد العزيز كان يصلي الجمعة في أول وقتها حين يفيء الفيء ذراعا ونحوه، وذلك في الساعة السابعة.
وقال ابن عونٍ: كانوا يصلون الجمعة في خلافة عمر بن عبد العزيز والظل هنية.
* * * 18 -باب المشي إلى الجمعة وقول الله عز وجل: { فَاسعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9] ومن قال: السعي العمل والذهاب، لقوله { وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا?} [الإسراء:19] .
وقال ابن عباسٍ: يحرم البيع حينئذ.
وقال عطاءٌ: تحرم الصناعات كلها.
وقال إبراهيم بن سعدٍ، عن الزهري: إذا اذن المؤذن يوم الجمعة وهو مسافر، فعليه أن يشهد.
اشتمل كلامه –هاهنا - على مسائل: إحداها: المشي إلى الجمعة، وله فضل.
وفي حديث أوس بن أوس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( من بكر وابتكر، وغسل واغتسل، ومشى ولم يركب) ) .
وقد سبق.
وفي حديث اختصام الملأ الأعلى، ( ( إنهم يختصمون في الكفارات والدرجات، والكفارات إسباغ الوضوء في الكريهات، والمشي على الأقدام إلى الجمعات) ) .
وقد خرّجه الإمام أحمد والترمذي من حديثمعاذٍ.
وله طرق كثيرة، ذكرتها مستوفاة في ( ( شرح الترمذي) ) .
وروى ابن أبي شيبة بإسنادٍ فيه انقطاعٌ، أن عبد الله بن رواحة كان يأتي الجمعة ماشياً، فإذا رجع كيف شاء ماشياً، وإن شاء راكباً.
وفي رواية: وكان بين منزلة وبين الجمعة ميلان.
وعن أبي هريرة، أنَّهُ كان يأتي الجمعة من ذي الحليفة ماشياً.
وذكر ابن سعدٍ في ( ( طبقاته) ) بإسناده، عن عمر بن عبد العزيز، أنه كتب ينهى أن يركب أحد إلى الجمعة والعيدين.
وقال النخعي: لا يركب إلى الجمعة.
المسألة الثانية: أنه يستحب المشي بالسكينة مع مقاربة الخطا، كما في سائر الصلوات، على ماسبق ذكره في موضعه.
فأما قول الله عز وجل: { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسعَوْا إِلَىذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9] ، فقد حمله قوم من المتقدمين علىظاهره، وأنكر ذلك عليهم الصحابة.
فروى البيهقي من حديث عبد الله بن الصامت، قال: خرجت إلى المسجد يوم الجمعة، فلقيت أبا ذر، فبينا أنا امشي اذ سمعت النداء، فرفعت في المشي؛ لقول الله عز وجل: { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} ، فجذبني جذبة كدت أن ألاقيه، ثم قال: أو لسنا في سعي؟ .
فقد أنكر أبو ذر على من فسر السعي بشدة الجري والعدو، وبين أن المشي إليها سعي؛ لأنه عمل، والعمل يسمى سعياً، كم قال تعالى: { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل:4] ، وقال: { ?وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء:19] ومثل هذا كثير في القرآن.
وبهذا فسر السعي في هذه الآية التابعون فمن بعدهم، ومنهم: عطاءٍ، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم، ومالك، والثوري، والشافعي وغيرهم.
وروي عن ابن عباسٍ –أيضاً - من وجه منقطع.
ومنهم من فسر السعي بالجري والمسابقة، لكنه حمله على سعي القلوب والمقاصد والنيات دون الأقدام، هذا قول الحسن.
وجمع قتادة بين القولين –في روايةٍ -، فقال: السعي بالقلب والعمل.
وكان عثمان وابن مسعودٍ وجماعة من الصحابة يقرءونها: ( ( فامضوا إلى ذكر الله) ) .
وقال النخعي: لو قرأتها ( ( فسعوا) ) لسعيت حتى يسقط ردائي.
وروي هذا الكلام عن ابن مسعودٍ من وجهٍ منقطعٍ.
المسألة الثالثة: في تحريم البيع وغيره مما يشغل به عن السعي بعد النداء.
وقد حكى عن ابن عباسٍ تحريم البيع وغيره.
وروى القاضي إسماعيل في كتابه ( ( أحكام القرآن) ) من روايةٍ سليمان بن معاذ، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: لا يصلح البيع يوم الجمعة حين ينادى بالصلاة، فاذا قضيت الصلاة فاشتر وبع.
وبإسناده: عن ميمون بن مهران، قال: كان بالمدينة إذا نودي بالصلاة من يوم الجمعة نادوا: حرم البيع، حرم البيع.
وعن أيوب، قال: لأهل المدينة ساعة، وذلك عند خروج الإمام، يقولون: حرم البيع، حرم البيع.
وعن عمر بن عبد العزيز، أنه كان يمنع الناس من البيع يوم الجمعة إذانودي بالصلاة.
وعن الحسن وعطاء والضحاك: تحريم البيع إذا زالت الشمس من يوم الجمعة.
وعن الشعبي، أنه محرمٌ.
وكذا قال مكحولٌ.
وحكى إسحاق بن راهويه الإجماع على تحريم البيع بعد النداء.
وحكى القاضي إسماعيل، عمن لم يسمه، أن البيع مكروه، وانه استدل بقوله { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ} [الجمعة:9] .
ورد عليه: بأن من فعل ما وجب عليه وترك ما نهي عنه فهو خيرٌ له، كما قال تعالى: { وَلاَ تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء:171] .
وحكي القول بأن البيع مردود عن القاسم بن محمد وربيعة ومالكٍ.
ورواه ابن عيينة، عن عبد الكريم، عن مجاهد أو غيره.
وهو مذهب الليث والثوري وإسحاق وأحمد وغيرهم من فقهاء أهل الحديث.
وخالف فيه أبو حنيفة والشافعي واصحابهما وعبيد الله العنبري، وقالوا: البيع غير مردودٍ؛ لأن النهي عن البيع هنا ليس نهياً عنه لذاته بل لوقته.
والأولون يقولون: النهي يقتضي فساد المنهي عنه، سواء كان لذات المنهي عنه أو لوقته، كالصوم يوم العيد، والصلاة وقت النهي، فكذلك العقود.
وقال الثوري –فيما إذا تصارفا ذهباً بفضة وقبضا البعض، ثم دخل وقت النداء يوم الجمعة -: فإنهما يترادان البيع.
وهذا يدل على أن القبض عند شرط لانعقاد الصرف، فلا يتم العقد الا به، وهو الصحيح عند المحققين من أصحابنا –أيضاً.
وأما ما ذكره عن عطاءٍ، أنه تحرم الصناعات حينئذ، فإنه يرجع إلى أنه إنما حرم البيع؛ لأنه شاغلٌ عن السعي إلى ذكر الله والصلاة، فكل ما قطع عن ذلك فهو محرم من صناعة أو غيرها، حتى الاكل والشرب والنوم والتحدث وغير ذلك، وهذا قول الشافعية وغيرهم –أيضاً.
لكن لأصحابنا في بطلان غير البيع من العقود وجهان، فإن وقوعها بعد النداء نادر، بخلاف البيع، فإنه غالب، فلو لم يبطل لادى إلى الاشتغال عن الجمعة به، فتفوت الجمعة غالباً.
وأكثر أصحابنا حكوا الخلاف في جواز ذلك، وفيه نظرٌ؛ فإنه إذا وجب السعي إلى الجمعة حرم كل ما قطع عنه.
وقد روي عن زيد بن أسلم، قال: لم يأمرهم الله أن يذروا شيئاً غيره، حرم البيع، ثم أذن لهم فيه إذا فرغوا.
وهذا ضعيف جدا؛ فإن البيع إنما خص بالذكر لأنه أكثر ما يقع حينئذ مما يلهي عن السعي، فيشاركه في المعنى كل شاغل.
وأستدل بعض أصحابنا على جواز غير البيع من العقود بالصدقة، وقال: قد أمر به النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يخطب.
وهذا لا يصح؛ فإن الصدقة قربة وطاعة، وإذا وقعت في المسجد حيث لا يكره السؤال فيه فلا وجه لمنعها.
فإن الحق بذلك عقد النكاح في المسجد قبل خروج الإمام كان متوجهاً، مع أن بعض أصحابنا قد خص الخلاف بالنكاح، وهو ابن عقيل.
وعن أحمد روايةٍ: إنه يحرم البيع بدخول وقت الوجوب، وهو زوال الشمس.
وقد سبق مثله عن الحسن، وعطاء، والضحاك، وهو - أيضاً - قول مسروق، ومسلم بن يسارٍ، والثوري، وإسحاق.
وقياس قولهم: إنه يجب السعي بالزوال، ويحرم حينئذ كل شاغلٍ يشغل عنه.
والجمهور: على أنه لا يحرم بدون النداء.
ثم الأكثرون منهم على أنه النداء الثاني الذي بين يدي الإمام؛ لأنه النداء الذي كان في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا ينصرف النداء عند إطلاقه إلا إليه.
وفي ( ( صحيح الإسماعيلي) ) من حديث الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: كان النداء الذي ذكر الله في القرآن يوم الجمعة إذا خَّرج الإمام، وإذا قامت الصلاة في زمن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وعمر.
وعن أحمد روايةٌ: أنه حرم البيع ويجب السعي بالنداء الأول.
وهو قول مقاتل بن حيان، قال: وقد كان النداء الأول قبل زوال الشمس.
ونقله ابن منصورٍ، عن إسحاق بن راهويه –صريحاً.
وعن أحمد، أنه قال: أخاف أن يحرم البيع، وإن أذن قبل الوقت.
ومجرد الشروع في الأذان يحرم به البيع عند أصحابنا والشافعية؛لأنه صار نداءً مشروعاً مسنوناً سنة الخلفاء الراشدين.
قال أصحابنا: ولو اقتصر عليه اجزأ، وسقط فرض الأذان.
وعند أصحاب الشافعي: يحرم البيع بمجرد الشروع في النداء الثاني بين يدي الإمام، إذا كان قاطعاً عن السعي، فأما إن فعله وهو ماش في الطريق ولم يقف، أو هو قاعد في المسجد كره ولم يحرم.
وهذا بعيد، والتبايع في المسجد بعد الأذان يجتمع فيه نهيان؛ لزمانه ومكانه، فهو أولى بالتحريم.
المسألة الرابعة: حكى عن الزهري: أن المسافر إذا سمع النداء للجمعة، فعليه أن يشهدها، وقد سبق ذكر ذلك عنه، وعن النخعي والأوزاعي وعن عطاءٍ: أن عليه شهودها، سمع الأذان أو لم يسمعه، وأن الجمهور على خلاف ذلك.
وهل للمسافر أن يبيع ويشتري بعد سماع النداء؟ فيهِ اختلاف بين أصحابنا، يرجع إلى أن من سقطت عنه الجمعة لعذر، كالمريض: هل لهُ أن يبيع بعد النداء، أم لا؟ فيه روايتان عن أحمد.
وأما من ليس من أهل الجمعة بالكلية، كالمرأة، فلها البيع والشراء بغير خلاف، وكذا العبد، إذا قلنا: لا يجب عليه الجمعة.
خَّرج البخاري في هذا الباب ثلاثة أحاديث:الأول: 907 -

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ل)
مَا اخْتَلَفَ ظَاهِرُ النَّقْلِ عَنْ أَنَسٍ وَتَقَرَّرَ أَنَّ طَرِيقَ الْجَمْعِ أَنْ يُحْمَلَ الْأَمْرُ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَالِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ جَاءَ عَنْ أَنَسٍ حَدِيثٌ آخَرُ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ فَتَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ لِأَجْلِهِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ أَيْ صَلَّاهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا

[ قــ :879 ... غــ :906] .

     قَوْلُهُ  وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ يَعْنِي الْجُمُعَةَ لَمْ يَجْزِمِ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِ التَّرْجَمَةِ لِلِاحْتِمَالِ الْوَاقِعِ فِي قَوْلِهِ يَعْنِي الْجُمُعَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ التَّابِعِيِّ أَوْ مَنْ دُونَهُ وَهُوَ ظَنٌّ مِمَّنْ قَالَهُ وَالتَّصْرِيحُ عَنْ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ الْمَاضِيَةِ أَنَّهُ كَانَ يُبَكِّرُ بِهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْمُعَلَّقَةُ الثَّانِيَةُ فَإِنَّ فِيهَا الْبَيَانَ بِأَنَّ قَوْلَهُ يَعْنِي الْجُمُعَةَ إِنَّمَا أَخَذَهُ قَائِلُهُ مِمَّا فَهِمَهُ مِنَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ عِنْدَ أَنَسٍ حَيْثُ اسْتَدَلَّ لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْجُمُعَةِ بِقَوْلِهِ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ حَرَمِيٍّ وَلَفْظُهُ سَمِعْتُ أَنَسًا وَنَادَاهُ يَزِيدُ الضَّبِّيُّ يَوْمَ جُمُعَةِ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَدْ شَهِدْتَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فَذَكَرَهُ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَهُ يَعْنِي الْجُمُعَةَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَلَفْظُهُ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ مَعَ الْحَكَمِ أَمِيرِ الْبَصْرَةِ عَلَى السَّرِيرِ يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ وَزَادَ يَعْنِي الظُّهْرَ وَالْحَكَمُ الْمَذْكُورُ هُوَ بن أبي عقيل الثَّقَفِيّ كَانَ نَائِبا عَن بن عَمِّهِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَكَانَ عَلَى طَرِيقَةِ بن عَمِّهِ فِي تَطْوِيلِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَكَادَ الْوَقْتُ أَنْ يَخْرُجَ وَقَدْ أَوْرَدَ أَبُو يَعْلَى قِصَّةَ يَزِيدَ الضَّبِّيِّ الْمَذْكُورِ وَإِنْكَارَهُ عَلَى الْحَكَمِ هَذَا الصَّنِيعَ وَاسْتِشْهَادَهُ بِأَنَسٍ وَاعْتِذَارَ أَنَسٍ عَنِ الْحَكَمِ بِأَنَّهُ أَخَّرَ لِلْإِبْرَادِ فَسَاقَهَا مُطَوَّلَةٌ فِي نَحْوِ وَرَقَةٍ وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْإِبْرَادَ بِالْجُمُعَةِ عِنْدَ أَنَسٍ إِنَّمَا هُوَ بِالْقِيَاسِ عَلَى الظُّهْرِ لَا بِالنَّصِّ لَكِنَّ أَكْثَرَ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بِشْرِ بْنِ ثَابِتٍ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ كَانَ إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ بَكَّرَ بِالظُّهْرِ وَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ أَبْرَدَ بِهَا وَعُرِفَ مِنْ طَرِيقِ الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ تَسْمِيَةُ الْأَمِيرِ الْمُبْهَمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَمِنْ رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْرِهِ سَبَبُ تَحْدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِذَلِكَ حَتَّى سَمِعَهُ أَبُو خَلْدَةَ.

     وَقَالَ  الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ نَحَا الْبُخَارِيُّ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْإِبْرَادِ بِالْجُمُعَةِ وَلَمْ يَبُتَّ الْحُكْمَ بِذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَعْنِي الْجُمُعَةَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ التَّابِعِيِّ مِمَّا فَهِمَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَقْلِهِ فَرَجَحَ عِنْدَهُ إِلْحَاقُهَا بِالظُّهْرِ لِأَنَّهَا إِمَّا ظُهْرٌ وَزِيَادَةٌ أَوْ بَدَلٌ عَنِ الظُّهْرِ وَأَيَّدَ ذَلِكَ قَوْلُ أَمِيرِ الْبَصْرَةِ لِأَنَسٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَجَوَابُ أَنَسٍ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارِ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  أَيْضًا إِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِبْرَادَ يُشْرَعُ فِي الْجُمُعَةِ أُخِذَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تُشْرَعُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِأَنَّهُ لَوْ شُرِعَ لَمَا كَانَ اشْتِدَادُ الْحَرِّ سَبَبًا لِتَأْخِيرِهَا بَلْ كَانَ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِتَعْجِيلِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بن بَطَّالٍ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْجُمُعَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ لِأَنَّ أَنَسًا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي جَوَابِهِ خِلَافًا لِمَنْ أَجَازَ الْجُمُعَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَفِيهِ إِزَالَةُ التَّشْوِيشِ عَنِ الْمُصَلِّي بِكُلِّ طَرِيقٍ مُحَافَظَةً عَلَى الْخُشُوعِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ فِي مُرَاعَاة الْإِبْرَاد فِي الْحر دون الْبرد

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بابٌ
إذا اشتد الحر يوم الجمعة
[ قــ :879 ... غــ :906 ]
- حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي: ثنا حرمي بن عمارةً: ثناابو خلدة –هو: خالد بن دينار -، قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذا أشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا أشتد الحر أبرد بالصلاة –يعني: الجمعة.

وقال يونس بن بكير: أنا أبو خلدة، وقال: ( ( بالصلاة) ) ، ولم يذكر:
( ( الجمعة) ) .

وقال بشر بن ثابت: ثنا أبو خلدة: صلى بنا أمير المؤمنين الجمعة، ثم قال لأنسٍ: كيف كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي الظهر؟
خرّج الإسماعيلي في ( ( صحيحه) ) –وهو ( ( المستخرج على صحيح البخاري) ) –من طريق هارون بن عبد الله، عن حرمي بن عمارة: حدثني أبو خلدة، قالَ: سمعت أنس بن مالكٍ –وناداه يزيد الضبي: يا أبا حمزة، قد شهدت الصَّلاة مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وشهدت الصَّلاة معنا، فكيف كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي الجمعة؟ - فقال: كان إذا أشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا أشتد الحر أبرد بالصلاة.

وخرّجه –أيضاً - من رواية محمد بن المثنى، عن حرمي، ولم يذكر في حديثه:
( ( الجمعة) ) .

وخرّج –أيضاً - رواية يونس بن بكير التي علقها البخاري، ولفظ حديثه: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان الحر أبرد بالصلاة، وإذا كان البرد بكر بها –يعني: الظهر.

وخرّج - أيضاً - حديث بشر بن ثابت الذي علقه البخاري - أيضاً -، ولفظ حديثه: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان الشتاء يبكر بالظهر، وإذا كان الصيف أبرد بها، ولكن يصلي العصر والشمس بيضاء.

وخرّجه البيهقي من رواية بشر بن ثابت – بهذا المعنى.

وخرّج - أيضاً - رواية يونس بن بكيرٍ: ثنا أبو خلدة: سمعت أنس بن مالكٍ – وهو جالسٌ مع الحكم أمير البصرة على السرير – يقول: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان الحر أبرد بالصلاة، وإذا كان البرد بكر بالصلاة.

وروى هذا الحديث – أيضاً – خالد بن الحارث: ثنا أبو خلدة، أن الحكم ابن أيوب أخر الجمعة يوماً، فتكلم يزيد الضبي.
وقال: دخلنا الدار وأنس معه على السرير، فقال له يزيد: يا أبا حمزة، قد صليت مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحضرت صلاتنا، فأين صلاتنا من صلاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقال: إذا كان الحر برد بالصلاة، وإذا كان البرد يبكر بالصلاة، ولم يسمعه، ولكنه قد شهد الأمر.

خرّجه النسائي في ( ( كتاب الجمعة) ) .
وهذه الرواية تخالف رواية البخاري التي فيها التصريح بالسماع.

وقد رواه سهل بن حمادٍ، عن أبي خلدة، قال: بينا الحكم بن أيوب يخطب في البصرة إذ قام يزيد الضبي، فناداه، فقال: أيها الأمير: إنك لا تملك الشمس، فقال: خذاه، فأخذ، فلما قضى الصلاة أدخل عليه، ودخل الناس، وثم أنس بن مالكٍ، فأقبل على أنس، فقال: كيف كنتم تصلون مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبرد بالصلاة في الحر، ويبكر بها في الشتاء.

خرّجه المروزي في ( ( كتاب الجمعة) ) .

فقد تبين بهذه الروايات أن سبب سؤال أنس إنما كان تأخير الحكم بن أيوب.

وقضية يزيد الضبي مع الحكم بن أيوب في إنكاره عليه تأخير الجمعة وهو يخطب معروفة، وكان أنس بن مالكٍ حاضراً.

وقد خرّجها بتمامها ابن أبي الدنيا في ( ( كتاب الأمر بالمعروف) ) من رواية جعفر بن سليمان: حدثني المعلى بن زياد، قال: حدثني يزيد الضبي، قال: أتيت الحسن ثلاث مراتٍ، فقلت: يا أبا سعيدٍ، غلبنا على كل شيء، وعلى صلاتنا نغلب؟! فقال الحسن: إنك لن تصنع شيئاً، إنما تعرض نفسك لهم.

قال: فقمت والحكم بن أيوب ابن عم الحجاج يخطب، فقلت: الصلاة يرحمك الله، قال: فجاءتني الزبانية، فسعوا الي من كل جانب، فأخذوا بلبتي، وأخذوا بلحيتي ويدي وكل شيء، وجعلوا يضربوني بنعالهم وسيوفهم، قال: وسكت الحكم بن
أيوب، وكدت أن أقتل دونه، ففتح باب المقصورة، فادخلت عليه، فقال: أمجنونٌ أنت؟! قلت: ما بي من جنون، قالَ: أوما كنا في صلاة؟ قلت: أصلحك الله، هل من كلام أفضل من كتاب الله؟ قال: لا، قلت: لو أن رجلاً نشر مصحفه فقرأه غدوة حتى يمسي، ولا يصلي فيما بين ذلك، كان ذلك قاضياً عنه صلاته؟ قال الحكم: إني لأحسبك مجنوناً: قال: وأنس بن مالكٍ جالس قريباً من المنبر، على وجههٌ خرقة
خضراء، فقلت: يا أبا حمزة، أذكرك الله، فانك صحبت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخدمته، أحقٌ أقول أم باطلٌ؟ قال: فو الله ما أجابني بكلمةٍ، فقال له الحكم: يا أنس، قال: لبيك، أصلحك الله – قال: وقد كان فات ميقات الصلاة – قال: يقول له أنس: قد كان بقي من الشمس بقيةٌ؟ فقال: احبساه.
قال: فحبست، فشهدوا أني مجنونٌ.

قال جعفر: فإنما نجا من القتل بذلك – وذكر بقية القصة.

فقد تبين بهذا السياق أن الصحابة والتابعين كانوا كلهم خائفين من ولاة السوء الظالمين، وإنهم غير قادرين على الإنكار عليهم، وأنه غير نافع بالكلية؛ فإنهم يقتلون من أنكر، ولا يرجعون عن تأخير الصلاة على عوائدهم الفاسدة.

وقد تكلم بعض علماء أهل الشام في زمن الوليد بن عبد الملك في ذلك، وقال: أبعث نبيٌ بعد محمدٍ يعلمكم هذا – أو نحو ذلك؟ فأخذ فأدخل الخضراء، فكان آخر العهد به.

ولهذا لم يستطع أنس أن يجيب يزيد الضبي بشئ حين تكلم يزيد، وإنما قال للحكم لما سأله: قد بقي من الشمس بقيةٌ – يريد: قد بقي من ميقات العصر بقيةٌ -، وهو كما قال لكن وقت الجمعة كان قد فات، ولم يستطع أن يتكلم بذلك، فلما دخل الحكم داره، وأدخل معه أنساً ويزيد الضبي، فسئل أنس في ذلك الوقت عن وقت صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخبر أنه كان يعجل في البرد، ويبرد في الحر، ومراده –والله أعلم -: صلاة الظهر، وهذا هو الذي امكن أنسا أن يقوله فيذلك الوقت، ولم يمكنه الزيادة على
ذلك.

وأكثر العلماء على أن الجمعة لا يبرد بها بعد الزوال، بل تعجل في أول الوقت، وللشافعية في ذلك وجهان.

وقد كان الصحابة والتابعون مع أولئك الظلمة في جهدٍ جهيدٍ، لا سيما في تأخير الصلاة عن ميقاتها، وكانوا يصلون الجمعة في أخر وقت العصر، فكان أكثر من يجيء إلى الجمعة يصلي الظهر والعصر في بيته، ثم يجيء إلى المسجد تقية لهم، ومنهم من كان إذا ضاق وقت الصلاة وهو في المسجد أومأ بالصلاة خشية القتل.

وكانوا يحلفون من دخل المسجد أنه ما صلى في بيته قبل أن يجيء.

قال إبراهيم بن مهاجرٍ: كنت أنا وسعيد بن جبيرٍ وإبراهيم نصلي الظهر، ثم نجلس فنتحدث والحجاج يخطب يوم الجمعة.

خرّجه أبو نعيمٍ الفضل بن دكين في ( ( كتاب الصلاة) ) .

وخَّرج –أيضاً - بإسناده، عن أبي بكر بن عتبة، قال صليت إلى جنب أبي جحيفة، فتمسى الحجاج بالصلاة، فقام يصلي الجمعة، ثم قام فصلى ركعتين، ثم قال: يا أبا بكر، أشهدك أنها الجمعة.
وهذا غريبٌ، يدل على أنه يصح أن يصلي الرجل الجمعة وحده.

وبإسناده: عن الأعمش، عن إبراهيم وخيثمة، أنهما كانا يصليان الظهر
والعصر، ثم يأتيان الحجاج يوم الجمعة، فيصليان معه.

وعن أبي وائل، أنه كان يأمرهم أن يصلوا في بيوتهم، ثم يأتوا الحجاج فيصلون معه الجمعة.

وعن محمد بن أبي إسماعيل، قال: كنت في مسجد منى، وصحف تقرأ للوليد، فأخروا الصلاة: قال: فنظرت إلى سعيدٍ بن جبير وعطاء يومئان، وهما قاعدان.

وقد ذكر أبو زيد عمر بن شبة النميري البصري في ( ( كتاب أدب السلطان) ) باباً في تأخير الأمراء الصلاة، خَّرج فيه الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة في ذلك، وقد سبق ذكر بعضها في ( ( أبواب: المواقيت) ) .

وروى فيه بإسناده: أن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعودٍ كان يروح إلى المسجد وقد صلى الظهر والعصر، فيجلس فينتظر، فيقول: ماله قاتله الله؟!
يصيح على منبره صياحاً، وقد فاتته العصر، ولم يصل الظهر بعد.

وبإسناده: عن عمرو بن هرم، قال: كان أنس بن مالكٍ يصلي الظهر والعصر في بيته، ثم يأتي الحجاج فيصلي معه الجمعة.

وبإسناده: عن عبد الله بن أبي زكريا، أنه كان يجمع مع الوليد بن عبد الملك ما صلى الوليد في وقت الظهر الجمعة، ويعتد بها جمعةً، فإن أخرها عن وقت الظهر صلى الظهر في آخر وقت الظهر أربعاً إيماءً، ثم صلى الجمعة معه، وجعلها تطوعا، فإن أخر العصر حتى يخرج وقتها صلاها في آخر وقتها ايماءً.

وبإسناده: عن حصينٍ، قال: كان أبو وائل إذا أخر الحجاج الجمعة استقبل القبلة، يومئ ايماءً: يتناعس.

وبإسناده: عن جريرٍ، قال: شهدت الجمعة مع ابن هبيرة، فأخر الصلاة إلى قريب من العصر، فرأيت الناس يخرجون، فرأيت أبا حنيفة خَّرج، فكأن شيخ يصيح في المسجد: لو كان الحجاج ما خرجوا، وجعل فضيل بن غزوان ويقول: إنهم، إنهم.

وبإسناده: عن ابن سيرين، أنه حضر الجمعة، فأخر الأمير الصلاة، فأدمى
ظفره، ثم قام فخرج، وأخذته السياط حتى خَّرج من المسجد.
وعن عطاءٍ بن السائب: قال: رأيت سعيدٍ بن جبير وأبا البختري وأصحابه يومئون يوم الجمعة، والحجاج
يخطب، وهم جلوسٌ.

وعن محمد بن إسماعيل، قال: رأيت سعيد بن جبير وعطاء، وأخر الوليد الجمعة والعصر، فصلاهما جميعاً، قال: فأومئا إيماءً، ثم صليا معه بمنىً.

وبإسناده: عن حميدٍ، أن الوليد بن عبد الملك خَّرج بمنىً بعد العصر، فخطب حتى صارت الشمس على رؤس الجبال، فنزل فصلى الظهر، ثم صلى العصر، ثم صلى المغرب.
وروى بإسنادٍ له: عن سالم، أنه ذكر أن الوليد قدم عليهم المدينة، فما زال يخطب ويقرأ الليث حتى مضى وقت الجمعة، ثم مضى وقت العصر، فقال القاسم بن محمد لسالم: أما قمت فصليت؟ قال: لا.
قال: أفما اومأت؟ قال: لا.
وقال: خشيت أن يقال: رجل من آل عمر.

وروى بإسناده: عن عمارة بن زاذان: حدثني مكحولٌ، قال: خطب الحجاج بمكة، وأنا إلى جنب ابن عمر، يحبس الناس بالصلاة، فرفع ابن عمر راسه، ونهض، وقال: يا معشر المسلمين، انهضوا إلى صلاتكم، ونهض الناس، ونزلالحجاج، فلما صلى قال: ويحكم، من هذا؟ قالوا: ابن عمر.

قال: أما والله لولا أن به لمماً لعاقبته.

وروى أبو نعيم في ( ( كتاب الصلاة) ) : ثنا زهير، عن جابر –وهو: الجعفي -، عن نافع، قال: كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج، فلما اخرهاترك الصلاة معه.

وكان الحسن يأمر بالكف عن الإنكار عليهم، ثم غلبه الأمر فأنكر على الحجاج، وكان سبب اختفائه منه حتى مات الحجاج، والحسن متوار عنه بالبصرة.

وقد روى أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب ( ( مناقب الحسن) ) بإسناد له، أن الحسن شهد الجمعة مع الحجاج، فرقى الحجاج المنبر، فأطال الخطبة حتى دخل في وقت العصر، فقال الحسن: أما من رجل يقول: الصلاة جامعةٌ؟ فقالَ رجل: يا أبا سعيدٍ، تأمرنا أن نتكلم والإمام يخطب؟ فقال: إنما أمرنا أن ننصت لهم فيما أخذوا من أمر
ديننا، فإذا أخذوا في أمر دنياهم أخذنا في أمر ديننا، قوموا، فقام الحسن وقام الناس لقيام الحسن، فقطع الحجاج خطبته، ونزل فصلى بهم، فطلب الحجاج الحسن فلم يقدر عليه.

وهذا كله مما يدل على اجتماع السلف الصالح على أن تأخير الجمعة إلى دخول وقت العصر حرام لا مساغ له في الإسلام.

ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة صلى الجمعة في أول وقتها على ما كانت عليه السنة.

فروى إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن مهاجرٍ، أن عمر بن عبد العزيز كان يصلي الجمعة في أول وقتها حين يفيء الفيء ذراعا ونحوه، وذلك في الساعة السابعة.

وقال ابن عونٍ: كانوا يصلون الجمعة في خلافة عمر بن عبد العزيز والظل هنية.


* * *

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا اشتد الحر يوم الجمعة) أبرد المصلي بصلاتها كالظهر.


[ قــ :879 ... غــ : 906 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ -هُوَ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ- قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلاَةِ.
وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلاَةِ" يَعْنِي الْجُمُعَةَ.


قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو خَلْدَةَ فَقَالَ: "بِالصَّلاَةِ" وَلَمْ يَذْكُرِ الْجُمُعَةَ..
     وَقَالَ  بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ قَالَ: "صَلَّى بِنَا أَمِيرٌ الْجُمُعَةَ، ثُمَّ قَالَ لأَنَسٍ -رضي الله عنه-: كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي الظُّهْرَ"؟
وبه قال: ( حدّثنا محمد بن أبي بكر المقدمي) بضم الميم وفتح القاف وتشديد الدال المفتوحة ( قال: حدّثني حرمي بن عمارة) بفتح الحاء والراء المهملتين، وكسر الميم في الأولى، وضم العين المهملة وتخفيف الميم في الثاني ( قال: حدّثنا أبو خلدة) بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام وفتحها ( هو) وفي نسخة لأبي ذر، وأبي الوقت، وهو ( خالد بن دينار) التميمي السعدي البصري، الخياط ( قال: سمعت أنس بن مالك) رضي الله عنه، حال كونه ( يقول: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا اشتد البرد بكر بالصلاة) صلاها في أول وقتها على الأصل، ( وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة) قال الراوي: ( يعني الجمعة) قياسًا على الظهر، لا بالنص.
لأن أكثر الأحاديث يدل على التفرقة في الظهر، وعلى التبكير في الجمعة مطلقًا من غير تفصيل.

والذي نحا إليه المؤلّف مشروعية الإبراد بالجمعة، ولم يثبت الحكم بذلك، لأن قوله: يعني الجمعة، يحتمل أن يكون قول التابعي مما فهمه، وأن يكون من نقله، فرجح عنده إلحاقها بالظهر لأنها إما ظهر وزيادة، أو بدل عن الظهر، قاله ابن المنير.

ورواة حديث الباب كلهم بصريون، وفيه التحديث والسماع والقول.

( قال) ولأبي ذر: وقال: ( يونس بن بكير) بالتصغير فيما وصله المؤلّف في: الأدب المفرد ( أخبرنا أبو خلدة، وقال) بالواو، ولكريمة: فقال: ( بالصلاة) أي: بلفظها فقط، ( ولم يذكر الجمعة) .

ولفظه في: الأدب المفرد: "كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا كان الحر أبرد بالصلاة، وإذا كان البرد بكر بالصلاة".
وكذا أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر، عن يونس، وزاد: يعني الظهر.

وهذا موافق لقول الفقهاء: يندب الإبراد بالظهر، في شدّة الحر بقطر حار، لا بالجمعة لشدة الخطر في فواتها المؤدي إليه تأخيرها بالتكاسل، ولأن الناس مأمورون بالتبكير إليها، فلا يتأذّون بالحر.

وما في الصحيحين من: أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كان يبرد بها، بيان للجواز فيها جمعًا بين الأدلة.

( وقال بشر بن ثابت) مما وصله الإسماعيلي والبيهقي: ( حدّثنا أبو خلدة، قال: صلّى بنا أمير الجمعة) هو: الحكم بن أبي عقيل الثقفي، نائب ابن عمه الحجاج بن يوسف، وكان على طريقة ابن عمه في تطويل الخطبة يوم الجمعة، حتى يكاد الوقت أن يخرج ( ثم قال لأنس، رضي الله عنه، كيف

كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي الظهر)
؟ في رواية الإسماعيلي والبيهقي: كان إذا كان الشتاء بكَّر بالظهر، وإن كان الصيف أبرد بها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ إذَا اشْتَدَّ الحَرُّ يَوْمَ الجُمُعَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ تَرْجَمته إِذا اشْتَدَّ الْحر، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف تَقْدِيره: إِذا اشْتَدَّ الْحر يَوْم الْجُمُعَة أبرد بهَا، وَإِنَّمَا لم يجْزم بالحكم الَّذِي يفهم من الْجَواب لكَونه لم يتَيَقَّن أَن قَوْله: يَعْنِي الْجُمُعَة، من كَلَام التَّابِعِيّ أَو من كَلَام من دونه، لِأَن قَول أنس: ( كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اشْتَدَّ الْبرد بكر بِالصَّلَاةِ، وَإِذا اشْتَدَّ الْحر أبرد بِالصَّلَاةِ) ، وَمُطلق يتَنَاوَل الظّهْر وَالْجُمُعَة، كَمَا أَن قَوْله فِي رِوَايَة حميد عَنهُ: ( كُنَّا نبكر بِالْجمعَةِ) ، مُطلق يتَنَاوَل شدَّة الْحر وَشدَّة الْبرد، وَالْحَاصِل أَن النَّقْل عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مُخْتَلف.
فرواية حميد عَنهُ تدل على التبكير بِالْجمعَةِ مُطلقًا، وَرِوَايَة أبي خلدَة عَنهُ تدل على التَّفْصِيل فِيهَا، وَرِوَايَته الثَّانِيَة عَنهُ تدل على أَن هَذَا الحكم بِالصَّلَاةِ مُطلقًا، يَعْنِي: سَوَاء كَانَ جُمُعَة أَو ظهرا، وَرِوَايَته الثَّالِثَة الَّتِي رَوَاهَا عَنهُ بشر بن ثَابت تدل على أَن هَذَا الحكم بِالظّهْرِ، وَيحصل الائتلاف بَين هَذِه الرِّوَايَات بِأَن نقُول: الأَصْل فِي الظّهْر التبكير عِنْد اشتداد الْبرد والإبراد عِنْد اشتداد الْحر، كَمَا دلّت عَلَيْهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، وَالْأَصْل فِي الْجُمُعَة، التبكير لِأَن يَوْم الْجُمُعَة يَوْم اجْتِمَاع النَّاس وازدحامهم، فَإِذا أخرت يشق عَلَيْهِم:.

     وَقَالَ  ابْن قدامَة: وَلذَلِك كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصليهَا إِذا زَالَت الشَّمْس صيفا وشتاءً على مِيقَات وَاحِد، ثمَّ إِن أنسا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَاس الْجُمُعَة على الظّهْر عِنْد اشتداد الْحر لَا بِالنَّصِّ، لِأَن أَكثر الْأَحَادِيث تدل على التَّفْرِقَة فِي الظّهْر وعَلى التبكير فِي الْجُمُعَة.



[ قــ :879 ... غــ :906 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ قَالَ حدَّثنا حَرَمِيُّ بنُ عُمَارَةَ قالَ حدَّثنا أبُو خَلْدَةَ هُوَ خالِدُ بنُ دِينارٍ قالَ سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ يَقُولُ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا اشْتَدَّ البَرْدُ بكَّرَ بِالصَّلاَةِ وَإذَا اشْتَدَّ الحَرُّ أبْرَدَ بِالصَّلاَةِ يَعْنِي الجُمُعَةَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( إِذا اشْتَدَّ الْحر) .

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الْمقدمِي، بِضَم الْمِيم وَفتح الْقَاف وَتَشْديد الدَّال الْمَفْتُوحَة، وحرمي، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالرَّاء وَكسر الْمِيم: ابْن عمَارَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم، وَأَبُو خلدَة، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام وَبِفَتْحِهَا أَيْضا، وَهُوَ كنية خَالِد بن دِينَار التَّمِيمِي السَّعْدِيّ الْبَصْرِيّ الْخياط، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: السماع.
وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أحد الروَاة بِصِيغَة النِّسْبَة وَالْآخر بالكنية وتصريح الِاسْم.
وَفِيه: أَن الروَاة كلهم بصريون.
وَفِيه: أَن البُخَارِيّ روى هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد فَقَط من أبي خلدَة.
قَالَه الغساني، وَأخرجه النَّسَائِيّ وَلم يذكر فِيهِ لفظ: الْجُمُعَة، بل ذكره بعد قَوْله: تَعْجِيل الظّهْر فِي الْبرد.

قَالَ يُونُسُ بنُ بُكَيْرٍ أخبرنَا أبُو خَلْدَةَ فَقَالَ بِالصَّلاةِ ولَمْ يَذْكُرِ الجُمُعَةَ
هَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي ( الْأَدَب الْمُفْرد) وَلَفظه: ( سَمِعت أنس بن مَالك، وَهُوَ مَعَ الحكم أَمِير الْبَصْرَة على السرير، يَقُول: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ الْحر أبرد بِالصَّلَاةِ، وَإِذا كَانَ الْبرد بكر بِالصَّلَاةِ) .
قَوْله: (.

     وَقَالَ  بِالصَّلَاةِ)
، أَي:.

     وَقَالَ  أَبُو خلدَة فِي رِوَايَة يُونُس عَنهُ بِلَفْظ: الصَّلَاة، فَقَط، وَلم يذكر الْجُمُعَة، وَكَذَا أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن أبي الْحسن: حَدثنَا أَبُو هِشَام عَن يُونُس بِلَفْظ: ( إِذا كَانَ الْحر أبرد بِالصَّلَاةِ وَإِذا كَانَ الْبرد بكرها) ، يَعْنِي: الظّهْر، وَكَذَا أخرجه الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبيد بن يعِيش عَنهُ بِلَفْظ: ( الصَّلَاة) ، فَقَط..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قَوْله: وَلم يذكر الْجُمُعَة، مُوَافق لقَوْل الْفُقَهَاء حَيْثُ قَالُوا: ندب الْإِبْرَاد إلاّ فِي الْجُمُعَة لشدَّة الْخطر فِي فَوَاتهَا، وَلِأَن النَّاس يبكرون إِلَيْهَا فَلَا يتأذون بِالْحرِّ.

وَقَالَ بِشْرُ بنُ ثابَتٍ حدَّثنا أبُو خَلْدَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا أميرٌ الجُمُعَةَ ثُمَّ قَالَ لأِنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَيْفَ كانَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الظهْرَ
هَذَا التَّعْلِيق وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق عَن بشر عَن أنس، بِلَفْظ: ( إِذا كَانَ الشتَاء بكر بِالظّهْرِ، وَإِذا كَانَ الصَّيف أبرد بهَا، وَلَكِن يُصَلِّي الْعَصْر وَالشَّمْس بَيْضَاء نقية) .
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا.
قَوْله: ( أَمِير) سَمَّاهُ البُخَارِيّ فِي كتاب ( الْأَدَب الْمُفْرد) على مَا ذَكرْنَاهُ، وَهُوَ: الحكم بن أبي عقيل الثَّقَفِيّ، كَانَ نَائِبا عَن ابْن عَمه الْحجَّاج بن يُوسُف، وَكَانَ على طَريقَة ابْن عَمه فِي تَطْوِيل الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة حَتَّى يكَاد الْوَقْت أَن يخرج، وَاسْتدلَّ بِهِ ابْن بطال على أَن وَقت الْجُمُعَة وَقت الظّهْر، لِأَن أنسا سوى بَينهمَا فِي جَوَابه للْحكم الْمَذْكُور، حَتَّى قيل: كَيفَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الظّهْر خلافًا لمن أجَاز الْجُمُعَة قبل الزَّوَال؟.

     وَقَالَ  التَّيْمِيّ: معنى الحَدِيث أَن الْجُمُعَة وَقتهَا وَقت الظّهْر، وَأَنَّهَا تصلى بعد الزَّوَال ويبرد بهَا فِي شدَّة الْحر، وَلَا يكون الْإِبْرَاد إلاّ بعد تمكن الْوَقْت،