هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
922 حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي زُبَيْدٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ ، عَنِ البَرَاءِ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ ، فَقَالَ : إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ، ثُمَّ نَرْجِعَ ، فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
922 حدثنا حجاج ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني زبيد ، قال : سمعت الشعبي ، عن البراء ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، فقال : إن أول ما نبدأ من يومنا هذا أن نصلي ، ثم نرجع ، فننحر فمن فعل فقد أصاب سنتنا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن البَرَاءِ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ ، فَقَالَ : إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ، ثُمَّ نَرْجِعَ ، فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا .

Narrated Al-Bara':

I heard the Prophet (ﷺ) (p.b.u.h) delivering a Khutba saying, The first thing to be done on this day (first day of `Id ul Adha) is to pray; and after returning from the prayer we slaughter our sacrifices (in the name of Allah) and whoever does so, he acted according to our Sunna (traditions).

AlBarâ' dit: «J'ai entendu le Prophète (r ) prononcer un sermon en disant: La première chose que nous faisons en notre jourci est la prière; après quoi, nous revenons pour faire le sacrifice. Celui qui agit ainsi a en fait suivi notre sunna.' »

":"ہم سے حجاج بن منہال نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے شعبہ نے بیان کیا ، انہیں زبید بن حارث نے خبر دی ، انہوں نے کہا کہ میں نے شعبی سے سنا ، ان سے براء بن عازب رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہمیں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے سنا ، آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے عید کے دن خطبہ دیتے ہوئے فرمایا کہ پہلا کام جو ہم آج کے دن ( عید الاضحیٰ ) میں کرتے ہیں ، یہ ہے کہ پہلے ہم نماز پڑھیں پھر واپس آ کر قربانی کریں ۔ جس نے اس طرح کیا وہ ہمارے طریق پر چلا ۔

AlBarâ' dit: «J'ai entendu le Prophète (r ) prononcer un sermon en disant: La première chose que nous faisons en notre jourci est la prière; après quoi, nous revenons pour faire le sacrifice. Celui qui agit ainsi a en fait suivi notre sunna.' »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [951] قَوْلِهِ إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ إِشْعَارًا بِأَنَّ الصَّلَاةَ ذَلِكَ الْيَوْمَ هِيَ الْأَمْرُ الْمُهِمُّ وَأَنَّ مَا سِوَاهَا مِنَ الْخُطْبَةِ وَالنَّحْرِ وَالذِّكْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ يَوْمَ النَّحْرِ فَبِطَرِيقِ التَّبَعِ وَهَذَا الْقَدْرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعِيدَيْنِ فَحَسَنٌ أَنْ لَا تُفْرَدَ التَّرْجَمَةُ بِعِيدِ النَّحْرِ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَة مُسْتَوفى فِي الْبَاب الَّذِي قبله ( قَولُهُ بَابُ الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ) أَيْ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [951] حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي زُبَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فَقَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا».
[الحديث أطرافه في: 955، 965، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673] .
وبالسند قال: ( حدَّثنا حجاج) هو: ابن منهال السلمي البصري ( قال: حدَّثنا شعبة) ابن الحجاج ( قال: أخبرني) بالإفراد ( زبيد) بضم الزاي وفتح الموحدة، ابن الحرث اليامي الكوفي ( قال: سمعت الشعبي) بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة، عامر بن شراحيل ( عن البراء) بن عازب، رضي الله عنه، ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( يخطب فقال) : ( إن أول ما نبدأ به من) ولأبي ذر، عن الحموي والمستملي، في ( يومنا هذا) يوم عيد النحر ( أن نصلي) صلاة العيد.
أي أوّل ما يكون الابتداء به في هذا اليوم الصلاة التي بدأنا بها، فعبّر بالمستقبل عن الماضي.
وفي رواية محمد بن طلحة، عن زبيد، الآتية إن شاء الله تعالى في هذا الحديث بعينه، خرج عليه الصلاة والسلام يوم أضحى، إلى البقيع، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه الشريف وقال: "إن أوّل نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة، ثم نرجع فننحر".
وأوّل عيد صلاّه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة.
وقد اختلف في حكم صلاة العيد بعد إجماع الأمة على مشروعيتها.
فقال أبو حنيفة، رحمه الله: واجبة على الأعيان.
وقال المالكية والشافعية: سُنّة مؤكدة.
وقال أحمد وجماعة: فرض على الكفاية.
واستدل الأوّلون بمواظبته عليه الصلاة والسلام عليها من غير ترك.
واستدلّ إلا المالكية والشافعية بحديث الأعرابي في الصحيحين: هل عليّ غيرها؟ قال: "لا إلاّ أن تطوّع".
وحديث: "خمس صلوات كتبهنّ الله في اليوم والليلة".
وحملوا ما نقله المزني عن الشافعي: أن من وجب عليه الجمعة وجب عليه حضور العيدين، على التأكيد، فلا إثم ولا قتال بتركها.
واستدلّ الحنابلة بقوله تعالى: { فصل لربك وانحر} وهو يدل على الوجوب.
وحديث الأعرابي يدل على: أنها لا تجب على كل أحد، فتعين أن تكون فرضًا على الكفاية.
وأجيب: بأنا لا نسلّم أن المراد بقوله: فصلّ صلاة العيد، سلّمنا ذلك، لكن ظاهره يقتضي وجوب النحر، وأنتم لا تقولون به، سلّمنا أن المراد من النحر ما هو أعمّ، لكن وجوبه خاصّ به، فيختص وجوب صلاة العيد به، سلّمنا الكل، وهو أن الأمر الأوّل غير خاصّ به، والأمر الثاني خاصّ.
لكن لا نسلّم أن الأمر للوجوب.
فنحمله على الندب جمعًا بينه وبين الأحاديث الأُخَر، سلّمنا جميع ذلك، لكن صيغة: صلِّ، خاصة به، فإن حملت عليه وأمتّه وجب إدخال الجميع، فلما دلّ الدليل على إخراج بعضهم؛ كما زعمتم، كان ذلك قادحًا في القياس، قاله البساطي.
( ثم نرجع) بالنصب عطفًا على نصلي، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: نحن نرجع ( فننحر) بالنصب ( فمن فعل) بأن ابتداء بالصلاة، ثم رجع فنحر ( فقد أصاب سُنّتنا) .
قال الزين بن المنير، فيه إشعار بأن صلاة ذلك اليوم هي الأمر المهم، وإن ما سواها من الخطبة والنحر وغير ذلك من أعمال البرّ يوم العيد، فبطريق التبع، وهذا القدر مشترك بين العيدين، وبذلك تحصل المناسبة بين الحديث والترجمة من حيث أنه قال فيها: العيدين، بالتثنية، مع أنه لا يتعلق إلا بعيد النحر.
ورواة الحديث، الأوّل: بصري، والثاني: واسطي، والثالث والرابع: كوفيان، وأخرجه المؤلّف في العيدين أيضًا، وفي الأضاحي، والإيمان والنذور، ومسلم في الذبائح، وأبو داود في الأضاحي، وكذا الترمذي.
وأخرجه النسائي في الصلاة، والأضاحي.
952 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: [دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا»]
.
وبه قال: ( حدّثنا عبيد بن إسماعيل) الهباري القرشي الكوفي ( قال: حدّثنا أبو أسامة) بضم الهمزة، حماد بن أسامة ( عن هشام) هو: ابن عروة ( عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل) عليّ ( أبو بكر) رضي الله عنه ( وعندي جاريتان من جواري الأنصار) إحداهما: لحسان بن ثابت، أو كلاهما لعبد الله بن سلام، واسم إحداهما: حمامة كما مر، ويحتمل أن تكون الثانية اسمها: زينب، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في النكاح، ( تغنيان) ولمسلم في رواية هشام أيضًا: بدف، وللنسائي: بدفين، ويقال له أيضًا: الكربال، بكسر الكاف، وهو الذي لا جلاجل فيه، فإن كانت فيه فهو المزهر، ( بما) ولأبوي ذر والوقت، عن الكشميهني: مما بميمين( تقاولت الأنصار) أي: بما قال بعضهم لبعض من فخر أو هجاء وللمصنف في الهجرة: بما تعازفت، بعين مهملة وزاي، وفي رواية: تقاذفت، بقاف بدل العين وذال معجمة بدل الزاي من القذف وهو هجاء بعضهم لبعض ( يوم بعاث) بضم الموحدة، حصن للأوس، أو موضع في ديار بني قريظة فيه أموالهم.
( قالت) عائشة: ( وليستا) أي: الجاريتان ( بمغنيتين) نفت عنهما من طريق المعنى ما أثبتته لهما باللفظ، لأن الغناء يطلق على: رفع الصوت، وعلى الترنم، وعلى الحداء، ولا يسمى فاعله مغنيًا، وإنما يسمى بذلك من ينشد بتمطيط وتكسر، وتهييج وتشويق، بما فيه تعريض بالفواحش، أو تصريح بما يحرك الساكن، ويبعث الكامن، وهذا لا يختلف في تحريمه.
ومباحث هذه المادة تأتي إن شاء الله تعالى في: كتاب الأشربة، عند الكلام على: حديث المعازف.
( فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان) بالرفع على الابتداء، ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي وابن عساكر: أبمزامير، أي: أتشتغلون بمزامير الشيطان ( في بيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ وذلك في يوم عيد.
فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)
: ( يا أبا بكر! إن لكل قوم عيدًا، وهذا) اليوم ( عيدنا) ، وإظهار السرور فيه من شعائر الدين.
واستدلّ به على جواز سماع صوت الجارية بالغناء، ولو لم تكن مملوكة، لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم ينكر على أبي بكر سماعه، بل أنكر إنكاره.
ولا يخفى أن محل الجواز ما إذا أمنت الفتنة بذلك.
4 - باب الأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ ( باب الأكل يوم) عيد ( الفطر قبل الخروج) إلى الصلّى لصلاة العيد.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [951] حدثنا حجاج: انا شعبة: أخبرني زبيد: سمعت الشعبي، عن البراء: سمعت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب، فقال: ( ( إن أول ما نبرأ في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا) ) .
ومراده: الاستدلال بهذا الحديث على أن سنة أهل الإسلام التي سنها لهم نبيهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عيد النحر: الصلاة ثم النحر بعد رجوعهم من الصلاة.
وهذا مما اتفق المسلمون على أنه سنة في يوم النحر، وإنما اختلفوا: هل هو واجب، أم لا؟ فأما النحر، فيأتي الكلام عليه في موضع آخر –إن شاء الله سبحانه وتعالى.
وأما صلاة العيد، فاختلف العلماء فيها على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها سنة مسنونة، فلو تركها الناس لم يأثموا.
هذا قولالثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأبي يوسف، وحكي رواية عن أحمد.
واختلفوا: هل يقاتلون على تركها؟ وفيه وجهان للشافعية.
وقال أبويوسف: آمرهم وأضربهم؛ لأنها فوق النوافل، ولا أقاتلهم؛ لأنها دون الفرائض.
وقد يتعلق لهذا القول بإخبار النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن المصلي يوم العيد أنه أصاب السنة.
ولا دليل فيه؛ فإن السنة يراد بها الطريقة الملازمة الدائمة، كقوله: { سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [الفتح:23] .
والقول الثاني: أنها فرض كفاية فإذا أجمع أهل بلد على تركها أثموا وقوتلوا على تركها.
وهو الظاهر مذهب أحمد، نص عليه في رواية المروذي وغيره.
وهو قول طائفة من الحنفية والشافعية.
والقول الثالث: أنها واجبة على الأعيان كالجمعة.
وهو قول أبي حنيفة، ولكنه لا يسميها فرضاً.
وحكى أبو الفرج الشيرازي – من أصحابنا - رواية عن أحمد: أنها فرض عين.
وقال الشافعي –في ( ( مختصر المزني) ) -: من وجب عليه حضور الجمعة وجب عليه حضور العيدين.
وهذا صريح في أنها واجبة على الأعيان.
وليس ذلك خلافاً لإجماعالمسلمين، كما ظنه بعضهم.
وكثيرمن أصحابه تأولوا نصه بتأويلات بعيدة، حتى إن منهم من حمله على أن الجمعة فرض كفاية كالعيد.
وأقرب ما يتأول به: أن يحمل على أن مراده: أن العيد فرض كفاية؛ لأن فروض الكفاية كفروض الأعيان في أصل الوجوب، ثُمَّ يسقط وجوب فرض الكفاية بفعل البعض دون فرض العين.
فقد يقال: إن الشافعي أراد أن يعلق الوجوب في العيد بمن يتعلق به وجوب الجمعة وإن كانت العيد تسقط بحضور بعض الناس دون الجمعة.
وهذا أشبه مما تأوله به أصحابه، مع مخالفته لظاهر كلامه وبعده منه؛ فإنه صرح بوجوب الحضور في العيد كحضور الجمعة.
الحديث الثاني:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَوْله بَاب سنة الْعِيدَيْنِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَقَدِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَزَادَ أَبُو ذَرٍّ عَنِ الْحَمَوِيِّ فِي أَوَّلِ التَّرْجَمَةِ الدُّعَاءُ فِي الْعِيد قَالَ بن رَشِيدٍ أَرَاهُ تَصْحِيفًا وَكَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ اللَّعِبُ فِي الْعِيدِ يَعْنِي فَيُنَاسِبُ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَهُوَ الثَّانِي مِنْ حَدِيثَيِ الْبَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ يُؤْخَذُ حُكْمُهُ من جَوَازِ اللَّعِبِ بَعْدَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَقَدْ رَوَى بن عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ أَنَّهُ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ فَقَالَ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ فَقَالَ نَعَمْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشَّامِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ مَرْفُوعًا وَخُولِفَ فِيهِ فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ ذَلِكَ فِعْلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ وَرَوَيْنَا فِي الْمَحَامِلِيَّاتِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ.

.
وَأَمَّا مُنَاسَبَةُ حَدِيثِ عَائِشَةَ لِلتَّرْجَمَةِ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْأَكْثَرُ فَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا مِنْ قَوْلِهِ وَهَذَا عِيدُنَا لِإِشْعَارِهِ بِالنَّدْبِ إِلَى ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّعِبَ لَا يُوصَفُ بِالنَّدْبِيَّةِ لَكِنْ يُقَرِّبُهُ أَنَّ الْمُبَاحَ قَدْ يَرْتَفِعُ بِالنِّيَّةِ إِلَى دَرَجَةِ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْعِبَادَةِ عَلَى اللَّعِبِ سُنَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ تُحْمَلُ السُّنَّةُ فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَرَاءِ فَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ سَيَأْتِي بِتَمَامِهِ بَعْدَ بَابٍ وَحَجَّاجٌ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ هُوَ بن مِنْهَالٍ وَاسْتَشْكَلَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مُنَاسَبَتَهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ قَالَ فِيهَا الْعِيدَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ إِلَّا بِعِيدِ النَّحْرِ وَأَجَابَ بِأَنَّ فِي

[ قــ :922 ... غــ :951] قَوْلِهِ إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ إِشْعَارًا بِأَنَّ الصَّلَاةَ ذَلِكَ الْيَوْمَ هِيَ الْأَمْرُ الْمُهِمُّ وَأَنَّ مَا سِوَاهَا مِنَ الْخُطْبَةِ وَالنَّحْرِ وَالذِّكْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ يَوْمَ النَّحْرِ فَبِطَرِيقِ التَّبَعِ وَهَذَا الْقَدْرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعِيدَيْنِ فَحَسَنٌ أَنْ لَا تُفْرَدَ التَّرْجَمَةُ بِعِيدِ النَّحْرِ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَة مُسْتَوفى فِي الْبَاب الَّذِي قبله

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
سنة العيدين لأهل الإسلام
فيه حديثان:
الأول:
[ قــ :922 ... غــ :951 ]
- حدثنا حجاج: انا شعبة: أخبرني زبيد: سمعت الشعبي، عن البراء: سمعت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب، فقال: ( ( إن أول ما نبرأ في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا) ) .

ومراده: الاستدلال بهذا الحديث على أن سنة أهل الإسلام التي سنها لهم نبيهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عيد النحر: الصلاة ثم النحر بعد رجوعهم من الصلاة.

وهذا مما اتفق المسلمون على أنه سنة في يوم النحر، وإنما اختلفوا: هل هو واجب، أم لا؟
فأما النحر، فيأتي الكلام عليه في موضع آخر –إن شاء الله سبحانه وتعالى.

وأما صلاة العيد، فاختلف العلماء فيها على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها سنة مسنونة، فلو تركها الناس لم يأثموا.

هذا قول الثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأبي يوسف، وحكي رواية عن أحمد.

واختلفوا: هل يقاتلون على تركها؟ وفيه وجهان للشافعية.
وقال أبويوسف: آمرهم وأضربهم؛ لأنها فوق النوافل، ولا أقاتلهم؛ لأنها دون الفرائض.

وقد يتعلق لهذا القول بإخبار النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن المصلي يوم العيد أنه أصاب السنة.

ولا دليل فيه؛ فإن السنة يراد بها الطريقة الملازمة الدائمة، كقوله: { سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [الفتح:23] .

والقول الثاني: أنها فرض كفاية فإذا أجمع أهل بلد على تركها أثموا وقوتلوا على تركها.

وهو الظاهر مذهب أحمد، نص عليه في رواية المروذي وغيره.
وهو قول طائفة من الحنفية والشافعية.

والقول الثالث: أنها واجبة على الأعيان كالجمعة.

وهو قول أبي حنيفة، ولكنه لا يسميها فرضاً.

وحكى أبو الفرج الشيرازي – من أصحابنا - رواية عن أحمد: أنها فرض عين.

وقال الشافعي –في ( ( مختصر المزني) ) -: من وجب عليه حضور الجمعة وجب عليه حضور العيدين.

وهذا صريح في أنها واجبة على الأعيان.

وليس ذلك خلافاً لإجماع المسلمين، كما ظنه بعضهم.

وكثيرمن أصحابه تأولوا نصه بتأويلات بعيدة، حتى إن منهم من حمله على أن الجمعة فرض كفاية كالعيد.

وأقرب ما يتأول به: أن يحمل على أن مراده: أن العيد فرض كفاية؛ لأن فروض الكفاية كفروض الأعيان في أصل الوجوب، ثُمَّ يسقط وجوب فرض الكفاية بفعل البعض دون فرض العين.

فقد يقال: إن الشافعي أراد أن يعلق الوجوب في العيد بمن يتعلق به وجوب الجمعة وإن كانت العيد تسقط بحضور بعض الناس دون الجمعة.

وهذا أشبه مما تأوله به أصحابه، مع مخالفته لظاهر كلامه وبعده منه؛ فإنه صرح بوجوب الحضور في العيد كحضور الجمعة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب سُنَّةِ الْعِيدَيْنِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ
وللأكثرين، وعزاه في الفرع لرواية أبي ذر، عن الكشميهني والمستملي، ( باب سُنّة العيدين لأهل الإسلام) وعليه اقتصر الإسماعيلي في المستخرج وأبو نعيم.

وقيد بأهل الإسلام إشارة إلى أن سُنّة أهل الإسلام في العيد خلاف ما يفعله غير أهل الإسلام في أعيادهم.


[ قــ :922 ... غــ : 951 ]
- حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي زُبَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فَقَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا».
[الحديث 951 - أطرافه في: 955، 965، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673] .

وبالسند قال: ( حدَّثنا حجاج) هو: ابن منهال السلمي البصري ( قال: حدَّثنا شعبة) ابن الحجاج ( قال: أخبرني) بالإفراد ( زبيد) بضم الزاي وفتح الموحدة، ابن الحرث اليامي الكوفي ( قال: سمعت الشعبي) بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة، عامر بن شراحيل ( عن البراء) بن عازب، رضي الله عنه، ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( يخطب فقال) :
( إن أول ما نبدأ به من) ولأبي ذر، عن الحموي والمستملي، في ( يومنا هذا) يوم عيد النحر ( أن نصلي) صلاة العيد.

أي أوّل ما يكون الابتداء به في هذا اليوم الصلاة التي بدأنا بها، فعبّر بالمستقبل عن الماضي.


وفي رواية محمد بن طلحة، عن زبيد، الآتية إن شاء الله تعالى في هذا الحديث بعينه، خرج عليه الصلاة والسلام يوم أضحى، إلى البقيع، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه الشريف وقال: "إن أوّل نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة، ثم نرجع فننحر".

وأوّل عيد صلاّه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة.

وقد اختلف في حكم صلاة العيد بعد إجماع الأمة على مشروعيتها.

فقال أبو حنيفة، رحمه الله: واجبة على الأعيان.

وقال المالكية والشافعية: سُنّة مؤكدة.

وقال أحمد وجماعة: فرض على الكفاية.

واستدل الأوّلون بمواظبته عليه الصلاة والسلام عليها من غير ترك.

واستدلّ إلا المالكية والشافعية بحديث الأعرابي في الصحيحين: هل عليّ غيرها؟ قال: "لا إلاّ أن تطوّع".
وحديث: "خمس صلوات كتبهنّ الله في اليوم والليلة".
وحملوا ما نقله المزني عن الشافعي: أن من وجب عليه الجمعة وجب عليه حضور العيدين، على التأكيد، فلا إثم ولا قتال بتركها.

واستدلّ الحنابلة بقوله تعالى: { فصل لربك وانحر} وهو يدل على الوجوب.

وحديث الأعرابي يدل على: أنها لا تجب على كل أحد، فتعين أن تكون فرضًا على الكفاية.

وأجيب: بأنا لا نسلّم أن المراد بقوله: فصلّ صلاة العيد، سلّمنا ذلك، لكن ظاهره يقتضي وجوب النحر، وأنتم لا تقولون به، سلّمنا أن المراد من النحر ما هو أعمّ، لكن وجوبه خاصّ به، فيختص وجوب صلاة العيد به، سلّمنا الكل، وهو أن الأمر الأوّل غير خاصّ به، والأمر الثاني خاصّ.
لكن لا نسلّم أن الأمر للوجوب.
فنحمله على الندب جمعًا بينه وبين الأحاديث الأُخَر، سلّمنا جميع ذلك، لكن صيغة: صلِّ، خاصة به، فإن حملت عليه وأمتّه وجب إدخال الجميع، فلما دلّ الدليل على إخراج بعضهم؛ كما زعمتم، كان ذلك قادحًا في القياس، قاله البساطي.

( ثم نرجع) بالنصب عطفًا على نصلي، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: نحن نرجع ( فننحر) بالنصب ( فمن فعل) بأن ابتداء بالصلاة، ثم رجع فنحر ( فقد أصاب سُنّتنا) .

قال الزين بن المنير، فيه إشعار بأن صلاة ذلك اليوم هي الأمر المهم، وإن ما سواها من الخطبة والنحر وغير ذلك من أعمال البرّ يوم العيد، فبطريق التبع، وهذا القدر مشترك بين العيدين، وبذلك تحصل المناسبة بين الحديث والترجمة من حيث أنه قال فيها: العيدين، بالتثنية، مع أنه لا يتعلق إلا بعيد النحر.


ورواة الحديث، الأوّل: بصري، والثاني: واسطي، والثالث والرابع: كوفيان، وأخرجه المؤلّف في العيدين أيضًا، وفي الأضاحي، والإيمان والنذور، ومسلم في الذبائح، وأبو داود في الأضاحي، وكذا الترمذي.
وأخرجه النسائي في الصلاة، والأضاحي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ سُنَّةِ العِيدَيْنِ لأِهْلِ الإسْلاَمِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان سنية الدُّعَاء فِي الْعِيد، وَهَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْحَمَوِيّ، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: بابُُ سنة الْعِيدَيْنِ لأهل الْإِسْلَام، وَسَنذكر وَجه الترجمتين على الْقَوْلَيْنِ.



[ قــ :922 ... غــ :951 ]
- حدَّثنا حَجَّاجٌ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبرنِي زُبَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبيَّ عنِ البَرَاءِ قَالَ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَخْطُبُ فَقَالَ إنَّ أوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنُ يَوْمنَا هاذَا أَن نُصلِّي ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أصَابَ سُنَّتَنَا.


مطابقته للتَّرْجَمَة المروية عَن الْحَمَوِيّ فِي قَوْله: يخْطب) ، فَإِن الْخطْبَة مُشْتَمِلَة على الدُّعَاء كَمَا أَنَّهَا تشْتَمل على غَيره من بَيَان أَحْكَام الْعِيد، وَأما التَّرْجَمَة المروية عَن الْأَكْثَرين فَظَاهره، لِأَن فِيهِ بَيَان سنة الْعِيد لأهل الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا ذكر قَوْله: ( لأهل الْإِسْلَام) ، إيضاحا أَن سنة أهل الْإِسْلَام فِي الْعِيد خلاف مَا يَفْعَله غير أهل الْإِسْلَام، لِأَن غير أهل الْإِسْلَام أَيْضا لَهُم أعياد كَمَا ذكر فِي الحَدِيث.
( إِن لكل قوم عيدا وَهَذَا عيدنا) .
فَإِن قلت: الحَدِيث فِي بَيَان سنة عيد النَّحْر، فَمَا وَجه قَوْله: ( سنة الْعِيدَيْنِ) بالتثنية؟ قلت: من جملَة سنة الْعِيدَيْنِ وَأَعْظَمهَا: الصَّلَاة، وَلَا يَخْلُو العيدان مِنْهَا بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره دَال مُهْملَة: ابْن الْحَارِث اليامي الْكُوفِي وكل مَا فِي البُخَارِيّ: زبيد فَهُوَ بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وكل مَا فِي ( الْمُوَطَّأ) فَهُوَ: بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف.
الرَّابِع: عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ.
الْخَامِس: الْبَراء بن عَازِب.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع.
وَفِيه: السماع فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع.
وَفِيه: أَن الأول من الروَاة بَصرِي وَالثَّانِي واسطي وَالثَّالِث وَالرَّابِع كوفيان.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْعِيدَيْنِ عَن آدم وَعَن سُلَيْمَان بن حَرْب وَفِي الْعِيدَيْنِ أَيْضا عَن بنْدَار عَن شُعْبَة وَفِي الْعِيدَيْنِ أَيْضا عَن أبي نعيم وَفِي الْأَضَاحِي عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَعَن مُسَدّد وَفِي الْعِيدَيْنِ أَيْضا عَن عُثْمَان عَن جرير وَعَن مُسَدّد عَن أبي الْأَحْوَص وَفِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور وَكتب إِلَيّ مُحَمَّد بن بشار.
وَأخرجه مُسلم فِي الذَّبَائِح عَن يحيى بن يحيى عَن هشيم وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن يحيى بن يحيى عَن خَالِد وَعَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار، كِلَاهُمَا عَن غنْدر وَعَن عبد الله بن معَاذ وَعَن هناد وقتيبة، كِلَاهُمَا عَن أبي الْأَحْوَص وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، كِلَاهُمَا عَن جرير وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن عبد الله بن نمير وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَعَن أَحْمد بن سعيد.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَضَاحِي عَن مُسَدّد عَن أبي الْأَحْوَص وَعَن خَالِد بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن عَليّ بن حجر.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن عُثْمَان ابْن عبد الله وَعَن مُحَمَّد بن عُثْمَان وَفِي الْأَضَاحِي عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن هناد عَن يحيى.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( يخْطب) ، جملَة فعلية فِي مَحل النصب على أَنَّهَا أحد مفعولي سَمِعت على مَذْهَب الْفَارِسِي، وَالصَّحِيح أَنه لَا يتَعَدَّى إلاّ إِلَى مفعول وَاحِد، فَحِينَئِذٍ يكون مَحل: يخْطب، نصبا على الْحَال.
قَوْله: ( هَذَا) أَشَارَ بِهِ إِلَى يَوْم الْعِيد، وَهُوَ عيد النَّحْر.
قَوْله: ( ثمَّ نرْجِع) ، بِالنّصب وَالرَّفْع، فالنصب على الْعَطف على: ( أَن نصلي) ، وَالرَّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: ثمَّ نَحن نرْجِع.
قَوْله: ( فَمن فعل) أَي: الِابْتِدَاء بِالصَّلَاةِ ثمَّ بعْدهَا بالنحر فقد أصَاب سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه: الأول: فِيهِ أَن صَلَاة الْعِيد سنة وَلكنهَا مُؤَكدَة، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي،.

     وَقَالَ  الاصطخري من أَصْحَابه فرض كِفَايَة، وَبِه قَالَ أَحْمد وَمَالك وَابْن أبي ليلى، وَالصَّحِيح عَن مَالك أَنه كَقَوْل الشَّافِعِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعند أبي حنيفَة وَأَصْحَابه: وَاجِبَة..
     وَقَالَ  صَاحب ( الْهِدَايَة) : وَتجب صَلَاة الْعِيد على كل من تجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة.
وَفِي مُخْتَصر أبي مُوسَى الضَّرِير، هِيَ فرض كِفَايَة، وَكَذَا قَالَ فِي الغزنوي، وَفِي ( الْقنية) : قيل: هِيَ فرض.
وَنقل الْقُرْطُبِيّ عَن الْأَصْمَعِي أَنَّهَا فرض.
وَاخْتلف فِيمَن يُخَاطب بالعيد، فروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك: فِي الْقرْيَة فِيهَا عشرُون رجلا أرى أَن يصلوا الْعِيدَيْنِ، وروى ابْن نَافِع عَنهُ أَنه: لَيْسَ ذَلِك إلاّ على من تجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة، وَهُوَ قَول اللَّيْث، وَأكْثر أهل الْعلم فِيمَا حَكَاهُ ابْن بطال..
     وَقَالَ  ربيعَة: كَانُوا يرَوْنَ الفرسخ وَهُوَ ثَلَاثَة أَمْيَال..
     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيّ: من آواه اللَّيْل إِلَى أَهله فَعَلَيهِ الْجُمُعَة والعيد..
     وَقَالَ  ابْن الْقَاسِم وَأَشْهَب: إِن شَاءَ من لَا تلزمهم الْجُمُعَة أَن يصلوها بِإِمَام فعلوا، وَلَكِن لَا خطْبَة عَلَيْهِم، فَإِن خطب فَحسن، وَحجَّة أَصْحَابنَا فِي الْوُجُوب مواظبته، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من غير ترك.
وَاسْتدلَّ شيخ الْإِسْلَام على وُجُوبهَا بقوله تَعَالَى: { ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} ( الْبَقَرَة: 185 وَالْحج: 37) .
قيل: المُرَاد من صَلَاة الْعِيد، وَالْأَمر للْوُجُوب.
وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى: { فصل لِرَبِّك وانحر} ( الْكَوْثَر: 2) .
إِن المُرَاد بِهِ صَلَاة عيد النَّحْر، فَتجب بِالْأَمر.

الْوَجْه الثَّانِي: أَن السّنة أَن يخْطب بعد الصَّلَاة، لما روى البُخَارِيّ وَمُسلم عَن نَافِع عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: ( كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ أَبُو بكر وَعمر يصلونَ الْعِيد قبل الْخطْبَة) ..
     وَقَالَ  ابْن بطال: فِيهِ أَن صَلَاة الْعِيد سنة، وَأَن النَّحْر لَا يكون إلاّ بعد الصَّلَاة، وَأَن الْخطْبَة أَيْضا بعْدهَا..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الْأَخير مَمْنُوع، بل الْمُسْتَفَاد مِنْهُ أَن الْخطْبَة مُقَدّمَة على الصَّلَاة.
قلت: لَا نسلم مَا قَالَه لِأَنَّهُ صرح بِأَن أول مَا يبْدَأ بِهِ يَوْم الْعِيد الصَّلَاة ثمَّ النَّحْر، وَلَقَد غر الْكرْمَانِي ظَاهر قَوْله: ( يخْطب، فَقَالَ: فالفاء فِيهِ تفسيرية، فسر فِي خطبَته الَّتِي خطب بهَا بعد الصَّلَاة أَن أول مَا يبْدَأ بِهِ يَوْم الْعِيد الصَّلَاة، وَلِأَنَّهَا هِيَ الْأَمر المهم، وَالْخطْبَة من التوابع، حَتَّى لَو تَركهَا لَا يضر صلَاته، بِخِلَاف خطْبَة الْجُمُعَة.
فَإِن قلت: وَقع للنسائي استدلاله بِحَدِيث الْبَراء على أَن الْخطْبَة قبل الصَّلَاة، وَترْجم لَهُ: بابُُ الْخطْبَة يَوْم الْعِيد قبل الصَّلَاة، وَاسْتدلَّ فِي ذَلِك بقوله: ( أول مَا نبدأ بِهِ فِي يَوْمنَا هَذَا أَن نصلي ثمَّ نَنْحَر) ، وَتَأَول أَن قَوْله: هَذَا قبل الصَّلَاة لِأَنَّهُ كَيفَ يَقُول: ( أول مَا نبدأ بِهِ أَن نصلي) وَهُوَ قد صلى.
قلت: قَالَ ابْن بطال: غلط النَّسَائِيّ فِي ذَلِك لِأَن الْعَرَب قد تضع الْفِعْل الْمُسْتَقْبل مَكَان الْمَاضِي، فَكَأَنَّهُ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أول مَا يكون الِابْتِدَاء بِهِ فِي هَذَا الْيَوْم الصَّلَاة الَّتِي قدمنَا فعلهَا، وبدأنا بهَا، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: { وَمَا نقموا مِنْهُم إلاّ أَن يُؤمنُوا بِاللَّه} ( البروج: 8) .
الْمَعْنى إلاّ الْإِيمَان الْمُتَقَدّم مِنْهُم، وَقد بَين ذَلِك فِي: بابُُ اسْتِقْبَال الإِمَام للنَّاس فِي خطْبَة الْعِيد، فَقَالَ: إِن أول نسكنا فِي يَوْمنَا هَذَا أَن نبدأ بِالصَّلَاةِ، وللنسائي: ( خطب يَوْم النَّحْر بعد الصَّلَاة) .

الْوَجْه الثَّالِث: أَن النَّحْر بعد الْفَرَاغ من الصَّلَاة، وَسَيَجِيءُ الْكَلَام فِيهِ فِيمَا بعد، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.