هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
941 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ عَنِ التَّلْبِيَةِ ، كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : كَانَ يُلَبِّي المُلَبِّي ، لاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ ، وَيُكَبِّرُ المُكَبِّرُ ، فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
941 حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا مالك بن أنس ، قال : حدثني محمد بن أبي بكر الثقفي ، قال : سألت أنس بن مالك ونحن غاديان من منى إلى عرفات عن التلبية ، كيف كنتم تصنعون مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كان يلبي الملبي ، لا ينكر عليه ، ويكبر المكبر ، فلا ينكر عليه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ عَنِ التَّلْبِيَةِ ، كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : كَانَ يُلَبِّي المُلَبِّي ، لاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ ، وَيُكَبِّرُ المُكَبِّرُ ، فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ.

Narrated Muhammad bin Abi Bakr Al-Thaqafi:

While we were going from Mina to `Arafat, I asked Anas bin Malik, about Talbiya, How did you use to say Talbiya in the company of the Prophet? Anas said: People used to say Talbiya and their saying was not objected to and they used to say Takbir and that was not objected to either.

Muhammad ben Abu Bakr athThaqafy dit: «Un matin, étant en route, de Mina à 'Arafat, j'interrogeai 'Anas sur la talbiya: Comment la faisiezvous du temps du Prophète (r )? — Quelquesuns, réponditil, prononçaient la talbiya; d'autres le tekbîr, et aucun ne recevait de reproches.»

":"ہم سے ابونعیم نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے امام مالک بن انس نے بیان کیا ، کہا کہ مجھ سے محمد بن ابی بکر ثقفی نے بیان کیا ، کہا کہمیں نے انس بن مالک رضی اللہ عنہ سے تلبیہ کے متعلق دریافت کیا کہ آپ لوگ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے عہد میں اسے کس طرح کہتے تھے ۔ اس وقت ہم منیٰ سے عرفات کی طرف جا رہے تھے ، انہوں نے فرمایا کہ تلبیہ کہنے والے تلبیہ کہتے اور تکبیر کہنے والے تکبیر ۔ اس پر کوئی اعتراض نہ کرتا ۔

Muhammad ben Abu Bakr athThaqafy dit: «Un matin, étant en route, de Mina à 'Arafat, j'interrogeai 'Anas sur la talbiya: Comment la faisiezvous du temps du Prophète (r )? — Quelquesuns, réponditil, prononçaient la talbiya; d'autres le tekbîr, et aucun ne recevait de reproches.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [970] .

     قَوْلُهُ  سَأَلْتُ أَنَسًا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ .

     قَوْلُهُ  وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ هَذَا مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فِيهَا وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ أَنَسًا احْتَجَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّكْبِيرِ فِي مَوْضِعِ التَّلْبِيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ كَبَّرَ أَضَافَ التَّكْبِيرَ إِلَى التَّلْبِيَةِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [970] حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: [سَأَلْتُ أَنَسًا -وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ- عَنِ التَّلْبِيَةِ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: كَانَ يُلَبِّي الْمُلَبِّي لاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ] .
[الحديث طرفه في: 1659] .
وبالسند قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا مالك بن أنس) إمام دار الهجرة، ( قال: حدّثني) بالإفراد ( محمد بن أبي بكر) هو: ابن عوف ( الثقفي) بالمثلثة والقاف المفتوحتين ( قال: سألت أنسًا) ولأبي ذر: سألت أنس بن مالك ( ونحن غاديان) أي: والحال أنّا سائران ( من منى إلى عرفات- عن التلبية) : ( كيف كنتم تصنعون مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال: كان) الشأن ( يلبي الملبي لا ينكر عليه، ويكبّر المكبّر فلا ينكر عليه) هذا موضع الجزء الأخير من الترجمة، وهو قوله: وإذا غدا إلى عرفة.
وظاهره: أن أنسًا احتج به على جواز التكبير في موضع التلبية، أو المراد أنه يدخل شيئًا من الذكر خلال التلبية، لا أنه يترك التلبية بالكلية.
لأن السُّنّة أن لا يقطع التلبية إلا عند رمي جمرة العقبة.
وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وقال مالك: إذا زالت الشمس.
وقوله: ينكر، مبني للمفعول في الموضعين، كما في الفرع وفي غيره بالبناء للفاعل فيهما، والضمير المرفوع في كل منهما يرجع إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقوله: لا ينكر الأول بغير فاء.
والثاني: فلا ينكر بإثباتها.
وفي هذا الحديث: التحديث والسؤال والقول، وأخرجه أيضًا: في الحج، ومسلم في المناسك، وكذا النسائي وابن ماجة.
971 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَاصِمٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: " [كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ، حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الْحُيَّضَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ، يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ] ".
وبه قال: ( حدّثنا محمد) غير منسوب ( قال: حدّثنا عمر بن حفص) كذا لأبي ذر، وكريمة، وأبي الوقت.
وفي اليونينية: أن على حاشية نسخة أبي ذر ما لفظه: يشبه أن يكون محمد بن يحيى الذهلي، قاله أبو ذر.
اهـ.
ولابن السكن، وأبي زيد المروي، وأبي أحمد الجرجاني: حدّثنا عمر بن حفص، بإسقاط لفظ: محمد.
وفي رواية الأصيلي، عن بعض مشايخه: حدّثنا محمد البخاري، وله مما هو في نسخته كما ذكره في الفرع وأصله: حدّثنا عمر في حفص.
وعلى هذا فلا واسطة بين البخاري وبين عمر بن حفص.
وقد حدّث المؤلّف عنه بالكثير من غير واسطة، وربما أدخلها أحيانًا والراجح سقوطها هنا في هذا الإسناد، وبذلك جزم أبو نعيم في المستخرج.
قاله الحافظ ابن حجر.
وعمر بن حفص هو: ابن غياث النخعي الكوفي ( حدّثنا أبي) حفص ( عن عاصم) هو: ابن سليمان الأحول ( عن حفصة) بنت سيرين الأنصارية، أخت محمد بن سيرين، ( عن أم عطية) نسيبة بنت كعب الأنصارية ( قالت: كنا نؤمر) بالبناء للمفعول، وهو من المرفوع، وقد وقع التصريح برفعه في الرواية الآتية قريبًا عن أبي ذر، وعن الحموي والمستملي ( أن نخرج) بأن نخرج أي: بالإخراج ( يوم العيد حتى نخرج البكر) بضم النون وكسر الراء، والبكر: بالنصب على المفعولية، وللأصيلي وأبي ذر: حتى تخرج، بالمثناة الفوقية المفتوحة وضم الراء، البكر: بالرفع على الفاعلية ( من خدرها) بكسر الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة، أي: من سترها.
وللحموي والمستملي، وعزاها في الفتح للكشميهني: من خدرتها بالتأنيث ( حتى نخرج الحيض) بضم النون وكسر الراء في الأول: وضم الحاء المهملة وتشديد المثناة التحتية ونصب المعجمة على المفعولية، ولأبي ذر، والأصيلى: حتى تخرج الحيض، بفتح المثتاة الفوقية وضم الراء، ورفع الحيض على الفاعلية، جمع: حائض.
وحتى الثانية غاية للغاية الأولى، أبي عطف عليها بحذف الأداة ( فيكن خلف الناس فيكبّرن) النساء ( بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته) بضم الطاء المهملة وسكون الهاء: أي التطهّر من الذنوب.
وتأتي مباحث الحديث بعد بابين، إن شاء الله تعالى.
ووجه مطابقته للترجمة من جهة: أن يوم العيد كأيام منى بجامع أنها أيام مشهودات، والذهلي: نيسابوري، والراوي الثاني والثالث.
كوفيان، والرابع والخامس: بصريان، وأخرج المؤلّف بعضه في حديث طويل من باب: شهود الحائض للعيدين، وفي الحج، وكذا أخرجه بقية الستة، والله أعلم.
13 - باب الصَّلاَةِ إِلَى الْحَرْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ ( باب الصلاة إلى الحربة) زاد أبو ذر، عن الكشميهني: يوم العيد.
972 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: [أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَت تُرْكَزُ الْحَرْبَةُ قُدَّامَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، ثُمَّ يُصَلِّي] .
وبالسند قال: ( حدّثنا) بالجمع، ولأبي ذر: حدّثني ( محمد بن بشار) بالموحدة المفتوحة والمعجمة المشددة ( قال: حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي ( قال: حدّثناعبيد الله) بالتصغير، هو: العمري ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما، ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كانت تركز) بضم أوّله وفتح الكاف.
أي: تغرز، وزاد أبو ذر: له ( الحربة) في الأرض ( قدامه) لتكون سترة له في صلاته ( يوم) عيد ( الفطر و) يوم عيد ( النحر، ثم يصلّي) إليها.
وأما صلاته في منى إلى غير جدار، فلبيان أنها ليست فريضة، بل سُنّة.
والحربة دون الرمح.
وسبق الحديث في باب: سترة الإمام سترة لمن خلفه.
14 - باب حَمْلِ الْعَنَزَةِ -أَوِ الْحَرْبَةِ بَيْنَ يَدَىِ الإِمَامِ يَوْمَ الْعِيدِ ( باب حمل العنزة) .
بفتحات وهي أقصر من الرمح في طرفها زج ( -أو الحربة- بين يدي الإمام يوم العيد) عند خروجه للصلاة.
واستشكل بما سبق من النهي عن حمل السلاح يوم العيد.
وأجيب: بأن النهي إنما هو عند خوف التأذّي به كما مرّ.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى)
أَيْ يَوْمَ الْعِيدِ وَالثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ وَقَولُهُ وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ أَيْ صُبْحَ يَوْمِ التَّاسِعِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ حِكْمَةُ التَّكْبِيرِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يَذْبَحُونَ لِطَوَاغِيتِهِمْ فِيهَا فَشُرِعَ التَّكْبِيرُ فِيهَا إِشَارَة إِلَى تَخْصِيصِ الذَّبْحِ لَهُ وَعَلَى اسْمِهِ عَزَّ وَجَلَّ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ عُمَرُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى إِلَخْ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ السُّوقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا وَوَصَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ التَّعْلِيقِ وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيُّ وَقَولُهُ تَرْتَجُّ بِتَثْقِيلِ الْجِيمِ أَيْ تَضْطَرِبُ وَتَتَحَرَّكُ وَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي اجْتِمَاعِ رفع الْأَصْوَات قَوْله وَكَانَ بن عمر الخ وَصله بن الْمُنْذِرِ وَالْفَاكِهِيُّ فِي أَخْبَارِ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقِ بن جريج أَخْبرنِي نَافِع أَن بن عُمَرَ فَذِكْرُهُ سَوَاءٌ وَالْفُسْطَاطُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَيَجُوزُ كسرهَا وَيجوز مَعَ ذَلِكَ بِالْمُثَنَّاةِ بَدَلَ الطَّاءِ وَبِإِدْغَامِهَا فِي السِّينِ فَتِلْكَ سِتُّ لُغَاتٍ وَقَولُهُ فِيهِ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ جَمِيعًا أَرَادَ بِذَلِكَ التَّأْكِيدَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِدُونِ وَاوٍ عَلَى أَنَّهَا ظَرْفٌ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ أَيْ بِنْتُ الْحَارِثِ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَثَرِهَا هَذَا مَوْصُولًا .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ النِّسَاءُ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَكُنَّ النِّسَاءُ وَهِيَ عَلَى اللُّغَةِ الْقَلِيلَةِ وَأَبَان الْمَذْكُور هُوَ بن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ فى زمن بن عَمِّ أَبِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَقَدْ وَصَلَ هَذَا الْأَثَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ وَحَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْبَابِ سَلَفُهُنَّ فِي ذَلِكَ وَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآثَارُ عَلَى وُجُودِ التَّكْبِيرِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَوَاضِعَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَ التَّكْبِيرَ عَلَى أَعْقَابِ الصَّلَوَاتِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ ذَلِكَ بِالْمَكْتُوبَاتِ دُونَ النَّوَافِلِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّهُ بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَبِالْجَمَاعَةِ دُونَ الْمُنْفَرِدِ وَبِالْمُؤَدَّاةِ دُونَ الْمَقْضِيَّةِ وَبِالْمُقِيمِ دُونَ الْمُسَافِرِ وَبِسَاكِنِ الْمِصْرِ دُونَ الْقَرْيَةِ وَظَاهِرُ اخْتِيَارِ الْبُخَارِيِّ شُمُولُ ذَلِكَ لِلْجَمِيعِ وَالْآثَارُ الَّتِي ذَكَرَهَا تُسَاعِدُهُ وَلِلْعُلَمَاءِ اخْتِلَافٌ أَيْضًا فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ فَقِيلَ مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَقِيلَ مِنْ ظُهْرِهِ وَقِيلَ مِنْ عَصْرِهِ وَقِيلَ مِنْ صُبْحِ يَوْمِ النَّحْرِ وَقِيلَ مِنْ ظُهْرِهِ وَقِيلَ فِي الِانْتِهَاءِ إِلَى ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَقِيلَ إِلَى عَصْرِهِ وَقِيلَ إِلَى ظُهْرِ ثَانِيهِ وَقِيلَ إِلَى صُبْحِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقِيلَ إِلَى ظُهْرِهِ وَقِيلَ إِلَى عَصْرِهِ حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ كُلَّهَا النَّوَوِيُّ إِلَّا الثَّانِيَ مِنَ الِانْتِهَاءِ وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَن أَصْحَاب بن مَسْعُودٍ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ وَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِيهِ عَنِ الصَّحَابَةِ قَوْلُ على وبن مَسْعُود إِنَّه من صبح يَوْم عَرَفَة إِلَى آخر أَيَّام منى أخرجه بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا صِيغَةُ التَّكْبِيرِ فَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِيهِ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ كَبِّرُوا اللَّهَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَنُقِلَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَخْرَجَهُ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَزَادَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَقِيلَ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَزِيدُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِلَخْ وَقِيلَ يُكَبِّرُ ثِنْتَيْنِ بَعْدَهُمَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ جَاءَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَنِ بن مَسْعُودٍ نَحْوُهُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَدْ أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ زِيَادَةٌ فِي ذَلِكَ لَا أَصْلَ لَهَا

[ قــ :941 ... غــ :970] .

     قَوْلُهُ  سَأَلْتُ أَنَسًا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ .

     قَوْلُهُ  وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ هَذَا مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فِيهَا وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ أَنَسًا احْتَجَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّكْبِيرِ فِي مَوْضِعِ التَّلْبِيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ كَبَّرَ أَضَافَ التَّكْبِيرَ إِلَى التَّلْبِيَةِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
التكبير أيام منى، وإذا غدا إلى عرفة

وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمع أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتَّى ترتج منى تكبيرا.

وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه، تلك الأيام جمعا.

وكانت ميمونة تكبر يوم النحر.

وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد.

قد تقدم: أن الأيام المعدودات التي أمر الله بذكره فيها هي أيام منى.

وهل هي الأربعة كلها، أو أيام الذبح منها؟ فيهِ خلاف سبق ذكره.

وهو مبني على أن ذكر الله فيها: هل هوَ ذكره على الذبائح.
أو أعم من ذَلِكَ؟
والصحيح: أنه أعم من ذَلِكَ.

وفي ( ( صحيح مسلم) ) ، أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ في أيام منى: ( ( إنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل) ) .

وذكر الله في هذه الأيام نوعان:
أحدهما: مقيد عقيب الصلوات.
والثاني: مطلق في سائر الأوقات.

فأما النوع الأول:
فاتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة، وليس فيهِ حديث مرفوع صحيح، بل إنما فيهِ آثار عن الصحابة ومن بعدهم، وعمل المسلمين عليهِ.

وهذا مما يدل على أن بعض ما أجمعت الأمة عليهِ لم ينقل إلينا فيهِ نص صريح عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بل يكتفى بالعمل به.

وقد قالَ مالك في هذا التكبير: إنه واجب.

قالَ ابن عبد البر: يعني وجوب سنة.

وهو كما قالَ.

وقد اختلف العلماء في أول وقت هذا التكبير وآخره.

فقالت طائفة: يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.

فإن هذه أيام العيد، كما في حديث عقبة بن عامر، عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ:
( ( يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام) ) .

خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وصححه.

وقد حكى الإمام أحمد هذا القول إجماعاً من الصحابة، حكاه عن عمر وعليّ وابن مسعود وابن عباس.

فقيل له: فابن عباس اختلف عنه؛ فقالَ: هذا هوَ الصحيح عنه، وغيره لا يصح عنه.

نقله الحسن بن ثواب، عن أحمد.
وإلى هذا ذهب أحمد؛ لكنه يقول: إن هذا في حق أهل الأمصار، فأما أهل الموسم فإنهم يكبرون من صلاة الظهر يوم النحر؛ لأنهم قبل ذَلِكَ مشتغلون بالتلبية.

وحكاه عن سفيان بن عيينة، وقال: هوَ قول حسن.

ويمتد تكبيرهم إلى آخر أيام التشريق - أيضاً - على المشهور عنه.

ونقل حرب، عنه، أنهم يكبرون إلى صلاة الغداة من آخر أيام التشريق.

وممن فرق بين الخارج وأهل الأمصار: أبو ثور.
وروى الخضر الكندي، عن
عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: إذا كان عليه تكبير وتلبية بدأ بالتكبير، ثم التلبية.

قال أبو بكر بن جعفر: لم يروها غيره.

قلت: الخضر هذا، غير مشهور، وهو يروي عن عبد الله بن أحمد المناكير التي تخالف روايات الثقات، عنه، والذي نقل الثقات، عن أحمد، أن الحاج لا يكبر حتى يقطع التلبية، فكيف يجتمعان عليهِ؟
وقد حملها أبو بكر إلى ما إذا اخر الحاج رمي جمرة العقبة حتَّى صلى الظهر؛ فإنه يجتمع عليهِ في صلاة الظهر - حينئذ - تلبية وتكبير.

ووجهه: بأن هذا الوقت وقت التكبير، وإنما صار وقت تلبية في حق هذا لتأخيره الرمي، وهو نوع تفريط منه، فلذلك بدأ بالتكبير قبل التلبية.

والاجماع الذي ذكره أحمد، إنما هو في ابتداء التكبير يوم عرفة من صلاة الصبح.

أما اخر وقته، فقد اختلف فيه الصحابة الذين سماهم.

فأما علي، فكان يكبر من صبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق.

وهي الرواية التي صححها الإمام أحمد، عن ابن عباس.

وكذلك روي عن عمر.

وروي، عنه: إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق.

وأنكره يحيى القطان.

وإلى قول علي ذهب الثوري وابن أبي ليلى وشريك وإسحاق.

ولم يفرق بين أهل منى وغيرها.

وكذلك أكثر العلماء، وهو قول الثوري.

وكذلك قال: إذا أجتمع التكبير والتلبية بدأ بالتكبير.

وأما ابن مسعود، فإنه كان يكبر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى الصلاة العصر يوم النحر.

وهو قول أصحابه، كالأسود وعلقمة، وقول النخعي وأبي حنيفة.

وروى خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: التكبير من الصلاة الظهر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق.

وهذه الرواية التي ضعفها أحمد، وذكر أنها مختلفة.
قال عبد الرزاق: وبلغني عن زيد بن ثابت - مثله.

وعن الحسن، قال: يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر من يوم النفر الأول.

وروى العمري، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر، من آخر أيام التشريق.

وروى الواقدي بأسانيده، عن عثمان وابن عمر وزيد بن ثابت وأبي سعيد -
نحوه.

وعن عطاء، أن الأئمة كانوا يكبرون صلاة الظهر يوم النحر، يبتدؤن بالتكبير كذلك إلى آخر أيام التشريق.

وقد روي عن عمر بن عبد العزيز التكبير من صلاة الظهر يوم النحر إلى صبح آخر أيام التشريق.

وإليه ذهب مالك والشافعي – في أشهر أقواله.

وله قول آخر كقول علي ومن وافقه.

وله قول ثالث: بيدأ من ليلة النحر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق.

والمحققون من أصحابه على أن هذه الاقوال الثلاثه في حق أهل الأ مصار، فأما أهل الموسم بمنى، فإنهم يبدءون بالتكبير عقيب صلاة الظهر يوم النحر إلى الصبح من آخر أيام التشريق بغير خلاف، ونقلوه عن الشافعي.

وهذا يوافق قول أحمد في ابتدائه.

وأختار جماعة من أصحابه القول بأن ابتداءه في الأمصار من صبح يوم عرفة وانتهاءه عصر آخر يوم من أيام التشريق.

منهم المزني وأبن سريج وابن المنذر والبيهقي وغيرهم من الفقهاء المحدثين منهم.

قالوا: وعليه عمل الناس في الأمصار.

وفي المسألة للسلف أقوال أخر.

وفي الباب حديث مرفوع، لايصح إسناده.

وخرجه الحاكم من حديث علي وعمار.

وضعفه البيهقي، وهو كما قال.

وقد أشار البخاري إلى مسألتين من مسائل هذا التكبير.

إحداهما:
أن التكبير يكون خلف الفرائض.

وهل يكبر خلف صلاة التطوع؟
فقد تقدم في باب الماضي، عن محمد بن علي –وهو: أبو جعفر -، أنه كانَ يكبر خلف النوافل.

وإلى قوله ذهب الشافعي – في أشهر قوليه – وابن المنذر.

وقال أكثر العلماء: لايكبر عقب النوافل.

وأختلفوا في التكبير عقب صلاة عيد النحر:
فقال مجاهد: يكبر.

وقال أحمد: إن ذهب رجل إلى ذا فقد روي فيه عن بعض التابعين، والمعروف في المكتوبة.

وقال أبو بكر ابن جعفر –من أصحابنا -: يكبر؛ لأن صلاة العيد عندنا فرض كفاية، فهي ملحقة بالفرائض، وهو قول إسحاق بن راهويه، وحكاه عن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز والشعبي وعطاء الخراساني وغيرهم.

وللشافعي قولان.

واختلفوا: هل يكبر من صلى الفرض وحده؟ على قولين.

أحدهما: لايكبر، وهومروي عن ابن عمر.

وذكره سفيان الثوري، عن أبي جعفر، عن أنس.

وقال ابن مسعود: ليس بالتكبير في أيام التشريق على الواحد والاثنين، التكبير على من صلى في جماعة.

وممن قال: لايكبر إذا صلى الفرض وحده: الثوري وأبو حنيفة وأحمد - في
رواية.

والقول الثاني: وهو قول الشعبي والنخعي والأوزاعي والثوري – في رواية
أخرى – والحسن بن صالح ومالك والشافعي وأحمد في رواية أخرى.

وقال هؤلاء كلهم: يكبر في السفر والحضر.

وقال أبو حنيفة: لايكبر المسافر إلا إذا اقتدى بالمقيم، تبعاً له، واتفقوا على أن الحاج يكبرون بمنى.

المسألة الثانية:
أن النساء كن يكبرن إذا صلين مع الرجال في المسجد خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز – يعني: مسجد المدينة - في ليالي أيام التشريق.
وهذا يدل على أن النساء إنما كن يشهدن المساجد بالليل، كما سبق.

ولا خلاف في أن النساء يكبرن مع الرجال تبعاً، إذا صلين معهم جماعة، ولكن المرأة تخفض صوتها بالتكبير.

وإن صلت منفردة، ففي تكبيرها الرجل المنفرد، بل هي أولى بعدم التكبير.

وإن صلى النساء جماعة، ففي تكبيرهن قولان – أيضاً -، وهما روايتان عن الثوري وأحمد.

ومذهب أبي حنيفة: لايكبرن.

ومذهب مالك والشافعي: يكبرن.

النوع الثاني:
التكبير المطلق، الذي لا يتقيد بوقت.

وقد ذكر البخاري عن عمر وابن عمر، أنهما كانا يكبران بمنى – يعني: في غير إدبار الصلوات -، وأن الناس كانوا يكبرون بتكبير عمر حتى ترتج منى.

وعن ميمونة، أنها كانت تكبر يوم النحر.

وقد روى أبو عبيد: حدثني يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، أن عمر كان يكبر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، فيسمعه أهل السوق فيكبرون حتى ترتج منى تكبيراً.

وخرجه عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن عمر بن دينار: سمعت عبيد بن عمير - فذكره بمعناه.

وخرجه وكيع في ( ( كتابه) ) ، عن طلحة، عن عطاء.

وخرجه - أيضاً -، عن عبد الله بن نافع، عن أبيه، أن عمر كان يكبر تلك الأيام بمنى، ويقول: التكبير واجب على الناس، ويتأول هذه الآية: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أيام مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] .

وذكر مالك في ( ( الموطأ) ) ، انه بلغه، أن عمر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر، حين ارتفع النهار شيئاً، فكبر الناس بتكبيره، ثم خرج حين زاغت الشمس، فكبر، فكبر الناس بتكبيره، حتى يتصل التكبير ويبلغ البيت، فيعلم أن عمر قد خرج يرمي.

وهذا منصوص الشافعي، قال في المصلي: إذا سلم كبر خلف الفرائض والنوافل وعلى كل حال.

وذكر في ( ( الأم) ) من هذا الباب، أنه يكبر الحائض والجنب وغير المتوضىء في جميع الساعات من الليل والنهار ومذهب مالك، انه لا يكبر في أيام التشريق في غير دبر الصلوات.
قال: كذلك كان من يقتدي به يفعل.

ذكره صاحب ( ( تهذيب المدونة) ) .

وتأول بعض أصحابه تكبير عمر بمنى على أنه كان عند رمي الجمار وهو تأويل فاسد ولم يذكر أصحابنا التكبير في عيد النحر إلا في أدبار الصلوات، غير أنهم ذكروا إظهار التكبير في ليلة العيد، وفي الخروج إلى المصلى إلى أن يخرج الإمام، والتكبير مع الإمام إذا كبر في خطبته.

وحكى بعضهم خلافاً عن أحمد في التكبير في حال الرجوع من المصلي إلى المنزل.

خرج البخاري في هذا الباب حديثين:
الأول:
[ قــ :941 ... غــ :970 ]
- ثنا أبونعيم: ثنا مالك بن أنس، حدثني محمد بن أبي بكر الثقفي، قال: سألت أنساً - ونحن غاديان من منى إلى عرفات – عن التلبية: كيف كنتم تصنعون مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قالَ: كانَ يلبي الملبي، لاينكر عليهِ، ويكبر المكبر، لا ينكر عليهِ 0
وقد أعاده في ( ( كتاب الحج) ) ، عن عبد الله بن يوسف، وفي حديثه: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله ? - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقال: كان يهل منا المهل فلا ينكر
عليه، ويكبر منا المكبر، فلا ينكر عليه.

في هذا الحديث: دليل على أن إظهار التكبير يوم عرفة مشروع، ولو كان صاحبه محرماً قاصداً عرفة للوقوف بها، مع أن شعار الإحرام التلبية.

فإذا لم ينكر عليه إظهار التكبير للمحرم الذي وظيفته إظهار التلبية، فلغير المحرم من أهل الأمصار أولى.

فهذا من أحسن ما يستدل به على استحباب إظهار التكبير يوم عرفة في الأمصار وغيرها؛ فإن يوم عرفة أول أيام العيد الخمسة لأهل الإسلام؛ ولذلك يشرع إظهار التكبير في الخروج إلى العيدين في الأمصار.

وقد روي ذلك عن عمر وعليّ وابن عمر وأبي قتادة، وعن خلق من التابعين ومن بعدهم.

وهو إجماع من العلماء لايعلم بينهم فيه خلاف في عيد النحر، إلا ما روى
الأثرم، عن أحمد، أنه لا يجهر به في عيد النحر، ويجهر به في عيد الفطر.

ولعل مراده: أنه يجهر به في عيد النحر دون الجهر في عيد الفطر؛ فإن تكبير عيد الفطر – عنده – آكد.

وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: كانوا في عيد الفطر أشد منهم في الأضحى.

يعني: في التكبير.

وروي عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، انه سمع تكبير الناس يوم
العيد، فقال: أيكبر الإمام؟ قالوا: لا.
قالَ: ما شأن الناس أمجانين؟ وشعبة هذا، متكلم فيه.

ولعله أراد التكبير في حال الخطبة.

وروي التكبير في الخروج يوم الفطر عن أبي أمامة وغيره من الصحابة.

خرجه الجوزجاني بإسناد ضعيف.
وعن النخعي وأبي حنيفة، أنه لا يكبر في عيد الفطر بالكلية.

وروي عنهما موافقة الجماعة.

وقال أحمد في التكبير في عيد الفطر: كأنه واجب؛ لقوله: { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] .

وهذه الآية نظيرها قوله تعالى في سياق ذكر الهدايا: { كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [الحج: 37] ، فأستوى العيدان في ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى، وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ
وَكَانَ عُمَرُ -رضي الله عنه- يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعًا.
وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزَ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ.

( باب التكبير أيام منى) يوم العيد، الثلاثة بعده.
( و) التكبير ( إذا غدا) صبيحة التاسع ( إلى عرفة) للوقوف بها.

( وكان عمر) بن الخطاب ( رضي الله عنه) مما وصله سعيد بن منصور، من رواية عبيد بن عمير عنه، وأبو عبيدة من وجه آخر، والبيهقي من طريقه، ولأبي ذر مما في فرع اليونينية: وكان ابن عمر ( يكبر في قبته) بضم القاف وتشديد الموحدة، بيت صغير من الخيام مستدير من بيوت العرب ( بمنى) في أيامها ( فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق) بتكبيره ( حتى ترتج منى) بتشديد الجيم، أي: تضطرب وتتحرك مبالغة في اجتماع رفع الأصوات ( تكبيرًا) بالنصب، أي: لأجل التكبير.

وقد أبدى الخطابي للتكبير أيام منى حكمة وهي: أن الجاهلية كانوا يذبحون لطواغيتهم فيها، فشرع التكبير فيها إشارة إلى تخصيص الذبح له، وعلى اسمه عز وجل.

( وكان ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما، مما وصله ابن المنذر، والفاكهي في أخبار مكة، من طريق ابن جريج أخبرني نافع أن ابن عمر كان ( يكبر بمنى تلك الأيام) أي: أيام منى ( وخلف الصلوات) المكتوبات وغيرها ( وعلى فراشه) بالإفراد، وللحموي والمستملي: وعلى فراشه، ( وفي فسطاطه) بضم الفاء وقد تكسر: بيت من شعر ( ومجلسه وممشاه) بفتح الميم الأولى، موضع مشيه ( تلك الأيام) ظرف للمذكورات.
أي: في تلك الأيام وكررها للتأكيد والمبالغة، ثم أكد ذلك أيضًا بقوله ( جميعًا) .

ويروي، وتلك بواو العطف ( وكانت ميمونة) بنت الحرث الهلالية المتوفاة بسرف، بين مكة والمدينة، حيث بنى بها عليه الصلاة والسلام، سنة إحدى وخمسين ( تكبر يوم النحر) قال الحافظ ابن

حجر، رحمه الله تعالى: لم أقف على أثرها هذا موصولاً، وقال صاحب العمدة: روى البيهقي تكبيرها يوم النحر.

( وكن النساء) على لغة: أكلوني البراغيث، ولأبي ذر: وكان النساء ( يكبّرن خلف أبان) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة وبعد الألف نون ( بن عثمان) بن عفان، وكان أميرًا على المدينة في زمن ابن عمّ أبيه، عبد الملك بن مروان ( و) خلف أمير المؤمنين ( عمر بن عبد العزيز) أحد الخلفاء الراشدين، مما وصله أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب العيد ( ليالي) أيام ( التشريق مع الرجال في المسجد) .

فهذه الآثار قد اشتملت على وجود التّكبير في تلك الأيام عقب الصلوات وغيرها من الأحوال، وللعلماء في ذلك اختلاف: هل يختص بالمكتوبات أو يعمّ النوافل؟ وبالمؤداة أو يعمّ المقضية؟ وهل ابتداؤه من صبح عرفة أو من ظهره؟ أو من صبح يوم النحر أو من ظهره؟ وهل الانتهاء إلى ظهر يوم النحر أو إلى ظهر ثانيه؟ أو إلى صبح آخر أيام التشريق أو إلى عصره؟
وقد اجتمع من هذه: ستة وسبعون.
بيان ذلك: أن تضرب أربعة الابتداء في خمسة الانتهاء تبلغ عشرين.
يسقط منها كون ظهر النحر مبتدأ ومنتهى كليهما معًا، تصير تسعة عشر.
تضربها في الأربعة الأولى الباقية تبلغ: ستة وسبعين.
كذا قرره البرماوي، مع ما نقله عن الكرماني وغيره.

ويزاد على ذلك: هل يختص بالرجال أو يعمّ النساء؟ وبالجماعة أو يعمّ المنفرد؟ وبالمقيم أو يعمّ المسافر؟ وساكن مصر أو يعمّ أهل القرى؟ فهي ثمانية حكاها مع سابقها النووي، وزاد غيره في الانتهاء، فقال: وقيل: إلى عصر يوم النحر.

قال في الفتح، وقد رواه البيهقي عن أصحاب ابن مسعود: ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حديث، وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود: إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى، أخرجهما ابن المنذر وغيره.

والصحيح من مذهب الشافعية: أن استحبابه يعمّ الصلاة فرضًا ونفلاً، ولو جنازة ومندورة ومقضية في زمن استحبابه لكل مصلٍّ: حاجّ أو غيره؟ مقيم أو مسافر؟ ذكر أو أُنثى؟ منفرد أو غيره؟ من صبح عرفة إلى عقيب عصر آخر أيام التشريق للاتباع، رواه الحاكم، وصححه، لكن ضعفه البيهقي.

قال في الجموع: والبيهقي أتقن من شيخه الحاكم وأشد تحريًّا.

ِوهذا في غير الحج وعليه العمل كما قاله النووي وصححه في الأذكار، وقال في الروضة: إنه الأظهر عند المحققين، لكن صحح في المنهاج كأصله: أن غير الحاج كالحاج يكبّر من ظهر يوم النحر إلى صبح آخر أيام التشريق.


وخصّ المالكية استحبابه بالفرائض الحاضرة، وهو عندهم: من ظهر يوم النحر إلى آخر اليوم الرابع.

وقال أبو حنيفة: يجب من صلاة صبح يوم عرفة وينتهي بعصر يوم النحر، وقال صاحباه: يختم بعصر ثالث أيام التشريق.

وهو: على المقيمين بالمصر خلف الفرائض في جماعة مستحبة عند أبي حنيفة، فلا يجب على أهل القرى، ولا بعد النوافل والوتر، ولا على منفرد ونساء إذا صلين في جماعة.

وقال صاحباه: يجب على كل من يصلّي المكتوبة لأنه شرع تبعًا لها.

وأما صفة التكبير، فقال المالكية: الله أكبر، ثلاثًا وإن قال: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلاّ الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد" كان حسنًا، لما روي أن جابرًا صلّى في أيام التشريق، فلما فرغ قال: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر" قيل: واستمر عيه العمل فلذا أخذ به مالك من غير تضييق.

وقال الحنفية: يقول مرة واحدة: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلاّ الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد".
قالوا: وهذا هو المأثور عن الخليل.

وقال الشافعية: يكبّر ثلاثًا نسقًا اتباعًا للسلف والخلف، ويزيد: "لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد".

قال الشافعي: وما زاد من ذكر الله فحسن، واستحسن في الأمُ أن تكون زيادته: "الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، لا إله إلاّ الله ولا نعبد إلاّ إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده.
ونصر عبده، وأعزّ جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، والله أكبر".
وأن يرفع بذلك صوته.

وأصحّ ما ورد في صفته، ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان، قال: كبّروا الله: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر، كبيرًا".


[ قــ :941 ... غــ : 970 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: [سَأَلْتُ أَنَسًا -وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ- عَنِ التَّلْبِيَةِ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: كَانَ يُلَبِّي الْمُلَبِّي لاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ] .
[الحديث 970 - طرفه في: 1659] .

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا مالك بن أنس) إمام دار الهجرة، ( قال: حدّثني) بالإفراد ( محمد بن أبي بكر) هو: ابن عوف ( الثقفي) بالمثلثة والقاف المفتوحتين ( قال: سألت أنسًا) ولأبي ذر: سألت أنس بن مالك ( ونحن غاديان) أي: والحال أنّا سائران ( من منى إلى عرفات- عن التلبية) :

( كيف كنتم تصنعون مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال: كان) الشأن ( يلبي الملبي لا ينكر عليه، ويكبّر المكبّر فلا ينكر عليه) هذا موضع الجزء الأخير من الترجمة، وهو قوله: وإذا غدا إلى عرفة.

وظاهره: أن أنسًا احتج به على جواز التكبير في موضع التلبية، أو المراد أنه يدخل شيئًا من الذكر خلال التلبية، لا أنه يترك التلبية بالكلية.
لأن السُّنّة أن لا يقطع التلبية إلا عند رمي جمرة العقبة.
وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وقال مالك: إذا زالت الشمس.

وقوله: ينكر، مبني للمفعول في الموضعين، كما في الفرع وفي غيره بالبناء للفاعل فيهما، والضمير المرفوع في كل منهما يرجع إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقوله: لا ينكر الأول بغير فاء.
والثاني: فلا ينكر بإثباتها.

وفي هذا الحديث: التحديث والسؤال والقول، وأخرجه أيضًا: في الحج، ومسلم في المناسك، وكذا النسائي وابن ماجة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ التَّكْبِيرِ أيَّامَ مِنًى وإذَا غَدَا إلَى عَرَفَةَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان التَّكْبِير أَيَّام منى، وَهِي يَوْم الْعِيد وَالثَّلَاثَة بعده.
قَوْله: ( وَإِذا غَدا إِلَى عَرَفَة) أَي: صَبِيحَة يَوْم التَّاسِع.

وكانَ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنىً فَيَسْمَعُهُ أهْلُ المَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ ويُكَبِّرُ أهْلُ الأسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تكْبِيرا
مطابقته للجزء الأول للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهُوَ تَعْلِيق وَصله سعيد بن مَنْصُور من رِوَايَة عبيد بن عُمَيْر، قَالَ: ( كَانَ عمر يكبر فِي قُبَّته بمنى وَيكبر أهل الْمَسْجِد وَيكبر أهل السُّوق حَتَّى ترتج منى تَكْبِيرا) .
قَوْله: ( فِي قُبَّته) د الْقبَّة بِضَم الْقَاف وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة من الْخيام: بَين صَغِير مستدير، وَهُوَ من بيُوت الْعَرَب.
قَوْله: ( حَتَّى ترتج) يُقَال: ارتج الْبَحْر، بتَشْديد الْجِيم إِذا اضْطربَ، والرج: التحريك.
قَوْله: ( منى) فَاعل: ترتج.
قَوْله: ( تَكْبِيرا) نصب على التَّعْلِيل، أَي: لأجل التَّكْبِير، وَهُوَ مُبَالغَة فِي إجتماع رفع الْأَصْوَات.

وكانَ ابنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمنىً تِلْكَ الأيَّامُ وخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وعَلَى فِرَاشِهِ وفِي فُسْطَاطِهِ ومَجْلِسِهِ ومَمْشَاهُ تِلْكَ الأيَّامُ جَمِيعا
مطابقته للجزء الأول للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهُوَ تَعْلِيق وَصله ابْن الْمُنْذر، والفاكهي فِي ( أَخْبَار مَكَّة) من طَرِيق ابْن جريج: أَخْبرنِي نَافِع أَن ابْن عمر ... فَذكره سَوَاء، ذكره الْبَيْهَقِيّ أَيْضا.
قَوْله: ( تِلْكَ الْأَيَّام) أَي: أَيَّام منى.
قَوْله: ( خلف الصَّلَوَات) ظَاهره يتَنَاوَل الْفَرَائِض والنوافل.
قَوْله: ( وعَلى فرشه) ، ويروى ( فرَاشه) .
قَوْله: ( وَفِي فسطاطه) فِيهِ سِتّ لُغَات: فسطاط وفستاط وفساط بتَشْديد السِّين أَصله فسساط فأدغمت السِّين وأصل فسساط فستاط قلبت التَّاء سينا وأدغمت السِّين فِي السِّين لِاجْتِمَاع المثلثين وبضم الْفَاء وَكسرهَا.
قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ بَيت من الشّعْر،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: هُوَ ضرب من الْأَبْنِيَة فِي السّفر دون السرادق، وَبِه سميت الْمَدِينَة الَّتِي فيهمَا مُجْتَمع النَّاس، وكل مَدِينَة فسطاط.
وَيُقَال لمصر وَالْبَصْرَة: الْفسْطَاط، وَيُقَال: الْفسْطَاط الْخَيْمَة الْكَبِيرَة.
قَوْله: ( وممشاه) ، بِفَتْح الْمِيم الأولى مَوضِع الْمَشْي، وَيجوز أَن يكون مصدرا ميميا بِمَعْنى الْمَشْي.
قَوْله: ( تِلْكَ الْأَيَّام) أَي: فِي تِلْكَ الْأَيَّام، وَإِنَّمَا كَرَّرَه للتَّأْكِيد وَالْمُبَالغَة، وأكده أَيْضا بِلَفْظ ( جَمِيعًا) ويروى: ( وَتلك الْأَيَّام) بواو الْعَطف، وَبِدُون الْوَاو رِوَايَة أبي ذَر على أَن يكون ظرفا للمذكورات.

وكانَتْ مَيْمُونَةُ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ
مَيْمُونَة: هِيَ بنت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة، زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنة سِتّ من الْهِجْرَة، توفيت بسرف وَهُوَ مَا بَين مَكَّة وَالْمَدينَة حَيْثُ بنى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذَلِكَ سنة إِحْدَى وَخمسين، وَصلى عَلَيْهَا عبد الله بن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وروى الْبَيْهَقِيّ أَيْضا تَكْبِير مَيْمُونَة يَوْم النَّحْر.

وكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أبانَ بنِ عُثْمَانَ وعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ لَيالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ
أبان، بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف نون: ابْن عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَ فَقِيها مُجْتَهدا، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة خمس وَمِائَة، وَعمر بن عبد الْعَزِيز، أَمِير الْمُؤمنِينَ من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين، وَقد تقدم فِي أول كتاب الْإِيمَان.
قَوْله: ( وَكَانَ النِّسَاء) هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: ( وَكن النِّسَاء) على لُغَة: أكلوني البراغيث، وَقد دلّت هَذِه الْآثَار الْمَذْكُورَة على اسْتِحْبابُُ التَّكْبِير أَو وُجُوبه على الِاخْتِلَاف فِي أَيَّام التَّشْرِيق ولياليها عقيب الصَّلَاة.

وَفِيه اخْتِلَاف من وُجُوه:
الأول: إِن تَكْبِير التَّشْرِيق وَاجِب عِنْد أَصْحَابنَا، وَلَكِن عِنْد أبي حنيفَة عقيب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة على المقيمين فِي الْأَمْصَار فِي الْجَمَاعَة المستحبة، فَلَا يكبر عقيب الْوتر وَصَلَاة الْعِيد وَالسّنَن والنوافل، وَلَيْسَ على الْمُسَافِرين وَلَا على الْمُنْفَرد، وَهُوَ مَذْهَب ابْن مَسْعُود، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ، وَهُوَ الْمَشْهُور عَن أَحْمد..
     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد: على كل من صلى الْمَكْتُوبَة، سَوَاء كَانَ مُقيما أَو مُسَافِرًا أَو مُنْفَردا أَو بِجَمَاعَة.
وَبِه قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَمَالك، وَعند الشَّافِعِي: يكبر فِي النَّوَافِل والجنائز على الْأَصَح، وَلَيْسَ على جمَاعَة النِّسَاء إِذا لم يكن مَعَهُنَّ رجل، وَلَا على الْمُسَافِرين إِذا لم يكن مَعَهم مُقيم.

الثَّانِي: فِي وَقت التَّكْبِير فَعِنْدَ أَصْحَابنَا يبْدَأ بعد صَلَاة الْفجْر يَوْم عَرَفَة وَيخْتم عقيب الْعَصْر يَوْم النَّحْر، عِنْد أبي حنيفَة، وَهُوَ قَول عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وعلقمة وَالْأسود وَالنَّخَعِيّ، وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد: يخْتم عقيب صَلَاة الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق، وَهُوَ قَول عمر بن الْخطاب وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الله بن عَبَّاس، وَبِه قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَأَبُو ثَوْر وَأحمد وَالشَّافِعِيّ فِي قَول، وَفِي ( التَّحْرِير) ذكر عُثْمَان مَعَهم، وَفِي ( الْمُفِيد) : وَأَبا بكر، وَعَلِيهِ الْفَتْوَى، وَهَهُنَا تِسْعَة أَقْوَال وَقد ذكرنَا الْقَوْلَيْنِ.
الثَّالِث: يخْتم بعد ظهر يَوْم النَّحْر، وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود، فعلى هَذَا يكبر فِي سبع صلوَات، وعَلى قَوْله: الأول فِي ثَمَان صلوَات، وعَلى قَوْلهمَا: فِي ثَلَاث وَعشْرين صَلَاة.
الرَّابِع: يكبر من ظهر يَوْم النَّحْر وَيخْتم فِي صبح آخر أَيَّام التَّشْرِيق، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْمَشْهُور، وَيحيى الْأنْصَارِيّ.
وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر وَعمر بن عبد الْعَزِيز، وَهُوَ رِوَايَة عَن أبي يُوسُف.
الْخَامِس: من ظهر عَرَفَة إِلَى عصر آخر أَيَّام التَّشْرِيق، حكى ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَسَعِيد بن جُبَير.
السَّادِس: يبْدَأ من ظهر يَوْم النَّحْر إِلَى ظهر يَوْم النَّفر الأول، وَهُوَ قَول بعض أهل الْعلم.
السَّابِع: حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عُيَيْنَة، وَاسْتَحْسنهُ أَحْمد: إِن أهل منى يبدأون من ظهر يَوْم النَّحْر، وَأهل الْأَمْصَار من صبح يَوْم عَرَفَة، وَإِلَيْهِ مَال أَبُو ثَوْر.
الثَّامِن: من ظهر عَرَفَة إِلَى ظهر يَوْم النَّحْر، حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر.
التَّاسِع: من مغرب لَيْلَة النَّحْر عِنْد بَعضهم، قَالَه قاضيخان وَغَيره.

الثَّالِث: فِي صفة التَّكْبِير، وَهُوَ أَن يَقُول مرّة وَاحِدَة: الله أكبر الله أكبر، لَا إِلَه لَا الله وَالله كبر الله كبر وَللَّه الْحَمد.
وَهُوَ قَول عمر بن الْخطاب وَابْن مَسْعُود، وَبِه قَالَ النوري وَأحمد وإسخاق.
وَفِيه أَقْوَال أخر: الأول: قَول الشَّافِعِي: إِنَّه يكبر ثَلَاثًا نسقا وَهُوَ قَول ابْن جُبَير.
الثَّانِي: قَول مَالك، إِنَّه يقف على الثَّانِيَة ثمَّ يقطع فَيَقُول: الله كبر، لَا إِلَه إِلَّا الله، حَكَاهُ الثَّعْلَبِيّ عَنهُ.
الثَّالِث: عَن ابْن عَبَّاس: الله كبر الله كبر الله أكبر وَأجل الله أكبر وَللَّه الْحَمد.
الرَّابِع: الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن ابْن عمر.
الْخَامِس: عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا: الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إلاّ الله هُوَ الْحَيّ القيوم يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير.
السَّادِس: عَن عبد الرَّحْمَن: الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إلاّ الله الله أكبر الْحَمد لله، ذكره فِي ( الْمحلى) .
السَّابِع: أَنه لَيْسَ فِيهِ شَيْء مُؤَقّت، قَالَه الْحَاكِم وَحَمَّاد، وَقَول أَصْحَابنَا أولى لِأَن عَلَيْهِ جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَلم يثبت فِي شَيْء من ذَلِك حَدِيث وَأَصَح مَا ورد فِيهِ عَن الصَّحَابَة قَول عَليّ وَابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنه: من صبح يَوْم عَرَفَة إِلَى آخر أَيَّام منى، أخرجهُمَا ابْن الْمُنْذر وَغَيره.



[ قــ :941 ... غــ :970 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا مالِكٌ بنُ أنَسٍ قَالَ حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكْرٍ الثَّقَفِي قالَ سألْتُ أنَسا وَنَحْنُ غادِيَانِ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَاتٍ عنِ التَّلْبِيَةِ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كانَ يُلَبِّي المُلَبِّي لاَ يُنْكَره عَلَيْهِ ويُكَبِّرُ المُكَبِّرُ فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ ( الحَدِيث 970 طرفه فِي: 1659) .


مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَيكبر المكبر) .

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: أَبُو نعيم، الْفضل بن دُكَيْن تكَرر ذكره، وَمُحَمّد بن أبي بكر بن عَوْف بن رَبَاح الثَّقَفِيّ، بالثاء الْمُثَلَّثَة وَالْقَاف المفتوحتين.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: السُّؤَال.
وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك، وَأخرجه مُسلم فِي الْمَنَاسِك عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك وَعَن شُرَيْح بن يُونُس عَن عبد الله بن رَجَاء.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن أبي نعيم بِهِ، وَعَن إِسْحَاق بن عبد الله بن رَجَاء بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن يحيى.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( سَأَلت أنسا) وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: ( سَأَلت أنس بن مَالك) .
قَوْله: ( وَنحن) الْوَاو للْحَال، قَوْله: ( غاديان) ، من غَدا يَغْدُو غدوا، وَالْمعْنَى: نَحن سائران من منى متوجهان إِلَى عَرَفَات.
قَوْله: ( عَن التَّلْبِيَة) ، يتَعَلَّق بقوله: ( سَأَلت) .
قَوْله: ( كَانَ) أَي: الشان.
قَوْله: ( لَا يُنكر عَلَيْهِ) ، على صِيغَة الْمَعْلُوم فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَالضَّمِير الْمَرْفُوع الَّذِي فِيهِ يرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالتَّكْبِير الْمَذْكُور من نوع من الذّكر، أدخلهُ الملبي فِي خلال التَّلْبِيَة من غير ترك لِلتَّلْبِيَةِ، لِأَن الْمَرْوِيّ عَن الشَّارِع أَنه لم يقطع التَّلْبِيَة حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، قَالَ مَالك: يقطع إِذا زَالَت الشَّمْس،.

     وَقَالَ  مرّة أُخْرَى: إِذا وقف،.

     وَقَالَ  أَيْضا: إِذا رَاح إِلَى مَسْجِد عَرَفَة..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: السّنة الْمَشْهُورَة فِيهِ أَن لَا يقطع التَّلْبِيَة حَتَّى يَرْمِي أول حَصَاة من جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر، وَعَلَيْهَا الْعَمَل.
وَأما قَول أنس هَذَا فقد يحْتَمل أَن يكون تَكْبِير المكبر مِنْهُم شَيْئا من الذّكر يدخلونه فِي خلال التَّلْبِيَة الثَّابِتَة فِي السّنة من غير ترك التَّلْبِيَة.