952 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ الْقَيْسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ ، جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ ، وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ |
952 حدثنا محمد بن معمر بن ربعي القيسي ، حدثنا أبو هشام المخزومي ، عن عبد الواحد وهو ابن زياد ، حدثنا عثمان بن حكيم ، حدثني عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة ، جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه ، وفرش قدمه اليمنى ، ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ، وأشار بإصبعه |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب صِفَةِ الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ وَكَيْفِيَّةِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ
[ سـ :952 ... بـ :579]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ الْقَيْسِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ
قَوْلُهُ : ( عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ ، وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى وَيُلْقِمُ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ ) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - : ( أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتِهِ ، وَوَضَعَ إِصْبَعِهِ الْيُمْنَى الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ فَدَعَا بِهَا ، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ بَاسِطَهَا عَلَيْهَا ) ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ : ( وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى ، وَعَقَدَ ثَلَاثًا وَخَمْسِينَ ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ ) هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ صِفَةِ الْقُعُودِ هُوَ التَّوَرُّكِ لَكِنَّ قَوْلَهُ : ( وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى ) مُشْكِلٌ ، لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الْقَدَمِ الْيُمْنَى أَنْ تَكُونَ مَنْصُوبَةً بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَلَى ذَلِكَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْخُشَنِيُّ : صَوَابُهُ ( وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى ) ، ثُمَّ أَنْكَرَ الْقَاضِي قَوْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا يَفْعَلُ بِالْيُسْرَى ، وَأَنَّهُ جَعَلَهَا بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ قَالَ : وَلَعَلَّ صَوَابَهُ ( وَنَصَبَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى ) قَالَ : وَقَدْ تَكُونُ الرِّوَايَةُ صَحِيحَةٌ فِي الْيُمْنَى ، وَيَكُونُ مَعْنَى فَرَشَهَا أَنَّهُ لَمْ يَنْصِبْهَا عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ ، وَلَا فَتَحَ أَصَابِعَهَا كَمَا كَانَ يَفْعَلُ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ .
هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي .
وَهَذَا التَّأْوِيلُ الْأَخِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ ، وَيَكُونُ فَعَلَ هَذَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ ، وَأَنَّ وَضْعَ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَبًّا يَجُوزُ تَرْكُهُ .
وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ لَا سِيَّمَا فِي بَابِ الصَّلَاةِ ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَغْلِيطِ رِوَايَةٍ ثَابِتَةٍ فِي الصَّحِيحِ ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهَا جَمِيعُ نُسَخِ مُسْلِمٍ ، وَقَدْ سَبَقَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدَيْنِ التَّوَرُّكُ أَمِ الِافْتِرَاشُ؟
فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَطَائِفَةٍ : تَفْضِيلُ التَّوَرُّكِ فِيهِمَا لِهَذَا الْحَدِيثِ .
وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٍ : تَفْضِيلُ الِافْتِرَاشِ .
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَطَائِفَةٍ : يَفْتَرِشُ فِي الْأَوَّلِ وَيَتَوَرَّكُ فِي الْأَخِيرِ ؛ لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَرُفْقَتِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ بِتَوَرُّكٍ أَوِ افْتِرَاشٍ مُطْلَقَةٌ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا أَنَّهُ فِي التَّشَهُّدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا ، وَقَدْ بَيَّنَهُ أَبُو حُمَيْدٍ وَرُفْقَتُهُ وَوَصَفُوا الِافْتِرَاشَ فِي الْأَوَّلِ وَالتَّوَرُّكِ فِي الْأَخِيرِ ، وَهَذَا مُبَيَّنٌ ، فَوَجَبَ حَمْلُ ذَلِكَ الْمُجْمَلِ عَلَيْهِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ ) ، وَفِي رِوَايَةٍ ، ( وَيُلْقِمُ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ ) فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ .
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ وَضْعِهَا عِنْدَ الرُّكْبَةِ أَوْ عَلَى الرُّكْبَةِ ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ بِعَطْفِ أَصَابِعِهَا عَلَى الرُّكْبَةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ : وَيُلْقِمُ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ ، وَالْحِكْمَةُ فِي وَضْعِهَا عِنْدَ الرُّكْبَةِ مَنْعُهَا مِنَ الْعَبَثِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى ) مُجْمَعٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ .