هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3847 حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَقِينَا المُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ ، وَأَجْلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ ، وَقَالَ : لاَ تَبْرَحُوا ، إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلاَ تَبْرَحُوا ، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلاَ تُعِينُونَا فَلَمَّا لَقِينَا هَرَبُوا حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الجَبَلِ ، رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ ، قَدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ ، فَأَخَذُوا يَقُولُونَ : الغَنِيمَةَ الغَنِيمَةَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ تَبْرَحُوا ، فَأَبَوْا ، فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَ وُجُوهُهُمْ ، فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا ، وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ : أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ ؟ فَقَالَ : لاَ تُجِيبُوهُ فَقَالَ : أَفِي القَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ؟ قَالَ : لاَ تُجِيبُوهُ فَقَالَ : أَفِي القَوْمِ ابْنُ الخَطَّابِ ؟ فَقَالَ : إِنَّ هَؤُلاَءِ قُتِلُوا ، فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَأَجَابُوا ، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ ، فَقَالَ : كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ ، أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُخْزِيكَ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : اعْلُ هُبَلُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَجِيبُوهُ قَالُوا : مَا نَقُولُ ؟ قَالَ : قُولُوا : اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : لَنَا العُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَجِيبُوهُ قَالُوا : مَا نَقُولُ ؟ قَالَ : قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا ، وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ ، وَالحَرْبُ سِجَالٌ ، وَتَجِدُونَ مُثْلَةً ، لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3847 حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء رضي الله عنه ، قال : لقينا المشركين يومئذ ، وأجلس النبي صلى الله عليه وسلم جيشا من الرماة ، وأمر عليهم عبد الله ، وقال : لا تبرحوا ، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا ، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا فلما لقينا هربوا حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل ، رفعن عن سوقهن ، قد بدت خلاخلهن ، فأخذوا يقولون : الغنيمة الغنيمة ، فقال عبد الله : عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تبرحوا ، فأبوا ، فلما أبوا صرف وجوههم ، فأصيب سبعون قتيلا ، وأشرف أبو سفيان فقال : أفي القوم محمد ؟ فقال : لا تجيبوه فقال : أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ قال : لا تجيبوه فقال : أفي القوم ابن الخطاب ؟ فقال : إن هؤلاء قتلوا ، فلو كانوا أحياء لأجابوا ، فلم يملك عمر نفسه ، فقال : كذبت يا عدو الله ، أبقى الله عليك ما يخزيك ، قال أبو سفيان : اعل هبل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أجيبوه قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله أعلى وأجل قال أبو سفيان : لنا العزى ولا عزى لكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أجيبوه قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا الله مولانا ، ولا مولى لكم قال أبو سفيان : يوم بيوم بدر ، والحرب سجال ، وتجدون مثلة ، لم آمر بها ولم تسؤني
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    (.

     قَوْلُهُ  ذِكْرُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ)
أَيِ بن عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ يَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ وَعَدَدُ مَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْآبَاءِ سَوَاءٌ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ وَأُمُّهُ الصَّعْبَةُ بِنْتُ الْحَضْرَمِيِّ أُخْتُ الْعَلَاءِ أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَ أَبِيهَا قَلِيلًا وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ أَسْلَمَتْ أُمُّ أَبِي بَكْرٍ وَأُمُّ عُثْمَانَ وَأُمُّ طَلْحَةَ وَأُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقُتِلَ طَلْحَةُ يَوْمَ الْجَمَلِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ رُمِيَ بِسَهْمٍ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ رَمَاهُ فَأَصَابَ رُكْبَتَهُ فَلَمْ يَزَلْ يَنْزِفُ الدَّمُ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَاخْتُلِفَ فِي سِنِّهِ عَلَى أَقْوَالٍ أَكْثَرُهَا أَنَّهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ وَأَقَلُّهَا ثَمَانٍ وَخَمْسُونَ

[ قــ :3847 ... غــ :4043] .

     قَوْلُهُ  مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ هُوَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ .

     قَوْلُهُ  فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَيَّامِ يُرِيدُ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَولُهُ عَنْ حَدِيثِهِمَا يَعْنِي أَنَّهُمَا حَدَّثَا بِذَلِكَ وَوَقع فِي فَوَائِد أبي بكر بن الْمُقْرِئ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ فَقُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ قَالَ هُمَا أَخْبَرَانِي بِذَلِكَ

(الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي قصَّة الرُّمَاة)
[ قــ :3847 ... غــ :4043] .

     قَوْلُهُ  عَنِ الْبَرَاءِ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ فِي الْجِهَادِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ .

     قَوْلُهُ  لَقِينَا الْمُشْرِكِينَ يَوْمئِذٍ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي نُعَيْمٍ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ لَقِينَا الْمُشْرِكِينَ .

     قَوْلُهُ  الرُّمَاةُ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَوَقَعَ فِي الْهَدْيِ أَنَّ الْخَمْسِينَ عَدَدُ الْفَرَسَانِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ غَلَطٌ بَيِّنٌ وَقَدْ جَزَمَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فِي أُحُدٍ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْلِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ كَانَ مَعَهُمْ فَرَسٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَسٌ لِأَبِي بُرْدَةَ .

     قَوْلُهُ  وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَير وَعند بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ انْضَحُوا الْخَيْلَ عَنَّا بِالنَّبْلِ لَا يَأْتُونَا مِنْ خَلْفِنَا .

     قَوْلُهُ  لَا تَبْرَحُوا فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ حَتَّى أُرْسِلَ لَكُمْ .

     قَوْلُهُ  وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ وَفِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَهُمْ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ احْمُوا ظُهُورَنَا فَإِنْ رَأَيْتُمُونَا نُقْتَلُ فَلَا تَنْصُرُونَا وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا قَدْ غَنِمْنَا فَلَا تُشْرِكُونَا .

     قَوْلُهُ  رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا دَالٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ أُخْرَى سَاكِنَةٌ أَيْ يُسْرِعْنَ الْمَشْيَ يُقَالُ اشْتَدَّ فِي مَشْيِهِ إِذَا أَسْرَعَ وَكَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ وَلَهُ هُنَا يُسْنِدْنَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا نُونٌ مَكْسُورَةٌ وَدَالٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ يَصْعَدْنَ يُقَالُ أَسْنَدَ فِي الْجَبَلِ يُسْنِدُ إِذَا صَعِدَ وَلِلْبَاقِينَ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ يَشْدُدْنَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْمُهْمَلَةِ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ قَالَ عِيَاضٌ وَوَقَعَ لِلْقَابِسِيِّ فِي الْجِهَادِ يَشْتَدِدْنَ وَكَذَا لِابْنِ السَّكَنِ فِيهِ وَفِي الْفَضَائِلِ وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالنَّسَفِيِّ يَشْتَدُّونَ بِمُعْجَمَةٍ وَدَالٍ وَاحِدَةٍ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ يَسْتَنِدُونَ وَلِرَفِيقِهِ يَشُدُّونَ وَكُلُّهُ بِمَعْنًى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ قُرَيْشًا خَرَجُوا مَعَهُمْ بِالنِّسَاءِ لأجل الحفيظة والثبات وسمى بن إِسْحَاقَ النِّسَاءَ الْمَذْكُورَاتِ وَهُنَّ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ خَرَجَتْ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ وَأُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ مَعَ زَوْجِهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ مَعَ زَوْجِهَا الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَبَرْزَةُ بِنْتُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّةُ مَعَ زَوْجِهَا صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَهِي وَالِدَة بن صَفْوَانَ وَرَيْطَةُ بِنْتُ شَيْبَةَ السَّهْمِيَّةُ مَعَ زَوْجِهَا عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهِيَ وَالِدَةُ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَافَةُ بِنْتُ سَعْدٍ مَعَ زَوْجِهَا طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْحَجَبِيِّ وَخِنَاسُ بِنْتُ مَالِكٍ وَالِدَة مُصعب بن عميرَة وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ بْنِ كِنَانَةَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ كَانَ النِّسَاءُ اللَّاتِي خَرَجْنَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً .

     قَوْلُهُ  رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ جَمْعُ سَاقٍ أَيْ لِيُعِينَهُنَّ ذَلِكَ عَلَى سُرْعَةِ الْهَرَبِ وَفِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عِنْد بن إِسْحَاقَ قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْظُرُ إِلَى خَذِمِ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ وَصَوَاحِبَاتِهَا مُشَمِّرَاتٍ هَوَارِبَ مَا دُونَ إِحْدَاهُنَّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إِذْ مَالَتِ الرُّمَاةُ إِلَى الْعَسْكَرِ حَتَّى كَشَفَ الْقَوْمُ عَنْهُ وَخَلَّوْا ظَهْرَنَا لِلْجَبَلِ فَأُتِينَا مِنْ خَلْفِنَا وَصَرَخَ صَارِخٌ أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَانْكَفَأْنَا وَانْكَفَأَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ بَعْدَ أَنْ أَصَبْنَا أَصْحَابَ لِوَائِهِمْ حَتَّى مَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذُوا يَقُولُونَ الْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ عَهِدَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَبْرَحُوا فَأَبَوْا فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْغَنِيمَةَ أَيْ يَوْمَ الْغَنِيمَةِ ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ وَزَادَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَالله لنأتين النَّاس فلنصيبين من الْغَنِيمَة وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَلَمَّا غَنِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَاحُوا عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ انْكَفَتِ الرُّمَاةُ جَمِيعًا فَدَخَلُوا فِي الْعَسْكَرِ يَنْتَهِبُونَ وَقَدِ الْتَفَّتْ صُفُوفُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُمْ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَلَمَّا أَخَلَّتِ الرُّمَاةُ تِلْكَ الْخَلَّةَ الَّتِي كَانُوا فِيهَا دَخَلَتِ الْخَيْلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى الصَّحَابَةِ فَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَالْتَبَسُوا وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَاسٌ كَثِيرٌ قَدْ كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ تِسْعَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً نَحْوَ الْجَبَلِ وَصَاحَ الشَّيْطَانُ قُتِلَ مُحَمَّدٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ نَحْوَهُ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ فَلَمَّا أَتَوْهُمْ بِالْمُثَنَّاةِ وَقَولُهُ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ أَيْ تَحَيَّرُوا فَلَمْ يَدْرُوا أَيْنَ يَتَوَجَّهُونَ وَزَادَ زُهَيْرٌ فِي رِوَايَتِهِ فَذَلِكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ مُرْسَلَةٍ أَنَّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ وَسَأَذْكُرُهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ السَّابِعِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا وَلَّى النَّاسُ يَوْمَ أُحُدٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَفِيهِمْ طَلْحَةُ الْحَدِيثَ وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ تَفَرَّقَ الصَّحَابَةُ فَدَخَلَ بَعْضُهُمْ الْمَدِينَةَ وَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ فَوْقَ الْجَبَلِ وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الله فَرَمَاهُ بن قَمِئَةَ بِحَجَرٍ فَكَسَرَ أَنْفَهُ وَرَبَاعِيَتَهُ وَشَجَّهُ فِي وَجه فَأَثْقَلَهُ فَتَرَاجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا فَجَعَلُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ فَحَمَلَهُ مِنْهُمْ طَلْحَةُ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَرُمِيَ طَلْحَةُ بِسَهْمٍ وَيَبِسَتْ يَدُهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ مَنْ فَرَّ إِلَى الْجَبَلِ لَيْتَ لَنَا رَسُولًا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَسْتَأْمِنُ لَنَا مِنْ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ يَا قَوْمُ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قُتِلَ فَرَبُّ مُحَمَّدٍ لَمْ يُقْتَلْ فَقَاتِلُوا عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ قَتْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَقَصَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَبَلَ فَأَرَادَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْ يَرْمِيَهُ بِسَهْمٍ فَقَالَ لَهُ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ فَرِحُوا بِهِ وَاجْتَمَعُوا حَوْلَهُ وَتَرَاجَعَ النَّاسُ وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَنْ شَجَّ وَجْهَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .

     قَوْلُهُ  فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ فَأَصَابُوا مِنْهَا أَيْ مِنْ طَائِفَةِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَأَصَابُوا مِنَّا وَهِيَ أَوْجَهُ وَزَادَ زُهَيْرٌ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ مُرْسَلِ أَبِي الضُّحَى قَالَ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَمْزَةُ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَشَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ وَسَائِرُهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ.

قُلْتُ وَبِهَذَا جَزَمَ الْوَاقِدِيُّ وَفِي كَلَام بن سَعْدٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ كَمَا تقدم وَأخرج بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ وَكَانَ الْخَامِسُ سَعْدَ مَوْلَى حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَالسَّادِسُ يُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَذَكَرَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ وَعَنْ مَالِكٍ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ خَاصَّةً أَحَدٌ وَسَبْعُونَ وَسَرَدَ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ أَسْمَاءَهُمْ فَبَلَغُوا سِتَّةً وَتِسْعِينَ من الْمُهَاجِرِينَ أَحَدَ عَشَرَ وَسَائِرُهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْهُمْ من ذكره بن إِسْحَاقَ وَالزِّيَادَةُ مِنْ عِنْدِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَوْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ أَوْ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيّ ثمَّ ذكر عَن بن عَبْدِ الْبَرِّ وَعَنِ الدِّمْيَاطِيِّ أَرْبَعَةً أَوْ خَمْسَةً قَالَ فَزَادُوا عَنِ الْمِائَةِ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ قَدْ ورد فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قد أصبْتُم مثليها أَنَّهَا نَزَلَتْ تَسْلِيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ عَمَّنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ فَإِنَّهُمْ أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ سَبْعِينَ قَتِيلًا وَسَبْعِينَ أَسِيرًا فِي عَدَدِ مَنْ قُتِلَ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ إِنْ ثَبَتَتْ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ نَاشِئَةٌ عَنِ الْخِلَافِ فِي التَّفْصِيلِ.

قُلْتُ وَهُوَ الَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَالْحَدِيثَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَن هِشَام بن حسان عَن بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ جِبْرِيلَ هَبَطَ فَقَالَ خَيِّرْهُمْ فِي أُسَارَى بدر من الْقَتْلِ أَوِ الْفِدَاءِ عَلَى أَنْ يُقْتَلَ مِنْ قَابِلٍ مِثْلُهُمْ قَالُوا الْفِدَاءُ وَيُقْتَلُ مِنَّا قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن وَرَوَاهُ بن عون عَن بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة مُرْسلا قلت وَرَوَاهُ بن عَوْنٍ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ وَوَصَلَهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ خَاصَّةً وَبِذَلِكَ جَزَمَ بن سعد قلت وَكَأن الْخطاب بقوله أَو لما أَصَابَتْكُم لِلْأَنْصَارِ خَاصَّةً وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَنَسٍ أُصِيبَ مِنَّا يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ بِمَعْنَاهُ قَوْله وأشرف أَبُو سُفْيَان أَي بن حَرْبٍ وَكَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ زَادَ زُهَيْرٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ لَا تُجِيبُوهُ وَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاس أَيْن بن أبي كَبْشَة أَيْن بن أبي قُحَافَة أَيْن بن الْخَطَّابِ فَقَالَ عُمَرُ أَلَا أُجِيبُهُ قَالَ بَلَى وَكَأَنَّهُ نَهَى عَنْ إِجَابَتِهِ فِي الْأُولَى وَأَذِنَ فِيهَا فِي الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ قُتِلُوا فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا .

     قَوْلُهُ  أبقى الله عَلَيْك مَا يحزنك زَادَ زُهَيْرٌ إِنَّ الَّذِي عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ .

     قَوْلُهُ  اعْلُ هُبَلْ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ ثُمَّ أَخذ يرتجز اعْل هُبل قَالَ بن إِسْحَاقَ مَعْنَى قَوْلِهِ اعْلُ هُبَلْ أَيْ ظَهَرَ دِينُكَ.

     وَقَالَ  السُّهَيْلِيُّ مَعْنَاهُ زَادَ عُلُوًّا.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ مَا مَعْنَى اعْلُ وَلَا علو فِي هُبل فَالْجَوَاب هُوَ بِمَعْنى الْعلي أَوِ الْمُرَادُ أَعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ اه وَزَادَ زُهَيْرٌ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْأَيَّامُ دُوَلٌ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ وَفِي رِوَايَةِ بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ أَنْعَمَتَ فَعَالٌ إِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ اه وَفَعَالً بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ قَالُوا مَعْنَاهُ أَنْعَمْتِ الْأَزْلَامُ وَكَانَ اسْتَقْسَمَ بِهَا حِينَ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ وَوَقَعَ فِي خَبَرِ السُّدِّيِّ عندَ الطَّبَرَانِيِّ اعْلُ هُبَلُ حَنْظَلَةُ بِحَنْظَلَةٍ وَيَوْمَ أُحُدٍ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَقَدِ اسْتَمَرَّ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى اعْتِقَادِ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لِهِرَقْلَ لَمَّا سَأَلَهُ كَيْفَ كَانَ حَرْبُكُمْ مَعَهُ أَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَقَدْ أَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا سُفْيَانَ عَلَى ذَلِكَ بَلْ نَطَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَوْسِ بن أبي أَوْس عِنْد بن مَاجَهْ وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ الْحَرْبُ سِجَالٌ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَين النَّاس بَعْدَ قَوْلِهِ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْم قرح مثله فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ بِالِاتِّفَاقِ وَالْقَرْحُ الْجرْح وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ قَالَ لَمَّا صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَبَلَ جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ الْحَرْبُ سِجَالٌ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس وَزَاد فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ عُمَرُ لَا سَوَاءَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتَلَاكُمْ فِي النَّارِ قَالَ إِنَّكُمْ لَتَزْعُمُونَ ذَلِكَ لَقَدْ خِبْنَا إِذًا وَخَسِرْنَا .

     قَوْلُهُ  وَتَجِدُونَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَسَتَجِدُونَ .

     قَوْلُهُ  مُثْلَةً بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُ أَوَّلِهِ.

     وَقَالَ  بن التِّين بِفَتْح الْمِيم وَضم الْمُثَلَّثَة قَالَ بن فَارس مثل بالقتيل إِذا جدعه قَالَ بن إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ خَرَجَتْ هِنْد والنسوة مِنْهَا يُمَثِّلْنَ بِالْقَتْلَى يَجْدَعْنَ الْآذَانَ وَالْأُنُفَ حَتَّى اتَّخَذَتْ هِنْدُ مِنْ ذَلِكَ حُزَمًا وَقَلَائِدَ وَأَعْطَتْ حُزَمَهَا وقلائدها أَي اللَّاتِي كُنَّ عَلَيْهَا لِوَحْشِيٍّ جَزَاءً لَهُ عَلَى قَتْلِ حَمْزَةَ وَبَقَرَتْ عَنْ كَبِدِ حَمْزَةَ فَلَاكَتْهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُسِيغَهَا فَلَفَظَتْهَا .

     قَوْلُهُ  لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي أَيْ لَمْ أَكْرَهْهَا وَإِنْ كَانَ وُقُوعهَا بِغَيْر أَمْرِي وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَنْ رَأْيِ سَرَاتِنَا أَدْرَكَتْهُ حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ أَمَّا إِنَّهُ كَانَ لم يكرههُ وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ وَاللَّهِ مَا رَضِيتُ وَمَا سَخِطْتُ وَمَا نَهَيْتُ وَمَا أَمَرْتُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُصُوصِيَّتُهُمَا بِهِ بِحَيْثُ كَانَ أَعْدَاؤُهُ لَا يَعْرِفُونَ بِذَلِكَ غَيْرَهُمَا إِذْ لَمْ يَسْأَلْ أَبُو سُفْيَانَ عَنْ غَيْرِهِمَا وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَذَكَّرَ نِعْمَةَ اللَّهِ وَيَعْتَرِفَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ أَدَاءِ شُكْرِهَا وَفِيهِ شُؤْمُ ارْتِكَابِ النَّهْيِ وَأَنَّهُ يَعُمُّ ضَرَرُهُ مَنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَأَنَّ مَنْ آثَرَ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِأَمْرِ آخِرَتِهِ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ دُنْيَاهُ وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْكَائِنَةِ أَخْذُ الصَّحَابَةِ الْحَذَرَ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى مِثْلِهَا وَالْمُبَالَغَةُ فِي الطَّاعَةِ وَالتَّحَرُّزَ مِنَ الْعَدُوِّ الَّذِينَ كَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ مِنْهُمْ وَلَيْسُوا مِنْهُمْ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ أَيْضًا وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس إِلَى أَنْ قَالَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ويمحق الْكَافرين.

     وَقَالَ  مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطّيب
(