هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
68 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
68 حدثنا محمد بن يوسف ، قال : أخبرنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام ، كراهة السآمة علينا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا .

Narrated Ibn Mas`ud:

The Prophet (ﷺ) used to take care of us in preaching by selecting a suitable time, so that we might not get bored. (He abstained from pestering us with sermons and knowledge all the time).

0068 Ibn Mus’ûd dit : « Le Prophète, par répugnance à ce que nous nous ennuyions, nous donnait des exhortations en les espaçant de plusieurs jours. »  

":"ہم سے محمد بن یوسف نے بیان کیا ، انہیں سفیان نے اعمش سے خبر دی ، وہ ابووائل سے روایت کرتے ہیں ، وہ عبداللہ بن مسعود رضی اللہ عنہما سے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے ہمیں نصیحت فرمانے کے لیے کچھ دن مقرر کر دیئے تھے اس ڈر سے کہ کہیں ہم کبیدہ خاطر نہ ہو جائیں ۔

0068 Ibn Mus’ûd dit : « Le Prophète, par répugnance à ce que nous nous ennuyions, nous donnait des exhortations en les espaçant de plusieurs jours. »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [68] .

     قَوْلُهُ  سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَن بن عُيَيْنَةَ لَكِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيَّ وَإِنْ كَانَ يَرْوِي عَنِ السُّفْيَانَيْنِ فَإِنَّهُ حِينَ يُطْلِقُ يُرِيدُ بِهِ الثَّوْرِيُّ كَمَا أَنَّ الْبُخَارِيَّ حَيْثُ يُطْلِقُ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ لَا يُرِيدُ بِهِ إِلَّا الْفِرْيَابِيَّ وَإِنْ كَانَ يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْبَيْكَنْدِيِّ أَيْضًا وَقَدْ وَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ هُنَا الْبَيْكَنْدِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي وَائِلٍ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورَةِ سَمِعْتُ شَقِيقًا وَهُوَ أَبُو وَائِلٍ وَأَفَادَ هَذَا التَّصْرِيحُ رَفْعَ مَا يُتَوَهَّمُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ الْأَعْمَشُ وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ فَقَدْ يُوهِمُ هَذَا أَنَّ الْأَعْمَشَ دَلَّسَهُ أَوَّلًا عَنْ شَقِيقٍ ثُمَّ سَمَّى الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي وَائِلٍ بِلَا وَاسِطَةٍ وَسَمِعَهُ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ وَأَرَادَ بِذِكْرِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ نَازِلَةً تَأْكِيدَهُ أَوْ لِيُنَبِّهَ عَلَى عِنَايَتِهِ بِالرِّوَايَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ سَمِعَهُ نَازِلًا فَلَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ حَتَّى سَمِعَهُ عَالِيًا وَكَذَا صَرَّحَ الْأَعْمَشُ بِالتَّحْدِيثِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَيُذَكِّرَهُمْ وَأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ قَالَ أَمَا إِنِّي أَخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ وَلَكِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْخَائِلُ بِالْمُعْجَمَةِ هُوَ الْقَائِمُ الْمُتَعَهِّدُ لِلْمَالِ يُقَالُ خَالَ الْمَالَ يَخُولُهُ تَخَوُّلًا إِذَا تَعَهَّدَهُ وَأَصْلَحَهُ وَالْمَعْنَى كَانَ يُرَاعِي الْأَوْقَاتَ فِي تَذْكِيرِنَا وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ لِئَلَّا نَمَلَّ وَالتَّخَوُّنُ بِالنُّونِ أَيْضًا يُقَالُ تَخَوَّنَ الشَّيْءَ إِذَا تَعَهَّدَهُ وَحَفِظَهُ أَيِ اجْتَنَبَ الْخِيَانَةَ فِيهِ كَمَا قِيلَ فِي تَحَنَّثَ وَتَأَثَّمَ وَنَظَائِرِهِمَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَبَا عَمْروبْنَ الْعَلَاءِ سَمِعَ الْأَعْمَشَ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ يَتَخَوَّلُنَا بِاللَّامِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ بِالنُّونِ فَلَمْ يَرْجِعْ لِأَجْلِ الرِّوَايَةِ وَكِلَا اللَّفْظَيْنِ جَائِزٌ وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الصَّوَابُ يَتَحَوَّلُنَا بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَتَطَلَّبُ أَحْوَالَنَا الَّتِي نَنْشَطُ فِيهَا لِلْمَوْعِظَةِ.

.

قُلْتُ وَالصَّوَابُ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى فَقَدْ رَوَاهُ مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ كَرِوَايَةِ الْأَعْمَشِ وَهُوَ فِي الْبَابِ الْآتِي وَإِذَا ثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ وَصَحَّ الْمَعْنَى بَطَلَ الِاعْتِرَاضُ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْنَا أَيِ السَّآمَةُ الطَّارِئَةُ عَلَيْنَا أَوْ ضَمَّنَ السَّآمَةَ مَعْنَى الْمَشَقَّةِ فَعَدَّاهَا بِعَلَى وَالصِّلَةُ مَحْذُوفَةٌ وَالتَّقْدِيرُ مِنَ الْمَوْعِظَةِ وَيُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ تَرْكِ الْمُدَاوَمَةِ فِي الْجِدِّ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ خَشْيَةَ الْمَلَالِ وَإِنْ كَانَتِ الْمُوَاظَبَةُ مَطْلُوبَةً لَكِنَّهَا عَلَى قِسْمَيْنِ إِمَّا كُلَّ يَوْمٍ مَعَ عَدَمِ التَّكَلُّفِ وَإِمَّا يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ فَيَكُونُ يَوْمُ التَّرْكِ لِأَجْلِ الرَّاحَةِ لِيُقْبِلَ عَلَى الثَّانِي بِنَشَاطٍ وَإِمَّا يَوْمًا فِي الْجُمُعَةِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَالضَّابِطُ الْحَاجَةُ مَعَ مُرَاعَاةِ وُجُودِ النَّشَاطِ وَاحْتمل عمل بن مَسْعُود مَعَ اسْتِدْلَالِهِ أَنْ يَكُونَ اقْتَدَى بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فِي الْيَوْمِ الَّذِي عَيَّنَهُ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ اقْتَدَى بِمُجَرَّدِ التَّخَلُّلِ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالتَّرْكِ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالتَّخَوُّلِ وَالثَّانِي أَظْهَرُ وَأَخَذَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ حَدِيثِ الْبَاب كَرَاهَة تَشْبِيهِ غَيْرِ الرَّوَاتِبِ بِالرَّوَاتِبِ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ دَائِمًا وَجَاءَ عَنْ مَالِكٍ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [68] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا.
[الحديث طرفاه في: 70، 6411] .
وبالسند السابق إلى المؤلف قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) بن واقد الفريابي الضبي، المتوفى في ربيع الأوّل سنة اثنتي عشرة ومائتين وليس هو محمد بن يوسف البيكندي لأنه إذا أطلق في هذا الكتاب محمد بن يوسف تعين الأوّل ( قال: أخبرنا) وفي رواية ابن عساكر والأصيلي حدّثنا ( سفيان) الثوري( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الكوفي ( عن ابن مسعود) عبد الله رضي الله عنه أنه ( قال) : ( كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتخوّلنا) بالخاء المعجمة واللام أي يتعهدنا، والمعنى كان يراعي الأوقات في تذكيره ولا يدخل ذلك في كل يوم أو هي بالمهملة أي يطلب أحوالنا التي ننشط منها للموعظة.
وصوّبها أبو عمرو الشيباني.
وعن الأصمعي يتخوّننا بالمعجمة والنون أي يتعهدنا ( بالموعظة في الأيام) فكان يراعي الأوقات في وعظنا فلا يفعله كل يوم ( كراهة) بالنصب مفعول له أي لأجل كراهة ( السآمة) أي الملالة من الموعظة ( علينا) .
وفي رواية الأصيلي وأبي ذر عن الحموي كراهية بزيادة مثناة تحتية وهما لغتان والجار والمجرور متعلق بالسآمة على تضمين السآمة معنى المشقة أي كراهة المشقة علينا، أو بتقدير الصفة أي كراهة السآمة الطارئة علينا، أو الحال أي كراهة السآمة حال كونها طارئة علينا، أو بمحذوف أي كراهة السآمة شفقة علينا.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [68] حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ قَالَ أخْبَرَنا سُفْيانُ عَن الأعْمَشِ عَن أبي وائِلٍ عنِ ابْنِ مَسْعُودَ قَالَ كَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَخَوَّلُنا بالمَوْعِظَةِ فِي الأيَّامِ كَرَاهةَ السَّآمَة عَلَيْنا.
مُطَابقَة الحَدِيث لإحدى الترجمتين وَهِي قَوْله: ( بِالْمَوْعِظَةِ) ظَاهِرَة، وَالْبَاب مترجم بترجمتين إِحْدَاهمَا: قَوْله: ( بِالْمَوْعِظَةِ) وَالْأُخْرَى: قَوْله: ( كي لَا ينفروا) ، فأورد فِيهِ حديثين كل مِنْهُمَا يُطَابق وَاحِدَة مِنْهُمَا.
بَيَان رِجَاله: وهم خسمة: الأول: مُحَمَّد بن يُوسُف، قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين فِي ( شَرحه) : هُوَ مُحَمَّد بن يُوسُف بن وَاقد الْفرْيَابِيّ، أَبُو عبد اللَّه الضَّبِّيّ، مَوْلَاهُم، سكن قيسارية من سَاحل الشَّام، أدْرك الْأَعْمَش وروى عَنهُ وَعَن السفيانين وَغَيرهم، وروى عَنهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَمُحَمّد الذهلي وَمُحَمّد بن مُسلم ابْن وارة وَغَيرهم، وروى عَنهُ البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة، وروى فِي كتاب الصَدَاق عَن إِسْحَاق غير مَنْسُوب عَنهُ، وروى بَقِيَّة الْجَمَاعَة عَن رجل عَنهُ.
قَالَ أَحْمد: كَانَ رجلا صَالحا..
     وَقَالَ  النَّسَائِيّ وَأَبُو حَاتِم: ثِقَة..
     وَقَالَ  البُخَارِيّ: كَانَ من أفضل أهل زَمَانه، مَاتَ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هُوَ مُحَمَّد بن يُوسُف أَبُو أَحْمد البيكندي، وَهَذَا وهم، لِأَن البُخَارِيّ حَيْثُ يُطلق مُحَمَّد بن يُوسُف لَا يُرِيد بِهِ، إلاَّ الْفرْيَابِيّ، وَإِن كَانَ يروي أَيْضا عَن البيكندي.
فَافْهَم.
الثَّانِي: سُفْيَان الثَّوْريّ: فَإِن قلت: مُحَمَّد بن الْفرْيَابِيّ يروي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَيْضا كَمَا ذكرنَا، فَمَا الْمُرَجح هَهُنَا لِسُفْيَان الثَّوْريّ؟ قلت: الْفرْيَابِيّ، وَإِن كَانَ يروي عَن السفيانين، وَلكنه حَيْثُ يُطلق لَا يُرِيد بِهِ، إلاَّ الثَّوْريّ.
الثَّالِث: سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَعْمَش.
الرَّابِع: أَبُو واثل، شَقِيق بن سَلمَة الْكُوفِي.
الْخَامِس: عبد اللَّه بن مَسْعُود، رَضِي الله عَنهُ.
بَيَان الْأَنْسَاب: الْفرْيَابِيّ، بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون الرَّاء بعْدهَا الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة نِسْبَة إِلَى فرياب، اسْم مَدِينَة من نواحي بَلخ.
قَالَ الصغاني: فرياب مثل جربال، وَيُقَال: فيرياب مثل: كيمياء، وَيُقَال: فارياب، مثل: قاصعاء، وَأما: فاراب، فَهِيَ نَاحيَة وَرَاء نهر سيحون فِي تخوم بِلَاد التّرْك، وفراب مثل سَحَاب قَرْيَة فِي سفح جبل على ثَمَانِيَة فراسخ من سَمَرْقَنْد، وفراب مثل: كفار، قَرْيَة من قرى أَصْبَهَان.
الضَّبِّيّ، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: نِسْبَة إِلَى ضبة بن اد بن طابخة بن الياس بن مُضر، وَفِي قُرَيْش أَيْضا: ضبة بن الْحَارِث بن فهر، ذكره ابْن حبيب.
وَفِي هُذَيْل أَيْضا: ضبة بن عَمْرو ابْن الْحَارِث بن تَمِيم بن سعد بن هُذَيْل.
البيكندي، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف الساكنة وَفتح الْكَاف وَسُكُون النُّون بعْدهَا الدَّال الْمُهْملَة: نِسْبَة إِلَى بيكند، قَرْيَة من قرى بُخَارى.
بَيَان لطائف اسناده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كوفيون مَا خلا الْفرْيَابِيّ.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.
فَإِن قلت: الْأَعْمَش مُدَلّس وَقد عنعن هُنَا، وَقد روى مُسلم من طَرِيق عَليّ بن مسْهر عَن الْأَعْمَش عَن شَقِيق عَن عبد اللَّه، فَذكر الحَدِيث: قَالَ عَليّ بن مسْهر قَالَ الْأَعْمَش: وحَدثني عَمْرو بن مرّة عَن شَقِيق عَن عبد اللَّه مثله، فقد يُوهم هَذَا أَن الْأَعْمَش دلسه، أَولا عَن شَقِيق، ثمَّ سمى الْوَاسِطَة بَينهمَا.
قلت: صرح أَحْمد فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث بِسَمَاع الْأَعْمَش عَن شَقِيق، فَقَالَ: سَمِعت شقيقاً، وَهُوَ أَبُو وَائِل، وَكَذَا صرح الْأَعْمَش بِالتَّحْدِيثِ عِنْد البُخَارِيّ فِي الدَّعْوَات من رِوَايَة حَفْص بن غياث عَنهُ، قَالَ: حَدثنِي شَقِيق، وَزَاد فِي أَوله: إِنَّهُم كَانُوا ينتظرون عبد اللَّه بن مَسْعُود ليخرج إِلَيْهِم فيذكرهم، وَإنَّهُ لما خرج قَالَ: أما إِنِّي أخبر بمكانكم، وَلكنه يَمْنعنِي من الْخُرُوج إِلَيْكُم ... فَذكر الحَدِيث.
بَيَان تعد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير عَن مَنْصُور عَن أبي وَائِل عَن ابْن مَسْعُود بِهِ، وَأخرجه أَيْضا فِي الدَّعْوَات عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه عَن الْأَعْمَش، وَأخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن وَكِيع، وَأَبُو مُعَاوِيَة وَمُحَمّد بن نمير عَن أبي مُعَاوِيَة، وَعَن الْأَشَج عَن ابْن إِدْرِيس، وَعَن منْجَاب عَن عَليّ بن مسْهر، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَابْن خشرم عَن عِيسَى بن يُونُس عَن ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان، كلهم عَن الْأَعْمَش.
زَاد الْأَعْمَش فِي رِوَايَة ابْن مسْهر: وحَدثني عَمْرو بن مرّة عَن شَقِيق عَن عبد اللَّه مثله.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان عَن مُحَمَّد بن غيلَان عَن أبي أَحْمد الزبيرِي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن بشار عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش بِهِ، وَفِي نُسْخَة عَن مُحَمَّد بن بشار عَن يحيى عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( يَتَخَوَّلنَا) ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وباللام، من التخول، وَهُوَ: التعهد، من: خَال المَال، وخال على الشَّيْء خولاً، إِذا تعهد، وَيُقَال: خَال المَال يخوله خولاً إِذا ساسه وَأحسن الْقيام عَلَيْهِ، والخائل المتعاهد للشَّيْء المصلح لَهُ، وخول الله الشَّيْء أَي: ملكه إِيَّاه، وخول الرجل حشمه، الْوَاحِد خائل،.

     وَقَالَ  أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: الصَّوَاب يتحولهم، بِالْحَاء الْمُهْملَة، أَي: يطْلب أَحْوَالهم الَّتِي ينشطون فِيهَا للموعظة، فيعظهم وَلَا يكثر عَلَيْهِم فيملوا.
وَكَانَ الْأَصْمَعِي يرويهِ: يتخوننا، بالنُّون وَالْخَاء الْمُعْجَمَة، أَي: يتعهدنا.
حَكَاهُ عَنْهُمَا صَاحب ( نِهَايَة الْغَرِيب) .
وَفِي ( مجمع الغرائب) قَالَ الْأَصْمَعِي: أَظُنهُ يتخونهم، بالنُّون، وَهُوَ بِمَعْنى: التعهد.
وَقيل: إِن أَبَا عَمْرو بن الْعَلَاء سمع الْأَعْمَش يحدث هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: يَتَخَوَّلنَا، بِاللَّامِ، فَرده عَلَيْهِ بالنُّون فَلم يرجع لأجل الرِّوَايَة، وكلا اللَّفْظَيْنِ جَائِز، وَالصَّوَاب: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وباللام،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: مَعْنَاهُ يتخذنا خولاً.
وَيُقَال: يناجينا بهَا.
وَقيل: يُصْلِحنَا..
     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة: يذللنا بهَا، يُقَال: خول الله لَك أَي: ذلله لَك وسخره.
وَقيل: يحبسهم عَلَيْهَا كَمَا يحبس الخول.
قَوْله: ( كَرَاهِيَة السَّآمَة) من كرهت الشَّيْء أكرهه كَرَاهَة وكراهية، والسآمة مثل الملالة، بِنَاء وَمعنى،.

     وَقَالَ  أَبُو زيد: سئمت من الشَّيْء أسأم سأماً وسآمةً وسآماً: إِذا مللته، وَرجل سؤوم.
بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( النَّبِي) ، مَرْفُوع لِأَنَّهُ اسْم كَانَ.
وَقَوله: ( يَتَخَوَّلنَا) ، جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول فِي مَحل النصب على أَنَّهَا خبر: كَانَ.
فَإِن قلت: كَانَ لثُبُوت خَبَرهَا مَاضِيا، و: يَتَخَوَّلنَا، إِمَّا حَال وَإِمَّا اسْتِقْبَال، فَمَا وَجه الْجمع بَينهمَا؟ قلت: كَانَ يُرَاد بِهِ الِاسْتِمْرَار، وَكَذَا الْفِعْل الْمُضَارع، فاجتماعهما يُفِيد شُمُول الْأَزْمِنَة..
     وَقَالَ  الأصوليون: قَوْله: كَانَ حَاتِم يكرم الضَّيْف، يُفِيد تكْرَار الْفِعْل فِي الْأَزْمَان، وَالْبَاء فِي: بِالْمَوْعِظَةِ، تتَعَلَّق: بيتخولنا، قَوْله: ( فِي الْأَيَّام) ، صفة لموعظة أَي: بِالْمَوْعِظَةِ الكائنة فِي الْأَيَّام.
قَوْله: ( كَرَاهِيَة السَّآمَة) ، كَلَام إضافي مَنْصُوب على أَنه مفعول لَهُ، أَي: لأجل كَرَاهِيَة السَّآمَة، وصلَة السَّآمَة محذوفة، لِأَنَّهُ يُقَال: سأمت من الشَّيْء، وَالتَّقْدِير: كَرَاهِيَة السَّآمَة من الموعظة.
وَقَوله: ( علينا) إِمَّا يتَعَلَّق بالسآمة على تضمين السَّآمَة معنى الْمَشَقَّة، أَي: كَرَاهَة الْمَشَقَّة علينا، إِذْ الْمَقْصُود بَيَان رفق النَّبِي، عَلَيْهِ السَّلَام، بالأمة وشفقته عَلَيْهِم ليأخذوا مِنْهُ بنشاط وحرص لَا عَن ضجر وملل، وَإِمَّا يَجْعَل صفة، وَالتَّقْدِير: كَرَاهِيَة السَّآمَة الطارئة علينا.
وَإِمَّا يَجْعَل حَالا، وَالتَّقْدِير: كَرَاهِيَة السَّآمَة حَال كَونهَا طارئة علينا.
وَإِمَّا يتَعَلَّق بالمحذوف، وَالتَّقْدِير: كَرَاهِيَة السَّآمَة شَفَقَة علينا.
فَافْهَم.
بَيَان الْمعَانِي: الْمَعْنى: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعظ الصَّحَابَة فِي أَوْقَات مَعْلُومَة، وَلم يكن يسْتَغْرق الْأَوْقَات خوفًا عَلَيْهِم من الْملَل والضجر، كَمَا كَانَ نَهَاهُم بقوله: ( لَا يُصَلِّي أحد خاماً وركيه) .
وكما قَالَ: ( ابدأوا بالعشاء لِئَلَّا تشْغَلُوا عَن الإقبال على الله تَعَالَى بِغَيْرِهِ) .
وَعَن الصَّلَاة وَعَن النِّيَّة، وَقد وَصفه الله تَعَالَى بالرفق بأمته فَقَالَ: { عَزِيز عَلَيْهِ ماعنتم} ( التَّوْبَة: 128) الْآيَة: فَإِن قلت: أَيجوزُ أَن يكون المُرَاد من السَّآمَة سآمة رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من القَوْل؟ قلت: لَا يجوز، وَيدل عَلَيْهِ السِّيَاق وقرينة الْحَال.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُهُمْ)
هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَتَعَهَّدُهُمْ وَالْمَوْعِظَةُ النُّصْحُ وَالتَّذْكِيرُ وَعَطْفُ الْعِلْمِ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِأَنَّ الْعِلْمَ يَشْمَلُ الْمَوْعِظَةَ وَغَيْرَهَا وَإِنَّمَا عَطَفَهُ لِأَنَّهَا مَنْصُوصَةٌ فِي الْحَدِيثِ وَذَكَرَ الْعِلْمَ اسْتِنْبَاطًا .

     قَوْلُهُ  لِئَلَّا يَنْفِرُوا اسْتَعْمَلَ فِي التَّرْجَمَةِ مَعْنَى الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ سَاقَهُمَا وَتَضَمَّنَ ذَلِكَ تَفْسِيرَ السَّآمَةِ بِالنُّفُورِ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ ظَاهِرَةٌ مِنْ جِهَةِ مَا حَكَاهُ أَخِيرًا مِنْ تَفْسِيرِ الرَّبَّانِيِّ كَمُنَاسَبَةِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ تَشْدِيدِ أَبِي ذَرٍّ فِي أَمْرِ التَّبْلِيغِ لِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْأَمْرِ بِالتَّبْلِيغِ وَغَالِبُ أَبْوَابِ هَذَا الْكِتَابِ لِمَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ فِيهَا وَالتَّأَمُّلُ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ

[ قــ :68 ... غــ :68] .

     قَوْلُهُ  سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَن بن عُيَيْنَةَ لَكِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيَّ وَإِنْ كَانَ يَرْوِي عَنِ السُّفْيَانَيْنِ فَإِنَّهُ حِينَ يُطْلِقُ يُرِيدُ بِهِ الثَّوْرِيُّ كَمَا أَنَّ الْبُخَارِيَّ حَيْثُ يُطْلِقُ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ لَا يُرِيدُ بِهِ إِلَّا الْفِرْيَابِيَّ وَإِنْ كَانَ يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْبَيْكَنْدِيِّ أَيْضًا وَقَدْ وَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ هُنَا الْبَيْكَنْدِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي وَائِلٍ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورَةِ سَمِعْتُ شَقِيقًا وَهُوَ أَبُو وَائِلٍ وَأَفَادَ هَذَا التَّصْرِيحُ رَفْعَ مَا يُتَوَهَّمُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ الْأَعْمَشُ وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ فَقَدْ يُوهِمُ هَذَا أَنَّ الْأَعْمَشَ دَلَّسَهُ أَوَّلًا عَنْ شَقِيقٍ ثُمَّ سَمَّى الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي وَائِلٍ بِلَا وَاسِطَةٍ وَسَمِعَهُ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ وَأَرَادَ بِذِكْرِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ نَازِلَةً تَأْكِيدَهُ أَوْ لِيُنَبِّهَ عَلَى عِنَايَتِهِ بِالرِّوَايَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ سَمِعَهُ نَازِلًا فَلَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ حَتَّى سَمِعَهُ عَالِيًا وَكَذَا صَرَّحَ الْأَعْمَشُ بِالتَّحْدِيثِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَيُذَكِّرَهُمْ وَأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ قَالَ أَمَا إِنِّي أَخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ وَلَكِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْخَائِلُ بِالْمُعْجَمَةِ هُوَ الْقَائِمُ الْمُتَعَهِّدُ لِلْمَالِ يُقَالُ خَالَ الْمَالَ يَخُولُهُ تَخَوُّلًا إِذَا تَعَهَّدَهُ وَأَصْلَحَهُ وَالْمَعْنَى كَانَ يُرَاعِي الْأَوْقَاتَ فِي تَذْكِيرِنَا وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ لِئَلَّا نَمَلَّ وَالتَّخَوُّنُ بِالنُّونِ أَيْضًا يُقَالُ تَخَوَّنَ الشَّيْءَ إِذَا تَعَهَّدَهُ وَحَفِظَهُ أَيِ اجْتَنَبَ الْخِيَانَةَ فِيهِ كَمَا قِيلَ فِي تَحَنَّثَ وَتَأَثَّمَ وَنَظَائِرِهِمَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَبَا عَمْرو بْنَ الْعَلَاءِ سَمِعَ الْأَعْمَشَ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ يَتَخَوَّلُنَا بِاللَّامِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ بِالنُّونِ فَلَمْ يَرْجِعْ لِأَجْلِ الرِّوَايَةِ وَكِلَا اللَّفْظَيْنِ جَائِزٌ وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الصَّوَابُ يَتَحَوَّلُنَا بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَتَطَلَّبُ أَحْوَالَنَا الَّتِي نَنْشَطُ فِيهَا لِلْمَوْعِظَةِ.

.

قُلْتُ وَالصَّوَابُ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى فَقَدْ رَوَاهُ مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ كَرِوَايَةِ الْأَعْمَشِ وَهُوَ فِي الْبَابِ الْآتِي وَإِذَا ثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ وَصَحَّ الْمَعْنَى بَطَلَ الِاعْتِرَاضُ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْنَا أَيِ السَّآمَةُ الطَّارِئَةُ عَلَيْنَا أَوْ ضَمَّنَ السَّآمَةَ مَعْنَى الْمَشَقَّةِ فَعَدَّاهَا بِعَلَى وَالصِّلَةُ مَحْذُوفَةٌ وَالتَّقْدِيرُ مِنَ الْمَوْعِظَةِ وَيُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ تَرْكِ الْمُدَاوَمَةِ فِي الْجِدِّ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ خَشْيَةَ الْمَلَالِ وَإِنْ كَانَتِ الْمُوَاظَبَةُ مَطْلُوبَةً لَكِنَّهَا عَلَى قِسْمَيْنِ إِمَّا كُلَّ يَوْمٍ مَعَ عَدَمِ التَّكَلُّفِ وَإِمَّا يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ فَيَكُونُ يَوْمُ التَّرْكِ لِأَجْلِ الرَّاحَةِ لِيُقْبِلَ عَلَى الثَّانِي بِنَشَاطٍ وَإِمَّا يَوْمًا فِي الْجُمُعَةِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَالضَّابِطُ الْحَاجَةُ مَعَ مُرَاعَاةِ وُجُودِ النَّشَاطِ وَاحْتمل عمل بن مَسْعُود مَعَ اسْتِدْلَالِهِ أَنْ يَكُونَ اقْتَدَى بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فِي الْيَوْمِ الَّذِي عَيَّنَهُ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ اقْتَدَى بِمُجَرَّدِ التَّخَلُّلِ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالتَّرْكِ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالتَّخَوُّلِ وَالثَّانِي أَظْهَرُ وَأَخَذَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ حَدِيثِ الْبَاب كَرَاهَة تَشْبِيهِ غَيْرِ الرَّوَاتِبِ بِالرَّوَاتِبِ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ دَائِمًا وَجَاءَ عَنْ مَالِكٍ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالْعِلْمِ كَىْ لاَ يَنْفِرُوا
( باب ما كان) أي باب كون ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتخوّلهم) بالخاء المعجمة واللام أي يتعهد أصحابه ( بالموعظة) بالنصح والتذكير بالعواقب ( والعلم) من عطف العام على الخاص، وإنما عطفه لأنها منصوصة في الحديث الآتي وذكر العلم استنباطًا ( كي لا ينفروا) بفتح المثناة التحتية وكسر الفاء أي يتباعدوا.


[ قــ :68 ... غــ : 68 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا.
[الحديث 68 - طرفاه في: 70، 6411] .

وبالسند السابق إلى المؤلف قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) بن واقد الفريابي الضبي، المتوفى في ربيع الأوّل سنة اثنتي عشرة ومائتين وليس هو محمد بن يوسف البيكندي لأنه إذا أطلق في هذا الكتاب محمد بن يوسف تعين الأوّل ( قال: أخبرنا) وفي رواية ابن عساكر والأصيلي حدّثنا ( سفيان) الثوري ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الكوفي ( عن ابن مسعود) عبد الله رضي الله عنه أنه ( قال) :
( كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتخوّلنا) بالخاء المعجمة واللام أي يتعهدنا، والمعنى كان يراعي الأوقات في تذكيره ولا يدخل ذلك في كل يوم أو هي بالمهملة أي يطلب أحوالنا التي ننشط منها للموعظة.

وصوّبها أبو عمرو الشيباني.
وعن الأصمعي يتخوّننا بالمعجمة والنون أي يتعهدنا ( بالموعظة في الأيام) فكان يراعي الأوقات في وعظنا فلا يفعله كل يوم ( كراهة) بالنصب مفعول له أي لأجل كراهة ( السآمة) أي الملالة من الموعظة ( علينا) .
وفي رواية الأصيلي وأبي ذر عن الحموي كراهية بزيادة مثناة تحتية وهما لغتان والجار والمجرور متعلق بالسآمة على تضمين السآمة معنى المشقة أي كراهة المشقة

علينا، أو بتقدير الصفة أي كراهة السآمة الطارئة علينا، أو الحال أي كراهة السآمة حال كونها طارئة علينا، أو بمحذوف أي كراهة السآمة شفقة علينا.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَا كانَ النبيُّ يَتَخَوَّلُهُمْ بالموْعِظَةِ والعِلْمِ كَي لاَ يَنْفِرُوا)

الْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع: الأول: إِن التَّقْدِير: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا كَانَ النَّبِي، عَلَيْهِ السَّلَام، يَتَخَوَّلُ الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، بِالْمَوْعِظَةِ، وارتفاعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَهُوَ مُضَاف إِلَى مَا بعده من الْجُمْلَة، وَكلمَة: مَا، مَصْدَرِيَّة تَقْدِيره: بابُُ كَون النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يتخولهم.
الثَّانِي: وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول هُوَ الْعلم، وَالْمَذْكُور فِي هَذَا الْبابُُ هُوَ التخول بِالْعلمِ.
الثَّالِث: قَوْله: يتخولهم، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره اللَّام، مَعْنَاهُ: يتعهدهم، وَهُوَ من التخول، وَهُوَ التعهد يَعْنِي: كَانَ يتعهدهم ويراعي الْأَوْقَات فِي وعظهم، ويتحرى مِنْهَا مَا كَانَ مَظَنَّة الْقبُول، وَلَا يَفْعَله كل يَوْم لِئَلَّا يسأم.
والخائل الْقَائِم المتعهد للْحَال، ذكره الْخطابِيّ.
والآن يَأْتِي مزِيد الْكَلَام فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْله: ( بِالْمَوْعِظَةِ) قَالَ الصغاني: الْوَعْظ والعظة وَالْمَوْعِظَة مصَادر قَوْلك: وعظته أعظه.
والوعظ: هُوَ النصح والتذكير بالعواقب، وَعطف الْعلم على الموعظة من بابُُ عطف الْعَام على الْخَاص، عكس: وَمَلَائِكَته وَجِبْرِيل.
وَذكره الموعظة لكَونهَا مَذْكُورَة فِي الحَدِيث، وَأما الْعلم فَإِنَّمَا ذكره استنباطاً.
قَوْله: ( كي لَا ينفروا) : أَي: لِئَلَّا يملوا عَنهُ ويتباعدوا مِنْهُ، يُقَال: نفر ينفر، من بابُُ: ضرب يضْرب، وَنَفر ينفر من بابُُ نصر ينصر نفوراً بِالضَّمِّ، ونفار بِالْفَتْح، والنفور أَيْضا جمع نافر كشاهد وشهود، وَيُقَال: فِي الدَّابَّة نفار، بِكَسْر النُّون، وَهُوَ اسْم مثل الحران، والتركيب يدل على تجافٍ وتباعد.



[ قــ :68 ... غــ :68 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ قَالَ أخْبَرَنا سُفْيانُ عَن الأعْمَشِ عَن أبي وائِلٍ عنِ ابْنِ مَسْعُودَ قَالَ كَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَخَوَّلُنا بالمَوْعِظَةِ فِي الأيَّامِ كَرَاهةَ السَّآمَة عَلَيْنا.

مُطَابقَة الحَدِيث لإحدى الترجمتين وَهِي قَوْله: ( بِالْمَوْعِظَةِ) ظَاهِرَة، وَالْبابُُ مترجم بترجمتين إِحْدَاهمَا: قَوْله: ( بِالْمَوْعِظَةِ) وَالْأُخْرَى: قَوْله: ( كي لَا ينفروا) ، فأورد فِيهِ حديثين كل مِنْهُمَا يُطَابق وَاحِدَة مِنْهُمَا.

بَيَان رِجَاله: وهم خسمة: الأول: مُحَمَّد بن يُوسُف، قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين فِي ( شَرحه) : هُوَ مُحَمَّد بن يُوسُف بن وَاقد الْفرْيَابِيّ، أَبُو عبد اللَّه الضَّبِّيّ، مَوْلَاهُم، سكن قيسارية من سَاحل الشَّام، أدْرك الْأَعْمَش وروى عَنهُ وَعَن السفيانين وَغَيرهم، وروى عَنهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَمُحَمّد الذهلي وَمُحَمّد بن مُسلم ابْن وارة وَغَيرهم، وروى عَنهُ البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة، وروى فِي كتاب الصَدَاق عَن إِسْحَاق غير مَنْسُوب عَنهُ، وروى بَقِيَّة الْجَمَاعَة عَن رجل عَنهُ.
قَالَ أَحْمد: كَانَ رجلا صَالحا..
     وَقَالَ  النَّسَائِيّ وَأَبُو حَاتِم: ثِقَة..
     وَقَالَ  البُخَارِيّ: كَانَ من أفضل أهل زَمَانه، مَاتَ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هُوَ مُحَمَّد بن يُوسُف أَبُو أَحْمد البيكندي، وَهَذَا وهم، لِأَن البُخَارِيّ حَيْثُ يُطلق مُحَمَّد بن يُوسُف لَا يُرِيد بِهِ، إلاَّ الْفرْيَابِيّ، وَإِن كَانَ يروي أَيْضا عَن البيكندي.
فَافْهَم.
الثَّانِي: سُفْيَان الثَّوْريّ: فَإِن قلت: مُحَمَّد بن الْفرْيَابِيّ يروي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَيْضا كَمَا ذكرنَا، فَمَا الْمُرَجح هَهُنَا لِسُفْيَان الثَّوْريّ؟ قلت: الْفرْيَابِيّ، وَإِن كَانَ يروي عَن السفيانين، وَلكنه حَيْثُ يُطلق لَا يُرِيد بِهِ، إلاَّ الثَّوْريّ.
الثَّالِث: سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَعْمَش.
الرَّابِع: أَبُو واثل، شَقِيق بن سَلمَة الْكُوفِي.
الْخَامِس: عبد اللَّه بن مَسْعُود، رَضِي الله عَنهُ.

بَيَان الْأَنْسَاب: الْفرْيَابِيّ، بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون الرَّاء بعْدهَا الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة نِسْبَة إِلَى فرياب، اسْم مَدِينَة من نواحي بَلخ.
قَالَ الصغاني: فرياب مثل جربال، وَيُقَال: فيرياب مثل: كيمياء، وَيُقَال: فارياب، مثل: قاصعاء، وَأما: فاراب، فَهِيَ نَاحيَة وَرَاء نهر سيحون فِي تخوم بِلَاد التّرْك، وفراب مثل سَحَاب قَرْيَة فِي سفح جبل على ثَمَانِيَة فراسخ من سَمَرْقَنْد، وفراب مثل: كفار، قَرْيَة من قرى أَصْبَهَان.
الضَّبِّيّ، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: نِسْبَة إِلَى ضبة بن اد بن طابخة بن الياس بن مُضر، وَفِي قُرَيْش أَيْضا: ضبة بن الْحَارِث بن فهر، ذكره ابْن حبيب.
وَفِي هُذَيْل أَيْضا: ضبة بن عَمْرو ابْن الْحَارِث بن تَمِيم بن سعد بن هُذَيْل.
البيكندي، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف الساكنة وَفتح الْكَاف وَسُكُون النُّون بعْدهَا الدَّال الْمُهْملَة: نِسْبَة إِلَى بيكند، قَرْيَة من قرى بُخَارى.

بَيَان لطائف اسناده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كوفيون مَا خلا الْفرْيَابِيّ.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.
فَإِن قلت: الْأَعْمَش مُدَلّس وَقد عنعن هُنَا، وَقد روى مُسلم من طَرِيق عَليّ بن مسْهر عَن الْأَعْمَش عَن شَقِيق عَن عبد اللَّه، فَذكر الحَدِيث: قَالَ عَليّ بن مسْهر قَالَ الْأَعْمَش: وحَدثني عَمْرو بن مرّة عَن شَقِيق عَن عبد اللَّه مثله، فقد يُوهم هَذَا أَن الْأَعْمَش دلسه، أَولا عَن شَقِيق، ثمَّ سمى الْوَاسِطَة بَينهمَا.
قلت: صرح أَحْمد فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث بِسَمَاع الْأَعْمَش عَن شَقِيق، فَقَالَ: سَمِعت شقيقاً، وَهُوَ أَبُو وَائِل، وَكَذَا صرح الْأَعْمَش بِالتَّحْدِيثِ عِنْد البُخَارِيّ فِي الدَّعْوَات من رِوَايَة حَفْص بن غياث عَنهُ، قَالَ: حَدثنِي شَقِيق، وَزَاد فِي أَوله: إِنَّهُم كَانُوا ينتظرون عبد اللَّه بن مَسْعُود ليخرج إِلَيْهِم فيذكرهم، وَإنَّهُ لما خرج قَالَ: أما إِنِّي أخبر بمكانكم، وَلكنه يَمْنعنِي من الْخُرُوج إِلَيْكُم ... فَذكر الحَدِيث.
بَيَان تعد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير عَن مَنْصُور عَن أبي وَائِل عَن ابْن مَسْعُود بِهِ، وَأخرجه أَيْضا فِي الدَّعْوَات عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه عَن الْأَعْمَش، وَأخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن وَكِيع، وَأَبُو مُعَاوِيَة وَمُحَمّد بن نمير عَن أبي مُعَاوِيَة، وَعَن الْأَشَج عَن ابْن إِدْرِيس، وَعَن منْجَاب عَن عَليّ بن مسْهر، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَابْن خشرم عَن عِيسَى بن يُونُس عَن ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان، كلهم عَن الْأَعْمَش.
زَاد الْأَعْمَش فِي رِوَايَة ابْن مسْهر: وحَدثني عَمْرو بن مرّة عَن شَقِيق عَن عبد اللَّه مثله.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان عَن مُحَمَّد بن غيلَان عَن أبي أَحْمد الزبيرِي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن بشار عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش بِهِ، وَفِي نُسْخَة عَن مُحَمَّد بن بشار عَن يحيى عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( يَتَخَوَّلنَا) ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وباللام، من التخول، وَهُوَ: التعهد، من: خَال المَال، وخال على الشَّيْء خولاً، إِذا تعهد، وَيُقَال: خَال المَال يخوله خولاً إِذا ساسه وَأحسن الْقيام عَلَيْهِ، والخائل المتعاهد للشَّيْء المصلح لَهُ، وخول الله الشَّيْء أَي: ملكه إِيَّاه، وخول الرجل حشمه، الْوَاحِد خائل،.

     وَقَالَ  أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: الصَّوَاب يتحولهم، بِالْحَاء الْمُهْملَة، أَي: يطْلب أَحْوَالهم الَّتِي ينشطون فِيهَا للموعظة، فيعظهم وَلَا يكثر عَلَيْهِم فيملوا.
وَكَانَ الْأَصْمَعِي يرويهِ: يتخوننا، بالنُّون وَالْخَاء الْمُعْجَمَة، أَي: يتعهدنا.
حَكَاهُ عَنْهُمَا صَاحب ( نِهَايَة الْغَرِيب) .
وَفِي ( مجمع الغرائب) قَالَ الْأَصْمَعِي: أَظُنهُ يتخونهم، بالنُّون، وَهُوَ بِمَعْنى: التعهد.
وَقيل: إِن أَبَا عَمْرو بن الْعَلَاء سمع الْأَعْمَش يحدث هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: يَتَخَوَّلنَا، بِاللَّامِ، فَرده عَلَيْهِ بالنُّون فَلم يرجع لأجل الرِّوَايَة، وكلا اللَّفْظَيْنِ جَائِز، وَالصَّوَاب: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وباللام،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: مَعْنَاهُ يتخذنا خولاً.
وَيُقَال: يناجينا بهَا.
وَقيل: يُصْلِحنَا..
     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة: يذللنا بهَا، يُقَال: خول الله لَك أَي: ذلله لَك وسخره.
وَقيل: يحبسهم عَلَيْهَا كَمَا يحبس الخول.
قَوْله: ( كَرَاهِيَة السَّآمَة) من كرهت الشَّيْء أكرهه كَرَاهَة وكراهية، والسآمة مثل الملالة، بِنَاء وَمعنى،.

     وَقَالَ  أَبُو زيد: سئمت من الشَّيْء أسأم سأماً وسآمةً وسآماً: إِذا مللته، وَرجل سؤوم.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( النَّبِي) ، مَرْفُوع لِأَنَّهُ اسْم كَانَ.
وَقَوله: ( يَتَخَوَّلنَا) ، جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول فِي مَحل النصب على أَنَّهَا خبر: كَانَ.
فَإِن قلت: كَانَ لثُبُوت خَبَرهَا مَاضِيا، و: يَتَخَوَّلنَا، إِمَّا حَال وَإِمَّا اسْتِقْبَال، فَمَا وَجه الْجمع بَينهمَا؟ قلت: كَانَ يُرَاد بِهِ الِاسْتِمْرَار، وَكَذَا الْفِعْل الْمُضَارع، فاجتماعهما يُفِيد شُمُول الْأَزْمِنَة..
     وَقَالَ  الأصوليون: قَوْله: كَانَ حَاتِم يكرم الضَّيْف، يُفِيد تكْرَار الْفِعْل فِي الْأَزْمَان، وَالْبَاء فِي: بِالْمَوْعِظَةِ، تتَعَلَّق: بيتخولنا، قَوْله: ( فِي الْأَيَّام) ، صفة لموعظة أَي: بِالْمَوْعِظَةِ الكائنة فِي الْأَيَّام.
قَوْله: ( كَرَاهِيَة السَّآمَة) ، كَلَام إضافي مَنْصُوب على أَنه مفعول لَهُ، أَي: لأجل كَرَاهِيَة السَّآمَة، وصلَة السَّآمَة محذوفة، لِأَنَّهُ يُقَال: سأمت من الشَّيْء، وَالتَّقْدِير: كَرَاهِيَة السَّآمَة من الموعظة.
وَقَوله: ( علينا) إِمَّا يتَعَلَّق بالسآمة على تضمين السَّآمَة معنى الْمَشَقَّة، أَي: كَرَاهَة الْمَشَقَّة علينا، إِذْ الْمَقْصُود بَيَان رفق النَّبِي، عَلَيْهِ السَّلَام، بالأمة وشفقته عَلَيْهِم ليأخذوا مِنْهُ بنشاط وحرص لَا عَن ضجر وملل، وَإِمَّا يَجْعَل صفة، وَالتَّقْدِير: كَرَاهِيَة السَّآمَة الطارئة علينا.
وَإِمَّا يَجْعَل حَالا، وَالتَّقْدِير: كَرَاهِيَة السَّآمَة حَال كَونهَا طارئة علينا.
وَإِمَّا يتَعَلَّق بالمحذوف، وَالتَّقْدِير: كَرَاهِيَة السَّآمَة شَفَقَة علينا.
فَافْهَم.

بَيَان الْمعَانِي: الْمَعْنى: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعظ الصَّحَابَة فِي أَوْقَات مَعْلُومَة، وَلم يكن يسْتَغْرق الْأَوْقَات خوفًا عَلَيْهِم من الْملَل والضجر، كَمَا كَانَ نَهَاهُم بقوله: ( لَا يُصَلِّي أحد خاماً وركيه) .
وكما قَالَ: ( ابدأوا بالعشاء لِئَلَّا تشْغَلُوا عَن الإقبال على الله تَعَالَى بِغَيْرِهِ) .
وَعَن الصَّلَاة وَعَن النِّيَّة، وَقد وَصفه الله تَعَالَى بالرفق بأمته فَقَالَ: { عَزِيز عَلَيْهِ ماعنتم} ( التَّوْبَة: 128) الْآيَة: فَإِن قلت: أَيجوزُ أَن يكون المُرَاد من السَّآمَة سآمة رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من القَوْل؟ قلت: لَا يجوز، وَيدل عَلَيْهِ السِّيَاق وقرينة الْحَال.