فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - تَفْرِيعِ صَلَاةِ السَّفَرِ

رقم الحديث 1057 [1057] ( عَنْ أَبِي الْمُلَيْحِ) قَالَ الْمُنْذَرِيُّ وَأَبُو الْمَلِيحِ اسْمُهُ عَامِرُ بْنُ أُسَامَةَ وَقِيلَ زَيْدُ بْنُ أُسَامَةَ وَقِيلَ أُسَامَةُ بْنُ عَامِرٍ وَقِيلَ عُمَيْرُ بْنُ أُسَامَةَ هُذَلِيٌّ بَصْرِيٌّ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ وَأَبُوهُ لَهُ صُحْبَةٌ وَيُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا ابْنُهُ أَبُو الْمَلِيحِ ( أَنَّ يَوْمَ حُنَيْنٍ) مُصَغَّرٌ وَادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ هُوَ مُذَكَّرٌ مُنْصَرِفٌ وَقَدْ يُؤَنَّثُ عَلَى مَعْنَى الْبُقْعَةِ وَقِصَّةُ حُنَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَحَ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ سَنَةِ ثَمَانٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا لِقِتَالِ هَوَازِنَ وَثَقِيفٍ وَقَدْ بَقِيَتْ أَيَّامٌ مِنْ رَمَضَانَ فَسَارَ إِلَى حُنَيْنٍ فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ ثُمَّ أَمَدَّهُمُ اللَّهُ بِنَصْرِهِ فَعَطَفُوا وَقَاتَلُوا الْمُشْرِكِينَ فَهَزَمُوهُمْ وَغَنِمُوا أَمْوَالَهُمْ وَعِيَالَهُمْ ثُمَّ صَارَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى أَوْطَاسٍ فَمِنْهُمْ مَنْ سَارَ عَلَى نَخْلَةِ الْيَمَانِيَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ سَلَكَ الثَّنَايَا وَتَبِعَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من سلك نخلة ويقال إنه صلى الله عليه وسلم أَقَامَ عَلَيْهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ سَارَ إِلَى أَوْطَاسٍ فَاقْتَتَلُوا وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى الطَّائِفِ وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهَا أَيْضًا أَمْوَالَهُمْ وَعِيَالَهُمْ ثُمَّ سَارَ إِلَى الطَّائِفِ فَقَاتَلَهُمْ بَقِيَّةَ شَوَّالٍ فَلَمَّا أَهَلَّ ذُو الْقَعْدَةِ تَرَكَ الْقِتَالَ لِأَنَّهُ شَهْرٌ حَرَامٌ وَرَحَلَ رَاجِعًا فَنَزَلَ جِعْرَانَةَ وَقَسَمَ بِهَا غَنَائِمَ أَوْطَاسٍ وَحُنَيْنٍ وَيُقَالُ كَانَتْ سِتَّةُ آلَافِ سَبِيٍّ.

قُلْتُ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى أَبِي الْمُلَيْحِ فَقَالَ قَتَادَةُ عَنْهُ إِنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ بِحُنَيْنٍ.

     وَقَالَ  خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْهُ إِنَّهَا وَقَعَتْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( الرِّحَالُ) جَمْعُ رَحْلٍ وَالْمُرَادُ بِهَا الدور والمساكن والمنازل
قاله بن الْأَثِيرِ
وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمُلَيْحِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُنَيْنٍ فَأَصَابَنَا مَطَرٌ فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ صَلُّوا في رحالكم



رقم الحديث 1063 [163] ( عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 1074 [174] ( مُخَوَّلٌ) عَلَى وَزْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى الْأَشْهَرِ ( كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ فِي اسْتِحْبَابِهِمَا فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهُ لَا تُكْرَهُ قِرَاءَةُ آيَةِ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا السُّجُودِ وَكَرِهَ مَالِكٌ وَآخَرُونَ ذَلِكَ وَهُمْ مَحْجُوجُونَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمَرْوِيَّةِ مِنْ طُرُقٍ عن أبي هريرة وبن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ انْتَهَى
وَفِي كِتَابِ الشَّرِيعَةِ لِابْنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بن جبير عن بن عَبَّاسٍ قَالَ غَدَوْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فَسَجَدَ الْحَدِيثَ وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ يُنْظَرُ فِي حَالِهِ
وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الصَّغِيرِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ لَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ قَالَهُ الْحَافِظُ
قَالَ الْعِرَاقِيُّ قَدْ فَعَلَهُ عمر بن الخطاب وعثمان وبن مسعود وبن عمر وبن الزُّبَيْرِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِاسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ هَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْرَأَ بَدَلَهَا سُورَةً أُخْرَى فِيهَا سَجْدَةٌ فَيَسْجُدَ فِيهَا أَوْ يمتنع ذلك فروى بن أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ كَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بسورة فيها سجدة
وروى أيضا عن بن عباس
وقال بن سِيرِينَ لَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زَوَائِدِهِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ فِيهِمَا سَجْدَةٌ لِغَرَضِ السُّجُودِ فَقَطْ لَمْ أَرَ فِيهِ كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا قَالَ وَفِي كَرَاهَتِهِ خِلَافٌ لِلسَّلَفِ



رقم الحديث 1076 [176] ( رَأَى حُلَّةَ سِيَرَاءَ) فِي فَتْحِ الْبَارِي بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ ثُمَّ رَاءٌ ثُمَّ مَدٌّ أَيْ حَرِيرٌ
قَالَ بن قُرْقُولٍ ضَبَطْنَاهُ عَنِ الْمُتْقِنِينَ بِالْإِضَافَةِ كَمَا يُقَالُ ثَوْبُ خَزٍّ وَعَنْ بَعْضِهِمْ بِالتَّنْوِينِ عَلَى الصِّفَةِ أَوِ الْبَدَلِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُقَالُ حُلَّةٌ سِيَرَاءُ كناقة عشراء ووجهه بن التِّينِ فَقَالَ يُرِيدُ أَنَّ عُشَرَاءَ مَأْخُوذٌ مِنْ عَشَرَةٍ أَكْمَلَتِ النَّاقَةُ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ فَسُمِّيَتْ عُشَرَاءَ كَذَلِكَ الْحُلَّةُ سُمِّيَتْ سِيَرَاءَ لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ السُّيُورِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْخُطُوطِ الَّتِي تُشْبِهُ السُّيُورَ
وَعُطَارِدٌ صَاحِبُ الْحُلَّةِ هو بن حَاجِبٍ التَّمِيمِيِّ انْتَهَى ( إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ) أَيْ حُلَّةَ الْحَرِيرِ ( مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ) أَيْ مَنْ لَا حَظَّ لَهُ وَلَا نَصِيبَ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ ( فِي الْآخِرَةِ) كَلِمَةُ مَنْ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ فَيَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ لَكِنَّ الْحَدِيثَ مَخْصُوصٌ بِالرِّجَالِ لِقِيَامِ دَلَائِلَ أُخَرَ عَلَى إِبَاحَةِ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ ( مِنْهَا) أَيْ مِنْ جِنْسِ الْحُلَّةِ السِّيَرَاءِ ( وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ) بِضَمِّ المهملة وكسر الراء وهو بن حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ التَّمِيمِيُّ قَدِمَ فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْلَمَ وَلَهُ صُحْبَةٌ ( مَا قُلْتَ) مِنْ أَنَّهُ إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ( إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا) بَلْ لِتَنْتَفِعَ بِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ
وَفِيهِ دليل على أنه يقال كساء إِذَا أَعْطَاهُ كِسْوَةً لَبِسَهَا أَمْ لَا فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ لَكِنَّهُ يُشْكِلُ بِمَا هُنَا مِنْ قَوْلِهِ ( فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ) مِنْ أُمِّهِ عُثْمَانَ بْنَ حَكِيمٍ
قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ أَوْ هُوَ أَخُو أَخِيهِ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ وَهْبٍ قَالَهُ الدِّمْيَاطِيُّ أَوْ كَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ
وَانْتِصَابُ أَخًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِكَسَا يُقَالُ كِسَوْتُهُ جُبَّةً فَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَقَولُهُ فِي مَحَلِّ نَصْبِ صِفَةٍ لِقَوْلِهِ أَخًا كَائِنًا لَهُ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  ( مُشْرِكًا بِمَكَّةَ) نُصِبَ صِفَةً بَعْدَ صِفَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي إِسْلَامِهِ فَإِنْ قُلْتَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَمُقْتَضَاهُ تَحْرِيمُ لُبْسِ الْحَرِيرِ عَلَيْهِمْ فَكَيْفَ كَسَاهَا عُمَرُ أَخَاهُ الْمُشْرِكَ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُقَالُ كساء إِذَا أَعْطَاهُ كِسْوَةً لَبِسَهَا أَمْ لَا كَمَا مَرَّ فَهُوَ إِنَّمَا أَهْدَاهَا لَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ لُبْسُهَا قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 1087 [187] ( أَنَّ الْأَذَانَ كَانَ أَوَّلُهُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ خُزَيْمَةَ كَانَ ابْتِدَاءُ النِّدَاءِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَهُ فِي رِوَايَتِهِ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَذَانَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفَسَّرَ الْأَذَانَيْنِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ يَعْنِي تَغْلِيبًا ( حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ) قَالَ الْمُهَلَّبُ الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ الْأَذَانِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لِيَعْرِفَ النَّاسُ جُلُوسَ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيُنْصِتُونَ لَهُ إِذَا خَطَبَ
قَالَ الْحَافِظُ وَفِيهِ نَظَرٌ لمن عند الطبراني وغيره من طريق بن إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ لِمُطْلَقِ الْإِعْلَامِ لَا لِخُصُوصِ الْإِنْصَاتِ نَعَمْ لَمَّا زِيدَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ كَانَ لِلْإِعْلَامِ وَكَانَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ لِلْإِنْصَاتِ ( فَلَمَّا كَانَ خِلَافَةُ عُثْمَانَ وَكَثُرَ النَّاسُ) أَيْ بِالْمَدِينَةِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَكَانَ أَمْرُهُ بِذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ خِلَافَتِهِ كَمَا عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ ( بِالْأَذَانِ الثالث) في رواية فأعمر عُثْمَانُ بِالنِّدَاءِ الْأَوَّلِ وَفِي رِوَايَةِ التَّأْذِينُ الثَّانِي أَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ وَلَا مُنَافَاةَ لِأَنَّهُ سُمِّيَ ثَالِثًا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَزِيدًا وَأَوَّلًا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ فَعَلَهُ مُقَدَّمًا عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَثَانِيًا بِاعْتِبَارِ الْأَذَانِ الْحَقِيقِيِّ لَا الْإِقَامَةَ قَالَ فِي عُمْدَةِ القارىء الْأَذَانُ الثَّالِثُ الَّذِي هُوَ الْأَوَّلُ فِي الْوُجُودِ لَكِنَّهُ ثَالِثٌ بِاعْتِبَارِ شَرْعِيَّتِهِ بِاجْتِهَادِ عُثْمَانَ وَمُوَافَقَةِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ لَهُ بِالسُّكُوتِ وَعَدَمِ الْإِنْكَارِ فَصَارَ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا وَإِنَّمَا أُطْلِقَ الْأَذَانُ عَلَى الْإِقَامَةِ لِأَنَّهَا إِعْلَامٌ كَالْأَذَانِ
انْتَهَى ( عَلَى الزوراء) بفتح وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا رَاءٌ مَمْدُودَةٌ
قَالَ الْبُخَارِيُّ هِيَ مَوْضِعٌ بِسُوقِ الْمَدِينَةِ
قَالَ الْحَافِظُ وَهُوَ المعتمد
وقال بن بَطَّالٍ هُوَ حَجَرٌ كَبِيرٌ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ ورد بما عند بن خزيمة وبن مَاجَهْ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهَا دَارٌ بِالسُّوقِ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَأَمَرَ بِالنِّدَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى دَارٍ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ فَكَانَ يُؤَذَّنُ لَهُ عَلَيْهَا فَإِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ الْأَوَّلَ فَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ الصَّلَاةَ ( فَثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ) أَيِ الْأَذَانُ الثَّالِثُ الَّذِي هُوَ الْأَوَّلُ فِي الْوُجُودِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ النَّاسَ أَخَذُوا بِفِعْلِ عُثْمَانَ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ إِذْ ذَاكَ لِكَوْنِهِ كَانَ خَلِيفَةً مُطَاعَ الْأَمْرِ لَكِنْ ذَكَرَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ بِمَكَّةَ الْحَجَّاجُ والبصرة زِيَادٌ
قَالَ الْحَافِظُ وَبَلَغَنِي أَنَّ أَهْلَ الْغَرْبِ الْأَدْنَى الْآنَ لَا تَأْذِينَ عِنْدَهُمْ سِوَى مَرَّةٍ وروى بن أبي شيبة من طريق بن عُمَرَ قَالَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِدْعَةٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ في زمن النبي وَكُلُّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ يُسَمَّى بِدْعَةً وَتَبَيَّنَ بِمَا مَضَى أَنَّ عُثْمَانَ أَحْدَثَهُ لِإِعْلَامِ النَّاسِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قِيَاسًا عَلَى بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَأَلْحَقَ الْجُمُعَةَ بِهَا وَأَبْقَى خُصُوصِيَّتَهَا بِالْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ.
وَأَمَّا مَا أَحْدَثَ النَّاسُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَيْهَا بِالذِّكْرِ والصلاة على النبي فَهُوَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ دُونَ بَعْضٍ وَاتِّبَاعُ السَّلَفِ الصَّالِحِ أَوْلَى
كَذَا فِي الْفَتْحِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 1088 [188] ( كَانَ يُؤَذَّنُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ) قَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ قَالَ الْفَرَّاءُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى جَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يديها يَعْنِي الْمِسْخَةَ جُعِلَتْ نَكَالًا لِمَا مَضَى مِنَ الذُّنُوبِ وَلِمَا تُعْمَلُ بَعْدَهَا وَيُقَالُ بَيْنَ يَدَيْكَ كَذَا لِكُلِّ شَيْءٍ أَمَامَكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل من بين أيديهم ومن خلفهم.

     وَقَالَ  الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا بِالَّذِي بين يديه أَرَادَ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ الْكُتُبَ الْمُتَقَدِّمَةَ
انْتَهَى
وَقَالَ الْخَفَاجِيُّ فِي عِنَايَةِ الرَّاضِي وَقِيلَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَكُونُ بَيْنَ يَدَيْهِ عِبَارَةٌ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ يُرَادُ بِهِ مَا مَضَى وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا سَيَأْتِي
انْتَهَى
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ يُقَالُ إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَهْوَالًا أَيْ قُدَّامَهَا
انْتَهَى
وَهَكَذَا فِي الْقَامُوسِ
وَفِي تَفْسِيرِ لُبَابِ التَّأْوِيلِ لِلْخَازِنِ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ مَجَازِ الْكَلَامِ وَذَلِكَ أَنَّ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَهُوَ أَمَامَهُ فَقِيلَ لِكُلِّ شَيْءٍ تَقَدَّمَ عَلَى الشَّيْءِ هُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ لِغَايَةِ ظُهُورِهِ وَاشْتِهَارِهِ
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ الْيَدَانِ تَسْتَعْمِلُهُمَا الْعَرَبُ فِي الْمَجَازِ عَلَى مَعْنَى التَّقْدِمَةِ تَقُولُ هَذِهِ تَكُونُ فِي الْفِتَنِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ يُرِيدُونَ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ تَشْبِيهًا وَتَمْثِيلًا بِمَا إِذَا كَانَتْ يَدَا الْإِنْسَانِ تَتَقَدَّمَانِهِ
انْتَهَى
قَالَ في المدارك ما بين أيدينا أَيْ لَهُ مَا قُدَّامَنَا
وَقَالَ فِي الْجَلَالَيْنِ ما بين أيدينا أَيْ أَمَامَنَا
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِلَفْظِ إِنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ يُسْتَعْمَلُ لِكُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ قُدَّامَهُ وَأَمَامَهُ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبَهُ أَوْ بَعِيدَهُ
وَالْمَعْنَى أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ قُدَّامَ النَّبِيِّ وأمامه إذا جلس النبي عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَكِنْ لَا يُؤَذِّنُ قُدَّامَهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ مُتَّصِلًا بِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ الْآنَ فِي أَكْثَرِ بِلَادِ الْهِنْدِ إِلَّا مَا عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَوْضِعَ الْأَذَانِ وَتَفُوتُ مِنْهُ فَائِدَةُ الْأَذَانِ بَلْ كَانَ يُؤَذِّنُ ( عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ) وَهَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِمَا بَيْنَ يَدَيْ لِأَنَّ بَيْنَ يَدَيْ بِمَعْنَى قُدَّامَ وَأَمَامَ وَهُمَا ظَرْفَانِ مُبْهَمَانِ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ قُدَّامَ كَزُنَّارِ ضِدُّ الْوَرَاءِ وَالْأَمَامُ نَقِيضُ الْوَرَاءِ كَقُدَّامِ يَكُونُ اسْمًا ظَرْفًا
انْتَهَى
وَفَسَّرَ الْمُبْهَمَ مِنَ الْمَكَانِ بِالْجِهَاتِ السِّتِّ وَهِيَ أَمَامَ وَخَلْفَ وَيَمِينَ وَشِمَالَ وَفَوْقَ وَتَحْتَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ فَإِنَّ أَمَامَ زَيْدٍ مَثَلًا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا يُقَابِلُ وَجْهَهُ إِلَى انْقِطَاعِ الْأَرْضِ فَيَكُونُ مُبْهَمًا
قَالَهُ الْجَامِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ
وَقَالَ بَعْضُ مُحَشِّيهِ وَالْمُبْهَمُ هُوَ الَّذِي لَا حَدَّ ولا نهاية له
انتهى
فتعين أنه لايراد بقوله بين يديه قدام النبي عِنْدَ الْمِنْبَرِ بَلْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَ حَافِظُ الْمَغْرِبِ أَبُو عُمَرَ بْنٌ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْإِمَامِ أن الأذان بين يدي الإمام ليس من الْأَمْرِ الْقَدِيمِ
وَقَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ قَالَ الشَّيْخُ خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي التَّوْضِيحِ شرح كتاب بن الْحَاجِبِ وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ هَلْ كَانَ يُؤَذَّنُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْ عَلَى الْمَنَارِ الَّذِي نَقَلَهُ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْمَنَارِ نَقَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ في المجموعة كتاب له
ونقل بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي كَافِيهِ اسْمِ كِتَابٍ لَهُ فِي الْفِقْهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَذَانَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ لَيْسَ مِنَ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ نَقَلَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَنِ بن القاسم عن مالك أنه في زمنه لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ
انتهى
وقال الإمام بن الْحَاجِّ مُحَمَّدٍ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ إِنَّ السُّنَّةَ فِي أَذَانِ الْجُمُعَةِ إِذَا صَعِدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ عَلَى الْمَنَارِ كذلك كان على عهد النبي وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم وَكَانَ الْمُؤَذِّنُونَ ثَلَاثَةً يُؤَذِّنُونَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ثُمَّ زَادَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَذَانًا آخَرَ بِالزَّوْرَاءِ وَأَبْقَى الْأَذَانَ الَّذِي كان على عهد رسول الله عَلَى الْمَنَارِ وَالْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذْ ذَاكَ ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا أَنْ تَوَلَّى هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَذَ الْأَذَانَ الَّذِي فَعَلَهُ عُثْمَانُ بِالزَّوْرَاءِ وَجَعَلَهُ عَلَى الْمَنَارِ وَكَانَ الْمُؤَذِّنُ وَاحِدًا يُؤَذِّنُ عِنْدَ الزَّوَالِ ثُمَّ نَقَلَ الْأَذَانَ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَنَارِ حِينَ صُعُودِ الْإِمَامِ عَلَى المنبر على عهد النبي وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَكَانُوا يُؤَذِّنُونَ ثَلَاثَةً فَجَعَلَهُمْ يُؤَذِّنُونَ جماعة ويستريحون
قال علماؤنا وسنة النبي أَوْلَى أَنْ تُتَّبَعَ فَقَدْ بَانَ أَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ بِدْعَةٌ وأن أذانهم جماعة أيضا بدعة أخرى فتسمك بَعْضُ النَّاسِ بِهَاتَيْنِ الْبِدْعَتَيْنِ وَهُمَا مِمَّا أَحْدَثَهُ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ تَطَاوَلَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى صَارَ بَيْنَ النَّاسِ كَأَنَّهُ سُنَّةٌ مَعْمُولٌ بِهَا انْتَهَى كَلَامُهُ
وَمَا قَالَهُ بن الحاج حسن جدا غير أبي لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ أَنَّ الْمُؤَذِّنِينَ كانوا ثلاثة على عهد النبي وَكُلُّهُمْ يُؤَذِّنُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ بَلْ سَيَجِيءُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ بِلَالٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
ثُمَّ قال بن الْحَاجِّ فَصْلٌ فِي النَّهْي عَنْ الْأَذَانِ فِي الْمَسْجِدِ إِنَّ لِلْأَذَانِ ثَلَاثَةَ مَوَاضِعَ الْمَنَارَ وَعَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَعَلَى بَابِهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيُمْنَعُ مِنَ الْأَذَانِ فِي جَوْفِ الْمَسْجِدِ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى الثَّانِي أَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا هُوَ نِدَاءٌ لِلنَّاسِ لِيَأْتُوا إِلَى الْمَسْجِدِ وَمَنْ كَانَ فِيهِ فَلَا فَائِدَةَ لِنِدَائِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَحْصِيلُ حَاصِلٍ وَمَنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُهُ مِنَ الْمَسْجِدِ غَالِبًا وَإِذَا كَانَ الْأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا فَائِدَةَ له وما ليس فيه فائدة تمنع
وَقَالَ فِي فَصْلِ مَوْضِعِ الْأَذَانِ وَمِنَ السُّنَّةِ الْمَاضِيَةِ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ عَلَى الْمَنَارِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى بَابِهِ
وَكَانَ الْمَنَارُ عِنْدَ السَّلَفِ بِنَاءً يَبْنُونَهُ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ انْتَهَى
فَإِنْ قُلْتَ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَإِذَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ جَلَسَ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْمِنْبَرِ بِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُثُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رسول الله إِلَّا هَذَا الْأَذَانُ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْعَلَّامَةُ الْعَيْنِيُّ فِي الْبِنَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِي تَفْسِيرِ التَّوَارُثِ يعني هكذا فعل النبي وَالْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا وَلَفْظُ التَّوَارُثِ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي أَمْرِ خَطَرٍ وَشَرَفٍ يُقَالُ تَوَارَثَ الْمَجْدَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ أَيْ كَبِيرًا عَنْ كَبِيرٍ فِي الْقَدْرِ وَالشَّرَفِ وَقِيلَ هِيَ حِكَايَةُ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ انْتَهَى
قُلْتُ هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَهَكَذَا فِي عَامَّةِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهمْ
وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْخَطِيبَ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أذن المؤذن أمام الخطيب ومستقبله عند المنبر ولا يبعد المؤذن عن المنبر بحيث يكون على المنارة أو المأذنة أَوْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى السَّطْحِ وَيَكُونُ الْمُؤَذِّنُ قَرِيبًا مِنَ الْخَطِيبِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ جَرَى التَّوَارُثُ
وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ الْفَقِيهَ الْإِمَامَ بُرْهَانَ الدِّينِ مُؤَلِّفَ الْهِدَايَةِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ لَكِنْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى التَّوَارُثِ عَلَى ذلك إلا بنقل صريح إلى النبي ولم يثبت قط فيما أعلم بل تبطل دعوى التوارث ما نقله بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكٍ الْإِمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ
وَمَا وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ مُؤَذِّنَيْنِ أَنْ يُؤَذِّنَا لِلنَّاسِ الْجُمُعَةَ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ النَّاسُ وَأَمَرَ أَنْ يُؤَذَّنَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا كان في عهد النبي وَأَبِي بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ نَحْنُ ابْتَدَعْنَاهُ لِكَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ فَضَعِيفٌ جِدًّا قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا الْأَثَرُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ مَكْحُولٍ وَمُعَاذٍ وَلَا يَثْبُتُ لِأَنَّ مُعَاذًا كَانَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ فِي أَوَّلِ مَا غَزَوْا الشَّامَ وَاسْتَمَرَّ إِلَى أَنْ مَاتَ بِالشَّامِ فِي طَاعُونِ عَمْوَاسٍ وَقَدْ تَوَارَدَتِ الرِّوَايَاتُ أَنَّ عُثْمَانَ هُوَ الَّذِي زَادَهُ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ انْتَهَى
وَجُوَيْبِرُ بْنُ سَعِيدٍ الْمُفَسِّرُ صَاحِبُ الضَّحَّاكِ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ قَالَهُ النَّسَائِيُّ والدارقطني وغيرهما
وقال بن معين ليس بشيء وقال الجوزجاني لَا يُشْتَغَلُ بِهِ
وَضَحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَوَثَّقَهُ الْأَكْثَرُونَ
وَاعْلَمْ أَنَّ أَذَانَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْأَذَانُ حِينَ صُعُودِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِمَا أَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ السَّائِبِ كَانَ النِّدَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَحَتَّى خِلَافَةِ عُثْمَانَ فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءُ الثَّالِثُ عَلَى الزَّوْرَاءِ وعند بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَامِرٍ عن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ كَانَ ابْتِدَاءُ النِّدَاءِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ
وَحَدِيثُ أَذَانِ الْجُمُعَةِ
رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وبن عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ حَاطِبٍ
أَمَّا حَدِيثُ السَّائِبِ فَأَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ إِلَّا مُسْلِمًا وَأَيْضًا أَخْرَجَهُ أحمد وإسحاق بن راهويه في مسندهما وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ وَالْمَعْرِفَةِ والطبراني وبن الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى وَيَدُورُ إِسْنَادُ حَدِيثِ السَّائِبِ علي بن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَرَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ سَبْعَةُ أَنْفُسٍ بن أَبِي ذِئْبٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبٍي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ وَعَقِيلُ بْنُ خَالِدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ مصانح وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ لَكِنْ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةُ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ مَا ذَكَرُوا فِي رِوَايَتِهِ مَوْضِعَ الْأَذَانِ وَمَا قَالُوا لَفْظَ بين يديه ولا غيره من الألفاظ المخبر لِتَعَيُّنِ الْمَكَانِ
نَعَمْ ذَكَرُوا وَقْتَ الْأَذَانِ وَهُوَ حِينَ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ.
وَأَمَّا مُحَمَّدُ بن إِسْحَاقَ فَذَكَرَ فِي رِوَايَتِهِ مَوْضِعَ الْأَذَانِ وَهُوَ بين يدي رسول الله على باب المسجد
وحديث بن عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ كَانَ رَسُولُ الله إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ بِلَالٌ وَفِي إِسْنَادِهِ مُصْعَبُ بْنُ سَلَامٍ ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ وَحَدِيثُ سعيد بن حاطب أخرجه بن مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ الْأُتْرُجِّيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ كان النبي يَخْرُجُ يَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ فَإِذَا فَرَغَ قَامَ يَخْطُبُ كَذَا فِي الْإِصَابَةِ وَهَكَذَا فِي أُسْدِ الْغَابَةِ فَلَيْسَ فِي الْبَابِ أَيْ لِتَعْيِينِ مَكَانِ أَذَانِ الْجُمُعَةِ غَيْرُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ هَذَا ثِقَةٌ حُجَّةٌ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ جَرْحٌ وَمَا نُقِمَ عَلَيْهِ إِلَّا التَّدْلِيسُ وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَدْ عَنْعَنَ لَكِنْ ثبت سماع محمد بن إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ أَذَانِ الْجُمُعَةِ كَمَا أَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عن بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أُخْتِ نَمِرٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ الله إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ قَالَ كَانَ بِلَالٌ يؤذن إذا جلس رسول الله عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُقِيمُ إِذَا نَزَلَ وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حَتَّى كَانَ عُثْمَانُ انْتَهَى وقال الحافظ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ شَرْحِ الْمُوَطَّأِ بَعْدَ سرد الروايات وقال بن إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ يُؤَذَّنُ بَيْنَ يدي رسول الله إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى باب المسجد وأبي بكر وعمر ذكروا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سلمة عن بن إِسْحَاقَ ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ يُونُسَ الَّذِي تَقَدَّمَ وفي حديث بن إِسْحَاقَ هَذَا مَعَ حَدِيثِ مَالِكٍ وَيُونُسَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ كَانَ بَيْنَ يَدَيْ رسول الله إِلَّا أَنَّ الْأَذَانَ الثَّانِيَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَالثَّالِثَ أَحْدَثَهُ عُثْمَانُ عَلَى الزَّوْرَاءِ انْتَهَى كَلَامُهُ
فهذا بن عَبْدِ الْبَرِّ قَدْ قَيَّدَ الْأَذَانَ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَلَمْ يَثْبُتْ حَرْفٌ وَاحِدٌ فِي الْأَذَانِ مُسْتَقْبِلَ الْإِمَامِ مُحَاذِيًا بِهِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ الْآنَ
فَإِنْ قُلْتَ مَنْ أَذَّنَ فِي الْبَابِ كَيْفَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ وَمُسْتَقْبِلَهُ.

قُلْتُ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْ بِمَعْنَى أَمَامَ وَهُوَ يَتَنَاوَلُ جميع ما يقابل وجهه إلى انقطاع الأرض فَإِذَا أَذَّنَ الرَّجُلُ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ صَارَ أَمَامَ الْخَطِيبِ وَمُسْتَقْبِلَهُ لِأَنَّ بَابَ الْمَسْجِدِ يَكُونُ غَالِبًا مُسْتَقْبِلَ الْمِنْبَرِ وَهَكَذَا حَالُ الْمَسَاجِدِ مِنْ خير القرون إلى يومنا هذا
أخرج بن شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنِ الْمُسْتَمِرِّ بْنِ الرَّيَّانِ قَالَ رَأَيْتُ أَنَسًا عِنْدَ الْبَابِ الْأَوَّلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَدِ اسْتَقْبَلَ الْمِنْبَرَ هَذَا مُلَخَّصٌ مِنْ غَايَةِ الْمَقْصُودِ وَالْمَطَالِبِ الرَّفِيعَةِ والله أعلم

رقم الحديث 1089 [189] ( إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ) فِيهِ أَنَّهُ قَدِ اشْتَهَرَ أنه كان للنبي جماعة من المؤذنين منهم بلال وبن أُمِّ مَكْتُومٍ وَسَعْدٌ الْقُرَظُ وَأَبُو مَحْذُورَةَ
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ فِي الْجُمُعَةِ وَفِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ولم ينقل أن بن أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ يُؤَذِّنُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَلِ الَّذِي وَرَدَ عَنْهُ التَّأْذِينُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِلَالٌ وأبو محذورة جعله مُؤَذِّنًا بِمَكَّةَ وَسَعْدٌ جَعَلَهُ بِقُبَاءٍ ( ثُمَّ ذَكَرَ) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ( مَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى حَدِيثِ يونس
وأخرج بن مَاجَهْ بِتَمَامِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ولفظه ما كان لرسول الله إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ إِذَا خَرَجَ أَذَّنَ وَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَعُمَرُ كَذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءُ الثَّالِثُ عَلَى دَارٍ فِي السُّوقِ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ



رقم الحديث 1094 [194] ( خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لَا تَصِحُّ مِنَ الْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ إِلَّا قَائِمًا فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَلَا يَصِحُّ حَتَّى يَجْلِسَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِخُطْبَتَيْنِ
قَالَ الْقَاضِي ذَهَبَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ إِلَى اشْتِرَاطِ الْخُطْبَتَيْنِ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَرِوَايَةِ بن الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَصِحُّ بِلَا خُطْبَةٍ
وحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا قَائِمًا لِمَنْ أَطَاقَهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ قَاعِدًا وَلَيْسَ الْقِيَامُ بِوَاجِبٍ
وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ وَاجِبٌ وَلَوْ تُرِكَ أَسَاءَ وَصَحَّتِ الْجُمُعَةُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا شرط ومذهب الشافعي أنه فرض وشرط وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ فَرْضٌ وَشَرْطٌ لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ
قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ يَقُلْ هَذَا غَيْرُ الشَّافِعِيِّ
دَلِيلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ ثَبَتَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي انْتَهَى كَلَامُهُ
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ وَاظَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا انْتَهَى
واستشكل بن الْمُنْذِرِ إِيجَابَ الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ
وَقَالَ إِنِ اُسْتُفِيدَ مِنْ فِعْلِهِ فَالْفِعْلُ بِمُجَرَّدِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَوِ اقْتَضَاهُ لَوَجَبَ الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى وَلَوْ وَجَبَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى إِبْطَالِ الْجُمُعَةِ بِتَرْكِهِ ( يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ) فِيهِ دَلِيلٌ لِلشَّافِعَيَّ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخُطْبَةِ الْوَعْظُ وَالْقِرَاءَةُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ الْخُطْبَتَانِ إِلَّا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمَا وَالْوَعْظِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ وَاجِبَاتٌ فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَتَجِبُ قِرَاءَةُ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي أحديهما عَلَى الْأَصَحِّ وَيَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ يَكْفِي مِنَ الْخُطْبَةِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يَكْفِي تَحْمِيدَةٌ أَوْ تَسْبِيحَةٌ أَوْ تَهْلِيلَةٌ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ يُسَمَّى خُطْبَةً وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُهَا مَعَ مُخَالَفَتِهِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ
قُلْتُ وَقَولُهُ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِيهِ دَلِيلٌ صَرِيحٌ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ وَعْظٌ وَتَذْكِيرٌ لِلنَّاسِ وأن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ فِي خُطْبَتِهُ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعَهُ وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ فِي خُطْبَتِهِ إِذَا عَرَضَ لَهُ أَمْرٌ أَوْ نَهْي كَمَا أَمَرَ الدَّاخِلَ وَهُوَ يَخْطُبُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَنَهَى الْمُتَخَطِّيَ رِقَابَ النَّاسِ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهُ بِالْجُلُوسِ وَكَانَ يَدْعُو الرَّجُلَ فِي خطبته تعال اجلس يافلان وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ بِمُقْتَضَى الْحَالِ فِي خُطْبَتِهِ فَلَا بُدَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَيَعِظَ بِهِ وَيَأْمُرَ وَيَنْهَى وَيُبَيِّنَ الْأَحْكَامَ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهَا فَإِنْ كان السامعون أعجميا يُتَرْجِمُ بِلِسَانِهِمْ فَإِنَّ أَثَرَ التَّذْكِيرِ وَالْوَعْظِ فِي غَيْرِ بِلَادِ الْعَرَبِ لَا يَحْصُلُ وَلَا يُفِيدُ إِلَّا بِالتَّرْجَمَةِ بِلِسَانِهِمْ
وَحَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا هُوَ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ
وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بلسان قومه ليبين لهم الْآيَةَ
قَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ أَيْ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مَا أُمِرُوا بِهِ فَيَفْهَمُوهُ بِلَا كُلْفَةٍ
وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ بُعِثَ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ بِصَرَائِحِ الدَّلَائِلِ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِلُغَةِ مَنْ هُوَ فِيهِمْ حَتَّى يَفْهَمُوا ثُمَّ يَنْقُلُوهُ وَيُتَرْجِمُوهُ انْتَهَى
فَإِنْ قُلْتَ إِنْ كَانَتْ التَّرْجَمَةُ تَجُوزُ فِي الْخُطْبَةِ فَتَجُوزُ قِرَاءَةُ تَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ أَيْضًا فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ صَلَّى وَاحِدٌ وَقَرَأَ تَرْجَمَةَ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ مَثَلًا مَكَانَ الْفَاتِحَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ
قُلْتُ كَلَّا وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ قَطُّ
وَالْقِيَاسُ عَلَى الْخُطْبَةِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَ فِيهَا أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ وَأَذْكَارٌ مُعَيَّنَةٌ بَلْ إِنَّمَا هِيَ التَّذْكِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ وَالصَّلَاةُ لَيْسَتْ بِتَذْكِيرٍ بَلْ إِنَّمَا هِيَ ذِكْرٌ وَبَيْنَ التَّذْكِيرِ وَالذِّكْرِ فَرْقٌ عَظِيمٌ وَلَا بُدَّ فِي الصَّلَاةِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فاقرؤوا ما تيسر من القرآن فلفظ اقرؤوا صِيغَةُ أَمْرٍ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَا يُمْتَثَلُ الْأَمْرُ إِلَّا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالنَّظْمِ الْعَرَبِيِّ كَمَا أنزل علينا ووصل إلينا بالنقل التواتر لِأَنَّ مَنْ يَقْرَأْ تَرْجَمَتَهُ فِي الصَّلَاةِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بَلْ هُوَ خَالَفَ الْأَمْرَ الْمَأْمُورَ بِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ قِرَاءَةُ تَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ
وَأَمَّا الْخُطْبَةُ فَهِيَ تَذْكِيرٌ فَلَا بُدَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يُفْهِمَ مَعَانِي الْقُرْآنِ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ وَيُذَكِّرُ السَّامِعِينَ بلسانهم وإلا فيفوت مقصود الْخُطْبَةِ هَكَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ نَذِيرٌ حُسَيْنٌ الْمُحَدِّثُ الدَّهْلَوِيُّ
كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ مُلَخَّصًا
قال المنذري وأخرجه مسلم والنسائي وبن ماجه


رقم الحديث 1097 [197] ( رَشَدَ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ( وَمَنْ يَعْصِهِمَا) فِيهِ جَوَازُ التَّشْرِيكِ بَيْنَ ضَمِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولهِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صلىالله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَمَا ثبت أيضا أنه صلىالله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي يَوْمَ خَيْبَرٍ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمْرِ الْأَهْلِيَّةِ.
وَأَمَّا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ خَطِيبًا خَطَبَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلىالله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى
فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ قُلْ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا قَالَ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ سَبَبَ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ أَنَّ الْخُطْبَةَ شَأْنُهَا الْبَسْطُ وَالْإِيضَاحُ وَاجْتِنَابُ الْإِشَارَاتِ وَالرُّمُوزِ
قَالَ وَلِهَذَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا لِتُفْهَمَ عَنْهُ قَالَ وَإِنَّمَا ثَنَّى الضَّمِيرَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ أَنْ يكون الله رسوله أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ خُطْبَةَ وَعْظٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيمُ حُكْمٍ فَكُلُّ مَا قَلَّ لَفْظُهُ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى حِفْظِهِ بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْوَعْظِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حِفْظَهَا وَإِنَّمَا يُرَادُ الِاتِّعَاظُ بِهَا وَلَكِنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قد وقع الجمع بين الضميرين منه صلىالله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَهُوَ وَارِدٌ فِي الْخُطْبَةِ لَا فِي تَعْلِيمِ الْأَحْكَامِ
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَى الْخَطِيبِ تَشْرِيكَهُ فِي الضَّمِيرِ الْمُقْتَضِي لِلتَّسْوِيَةِ وَأَمَرَهُ بِالْعَطْفِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى بِتَقْدِيمِ اسْمِهِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ مَا شَاءَ فُلَانٌ وَيَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا قَدَّمْنَا مِنْ جَمْعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ضَمِيرِ اللَّهِ وَضَمِيرِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَى ذَلِكَ الْخَطِيبِ التَّشْرِيكَ لِأَنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ اعْتِقَادَ التَّسْوِيَةِ فَنَبَّهَهُ عَلَى خِلَافِ مُعْتَقَدِهِ وَأَمَرَهُ بِتَقْدِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى اسْمِ رَسُولِهِ لِيُعْلَمَ بِذَلِكَ فَسَادُ مَا اعْتَقَدَهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عِمْرَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الْعَوَامِّ الْقَطَّانُ الْبَصْرِيُّ قَالَ عَفَّانُ كَانَ ثِقَةً وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.

     وَقَالَ  يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  يَحْيَى بْنُ مُرَّةَ لَيْسَ بِشَيْءٍ.

     وَقَالَ  يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ كَانَ عِمْرَانُ حَرُورِيًّا وَكَانَ يَرَى السَّيْفَ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
ودَاوَرُ آخِرُهُ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ

رقم الحديث 1102 [112] ( عَنْ عَمْرَةَ) بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ الْمَدَنِيَةِ ( عَنْ أُخْتِهَا) هَذَا صَحِيحٌ يُحْتَجُ بِهِ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ تَسْمِيَّتِهَا لِأَنَّهَا صَحَابِيَّةٌ وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُخْتَ عَمْرَةَ هِيَ أُمُّ هِشَامٍ كَمَا سَيَجِيءُ ( كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي كُلِ جُمْعَةٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قِرَاءَةِ سُورَةٍ فِي الْخُطْبَةِ كُلَّ جُمْعَةٍ
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَسَبَبُ اخْتِيَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسُلَّمُ هَذِهِ السُّورَةَ لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ ذَكَرِ الْبَعْثِ وَالْمَوْتِ وَالْمَوَاعِظِ الشَّدِيدَةِ وَالزَّوَاجِرِ الْأَكِيدَةِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِقِرَاءَةِ شيء من القرآن في الخطبة وهي مشروعة في الروعة بِلَا خِلَافٍ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهَا وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا وجوبها أقلها اية
انتهى ( كذا رواه يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ) أَيْ كَمَا رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ عن عمرة عن أختها أي وروى ( بن أَبِي الرِّجَالِ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ الْأَنْصَارِيُّ ثِقَةٌ ( عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ) بِلَفْظِ ( عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ) كَمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
( عَنْ عَمْرَةَ عَنْ أُخْتٍ لِعَمْرَةَ) أُخْتُ عَمْرَةَ هِيَ أُمُّ هِشَامٍ لَكِنْ يُشْكِلُ بِأَنَّ أُمَ هِشَامٍ هِيَ بِنْتُ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ نَقْعِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ الخزرجيِّ
وَعَمْرَةُ هِيَ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زرارةَ الْأَنْصَارِيِّ فَكَيْفَ تَكُونُ أُخْتَهَا
وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أُخْتُهَا منَ الرَّضَاعَةِ أَوْ منَ الْقَرَابَةِ الْبَعِيدَةِ فَلَا إِشْكَالَ وَرِوَايَةُ