فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ كَيْفَ يُشَمَّتُ الذِّمِّيُّ

رقم الحديث 4445 [4445] ( أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا) أَيْ تَرَافَعَا لِلْخُصُومَةِ ( اقْضِ) أَيِ احْكُمْ ( بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ) قَالَ الطِّيِبِيُّ أَيْ بِحُكْمِهِ إِذْ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ الرَّجْمُ
قَالَ تَعَالَى لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ الله سبق لمسكم أَيِ الْحُكْمُ بِأَنْ لَا يُؤَاخِذَ عَلَى جَهَالَةٍ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْقُرْآنُ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُنْسَخَ آيَةُ الرَّجْمِ لَفْظًا ( وَكَانَ أَفْقَهَهُمَا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي كَانَ عَارِفًا بِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَتَحَاكَمَا فَوَصَفَ الثَّانِيَ بِأَنَّهُ أَفْقَهُ مِنَ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا أَوْ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الْخَاصَّةِ أَوِ اسْتَدَلَّ بِحُسْنِ أَدَبِهِ فِي اسْتِئْذَانِهِ أَوَّلًا وَتَرْكِ رَفْعِ صَوْتِهِ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ رَفَعَهُ
كَذَا فِي إِرْشَادِ السَّارِي ( أَجَلْ) بفتحتين وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ نَعَمْ ( فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ) وَإِنَّمَا سَأَلَا أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ اللَّهِ وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ إِلَّا بِحُكْمِ اللَّهِ لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِالْحُكْمِ الصِّرْفِ لَا بِالتَّصَالُحِ وَالتَّرْغِيبِ فِيمَا هُوَ الْأَرْفَقُ بِهِمَا إِذْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ بِرِضَا الْخَصْمَيْنِ ( عَسِيفًا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْفَاءِ أَيْ أَجِيرًا ( عَلَى هَذَا) أَيْ عِنْدَهُ أَوْ عَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ ( وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ) هَذَا التَّفْسِيرُ مُدْرَجٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ( فَأَخْبَرُونِي) أَيْ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ ( فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ولدي قاله القارىء
وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ أَيْ مِنَ الرَّجْمِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ( بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِي) أَيْ أَعْطَيْتُهُمَا فِدَاءً وَبَدَلًا عَنْ رَجْمِ وَلَدِي ( ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أهل العلم) أي كبراءهم وفضلاءهم ( أنما عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ ضَرْبَ مِائَةِ جَلْدَةٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْصَنٍ ( وَتَغْرِيبَ عَامٍ) أَيْ إِخْرَاجَهُ عَنِ الْبَلَدِ سَنَةً ( وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ) أَيْ لِأَنَّهَا مُحْصَنَةٌ ( أَمَا) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ بِمَعْنَى أَلَا لِلتَّنْبِيهِ ( فَرَدٌّ إِلَيْكَ) أَيْ مَرْدُودٌ إِلَيْكَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَأْخُوذَ بِالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَمَا فِي هَذَا الصُّلْحِ الْفَاسِدِ لَا يُمْلَكُ بَلْ يَجِبُ رَدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ( وَجَلَدَ ابْنَهُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ جَلَدَهُ ضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ ( وَغَرَّبَهُ عَامًا) أَيْ أَخْرَجَهُ مِنَ الْبَلَدِ سَنَةً
قَالَ فِي النَّيْلِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ التَّغْرِيبِ وَوُجُوبِهِ عَلَى مَنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَقَدِ ادَّعَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ الِاتِّفَاقَ عَلَى نَفْيِ الزَّانِي البكر إلا عن الكوفيين
وقال بن المنذر أقسم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ أَنَّهُ يَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَلَيْهِ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَطَبَ عُمَرُ بِذَلِكَ عَلَى رُؤُوسِ الْمَنَابِرِ وَعَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا انْتَهَى ( وَأَمَرَ أُنَيْسًا) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَآخِرُهُ سين مهملة مصغرا هو بن الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ عَلَى الْأَصَحِّ ( فَإِنِ اعْتَرَفَتْ) أَيْ بالزنى ( فَرَجَمَهَا) أَيْ أُنَيْسٌ تِلْكَ الْمَرْأَةَ
قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَإِنَّمَا بَعَثَهُ لِإِعْلَامِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَذَفَهَا بِابْنِهِ فَلَهَا عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ فَتُطَالِبُهُ به أو تعفو إلا أن تعترف بالزنى فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ بَلْ عَلَيْهَا حد الزنى وَهُوَ الرَّجْمُ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحْصَنَةً فَذَهَبَ إِلَيْهَا أُنَيْسٌ فَاعْتَرَفَتْ بِهِ فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهَا فَرُجِمَتْ قَالَ النَّوَوِيُّ كَذَا أَوَّلَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بُعِثَ لطلب إقامة حد الزنى وهو غير مراد لأن حد الزنى لَا يُتَجَسَّسُ لَهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ تَلْقِينُ الْمُقِرِّ بِهِ الرُّجُوعَ فَيَتَعَيَّنُ التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن ماجة
وفي حديث الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ ذِكْرُ شِبْلٍ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ شِبْلًا هَذَا لَا صُحْبَةَ لَهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ تَرَكَاهُ لِذَلِكَ وَقِيلَ لَا ذِكْرَ لَهُ في الصحابة إلا في رواية بن عُيَيْنَةَ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَيْسَتْ لِشِبْلٍ صُحْبَةٌ وَيُقَالُ إِنَّهُ شِبْلُ بن معبد ويقال بن خليد ويقال بن حامد وصوب بعضهم بن مَعْبَدٍ.
وَأَمَّا أَهْلُ مِصْرَ فَيَقُولُونَ شِبْلُ بْنُ حَامِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْأُوَيْسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَحْيَى وَهَذَا عِنْدِي أَشْبَهُ لِأَنَّ شِبْلًا لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ لَيْسَ لِشِبْلٍ مَعْنًى فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَأُنَيْسٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَسِينٌ مُهْمَلَةٌ قِيلَ هُوَ أَبُو الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ يُعَدُّ فِي الشَّامِيِّينَ وَيُخَرَّجُ حَدِيثُهُ عَنْهُمْ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ