فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الْمُسَاقَاةِ

رقم الحديث 3011 [3011] ( عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ نَفَرًا) وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ



رقم الحديث 3012 [312] ( لَمَّا ظَهَرَ) أَيْ غَلَبَ عَلَى خَيْبَرَ ( مِنَ الْوُفُودِ) جَمْعُ وَفْدٍ
قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الْوَفْدُ قَوْمٌ يَجْتَمِعُونَ وَيَرِدُونَ الْبِلَادَ الْوَاحِدُ وَافِدٌ وَكَذَا مَنْ يَقْصِدُ الْأُمَرَاءَ مَنْ يَقْصِدُ الْأُمَرَاءَ بِالزِّيَارَةِ أَوِ الِاسْتِرْفَادِ وَالِانْتِجَاعِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ



رقم الحديث 3013 [313] ( لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ على نبيه خَيْبَرَ) أَيْ أَعْطَاهَا مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ وَلَا جِهَادٍ ( جَمَعَ كُلَّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ) يَعْنِي أعطى لكل مائة رجل سهما
قاله القارىء
قال الحافظ بن القيم قسم رسول الله خَيْبَرَ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا جَمَعَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ فَكَانَتْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَسِتَّمِائَةِ سهم فكان لرسول الله وللمسلمين النصف من ذلك وهو ألف وثمان مائة سهم لرسول الله سَهْمٌ كَسَهْمِ أَحَدِ الْمُسْلِمِينَ وَعَزَلَ النِّصْفَ الْآخَرَ وَهُوَ أَلْفٌ وَثَمَانِ مِائَةِ سَهْمٍ لنوائبه وما نزل به من أمورالمسلمين
وَإِنَّمَا قُسِّمَتْ عَلَى أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ سَهْمٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ طُعْمَةً مِنَ اللَّهِ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ مَنْ شَهِدَ مِنْهُمْ وَمَنْ غَابَ عَنْهَا وَكَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعمِائَةٍ وَكَانَ مَعَهُمْ مِائَتَا فَارِسٍ لِكُلِّ فَرَسٍ سهمان فقسمت على ألف وثمان مائة سَهْمٍ وَلَمْ يَغِبْ عَنْ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَّا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَسَمَ له كَسَهْمِ مَنْ حَضَرَهَا وَقَسَمَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ سِهَامٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا وَكَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَفِيهِمْ مِائَتَا فَارِسٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إِنَّ خَيْبَرَ فُتِحَ شَطْرُهَا عَنْوَةً وَشَطْرُهَا صُلْحًا فَقُسِمَ مَا فُتِحَ عَنْوَةً بَيْنَ أَهْلِ الْخُمُسِ وَالْغَانِمِينَ وَعُزِلَ مَا فُتِحَ صُلْحًا لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إليه من أمور المسلمين انتهى
قال بن الْقَيِّمِ وَهَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ قَسْمُ الْأَرْضِ الْمُفَتَّحَةِ عَنْوَةً كَمَا تُقَسَّمُ الْغَنَائِمُ فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ قَسْمَ الشَّطْرِ مِنْ خَيْبَرَ قَالَ إِنَّهُ فُتِحَ صُلْحًا
وَمَنْ تَأَمَّلَ السِّيَرَ وَالْمَغَازِي حَقَ التَّأَمُّلِ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ خَيْبَرَ إِنَّمَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَنَّ رسول الله اسْتَوْلَى عَلَى أَرْضِهَا كُلِّهَا بِالسَّيْفِ كُلِّهَا عَنْوَةً ولو شيء منها فتح صلحا لم يجليهم رسول الله مِنْهَا فَإِنَّهُ لَمَّا عَزَمَ عَلَى إِخْرَاجِهِمْ مِنْهَا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِالْأَرْضِ مِنْكُمْ دَعُونَا نَكُونُ فِيهَا وَنَعْمُرُهَا لَكُمْ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَهَذَا صَرِيحٌ جِدًّا فِي أَنَّهَا إِنَّمَا فُتِحَتْ عَنْوَةً
وَقَدْ حَصَلَ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْحَرْبِ وَالْمُبَارَزَةِ وَالْقَتْلِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا أُلْجِئُوا إِلَى حِصْنِهِمْ نَزَلُوا عَلَى الصُّلْحِ الَّذِي ذُكِرَ أَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ الصَّفْرَاءَ وَالْبَيْضَاءَ وَالْحَلْقَةَ وَالسِّلَاحَ وَلَهُمْ رِقَابُهُمْ وَذُرِّيَّتُهُمْ ويحلوا مِنَ الْأَرْضِ فَهَذَا كَانَ الصُّلْحُ وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ صُلْحٌ أَنَّ شَيْئًا مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ لِلْيَهُودِ وَلَا جَرَى ذَلِكَ ألْبَتَّةَ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَقُلْ نُقِرُّكُمْ مَا شِئْنَا فَكَيْفَ يُقِرُّهُمْ عَلَى أَرْضِهِمْ مَا شَاءَ أَوَّلًا وَكَانَ عُمَرُ أَجْلَاهُمْ كُلُّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَمْ يُصَالِحْهُمْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهَا خَرَاجٌ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ هَذَا لَمْ يَقَعْ فَإِنَّهُ لَمْ يَضْرِبْ عَلَى خَيْبَرَ خَرَاجًا أَلْبَتَّةَ
فَالصَّوَابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ بَيْنَ قَسْمِهَا وَوَقْفِهَا وَقَسْمِ بَعْضِهَا وَوَقْفِ الْبَعْضِ وَقَدْ فَعَلَ رَسُولُ الله الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ فَقَسَمَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ وَلَمْ يَقْسِمْ مَكَّةَ وَقَسَمَ شَطْرَ خَيْبَرَ وَتَرَكَ شَطْرَهَا انْتَهَى
وَيَجِيءُ بَعْضُ الْكَلَامِ فِي آخِرِ الْبَابِ
( الْوَطِيحَةَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الطَّاءِ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَحَاءٍ مهملة حصن من حصون خيبر
قاله بن الْأَثِيرِ وَزَادَ فِي الْمَرَاصِدِ سُمِّيَ بِالْوَطِيحِ بْنِ مَازِنٍ رَجُلٌ مِنْ ثَمُودَ وَكَانَ الْوَطِيحُ أَعْظَمَ حُصُونِ خَيْبَرَ وَأَحْصَنَهَا وَآخِرَهَا فَتْحًا هُوَ وَالسَّلَالِمُ ( وَالْكُتَيْبَةَ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ بَعْدَ الْكَافِ مُصَغَّرٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْكُتَيْبَةُ مُصَغَّرَةٌ اسْمٌ لِبَعْضِ قُرَى خَيْبَرَ انْتَهَى
وَفِي الْمَرَاصِدِ الْكَتِيبَةُ بِالْفَتْحِ ثُمَّ الْكَسْرِ بِلَفْظٍ الْقِطْعَةُ مِنَ الْجَيْشِ حِصْنٌ مِنْ حُصُونِ خَيْبَرَ وَهِيَ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ لِأَبِي عُبَيْدٍ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ انْتَهَى ( وَمَا أُحِيزَ معهما) أي ماضم وَجُمِعَ مَعَهُمَا مِنْ تَوَابِعِهِمَا ( الشَّقَّ) قَالَ فِي الْمَرَاصِدِ بِالْفَتْحِ وَيُرْوَى بِالْكَسْرِ مِنْ حُصُونِ خَيْبَرَ انْتَهَى
وَقَالَ الزُّرْقَانِيُّ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا
قَالَ الْبَكْرِيُّ وَالْفَتْحُ أَعْرَفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَبِالْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى حُصُونٍ كَثِيرَةٍ ( وَالنَّطَاةَ) بِالْفَتْحِ وَآخِرُهُ هَاءٌ اسْمٌ لِأَرْضِ خَيْبَرَ وَقِيلَ حِصْنٌ بِخَيْبَرَ وَقِيلَ عَيْنٌ بِهَا تَسْقِي بَعْضَ نَخِيلِ قُرَاهَا
كَذَا فِي الْمَرَاصِدِ
وَقَالَ الزُّرْقَانِيُّ هِيَ بِوَزْنِ حَصَاةٍ اسْمٌ لِثَلَاثَةِ حُصُونٍ حِصْنُ الصَّعْبِ وَحِصْنُ نَاعِمٍ وَحِصْنُ قِلَّةٍ وَهُوَ قَلْعَةُ الزُّبَيْرِ قَالَهُ الشَّامِيُّ وَقِصَّةُ فَتْحِ هَذِهِ الْحُصُونِ أن النبي أَلْبَسَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دِرْعَهُ الْحَدِيدَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ وَوَجَّهَهُ إِلَى الْحِصْنِ فَلَمَّا انْتَهَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى بَابِ الْحِصْنِ اجْتَذَبَ أَحَدَ أَبْوَابِهِ فَأَلْقَاهُ بِالْأَرْضِ فَفَتَحَ اللَّهُ ذَلِكَ الْحِصْنَ الَّذِي هُوَ حِصْنُ نَاعِمٍ وَهُوَ أَوَّلُ حِصْنٍ فُتِحَ مِنْ حُصُونِ النَّطَاةِ عَلَى يده رضي الله عنه وَكَانَ مَنْ سَلِمَ مِنْ يَهُودِ حِصْنِ نَاعِمٍ انْتَقَلَ إِلَى حِصْنِ الصَّعْبِ مِنْ حُصُونِ النَّطَاةِ فَفَتَحَ اللَّهُ حِصْنَ الصَّعْبِ قَبْلَ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ
وَلَمَّا فُتِحَ ذَلِكَ الْحِصْنُ تَحَوَّلَ مَنْ سَلِمَ مِنْ أَهْلِهِ إِلَى حِصْنِ قِلَّةٍ وَهُوَ حِصْنٌ بِقِلَّةِ جَبَلٍ وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذَا بِقَلْعَةِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ الَّذِي صَارَ فِي سَهْمِ الزُّبَيْرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ آخِرُ حصون المطاة
فَحُصُونُ النَّطَاةِ ثَلَاثَةٌ حِصْنُ نَاعِمٍ وَحِصْنُ الصَّعْبِ وَحِصْنُ قِلَّةٍ
ثُمَّ صَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى حِصَارِ حُصُونِ الشِّقِّ فَكَانَ أَوَّلَ حِصْنٍ بَدَأَ بِهِ مِنْ حِصْنَيِ الشِّقِّ حِصْنُ أُبَيٍّ فَقَاتَلَ أَهْلَهُ قِتَالًا شَدِيدًا وَهَرَبَ مَنْ كَانَ فِيهِ وَلَحِقَ بِحِصْنٍ يُقَالُ لَهُ حِصْنُ الْبَرِيءِ وَهُوَ الْحِصْنُ الثَّانِي مِنْ حِصْنَيِ الشِّقِّ
فَحُصُونُ الشِّقِّ اثْنَانِ حِصْنُ أُبَيٍّ وَحِصْنُ الْبَرِيءِ
ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا أَخَذُوا حُصُونَ النَّطَاةِ وَحُصُونَ الشِّقِّ انْهَزَمَ مَنْ سَلِمَ مِنْ يَهُودِ تِلْكَ الْحُصُونِ إِلَى حُصُونِ الْكُتَيْبَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ حُصُونٍ الْقَمُوصُ وَالْوَطِيحُ وَسُلَالِمٌ وَكَانَ أَعْظَمُ حُصُونِ خَيْبَرَ الْقَمُوصَ وَانْتَهَى الْمُسْلِمُونَ إِلَى حِصَارِ الْوَطِيحِ وَحِصْنِ سُلَالِمٍ وَيُقَالُ لَهُ السَّلَالِيمُ وَهُوَ حِصْنُ بَنِي الْحُقَيْقِ آخِرُ حُصُونِ خَيْبَرَ وَمَكَثُوا عَلَى حِصَارِهِمَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يوما فلم يخرج أحد منهماوسألوا رسول الله الصُّلْحَ عَلَى حَقْنِ دِمَاءِ الْمُقَاتِلَةِ وَتَرْكِ الذُّرِّيَّةِ لهم ويخرجون مِنْ خَيْبَرَ وَأَرْضِهَا بِذَرَارِيِّهِمْ فَصَالَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى مُلَخَّصًا مُحَرَّرًا مِنْ إِنْسَانِ الْعُيُونِ فِي سِيرَةِ الْأَمِينِ الْمَأْمُونِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ