فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في مواقيت الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم

رقم الحديث 282 [282] ) قَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْإِقْعَاءِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّوَابُ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ أَنَّ الْإِقْعَاءَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَلْصَقَ إِلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ هَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى وَصَاحِبُهُ أَبُو عُبَيْدِ الْقَاسِمِ بْنُ سَلَامٍ وَآخَرُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْمَكْرُوهُ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ وَالنَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يَجْعَلَ إِلْيَتَيْهِ عَلَى الْعَقِبَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ انْتَهَى وَذَكَرَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ التَّفْسِيرَ الْأَوَّلَ ثُمَّ ذَكَرَ التَّفْسِيرَ الثَّانِيَ بِلَفْظِ قِيلَ ثُمَّ قَالَ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ قوله ( حدثنا عبد الله بن دينار) هُوَ الدَّارِمِيُّ الْحَافِظُ صَاحِبُ الْمُسْنَدِ ثِقَةٌ مُتْقِنٌ .

     قَوْلُهُ  يَا عَلِيُّ أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي وَأَكْرَهُ لَكَ مَا أَكْرَهُ لِنَفْسِي الْمَقْصُودُ إِظْهَارُ الْمَحَبَّةِ لِوُقُوعِ النُّصْحِيَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ مَعَ كُلِّ مُؤْمِنٍ كَذَلِكَ لَا تُقْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مِنَ الْإِقْعَاءِ وَالْحَدِيثُ فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الْإِقْعَاءِ بين السجدتين وحديث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ الْآتِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ وَنَذْكُرُ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي الْبَابِ الْآتِي .

     قَوْلُهُ  ( وَقَدْ ضَعَّفَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْحَارِثَ الْأَعْوَرَ) هُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْوَرُ الْهَمْدَانِيُّ بِسُكُونِ الْمِيمِ أَبُو زُهَيْرٍ صَاحِبُ عَلِيٍّ كَذَّبَهُ الشَّعْبِيُّ فِي رِوَايَةٍ وَرُمِيَ بِالرَّفْضِ وَفِي حَدِيثِهِ ضَعْفٌ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ سِوَى حَدِيثَيْنِ مَاتَ فِي خِلَافَةِ بن الزُّبَيْرِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَرَوَىمُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ صَحِيحِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ وَكَانَ كَذَّابًا انْتَهَى قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَرَأْتُ بِخَطِّ الذَّهَبِيِّ فِي الْمِيزَانِ وَالنَّسَائِيُّ مَعَ تَعَنُّتِهِ فِي الرِّجَالِ قَدِ احْتَجَّ بِهِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَوْهِينِهِ مَعَ رِوَايَتِهِمْ لِحَدِيثِهِ فِي الْأَبْوَابِ وَهَذَا الشَّعْبِيُّ يُكَذِّبُهُ ثُمَّ يَرْوِي عَنْهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْذِبُ فِي حِكَايَاتِهِ لَا فِي الْحَدِيثِ قَالَ الْحَافِظُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ وَإِنَّمَا خَرَّجَ لَهُ فِي السُّنَنِ حَدِيثًا وَاحِدًا مَقْرُونًا بِابْنِ مَيْسَرَةَ وَآخَرَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مُتَابَعَةً وَهَذَا جميع ماله عِنْدَهُ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّاتُ وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَانِ وَأَمَّا حديث أنس فأخرجه بن مَاجَهْ بِلَفْظِ إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَلَا تُقْعِ كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ الْحَدِيثَ وَفِي إِسْنَادِهِ الْعَلَاءُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِلَفْظِ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرِ الدِّيكِ وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ قَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ وَإِسْنَادُ أَحْمَدَ حَسَنٌ 5 - ( بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ في الاقعاء

رقم الحديث 283 [283] )
تقدم في الباب أن الاقعاء على نوعين وسيطهر لَكَ أَنَّ الرُّخْصَةَ فِي الْإِقْعَاءِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي ( إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرِّجْلِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التلخيص ضبط بن عَبْدِ الْبَرِّ بِالرِّجْلِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ وَغَلِطَ مَنْ ضَبَطَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَخَالَفَهُ الْأَكْثَرُونَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَدَّالجمهور على بن عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالُوا الصَّوَابُ الضَّمُّ وَهُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ إِضَافَةُ الْجَفَاءِ إِلَيْهِ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُمَرَ مَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ جَفَاءً بِالْقَدَمِ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ ما رواه بن أَبِي خَيْثَمَةَ بِلَفْظِ لَنَرَاهُ جَفَاءَ الْمَرْءِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ وَالْجَفَاءُ غِلَظُ الطَّبْعِ وَتَرْكُ الصِّلَةِ وَالْبِرِّ ( بَلْ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ) هَذَا الْحَدِيثُ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِقْعَاءَ سُنَّةٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هذا الحديث وبين الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنِ الْإِقْعَاءِ فَجَنَحَ الْخَطَّابِيُّ والماوردي إلى أن الاقعاء منسوخ ولعل بن عَبَّاسٍ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ وَجَنَحَ الْبَيْهَقِيُّ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِقْعَاءَ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يضع إليتيه عَلَى عَقِبَيْهِ وَتَكُونَ رُكْبَتَاهُ فِي الْأَرْضِ وَهَذَا هو الذي رواه بن عَبَّاسٍ وَفَعَلَتْهُ الْعَبَادِلَةُ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الِافْتِرَاشَ أَفْضَلُ مِنْهُ لِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ لَهُ وَلِأَنَّهُ أَعْوَنُ لِلْمُصَلِّي وَأَحْسَنُ فِي هَيْئَةِ الصَّلَاةِ وَالثَّانِي أَنْ يَضَعَ إِلْيَتَيْهِ وَيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِكَرَاهَتِهِ وتبع البيهقي على هذا الجمع بن الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَأَنْكَرَا عَلَى مَنِ ادَّعَى فِيهِمَا النَّسْخَ.

     وَقَالَ ا كَيْفَ ثَبَتَ النَّسْخُ مَعَ عَدَمِ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّارِيخِ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ الْحَبِيرِ وَقَالَ فِي النَّيْلِ وَهَذَا الْجَمْعُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ وَالْمُعَارِضُ لَهَا يُرْشِدُ لِمَا فِيهَا مِنَ التَّصْرِيحِ بِإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَلِمَا فِي أَحَادِيثِ الْعَبَادِلَةِ مِنَ التَّصْرِيحِ بِالْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ وَعَلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَقَدْ رُوِيَ عن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَمَسَّ عَقِبَيْكَ إِلْيَتَيْكَ وَهُوَ مُفَسِّرٌ لِلْمُرَادِ فَالْقَوْلُ بِالنَّسْخِ غَفْلَةٌ عَنْ ذَلِكَ وَعَمَّا صَرَّحَ بِهِ الْحُفَّاظُ مِنْ جَهْلِ تَارِيخِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَعَنِ المَنْعِ مِنَ الْمَصِيرِ إِلَى النَّسْخِ مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فِعْلُهُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ انْتَهَى مَا فِي النَّيْلِ قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَقَدِ اخْتَارَ هَذَا الْجَمْعَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ كَابْنِ الْهُمَامِ وَغَيْرِهِ فَائِدَةٌ قَالَ بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ الِافْتِرَاشُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَفْضَلُ مِنَ الْإِقْعَاءِ الْمَسْنُونِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ من أحواله عليه السلام انتهى قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ بْنِ حَجَرٍ هذا ما لفظه وفيه أن الأولى أَنْ يُحْمَلَ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمَسْنُونُ وَغَيْرُهُ إِمَّا لِعُذْرٍ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ انْتَهَى قلت لو كان لعذر لم يقل بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ والظاهر هو ما قال بن حَجَرٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

     قَوْلُهُ  ( وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ بِالْإِقْعَاءِ بَأْسًا) قَالَ الحافظ في التلخيص وللبيهقي عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْأُولَى يَقْعُدُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَيَقُولُ إنه السنة وفيه عن بن عمر وبن عباس أنهما كانا يقعيان وعن طاووس قَالَ رَأَيْتُ الْعَبَادِلَةَ يُقْعُونَ أَسَانِيدُهَا صَحِيحَةٌ انْتَهَى قُلْتُ لَكِنَّ إِقْعَاءَ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانَ بِالْمَعْنَى الثَّانِي وَلَمْ يَكُنْ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ كَمَا تَقَدَّمَ ( وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ) وَهُوَ قَوْلُ عطاء وطاوس وبن أَبِي مُلَيْكَةَ وَنَافِعٍ وَالْعَبَادِلَةِ كَذَا نَقَلَ الْعَيْنِيُّ عن بن تَيْمِيَةَ ( وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ الْإِقْعَاءَ بَيْنَ السجدتين) وهو قول أبي حنيفة ومالك الشافعي وَأَحْمَدَ كَذَا قِيلَ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ لَنَا مَا فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ عن بن عُمَرَ تَصْرِيحٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّتِهِ وَمِنَ الْمَعْلُومِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ زِيَادَةَ الِاعْتِمَادِ فِي نَقْلِ السنة على بن عمر فإن بن عَبَّاسٍ رُبَّمَا يَقُولُ بِاجْتِهَادِهِ وَرَأْيِهِ وَيُعَبِّرُهُ بِالسُّنَّةِ انْتَهَى قُلْتُ هَذَا مُجَرَّدُ ادِّعَاءٍ وَلَوْ سُلِّمَ فَإِنَّمَا يَكُونُ تَعْبِيرُهُ بِالسُّنَّةِ لَا بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ وَقَدْ قَالَ فِي الْإِقْعَاءِ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ على أنه قد صرح بن عُمَرَ أَيْضًا بِأَنَّهُ سُنَّةٌ كَمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْأُولَى يَقْعُدُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَيَقُولُ إِنَّهُ السُّنَّةُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ كَمَا عَرَفْتَ 6 - ( بَاب مَا يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

رقم الحديث 284 [284] ) .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ) الْمَسْمَعِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ ثِقَةٌ مِنْ شُيُوخِ التِّرْمِذِيِّوَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا (عَنْ كَامِلٍ أَبِي الْعَلَاءِ) هُوَ كامل بن العلاء التميمي الكوفي صدوق يخطيء مِنَ السَّابِعَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ .

     قَوْلُهُ  (كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي) وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعِنْدَ بن مَاجَهْ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْزُقْنِي وارفعني قال الحافظ في التلخيص وجمع بينهما الْحَاكِمُ كُلِّهَا إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَعَافِنِي انْتَهَى قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَاجْبُرْنِي أَيِ أَغْنِنِي مِنْ جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَهُ أَيْ رَدَّ عَلَيْهِ مَا ذَهَبَ عَنْهُ أَوْ عَوَّضَهُ عَنْهُ وَأَصْلُهُ مِنْ جَبْرِ الْكَسْرِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدُّعَاءِ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فِي الْقَعْدَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي الْبَابِ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ رَبِّ اغْفِرْ لِي رَبِّ اغْفِرْ لِي رواه النسائي وبن مَاجَهْ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مُطَوَّلًا

رقم الحديث 285 [285] .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) تَفَرَّدَ بِهِ كَامِلٌ أَبُو الْعَلَاءِ وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ بِشَيْءٍ مِنَ الصِّحَّةِ وَالضَّعْفِ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ.

     وَقَالَ  الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصِ السُّنَنِ وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ وَنَقَلَ قَوْلَ التِّرْمِذِيِّ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِلَخْ ثُمَّ قَالَ وَكَامِلٌ هُوَ أَبُو الْعَلَاءِ وَيُقَالُ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ كَامِلُ بْنُ الْعَلَاءِ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ الْكُوفِيُّ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُهُ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ قُلْتُ وقال بن عَدِيٍّ لَمْ أَرَ لِلْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ كَلَامًا وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ أَشْيَاءُ أَنْكَرْتُهَا وَمَعَ هَذَا أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ.

     وَقَالَ  النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

     وَقَالَ  مَرَّةً لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ بن حِبَّانَ كَانَ مِمَّنْ يَقْلِبُ الْأَسَانِيدَ وَيَرْفَعُ الْمَرَاسِيلَ كَذَا فِي الْمِيزَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الرِّجَالِ فَقَوْلُ النَّسَائِيِّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ جَرْحٌ مُبْهَمٌ ثُمَّ هُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَأَمَّا قول بن حِبَّانَ كَانَ مِمَّنْ يَقْلِبُ الْأَسَانِيدَ إِلَخْ غَيْرُ قَادِحٍ فَإِنَّهُ مُتَعَنِّتٌ وَمُسْرِفٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَقَرِّهِ فَحَدِيثُهُ هَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فَلَا يَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ97 - (باب ما جاء في الاعتماد في السجود

رقم الحديث 286 [286] ) .

     قَوْلُهُ  (عَنْ سُمَيٍّ) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدَّةِ الْيَاءِ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيِّ الْمَدَنِيِّ رَوَى عَنْ مولاه وأبي صالح ذكوان وبن الْمُسَيَّبِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ ثِقَةٌ وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

     وَقَالَ  قَتَلَتْهُ الْحَرُورِيَّةُ سَنَةَ 53 خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ.

     وَقَالَ  النَّسَائِيُّ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ثِقَةٌ كَذَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) هُوَ ذَكْوَانُ .

     قَوْلُهُ  (إِذَا تَفَرَّجُوا) إِذَا بَاعَدُوا الْيَدَيْنِ عَنِ الْجَنْبَيْنِ وَرَفَعُوا الْبَطْنَ عَنِ الفخذين في السجود استعينوا بالركب قال بن عَجْلَانَ أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَذَلِكَ أَنْ يَضَعَ مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود وأعيا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِعَانَةِ بِالرُّكَبِ فِي السُّجُودِ عِنْدَ الْمَشَقَّةِ فِي التَّفْرِيجِ قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ ذِكْرِ أَحَادِيثِ التَّفْرِيجِ فِي السُّجُودِ مَا لَفْظُهُ ظَاهِرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وُجُوبُ التَّفْرِيجِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لِلِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ شَكَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ مَشَقَّةَ السُّجُودِ عَلَيْهِمْ إِذَا انْفَرَجُوا فَقَالَ اسْتَعِينُوا بِالرُّكَبِ وَتَرْجَمَ لَهُ الرُّخْصَةَ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي تَرْكِ التَّفْرِيجِ انْتَهَى قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّفْرِيجَ فِي السُّجُودِ وَاجِبٌ عِنْدَ عَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ.
وَأَمَّا عِنْدَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ فَيَجُوزُ تَرْكُ التَّفْرِيجِ وَالِاسْتِعَانَةُ بِالرُّكَبِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَحَدِيثُ الْبَابِ أَخْرَجَهُ أبو داود تنبيه قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي بَعْدَ نَقْلِ حَدِيثِ الْبَابِ عَنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مَا لَفْظُهُ وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَتِهِ يَعْنِي فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ إِذَا انْفَرَجُوا فَتَرْجَمَ لَهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاعْتِمَادِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ فَجَعَلَ مَحَلَّ الِاسْتِعَانَةِ بِالرُّكَبِ لِمَنْ يَرْفَعُ مِنَالسُّجُودِ طَالِبًا لِلْقِيَامِ وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُ مَا قَالَ لَكِنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ تُعَيِّنُ الْمُرَادَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي عمدة القارىء مَا لَفْظُهُ وَفِي التَّلْوِيحِ وَزَعَمَ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ هَذَا كَانَ رُخْصَةً.
وَأَمَّا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فَإِنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ غَيْرَ مَا قَالَهُ بن عَجْلَانَ فَذَكَرَهُ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الِاعْتِمَادِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَنَا بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاعْتِمَادِ فِي السُّجُودِ وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ وَقَدْ وَقَعَ فِي جَمِيعِهَا لَفْظُ إِذَا تَفَرَّجُوا كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أبي داود فلعله وقع في بضع النُّسَخِ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ وَصَاحِبُ التَّوْشِيحِ وَاللَّهُ تعالى أعلم 8 -

رقم الحديث 287 [287] ) .

     قَوْلُهُ  (إِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ (لَمْ يَنْهَضْ) أَيْ لَمْ يَقُمْ (حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا) وَهَذِهِ الْجِلْسَةُ تُسَمَّى بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَأَخَذَ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَذَكَرَ الْخَلَّالُ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا ولم يستحبها الْأَكْثَرُ انْتَهَى كَلَامُهُ وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِسُنِّيَّةِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَبِأَحَادِيثَ أُخْرَى فَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَعْلَمُكُمْبِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا فَاعْرِضْ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا فَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَيَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَعْتَدِلُ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا ثُمَّ يَسْجُدُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَرْفَعُ وَيُثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَعْتَدِلُ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ ثُمَّ يَنْهَضُ ثُمَّ يَصْنَعُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ إِلَخْ رَوَاهُ أبو داود والدارمي وروى الترمذي وبن مَاجَهْ مَعْنَاهُ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ كَذَا فِي مِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ هَكَذَا ثُمَّ هَوَى إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ وَفَتَحَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَعَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ اعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ نَهَضَ ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ إِلَخْ ومنها حديث بن عَبَّاسٍ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَآخَرُونَ وَفِيهِ ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ثُمَّ تَسْجُدُ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ فَتَقُولُهَا عَشْرًا فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الْحَدِيثَ قَالَ الْفَاضِلُ اللَّكْنَوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ فِي إِثْبَاتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ مَا لَفْظُهُ.
اعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا الْحَنَفِيَّةِ وَكَثِيرًا مِنَ الْمَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ قَدْ ذَكَرُوا فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي حَكَاهَا التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْخَالِيَةَ عَنْ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمُحَدِّثُونَ أَكْثَرُهُمُ اخْتَارُوا الْكَيْفِيَّةَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا أَسْلَفْنَا أَنَّ الْأَصَحَّ ثُبُوتًا هُوَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ فَلْيَأْخُذْ بِهَا مَنْ يُصَلِّيهَا حَنَفِيًّا كَانَ أَوْ شَافِعِيًّا انْتَهَى قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ تَنْبِيهٌ قَدِ اعْتَذَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَقُلْ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ عَنِ العَمَلِ بِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ بِأَعْذَارٍ كُلِّهَا بَارِدَةٍ فَمِنْهَا مَا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الْكِبَرِ وَرَدَّهُ صَاحِبُ بَحْرِ الرَّائِقِ حَيْثُ قَالَ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلُّوا كما رأيتموني أصلي انتهى وقال الحافظ بن حَجَرٍ فِي الدِّرَايَةِ هَذَا تَأْوِيلٌ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُفَارِقَهُ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَلَمْ يُفَصِّلْ لَهُ فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى وَمِنْهَا مَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ خَالٍ عَنْهَا أَيْ عَنْ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَإِنَّهُ سَاقَهُ بِلَفْظِ قَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ قَالَ فَلَمَّا تَخَالَفَا احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ فِي حَدِيثِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ فَقَعَدَ لِأَجْلِهَا لَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ انْتَهَى وَفِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلَّةِ وَأَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ هُوَ رَاوِي حَدِيثِ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي فَحِكَايَاتُهُ لِصِفَاتِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ هَذَا الْأَمْرِ وَلَمْ تَتَّفِقِ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ عَلَى نَفْيِ هَذِهِ الْجِلْسَةِ بَلْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِإِثْبَاتِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي قُلْتُ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِثْبَاتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَشُرِعَ لَهَا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ وَفِيهِ أَنَّهَا جِلْسَةٌ خَفِيفَةٌ جِدًّا اسْتُغْنِيَ فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ الْمَشْرُوعِ لِلْقِيَامِ فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ النُّهُوضِ إِلَى الْقِيَامِ وَمِنْهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَذَكَرَهَا كُلُّ مَنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَنَّ السُّنَنَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا كل واحد ممن وصفع صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أُخِذَ مَجْمُوعُهَا مِنْ مَجْمُوعِهِمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدِيثَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لِمَنْ قَالَ بِسُنِّيَّةِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَهُوَ الْحَقُّ وَالْأَعْذَارُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْحَنَفِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ لَا يَلِيقُ أَنْ يُلْتَفَتَ إِلَيْهَا .

     قَوْلُهُ  (حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا مُسْلِمًا وبن مَاجَهْ .

     قَوْلُهُ  (وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَإِلَى الْقَوْلِ بِهَا رَجَعَ أَحْمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ تَنْبِيهٌ.
اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَجَعَ عَنِ القَوْلِ بِتَرْكِ جِلْسَةِ الاستراحة إلى القول بها قال بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ هَلْ يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَرُوِيَ عَنْهُ لَا يَجْلِسُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَجْلِسُ وَاخْتَارَهَا الْخَلَّالُ قَالَ الْخَلَّالُ رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِلَى هَذَا يَعْنِي تَرَكَ قَوْلَهُ بِتَرْكِ الْجُلُوسِ لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهِ وَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ انْتَهَى وَكَذَلِكَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَلَى مَتْنِ الْمُقْنِعِ لِشَمْسِ الدِّينِ أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْدِسِيِّ وَفِيهِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَجْلِسُ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ قَالَ الْخَلَّالُ رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِهِ بِتَرْكِ الْجُلُوسِ وقال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ قَالَ الْخَلَّالُ رَجَعَ أَحْمَدُ إِلَى حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ انْتَهَى وَكَذَلِكَفِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ فَفِي رُجُوعِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنِ القَوْلِ بِتَرْكِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي تَعْلِيقَاتِهِ عَلَى الترمذي رجوعه عن الحافظ بن حجر وعن بن الْقَيِّمِ ثُمَّ قَالَ وَظَنِّي أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَرْجِعْ انْتَهَى قُلْتُ مَبْنَى ظَنِّهِ هَذَا وَمَنْشَؤُهُ لَيْسَ إِلَّا التَّقْلِيدُ فَإِنَّهُ إِذَا تَمَكَّنَ فِي قَلْبٍ وَرَسَخَ فِيهِ يَنْشَأُ مِنْهُ كَذَلِكَ ظُنُونٌ فَاسِدَةٌ (وَبِهِ يَقُولُ أَصْحَابُنَا) يَعْنِي أَصْحَابَ الْحَدِيثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا قَالَ أَصْحَابُنَا يُرِيدُ بِهِمْ أَصْحَابَ الحديث 9214214214 214 - باب منه أيضا

رقم الحديث 288 [288] قوله ( عن خَالِدُ بْنُ إِيَاسٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَخِفَّةِ التَّحْتِيَّةِ ( وَيُقَالُ خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ صَخْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ أَبُو الْهَيْثَمِ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ إِمَامُ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ مِنَ السَّابِعَةِ وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مَتْرُوكٌ ( عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ قَالَ الْحَافِظُ صَدُوقٌ اخْتَلَطَ باخره قال بن عَدِيٍّ لَا بَأْسَ بِرِوَايَةِ الْقُدَمَاءِ عَنْهُ كَابْنِ أبي ذئب وبن جُرَيْجٍ مِنَ الرَّابِعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ) أَيْ بِدُونِ الْجُلُوسِ وَالْحَدِيثُ قَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِسُنِّيَّةِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ لَكِنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ لَا يَقُومُ بِمِثْلِهِ الْحُجَّةُ فَإِنَّ فِي سَنَدِهِ خَالِدَ بْنَ إِيَاسٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ كَمَا عَرَفْتَ وَأَيْضًا فِيهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ وَكَانَ قَدِ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ كَمَا عَرَفْتَ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَخْتَارُونَ أَنْ يَنْهَضَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ) لَوْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِلَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ بَعْدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَبِهِ يَقُولُ أَصْحَابُنَا وَاسْتَدَلَّ مَنِ اخْتَارَ النُّهُوضَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ الْقَدَمَيْنِ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثَ أُخْرَى وَآثَارٍ فَعَلَيْنَا أَنْ نَذْكُرَهَا مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَمِنْهَا حَدِيثُ عِكْرِمَةَ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهُ أَحْمَقُ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قِيلَ يُسْتَفَادُ مِنْهُ تَرْكُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَإِلَّا لَكَانَتِ التَّكْبِيرَاتُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ جِلْسَةٌ خَفِيفَةٌ جِدًّا وَلِذَلِكَ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا ذِكْرٌ فَهِيَ لَيْسَتْ بِجِلْسَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ بَلْ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ النُّهُوضِ إِلَى الْقِيَامِ فَكَيْفَ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَرْكُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَلَوْ سُلِّمَ فَدَلَالَتُهُ عَلَى التَّرْكِ لَيْسَ إِلَّا بِالْإِشَارَةِ وَحَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهَا بِالْعِبَارَةِ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعِبَارَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْإِشَارَةِ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ جَمَعَ قَوْمَهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَشْعَرِيِّينَ اجْتَمِعُوا وَاجْمَعُوا نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ أُعَلِّمْكُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَخَرَّ سَاجِدًا ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ كَبَّرَ فَانْتَهَضَ قَائِمًا رَوَاهُ أَحْمَدُ قِيلَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ فَانْتَهَضَ قَائِمًا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ كَثِيرُ الْإِرْسَالِ وَالْأَوْهَامِ انْتَهَى ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ بِنَفْيِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَلَوْ سُلِّمَ فَهُوَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِهَا لَا عَلَى نَفْيِ سُنِّيَّتِهَا ثُمَّ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَقْوَى وَأَصَحُّ وَأَثْبَتُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَفِيهِ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ فَقَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ أَبَا دَاوُدَ رَوَاهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ صَحِيحٍ وَالتِّرْمِذِيَّ بِإِثْبَاتِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُمَا وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِيوَأَمَّا الْآثَارُ فَمِنْهَا أَثَرُ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ أَدْرَكْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَالثَّالِثَةِ قَامَ كَمَا هُوَ وَلَمْ يَجْلِسْ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلَانَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَيَّاشٍ بِالْعَنْعَنَةِ على أن محمد بن عجلان سيء الْحِفْظِ وَقَدْ تَفَرَّدَ هُوَ بِهِ وَرَوَى عَنْهُ أبو خالد الأحمر وهو أيضا سيىء الحفظ ومنها أثر بن مَسْعُودٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ رَمَقْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فِي الصَّلَاةِ فَرَأَيْتُهُ يَنْهَضُ وَلَا يَجْلِسُ قَالَ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ قَالَ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْأَثَرِ وَهُوَ عَنِ بن مَسْعُودٍ صَحِيحٌ وَمُتَابَعَةُ السُّنَّةِ أَوْلَى انْتَهَى كَذَا فِي الْجَوْهَرِ النَّقِيِّ ص 741 ج 1 قُلْتُ وَتَرْكُ بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا لَا عَلَى نَفْيِ سُنِّيَّتِهَا وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَطِيَّةَ العوفي قال رأيت بن عمر وبن عباس وبن الزُّبَيْرِ وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُومُونَ عَلَى صُدُورِ أَقْدَامِهِمْ فِي الصَّلَاةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ قَالَ بَعْدَ إِخْرَاجِ هَذَا الْأَثَرِ وَعَطِيَّةُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ انْتَهَى وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ الْكُوفِيُّ تَابِعِيٌّ شَهِيرٌ ضَعِيفٌ انتهى -

رقم الحديث 289 [289] ) .

     قَوْلُهُ  (التَّحِيَّاتُ) جَمْعُ تَحِيَّةٍ وَمَعْنَاهَا السَّلَامُ وَقِيلَ الْبَقَاءُ وَقِيلَ الْعَظَمَةُ وَقِيلَ السَّلَامَةُ مِنَ الْآفَاتِ وَالنَّقْصِ وَقِيلَ الْمُلْكُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ التَّحِيَّةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَغَوِيُّ الْمُرَادُ بِالتَّحِيَّاتِ لِلَّهِ أَنْوَاعُ التَّعْظِيمِ لَهُ (وَالصَّلَوَاتُ) قِيلَ الْمُرَادُ الْخَمْسُ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ فِي كُلِّ شَرِيعَةٍ وَقِيلَ الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا وَقِيلَالْمُرَادُ الرَّحْمَةُ وَقِيلَ التَّحِيَّاتُ الْعِبَادَاتُ الْقَوْلِيَّةُ وَالصَّلَوَاتُ الْعِبَادَاتُ الْفِعْلِيَّةُ وَالطَّيِّبَاتُ الصَّدَقَاتُ الْمَالِيَّةُ (وَالطَّيِّبَاتُ) أَيْ مَا طَابَ مِنَ الْكَلَامِ وَحَسُنَ أَنْ يُثْنَى بِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى دُونَ مَا لَا يَلِيقُ بِصِفَاتِهِ مِمَّا كَانَ الْمُلُوكُ يُحَيَّوْنَ بِهِ وَقِيلَ الطَّيِّبَاتُ ذِكْرُ اللَّهِ وَقِيلَ الْأَقْوَالُ الصَّالِحَةُ كَالدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ وَقِيلَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَهُوَ أَعَمُّ قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ إِذَا حُمِلَتِ التَّحِيَّةُ عَلَى السَّلَامِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ التَّحِيَّاتُ الَّتِي تُعَظَّمُ بِهَا الْمُلُوكُ مُسْتَمِرَّةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِذَا حُمِلَ عَلَى الْبَقَاءِ فَلَا شَكَّ فِي اخْتِصَاصِ اللَّهِ بِهِ وَكَذَلِكَ الْمُلْكُ الْحَقِيقِيُّ وَالْعَظَمَةُ التَّامَّةُ وَإِذَا حُمِلَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْعَهْدِ أَوِ الْجِنْسِ كَانَ التَّقْدِيرُ أَنَّهَا لِلَّهِ وَاجِبَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا غَيْرُهُ وَإِذَا حُمِلَتْ عَلَى الرَّحْمَةِ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ لِلَّهِ أَنَّهُ الْمُتَفَضِّلُ بِهَا لِأَنَّ الرَّحْمَةَ التَّامَّةَ لِلَّهِ يُؤْتِيهَا مَنْ يَشَاءُ وَإِذَا حُمِلَتْ عَلَى الدُّعَاءِ فَظَاهِرٌ.
وَأَمَّا الطَّيِّبَاتُ فَقَدْ فُسِّرَتْ بِالْأَقْوَالِ وَلَعَلَّ تَفْسِيرَهَا بِمَا هُوَ أَعَمُّ أَوْلَى فَتَشْمَلُ الْأَفْعَالَ وَالْأَقْوَالَ وَالْأَوْصَافَ وَطِيبُهَا كَوْنُهَا كَامِلَةً خَالِصَةً عَنِ الشَّوَائِبِ (السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ شُرِعَ هَذَا اللَّفْظُ وَهُوَ خِطَابُ بَشَرٍ مَعَ كَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ قِيلَ مَا الْحِكْمَةُ فِي الْعُدُولِ عَنِ الغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْغَيْبَةِ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ كَأَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ فَيَنْتَقِلُ مِنْ تَحِيَّةِ اللَّهِ إِلَى تَحِيَّةِ النَّبِيِّ ثُمَّ إِلَى تَحِيَّةِ النَّفْسِ ثُمَّ إِلَى تَحِيَّةِ الصَّالِحِينَ أَجَابَ الطِّيبِيُّ بِمَا مُحَصَّلُهُ نَحْنُ نَتَّبِعُ لَفْظَ الرَّسُولِ بِعَيْنِهِ الَّذِي كَانَ عَلَّمَهُ الصَّحَابَةَ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ مَا يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ زَمَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَالُ بِلَفْظِ الْخِطَابِ.
وَأَمَّا بعده فيقال بلفظ الغيبة ففي الاستيذان مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْمَرٍ عن بن مَسْعُودٍ بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ التَّشَهُّدِ قَالَ وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا السَّلَامُ يَعْنِي عَلَى النَّبِيِّ كَذَا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالسَّرَّاجُ وَالْجَوْزَقِيُّ وأبو نعيم الأصبحاني وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ بِحَذْفِ لَفْظِ يَعْنِي وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ وَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ مُتَابِعًا قويا قال عبد الرزاق أخبرنا بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَقُولُونَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ فَلَمَّا مَاتَ قَالُوا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ انْتَهَى (وَرَحْمَةُ اللَّهِ) أَيْ إِحْسَانُهُ (وَبَرَكَاتُهُ) أَيْ زِيَادَتُهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ (السَّلَامُ عَلَيْنَا) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْبُدَاءَةِ بِالنَّفْسِ فِي الدُّعَاءِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ مُصَحَّحًا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا فَدَعَا لَهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَمِنْهُ قَوْلُ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ كَمَا فِي التَّنْزِيلِ (وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) الْأَشْهَرُ فِي تَفْسِيرِ الصَّالِحِ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ وَتَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُهُ قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْظَى بِهَذَا السَّلَامِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ الْخَلْقُ فِي الصَّلَاةِ فليكن عبدا صالحا والإحرام هَذَا الْفَضْلَ الْعَظِيمَ كَذَا فِي الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  (وَفِي الْبَابِ عَنْ بن عُمَرَ وَجَابِرٍ وَأَبِي مُوسَى وَعَائِشَةَ أَمَّا حَدِيثُ بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ) وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَأَمَّا حديث جابر فأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ كَذَا فِي النَّيْلِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وقفه قاله في النيل قوله (حديث بن مَسْعُودٍ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ إِلَخْ) قَالَ الْبَزَّارُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ أَصَحِّ حَدِيثٍ فِي التَّشَهُّدِ قَالَ هو عندي حديث بن مَسْعُودٍ وَرُوِيَ مِنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ طَرِيقًا ثُمَّ سَرَدَ أَكْثَرَهَا.

     وَقَالَ  لَا أَعْلَمُ فِي التَّشَهُّدِ أَثْبَتَ مِنْهُ وَلَا أَصَحَّ أَسَانِيدَ وَلَا أَشْهَرَ رِجَالًا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ.

     وَقَالَ  لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَمِنْ رُجْحَانِهِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَأَنَّ الرُّوَاةَ عَنْهُ الثِّقَاتِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَلْفَاظِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ تَلَقَّاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْقِينًا فَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّحَاوِيِّ أَخَذْتُ التَّشَهُّدَ مِنْ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ولقنيه كَلِمَةً كَلِمَةً ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ وُجُوهًا أُخَرَ لرجحانه قوله (وهو قول سفيان الثوري وبن المبارك وأحمد وإسحاق) وهو قول أبي حنيفة وَاخْتَارَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ تَشَهُّدَ عُمَرَ لِكَوْنِهِ عَلَّمَهُ لِلنَّاسِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَمْ يُنْكِرُوهُ فَيَكُونُ إجماعا ولفظه نحو حديث بن عَبَّاسٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ الزَّاكِيَاتُ بَدَلَ الْمُبَارَكَاتِ وكأنه بالمعنى واختار الشافعي تشهد بن عباس وقال بعد أن أخرج حديث بن عَبَّاسٍ رَوَيْتُ أَحَادِيثَ فِي التَّشَهُّدِ مُخْتَلِفَةً وَكَانَ هَذَا أَحَبَّ إِلَيَّ لِأَنَّهُ أَكْمَلُهَا.

     وَقَالَ  فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ اخْتِيَارِهِ تَشَهُّدَ بن عباس لما رأيته واسعاوسمعته عن بن عَبَّاسٍ صَحِيحًا كَانَ عِنْدِي أَجْمَعَ وَأَكْثَرَ لَفْظًا من غيره وأخذت بِهِ غَيْرَ مُعَنِّفٍ لِمَنْ يَأْخُذُ بِغَيْرِهِ مِمَّا صَحَّ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ.

     وَقَالَ  ثُمَّ إِنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ إِنَّمَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ الْمُتَقَدِّمُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى قُلْتُ لَا شَكَّ في أن حديث بن مَسْعُودٍ أَرْجَحُ مِنْ جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ فِي التَّشَهُّدِ فَالْأَخْذُ بِهِ هُوَ الْأَوْلَى وَاللَّهُ تَعَالَى أعلم 1 - بَابٌ مِنْهُ أَيْضًا

رقم الحديث 290 [29] .

     قَوْلُهُ  (التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ) الْمُبَارَكَاتُ جَمْعُ مُبَارَكَةٍ مَعْنَاهَا كَثِيرَةُ الْخَيْرِ وَقِيلَ النَّمَاءُ قَالَ النَّوَوِيُّ تَقْدِيرُهُ وَالْمُبَارَكَاتُ والصلوات والطيبات كما في حديث بن مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ وَلَكِنْ حُذِفَتِ الْوَاوُ اخْتِصَارًا وَهُوَ جَائِزٌ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ (سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلَامٌ عَلَيْنَا) كَذَا وَقَعَ فِي هَذَا الْكِتَابِ سَلَامٌ عَلَيْكَ وَسَلَامٌ عَلَيْنَا بِغَيْرِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ السَّلَامُ عَلَيْنَا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ قَالَ النَّوَوِيُّ يَجُوزُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ حَذْفُ اللَّامِ وَإِثْبَاتُهَا وَالْإِثْبَاتُ أَفْضَلُ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي رِوَايَاتِ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ بِحَذْفِ اللَّامِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ ذَلِكَ فِي حديث بن عَبَّاسٍ وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ .

     قَوْلُهُ  (الرُّؤَاسِيُّ) بِضَمِّ رَاءٍ فَهَمْزَةٍ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَنْسُوبٌ إِلَى رُؤَاسِ بْنِ كِلَابٍ كَذَا فِيالْمُغْنِي .

     قَوْلُهُ  (وَرَوَى أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ) بِنُونٍ وموحدة (عن أبي الزبير عن جابر) وأما اللَّيْثُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ فَرَوَيَا عَنْ أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطاووس عن بن عَبَّاسٍ (وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التلخيص أيمن بن نابل رواية عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَخْطَأَ فِي إِسْنَادِهِ وَخَالَفَهُ اللَّيْثُ وَهُوَ مِنْ أَوْثَقِ النَّاسِ فِي أَبِي الزبير فقال عن أبي الزبير عن طاووس وسعيد بن جبير عن بن عَبَّاسٍ قَالَ حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ جَابِرٍ خَطَأٌ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي التَّشَهُّدِ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ إِلَّا أَيْمَنَ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ خَالَفَ النَّاسَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا حَدِيثَ التَّشَهُّدِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ سَأَلْتُ الْبُخَارِيَّ عنه فقال خطأ وقال النسائي لانعلم أَحَدًا تَابَعَهُ وَهُوَ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنَّ الْحَدِيثَ خَطَأٌ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ 2 - (بَاب مَا جَاءَ أَنَّهُ يُخْفِي التَّشَهُّدَ

رقم الحديث 291 [291] )
.

     قَوْلُهُ  ( يُونُسُ بْنُ بُكَيْرِ) بْنِ وَاصِلٍ الشَّيْبَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ الْجَمَّالُ الْكُوفِيُّ صدوق يخطيء قاله الحافظ وقال الخزرجي قال بن مَعِينٍ ثِقَةٌ وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُدَ ليس بحجة يأخذ كلام بن إِسْحَاقَ فَيُوَصِّلُهُ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً .

     قَوْلُهُ  ( مِنَ السُّنَّةِ) قَالَ الطِّيبِيُّ إِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ مِنَ السُّنَّةِ كَذَا فَهُوَ فِي الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا مذهب الجمهور من المحدثين والفقهاء وجعل بَعْضُهُمْ مَوْقُوفًا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَىقوله ( حديث بن مَسْعُودٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ.

     وَقَالَ  صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ قُلْتُ فِي سَنَدِهِ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَقَدْ عَرَفْتَ حَالَهُ وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق وهو مدلس 3218218218 - 2 - 1 - 8 ( باب كَيْفَ الْجُلُوسُ فِي التَّشَهُّدِ