فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب في القراءة في المغرب

رقم الحديث 1113 [1113] .

     قَوْلُهُ  ( أَرَضِيتَ) هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ لِلِاسْتِعْلَامِ ( مِنْ نَفْسِكَ وَمَالِكَ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ بَدَلَ نَفْسِكَ مع وجود مالك قاله القارىء ( قالت نعم فَأَجَازَهُ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ كَوْنِ المهر شيئا حقيرا لَهُ قِيمَةٌ لَكِنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ) أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَسَيَجِيءُ ( وَأَبِي هُرَيْرَةَ) قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ الْحَدِيثَ وفِيهِ قَالَ عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا قَالَ عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عَرْضِ هَذَا الْجَبَلِ مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ إِلَخْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ( وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ( وَأَبِي سَعِيدٍ) أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ لَا يَضُرُّ أَحَدَكُمْ بِقَلِيلٍ مِنْ مَالِهِ تَزَوَّجَ أَمْ بِكَثِيرٍ بَعْدَ أَنْ يَشْهَدَ وفِي سَنَدِهِ أَبُو هَارُونَ العبدي قال بن الْجَوْزِيِّ وَأَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ اسْمُهُ عُمَارَةُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ كَانَ كَذَّابًا وقال السعدي كذاب مفتري كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ ( وَأَنَسٍ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ ( وَعَائِشَةَ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مُؤْنَةً وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ أَخَفُّ النِّسَاءِ صَدَاقًا أَعْظَمُهُنَّ بَرَكَةً وفِي إِسْنَادِهِ الْحَارِثُ بْنُ شِبْلٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وأَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ وأَخْرَجَ نَحْوَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم خير الصداقه أيسره( وَجَابِرِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَعْطَى فِي صَدَاقِ امْرَأَةٍ سَوِيقًا أَوْ تَمْرًا فَقَدْ اسْتَحَلَّ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَشَارَ إِلَى تَرْجِيحِ وَقْفِهِ كَذَا فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ ( وَأَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ) لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ .

     قَوْلُهُ  ( وَحَدِيثُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ بَعْدَ أَنْ حَكَى تَصْحِيحَ التِّرْمِذِيِّ هَذَا إِنَّهُ خُولِفَ فِي ذَلِكَ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ بَعْدَ أَنْ حكى تصحيح الترمذي له قال بن الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قال بن معين ضعيف وقال بن حبان كان فأحسن الْخَطَأِ فَتُرِكَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَهْرِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمَهْرُ عَلَى مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَأَجَازَهُ الْكَافَّةُ بِمَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الزَّوْجَانِ أَوْ ( كَذَا بِالْأَصْلِ ولَعَلَّ الصَّوَابَ أَيْ) مِنَ الْعَقْدِ إِلَيْهِ ( كَذَا بِالْأَصْلِ وَلَعَلَّ الصَّوَابَ عَلَيْهِ) بِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَالسَّوْطِ وَالنَّعْلِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وبِهِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأنصاري وأبو الزناد وربيعة وبن أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ غَيْرُ مالك ومن تبعه وبن جُرَيْجٍ وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي أَهْلِ الشَّامِ وَاللَّيْثُ فِي أهل مصر والثوري وبن أَبِي لَيْلَى وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ غَيْرُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ تَبِعَهُ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ وَفُقَهَاءُ أَصْحَابِ الحديث وبن وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ انْتَهَى وَحُجَّتُهُمْ أَحَادِيثُ الْبَابِ ( وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَكُونُ الْمَهْرُ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ اسْتَدَلَّ مَنْ قَاسَهُ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ بِأَنَّهُ عُضْوٌ آدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ فَلَا يُسْتَبَاحُ بِأَقَلَّ مِنْ كَذَا قِيَاسًا عَلَى يَدِ السَّارِقِ وتَعَقَّبَهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابِلِ النَّصِّ فَلَا يَصِحُّ وَبِأَنَّ الْيَدَ تُقْطَعُ وَتَبِينُ وَلَا كَذَلِكَ الْفَرْجُ وبِأَنَّ الْقَدْرَ الْمَسْرُوقَ يَجِبُ رَدُّهُ ( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَا يَكُونُ الْمَهْرُ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ) وَهُوَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ واحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا لَا تُنْكِحُوا النِّسَاءَ إِلَّا الْأَكْفَاءَ وَلَا يُزَوِّجُهُنَّ إِلَّا الْأَوْلِيَاءُ وَلَا مَهْرَ دُونَ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ وفِي سَنَدِهِ مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ هُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ أَحَادِيثُهُ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا انْتَهَى وأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي سُنَنِهِ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ أَحَادِيثُ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ مَوْضُوعَةٌ انْتَهَى وأَخْرَجَهُ أَيْضًا أبو يعلى الموصلي في مسنده وبن حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ.

     وَقَالَ  مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ لَا يَحِلُّ كَتْبُ حَدِيثِهِ إِلَّا عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ انْتَهَى وأخرجه أيضا بن عَدِيٍّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَأَعَلَّاهُ بِمُبَشِّرٍ وأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِمَا عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا لَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ وَلَا يَكُونُ الْمَهْرُ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ وفِي سَنَدِهِ دَاوُدُ الْأَوْدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ ولَهُ طُرُقٌ أُخْرَى فِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَلَا تَخْلُو عَنْ ضَعْفٍ كَذَا فِي التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ أَكْثَرُنَا يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ لَا مَهْرَ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ وفِي جَمِيعِ طُرُقِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ انْتَهَى قُلْتُ ضَعْفُ هَذَا الْحَدِيثِ مَشْهُورٌ بِمُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ بَلْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَحَادِيثُهُ مَوْضُوعَةٌ فَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ أَنَّهُ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ بِحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَلَمْ يُضَعِّفْهُ بِمُبَشِّرٍتَنْبِيهٌ آخَرُ قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي الْبِنَايَةِ مُجِيبًا عَنْ ضَعْفِ حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ إِذَا رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ مُفْرَدَاتُهَا ضَعِيفَةٌ يَصِيرُ حَسَنًا وَيُحْتَجُّ بِهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ صَاحِبَ عُمْدَةِ الرِّعَايَةِ حَاشِيَةِ شَرْحِ الْوِقَايَةِ بِأَنَّ بِكَثْرَةِ الطُّرُقِ إِنَّمَا يَصِيرُ الْحَدِيثُ حَسَنًا إِذَا كَانَ الضَّعْفُ فِيهَا يَسِيرًا فَيُجْبَرُ بِالتَّعَدُّدِ لَا إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةَ الضَّعْفِ بِأَنْ لَا يَخْلُوَ وَاحِدٌ مِنْهَا عَنْ كَذَّابٍ أَوْ مُتَّهَمٍ وَالْأَمْرُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ انْتَهَى تَنْبِيهٌ آخَرُ قَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ إِنَّ مَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْمَهْرِ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعَجَّلِ قُلْتُ رَدَّ عَلَيْهِمْ صَاحِبُ عُمْدَةِ الرِّعَايَةِ بِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ إِنَّمَا يُسَلَّمُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلظَّوَاهِرِ إِذَا ثَبَتَ التَّقْدِيرُ بِدَلِيلٍ مُعْتَمَدٍ وَإِذْ لَيْسَ فَلَيْسَ تَنْبِيهٌ.
اعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ وَهُوَ يُخَالِفُ إِطْلَاقَ قَوْلِهِ تَعَالَى أَنْ تَبْتَغُوا بأموالكم فَإِنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ بِشَيْءٍ وتَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَمَا بَالُكَ إِذَا كَانَ ضَعِيفًا فَالْعَجَبُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ كَيْفَ خَصَّصُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ إِطْلَاقَ الْكِتَابِ وَعَمِلُوا بِهِ والْعَجَبُ عَلَى الْعَجَبِ أَنَّهُمْ قَدْ اسْتَنَدُوا فِي الْجَوَابِ عَنِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى كَوْنِ الْمَهْرِ غَيْرَ مَالٍ وَهِيَ مَرْوِيَّةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِمَا اسْتَنَدَتْ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ حَيْثُ قَالُوا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ أَخْبَارُ آحَادٍ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ فَلَا يُعْمَلُ بظاهرها

رقم الحديث 1114 [1114] قوله (عن أبي العجفاء) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْجِيمِ السُّلَمِيِّ الْبَصْرِيِّ قِيلَ اسمههَرَمُ بْنُ نُسَيْبٍ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَقِيلَ بِالصَّادِ بَدَلَ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّانِيَةِ (لَا تُغَالُوا) بِضَمِّ التَّاءِ وَاللَّامِ (صَدُقَةَ النِّسَاءِ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّ الدَّالِ جَمْعُ الصَّدَاقِ قَالَ الْقَاضِي الْمُغَالَاةُ التَّكْثِيرُ أَيْ لَا تُكْثِرُوا مُهُورَهُنَّ (فَإِنَّهَا أَيْ الصَّدُقَةَ أَوْ الْمُغَالَاةَ يَعْنِي كَثْرَةَ الصَّدُقَةِ (لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَاحِدَةُ الْمَكَارِمِ أَيْ مِمَّا تُحْمَدُ (أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ) أَوْ مَكْرُمَةً فِي الْآخِرَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ قال القارىء قَالَ وَهِيَ غَيْرُ مُنَوَّنَةٍ وفِي نُسْخَةٍ (يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ) بِالتَّنْوِينِ وَقَدْ قُرِئَ شَاذًّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ أولادكم بِهَا أَيْ بِمُغَالَاةِ الْمُهُورِ (نَكَحَ شَيْئًا مِنْ نِسَائِهِ) أَيْ تَزَوَّجَ إِحْدَاهُنَّ (وَلَا أَنْكَحَ) أَيْ زَوَّجَ (عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً) وَهِيَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ أَنَّ صَدَاقَ أُمِّ حَبِيبَةَ كَانَ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ عُمَرَ لِأَنَّهُ أَصْدَقَهَا النَّجَاشِيُّ فِي الْحَبَشَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَنَشٍّ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَجَاوَزْ عَدَدَ الْأَوَاقِي الَّتِي ذَكَرَهَا عُمَرُ ولَعَلَّهُ أَرَادَ الْأُوقِيَّةَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْكُسُورِ مَعَ أَنَّهُ نَفَى الزِّيَادَةَ فِي عِلْمِهِ ولَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ صَدَاقُ أُمِّ حَبِيبَةَ وَلَا الزِّيَادَةُ الَّتِي رَوَتْهَا عَائِشَةُ فَإِنْ قُلْتَ نَهْيُهُ عَنِ الْمُغَالَاةِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا.

قُلْتُ النَّصُّ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ لَا عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ والْكَلَامُ فِيهَا لَا فِيهِ لَكِنْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ قَالَ لَا تَزِيدُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ عَلَى أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فَمَنْ زَادَ أُلْقِيَتِ الزِّيَادَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مَا ذَاكَ لَكَ قَالَ وَلِمَ قَالَتْ لأن الله يقول وآتيتم إحداهن قنطارا فَقَالَ عُمَرُ امْرَأَةٌ أَصَابَتْ وَرَجُلٌ أَخْطَأَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ.

قُلْتُ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تُغَالُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ يَا عُمَرُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا مِنْ ذَهَبٍ قَالَ وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَةِ بن مَسْعُودٍ فَقَالَ عُمَرُ امْرَأَةٌ خَاصَمَتْ عُمَرَ فَخَصَمَتْهُ وأَخْرَجَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعٍ فَقَالَ عُمَرُ امْرَأَةٌ أَصَابَتْ وَرَجُلٌ أَخْطَأَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عُمَرَ فَذَكَرَهُ مُتَّصِلًا مُطَوَّلًا قَالَ الحافظ في الفتح قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ ذَكَرَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ الْمُحَدِّثُ فِي رَوْضَةِ الْأَحْبَابِ أَنَّ صَدَاقَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ أَرْبَعَمِائَةِ مِثْقَالٍ فِضَّةً وكَذَلِكَ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمَوَاهِبِ وَلَفْظُهُهَرَمُ بْنُ نُسَيْبٍ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَقِيلَ بِالصَّادِ بَدَلَ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّانِيَةِ (لَا تُغَالُوا) بِضَمِّ التَّاءِ وَاللَّامِ (صَدُقَةَ النِّسَاءِ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّ الدَّالِ جَمْعُ الصَّدَاقِ قَالَ الْقَاضِي الْمُغَالَاةُ التَّكْثِيرُ أَيْ لَا تُكْثِرُوا مُهُورَهُنَّ (فَإِنَّهَا أَيْ الصَّدُقَةَ أَوْ الْمُغَالَاةَ يَعْنِي كَثْرَةَ الصَّدُقَةِ (لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَاحِدَةُ الْمَكَارِمِ أَيْ مِمَّا تُحْمَدُ (أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ) أَوْ مَكْرُمَةً فِي الْآخِرَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ قال القارىء قَالَ وَهِيَ غَيْرُ مُنَوَّنَةٍ وفِي نُسْخَةٍ (يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ) بِالتَّنْوِينِ وَقَدْ قُرِئَ شَاذًّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ أولادكم بِهَا أَيْ بِمُغَالَاةِ الْمُهُورِ (نَكَحَ شَيْئًا مِنْ نِسَائِهِ) أَيْ تَزَوَّجَ إِحْدَاهُنَّ (وَلَا أَنْكَحَ) أَيْ زَوَّجَ (عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً) وَهِيَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ أَنَّ صَدَاقَ أُمِّ حَبِيبَةَ كَانَ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ عُمَرَ لِأَنَّهُ أَصْدَقَهَا النَّجَاشِيُّ فِي الْحَبَشَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَنَشٍّ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَجَاوَزْ عَدَدَ الْأَوَاقِي الَّتِي ذَكَرَهَا عُمَرُ ولَعَلَّهُ أَرَادَ الْأُوقِيَّةَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْكُسُورِ مَعَ أَنَّهُ نَفَى الزِّيَادَةَ فِي عِلْمِهِ ولَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ صَدَاقُ أُمِّ حَبِيبَةَ وَلَا الزِّيَادَةُ الَّتِي رَوَتْهَا عَائِشَةُ فَإِنْ قُلْتَ نَهْيُهُ عَنِ الْمُغَالَاةِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا.

قُلْتُ النَّصُّ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ لَا عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ والْكَلَامُ فِيهَا لَا فِيهِ لَكِنْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ قَالَ لَا تَزِيدُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ عَلَى أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فَمَنْ زَادَ أُلْقِيَتِ الزِّيَادَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مَا ذَاكَ لَكَ قَالَ وَلِمَ قَالَتْ لأن الله يقول وآتيتم إحداهن قنطارا فَقَالَ عُمَرُ امْرَأَةٌ أَصَابَتْ وَرَجُلٌ أَخْطَأَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ.

قُلْتُ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تُغَالُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ يَا عُمَرُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا مِنْ ذَهَبٍ قَالَ وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَةِ بن مَسْعُودٍ فَقَالَ عُمَرُ امْرَأَةٌ خَاصَمَتْ عُمَرَ فَخَصَمَتْهُ وأَخْرَجَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعٍ فَقَالَ عُمَرُ امْرَأَةٌ أَصَابَتْ وَرَجُلٌ أَخْطَأَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عُمَرَ فَذَكَرَهُ مُتَّصِلًا مُطَوَّلًا قَالَ الحافظ في الفتح قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ ذَكَرَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ الْمُحَدِّثُ فِي رَوْضَةِ الْأَحْبَابِ أَنَّ صَدَاقَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ أَرْبَعَمِائَةِ مِثْقَالٍ فِضَّةً وكَذَلِكَ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمَوَاهِبِ وَلَفْظُهُأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَكَ فَاطِمَةَ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ مِثْقَالِ فِضَّةٍ وَالْجَمْعُ أَنَّ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ مَعَ عَدَمِ اعتبار الكسور لكن يشكل نقل بن الْهُمَامِ أَنَّ صَدَاقَ فَاطِمَةَ كَانَ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ وعَلَى كُلٍّ فَمَا اشْتُهِرَ بَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ أَنَّ مَهْرَهَا تِسْعَةَ عَشْرَ مِثْقَالًا مِنَ الذَّهَبِ فَلَا أَصْلَ لَهُ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ هَذَا الْمَبْلَغَ قِيمَةُ دِرْعِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ حَيْثُ دَفَعَهَا إِلَيْهَا مَهْرًا مُعَجَّلًا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الفتح بعد ذكره وصححه بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ 5 - (بَاب مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَعْتِقُ الْأَمَةَ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا)

رقم الحديث 1115 [1115] .

     قَوْلُهُ  ( أَعْتَقَ صَفِيَّةَ) هِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ مِنْ سَبْطِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ كَانَتْ تحت بن أَبِي الْحَقِيقِ وَقُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَوَقَعَتْ صَفِيَّةُ فِي السَّبْيِ فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَمَاتَتْ سَنَةَ خَمْسِينَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ( وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ جَعْلِ الْعِتْقِ صَدَاقًا وَقَدْ قَالَ بِهِ مِنَ الْقُدَمَاءِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَطَاوُسٌ وَالزُّهْرِيُّ ومِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ قَالُوا إِذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا صَحَّ الْعَقْدُ وَالْعِتْقُ وَالْمَهْرُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ قَالَ الْحَافِظُ وهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَقَتَادَةَ وَطَاوُسٍ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) فِي عَدِّ الشَّافِعِيِّ مِنَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ جَعْلِ الْعِتْقِ صَدَاقًا كَلَامٌ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ أَعْتَقَهَا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَقَبِلَتْ عُتِقَتْ وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ بَلْ لَهُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِعِتْقِهَا مَجَّانًافَإِنْ رَضِيَتْ وَتَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ فَلَهُ عَلَيْهَا الْقِيمَةُ وَلَهَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى قِيمَتِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مَعْلُومَةً لَهُ وَلَهَا صَحَّ الصَّدَاقُ وَلَا تَبْقَى لَهُ عَلَيْهَا قِيمَةٌ وَلَا لَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ وإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً فَفِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا يَصِحُّ الصَّدَاقُ كَمَا لَوْ كَانَتْ مَعْلُومَةً لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ فِيهِ ضَرْبٌ مِنَ الْمُسَامَحَةِ وَالتَّخْفِيفِ وأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا لَا يَصِحُّ الصَّدَاقِ بَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَمِنَ الْمُسْتَغْرَبِ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ إِلَخْ لَكِنْ لَعَلَّ مُرَادَ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ انْتَهَى وأَرَادَ بِصُورَةِ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ مَا ذُكِرَ قَبْلُ بِقَوْلِهِ وَأَجَابَ الْبَاقُونَ عَنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ أَقْرَبُهَا إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَوَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا وَكَانَتْ مَعْلُومَةً فَتَزَوَّجَهَا بِهَا انْتَهَى ( وَكَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا حَتَّى يَجْعَلَ لَهَا مَهْرًا سِوَى الْعِتْقِ) قَالَ الثَّوْرِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا وَيَكُونَ عِتْقُهَا صَدَاقَهَا فَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ وَلَا يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ ومِمَّنْ قَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَزُفَرُ انْتَهَى 6 - بَاب مَا جَاءَ فِي الْفَضْلِ فِي ذَلِكَ

رقم الحديث 1116 [1116] .

     قَوْلُهُ  ( ثَلَاثَةٌ) أَيْ مِنَ الرِّجَالِ أَوْ رِجَالٌ ثَلَاثَةٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ ( يُؤْتَوْنَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) أَيْ يُؤْتِيهِمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ ( عَبْدٌ) بَدَلٌ مِنَ الْمُبْتَدَأِ بَدَلُ بَعْضٍ وَالْعَطْفُ بَعْدَ الرَّبْطِ أَوْ بَدَلُ كُلٍّ وَالرَّبْطُ بَدَلُ الْعَطْفِ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَحَدُهُمْ أَوْ مُبْتَدَأٌ مَوْصُوفٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ أَيْ مِنْهُمْ قَالَ القارىء فِي الْمِرْقَاةِ ( أَدَّى حَقَّ اللَّهِ) مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ ( وَحَقَّ مَوَالِيهِ) جَمْعُ الْمَوْلَى لِلْإِشَارَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَجَمَاعَةٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يُؤَدِّيَ حُقُوقَ جَمِيعِهِمْ فَيُعْلَمُ الْمُنْفَرِدُ بِالْأَوْلَى أَوْ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَعَدَّدَ مَوَالِيهِ بِالْمُنَاوَبَةِ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فَيَقُومُ بِحَقِّ كُلٍّ ( فَذَلِكَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ ( يُؤْتَى أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ) أَجْرٌ لِتَأْدِيَةِ حَقِّ اللَّهِ وَأَجْرٌ لِتَأْدِيَةِ حَقِّ مَوَالِيهِ ( وَجَارِيَةٌ وَضِيئَةٌ) أَيْ جَمِيلَةٌ ( فَأَدَّبَهَا) أَيْ عَلَّمَهَا الْخِصَالَ الْحَمِيدَةَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِأَدَبِ الْخِدْمَةِ إِذِ الْأَدَبُ هُوَ حُسْنُ الْأَحْوَالِ مِنَ الْقِيَامِ وَالتَّعَوُّدِ وَحُسْنُ الْأَخْلَاقِ ( فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا) وفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا وإحسان تأديبها هو الاستعمال علمها الرِّفْقَ وَاللُّطْفَ وزَادَ فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَعَلَّمَهَا فأحسن تعليمها ( يبتغي ذلك) أَيْ بِالْمَذْكُورِ مِنَ التَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ وَالتَّزَوُّجِ ( فَذَلِكَ يُؤْتَى أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ) أَجْرٌ عَلَى عِتْقِهِ وَأَجْرٌ عَلَى تَزَوُّجِهِ ( وَرَجُلٌ آمَنَ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ ثُمَّ جَاءَهُ الْكِتَابُ الْآخَرُ فَآمَنَ بِهِ) فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَبِي مُوسَى حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ 7 - ( بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا) قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا هَلْ يتزوج ابنتها أم لا

رقم الحديث 1117 [1117] قوله ( أخبرنا بن لَهِيعَةَ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْهَاءِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  ( فَدَخَلَ بِهَا) أَيْجَامَعَهَا ( فَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ ابْنَتِهَا) قَالَ تَعَالَى وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللآتي دخلتم بهن وَأَسْقَطَ قَيْدَ كَوْنِهَا فِي حِجْرِهِ لِأَنَّهُ خَرَجَ مخرج غلب الْعَادَةِ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلْيَنْكِحِ ابْنَتَهَا) أَيْ بَعْدَ طَلَاقِ أُمِّهَا قَالَ تَعَالَى فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عليكم ( فَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ أُمِّهَا) لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ تعالى وأمهات نسائكم .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ مِنْ قِبَلِ إِسْنَادِهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ إِسْنَادِهِ وَإِنْ كَانَ صحيحا باعتبار معناه مطابقته معنى الآية قوله ( والمثنى بن الصباح وبن لَهِيعَةَ يُضَعِّفَانِ فِي الْحَدِيثِ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَجْمَعَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ عَلَى ضَعْفِ بن لَهِيعَةَ وَتَرْكِ الِاحْتِجَاجِ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَاحِ ضَعِيفٌ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ .

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) وَهُوَ قَوْلُ الحنفية قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا بِأُمِّ امْرَأَتِهِ دَخَلَ بِابْنَتِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأُمَّهَاتُ نسائكم مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِالدُّخُولِ وَلَا بِبِنْتِ امْرَأَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا لِثُبُوتِ قَيْدِ الدُّخُولِ بِالنَّصِّ انْتَهَى 8 - ( بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَيَتَزَوَّجُهَا آخَرُ) فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا

رقم الحديث 1118 [1118] .

     قَوْلُهُ  ( جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ ( الْقُرَظِيِّ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِنِسْبَةً إِلَى قُرَيْظَةَ قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَهُودِ ( عِنْدَ رِفَاعَةَ) أَيْ فِي نِكَاحِهِ ( فَبَتَّ طَلَاقِي) أَيْ قَطَعَهُ فَلَمْ يُبْقِ مِنَ الثَّلَاثِ شَيْئًا وَقِيلَ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا ( فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ) بفتح الزاي وكسر الباء ( وَمَا مَعَهُ) أَيْ لَيْسَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ آلَةِ الذُّكُورَةِ ( إِلَّا مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أَيْ طَرَفُهُ وَهُوَ طَرَفُ الثَّوْبِ الْغَيْرِ الْمَنْسُوجِ ( أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ) فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ قَالَتْ نَعَمْ كَمَا فِي الْمِشْكَاةِ ( لَا) وفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ لَا أَيْ لَا تَرْجِعِي إِلَيْهِ ( حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ السِّينِ أَيْ لَذَّةَ جِمَاعِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ( وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكَ) كِنَايَةٌ عَنْ حَلَاوَةِ الْجِمَاعِ وَالْعُسَيْلُ تَصْغِيرُ عَسَلٍ وَالتَّاءُ فِيهَا عَلَى نِيَّةِ اللَّذَّةِ أَوْ النُّطْفَةِ أَيْ حَتَّى تَجِدِي مِنْهُ لَذَّةً وَيَجِدَ منك لذة بتغيب الْحَشَفَةِ ولَا يُشْتَرَطُ إِنْزَالُ الْمَنِيِّ خِلَافًا لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ عِنْدَهُ حَتَّى يُنْزِلَ الثَّانِي حَمْلًا لِلْعُسَيْلَةِ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عن بن عُمَرَ وَأَنَسٍ وَالرُّمَيْصَاءِ أَوْ الْغُمَيْصَاءِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أما حديث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ وأَمَّا حَدِيثُ الرُّمَيْصَاءِ أَوِ الْغُمَيْصَاءِ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هريرة فأخرجه الطبراني وبن أَبِي شَيْبَةَ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ العلم الخ) قال بن الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْجِمَاعِ لِتَحِلَّ لِلْأَوَّلِ إِلَّا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ثُمَّ سَاقَ بِسَنَدِهِ الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يَقُولُ النَّاسُ لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يُجَامِعَهَا الثَّانِي وَأَنَا أَقُولُ إِذَا تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إِحْلَالَهَا لِلْأَوَّلِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الأول قال بن الْمُنْذِرِ هَذَا الْقَوْلُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَهُ عَلَيْهِ إِلَّا طَائِفَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ ولَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ فَأَخَذَ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي قُلْتُ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ هَذَا فِي الرُّخْصَةِ يُقَابِلُهُ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي التَّشْدِيدِ فَإِنَّهُ شَرَطَ الْإِنْزَالَ كَمَا عَرَفْتَ قال بن بَطَّالٍ شَذَّ الْحَسَنُ فِي هَذَا وَخَالَفَهُ سَائِرُ الفقهاء انتهى99 - ( باب ما جاء في المحلل وَالْمُحَلَّلِ لَهُ) الْمُحِلُّ اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْإِحْلَالِ وَالْمَحلَلُّ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ التَّحْلِيلِ والْمُرَادُ مِنَ الْمُحِلِّ هُوَ مَنْ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا بِقَصْدِ الطَّلَاقِ أَوْ شُرُوطِهِ لِتَحِلَّ هِيَ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ مِنَ الْمُحَلَّلِ لَهُ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ

رقم الحديث 1119 [1119] .

     قَوْلُهُ  ( عَنِ الشَّعْبِيِّ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ فَقِيهٌ فَاضِلٌ ( وَعَنِ الْحَارِثِ) عَطْفُ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  ( لُعِنَ الْمُحِلُّ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ) وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ كِلَا اللَّفْظَيْنِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ الْأَوَّلُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالثَّانِي بِفَتْحِهَا قَالَ الْقَاضِي الْمُحَلِّلُ الَّذِي تَزَوَّجَ مُطَلَّقَةَ الْغَيْرِ ثَلَاثًا عَلَى قَصْدِ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ لِيَحِلَّ لِلْمُطَلِّقِ نِكَاحُهَا وَكَأَنَّهُ يُحَلِّلُهَا عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ وَالْمُحَلَّلُ له والزوج وَإِنَّمَا لَعَنَهُمَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ الْمُرُوءَةِ وَقِلَّةِ الْحَمِيَّةِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى خِسَّةِ النَّفْسِ وَسُقُوطِهَا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُحَلَّلِ لَهُ فَظَاهِرٌ.
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُحَلِّلِ فَلِأَنَّهُ يُعِيرُ نَفْسَهُ بِالْوَطْءِ لِغَرَضِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَطَؤُهَا لِيُعَرِّضَهَا لِوَطْءِ الْمُحَلَّلِ لَهُ وَلِذَلِكَ مَثَّلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ اسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى بُطْلَانِ النِّكَاحِ إِذَا شَرَطَ الزَّوْجُ أَنَّهُ إِذَا نَكَحَهَا بَانَتْ مِنْهُ أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا شَكَّ أَنَّ إِطْلَاقَهُ يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَغَيْرَهَا لَكِنْ رَوَى الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي غَسَّانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عن أبيه قال جاء رجل إلى بن عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا أَخٌ لَهُ عَنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ لِيُحِلَّهَا لِأَخِيهِ هَلْ يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ قَالَ لَا إِلَّا بِنِكَاحِ رَغْبَةٍ كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قُلْتُ رَوَى الْحَاكِمُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ في نصب الراية قوله ( وفي الباب عن بن مَسْعُودٍ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ ( وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مَسَانِيدِهِمْ وحديث صَحِيحٌ نَصَّ عَلَى صِحَّتِهِ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الراية ( وعقبة بن عامر) أخرجه بن مَاجَهْ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هُوَ الْمُحَلِّلُ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ ( وَابْنِ عباس) أخرجه بن مَاجَهْ وفِي إِسْنَادِهِزَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  ( لِأَنَّ مُجَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ قَدْ ضَعَّفَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ مُجَالِدٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ بن سعيد بن عمير الهمداني أَبُو عَمْرٍو الْكُوفِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَدْ تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ انْتَهَى

رقم الحديث 1120 [112] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحِلَّ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّحْلِيلِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ اللَّعْنُ إِلَّا عَلَى فَاعِلِ الْمُحَرَّمِ وَكُلُّ مُحَرَّمٍ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْعَقْدِ وَاللَّعْنَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِلْفَاعِلِ لَكِنَّهُ عُلِّقَ بِوَصْفٍ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِلَّةَ الْحُكْمِ وَذَكَرُوا لِلتَّحْلِيلِ صُوَرًا مِنْهَا أَنْ يَقُولَ لَهُ فِي الْعَقْدِ إِذَا أَحْلَلْتَهَا فَلَا نِكَاحَ وَهَذَا مِثْلُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِأَجْلِ التَّوْقِيتِ ومِنْهَا أَنْ يَقُولَ فِي الْعَقْدِ إِذَا أَحْلَلْتَهَا طَلَّقْتَهَا وَمِنْهَا أن يكون مضمرا في العقد بأن يتواطأ عَلَى التَّحْلِيلِ وَلَا يَكُونُ النِّكَاحُ الدَّائِمُ هُوَ المقصود وظاهر شمول اللعن وفساد الْعَقْدِ لِجَمِيعِ الصُّوَرِ وفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ بِلَا دَلِيلٍ نَاهِضٍ فَلَا يُسْتَعْمَلُ بِهَا انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هذا حديث حسن صحيح) وصححه بن القطان وبن دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم عمر بن الخطاب) أخرج بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ قَالَ لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ ولا محلل له إلا رجمتها كَذَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لِلشَّيْخِ سِرَاجِ أَحْمَدَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى سَنَدِهِ ( وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ) قَالَ الشَّيْخُ سِرَاجُ أَحْمَدَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ قُلْتُ لَمْ أَقِفْ عَلَى سَنَدِهِ وَلَا عَلَى لَفْظِهِ ( وبه يقول سفيان الثوري وبنالْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَعْنِي صَاحِبَ الْهِدَايَةِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي بِحَدِيثِ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ عَلَى كَرَاهَةِ النِّكَاحِ الْمَشْرُوطِ بِهِ التَّحْلِيلُ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ انْتَهَى قُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ مَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ أَجَابَ الزَّيْلَعِيُّ فَقَالَ لَكِنْ يُقَالُ لَمَّا سَمَّاهُ مُحَلِّلًا دَلَّ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ هُوَ الْمُثْبِتُ لِلْحِلِّ فَلَوْ كَانَ فَاسِدًا لَمَا سَمَّاهُ مُحَلِّلًا انْتَهَى.

قُلْتُ سَمَّاهُ مُحَلِّلًا عَلَى حَسَبِ ظَنِّهِ فَإِنَّ مَنْ تَزَوَّجَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا بِقَصْدِ الطَّلَاقِ أَوْ شَرْطِهِ ظَنَّ أَنَّ تَزَوُّجَهُ إِيَّاهَا وَوَطْأَهَا يُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ ولَيْسَ تَسْمِيَتُهُ مُحَلِّلًا عَلَى أَنَّهُ مُثْبِتٌ للحل في الواقع ويؤيده قول بن عُمَرَ كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ كَمَا تَقَدَّمَ ( وَسَمِعْتُ الْجَارُودَ يَذْكُرُ عَنْ وَكِيعٍ أَنَّهُ قَالَ بِهَذَا) أَيْ بِمَا قَالَ سُفْيَانُ وبن الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.

     وَقَالَ  أَيْ وَكِيعٌ ( يَنْبَغِي أَنْ يُرْمَى بِهَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ) يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ أَيْ يُطْرَحُ وَيُلْقَى مِنْ قَوْلِهِمْ مَا ذَكَرُوا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَإِنْ قَصَدَ الْإِحْلَالَ وذَلِكَ لِأَنَّ اللَّعْنَ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ وَحُرْمَتَهُ وَالْحُرْمَةُ فِي بَابِ النِّكَاحِ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ فَ.

     قَوْلُهُ مْ بِالصِّحَّةِ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ فيكون مرميا مطروحا قال أَجَابُوا عَنْهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِلْحَدِيثِ لِأَنَّ اللَّعْنَ قَدْ يَكُونُ لِخِسَّةِ الْفِعْلِ وَهَتْكِ الْمُرُوءَةِ وتَسْمِيَتُهُ مُحَلِّلًا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ التَّحْلِيلُ ولَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِعَدَمِ الشَّرْطِ أَوْ بِإِثْبَاتِهِ فَالتَّوفِيقُ بَيْنَهُمَا أَنْ يُحْمَلَ اللَّعْنُ عَلَى أَنَّهُ لِلْخِسَّةِ لَا لِلتَّحْرِيمِ لِئَلَّا يُعَارِضَ قَوْلَهُ مُحَلِّلًا فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى بُطْلَانِ النِّكَاحِ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَكُونَ مِنْ نِيَّتِهِ الْإِحْلَالُ أَوْ بِكَوْنِهِ شَرْطَ الْإِحْلَالِ انْتَهَى كَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ قُلْتُ .

     قَوْلُهُ  اللَّعْنُ قَدْ يَكُونُ لِخِسَّةِ الْفِعْلِ وَهَتْكِ الْمُرُوءَةِ ادِّعَاءٌ مَحْضٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ لَعْنَةُ اللَّهِ لَا تَكُونُ إِلَّا لِلتَّحْرِيمِ وقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ مُحَلِّلًا لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْإِمَامِ وَكِيعٍ هَذَا يَدُلُّ دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَنَفِيًّا مُقَلِّدًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فَبَطَلَ قَوْلُ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ أَنَّ وَكِيعًا كَانَ حَنَفِيًّا مُقَلِّدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذَا فِي بَابِ الْإِشْعَارِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ ( قَالَ وَكِيعٌ.

     وَقَالَ  سُفْيَانُ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ لِيُحَلِّلَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى يتزوج بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ إِذَا كان ذلكعلى شَرْطٍ بَيْنَهُمَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُتَنَاهٍ إِلَى مُدَّةٍ كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وإِذَا لَمْ يَكُنْ شرطا ودان نِيَّةً وَعَقِيدَةً فَهُوَ مَكْرُوهٌ فَإِنْ أَصَابَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتِ الْعِدَّةُ فَقَدْ حَلَّتْ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وقَدْ كَرِهَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أن يضمر أَوْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا التَّحْلِيلَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ لَا يُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نِكَاحَ رَغْبَةٍ فَإِنْ كَانَتْ نِيَّةُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي أَوْ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ مُحَلِّلٌ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ.

     وَقَالَ  سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُحَلِّلَهَا لِزَوْجِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا أَنْ يُفَارِقَهَا وَيَسْتَأْنِفَ نِكَاحًا جَدِيدًا وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.

     وَقَالَ  مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يفرق بينها عَلَى كُلِّ حَالٍ انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ إِنْ عُقِدَ النِّكَاحُ مُطْلَقًا لَا شَرْطَ فِيهِ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَلَا تُفْسِدُ النِّيَّةُ مِنَ النِّكَاحِ شَيْئًا لِأَنَّ النِّيَّةَ حَدِيثُ نَفْسٍ وَقَدْ رُفِعَ عَنِ النَّاسِ مَا حَدَّثُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ هَذَا الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصِهِ قُلْتُ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ هَذَا كَلَامٌ فَتَأَمَّلْ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَنَا أَنَّ الشَّرْطَ إِثْمٌ وَالنِّكَاحَ صَحِيحٌ قَالَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا أَفْتَى عُمَرُ بِسَنَدٍ لَعَلَّهُ جَيِّدٌ أَنَّ رَجُلًا نَكَحَ امْرَأَةً لِلتَّحْلِيلِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تُفَارِقِ امْرَأَتَكَ وَإِنْ طَلَّقْتَهَا فَأُعَزِّرْكَ قَالَ فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ لِلتَّحْلِيلِ انْتَهَى قُلْتُ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَّ امْرَأَةً أَرْسَلَتْ إِلَى رَجُلٍ فَزَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا فَأَمَرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُقِيمَ مَعَهَا وَلَا يُطَلِّقَهَا وَأَوْعَدَهُ أَنْ يُعَاقِبَهُ إِنْ طَلَّقَهَا ذَكَرَ هَذَا الْأَثَرَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ بِغَيْرِ السَّنَدِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى سَنَدِهِ فَمَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ صَحِيحٌ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وأثر عمر هذا يخالفه ما أخرج بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ قَالَ لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ له وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إِلَّا رَجَمْتُهُمَا وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي اللَّفْظِ فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِهَذَا الْفِعْلِ فَمَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وفِي بَعْضِ كُتُبِنَا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي اللفظ فالمحل له ثواب لأنه نفع أخيه الْمُسْلِمَ انْتَهَى بِلَفْظِهِ قُلْتُ وفِي بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ مَأْجُورٌ وَإِنْ شَرَطَاهُ بِالْقَوْلِ لِقَصْدِ الْإِصْلَاحِ وهَذَا هُوَ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَ حَنَفِيَّةِ دِيَارِنَا فَيَعْمَلُونَ بِهِ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَنْفَعُونَ إِخْوَانَهُمْ وَيَصِيرُونَ مَأْجُورِينَ فَهَدَاهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى التَّحْقِيقِ1 - ( باب ما جاء في نِكَاحِ الْمُتْعَةِ) يَعْنِي تَزْوِيجَ الْمَرْأَةِ إِلَى أَجَلٍ فَإِذَا انْقَضَى وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ

رقم الحديث 1121 [1121] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ) بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمُحَمَّدٌ هَذَا هُوَ الَّذِي يُعْرَفُ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ كُنْيَتُهُ أَبُو هَاشِمٍ وذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَلِأَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ وَكَانَ الْحَسَنُ أَرْضَاهُمَا إِلَى أَنْفُسِنَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَتْبَعُ السَّبَئِيَّةَ انْتَهَى وَالسَّبَئِيَّةُ يُنْسَبُونَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ وَهُوَ مِنْ رُؤَسَاءِ الرَّوَافِضِ وكَانَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَلَى رَأْيِهِ وَلَمَّا غَلَبَ عَلَى الْكُوفَةِ وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ فَقَتَلَهُمْ أَحَبَّتْهُ الشِّيعَةُ ثُمَّ فَارَقَهُ أَكْثَرُهُمْ لِمَا ظَهَرَ مِنْهُ مِنَ الْأَكَاذِيبِ وكَانَ مِنْ رَأْيِ السَّبَئِيَّةِ مُوَالَاةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَكَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ وَأَنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَخْرُجَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ومِنْهُمْ مَنْ أَقَرَّ بِمَوْتِهِ وَزَعَمَ أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَهُ صَارَ إِلَى ابْنِهِ أَبِي هَاشِمٍ هَذَا ومَاتَ أَبُو هَاشِمٍ فِي آخِرِ وِلَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ سَنَةَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ ( نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ) الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِكِلَا الْأَمْرَيْنِ فَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَهَكَذَا فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عَنْ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ قَالَ فَأَقَمْنَا بِهَا خَمْسَةَ عَشْرَ فَأَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ وذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَلَمْ أَخْرُجْ حَتَّى حَرَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ عَنِ النِّسَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُنْتَقَى ( وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ هَدَمَ الْمُتْعَةُ الطَّلَاقَ وَالْعِدَّةَ وَالْمِيرَاثَ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَأَمْرُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَىتحريم المتعة وهو قول الثورى وبن الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ وهَذَا الْحُكْمُ كَانَ مُبَاحًا مَشْرُوعًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ لِلسَّبَبِ الَّذِي ذَكَرَهُ بن مَسْعُودٍ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ يَكُونُ فِي أَسْفَارِهِمْ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَهُ لَهُمْ وَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ ولِهَذَا نَهَاهُمْ عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ ثُمَّ أَبَاحَهُ لَهُمْ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ حَتَّى حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَانَ تَحْرِيمَ تَأْبِيدٍ لَا تَأْقِيتٍ فَلَمْ يَبْقَ الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَئِمَّةِ الْأُمَّةِ إِلَّا شَيْئًا ذَهَبَ إليه بعض الشيعة ويروى أيضا عن بن جُرَيْجٍ جَوَازُهُ وَسَنَذْكُرُ أَحَادِيثَ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ادَّعَيْنَاهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَازِمِيُّ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ إِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَيْهَا فَعَلَيْكَ أَنْ تُرَاجِعَهُ

رقم الحديث 1122 [1122] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ) بِالتَّصْغِيرِ الرَّبَذِيِّ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ ضَعِيفٌ قَالَهُ الْحَافِظُ ( حَتَّى إِذَا نَزَلَتِ الْآيَةُ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ ما ملكت أيمانهم) قَالَ الطِّيبِيُّ يُرِيدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَحْفَظُونَ فُرُوجَهُمْ عَنْ جَمِيعِ الْفُرُوجِ إِلَّا عَنِ الْأَزْوَاجِ وَالسَّرَارِيِّ وَالْمُسْتَمْتِعَةُ لَيْسَتْ زَوْجَةً لِانْتِفَاءِ التَّوَارُثِ إِجْمَاعًا وَلَا مَمْلُوكَةً بَلْ هِيَ مُسْتَأْجِرَةٌ نَفْسَهَا أَيَّامًا مَعْدُودَةً فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ انتهى وحديث بن عَبَّاسٍ هَذَا رَوَاهُ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ.

     وَقَالَ  هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ لَوْلَا مُوسَى بْنَ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ يَسْكُنُ الرَّبْذَةَ انْتَهَى قُلْتُ قَالَ الْحَافِظُ ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ رُوِيَ رِوَايَاتٌ عديدة عن بن عَبَّاسٍ فِي الرُّجُوعِ ذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وقَالَ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا 1 - ( بَاب مَا جَاءَ من النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ نِكَاحٌ مَعْرُوفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ شَاغِرْنِي أَيْ زَوِّجْنِي أُخْتَكَ أَوْ بِنْتَكَ أَوْ مَنْ تَلِي أَمْرَهَا حَتَّى أُزَوِّجَكَ أُخْتِي أَوْ بِنْتِي أَوْ مَنْ أَلِي أَمْرَهَا وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَهْرٌوَيَكُونُ بُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي مُقَابَلَةِ بُضْعِ الْأُخْرَى وقِيلَ لَهُ شِغَارٌ لِارْتِفَاعِ الْمَهْرِ بَيْنَهُمَا مِنْ شَغَرَ الْكَلْبُ إِذَا رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ لِيَبُولَ وَقِيلَ الشَّغْرُ الْبُعْدُ وَقِيلَ الِاتِّسَاعُ انْتَهَى