فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في مقدار القعود في الركعتين الأوليين

رقم الحديث 3453 [3453] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ) الْمِصْرِيُّ ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ) بِفَتْحِ مُعْجَمَةٍ وَشَدَّةِ مُوَحَّدَةٍ أُولَى الْأَنْصَارِيُّ الْبُخَارِيُّ مَوْلَاهُمُ الْمَدَنِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  يُحِبُّهَا حَالٌ مِنَ الرُّؤْيَا فَإِنَّمَا هِيَ الرُّؤْيَا الْمَحْبُوبَةُ مِنَ اللَّهِ إِضَافَةُ الرُّؤْيَا الْمَحْبُوبَةِ إِلَى اللَّهِ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَلْيُحَدِّثْ بِمَا رَأَى وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ قَالَ الْحَافِظُ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا حَدَّثَ بِالرُّؤْيَا الْحَسَنَةِ مَنْ لَا يُحِبُّ قَدْ يُفَسِّرُهَا لَهُ بِمَا لَا يُحِبُّ إِمَّا بُغْضًا وَإِمَّا حَسَدًا فَقَدْ تَقَعُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ أَوْ يَتَعَجَّلُ لِنَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ حُزْنًا وَنَكَدًا فَأَمَرَ بِتَرْكِ تَحْدِيثِ مَنْ لَا يُحِبُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا حَدِيثُ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ وَفِيهِ لَا تُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا لَبِيبًا أَوْ حَبِيبًا وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ لَا تَقُصَّ الرُّؤْيَا إِلَّا عَلَى عَالِمٍ أو ناصح فينبغي أن يحمل أَبِي سَعِيدٍ الْمُطْلَقُ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُقَيَّدَةِ قيل لأن العالم يأولها عَلَى الْخَيْرِ مَهْمَا أَمْكَنَهُ وَالنَّاصِحُ يُرْشِدُ إِلَى مَا يَنْفَعُ وَاللَّبِيبُ الْعَارِفُ بِتَأْوِيلِهَا وَالْحَبِيبُ إِنْ عَرَفَ خَيْرًا قَالَهُ وَإِنْ جَهِلَ أَوْ شَكَّ سَكَتَ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ أُضِيفَتْ إِلَيْهِ لِكَوْنِهَا عَلَى هَوَاهُ وَمُرَادِهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ الَّذِي يُخَيِّلُ بِهَا وَلَا حَقِيقَةَ لَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ حَاصِلُ مَا ذُكِرَمِنْ أَدَبِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَيْهَا وَأَنْ يَسْتَبْشِرَ بِهَا وَأَنْ يَتَحَدَّثَ بِهَا لَكِنْ لِمَنْ يُحِبُّ دُونَ مَنْ يَكْرَهُ وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ مِنْ أَدَبِ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَأَنْ يَتْفُلَ حِينَ يَهُبَّ مِنْ نَوْمِهِ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلَا يَذْكُرُهَا لِأَحَدٍ أَصْلًا وَأَنْ يُصَلِّيَ وَأَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ فِي هَذَا فِي بَاب إِذَا رَأَى فِي الْمَنَامِ مَا يَكْرَهُ مَا يَصْنَعُ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ) أَخْرَجَ حَدِيثَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ 5 - ( بَاب ما يقول إذا رأى الباكورة من الثمر) الْبَاكُورَةُ أَوَّلُ مَا يُدْرَكُ مِنَ الْفَاكِهَةِ

رقم الحديث 3454 [3454] .

     قَوْلُهُ  ( إِذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ) وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الباكورة ( جاؤوا بِهِ) أَيْ بِأَوَّلِ الثَّمَرِ ( إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي دُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّمَرِ وَالْمَدِينَةِ وَالصَّاعِ وَالْمُدِّ وَإِعْلَامًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْتِدَاءِ صَلَاحِهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَتَوْجِيهِ الْخَارِصِينَ وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا أَيْ فِي ذاتها من جهة سعتها ووسعة أَهْلِهَا وَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِأَنْ وَسَّعَ نَفْسَ الْمَسْجِدِ وَمَا حَوْلَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَكَثُرَ الْخَلْقُ فِيهَا حَتَّى عُدَّ مِنَ الْفَرَسِ الْمُعَدِّ لِلْقِتَالِ الْمُهَيَّأِ بِهَا فِي زَمَنِ عُمَرَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ فَرَسٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَرَكَةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الدُّنْيَوِيَّةَ وَالْأُخْرَوِيَّةَ وَالْحِسِّيَّةَ وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا قَالَ الْقَاضِي الْبَرَكَةُ هُنَا بِمَعْنَى النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ وَتَكُونُ بِمَعْنَى الثَّبَاتِ وَاللُّزُومِ قَالَ فَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ تكون هَذِهِ الْبَرَكَةُ دِينِيَّةً وَهِيَ مَا تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَقَادِيرِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فِيالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ فَتَكُونُ بِمَعْنَى الثَّبَاتِ وَالْبَقَاءِ لَهَا كَبَقَاءِ الْحُكْمِ بِهَا بِبَقَاءِ الشَّرِيعَةِ وَثَبَاتِهَا وَيُحْتَمَلُ أن تكون دنيوية من تكثير الكيل والقدرة بِهَذِهِ الْأَكْيَالِ حَتَّى يَكْفِيَ مِنْهُ مَا لَا يَكْفِي مِنْ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ أَوْ تَرْجِعُ الْبَرَكَةُ إِلَى التَّصَرُّفِ بِهَا فِي التِّجَارَةِ وَأَرْبَاحِهَا وَإِلَى كَثْرَةِ مَا يُكَالُ بِهَا مِنْ غَلَّاتِهَا وَثِمَارِهَا أَوْ تَكُونُ الزِّيَادَةُ فِيمَا يُكَالُ بِهَا لِاتِّسَاعِ عَيْشِهِمْ وَكَثْرَتِهِ بَعْدَ ضِيقِهِ لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَوَسَّعَ مِنْ فَضْلِهِ لَهُمْ وَمَلَّكَهُمْ مِنْ بِلَادِ الْخِصْبِ وَالرِّيفِ بِالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ وَغَيْرِهَا حَتَّى كَثُرَ الْحَمْلُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَاتَّسَعَ عَيْشُهُمْ حَتَّى صَارَتْ هَذِهِ الْبَرَكَةُ فِي الْكَيْلِ نَفْسِهِ فَزَادَ مُدُّهُمْ وَصَارَ هَاشِمِيًّا مِثْلَ مُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ أَوْ مَرَّةً وَنِصْفًا وَفِي هَذَا كُلِّهِ إِجَابَةُ دَعْوَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبُولُهَا انْتَهَى كَلَامُ الْقَاضِي قَالَ النَّوَوِيُّ وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْمُرَادَ الْبَرَكَةُ فِي نَفْسِ الْمَكِيلِ فِي الْمَدِينَةِ بِحَيْثُ يَكْفِي الْمُدُّ فِيهَا لِمَنْ لا يكفيه في غيرها انتهى وإنه دعا لِمَكَّةَ أَيْ بِقَوْلِهِ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ بِهِ لِمَكَّةَ وَمِثْلُهُ أَيْ يمثل ذَلِكَ الْمِثْلِ مَعَهُ وَالْمَعْنَى بِضِعْفِ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( قَالَ) أَيْ أَبُو هُرَيْرَةَ ( ثُمَّ يَدْعُو) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَصْغَرَ وَلِيدٍ) أَيْ مَوْلُودٍ ( يَرَاهُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ ثُمَّ يُعْطِيهِ أَصْغَرَ مَنْ أن يَحْضُرُهُ مِنَ الْوِلْدَانِ وَفِي أُخْرَى لَهُ ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ لَهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ قال القارىء التَّحْقِيقُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ يَعْنِي الرِّوَايَةَ الْمُطْلَقَةَ وَالْمُقَيَّدَةَ وحمولتان عَلَى الْحَالَتَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ وَلِيدٌ لَهُ أَعْطَاهُ أَوْ وَلِيدٌ آخَرُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ أَعْطَاهُ إِذْ لَا شَكَّ أَنَّهُمَا لَوِ اجْتَمَعَا لَشَارَكَ بَيْنَهُمَا نَعَمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ حَاضِرًا عِنْدَهُ فَلَا شُبْهَةَ أَنَّهُ يُنَادِي أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِ أَهْلِهِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِبِرِّهِ مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى ( فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَكَمَالِ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ وَمُلَاطَفَةِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ وَخَصَّ بِهَذَا الصَّغِيرَ لِكَوْنِهِ أَرْغَبَ فِيهِ وَأَكْثَرَ تَطَلُّعًا إِلَيْهِ وَحِرْصًا عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مسلم وبن مَاجَهْ 6 - ( بَاب مَا يَقُولُ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا) أي إذا أراد أن يأكل طعاما

رقم الحديث 3455 [3455] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ ( حدثنا علي بن زيد) هو بنجُدْعَانَ .

     قَوْلُهُ  الشَّرْبَةُ لَكَ أَيْ أَنْتَ مُسْتَحِقٌّ لَهَا لِأَنَّكَ عَلَى جِهَةِ يَمِينِي فَإِنْ شِئْتَ آثَرْتَ بِهَا خَالِدًا أَيِ اخْتَرْتَ بِالشَّرْبَةِ عَلَى نَفْسِكَ خَالِدًا عَلَى سُؤْرِكَ السُّؤْرُ بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ الْبَقِيَّةُ وَالْفَضْلَةُ وَالْمَعْنَى مَا كُنْتُ لِأَخْتَارَ عَلَى نَفْسِي بِفَضْلٍ مِنْكَ أَحَدًا مِنْ أَطْعِمَةِ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ طَعَامًا أَيْ غَيْرَ لَبَنٍ بَارِكْ لَنَا فِيهِ مِنَ الْبَرَكَةِ وَهِيَ زِيَادَةُ الْخَيْرِ وَنُمُوُّهُ وَدَوَامُهُ وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ أَوْ أَعَمَّ ( وَزِدْنَا مِنْهُ) وَلَا يَقُولُ خَيْرًا مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَطْعِمَةِ خَيْرٌ مِنْهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُجْزِئُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ بَعْدَهَا هَمْزٌ أَيْ يَكْفِي فِي دَفْعِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ مَعًا مَكَانَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ أَيْ مَكَانَ جِنْسِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَبَدَلَهُمَا غَيْرُ اللَّبَنِ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُجْزِئُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو داود وبن مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ ( وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَرْمَلَةَ إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ عُمَرُ بْنُ حَرْمَلَةَ ويقال بن أَبِي حَرْمَلَةَ وَيُقَالُ عَمْرٌو الْبَصْرِيُّ رَوَى عَنِ بن عَبَّاسٍ حَدِيثَ الضَّبِّ يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ فَفِي أوله عند أبي داود فجاؤوا بِضَبَّيْنِ مَشْوِيَّيْنِ عَلَى ثُمَامَتَيْنِ فَتَبَزَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ خَالِدٌ إِخَالُكَ تَقْذُرُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَجَلْ ثُمَّ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَبَنٍ الْحَدِيثَ وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ.

     وَقَالَ  أَبُو زُرْعَةَ لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا في هذا الحديث وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ قَالَ وَصُحِّحَ أَنَّهُ عُمَرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْبُخَارِيَّ انْتَهَى57 - ( باب ما يقول إذا فرغ من الطعام) قال بن بَطَّالٍ اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ الْحَمْدِ بَعْدَ الطَّعَامِ وَوَرَدَتْ فِي ذَلِكَ أَنْوَاعٌ يَعْنِي لَا يَتَعَيَّنُ شيء منها

رقم الحديث 3456 [3456] قوله الْقَطَّانُ ( أَخْبَرَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ) أَبُو خَالِدٍ الْحِمْصِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( إِذَا رُفِعَتِ الْمَائِدَةُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْكُلْ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ وَهُنَا يَقُولُ إِذَا رُفِعَتْ مَائِدَتُهُ وَقَدْ فَسَّرُوا الْمَائِدَةَ بِأَنَّهَا خِوَانٌ عَلَيْهِ طَعَامٌ فَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذَا بِأَنَّ أَنَسًا مَا رَأَى ذَلِكَ وَرَآهُ غَيْرُهُ وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي أَوِ الْمُرَادُ بِالْخِوَانِ صِفَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَالْمَائِدَةُ تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ مَادَ يَمِيدُ إِذَا تَحَرَّكَ أَوْ أَطْعَمَ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَقَدْ تُطْلَقُ الْمَائِدَةُ وَيُرَادُ بِهَا نَفْسُ الطَّعَامِ أَوْ بَقِيَّتُهُ أَوْ إِنَاؤُهُ وَقَدْ نُقِلَ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أُكِلَ الطَّعَامُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ رُفِعَ قِيلَ رُفِعَتِ الْمَائِدَةُ حَمْدًا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِلْحَمْدِ إِمَّا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ تَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْفِعْلِ أَوْ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ طَيِّبًا أَيْ خَالِصًا مِنَ الرِّيَاءِ والسمعة مباركا هو وما قبله صفات لحمدا فِيهِ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْحَمْدِ أَيْ حَمْدًا ذَا بَرَكَةٍ دَائِمًا لَا يَنْقَطِعُ لِأَنَّ نِعَمَهُ لا تنقطع عنا فينبغي أن يكون حمدنا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ أَيْضًا وَلَوْ نِيَّةً وَاعْتِقَادًا غَيْرَ مُوَدَّعٍ بِنَصْبِ غَيْرَ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الْحَمْدِ وَمُوَدَّعٌ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ التَّوْدِيعِ أَيْ غَيْرَ مَتْرُوكٍ أَوْ مِنَ الطَّعَامِ يَعْنِي لَا يَكُونُ آخِرَ طَعَامِنَا أَوْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ غَيْرَ مَتْرُوكِ الطَّلَبِ مِنْهُ وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ وَيَجُوزُ رَفْعُ غَيْرَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ غَيْرُ مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ أَيْ هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ غَيْرُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ قَالَ الْحَافِظُ .

     قَوْلُهُ  غَيْرَ مَكْفِيٍّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَكَسْرِ الفاء وتشديد التحتانية قال بن بَطَّالٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَفَأْتُ الْإِنَاءَ فَالْمَعْنَى غَيْرُ مَرْدُودٍ عَلَيْهِ إِنْعَامُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْكِفَايَةِ أَيْ أَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مَكْفِيٍّ رِزْقَ عِبَادِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِيهِمْ أَحَدٌ غيره وقال بن التِّينِ أَيْ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَى أَحَدٍ لَكِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُطْعِمُ عِبَادَهُ وَيَكْفِيهِمْ وَهَذَا قَوْلُالْخَطَّابِيِّ وَقَالَ الْقَزَّازُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُكْتَفٍ بِنَفْسِي عَنْ كِفَايَتِهِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ لَمْ أكتف من فضل الله ونعمته قال بن التِّينِ وَقَوْلُ الْخَطَّابِيِّ أَوْلَى لِأَنَّ مَفْعُولًا بِمَعْنَى مُفْتَعَلٍ فِيهِ بُعْدٌ وَخُرُوجٌ عَنِ الظَّاهِرِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ لِلَّهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلْحَمْدِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ الضَّمِيرُ لِلطَّعَامِ وَمَكْفِيٌّ بِمَعْنَى مَقْلُوبٍ مِنَ الْإِكْفَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُكْفَى الْإِنَاءُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ انْتَهَى رَبَّنَا رُوِيَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ فَالرَّفْعُ عَلَى تَقْدِيرِ هُوَ رَبُّنَا أَوْ أَنْتَ رَبُّنَا اسْمَعْ حَمْدَنَا وَدُعَاءَنَا أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ غَيْرُ بِالرَّفْعِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَالنَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ مُنَادَى حُذِفَ مِنْهُ حَرْفُ النِّدَاءِ أَوْ عَلَى الْمَدْحِ أَوِ الِاخْتِصَاصِ أَوْ إِضْمَارًا عَنِّي وَالْجَرُّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ اللَّهِ وَقِيلَ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والبخاري وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ

رقم الحديث 3457 [3457] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ رِيَاحِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ ( بْنِ عَبِيدَةَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ السُّلَمِيِّ الْكُوفِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ ( قَالَ حفص عن بن أَخِي أَبِي سَعِيدٍ.

     وَقَالَ  أَبُو خَالِدٍ عَنْ مَوْلًى لِأَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ)
قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ رِيَاحِ بْنِ عَبِيدَةَ رَوَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وقيل عن بن أَخِي أَبِي سَعِيدٍ وَقِيلَ عَنْ مَوْلًى لِأَبِي سَعِيدٍ وَقِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْقَوْلِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الطَّعَامِ انتهى ولم أقف على ترجمة بن أَخِي أَبِي سَعِيدٍ وَلَا مَوْلًى لِأَبِي سَعِيدٍ .

     قَوْلُهُ  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا إِلَخْ فَائِدَةُ الْحَمْدِ بَعْدَ الطَّعَامِ أَدَاءُ شُكْرِ الْمُنْعِمِ وَطَلَبُ زِيَادَةِ النِّعْمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزيدنكم وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَجْدِيدِ حَمْدِ اللَّهِ عِنْدَ تَجَدُّدِ النعمة من حصول ما كَانَ الْإِنْسَانُ يَتَوَقَّعُ حُصُولَهُ وَانْدِفَاعِ مَا كَانَ يَخَافُ وُقُوعَهُ ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْبَاعِثُ هُنَا هُوَ الطَّعَامُ ذَكَرَهُ أَوَّلًا لِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِهِ وَكَانَ السَّقْيُ مِنْ تَتِمَّتِهِ لِكَوْنِهِ مُقَارِنًا لَهُ فِي التَّحْقِيقِ غَالِبًا ثُمَّ اسْتَطْرَدَ مِنْ ذِكْرِ النِّعْمَةَ الظَّاهِرَةِ إِلَى النِّعَمِ الْبَاطِنَةِ فَذَكَرَ مَا هُوَ أَشْرَفُهَا وَخَتَمَ بِهِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حُسْنِ الْخَاتِمَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى كَمَالِ الِانْقِيَادِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهِمَا قَدْرًا وَوَصْفًا وَوَقْتًا احْتِيَاجًا وَاسْتِغْنَاءً بِحَسَبِ مَا قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا أَخْرَجَهُ أحمد وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ وَسَاقَ اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ فِيهِ

رقم الحديث 3458 [3458] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) هُوَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ ( حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ) أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَكِّيُّ ( حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ) الْخُزَاعِيُّ .

     قَوْلُهُ  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا أَيْ هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي أَيْ مِنْ غَيْرِ حَرَكَةٍ وَحِيلَةٍ مِنِّي .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن مَاجَهْ 8 - ( بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ نَهِيقَ الْحِمَارِ)

رقم الحديث 3459 [3459] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ) بْنُ سَعْدٍ ( عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ) بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ الْكِنْدِيِّ أَبِي شُرَحْبِيلَ الْمِصْرِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ جَمْعُ دِيكٍ وَهُوَ ذَكَرُ الدَّجَاجِ وَلِلدِّيكِ خِصِّيصَتُهُ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ الْوَقْتَ اللَّيْلِيَّ فَإِنَّهُ يُقَسِّطُ أَصْوَاتَهُ فِيهَا تَقْسِيطًا لَا يَكَادُ يَتَفَاوَتُ وَيُوَالِي صِيَاحَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَهُ لَا يَكَادُ يُخْطِئُ سَوَاءٌ طَالَ اللَّيْلُ أَمْ قَصُرَ فَاسْأَلُوا بِالْهَمْزَةِ وَنَقَلَهُ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا بِفَتْحِ اللَّامِ قَالَ عِيَاضٌ كَأَنَّ السَّبَبَ فِيهِ جَاءَ تَأْمِينُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى دُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارُهُمْ له وشهادتهم له بالإخلاص والتضرع وصحح بن حِبَّانَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَفَعَهُ لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ وَعِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ سَبَبُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَأَنَّ دِيكًا صَرَخَ فَلَعَنَهُ رَجُلٌ فَقَالَ ذَلِكَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنِ اسْتُفِيدَ مِنْهُ الْخَيْرُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَبَّ وَلَا أَنْ يُسْتَهَانَ بِهِ بَلْ يُكْرَمُ وَيُحْسَنُ إِلَيْهِ قَالَ وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ بِصَوْتِهِ حَقِيقَةً صَلُّوا أَوْ حَانَتِ الصَّلَاةُ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنَّهُ يَصْرُخُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِطْرَةً فَطَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَاذَا سَمِعْتُمْ

رقم الحديث 3460 [346] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ) الْقَطَوَانِيُّ الْكُوفِيُّ ( عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ( عَنْ أَبِي بَلْجٍ) بفتح أو وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا جِيمٌ ( عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ) الْأَوْدِيِّ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا كُفِّرَتْ مِنَ التَّكْفِيرِ أَيْ مُحِيَتْ وَأُزِيلَتْ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْمُوَحَّدَةِ هُوَ مَا يَعْلُو الْمَاءَ وَنَحْوَهُ مِنَ الرَّغْوَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْكِنَايَةُ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْكَثْرَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وبن أَبِي الدُّنْيَا وَالْحَاكِمُ ( وَأَبُو بَلْجٍ اسْمُهُ يَحْيَى بن أبي سليم ويقال بن سُلَيْمٍ أَيْضًا) يَأْتِيتَرْجَمَتُهُ فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ وَوَقَعَ هُنَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَحَاتِمٌ يُكَنَى أَبَا يُونُسَ الْقُشَيْرِيَّ قال الحافظ في تهذيب التهذيب حاتم بن أبي صغيرة وهو بن مُسْلِمٍ أَبُو يُونُسَ الْقُشَيْرِيُّ وَقِيلَ الْبَاهِلِيُّ مَوْلَاهُمُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو صَغِيرَةَ أَبُو أُمِّهِ وَقِيلَ زَوْجُ أمه وقال بن معين وأبو حاتم والنسائي ثقة انتهى

رقم الحديث 3461 [3461] .

     قَوْلُهُ  ( كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ) هَذِهِ الْغَزْوَةُ هِيَ غَزْوَةُ خَيْبَرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ ( فَلَمَّا قَفَلْنَا) أَيْ رَجَعْنَا ( أَشْرَفْنَا) أَيِ اطَّلَعْنَا مِنْ قَوْلِهِمْ أَشْرَفْتُ عَلَيْهِ إِذَا اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَصَمَّ وَلَا غَائِبٍ بَلْ هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ قَرِيبٌ فَلَا حَاجَةَ إِلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ هو بينكم وبين رؤوس رِحَالِكُمْ بِكَسْرِ الرَّاءِ جَمْعُ رَحْلٍ بِالْفَتْحِ وَهُوَ مَا يُجْعَلُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ كَالسَّرْجِ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ هُوَ مَا يُوضَعُ عَلَى الْبَعِيرِ ثم بعير بِهِ عَنِ الْبَعِيرِ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّحَالِ هُنَا الرَّوَاحِلُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَالَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَةِ أَحَدِكُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ بِالْعِلْمِ وَالْإِحَاطَةِ فَهُوَ يجاز كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد أَلَا أُعَلِّمُكَ كَنْزًا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهَا كَلِمَةُ اسْتِسْلَامٍ وَتَفْوِيضٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاعْتِرَافٍ بِالْإِذْعَانِ لَهُ وَأَنَّهُ لَا صَانِعَ غَيْرُهُ وَلَا رَادَّ لِأَمْرِهِ وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فِي الْأَمْرِ وَمَعْنَى الْكَنْزِ هُنَا أَنَّهُ ثَوَابٌ مُدَّخَرٌ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ ثَوَابٌ نَفِيسٌ كَمَا أَنَّ الْكَنْزَ أَنْفَسُ أَمْوَالِكُمْ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْحَوْلُ الْحَرَكَةُ وَالْحِيلَةُ أَيْ لَا حَرَكَةَ وَلَا اسْتِطَاعَةَ وَلَا حِيلَةَ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا حَوْلَ فِي دَفْعِ شَرٍّ وَلَا قُوَّةَ فِي تَحْصِيلِ خَيْرٍ إِلَّا بِاللَّهِ وَقِيلَ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَتِهِ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَتِهِ إِلَّا بِمَعُونَتِهِ وَحُكِيَ هَذَا عن بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكُلُّهُمُقَارِبٌ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشيخان وأبو داود والنسائي وبن ماجة ومعنى قوله هو بينكم وبين رؤوس رواحلكم إنما يعني علمه وقدرته وكذلك يأولون قَوْلَهُ تَعَالَى وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد أَيْ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ بِالْعِلْمِ مِنْ حَبْلِ وَرِيدِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْنَا شَيْءٌ مِنْ خَفِيَّاتِهِ فَكَأَنَّ ذَاتَهُ قَرِيبَةٌ مِنْهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَجَوَّزَ بِقُرْبِ الذَّاتِ عَنْ قُرْبِ الْعِلْمِ وَنَقَلَ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِ الْعُلُوِّ ص 144 عَنِ الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقْرَبُ مِنْ خَلْقِهِ كَيْفَ شَاءَ كَمَا قَالَ وَنَحْنُ أقرب إليه من حبل الوريد - باب

رقم الحديث 3462 [3462] .

     قَوْلُهُ  (أَخْبَرَنَا سَيَّارُ) بْنُ حَاتِمٍ الْعَنَزِيُّ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ) الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ) أَبِي شَيْبَةَ الْوَاسِطِيِّ الْكُوفِيِّ (عَنِ الْقَاسِمُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ .

     قَوْلُهُ  لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ) أَيِ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي قال القارىء بِالْإِضَافَةِ وَفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ بِتَنْوِينِ لَيْلَةٍ أَيْ لَيْلَةً أُسْرِيَ فِيهَا بِي وَهِيَ لَيْلَةُ الْمِعْرَاجِ (فَقَالَ) أَيْ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ فِي مَحَلِّهِ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ أَقْرِئْ أَمْرٌ مِنَ الْإِقْرَاءِ أَوْ مِنْ قَرَأَ يَقْرَأُ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ أَيْ بَلِّغْهُمْ مِنِّي السَّلَامَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وسكون الراء هي التراب من قرابها الْمِسْكُ وَالزَّعْفَرَانُ وَلَا أَطْيَبَ مِنْهُمَا عَذْبَةُ الْمَاءِ أَيْ مَاؤُهَا طَيِّبٌ لَا مُلُوحَةَ فِيهِ وَأَنَّهَا بِالْفَتْحِ وَيُكْسَرُ أَيِ الْجَنَّةَ قِيعَانٌ بِكَسْرِ الْقَافِ جَمْعُ قَاعٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الْخَالِيَةُ مِنَ الشَّجَرِ وَأَنَّ بِالْوَجْهَيْنِ غِرَاسَهَا بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ غَرْسٍ بِالْفَتْحِ وَهُوَ مَا يُغْرَسُ أَيْ يَسْتُرُهُ تُرَابُ الْأَرْضِ مِنْ نَحْوِ الْبَذْرِ لِيَنْبُتَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ التُّرْبَةُ طَيِّبَةً وماؤها عذباكَانَ الْغِرَاسُ أَطْيَبَ لَا سِيَّمَا وَالْغَرْسُ الْكَلِمَاتُ الطَّيِّبَاتُ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ وَالْمَعْنَى أَعْلِمْهُمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَنَحْوَهَا سَبَبٌ لِدُخُولِ قَائِلِهَا الْجَنَّةَ وَلِكَثْرَةِ أَشْجَارِ مَنْزِلِهِ فِيهَا لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَرَّرَهَا نَبَتَ لَهُ أَشْجَارٌ بِعَدَدِهَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشْكَالٌ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَرْضَ الْجَنَّةِ خَالِيَةٌ عَنِ الْأَشْجَارِ وَالْقُصُورِ وَيَدُلُّ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ خَالِيَةٍ عَنْهَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ جَنَّةً لِأَشْجَارِهَا الْمُتَكَاثِفَةِ الْمُظِلَّةِ بِالْتِفَافِ أَغْصَانِهَا وَالْجَوَابُ أَنَّهَا كَانَتْ قِيعَانًا ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَدَ بِفَضْلِهِ فِيهَا أَشْجَارًا وَقُصُورًا بِحَسَبِ أَعْمَالِ الْعَامِلِينَ لِكُلِّ عَامِلٍ مَا يَخْتَصُّ بِهِ بسبب عمله ثم إنه تعالى لما بسره لِمَا خُلِقَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ لِيَنَالَ بِذَلِكَ الثَّوَابَ جَعَلَهُ كَالْغَارِسِ لِتِلْكَ الْأَشْجَارِ مَجَازًا إِطْلَاقًا للسبب على المسبب انتهى قال القارىء وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْخُلُوِّ الْكُلِّيِّ مِنَ الْأَشْجَارِ وَالْقُصُورِ لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهَا قِيعَانًا أَنَّ أَكْثَرَهَا مَغْرُوسٌ وَمَا عَدَاهُ مِنْهَا أَمْكِنَةٌ وَاسِعَةٌ بِلَا غَرْسٍ لِيَنْغَرِسَ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ وَيَتَمَيَّزَ غَرْسُهَا الْأَصْلِيُّ الَّذِي بِلَا سَبَبٍ وَغَرْسُهَا الْمُسَبَّبِ عَنْ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) أَخْرَجَهُ أحمد بإسناد حسن وبن أبي الدنيا وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَزَادَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ رَوَيَاهُ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحاق عن القاسم عن أبيه عن بن مَسْعُودٍ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هذا الوجه من حديث بن مَسْعُودٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ أَبُو شَيْبَةَ الْكُوفِيُّ وَاهٍ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ وَاهٍ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَلَفْظُهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ قِيعَانًا فَأَكْثِرُوا مِنْ غَرْسِهَا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا غَرْسُهَا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ