فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في مواقيت الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم

رقم الحديث 190 [190] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ الْبَغْدَادِيُّ قَدْ يُنْسَبُ لِجَدِّهِ اسْمُهُ وَكُنْيَتُهُ وَاحِدٌ وَقِيلَ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَقِيلَ أَحْمَدُ وَأَبُو النَّضْرِ هُوَ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ مَشْهُورٌ وَأَبُو بَكْرٍ ثِقَةٌ انْتَهَى.

قُلْتُ هُوَ مِنْ شُيُوخِ التِّرْمِذِيِّ وَمُسْلِمٍ مَاتَ سَنَةَ 542 خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ ( نَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ) الْمَصِّيصِيُّ الْأَعْوَرُ أَبُو مُحَمَّدٍ تِرْمِذِيُّ الْأَصْلِ نَزَلَ بَغْدَادَ ثُمَّ الْمَصِّيصَةَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ لَكِنَّهُ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ لما قدم بغداد قبل موته ( قال بن جُرَيْجٍ) اسْمُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ ثِقَةٌ فَقِيهٌ فَاضِلٌ وَكَانَ يُدَلِّسُ وَيُرْسِلُ .

     قَوْلُهُ  ( كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ) أَيْ مِنْ مَكَّةَ فِي الْهِجْرَةِ ( فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَوَاتِ) أَيْ يُقَدِّرُونَ أَحْيَانَهَا لِيَأْتُوا إِلَيْهَا وَالْحِينُ الْوَقْتُ وَالزَّمَانُ ( فَقَالَ بَعْضُهُمُ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا) قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ الَّذِي يَضْرِبُ بِهِ النَّصَارَى لِأَوْقَاتِ صَلَوَاتِهِمْ وَجَمْعُهُ نَوَاقِيسُ وَالنَّقْسُ ضَرْبُ النَّاقُوسِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ النَّاقُوسُ هِيَ خَشَبَةٌ طَوِيلَةٌ تُضْرَبُ بِخَشَبَةٍ أَصْغَرَ مِنْهَا وَالنَّصَارَى يَعْلَمُونَ بِهَا أَوْقَاتَ صَلَوَاتِهِمْ انْتَهَى ( وَقَالَ بَعْضُهُمُ اتَّخِذُوا قَرْنًا) الْقَرْنُ هُوَ الْبُوقُ الَّذِي يُنْفَخُ فِيهِ يقال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ ناي بزرك وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُنْفَخُ فِيهِ فَيَجْتَمِعُونَ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِهِ وَهُوَ مِنْ شِعَارِ الْيَهُودِ ( أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا) الْوَاوُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ أَتَقُولُونَ بِمُوَافَقَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا تَبْعَثُونَ وَالْهَمْزَةُ لِإِنْكَارِ الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَمُقَرِّرَةٌ لِلثَّانِيَةِ ( يُنَادِي بِالصَّلَاةِ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ أنهإِعْلَامٌ لَيْسَ عَلَى صِفَةِ الْأَذَانِ الشَّرْعِيِّ بَلْ إِخْبَارٌ بِحُضُورِ وَقْتِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحْتَمَلٌ أَوْ مُتَعَيِّنٌ فَقَدْ صَحَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ رَأَى الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُهُ بِهِ فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَيَكُونُ الْوَاقِعُ الْإِعْلَامَ أَوَّلًا ثُمَّ رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَذَانَ فَشَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِمَّا بِالْوَحْيِ وَإِمَّا بِاجْتِهَادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ هُوَ عَمَلًا بِمُجَرَّدِ الْمَنَامِ هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي يُنَادِي بِهِ بِلَالٌ للصلاة قوله الصلاة جامعة أخرجه بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ مِنْ مَرَاسِيلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ انْتَهَى ( يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَأَذِّنْ بِالصَّلَاةِ قَالَ عِيَاضٌ الْمُرَادُ الْإِعْلَامُ الْمَحْضُ بِحُضُورِ وَقْتِهَا لَا خُصُوصُ الْأَذَانِ الْمَشْرُوعِ وَأَغْرَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَحَمَلَ قَوْلَهُ أَذِّنْ عَلَى الْأَذَانِ الْمَشْرُوعِ وَطَعَنَ فِي صِحَّةِ حديث بن عُمَرَ.

     وَقَالَ  عَجَبًا لِأَبِي عِيسَى كَيْفَ صَحَّحَهُ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ شَرْعَ الْأَذَانِ إِنَّمَا كَانَ بِرُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ وَلَا تُدْفَعُ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِمِثْلِ هَذَا مَعَ إمكان الجمع كما قدمنا وقد قال بن منده في حديث بن عُمَرَ إِنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا 7 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ) هُوَ إِعَادَةُ الشَّهَادَتَيْنِ بِصَوْتٍ عَالٍ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا بِخَفْضِ الصَّوْتِ قال بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي اخْتِيَارُ أَحْمَدَ مِنَ الْأَذَانِ أَذَانُ بِلَالٍ وَهُوَ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً لَا تَرْجِيعَ فِيهِ وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَإِسْحَاقُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ الْأَذَانُ الْمَسْنُونُ أَذَانُ أَبِي مَحْذُورَةَ وَهُوَ مِثْلُ مَا وَصَفْنَا إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ التَّرْجِيعُ وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَ الشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ مرتين يخفضبِذَلِكَ صَوْتَهُ ثُمَّ يُعِيدُهُمَا رَافِعًا بِهِمَا صَوْتَهُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ التَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِهِ مَرَّتَانِ حَسْبُ فَيَكُونُ الْأَذَانُ عِنْدَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً انْتَهَى

رقم الحديث 191 [191] .

     قَوْلُهُ  ( ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ) الْجُمَحِيُّ الْمَكِّيُّ يكني أبا إسماعيل صدوق يخطىء ( قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي وَجَدِّي جَمِيعًا عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ) أَمَّا أَبُوهُ فَهُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ مَقْبُولٌ وَأَمَّا جَدُّهُ فَهُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مقبول وقال في الخلاصة وثقه بن حِبَّانَ .

     قَوْلُهُ  ( وَأَلْقَى عَلَيْهِ الْأَذَانَ حَرْفًا حَرْفًا) أَيْ لَقَّنَهُ الْأَذَانَ كَلِمَةً كَلِمَةً ( قَالَ إِبْرَاهِيمُ) هو بن عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورُ فِي السَّنَدِ ( قَالَ بِشْرٌ) هو بن مُعَاذٍ شَيْخُ التِّرْمِذِيِّ ( فَقُلْتُ لَهُ) أَيْ لِإِبْرَاهِيمَ ( فَوَصَفَ الْأَذَانَ بِالتَّرْجِيعِ) كَذَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مُطَوَّلًا .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ فِي الْأَذَانِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ بَلْ مِنْ طُرُقٍ عَدِيدَةٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَلَهُ أَلْفَاظٌ وَطُرُقٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمَكَّةَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ بَيِّنَةٌ وَدَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ التَّرْجِيعَ فِي الْأَذَانِ ثَابِتٌ مَشْرُوعٌ وَهُوَ الْعَوْدُ إِلَى الشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بَعْدَ قَوْلِهِمَا مَرَّتَيْنِ بِخَفْضِ الصَّوْتِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ لَا يُشْرَعُ التَّرْجِيعُ عَمَلًا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَرْجِيعٌ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ وَالزِّيَادَةُ مُقَدَّمَةٌ مَعَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ هَذَا مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَإِنَّ حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ حُنَيْنٍ وَحَدِيثَ بن زَيْدٍ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَانْضَمَّ إِلَى هَذَا كُلِّهِ عَمَلُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَسَائِرِ الْأَمْصَارِ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّرْجِيعِ وَثُبُوتِهِ بِرِوَايَاتِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَهِيَنُصُوصٌ صَرِيحَةٌ فِيهِ فَمِنْهَا الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْهُ قَالَ أَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّأْذِينَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ قُلِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ تَعُودُ فَتَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْهُ قَالَ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الْأَذَانِ قَالَ فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ قَالَ تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ تَرْفَعُ بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِالشَّهَادَةِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله أشهد أن محمدا رسول الله حي عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَإِنْ كَانَ صَلَاةُ الصُّبْحِ قُلْتَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لا إله إلا الله قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ قَالَ النَّوَوِيُّ حَسَّنَ نقله ميرك وقال بن الْهُمَامِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ انْتَهَى وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّرْجِيعَ مِنْ سُنَّةِ الْأَذَانِ ومنها ما رواه النسائي وأبو داود وبن مَاجَهْ عَنْهُ قَالَ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله أشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ فِي ثُبُوتِ التَّرْجِيعِ وَمَشْرُوعِيَّتِهِ وَأَجَابَ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالتَّرْجِيعِ بِأَجْوِبَةٍ كُلُّهَا مَخْدُوشَةٌ وَاهِيَةٌ جِدًّا فمنها ما ذكره بن الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَقَالَ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ يَقُولُ أَلْقَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ حَرْفًا حَرْفًا اللَّهُ أَكْبَرُ إِلَخْ وَلَمْ يذكر ترجيعا فتعارضا فتساقطا ويبقى حديث بن عمرو عبد اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ سَالِمًا عَنِ الْمُعَارَضَةِ انْتَهَى ورده القارىء فِي الْمِرْقَاةِ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ حَيْثُ قَالَ وَفِيهِ أَنَّ عَدَمَ ذِكْرِهِ فِي حَدِيثٍ لَا يُعَدُّ مُعَارِضًا لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ نَعَمْ لَوْ صَرَّحَ بِالنَّفْيِ كَانَ مُعَارَضًا مَعَ أَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي انْتَهَى وَمِنْهَا مَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ التَّرْجِيعَ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ لَمْ يَمُدَّ بِذَلِكَ صوتهعَلَى مَا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْجِعْ وَامْدُدْ مِنْ صَوْتِكَ هَكَذَا اللَّفْظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ انْتَهَى وَهَذَا التَّأْوِيلُ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ ارْجِعْ فَمُدَّ مِنْ صَوْتِكَ بِزِيَادَةِ لَفْظِ ثُمَّ وَلَفْظُهُ هَكَذَا قُلِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ قَالَ ثُمَّ ارْجِعْ فَمُدَّ مِنْ صَوْتِكَ أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله أشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَخْ فَمَعْنَى قَوْلِهِ ثُمَّ ارْجِعْ فَمُدَّ مِنْ صَوْتِكَ أَيِ اخْفِضْ صَوْتَكَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ ارْجِعْ فَمُدَّ مِنْ صَوْتِكَ وَارْفَعْهُ بِهِمَا مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلَ هَذَا بِلَفْظِ تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ تَرْفَعُ بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِالشَّهَادَةِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَخْ وَالرِّوَايَاتُ بَعْضُهَا يُفَسِّرُ بَعْضًا وَيَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ أَيْضًا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ بِلَفْظِ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ فِي الْأَسْرَارِ وَتَبِعَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِحِكْمَةٍ رُوِيَتْ فِي قِصَّتِهِ وَهِيَ أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ كَانَ يُبْغِضُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بُغْضًا شَدِيدًا فَلَمَّا أَسْلَمَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَرَكَ أُذُنَهُ.

     وَقَالَ  لَهُ ارْجِعْ وَامْدُدْ بِهَا مِنْ صَوْتِكَ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ لَا حَيَاءَ مِنَ الْحَقِّ أَوْ لِيَزِيدَ مَحَبَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَكْرِيرِ الشَّهَادَتَيْنِ وَرَدَّهُ الْعَيْنِيُّ حَيْثُ قَالَ هَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّهُ خَفَضَ صَوْتَهُ عِنْدَ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا بَعْدَ أَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ وَلَمْ يُنْقَلْ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ عرك أذنه انتهى ومنها ما قال بن الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ مِنْ أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ كَانَ كَافِرًا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَلَمَّا أَسْلَمَ وَلَقَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ أعاد عليه الشهادة وكررها ليثبت عِنْدَهُ وَيَحْفَظَهَا وَيُكَرِّرَهَا عَلَى أَصْحَابِهِ الْمُشْرِكِينَ فَلَمَّا كَرَّرَهَا عَلَيْهِ ظَنَّهَا مِنَ الْأَذَانِ وَمِنْهَا مَا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ مَا رَوَاهُ كَانَ تَعْلِيمًا فَظَنَّهُ تَرْجِيعًا وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ هَذِهِ الْأَقْوَالَ.

     وَقَالَ  هَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى ثُمَّ رَدَّهَا فقال ويردها لفظ أبي داود.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الْأَذَانِ وَفِيهِ ثُمَّ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِهَا فَجَعَلَهُ مِنْ سُنَّةِ الْأَذَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي صحيح بن حِبَّانَ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ انْتَهَى وَكَذَلِكَ رَدَّ هَذِهِ الأقوال الحافظ بن حَجَرٍ فِي الدِّرَايَةِ قُلْتُ وَلِرَدِّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وُجُوهٌ أُخْرَى مِنْهَا أَنَّ فِيهَا سُوءَ الظَّنِّ بِأَبِي مَحْذُورَةَ وَنِسْبَةَ الْخَطَأِ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَمِنْهَا أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ مُؤَذِّنًا لِأَهْلِهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَكَانَتْ وفاته سنةتِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَكُلُّ مَنْ كَانَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بِمَكَّةَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمِنَ التَّابِعِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ تَأْذِينَهُ بِالتَّرْجِيعِ وَكَذَلِكَ يَسْمَعُ كُلُّ مَنْ يَرِدُ فِي مَكَّةَ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ وَهِيَ مَجْمَعُ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا فَلَوْ كَانَ تَرْجِيعُ أَبِي مَحْذُورَةَ غَيْرَ مَشْرُوعٍ وَكَانَ مِنْ خَطَئِهِ لَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يُقِرُّوهُ عَلَى خَطَئِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ إِنْكَارُ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَبِي مَحْذُورَةَ فِي تَرْجِيعِهِ فِي الْأَذَانِ فَظَهَرَ بِهَذَا بُطْلَانُ تِلْكَ الْأَقْوَالِ وَثَبَتَ أَنَّ التَّرْجِيعَ مِنْ سُنَّةِ الْأَذَانِ بَلْ ثَبَتَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى سُنِّيَّتِهِ عَلَى طَرِيقِ الْحَنَفِيَّةِ فَتَفَكَّرْ وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِنَا أَبْكَارُ الْمِنَنِ فِي نَقْدِ آثَارِ السُّنَنِ وَاسْتُدِلَّ لِمَنْ لَمْ يَقُلْ بِمَشْرُوعِيَّةِ التَّرْجِيعِ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَرْفُوعًا إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ قال أشهد أن محمدا رسولا اللَّهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاَللَّهِ الْحَدِيثَ قِيلَ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَذَانَ لَيْسَ فِيهِ التَّرْجِيعُ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْأَذَانَ لَيْسَ فِيهِ تَرْبِيعُ التَّكْبِيرِ وَلَا تَثْنِيَةُ بَاقِي الْكَلِمَاتِ فَمَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْهُمَا هُوَ الْجَوَابُ عَنِ التَّرْجِيعِ وَاسْتُدِلَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ هُوَ أَصْلٌ فِي التَّأْذِينِ وَلَيْسَ فِيهِ تَرْجِيعٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّرْجِيعَ غَيْرُ مَسْنُونٍ انْتَهَى وقد عرفت جوابه جَوَابَهُ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ كَرِهَ قَوْمٌ أَنْ يُقَالَ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الْأَذَانِ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَاسْتَحَبُّوا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي التَّأْذِينِ لِلصُّبْحِ بَعْدَ الْفَلَاحِ وَكَانَ الْحُجَّةُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَقَدْ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مَحْذُورَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمَّا عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ أَبَا مَحْذُورَةَ كَانَ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَوَجَبَ اسْتِعْمَالُهَا انْتَهَى كَلَامُ الطَّحَاوِيِّ قُلْتُ فَكَذَلِكَ يُقَالُ إِنَّ التَّرْجِيعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَقَدْ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مَحْذُورَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمَّا عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ أَبَا مَحْذُورَةَ كَانَ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَوَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ

رقم الحديث 192 [192] قوله ( نا عفان) هو بن مُسْلِمٍ ( عَلَّمَهُ الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً) أَيْ مَعَ التَّرْجِيعِ وَالْحَدِيثُ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي سُنِّيَّةِ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ ( وَالْإِقَامَةَ) بِالنَّصْبِ أَيْ عَلَّمَهُ الاقامة ( سبع عشرة كلمة) قال بن الْمَلَكِ لِأَنَّهُ لَا تَرْجِيعَ فِيهَا فَانْحَذَفَ عَنْهَا كَلِمَتَانِ وَزِيدَتِ الْإِقَامَةُ شَفْعًا تَفْصِيلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ ثَلَاثٌ مِنْهَا تَأْكِيدٌ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَرَّتَانِ الْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ تَأْكِيدٌ وَكَذَا أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَانِ وَحَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَانِ وَحَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَانِ وَقَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَانِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَلِمَتَانِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْإِقَامَةُ عِنْدَ مَالِكٍ إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً لِأَنَّهُ يَقُولُ كل كلمة مرة وَاحِدَةً إِلَّا كَلِمَةَ التَّكْبِيرِ وَالْإِقَامَةِ كَمَا رَوَاهُ بن عُمَرَ وَأَنَسٌ كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ ( وَأَبُو مَحْذُورَةَ اسْمُهُ سَمُرَةُ) وَقِيلَ أَوْسٌ وَقِيلَ سَلَمَةُ وَقِيلَ سَلْمَانُ قَالَهُ الْحَافِظُ ( بن مِعْيَرٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَقِيلَ عُمَيْرُ بْنُ لَوْذَانَ وَأَبُو مَحْذُورَةَ هَذَا صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ مَكِّيٌّ مُؤَذِّنُ مَكَّةَ مَاتَ بِهَا سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ تَأَخَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا ( وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ كَانَ يُفْرِدُ الْإِقَامَةَ) أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَسَيَجِيءُ لَفْظُهُ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ بَذْلِ الْمَجْهُودِ تَحْتَ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ مَا لَفْظُهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى سُنِّيَّةِ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى زِيَادَةٍ غَيْرِ مُتَنَافِيَةٍ فَيَجِبُ قَبُولُهَا وَهُوَ أَيْضًا مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ حُنَيْنٍ وَحَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَيُرَجِّحُهُ أَيْضًا عَمَلُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ انْتَهَى.

     وَقَالَ  صاحب العرفالشَّذِيِّ مَا لَفْظُهُ وَاسْتَمَرَّ التَّرْجِيعُ فِي مَكَّةَ إلى عهد الشافعي وكان السلف يشهدون وسم الْحَجِّ كُلَّ سَنَةٍ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ انْتَهَى قُلْتُ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَا وَلَكِنَّهُمَا مَعَ هَذَا الِاعْتِرَافِ لَمْ يَقُولَا بِسُنِّيَّةِ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ فَأَمَّا صَاحِبُ بَذْلِ الْمَجْهُودِ فَأَجَابَ عَنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ بِأَنَّ التَّرْجِيعَ فِي أَذَانِهِ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْأَذَانِ بَلْ كَانَ لِأَجْلِ التَّعْلِيمِ فَإِنَّهُ كَانَ كَافِرًا فَكَرَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهَادَتَيْنِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ لِتَرْسُخَا فِي قَلْبِهِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ قِصَّتُهُ الْمُفَصَّلَةُ فَظَنَّ أَبُو مَحْذُورَةَ أَنَّهُ تَرْجِيعٌ وَأَنَّهُ فِي أَصْلِ الْأَذَانِ انْتَهَى قُلْتُ هَذَا الْجَوَابُ مَرْدُودٌ كَمَا عَرَفْتَ آنِفًا ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَذْلِ مُسْتَدِلًّا عَلَى عَدَمِ سُنِّيَّةِ التَّرْجِيعِ مَا لَفْظُهُ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ قَالَ أَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ حَرْفًا حَرْفًا اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إِلَى آخِرِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَرْجِيعًا انْتَهَى قُلْتُ أَجَابَ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَهَذَا مُعَارِضٌ لِلرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ ثَنَا إِبْرَاهِيم بْنُ إِسْمَاعِيلَ فَذَكَرَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَفِيهِ تَرْجِيعٌ انْتَهَى ثُمَّ قَالَ وَأَيْضًا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّرْجِيعِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنِ بن عُمَرَ إِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً غَيْرَ أَنْ يَقُولَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَتَذَكَّرْ ثُمَّ هَذِهِ الرِّوَايَةُ إِنْ تَدُلَّ عَلَى عَدَمِ التَّرْجِيعِ فَتَدُلُّ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقُولُوا بِعَدَمِ تَثْنِيَتِهَا أَيْضًا.
وَأَمَّا صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ فَقَالَ إِنْ رَجَّعَ الْحَنَفِيُّ فِي الْأَذَانِ فَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يُبَاحُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ.

     وَقَالَ  الْحَقُّ ثُبُوتُ التَّرْجِيعِ وَوَجْهُ الرُّجْحَانِ لَنَا فِي عَدَمِ التَّرْجِيعِ أَنَّ بِلَالًا اسْتَمَرَّ أَمْرُهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ تَعْلِيمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَذَانَ أَبَا مَحْذُورَةَ وَبَعْدَهُ انْتَهَى قُلْتُ قَدِ اسْتَمَرَّ التَّرْجِيعُ أَيْضًا مِنْ حِينِ تَعْلِيمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَذَانَ بِالتَّرْجِيعِ أَبَا مَحْذُورَةَ إِلَى عَهْدِ الشَّافِعِيِّ كَمَا اعْتَرَفَ هُوَ بِهِ فَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّهُ لَيْسَ لِإِنْكَارِ سُنِّيَّةِ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ وَجْهٌ إِلَّا التَّقْلِيدُ أَوْ قِلَّةُ الِاطِّلَاعِ 8 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ)

رقم الحديث 193 [193] .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ أُمِرَ بِلَالٌ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( أَنْ يَشْفَعَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ يَأْتِيَ بِأَلْفَاظِهِ شَفْعًا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَصْفُ الْأَذَانِ بِأَنَّهُ شَفْعٌ يُفَسِّرُهُ .

     قَوْلُهُ  مَثْنَى أَيْ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ تَسْتَوِيَ جَمِيعُ ألفاظه لكن لم يختلف في كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ الَّتِي فِي آخِرِهِ مُفْرَدَةً فَيُحْمَلُ .

     قَوْلُهُ  مَثْنَى عَلَى مَا سِوَاهَا ( وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ) أَيْ يَأْتِيَ بِأَلْفَاظِهَا مَرَّةً مَرَّةً زَادَ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا الْإِقَامَةَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ.

     وَقَالَ  فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ وَلِلنَّسَائِيِّ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا انْتَهَى فَرِوَايَةُ النَّسَائِيِّ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْآمِرَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالرِّوَايَاتُ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَبِهَذَا ظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِ الْعَيْنِيِّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْآمِرَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ غَيْرَهُ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عن بن عُمَرَ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِلَفْظِ إِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَلَهُ طَرِيقَانِ كِلَاهُمَا صَحِيحَانِ الْأَوَّلُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عن محمد بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قال لَمَّا أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاقُوسِ وَفِيهِ ثُمَّ تَقُولُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله حي على الصلاة حي على الفلاح قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ ورواه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ لَيْسَ فِي أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي فَصْلِ الْأَذَانِ خَبَرٌ أَصَحُّ مِنْ هَذَا لِأَنَّ مُحَمَّدًا سَمِعَهُ من أبيه وبن أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بن زيد انتهى ورواه بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ يَقُولُ لَيْسَ فِي أَخْبَارِ إلى آخر لفظ البيهقي وزاد خبر بن إِسْحَاقَ هَذَا ثَابِتٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ وَمُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم التيمي وليس هو مما دلسه بن إِسْحَاقَ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ الْكَبِيرِ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ انْتَهَى مَا فِي نَصْبِ الرايةوَالطَّرِيقُ الثَّانِي مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قال لما أَجْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضْرَبَ بِالنَّاقُوسِ يَجْمَعُ لِلصَّلَاةِ النَّاسَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ تَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حي على الصلاة حي على الفلاح قد قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ الحافظ في التلخيص بعد ما ذَكَرَ الطَّرِيقَ الْأَوَّلَ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ.

     وَقَالَ  هَذَا أَمْثَلُ الرِّوَايَاتِ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَدْ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَرَوَاهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وشعيب إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ انْتَهَى مَا فِي التَّلْخِيصِ.

     وَقَالَ  فِي عَوْنِ الْمَعْبُودِ نَقْلًا عَنْ غَايَةِ وبن الْمَقْصُودِ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الطَّرِيقِ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ.

     وَقَالَ  هَذِهِ أَمْثَلُ الرِّوَايَاتِ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَدْ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَرَوَاهُ يونس ومعمر وشعيب وبن إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمُتَابَعَةُ هَؤُلَاءِ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ تَرْفَعُ احْتِمَالَ التَّدْلِيسِ الَّذِي يحتمله عنعنة بن إِسْحَاقَ انْتَهَى مَا فِي الْعَوْنِ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تاريخه والدارقطني وبن خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَقَالَ فِي الْفَتْحِ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَحَسَّنَهُ فِي حَدِيثٍ لِأَبِي مَحْذُورَةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ وَاحِدَةً انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ .

     قَوْلُهُ  ( وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) إِلَّا أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ إِنَّ الْإِقَامَةَ عَشْرُ كَلِمَاتٍ بِتَوْحِيدِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فَعِنْدَهُمْ إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ بتثنية قد قامت الصلاة واستدلوا بحديث بن عُمَرَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ وَبِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ذَكَرْنَاهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَأَمَّا مَالِكٌ فَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ رَأَى أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْإِقَامَةَ فُرَادَى وَإِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالزُّهْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَهْلُ الْحِجَازِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَكْحُولٌوَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَهْلُ الشَّامِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمَنْ تبعهم من العراقيين وإليه ذهب يحيى بن يَحْيَى وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا مِنَ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ انْتَهَى كَلَامُ الْحَازِمِيِّ قُلْتُ وَأَجَابَ عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ كَالْحَنَفِيَّةِ بِأَجْوِبَةٍ كُلُّهَا مَخْدُوشَةٌ لَا يَطْمَئِنُّ بِوَاحِدٍ مِنْهَا الْقَلْبُ السَّلِيمُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ إِفْرَادَ الْإِقَامَةِ كَانَ أَوَّلًا ثُمَّ نُسِخَ بِحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ الَّذِي رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَفِيهِ تَثْنِيَةُ الْإِقَامَةِ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فَيَكُونُ نَاسِخًا وَعُورِضَ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ الْمُحَسَّنَةِ التَّرْبِيعَ وَالتَّرْجِيعَ فَكَانَ يَلْزَمُهُمُ الْقَوْلُ بِهِ وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى مَنِ ادَّعَى النَّسْخَ بِحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَقَرَّ بِلَالًا عَلَى إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ وَعَلَّمَهُ سَعْدَ الْقَرَظِ فَأَذَّنَ بِهِ بَعْدَهُ كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ إِفْرَادَ الْإِقَامَةِ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ إِنَّ بِلَالًا كَانَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِيمُ مَثْنَى مَثْنَى وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عَنْ بِلَالٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَمَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا سَتَعْرِفُ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى النَّسْخِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ بِلَالًا كَانَ مَذْهَبُهُ الْإِبَاحَةَ وَالتَّخْيِيرَ وَأَجَابَ الْعَيْنِيُّ فِي الْبِنَايَةِ بِأَنَّ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ فِي الْإِقَامَةِ وَالتَّفْرِيقِ فِي الْأَذَانِ وَعَلَى الْإِتْيَانِ قَوْلًا بِحَيْثُ لَا يَنْقَطِعُ الصَّوْتُ وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ يُبْطِلُهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَذْكُورُ بِلَفْظِ ثُمَّ تَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَذَا يُبْطِلُهُ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ فَتَأْوِيلُ الْعَيْنِيِّ هَذَا مَرْدُودٌ عَلَيْهِ وَالْحَقُّ أَنَّ أَحَادِيثَ إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ صَحِيحَةٌ ثَابِتَةٌ مُحْكَمَةٌ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ وَلَا بِمُؤَوَّلَةٍ نَعَمْ قَدْ ثَبَتَ أَحَادِيثُ تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ أَيْضًا وَهِيَ أَيْضًا مُحْكَمَةٌ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ وَلَا بِمُؤَوَّلَةٍ وَعِنْدِي الْإِفْرَادُ وَالتَّثْنِيَةُ كِلَاهُمَا جَائِزَانِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قال بن عبد البر ذهب أحمد وإسحاق وداود وبن حبان وبن جرير إلى ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ فَإِنْ رَبَّعَ التَّكْبِيرَ الأول فيالْأَذَانِ أَوْ ثَنَّاهُ أَوْ رَجَّعَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ لَمْ يُرَجِّعْ أَوْ ثَنَّى الْإِقَامَةَ أَوْ أَفْرَدَهَا كُلَّهَا أَوْ إِلَّا قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فالجميع جائز وعن بن خُزَيْمَةَ إِنْ رَبَّعَ الْأَذَانَ وَرَجَّعَ فِيهِ ثَنَّى الْإِقَامَةَ وَإِلَّا أَفْرَدَهَا قِيلَ وَلَمْ يَقُلْ بِهَذَا التَّفْصِيلِ أَحَدٌ قَبْلَهُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ 9 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْإِقَامَةَ مَثْنَى مَثْنَى) أَيْ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ

رقم الحديث 194 [194] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأشج) اسمه عبد الله بن سعيد بن حُصَيْنٍ الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ مِنْ صِغَارِ الْعَاشِرَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ.

قُلْتُ رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ ( نَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدِ) بْنِ عُقْبَةَ السُّكُونِيُّ أَبُو مَسْعُودٍ الْكُوفِيُّ الْمُجَدَّرُ بِالْجِيمِ صَدُوقٌ صاحب حديث ( عن بن أَبِي لَيْلَى) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهُ الْمُقْرِئُ حَدَّثَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَطَاءٍ وَالْحَكَمِ وَنَافِعٍ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَطَائِفَةٍ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ فَلَمْ يُدْرِكِ الْأَخْذَ عَنْهُ حَدَّثَ عَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَزَائِدَةُ وَوَكِيعٌ وَخَلَائِقُ قَالَهُ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ.

     وَقَالَ  حَدِيثُهُ فِي وَزْنِ الْحَسَنِ وَلَا يَرْتَقِي إِلَى الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْمُتْقِنِ عِنْدَهُمْ انْتَهَى ( عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَارِقٍ الْجُمَلِيِّ الْمُرَادِيِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيِّ الْأَعْمَى ثِقَةٌ عَابِدٌ كَانَ لَا يُدَلِّسُ وَرُمِيَ بِالْإِرْجَاءِ وَهُوَ مِنْ رِجَالِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى) الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ ثُمَّ الْكُوفِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّانِيَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ.

     وَقَالَ  فِي الْخُلَاصَةِ أَدْرَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ الْأَنْصَارِيِّينَ مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ .

     قَوْلُهُ  ( شَفْعًا شَفْعًا) أَيْ مَثْنَى مَثْنَى ( فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِتَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ وَحَدِيثُ إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ وَقَدْ ثَبَتَ بِطَرِيقَيْنِ صَحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ إِفْرَادُ الْإِقَامَةِ كَمَا عَرَفْتَ فِيمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ رَأَى الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ) أَخْرَجَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فَقَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلًا قَامَ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ فَقَامَ عَلَى حَائِطٍ فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى وَأَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ وَكِيعٍ بِهِ قَالَ في الامام وهذا رِجَالُ الصَّحِيحِ وَهُوَ مُتَّصِلٌ عَلَى مَذْهَبِ الْجَمَاعَةِ فِي عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ وَأَنَّ جَهَالَةَ أَسْمَائِهِمْ لَا تَضُرُّ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ قُلْتُ فِي إِسْنَادِهِ الْأَعْمَشُ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بِالْعَنْعَنَةِ ( وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بن مرة عن عبد الرحم ن بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ ثَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ) لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ( وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ بن أَبِي لَيْلَى) أَيِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ ( وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَرُوِيَ عَنْهُ قَالَ حدثنا أصحاب محمد قال بن خُزَيْمَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ وَلَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ بِلَالٍ فَإِنَّ مُعَاذًا تُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَبِلَالٌ تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ خِلَافَةِ عمر وكذلك قاله الواقيى وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ فَثَبَتَ انْقِطَاعُ حَدِيثِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ ص 41 ج 1 وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا لَهُ رِوَايَاتٌ فمنها ما أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ بِلَفْظِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ رَأَى فِي الْمَنَامِ الْأَذَانَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ عَلِّمْهُ بِلَالًا فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى وَأَقَامَ مَثْنَى مثنى وقعدة قعد قَالَ بَعْضُهُمْ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌقُلْتُ فِي إِسْنَادِهِ أَيْضًا الْأَعْمَشُ وَرَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بِالْعَنْعَنَةِ وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعُمَيْسِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أبيه عن جده أنه أري الْأَذَانَ مَثْنَى مَثْنَى وَالْإِقَامَةَ مَثْنَى مَثْنَى قَالَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ عَلِّمْهُنَّ بِلَالًا قَالَ فَتَقَدَّمْتُ فَأَمَرَنِي أَنْ أُقِيمَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قُلْتُ ذِكْرُ تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ فَإِنَّهُ قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ وَرَوَاهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْهُ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَثْنِيَةَ الْإِقَامَةِ وَعَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ أَعْلَمُ الْكُوفِيِّينَ بِحَدِيثِ أَبِي الْعُمَيْسِ وَأَكْثَرُهُمْ عَنْهُ رِوَايَةً قَالَ الزيلعي في نصب الراية نقلا عن البيهقي وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَثْنِيَةَ الْإِقَامَةِ وَعَبْدُ السَّلَامِ أَعْلَمُ الْكُوفِيِّينَ بِحَدِيثِ أَبِي الْعُمَيْسِ وَأَكْثَرُهُمْ عَنْهُ رِوَايَةً انْتَهَى وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَافِظُ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شَبَّةَ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ سَمِعْتُ أَذَانَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَذَانُهُ وَإِقَامَتُهُ مَثْنَى مَثْنَى قُلْتُ فِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَثْبُتْ سَمَاعُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زيد وفيه المغيرة وهو بن مُقْسِمٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الشَّعْبِيِّ بِالْعَنْعَنَةِ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْأَذَانُ مَثْنَى مَثْنَى وَالْإِقَامَةُ مَثْنَى مَثْنَى وبه يقول سفيان الثوري وبن الْمُبَارَكِ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ) وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ أَلْفَاظَ الْإِقَامَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ كلمة كلها مُفْرَدَةٌ إِلَّا التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا وَلَفْظَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا مَثْنَى مَثْنَى وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ أَنَسٍ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ وَحَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ يعني الذي ذكرناه في الباب المتقدم وحديث بن عُمَرَ يَعْنِي الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي الْحَرَمَيْنِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْيَمَنِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ إِلَى أَقْصَى بِلَادِالْإِسْلَامِ أَنَّ الْإِقَامَةَ فُرَادَى قَالَ أَيْضًا مَذْهَبُ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُكَرِّرُ قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُكَرِّرُهَا وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي قَدِيمِ قَوْلَيْهِ إِلَى ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَنَا قَوْلٌ شَاذٌّ أَنَّهُ يَقُولُ فِي التَّكْبِيرِ الْأَوَّلِ اللَّهُ أَكْبَرُ مَرَّةً وَفِي الْأَخِيرَةِ مَرَّةً وَيَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصلاة مرة قال بن سَيِّدِ النَّاسِ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ وَأَنَسٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَدَاوُدُ وبن الْمُنْذِرِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ مِمَّنْ قَالَ بِإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وبن سِيرِينَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ الْبَغَوِيُّ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ وَالثَّوْرِيُّ وبن الْمُبَارَكِ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى أَنَّ أَلْفَاظَ الْإِقَامَةِ مِثْلُ الْأَذَانِ عِنْدَهُمْ مَعَ زِيَادَةِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي رِوَايَةٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ كَانَ أَذَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفْعًا شَفْعًا فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ الرِّوَايَاتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا مُنْقَطِعَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِي سماع بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَيُجَابُ عَنْ هَذَا الِانْقِطَاعِ بِأَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَالَ بَعْدَ إِخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مَا لَفْظُهُ.

     وَقَالَ  شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ رَأَى الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَهَذَا أصح انتهى وقد روى بن أَبِي لَيْلَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِيُّ بْنُ كَعْبٍ وَالْمِقْدَادُ وَبِلَالٌ وَكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَصُهَيْبٌ وَخَلْقٌ يَطُولُ ذِكْرُهُمْ.

     وَقَالَ  أَدْرَكْتُ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ فَلَا عِلَّةَ لِلْحَدِيثِ لِأَنَّهُ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بِدُونِ تَوْسِيطِ الصَّحَابَةِ مُرْسَلٌ عَنِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمُسْنَدِ وَعَلَى رِوَايَتِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ عَنْهُ مُسْنَدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يُضَعِّفُهُ فَمُتَابَعَةُ الْأَعْمَشُ إِيَّاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَمُتَابَعَةُ شُعْبَةَ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ مِمَّا يُصَحِّحُ خَبَرَهُ وَإِنْ خَالَفَاهُ فِي الْإِسْنَادِ وَأَرْسَلَا فَهِيَ مُخَالَفَةٌ غَيْرُ قَادِحَةٍ وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُوَيْدِ بْنِ غفلة أن بلال كَانَ يُثَنِّي الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَادَّعَى الْحَاكِمُ فِيهِ الِانْقِطَاعَ قَالَ الْحَافِظُ وَلَكِنْ فِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ سمعت بلالا ويؤيد ذلك ما رواه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَبْرِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ شَيْخٍ يُقَالُ لَهُ الْحَفْصُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَهُوَ سَعْدُ الْقَرَظِ قَالَ أَذَّنَ بِلَالٌ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَذَّنَ لِأَبِي بَكْرٍ فِي حَيَاتِهِ وَلَمْ يُؤَذِّنْ فِي زَمَانِ عُمَرَ وَسُوَيْدُ بْنُ غَفْلَةَ هَاجَرَ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ أَنَّ بِلَالًا ذَهَبَ إِلَى الشَّامِ فِي حَيَاةِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ بِهَا حَتَّى مَاتَ فَهُوَ مُرْسَلٌ وَفِي إِسْنَادِهِ عطاء الخرسانيوَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ مَثْنَى مَثْنَى وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ قَالَ الْحَافِظُ وَحَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ فِي تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ مَشْهُورٌ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَحَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ سَاقَهُ الْحَازِمِيُّ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَذَكَرَ فِيهِ الْإِقَامَةَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عَلَى شَرْطِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَسَيَأْتِي مَا خَرَّجَهُ عَنْهُ الْخَمْسَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِ بِلَالٍ الَّذِي فِيهِ الْأَمْرُ بِإِيتَارِ الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لِأَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ وَبِلَالًا أُمِرَ بِإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ أَوَّلَ مَا شُرِعَ الْأَذَانُ فَيَكُونُ نَاسِخًا وَقَدْ رَوَى أَبُو الشَّيْخِ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ بِمِنًى وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَّ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَأَقَامَ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا عَرَفْتَ هَذَا تَبَيَّنَ لَكَ أَنَّ أَحَادِيثَ تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ صَالِحَةٌ للاحتجاج بها وأحاديث الْإِقَامَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَصَحَّ مِنْهَا لِكَثْرَةِ طُرُقِهَا وكونها في الصحيحين لكن أحاديث إفراد التَّثْنِيَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الزِّيَادَةِ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهَا لَازِمٌ لاسيما مَعَ تَأَخُّرِ تَارِيخِ بَعْضِهَا كَمَا عَرَّفْنَاكَ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى جَوَازِ إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ وَتَثْنِيَتِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ إِلَى إِجَازَةِ الْقَوْلِ بِكُلِّ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذَلِكَ وَحَمَلُوهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالتَّخْيِيرِ وَقَالُوا كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعُ ذَلِكَ وَعَمِلَ بِهِ أَصْحَابُهُ فَمَنْ شَاءَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعًا فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ وَمَنْ شَاءَ ثَنَّى وَمَنْ شَاءَ ثَنَّى الْإِقَامَةَ وَمَنْ شَاءَ أَفْرَدَهَا إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَرَّتَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ انْتَهَى قُلْتُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ جَوَازِ إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ وَتَثْنِيَتِهَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ عِنْدِي وَلَمَّا كَانَتْ أَحَادِيثُ إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ أَصَحَّ وَأَثْبَتَ مِنْ أَحَادِيثِ تَثْنِيَتِهَا لِكَثْرَةِ طُرُقِهَا وَكَوْنِهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَ الْأَخْذُ بِهَا أَوْلَى وَأَمَّا قَوْلُ الشَّوْكَانِيِّ لَكِنَّ أَحَادِيثَ التَّثْنِيَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الزِّيَادَةِ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهَا لَازِمٌ فَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ .

     قَوْلُهُ  ( وَبِهِ يَقُولُ سفيان الثوري وبن الْمُبَارَكِ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ فِي بَابِ تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ الَّذِي فِيهِ وَعَلَّمَنِي الْإِقَامَةَ مَرَّتَيْنِ مَا لَفْظُهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ مِثْلُ الْأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَاحْتَجُّوا فِي الْبَابِ بَهَذَا الْحَدِيثُ يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ وَرَأَوْهُ مُحْكَمًا نَاسِخًا لِحَدِيثِ بِلَالٍ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ بِلَالٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ إِنَّهُمْ ذَكَرُوا الصَّلَاةَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ نَوِّرُوا نارا أو اضربوا قوسا فَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَوَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ.

     وَقَالَ  هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ قَالُوا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي النَّسْخِ لأن بلالا بِإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ أَوَّلَ مَا شُرِعَ الْأَذَانُ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أبي محذورة كان عَامَ حُنَيْنٍ وَبَيْنَ الْوَقْتَيْنِ مُدَّةٌ مَدِيدَةٌ قَالَ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَرَأَوْا أَنَّ الْإِقَامَةَ فُرَادَى وَذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ النَّاسِخِ أَنْ يَكُونَ أَصَحَّ سَنَدًا وَأَقْوَمَ قَاعِدَةً فِي جَمِيعِ جِهَاتِ التَّرْجِيحَاتِ عَلَى مَا قَدَّرْنَاهُ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ وَغَيْرُ مَخْفِيٍّ عَلَى مَنِ الْحَدِيثُ صِنَاعَتُهُ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ لَا يُوَازِي حَدِيثَ أَنَسٍ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فِي التَّرْجِيحَاتِ فَضْلًا عَنِ الْجِهَاتِ كُلِّهَا وَمِنْهَا أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْحُفَّاظِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ بِدَلِيلِ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَخْبَرَنِي جَدِّي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ.

     وَقَالَ  عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَدْرَكْتُ جَدِّي وَأَبِي وَأَهْلِي يُقِيمُونَ فَيَقُولُونَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أشهد أن محمد رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ حَكَى الشَّافِعِيُّ عَنْ وَلَدِ أَبِي مَحْذُورَةَ فِي بَقَاءِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَوَلَدِهِ عَلَى إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى وَهْمٍ وَقَعَ فِيمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ مِنْ تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ قَالَ ثُمَّ لَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَحْفُوظَةٌ وَأَنَّ الْحَدِيثَ ثَابِتٌ وَلَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ وَأَذَانُ بِلَالٍ هُوَ آخِرُ الْأَذَانَيْنِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَادَ مِنْ حُنَيْنٍ وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَقَرَّ بِلَالًا عَلَى أَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَازِمِيِّ قُلْتُ قَدْ تَكَلَّمَ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْحَازِمِيُّ فِي الْجَوَابِ عَنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ فَقَالَ وَقَدْ أَجَابَ الْقَائِلُونَ بِإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ عَنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ النَّاسِخِ أَنْ يَكُونَ أَصَحَّ سَنَدًا وَأَقْوَمَ قَاعِدَةً وَهَذَا مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النَّاسِخِ مُجَرَّدُ الصِّحَّةِ لَا الْأَصَحِّيَّةُ وَمِنْهَا أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْأَئِمَّةِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ وَرَوَوْا مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَازِمِيُّ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وبن خُزَيْمَةَ وَهَذَا الْوَجْهُ غَيْرُ نَافِعٍ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ غَايَةُ مَا اعْتَذَرُوا بِهِ عَدَمُ الْحِفْظِ وَقَدْ حَفِظَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَنْ عَلِمَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَا يَعْلَمُ وَأَمَّا رِوَايَةُ إِيتَارِ الْإِقَامَةِ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ فَلَيْسَتْ كَرِوَايَةِ التَّشْفِيعِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الزِّيَادَةِ وَمِنَ الْأَجْوِبَةِ أَنَّ تَثْنِيَةَ الْإِقَامَةِ لَوْ فُرِضَ أَنَّهَا مَحْفُوظَةٌ وَأَنَّ الْحَدِيثَ بِهَا ثَابِتٌ لَكَانَتْ مَنْسُوخَةً فَإِنَّ أَذَانَ بِلَالٍ هُوَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَلَمَّا عَادَ مِنْ حُنَيْنٍ وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَقَرَّ بِلَالًا عَلَى أَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ قَالُوا وَقَدْ قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَلَيْسَ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ قَالَ أَلَيْسَ قَدْ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَرَّ بِلَالًا على الأذان عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَهَذَا أَنْهَضُ مَا أَجَابُوا بِهِ وَلَكِنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى نَقْلٍ صَحِيحٍ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ بَعْدَ رُجُوعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَأَفْرَدَ الْإِقَامَةَ وَمُجَرَّدُ قَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ لَا يَكْفِي فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ كَانَ دَلِيلًا لِمَذْهَبِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ الْكُلِّ وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهَا لِأَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ عَقِبَ الْآخَرِ مُشْعِرٌ بِجَوَازِ الْجَمِيعِ لَا بِالنَّسْخِ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ قُلْتُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ بِلَالًا أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ وَقَدْ ثَبَتَ أَيْضًا أَنَّهُ أَذَّنَ حَيَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَادَ مِنْ حُنَيْنٍ أَمَرَ بِلَالًا بِتَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ وَمَنَعَهُ مِنْ إِفْرَادِهَا فَالظَّاهِرُ هُوَ مَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - ( بَاب مَا جَاءَ فِي التَّرَسُّلِ فِي الْأَذَانِ) أَيْ بِقَطْعِ الْكَلِمَاتِ بَعْضِهَا عَنْ بعض والتأني في التلفظ بها قال بن قُدَامَةَ التَّرَسُّلُ التَّمَهُّلُ وَالتَّأَنِّي مِنْ قَوْلِهِمْ جَاءَ فلان على رسله والحذر ضِدُّ ذَلِكَ وَهُوَ الْإِسْرَاعُ وَقَطْعُ التَّطْوِيلِ وَهَذَا مِنْ آدَابِ الْأَذَانِ وَمُسْتَحَبَّاتِهِ قَالَ الْأَذَانُ إِعْلَامُ الْغَائِبِينَ وَالتَّثَبُّتُ فِيهِ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ وَالْإِقَامَةُ إِعْلَامُ الْحَاضِرِينَ فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّثَبُّتِ فِيهَا

رقم الحديث 195 [195] .

     قَوْلُهُ  ( نَا الْمُعَلَّى) بِفَتْحِ ثَانِيهِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ ( بْنُ أَسَدٍ) الْعَمِّيُّ الْبَصْرِيُّ أَخُو بَهْزِ ثقة ثبت لم يخطىء إِلَّا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ ( نا عبد المنعم) بن نُعَيْمٍ الْأَسْوَارِيُّ أَبُو سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ ( هُوَ صَاحِبُ السِّقَاءِ) هُوَ لَقَبُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَسْقِي النَّاسَ الْمَاءَ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ مَتْرُوكٌ ( نَا يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ) الْبَصْرِيُّ قَالَ الْحَافِظُ مَجْهُولٌ ( عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ) الْحَسَنُ هُوَ الحسن بن يسار البصري وعطاء وهو عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ الْمَكِّيُّ .

     قَوْلُهُ  ( إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ) أَيْ تَأَنَّ وَلَا تَعْجَلْ وَالرِّسْلُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ السِّينِ التُّؤَدَةُوَالتَّرَسُّلُ طَلَبُهُ ( وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ) أَيْ أَسْرِعْ وَعَجِّلْ فِي التَّلَفُّظِ بِكَلِمَاتِ الْإِقَامَةِ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ الْحَدْرُ بِالْحَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ الْإِسْرَاعُ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ فَاحْدُرْ ضم الدال وكسرها قال بن قُدَامَةَ وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْذِمْ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَأَصْلُ الْحَذْمِ فِي الْمَشْيِ إِنَّمَا هُوَ الْإِسْرَاعُ وَأَنْ يَكُونَ مَعَ هَذَا كَأَنَّهُ يُهَوِّي بِيَدَيْهِ إِلَى خَلْفِهِ انْتَهَى ( وَالْمُعْتَصِرُ) هُوَ مَنْ يُؤْذِيهِ بَوْلٌ أَوْ غَائِطٌ أَيْ يَفْرُغُ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى الْغَائِطِ وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ وَفَرْجَهُ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَالْمِرْقَاةِ ( وَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي) أَيْ خَرَجْتُ وَسَيَأْتِي تَوْضِيحُ هَذَا فِي بَابِ الْإِمَامُ أَحَقُّ بِالْإِقَامَةِ

رقم الحديث 196 [196] .

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ إِسْنَادٌ مَجْهُولٌ) فَإِنَّ فِيهِ يَحْيَى بْنَ مُسْلِمٍ الْبَصْرِيَّ وَهُوَ مَجْهُولٌ قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَذِكْرِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ وَعَبْدُ الْمُنْعِمِ هَذَا ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ فَائِدٍ الْأَسْوَارِيِّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ بِهِ سَوَاءً ثُمَّ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ فِي إِسْنَادِهِ مَطْعُونٌ فيه غير عمر وبن فَائِدٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ انْتَهَى قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَعَمْرُو بْنُ فَائِدٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ مَتْرُوكٌ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُرَتِّلَ الْأَذَانَ وَنَحْدُرَ الْإِقَامَةَ وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ سَاقَهُ.

     وَقَالَ  الْإِسْنَادُ الْأَوَّلُ أَشْهَرُ يَعْنِي طَرِيقَ جَابِرٍ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ مَوْقُوفًا نَحْوَهُ وَلَيْسَ فِي إِسْنَادِهِ إِلَّا أَبُو الزُّبَيْرِ مُؤَذِّنُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهُوَ تَابِعِيٌّ قَدِيمٌ مَشْهُورٌ انْتَهَى وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وبن عَدِيٍّ وَضَعَّفُوهُ إِلَّا الْحَاكِمَ فَقَالَ لَيْسَ فِي إِسْنَادِهِ مَطْعُونٌ غَيْرُ عَمْرِو بْنِ فَائِدٍ قَالَ الْحَافِظُ لَمْ يَقَعْ إِلَّا فِي رِوَايَتِهِ هُوَ وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ لَكِنْ عِنْدَهُمْ فِيهِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ صَاحِبُ السِّقَاءِ وَهُوَ كَافٍ فِي تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ انْتَهَىفَائِدَةٌ حَدِيثُ الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ كُلَّ كَلِمَةٍ مِنْ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ فَيَقُولُ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعَ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ بأربعة أنفس ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ بِنَفَسٍ آخَرَ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ بِنَفَسٍ آخَرَ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ بِنَفَسٍ آخَرَ وَعَلَى هَذَا يَقُولُ كُلَّ كَلِمَةٍ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَقُولَ كُلَّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ فَيَقُولُ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ بِنَفَسٍ آخَرَ انْتَهَى وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً مِنْهَا اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوَّلًا وَآخِرًا وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صُورَةَ تَثْنِيَةٍ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَذَانِ إِفْرَادٌ وَتَعَقَّبَ عَلَيْهِ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ لَا فِي التَّكْبِيرِ الَّذِي فِي آخِرِهِ وَعَلَى مَا قَالَ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ مِنَ اللَّتَيْنِ فِي آخِرِهِ بِنَفَسٍ انْتَهَى قُلْتُ مَا قَالَ الْحَافِظُ حَسَنٌ مُوَجَّهٌ لَكِنْ يُسْتَأْنَسُ لِمَا قَالَ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ كُلَّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ وَفِي آخِرِهِ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ انْتَهَى فَ.

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ وَكَذَا فِي آخِرِهِ يَدُلُّ بِظَاهِرِهِ عَلَى مَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ 1 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي إدخال الاصبع الْأُذُنِ عِنْدَ الْأَذَانِ)

رقم الحديث 197 [197] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ) بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الْحَاءِ مُصَغَّرًا السَّوَائِيُّ ثِقَةٌ ( عَنْ أَبِيهِ) هُوَ أَبُو جُحَيْفَةَ وَاسْمُهُ وَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّوَائِيُّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ وَيُقَالُ لَهُ وَهْبُ الْخَيْرِ صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ وَصَحِبَ عَلِيًّا مَاتَ سَنَةَ 74 أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ .

     قَوْلُهُ  ( رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ وَيَدُورُ) أَيْ عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ ( ويتبع) من الإتباع ( فاه) أي فمه ( ها هنا وههنا) أَيْ يَمِينًا وَشِمَالًا وَفِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ عِنْدَ مسلم قال فجعلت أتتبع فاه ها هنا وههنا يميناوَشِمَالًا يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الرواية فيه تَقْيِيدٌ لِلِالْتِفَاتِ فِي الْأَذَانِ وَأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ انْتَهَى وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَوْنٍ فَقَالَ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ الِاسْتِدَارَةَ عَنَى اسْتِدَارَةَ الرَّأْسِ وَمَنْ نَفَاهَا عَنَى اسْتِدَارَةَ الْجَسَدِ كُلِّهِ انْتَهَى ( وَإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ جَاعِلًا إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَالْإِصْبَعُ مُثَلَّثَةُ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ ( وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْقُبَّةُ مِنَ الْخِيَامِ بَيْتٌ صَغِيرٌ مُسْتَدِيرٌ وَهُوَ مِنْ بُيُوتِ الْعَرَبِ ( أُرَاهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَائِلَ أُرَاهُ هُوَ عَوْنٌ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ يَرْجِعُ إِلَى أَبِي جُحَيْفَةَ ( قَالَ مِنْ أَدَمٍ) بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ أَدِيمٍ أَيْ جِلْدٍ ( بِالْعَنَزَةِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالنُّونِ وَالزَّايِ عَصًا أَقْصَرُ مِنَ الرُّمْحِ لَهَا سِنَانٌ وَقِيلَ هِيَ الْحَرْبَةُ الْقَصِيرَةُ قَالَهُ الْحَافِظُ وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْعَنَزَةُ مِثْلُ نِصْفِ الرُّمْحِ أَوْ أَكْبَرُ شَيْئًا وَفِيهَا سِنَانٌ مِثْلُ سِنَانِ الرُّمْحِ وَالْعُكَّازَةُ قَرِيبٌ مِنْهَا انْتَهَى ( فَرَكَزَهَا) أَيْ غَرَزَهَا ( بِالْبَطْحَاءِ) يعَنِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ وَهُوَ مَوْضِعٌ خَارِجَ مَكَّةَ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْأَبْطُحُ قَالَهُ الْحَافِظُ قُلْتُ وَيُقَالُ لَهُ الْمُحَصَّبُ أَيْضًا ( يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ) قَالَ الْحَافِظُ أَيْ بَيْنَ الْعَنَزَةِ وَالْقِبْلَةِ لَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَنَزَةِ فَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيِ الْعَنَزَةِ ( وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ) الْحُلَّةُ بِضَمِّ الْحَاءِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْحُلَّةُ وَاحِدُ الْحُلَلِ وَهِيَ بُرُودُ الْيَمَنِ وَلَا تُسَمَّى حُلَّةً إِلَّا أَنْ تَكُونَ ثَوْبَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ( كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَرِيقِ سَاقَيْهِ) أَيْ لَمَعَانِهِمَا وَالْبَرِيقُ اللَّمَعَانُ ( قَالَ سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ الرَّاوِي عَنْ عَوْنٍ ( نَرَاهُ حِبَرَةً) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ نَظُنُّ أَنَّ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ حَمْرَاءَ بَحْتًا بَلْ كَانَتْ حِبَرَةً يَعْنِي كَانَتْ فِيهَا خُطُوطٌ حُمْرٌ فَإِنَّ الْحِبَرَةَ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمَجْمَعِ هِيَ ضَرْبٌ مِنْ بُرُودٍ مِنَ الْيَمَنِ مُوَشًّى مُخَطَّطٌ.

     وَقَالَ  بن الْقَيِّمِ إِنَّ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ بُرْدَانِ يَمَانِيَّانِ مَنْسُوجَانِ بِخُطُوطٍ حُمْرٍ مَعَ الْأَسْوَدِ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ إِنَّهَا كَانَتْ حَمْرَاءَ بَحْتًا قَالَ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِهَذَا الِاسْمِ انْتَهَى وَتَعَقَّبَ الشَّوْكَانِيُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ وَصَفَهَا بِأَنَّهَا حَمْرَاءُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ وَالْوَاجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ الْحَمْرَاءُ الْبَحْتُ وَالْمَصِيرُ إِلَى الْمَجَازِ أَعْنِي كَوْنَ بَعْضِهَا أَحْمَرَ دُونَ بَعْضٍ لَا يُحْمَلُ ذَلِكَ الْوَصْفُ عَلَيْهِ إِلَّا لِمُوجَبٍ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى الْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ لُغَةً فَلَيْسَ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِيهَا فَالْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ لَا تَثْبُتُبِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ وَقَدْ عَقَدَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابًا بِلَفْظِ بَابٌ الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ وَأَوْرَدَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ يُشِيرُ إِلَى الْجَوَازِ وَالْخِلَافِ فِي ذَلِكَ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا يُكْرَهُ وَتَأَوَّلُوا حَدِيثَ الْبَابِ بِأَنَّهَا كَانَتْ حُلَّةً مِنْ بُرُودٍ فِيهَا خُطُوطٌ حُمْرٌ انْتَهَى وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوْضِعِهَا بِالْبَسْطِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ إِلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ إِدْخَالَ الْإِصْبَعَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ وَلَا الِاسْتِدَارَةَ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَجْعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أذنيه قال إنه أرفع لصوتك أخرجه بن مَاجَهْ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَفِي الْبَابِ رِوَايَاتٌ أُخْرَى .

     قَوْلُهُ  ( وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُدْخِلَ الْمُؤَذِّنُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ فِي الْأَذَانِ) قَالُوا فِي ذَلِكَ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَرْفَعَ لِصَوْتِهِ وَفِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ بِلَالٍ وَثَانِيَتُهُمَا أَنَّهُ عَلَامَةٌ لِلْمُؤَذِّنِ لِيَعْرِفَ مَنْ رَآهُ عَلَى بُعْدٍ أَوْ كَانَ بِهِ صَمَمٌ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ قَالَهُ الْحَافِظُ.

     وَقَالَ  لَمْ يَرِدْ تَعْيِينُ الْإِصْبَعِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ وَضْعُهَا وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ أَنَّهَا الْمُسَبِّحَةُ وَإِطْلَاقُ الْإِصْبَعِ مَجَازٌ عَنِ الْأُنْمُلَةِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَفِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا يُدْخِلُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ) لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنَ السُّنَّةِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْأَذَانِ فَقِيَاسٌ مع الفارق قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَجْعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ قَالَ إِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِكَ مَا لَفْظُهُ قَالَ الطِّيبِيُّ وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ أَنَّهُ إِذَا سَدَّ صِمَاخَيْهِ لَا يَسْمَعُ إِلَّا الصَّوْتَ الرَّفِيعَ فَيَتَحَرَّى فِي اسْتِقْصَائِهِ كَالْأَطْرَشِ قِيلَ وَبِهِ يَسْتَدِلُّ الْأَصَمُّ عَلَى كَوْنِهِ أَذَانًا فَيَكُونُ أَبْلَغَ فِي الاعلام قال بن حَجَرٍ وَلَا يُسَنُّ ذَلِكَ فِي الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى أَبْلَغِيَّةِ الْإِعْلَامِ لِحُضُورِ السَّامِعِينَ انْتَهَى ( وَأَبُو جُحَيْفَةَ اسْمُهُ وَهْبٌ السُّوَائِيُّ) بِمَضْمُومَةٍ وَخِفَّةِ وَاوٍ فَأَلِفٍ فَكَسْرِ هَمْزَةٍ نِسْبَةً إِلَى سُوَاءَةَ بْنِ عَامِرٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي32 - ( باب ما جاء في التثويب في الفجر) التَّثْوِيبُ هُوَ الْعَوْدُ إِلَى الْإِعْلَامِ بَعْدَ الْإِعْلَامِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْإِقَامَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ حَتَّى إِذَا ثَوَّبَ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ وَعَلَى قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ تَثْوِيبٌ قَدِيمٌ ثَابِتٌ مِنْ وَقْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا وَقَدْ أَحْدَثَ النَّاسُ تَثْوِيبًا ثَالِثًا بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ قلت ومراد الترمذي بالتثويب ها هنا هُوَ قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ

رقم الحديث 198 [198] .

     قَوْلُهُ  ( أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ) بضم الزاء الْمُوَحَّدَةِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ دِرْهَمٍ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ إلا أنه قد يخطىء فِي حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ وَهُوَ مِنْ رِجَالِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ ( أَبُو إِسْرَائِيلَ) يَجِيءُ تَرْجَمَتُهُ ( عَنِ الْحَكَمِ) هو بن عُتَيْبَةَ ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ بِلَالٍ) عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ بِلَالٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ .

     قَوْلُهُ  ( لَا تُثَوِّبَنَّ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ إِلَّا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ) مِنَ التَّثْوِيبِ قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ هُوَ .

     قَوْلُهُ  الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ.

     وَقَالَ  وَالْأَصْلُ فِي التَّثْوِيبِ أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مُسْتَصْرِخًا فَيُلَوِّحُ بِثَوْبِهِ لِيُرَى وَيُشْتَهَرُ فَسُمِّيَ الدُّعَاءُ تَثْوِيبًا لِذَلِكَ وَكُلُّ دَاعٍ مُثَوِّبٌ وَقِيلَ إِنَّمَا سُمِّيَ تَثْوِيبًا مِنْ ثَابَ يَثُوبُ إِذَا رَجَعَ فَهُوَ رُجُوعٌ إِلَى الْأَمْرِ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَنَّ الْمُؤَذِّنَ إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَقَدْ دَعَاهُمْ إِلَيْهَا وَإِذَا قَالَ بَعْدَهَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فَقَدْ رَجَعَ إِلَى كَلَامٍ مَعْنَاهُ الْمُبَادَرَةُ إِلَيْهَا انْتَهَى كلام الجزري وحديث الباب أخرجه بن مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَمْ يَلْقَ بِلَالًا .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الْأَذَانِ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَإِنْ كَانَ صَلَاةُ الصُّبْحِ قُلْتَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله ورواه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ أخرجه بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالدّارَقُطْنيُّ ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِمَا.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى مَذْكُورَةٌ فِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ كَوْنُ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ بَعْدَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ وبلال المذكورين وكذا من حديث بن عُمَرَ قَالَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ بَعْدَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ رَوَاهُ السِّرَاجُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكَافَّةِ وَهُوَ الْحَقُّ.
وَأَمَّا مَا قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي مُوَطَّئِهِ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ يَكُونُ ذَلِكَ فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ النِّدَاءِ فَفِيهِ نَظَرٌ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ بِلَالٍ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْرَائِيلَ الْمَلَائِيِّ) بِمَضْمُومَةٍ وَخِفَّةِ لَامٍ وَبِمَدٍّ بِيَاءٍ فِي آخِرِهِ نِسْبَةً إِلَى بَيْعِ الْمِلَاءِ نَوْعٍ مِنَ الثِّيَابِ ( إِنَّمَا رَوَاهُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ) وَهُوَ مَتْرُوكٌ ( وَأَبُو إِسْرَائِيلَ اسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَلَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ) قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الميزان أبو إسرائيل الملائي الكوفي هو إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ خَلِيفَةَ ضَعَّفُوهُ وَقَدْ كَانَ شِيعِيًّا بَغِيضًا مِنَ الْغُلَاةِ الَّذِينَ يَكْرَهُونَ عثمان قال بن الْمُبَارَكِ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِسُوءِ حِفْظِ أَبِي إِسْرَائِيلَ وَذَكَرَ أَقْوَالَ الْجَرْحِ.

     وَقَالَ  الحافظ في التقريب صدوق سيء الْحِفْظِ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ إِسْحَاقُ فِي التَّثْوِيبِ) أَيْ فِي تَفْسِيرِهِ ( غَيْرَ هَذَا) أَيْ غَيْرَ هَذَا الذي فسره به بنالْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ ( قَالَ) أَيْ إِسْحَاقُ ( هُوَ شَيْءٌ أَحْدَثَهُ النَّاسُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَاسْتَبْطَأَ الْقَوْمُ قَالَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ) وَبِهَذَا التَّفْسِيرِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ الْبَابِ اخْتَلَفُوا فِي التَّثْوِيبِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا يَعْنِي الْحَنَفِيَّةَ هُوَ أَنْ يَقُولَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ.

     وَقَالَ  الْبَاقُونَ هُوَ .

     قَوْلُهُ  فِي الْأَذَانِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ انْتَهَى كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ قُلْتُ قَوْلُ الْبَاقِينَ هُوَ .

     قَوْلُهُ  فِي الْأَذَانِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ انْتَهَى كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ قُلْتُ قَوْلُ الْبَاقِينَ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ.
وَأَمَّا مَا قَالَ بِهِ إِسْحَاقُ وَمَنْ تَبِعَهُ فَهُوَ مُحْدَثٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ فَكَيْفَ يَكُونُ مُرَادًا فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ ( وَاَلَّذِي أَحْدَثُوهُ) عَطْفٌ عَلَى الَّذِي كَرِهَهُ قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ أَمَّا النِّدَاءُ بِالصَّلَاةِ الَّذِي يَعْتَادُهُ النَّاسُ مِنْ بَعْدِ الْأَذَانِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ يَدْخُلُ فِي الْقِسْمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ انْتَهَى ( وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ) أَيْ فِي أَذَانِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ هَذَا الْأَثَرَ ( وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَسْجِدًا إِلَخْ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ ولفظه قال كنت مع بن عُمَرَ فَثَوَّبَ رَجُلٌ فِي الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ قَالَ اخْرُجْ بِنَا فَإِنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ انْتَهَى وَإِنَّمَا قَالَ اخْرُجْ بِنَا لِأَنَّهُ كَانَحِينَئِذٍ أَعْمَى 3 - ( بَاب مَا جَاءَ أَنَّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ)

رقم الحديث 199 [199] .

     قَوْلُهُ  ( نَا عَبْدَةُ وَيَعْلَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْمُهْمَلَةِ الْإِفْرِيقِيُّ قَاضِيهَا ضَعِيفٌ مِنْ جِهَةِ حِفْظِهِ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا قَالَهُ الْحَافِظُ ( عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ) بِضَمِّ النُّونِ مُصَغَّرًا هُوَ زِيَادُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ ثِقَةٌ ( عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ) بِضَمِّ الصَّادِ وَخِفَّةِ الدَّالِ فَأَلِفٍ فَهَمْزَةٍ نِسْبَةً إِلَى صُدَاءَ مَمْدُودٌ وَهُوَ حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ قَالَهُ صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبِحَارِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَذَّنَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُعَدُّ فِي الْبِصْرِيِّينَ قَالَهُ الطِّيبِيُّ.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ لَهُ صُحْبَةٌ وَوِفَادَةٌ ( أَنَّ أَخَا صُدَاءَ) هُوَ زِيَادُ بْنُ الْحَارِثِ الصُّدَائِيُّ ( وَمَنْ أَذَّنَ فهو يقيم) قال بن الْمَلَكِ فَيُكْرَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرُهُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُكْرَهُ لِمَا روى أن بن أُمِّ مَكْتُومٍ رُبَّمَا كَانَ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ بِلَالٌ وَرُبَّمَا كَانَ عَكْسُهُ وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَحِقَهُ الْوَحْشَةُ بِإِقَامَةِ غَيْرِهِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ قُلْتُ لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ التي ذكرها بن الْمَلَكِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ حَدِيثٌ آخَرُ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ وَتَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنِ بن عُمَرَ) أَخْرَجَهُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ شَاهِينَ فِي كِتَابِ النَّاسِخِوَالْمَنْسُوخِ وَأَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ وَالْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ الْمَازِنِيِّ ثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَيْرٍ لَهُ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَنَزَلَ الْقَوْمُ فَطَلَبُوا بِلَالًا فَلَمْ يَجِدُوهُ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَذَّنَ ثُمَّ جَاءَ بِلَالٌ فَذَكَرَ لَهُ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَهْلًا يَا بِلَالُ فَإِنَّمَا يُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ قَالَ بن أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ قَالَ أَبِي هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَسَعِيدٌ هَذَا مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ .

     قَوْلُهُ  ( إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ الْإِفْرِيقِيِّ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ ( وَالْإِفْرِيقِيُّ هُوَ ضَعِيفٌ) قَالَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ ضَعِيفٌ لِكَثْرَةِ رِوَايَتِهِ لِلْمُنْكَرَاتِ مَعَ عِلْمِهِ وَزُهْدِهِ وَرِوَايَةُ الْمُنْكَرَاتِ كَثِيرًا مَا يَعْتَرِي الصَّالِحِينَ لِقِلَّةِ تَفَقُّدِهِمْ لِلرُّوَاةِ لِذَلِكَ قِيلَ لَمْ نَرَ الصَّالِحِينَ فِي شَيْءٍ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ كَذَا فِي النَّيْلِ وَقَالَ مَيْرُكُ ضَعَّفَ الْحَدِيثَ التِّرْمِذِيُّ لِأَجْلِ الْإِفْرِيقِيِّ وَحَسَّنَهُ الْحَازِمِيُّ وقواه العقيلي وبن الجوزي انتهى والحديث أخرجه أبو داود وبن مَاجَهْ ( يُقَوِّي أَمْرَهُ وَيَقُولُ هُوَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ) هَذَا مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْدِيلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العلم أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ) قَالَ الْحَافِظُ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ غَيْرُهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَوْلَوِيَّةِ فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَأَنَّ الْأَمْرَ مُتَّسَعٌ وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنَّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ كَانَ يُقَالُ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ جَاءَ وَقَدْ أَذَّنَ إِنْسَانٌ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَحْمَدُ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ عَنْهُ وَإِذَا أَذَّنَ الرَّجُلُ أَحْبَبْتُ أَنْ يَتُولىَ الْإِقَامَةَ لِشَيْءٍ يُرْوَى فِيهِ أَنَّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مَا أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو الْمَحَاسِنِ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ حَدِيثَ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ بِأَطْوَلَ مِمَّا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ثُمَّ قَالَ قَالُوا فَهَذَا الْحَدِيثُ أَقْوَمُ إِسْنَادًا مِنَ الْأَوَّلِ يَعْنِي مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بن زيد ذكره قبل ذلك بلفظ رأى عَبْدُ اللَّهِ الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَأَلْقَاهُ عَلَى بِلَالٍ فَأَذَّنَفَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَا رَأَيْتُهُ وَأَنَا كُنْتُ أُرِيدُهُ قَالَ فَأَقِمْ أَنْتَ قَالَ ثُمَّ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ كَانَ فِي أَوَّلِ مَا شُرِعَ الْأَذَانُ وَذَلِكَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَحَدِيثُ الصُّدَائِيِّ كَانَ بَعْدَهُ بِلَا شَكٍّ وَالْأَخْذُ بِآخِرِ الْأَمْرَيْنِ أَوْلَى وَطَرِيقُ الْإِنْصَافِ أَنْ يُقَالَ الْأَمْرُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى التَّوَسُّعِ وَادِّعَاءُ النَّسْخِ مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى خلاف الأصل إذا لَا عِبْرَةَ لِمُجَرَّدِ التَّرَاخِي ثُمَّ نَقُولُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ إِنَّمَا فُوِّضَ الْأَذَانُ إِلَى بِلَالٍ لِأَنَّهُ كَانَ أَنْدَى صَوْتًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ وَمِنْ شَرْطِهِ الصَّوْتُ وَكُلَّمَا كَانَ الصَّوْتُ أَعْلَى كَانَ أَوْلَى وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ فَكَانَ جَهْوَرِيَّ الصَّوْتِ وَمَنْ صَلَحَ لِلْأَذَانِ فَهُوَ لِلْإِقَامَةِ أَصْلَحُ وَهَذَا الْمَعْنَى يُؤَكِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَازِمِيِّ قُلْتُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَحَدِيثُ الصُّدَائِيِّ كِلَاهُمَا ضَعِيفَانِ وَالْأَخْذُ بِحَدِيثِ الصُّدَائِيِّ أَوْلَى لِمَا ذَكَرَ الْحَازِمِيُّ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الصُّدَائِيِّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ قَانُونٌ كُلِّيٌّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَفِيهِ بَيَانُ وَاقِعَةٍ جُزْئِيَّةٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَأَقِمْ أَنْتَ تَطْيِيبَ قَلْبِهِ لِأَنَّهُ رَأَى الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَلِأَنَّ لِحَدِيثِ الصُّدَائِيِّ شَاهِدًا ضعيفا من حديث بن عُمَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الدراية وأخرج بن شَاهِينَ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ لَهُ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ شَاهِدًا انْتَهَى.

     وَقَالَ  صَاحِبُ سُبُلِ السَّلَامِ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ حَقٌّ لِمَنْ أذن فلا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ وَعَضَّدَ حَدِيثُ الْبَابِ يَعْنِي حديث الصدائي حديث بن عُمَرَ بِلَفْظِ مَهْلًا يَا بِلَالُ فَإِنَّمَا يُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وإن كان قد ضعفه أبو حاتم وبن حِبَّانَ انْتَهَى 4 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْأَذَانِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ)