فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الأذان بالليل

رقم الحديث 789 [789] .

     قَوْلُهُ  (بِشْرِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَقَدِيِّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ أَبُو سَهْلٍ الضَّرِيرُ صَدُوقٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ (أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ وَاقِدٍ الْكُوفِيُّ) أَبُو الْحَسَنِ وَيُقَالُ أَبُو سَهْلٍ سَكَنَ الْبَصْرَةَ مَتْرُوكٌ مِنَ الثَّامِنَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ قَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الحديث وقال أحمد ضعيف وقال بن معين ليس بثقة وقال بن عَدِيٍّ عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  (فَلَا يَصُومَنَّ تَطَوُّعًا إِلَّا بِإِذْنِهِمْ) جَبْرًا لِخَاطِرِهِمْ وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ كَذَا فِي التَّيْسِيرِ وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لِئَلَّا يتحرجوا بصومه بسبب تقييد الوقت وإحسان الطعام للصائم بخلاف مَا إِذَا كَانَ مُفْطِرًا فَيَأْكُلُ مَعَهُمْ كَمَا يَأْكُلُونَ فَيَنْدَفِعُ عَنْهُمُ الْحَرَجُ وَلِأَنَّهُ مِنْ آدَابِ الضَّيْفِ أَنْ يُطِيعَ الْمُضِيفَ فَإِذَا خَالَفَ فَقَدْ تَرَكَ الْأَدَبَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ) الْمُنْكَرُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ الضَّعِيفُ (وَقَدْ رَوَى مُوسَى بْنُ دَاوُدَالضبي أبو عبد الله الطرطوسي نزيل بغداد ولي قضاء طرسوس صدوق ففيه زَاهِدٌ لَهُ أَوْهَامٌ مِنْ صِغَارِ التَّاسِعَةِ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ فِي الشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ وَاسْتَشْهَدَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثٍ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  (وَهُوَ أَوْثَقُ مِنْ هَذَا وَأَقْدَمُ) أَيْ أَبُو بَكْرٍ الْمَدِينِيُّ الَّذِي رَوَى عَنْ جَابِرٍ أَوْثَقُ وَأَقْدَمُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الْمَدِينِيِّ الرَّاوِي عَنْ هِشَامٍ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ أَبُو بَكْرٍ الْمَدِينِيُّ عَنْ هِشَامٍ ضَعِيفٌ مِنَ السَّابِعَةِ.

     وَقَالَ  فِيهِ الْفَضْلُ بْنُ مُبَشِّرٍ بِمُوَحَّدَةٍ وَمُعْجَمَةٍ ثَقِيلَةٍ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو بَكْرٍ الْمَدَنِيُّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ فِيهِ لِينٌ مِنَ الْخَامِسَةِ انْتَهَى وَقَالَ الْخَزْرَجِيُّ الْفَضْلُ بْنُ مُبَشِّرٍ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو بَكْرٍ الْمَدَنِيُّ ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ انْتَهَى فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ التِّرْمِذِيِّ هُوَ أَوْثَقُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ فِي نَفْسِهِ ضَعِيفًا أَيْضًا لَكِنَّهُ أَقْوَى مِنْ هَذَا وَضَعْفُهُ أَقَلُّ مِنْ ضَعْفِ هَذَا 1 -

رقم الحديث 790 [79] الِاعْتِكَافُ لُغَةً لُزُومُ الشَّيْءِ وَحَبْسُ النَّفْسِ عَلَيْهِ وَشَرْعًا الْمُقَامُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ إِجْمَاعًا إِلَّا عَلَى مَنْ نَذَرَهُ وَكَذَا مَنْ شَرَعَ فِيهِ فَقَطَعَهُ عَامِدًا عِنْدَ قَوْمٍ وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ الصَّوْمِ لَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَغَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ) يَعْنِي أَنَّ الزُّهْرِيَّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقَيْنِ الْأَوَّلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالثَّانِي عَنْ عُرْوَةَ عن عائشة.

     قَوْلُهُ  ( حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ) وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بعده قال بن الْهُمَامِ هَذِهِ الْمُوَاظَبَةُ الْمَقْرُونَةُ بِعَدَمِ التَّرْكِ مَرَّةً لَمَّا اقْتَرَنَتْ بِعَدَمِ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَتْ دَلِيلَ السُّنِّيَّةِ وَإِلَّا كَانَتْ دَلِيلَ الْوُجُوبِ أَوْ نَقُولُ اللَّفْظُ وَإِنْ دَلَّ عَلَى عَدَمِ التَّرْكِ ظَاهِرًا لَكِنْ وَجَدْنَا صَرِيحًا يَدُلُّ عَلَى التَّرْكِ وَهُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَفِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الغداة أبصر أربع قباب فقال ماهذا فأخبر خبرهن فقال ما حملن عَلَى هَذَا الْبِرُّ انْزِعُوهَا فَنُزِعَتْ فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي آخِرِ الْعَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) بِلَفْظِ وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَسَافَرَ عَامًا فَلَمْ يَعْتَكِفْ فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا أَخْرَجَهُ أَبُو داود والنسائي وبن ماجه وبن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمْ ( وَأَبِي لَيْلَى) لِيُنْظَرَ مَنْ أَخْرَجَهُ ( وأبي سعيد) أخرجه الشيخان ( وأنس) أخرجه الترمذي وبن ماجه ( وبن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

رقم الحديث 791 [791] .

     قَوْلُهُ  ( صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ) بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ أَيْ مَكَانَ اعْتِكَافِهِ أَيِ انْقَطَعَ فِيهِ وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ ابْتِدَاءِ اعْتِكَافِهِ بَلْ كَانَ يَعْتَكِفُ مِنَ الْغُرُوبِ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ وَإِلَّا لَمَا كَانَ مُعْتَكِفًا الْعَشْرَ بِتَمَامِهِ الَّذِي وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَخْبَارٍ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ بِتَمَامِهِ وَهَذَا هُوَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِمُرِيدِ اعْتِكَافِ عَشْرٍ أَوْ شَهْرٍ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْمُنَاوِيِّ وَقَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ فِيهِ أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الْمُعْتَكَفَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَالثَّوْرِيِّ.

     وَقَالَ  الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَطَائِفَةٌ يَدْخُلُ قُبَيْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَلَكِنْ إِنَّمَا تَخَلَّى بِنَفْسِهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَعَدَّهُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ وَإِنَّمَا جَنَحَ الْجُمْهُورُ إِلَى التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ لِلْعَمَلِ بِالْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلُ مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي العشر الأواخرمِنْ رَمَضَانَ وَالثَّانِي مَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ الْحَدِيثَ فَاسْتُفِيدَ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَشْرُ لَيَالٍ وَمِنَ الْآخَرِ عَشْرَةُ أَيَّامٍ فَأَوَّلُوا بِمَا تَقَدَّمَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ إلخ) وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ) قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إِنَّمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ قَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُفْلِحٌ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ الْفُرُوعِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ العشر الأخير تطوعا أدخل قَبْلَ لَيْلَتِهِ الْأُولَى نَصَّ عَلَيْهِ أَيِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَعَنْهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ أَوَّلَ يَوْمٍ منه انتهى مختصرا قوله ( وقد قَعَدَ فِي مُعْتَكَفِهِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَذُو الْحَالِ .

     قَوْلُهُ  الشَّمْسُ أَيْ فَلْتَغِبْ لَهُ الشَّمْسُ فِي حَالَةِ الِاعْتِكَافِ كَذَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ لَهُ أَيْ فَلْتَغِبْ لَهُ الشَّمْسُ حَالَ كَوْنِهِ قَاعِدًا فِي مُعْتَكَفِهِ .

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ) وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ كَمَا عَرَفْتَ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ72 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)

رقم الحديث 792 [792] .

     قَوْلُهُ  ( يجاوز) أَيْ يَعْتَكِفُ ( فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ الْأُخْرَى.

     وَقَالَ  فِي الْمَصَابِيحِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعٌ آخَرُ وَالْمَعْنَى كَانَ يَعْتَكِفُ فِي اللَّيَالِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ( تَحَرَّوْا) أَيِ اطْلُبُوا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ تَعَمَّدُوا طَلَبَهَا فِيهَا وَالتَّحَرِّي الْقَصْدُ وَالِاجْتِهَادُ فِي الطَّلَبِ وَالْعَزْمُ عَلَى تَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالْفِعْلِ وَالْقَوْلِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ الله عنه) أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ ( وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ ( وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ) بِلَفْظِ رَأَيْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَأُنْسِيتُهَا فَاطْلُبُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَهِيَ لَيْلَةُ رِيحٍ وَمَطَرٍ وَرَعْدٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ ( وَجَابِرِ بن عبد الله) لينظر من أخرجه ( وبن عُمَرَ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا ( وَالْفَلَتَانِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ ثُمَّ ألف ثم نون ( بن عَاصِمٍ) الْجِرْمِيِّ وَيُقَالُ الْمُنْقِرِيِّ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ قَالَ أَبُو عَمْرٍو هُوَ خَالُ كُلَيْبٍ بْنِ شِهَابٍ الْجِرْمِيِّ وَالِدُ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ كَذَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لِأَبِي الطَّيِّبِ ( وَأَنَسٍ) أَخْرَجَهُ الدَّيْلَمِيُّ فِي الْفِرْدَوْسِ ( وَأَبِي سَعِيدٍ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا ( وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مُصَغَّرًا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ ( وَأَبِي بكرة) أخرجه الترمذي ( وبن عَبَّاسٍ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ ( وَبِلَالٍ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ ( وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم ( وأكثرالرِّوَايَاتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي كُلِّ وِتْرٍ) فَالْأَرْجَحُ وَالْأَقْوَى أَنَّ كَوْنَ لَيْلَةِ القدر منحصر فِي رَمَضَانَ ثُمَّ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْهُ ثُمَّ فِي أَوْتَارِهِ لَا فِي لَيْلَةٍ مِنْهُ بعينها قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَجْمُوعُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِيهَا.

     وَقَالَ  قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَتَحَصَّلَ لَنَا مِنْ مَذَاهِبِهِمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ قَوْلًا ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ ثُمَّ قَالَ وَأَرْجَحُهَا كُلِّهَا أَنَّهَا فِي وِتْرٍ مِنَ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ وَأَنَّهَا تَنْتَقِلُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَأَرْجَاهَا أَوْتَارُ الْعَشْرِ وَأَرْجَى أَوْتَارِ الْعَشْرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثٌ وَعِشْرِينَ وَأَرْجَاهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ الشَّافِعِيُّ كَانَ هَذَا عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُجِيبُ عَلَى نَحْوِ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ إلخ) قَدِ اعْتُرِضَ عَلِيٌّ القارىء فِي الْمِرْقَاةِ عَلَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ هَذَا وَلَفْظُهُ فِيهِ أَنَّهُ مَا يُحْفَظُ حَدِيثٌ وَرَدَ بِهَذَا اللَّفْظِ فَكَيْفَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَلْفَاظِ النُّبُوَّةِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ ( وَرُوِيَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ قَالَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ تَنْتَقِلُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ) وَنَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَزَعَمَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عليه وكأنه أخذه من حديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِهَا قَالَهُ الحافظ

رقم الحديث 793 [793] .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّى عَلِمْتَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَبِالْأَلِفِ الْمَقْصُورَةِ أَيْ مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ وَمِنْ أَيِّ دَلِيلٍ عَرَفْتَ ( أَبَا الْمُنْذِرِ) بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ وَهُوَ كُنْيَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ( لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ) قَالَ الطِّيبِيُّ الشُّعَاعُ مَا يُرَى من ضوء الشمس عند حدودها مثل الحبال وَالْقُضْبَانِ مُقْبِلَةً إِلَيْكَ لَمَّا نَظَرْتَ إِلَيْهَا انْتَهَى قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْقَاضِي قِيلَ مَعْنَى لَا شُعَاعَ لَهَا أَنَّهَا عَلَامَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهَا قَالَ وَقِيلَ بَلْ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْمَلَائِكَةِ فِي لَيْلَتِهَا وَنُزُولِهَا إِلَى الْأَرْضِ وَصُعُودِهَا بِمَا تَنْزِلُ بِهِ سَتَرَتْ بِأَجْنِحَتِهَا وَأَجْسَامِهَا اللَّطِيفَةِ ضَوْءَ الشَّمْسِ وَشُعَاعَهَا انْتَهَى قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ فِيهِ إِنَّ الْأَجْسَامَ اللَّطِيفَةَ لَا تَسْتُرُ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ الْكَثِيفَةِ نَعَمْ لَوْ قِيلَ غَلَبَ نُورُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ضَوْءَ الشَّمْسِ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ الزَّمَانِيَّةِ مُبَالَغَةً فِي إِظْهَارِ أَنْوَارِهَا الرَّبَّانِيَّةِ لَكَانَ وَجْهًا وَجِيهًا انْتَهَى قُلْتُ فِيهِ مَا فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ قِيلَ فَائِدَةُ الْعَلَامَةِ أَنْ يَشْكُرَ عَلَى حُصُولِ تِلْكَ النِّعْمَةِ إِنْ قَامَ بِخِدْمَةِ اللَّيْلَةِ وَإِلَّا فَيَتَأَسَّفْ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ وَيَتَدَارَكُ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ عَلَامَةً فِي أَوَّلِ لَيْلِهَا إِبْقَاءً لَهَا عَلَى إِبْهَامِهَا .

     قَوْلُهُ  ( وَاَللَّهِ لقد علم بن مَسْعُودٍ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ إلخ) وَفِي رِوَايَةِ مسلم قلت إن أخاك بن مَسْعُودٍ يَقُولُ مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَّكِلَ النَّاسُ أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ إلخ ( فَتَتَّكِلُوا) أَيْ فَتَعْتَمِدُوا عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ هُوَ الصَّحِيحَ الْغَالِبَ فَلَا تَقُومُوا إِلَّا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَتَتْرُكُوا قِيَامَ سَائِرِ اللَّيَالِي فَيَفُوتَ حِكْمَةُ الْإِبْهَامِ الَّذِي نَسِيَ بِسَبَبِهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

رقم الحديث 673 [673] .

     قَوْلُهُ  ( صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ) ظَاهِرُهُ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الطَّعَامِ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ وَقَدْ حَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ هُنَا الْحِنْطَةُ وَأَنَّهُ اسْمٌ خَاصٌّ لَهُ قَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ قَدْ كَانَتْ لَفْظَةُ الطَّعَامِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْحِنْطَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَتَّى إِذَا قِيلَ اذْهَبْ إِلَى سُوقِ الطَّعَامِ فُهِمَ مِنْهُ سُوقُ الْقَمْحِ وَإِذَا غَلَبَ الْعُرْفُ نَزَلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ رَدَّ ذلك بن الْمُنْذِرِ.

     وَقَالَ  ظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ صَاعٌ مِنْ حِنْطَةٍ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَجْمَلَ الطَّعَامَ ثُمَّ فَسَّرَهُ ثُمَّ أَوْرَدَ طَرِيقَ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ أَبَا سعيد قال كنا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامُنَا الشَّعِيرَ وَالزَّبِيبَ وَالْأَقِطَ وَالتَّمْرَ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا قَالَ قَالَ الْحَافِظُ وَأَخْرَجَ بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ نافع عن بن عُمَرَ قَالَ لَمْ تَكُنِ الصَّدَقَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلا التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ وَالشَّعِيرَ وَلَمْ تَكُنِ الْحِنْطَةَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ كُنَّا نُخْرِجُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ وَكَأَنَّهُ سَكَتَ عَنِ الزَّبِيبِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِقِلَّتِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهَذِهِ الطُّرُقُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ غَيْرُ الحنطة انتهى وقال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا الْمُرَادُ بِالطَّعَامِ الْمَعْنَى الْعَامُّ فَيَكُونُ عَطْفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ انْتَهَى ( أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ) أَيْ عِنَبٍ يَابِسٍ قَالَ فِي الصُّرَاحِ زبيب مويز زبيبة يكي يُقَالُ زَبَّبَ فُلَانٌ عِنَبَهُ تَزْبِيبًا ( أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ لَبَنٌ مُجَفَّفٌ يَابِسٌ مُسْتَحْجَرٌ يُطْبَخُ بِهِ ( حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فكلم الناس على المنبر وفي رواية بن خُزَيْمَةَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ خَلِيفَةٌ ( مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ) أَيِ الْقَمْحِ الشَّامِيِّ ( فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ) الْمُرَادُ بِالنَّاسِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ( قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَلَا أَزَالَ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُو سَعِيدٍ.

     وَقَالَ  لَا أُخْرِجُ إِلَّا مَا كُنْتُ أُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا.

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ صَاعًا) أَيْ مِنْ بُرٍّ كَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ( وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَالْبُرُّ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الطَّعَامِ إِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبًا فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الْبُرِّ إِنَّمَا هُوَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا عِنْدَهُمْ فَلَا يُجْزِئُ دُونَ الصَّاعِ مِنْهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ كَذَا فِي النَّيْلِ وَاسْتُدِلَّ لَهُمْ أَيْضًا بِأَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي ثَبَتَ ذِكْرُهَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ لَمَّا كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي مِقْدَارِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مَعَ تَخَالُفِهَا فِي الْقِيمَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إِخْرَاجُ هَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ أَيْ جِنْسٍ كَانَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحِنْطَةِ وَغَيْرِهَا قُلْتُ .

     قَوْلُهُ مْ هَذَا هُوَ الْأَحْوَطُ عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ.
اعْلَمْ أَنَّ الصَّاعَ صَاعَانِ حِجَازِيٌّ وَعِرَاقِيٌّ فَالصَّاعُ الْحِجَازِيُّ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رِطْلٍ وَالْعِرَاقِيُّ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ الْعِرَاقِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي بِلَادِ الْعِرَاقِ مِثْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّاعُ الْحَجَّاجِيُّ لِأَنَّهُ أَبْرَزَهُ الْحَجَّاجُ الْوَالِي.
وَأَمَّا الصَّاعُ الْحِجَازِيُّ فَكَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي بِلَادِ الْحِجَازِ وَهُوَ الصَّاعُ الَّذِي كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ كَانُوا يُخْرِجُونَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ وَالْجُمْهُورُ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالصَّاعِ الْعِرَاقِيِّ وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ بِقَوْلِهِ فَلَمَّا دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَنَاظَرَ الْإِمَامَ مَالِكًا رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ.

     وَقَالَ  بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا بَابَ صَدَقَةِ الزَّرْعِ وَالتَّمْرِ وَالْحُبُوبِ .

     قَوْلُهُ  ( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ صَاعٌ إِلَّا مِنَ الْبُرِّ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ نِصْفُ صَاعٍ وهو قول سفيان الثوري وبن الْمُبَارَكِ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ) وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَمِنْهُمْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ من طريق عبد العزيز أَبِي دَاوُدَ عَنْنَافِعٍ وَفِيهِ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ وَكَثُرَتِ الْحِنْطَةُ جَعَلَ نِصْفَ صَاعٍ حِنْطَةً وَمِنْهُمْ عُثْمَانُ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَفِيهِ نِصْفُ صَاعِ بُرٍّ وَمِنْهُمْ عَلِيٌّ ومنهم بن الزُّبَيْرِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَفِيهِ مُدَّانِ مِنْ قمح وعن بن عباس وجابر وبن مَسْعُودٍ نَحْوُهُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا انْتَهَى وَقَالَ فِي فَتْحِ الباري قال بن الْمُنْذِرِ لَا نَعْلَمُ فِي الْقَمْحِ خَبَرًا ثَابِتًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنِ الْبُرُّ بِالْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ فَلَمَّا كَثُرَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ رَأَوْا أَنَّ نِصْفَ صَاعٍ مِنْهُ يَقُومُ مَقَامَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ وَهُمُ الْأَئِمَّةُ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُعْدَلَ عَنْ قَوْلِهِمْ إِلَّا إِلَى قَوْلِ مِثْلِهِمْ ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عُثْمَانَ وعلي وأبي هريرة وجابر وبن عباس وبن الزُّبَيْرِ وَأُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ أَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ انْتَهَى وَاسْتُدِلَّ لِمَنْ قَالَ بِنِصْفِ صَاعٍ مِنَ الْبُرِّ بِأَحَادِيثَ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ بَعْضًا مِنْهَا وَأَشَارَ إِلَى بَعْضِهَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْبُرَّ عَلَى تَسْلِيمِ دُخُولِهِ تَحْتَ لَفْظِ الطَّعَامِ مُخَصَّصٌ بِأَحَادِيثِ نِصْفِ الصَّاعِ مِنَ الْبُرِّ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِمَجْمُوعِهَا تَنْتَهِضُ لِلتَّخْصِيصِ انْتَهَى مُحَصَّلًا

رقم الحديث 674 [674] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ الْعَمِّيُّ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْبَصْرِيُّ الْحَافِظُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ ثِقَةٌ ( أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ) صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ .

     قَوْلُهُ  ( فِي فِجَاجِ مَكَّةَ) جَمْعُ فَجٍّ وَهُوَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ .

     قَوْلُهُ  ( مُدَّانِ مِنْ قَمْحٍ) أَيْ هِيَ مُدَّانِ مِنْ حِنْطَةٍ فَهُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ محذوف ( أو سواه) أي سوى القمح وأو لِلتَّخْيِيرِ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ ( مِنْ طَعَامٍ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ سِوَاهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ) قَالَ الزيلعي في نصب الراية وأعله بن الجوزي فيالتحقيق بسالم بن نوح قال بن مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَتَعَقَّبَهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ فَقَالَ هُوَ صَدُوقٌ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وقال أبو زرعة صدوق ثقة ووثقه بن حِبَّانَ.

     وَقَالَ  النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيُّ فيه شيء وقال بن عدي عنده غريب وأفراد وأحاديثه مُقَارِبَةٌ مُخْتَلِفَةٌ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَمْرٍو فَقِيلَ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ عَنْهُ بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى

رقم الحديث 675 [675] .

     قَوْلُهُ  ( فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مِنَ الفرائض وقد نقل الحافظ بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ بِالْوُجُوبِ دُونَ الْفَرِيضَةِ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ قَالُوا إِذْ لَا دَلِيلَ قَاطِعٌ تَثْبُتُ بِهِ الْفَرْضِيَّةُ قَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ وَفِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ نَظَرٌ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ بن عُلَيَّةَ وَأَبَا بَكْرٍ بْنَ كَيْسَانَ الْأَصَمَّ قَالَا إِنَّ وُجُوبَهَا نُسِخَ وَنَقَلَ الْمَالِكِيَّةُ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الظاهر وبن اللَّبَّانِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ انْتَهَى وَقَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الناس في معنى فرض ها هنا فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مَعْنَاهُ أَلْزَمَ وَأَوْجَبَ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ فَرْضٌ وَاجِبٌ عِنْدَهُمْ لِدُخُولِهَا في عموم قوله تعالى ( وآتوا الزكاة) وَلِقَوْلِهِ فَرَضَ وَهُوَ غَالِبٌ فِي اسْتِعْمَالِ الشَّرْعِ وقال إسحاق بن رَاهْوَيْهِ إِيجَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ كَالْإِجْمَاعِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ فَعَدَلَ النَّاسُ إِلَى نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ) قِيلَ الْمُرَادُ مِنَ النَّاسِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَيَكُونُ إِجْمَاعًا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ لَكِنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ دَالٌّ عَلَى أنه لم يوافق على ذلك وكذلك بن عُمَرَ فَلَا إِجْمَاعَ فِي الْمَسْأَلَةِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وأخرجه الترمذي في أول الباب ( وبن عَبَّاسٍ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ قَالَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ أَخْرِجُوا صَدَقَةَ صَوْمِكُمْ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى صَغِيرٍ أَوْ كبير وهو من رواية الحسن عن بن عباس والحسن لم يسمع عنبن عَبَّاسٍ وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ قَدْ ذكرها الحافظ الزيلعي والحافظ بن حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِهِمَا لِلْهِدَايَةِ ( وَجَدِّ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ) لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ ( وَثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي صُعَيْرٍ) بِالتَّصْغِيرِ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ أَوْ قَمْحٍ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَمَّا غَنِيُّكُمْ فَيُزَكِّيهِ اللَّهُ.
وَأَمَّا فَقِيرُكُمْ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهُ وَفِي سَنَدِهِ وَمَتْنِهِ اخْتِلَافٌ قَدْ بَسَطَهُ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ ( وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ

رقم الحديث 676 [676] .

     قَوْلُهُ  ( عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ وَالْبَوَادِي فِي الشِّعَابِ وَكُلِّ مُسْلِمٍ حَيْثُ كَانَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَعَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى دُونَ الْبَوَادِي قَالَ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ فِي أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ مَلَكَ فَاضِلًا عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَجِبُ عَلَى مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ وَعِنْدَنَا أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ مِنَ الْفِطْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ فَاضِلًا عَنْ قُوتِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ لَزِمَتْهُ الْفِطْرَةُ عَنْ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَعَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ قَالَ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِلْكُوفِيِّينَ فِي أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ فِي نَفْسِهَا وَيَلْزَمُهَا إِخْرَاجُهَا مِنْ مَالِهَا وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ يَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِمِثْلِ مَا أُجِيبَ لِدَاوُدَ فِي فِطْرَةِ الْعَبْدِ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ .

     قَوْلُهُ  ( مِنَ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لَا تُخْرَجُ إِلَّا عَنْ مُسْلِمٍ وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ عَبْدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ الْكُفَّارِ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَإِسْحَاقُ وَبَعْضُ السَّلَفِ تَجِبُ عَنِ الْعَبْدِ الْكَافِرِ وَتَأَوَّلَ الطَّحَاوِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ السَّادَةُ دُونَ الْعَبِيدِ وَهَذَا يَرُدُّهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ انْتَهَى.

     قَوْلُهُ  ( وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ نَافِعٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ انْفَرَدَ بِهَا مَالِكٌ دُونَ سَائِرِ أَصْحَابِ نَافِعٍ وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا مَالِكٌ بَلْ وَافَقَهُ فِيهَا ثِقَتَانِ وَهُمَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَعُمَرُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ.
وَأَمَّا عُمَرُ فَفِي الْبُخَارِيِّ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ) وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ زِيَادَةٌ صَحِيحَةٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ قَوْلُ الثوري وبن الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقَ) وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ حَدِيثِ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَأَجَابَ الْآخَرُونَ بِأَنَّ الْخَاصَّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ فَعُمُومُ قَوْلِهِ فِي عَبْدِهِ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي الْفَتْحِ 6 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي تقديمها قبل الصلاة)

رقم الحديث 677 [677] قوله ( عن بن أَبِي الزِّنَادِ) اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى قُرَيْشٍ صَدُوقٌ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ لَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ وَكَانَ فَقِيهًا مِنَ السَّابِعَةِ ( عَنْ مُوسَى بْنِ عقبة) بن أبي عياش الْأَسَدِيِّ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ ثِقَةٌ فَقِيهٌ إِمَامٌ فِي الْمَغَازِي مِنَ الْخَامِسَةِ لَمْ يَصِحَّ أَنَّ بن مَعِينٍ لَيَّنَهُ ( كَانَ يَأْمُرُ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْغُدُوِّ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ) الْغُدُوُّ الْمَشْيُ أَوَّلَ النَّهَارِ أَيْ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ وَبَعْدَ صلاة الفجر.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِلَفْظِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ يؤدي قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ .

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِبُّهُ أَهْلُ الْعِلْمِ إلخ) قال بن عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ يُقَدِّمُ الرَّجُلُ زَكَاتَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ بَيْنَ يَدَيْ صَلَاتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ نَزَلَتْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وكان بن عُمَرَ يُعْطِيهَا لِلَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ قَالَ الْبُخَارِيُّ كَانُوا يعطون ليجمع لَا لِلْفُقَرَاءِ وَفِي مُوَطَّأِ الْإِمَامِ مَالِكٍ عَنْ نافع أن بن عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي يَجْمَعُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْح وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ.

     وَقَالَ  هذا حسن وأنا أسحبه يَعْنِي تَعْجِيلَهَا قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ انْتَهَى وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْوَكَالَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ أَمْسَكَ الشَّيْطَانَ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَهُوَ يَأْخُذُ مِنَ التَّمْرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَجِّلُونَهَا وَعَكَسَهُ الْجَوْزَقِيُّ فَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وهو محتمل للأمرين انتهى قلت أثر بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إِعْطَاءِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لِيَجْمَعَ لَا لِلْفُقَرَاءِ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَمَّا إِعْطَاؤُهَا قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لِلْفُقَرَاءِ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ 7 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)