فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام

رقم الحديث 1443 [1443] .

     قَوْلُهُ  ( بِجَرِيدَتَيْنِ) الْجَرِيدَةُ سَعَفَةُ النَّخْلِ سُمِّيَتْ بِهَا لِكَوْنِهَا مُجَرَّدَةً عَنِ الْخُوصِ وَهُوَ وَرَقُ النَّخْلِ ( نَحْوَ الْأَرْبَعِينَ) وفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وفِي رِوَايَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضْرِبُ فِي الْخَمْرِ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ أَرْبَعِينَ كَذَا فِي الْمِشْكَاةِ ( فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ كَأَخَفِّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ) أَيْ أَرَى أَنْ تُجْعَلَ ثَمَانِينَ كَأَخَفِّ الْحُدُودِ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ إِنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ أَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ ثمانين جلدة فإنه إذا شرب سكر وإذا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى فَجَلَدَ عُمَرُ في حد الخمر ثمانين قال بن الْهُمَامِ وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَشَارَ بِذَلِكَ فَرُوِيَ الْحَدِيثُ مُقْتَصَرًا عَلَى هَذَا مَرَّةً وَعَلَى هَذَا أُخْرَى .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم أن حد السكران ثمانون) قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْمُخَالَفَةُ انْتَهَى وقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ قَدْ ذَهَبَتِ الْعِتْرَةُ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ إِلَى أَنَّ حَدَّ السَّكْرَانِ ثَمَانُونَ جَلْدَةً وذَهَبَ أَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ أَرْبَعُونَ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَفَعَلَهَا عَلِيٌّ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ واسْتَدَلَّ الأولون بأن عمر جلدثمانين بعد ما اسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ قَالَ وَدَعْوَى إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ فَإِنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ قَبْلَ إِمَارَةِ عُمَرَ وَبَعْدَهَا وَرَدَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاقْتِصَارُ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ بَلْ جَلَدَ تَارَةً بِالْجَرِيدِ وَتَارَةً بِالنِّعَالِ وَتَارَةً بِهِمَا فَقَطْ وَتَارَةً بِهِمَا مَعَ الثِّيَابِ وَتَارَةً بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ وَالْمَنْقُولُ مِنَ الْمَقَادِيرِ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّخْمِينِ ولِهَذَا قَالَ أَنَسٌ نَحْوَ أَرْبَعِينَ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا وَرَدَ عَنِ الشَّارِعِ مِنَ الْأَفْعَالِ وَتَكُونُ جَمِيعُهَا جَائِزَةً فَأَيُّهَا وَقَعَ فَقَدْ حَصَلَ بِهِ الْجَلْدُ الْمَشْرُوعُ الَّذِي أَرْشَدَنَا إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفِعْلِ وَالْقَوْلِ كَمَا فِي حَدِيثِ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ فَالْجَلْدُ الْمَأْمُورُ بِهِ هُوَ الْجَلْدُ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنَ الصَّحَابَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ ولَا دَلِيلَ يَقْتَضِي تَحَتُّمَ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَرْبَعِينَ بِالْجَزْمِ كَمَا عَرَفْتَ 5 - ما جاء من شرب الخمر فاجلدوه

رقم الحديث 1444 [1444] قوله ( عن عاصم) هو بن بهدلة وهو بن أبي النجود الكوفي الْمُقْرِئُ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ حُجَّةٌ فِي الْقِرَاءَةِ ( فَإِنْ عاد في الرابعة فاقتلوه) قال القارىء الْمُرَادُ الضَّرْبُ الشَّدِيدُ أَوْ الْأَمْرُ لِلْوَعِيدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا إِلَى أَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ يُقْتَلُ وقِيلَ كَانَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ انْتَهَى قُلْتُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ الْأَخِيرِ ذَهَبَ التِّرْمِذِيُّ وَاخْتَارَهُ وأما قول القارىء بِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إِلَخْ فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ شِرْذِمَةٌ قَلِيلَةٌ كَمَا نقله القارىء نَفْسُهُ عَنِ الْقَاضِي عِيَاضٍ .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالشَّرِيدِ وَالشُّرَحْبِيلِ بْنِ أَوْسٍ وَجَرِيرٍ وَأَبِي الرَّمَدِ الْبَلَوِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إِنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ وزَادَ أَحْمَدُ قَالَ الزُّهْرِيُّ فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بِسَكْرَانَ فِي الرَّابِعَةِ فَخَلَّى سَبِيلَهُ كَذَا فِي المنتقي ورواه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

     وَقَالَ  مَعْنَاهُ إِذَا اسْتَحَلَّ وَلَمْ يَقْبَلِ التَّحْرِيمَ انْتَهَى ورَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ.

     وَقَالَ  حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وأَمَّا حَدِيثُ الشَّرِيدِ فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وأَمَّا حَدِيثُ شُرَحْبِيلَ فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ وأَمَّا حديث جرير وهو بن عَبْدِ اللَّهِ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ وأَمَّاحَدِيثُ أَبِي الرَّمَدِ الْبَلَوِيِّ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ائْتُونِي بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الرَّابِعَةِ فَلَكُمْ عَلَيَّ أَنْ أَقْتُلَهُ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ .

     قَوْلُهُ  ( سَمِعْتُ مُحَمَّدًا) هَذَا قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ وَمُحَمَّدٌ هَذَا هُوَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا أَصَحُّ إِلَخْ) أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ إلا النسائي وأخرجه أيضا بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَسَكَتَ عَنْهُ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ هُوَ صَحِيحٌ وأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ ( وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا) أَيْ قَتْلُ شَارِبِ الْخَمْرِ إِذَا عَادَ فِي الرَّابِعَةِ ( فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ ( ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ) بِضَمِّ الدَّالِ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ ( هَكَذَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ) وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ في مسنده عن بن إِسْحَاقَ بِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِالنُّعْمَانِ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ ثَلَاثًا فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ أَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ الْحَدَّ فَكَانَ نَسْخًا ( وَكَذَلِكَ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُوَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُ هَذَا قَالَ فَرُفِعَ الْقَتْلُ وَكَانَتْ رُخْصَةً) وَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وقَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْقَتْلُ مَنْسُوخٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وقَالَ غَيْرُهُ قَدْ يُرَادُ الْأَمْرُ بِالْوَعِيدِ وَلَا يُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الْفِعْلِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الرَّدْعُ وَالتَّحْذِيرُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ فِي الْخَامِسَةِ وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ بِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ مِنَ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ إِلَّا طَائِفَةٌ شَاذَّةٌ قَالَتْ يُقْتَلُ بَعْدَ حَدِّهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِلْحَدِيثِ وهُوَ عِنْدَ الْكَافَّةِ مَنْسُوخٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وقَبِيصَةُ بْنُ ذُوَيْبٍ وُلِدَ عَامَ الْفَتْحِ وَقِيلَ إِنَّهُ وُلِدَ أَوَّلَ سَنَةٍمِنَ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَّهُ الْأَئِمَّةُ مِنَ التَّابِعِينَ وذَكَرُوا أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ الصَّحَابَةِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ مَوْلِدَهُ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقَدْ قِيلَ إِنَّهُ أُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلَامٌ يَدْعُو لَهُ وَذُكِرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا ذُكِرَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُوَيْبٍ قَالَ كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وأَمَّا أَبُوهُ ذُوَيْبُ بْنُ حَلْحَلَةَ فَلَهُ صُحْبَةٌ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافًا فِي ذَلِكَ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ) .

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ الْكِتَابِ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُقْتَلُ الشَّارِبُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ أَوْ لَا فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إلى أنه يقتل ونصره بن حَزْمٍ وَاحْتَجَّ لَهُ وَدَفَعَ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ الْقَتْلِ وهَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الباب عن بن عَمْرٍو وذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الشَّارِبُ وَأَنَّ الْقَتْلَ مَنْسُوخٌ انْتَهَى16 - ( باب مَا جَاءَ فِي كَمْ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ)

رقم الحديث 1445 [1445] .

     قَوْلُهُ  ( كَانَ يَقْطَعُ) أَيْ يَدَ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ أَيْ كَانَ يَأْمُرُ بِالْقَطْعِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُبَاشِرُ الْقَطْعَ بِنَفْسِهِ ( فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا) قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ يَخْتَصُّ هَذَا بِالْفَاءِ وَيَجُوزُ ثم بدلها ولا تجوز الواو وقال بن جِنِّيٍّ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ أَيْ وَلَوْ زَادَ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إِذَا زَادَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا صَاعِدًا وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَمَا فَوْقَهُ بَدَلَ فَصَاعِدًا وَهُوَ بِمَعْنَاهُ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الجماعة إلا بن مَاجَهْ ( وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا) أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَحَاوَلَ الطَّحَاوِيُّ تَعْلِيلَ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الْمَرْفُوعَةِ بِرِوَايَةِ وَلَدِهِ الْمَوْقُوفَةِ وَأَبُو بَكْرٍ أَتْقَنُ وَأَعْلَمُ مِنْ وَلَدِهِ عَلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يُخَالِفُ الْمَرْفُوعَ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَتْوَى وَالْعَجَبُ أَنَّ الطَّحَاوِيَّ ضَعَّفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَرَامَ هُنَا تَضْعِيفَ الرِّوَايَةِ الْقَوِيَّةِ بِرِوَايَتِهِ انْتَهَى

رقم الحديث 1446 [1446] .

     قَوْلُهُ  ( قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِجَنٍّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ هُوَ التُّرْسُ لِأَنَّهُ يُوَارِي حَامِلَهُ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تُخَالِفُ رِوَايَةَ رُبُعِ دِينَارٍ الْمُتَقَدِّمَةَ لِأَنَّ رُبُعَ الدِّينَارِ كَانَ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَفِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ قَالَ اقْطَعُوا فِي رُبُعِ دِينَارٍ وَلَا تَقْطَعُوا فِيمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ رُبُعُ الدِّينَارِ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَالدِّينَارُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَرُبُعُ الدِّينَارِ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَذَلِكَ أَنَّ الصَّرْفَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ وَكَانَ كَذَلِكَ بَعْدَهُ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ فَرَضَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ سَعْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وبن عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَيْمَنَ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعْدٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَمَّا حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ أيمن فأخرجه الطحاوي قوله ( حديث بن عُمَرَ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  ( مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قَطَعَ فِي خَمْسَةِ دَرَاهِمَ) وأخرج بن الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَا تُقْطَعُ الْخَمْسُ إِلَّا فِي خَمْسٍ ( وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَطَعَا فِي رُبُعِ دِينَارٍ) أَخْرَجَ بن الْمُنْذِرِ أَنَّهُ أُتِيَ عُثْمَانُ بِسَارِقٍ سَرَقَ أُتْرُجَّةً فَقُوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْ حِسَابِ الدِّينَارِ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَقَطَعَ وَأَخْرَجَ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ جعفر عن أبيه أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَطَعَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ السَّارِقِ فِي بَيْضَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ثَمَنُهَا رُبُعُ دِينَارٍ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ ولكنه منقطع( وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُمَا قَالَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِي خَمْسَةِ دَرَاهِمَ) وَرُوِيَ عَنْهُمَا الْقَطْعُ فِي أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ الْمَذْهَبُ الْخَامِسُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ نَقَلَهُ بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَكَذَلِكَ حَكَاهُ عَنْهُمَا فِي الْبَحْرِ انْتَهَى ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ( رَأَوُا الْقَطْعَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا) قَدْ ذَهَبَ إِلَى مَا تَقْتَضِيهِ أَحَادِيثُ الْبَابِ مِنْ ثُبُوتِ الْقَطْعِ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ رُبُعِ دِينَارٍ الْجُمْهُورُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَمِنْهُمُ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَاخْتَلَفُوا فِي مَا يُقَوَّمُ بِهِ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِرُبُعِ الدِّينَارِ إِذَا كَانَ الصَّرْفُ مُخْتَلِفًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْأَصْلُ فِي تَقْوِيمِ الْأَشْيَاءِ هُوَ الذَّهَبُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي جَوَاهِرِ الْأَرْضِ كُلِّهَا حَتَّى قَالَ إِنَّ الثَّلَاثَةَ الدَّرَاهِمَ إِذَا لَمْ تَكُنْ قِيمَتُهَا رُبُعَ دِينَارٍ لَمْ تُوجِبِ الْقَطْعَ انْتَهَى قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُعْتَبَرٌ فِي نَفْسِهِ لَا يُقَوَّمُ بِالْآخَرِ وَذَكَرَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي تَقْوِيمِ العروض بما كان غالبا في نقود أهل البلد ( وقد روى عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ لَا قَطْعَ إِلَّا فِي دِينَارٍ أَوْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ رواه القاسم بن عبد الرحمن عن بن مسعود والقاسم لم يسمع من بن مسعود) أخرج قول بن مَسْعُودٍ هَذَا الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَذَكَرَهُ ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ قَالُوا لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَسَائِرِ فقهاء العراق واحتجوا بقول بن مَسْعُودٍ الْمَذْكُورِ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَوَّمُ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ وَأَخْرَجَ نَحْوَ ذَلِكَ النَّسَائِيُّ عَنْهُ وأخرجعن أَبُو دَاوُدَ أَنَّ ثَمَنَهُ كَانَ دِينَارًا أَوْ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا أَدْنَى مَا يُقْطَعُ فِيهِ ثَمَنُ الْمِجَنِّ قَالَ وَثَمَنُهُ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ قَالُوا هَذِهِ الرِّوَايَاتُ فِي تَقْدِيرِ ثَمَنِ الْمِجَنِّ أَرْجَحُ مِنَ الرِّوَايَاتِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ وَأَصَحَّ وَلَكِنْ هَذِهِ أَحْوَطَ وَالْحُدُودُ تُدْفَعُ بِالشُّبُهَاتِ فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كَأَنَّهَا شُبْهَةٌ فِي الْعَمَلِ بِمَا دُونَهَا وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عن بن الْعَرَبِيِّ قَالَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ مَعَ جَلَالَتِهِ ويجاب بأن الروايات المروية عن بن عباس وبن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي إِسْنَادِهَا جَمِيعًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ عَنْعَنَ وَلَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ إِذَا جَاءَ بِالْحَدِيثِ مُعَنْعَنًا فَلَا يَصْلُحُ لِمُعَارَضَةِ ما في الصحيحين عن بن عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَقَدْ تَعَسَّفَ الطَّحَاوِيُّ فَزَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ مُضْطَرِبٌ ثُمَّ بَيَّنَ الِاضْطِرَابَ بِمَا يُفِيدُ بُطْلَانَ قَوْلِهِ وَقَدِ اسْتَوْفَى صَاحِبُ الْفَتْحِ الرَّدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي النَّيْلِ قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ قَدْ أَجَابَ الْحَافِظُ عَمَّا أَوْرَدَ الطَّحَاوِيُّ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ جَوَابًا حَسَنًا شَافِيًا وَقَدْ أَجَابَ أَيْضًا عَنِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثَمَنَ الْمِجَنِّ كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا أَوْ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ وَأَجَادَ فِيهِ وَأَصَابَ ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ وَلَوْ ثَبَتَتْ لَمْ تَكُنْ مُخَالِفَةً لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ بَلْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا لَا قَطْعَ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ ثُمَّ شُرِعَ الْقَطْعُ فِي الثَّلَاثَةِ فَمَا فَوْقَهَا فَزِيدَ فِي تَغْلِيظِ الْحَدِّ كَمَا زِيدَ فِي تَغْلِيظِ حَدِّ الْخَمْرِ وَأَمَّا سَائِرُ الرِّوَايَاتِ فَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا إِخْبَارٌ عَنْ فِعْلٍ وَقَعَ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فيه تحديد النصاب فلا ينافي رواية بن عُمَرَ يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ حِكَايَةَ فِعْلٍ فَلَا يُخَالِفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّ رُبُعَ دِينَارٍ صَرْفُ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ 7 - ( باب مَا جَاءَ فِي تَعْلِيقِ يَدِ السَّارِقِ)

رقم الحديث 1447 [1447] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ) هُوَ بن أرطأة ( سمعت فَضَالَةَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ ( بْنَ عُبَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ ( أُتِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( فَعُلِّقَتْ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مَجْهُولًا ( فِي عنقه) أي ليكون عبرة ونكالا قال بنالْهُمَامِ الْمَنْقُولُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أَنَّهُ يُسَنُّ تَعْلِيقُ يَدِهِ فِي عُنُقِهِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَرَ بِهِ وَعِنْدَنَا ذَلِكَ مُطْلَقٌ لِلْإِمَامِ إِنْ رَآهُ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي كُلِّ قَطْعِهِ لِيَكُونَ سُنَّةً انْتَهَى.

     وَقَالَ  فِي النَّيْلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَعْلِيقِ يَدِ السَّارِقِ فِي عُنُقِهِ لأن في ذلك من الزجر مالا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَإِنَّ السَّارِقَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا مَقْطُوعَةً مُعَلَّقَةً فَيَتَذَكَّرَ السَّبَبَ لِذَلِكَ وَمَا جَرَّ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرُ مِنَ الْخَسَارِ بِمُفَارَقَةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ النَّفِيسِ وَكَذَلِكَ الْغَيْرُ يَحْصُلُ لَهُ بِمُشَاهَدَةِ الْيَدِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ مَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَسَاوِسُهُ الرَّدِيئَةُ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَطَعَ سَارِقًا فَمَرُّوا بِهِ وَيَدُهُ مُعَلَّقَةٌ فِي عُنُقِهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) قَالَ فِي الْمُنْتَقَى أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا أَحْمَدَ وَفِي إِسْنَادِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ انْتَهَى ( لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيِّ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَهُمَا مُدَلِّسَانِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ ضَعِيفٌ وَلَا يُحْتَجُّ بِخَبَرِهِ قَالَ هَذَا بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ بطريقة انتهى 8 - ( باب في الخائن والمختلس والمنتهب) الخائن مَنْ يَأْخُذُ الْمَالَ خُفْيَةً وَيُظْهِرُ النُّصْحَ لِلْمَالِكِ وَالْمُخْتَلِسُ الَّذِي يَسْلُبُ الْمَالَ عَلَى طَرِيقَةِ الْخِلْسَةِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ مَنْ يَأْخُذُهُ سَلْبًا وَمُكَابَرَةً وَالْمُنْتَهِبُ هُوَ مَنْ يَنْتَهِبُ الْمَالَ عَلَى جِهَةِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ

رقم الحديث 1448 [1448] ( .

     قَوْلُهُ  لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ)
قال بن الْهُمَامِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْخِيَانَةِ وَهُوَ أَنْ يُؤْتَمَنَ عَلَى شَيْءٍ بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ وَالْوَدِيعَةِ فَيَأْخُذَهُ وَيَدَّعِيَ ضَيَاعَهُ أَوْ يُنْكِرَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ وَعَلَّلَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِقُصُورِ الْحِرْزِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي يَدِ الْخَائِنِ وَحِرْزِهِ لَا حِرْزِ الْمَالِكِ عَلَى الْخُلُوصِ وَذَلِكَ لِأَنَّ حِرْزَهُ وَإِنْ كَانَ حِرْزَ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ أَحْرَزَهُ بِإِيدَاعِهِ عِنْدَهُ لَكِنَّهُ حِرْزٌ مَأْذُونٌ لِلسَّارِقِ فِي دُخُولِهِ ( وَلَا مُنْتَهِبٍ) لِأَنَّهُ مُجَاهِرٌ بِفِعْلِهِ لَا مُخْتَفٍ فَلَا سَرِقَةَ وَلَا قَطْعَ ( وَلَا مختلس) لأنه الْمُخْتَطِفُ لِلشَّيْءِ مِنَ الْبَيْتِوَيَذْهَبُ أَوْ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ فِي الْمُغْرِبِ الِاخْتِلَاسُ أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ ظَاهِرٍ بِسُرْعَةٍ ( قَطْعٌ) اسْمُ لَيْسَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى إِيجَابَ الْقَطْعِ عَلَى السَّارِقِ وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا كَالِاخْتِلَاسِ وَالِانْتِهَابِ وَالْغَصْبِ لِأَنَّ ذَلِكَ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّرِقَةِ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِرْجَاعَ هَذَا النَّوْعِ بِالِاسْتِغَاثَةِ إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ وَتَسْهِيلِ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهَا فَيَعْظُمُ أَمْرُهَا وَاشْتَدَّتْ عُقُوبَتُهَا لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ عَنْهَا انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ كَذَا في المنتقى وأخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وبن حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عند بن مَاجَهْ بِنَحْوِ حَدِيثِ الْبَابِ وَعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ بن ماجة أيضا والطبراني في الأوسط وعن بن عباس عند بن الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ وَضَعَّفَهُ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ تَصْحِيحِ التِّرْمِذِيِّ وبن حِبَّانَ لِحَدِيثِ الْبَابِ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ) كَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَلَمْ يَذْكُرِ اخْتِلَافَ الْأَئِمَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ قَدْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ الْمُخْتَلِسُ وَالْمُنْتَهِبُ وَالْخَائِنُ الْعِتْرَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَزُفَرُ وَالْخَوَارِجُ إِلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ وَذَلِكَ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِمُ الْحِرْزَ انْتَهَى قُلْتُ وَالرَّاجِحُ هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ والحنيفة لِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَهِيَ بِمَجْمُوعِهَا صَالِحَةٌ لِلِاحْتِجَاجِ 9 - ( باب مَا جَاءَ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كثر)

رقم الحديث 1449 [1449] قوله ( لا يقطع في ثمر ولا كثر) يفتح الْكَافِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ الْجُمَّارُ قَالَ فِي القاموسوَالْكَثْرُ وَيُحَرَّكُ جُمَّارُ النَّخْلِ أَوْ طَلْعُهَا.

     وَقَالَ  الْجُمَّارُ كَرُمَّانٍ شَحْمُ النَّخْلِ.

     وَقَالَ  فِي الْمَجْمَعِ الْكَثَرُ بِفَتْحَتَيْنِ جُمَّارُ النَّخْلِ وَهُوَ شَحْمُهُ الَّذِي فِي وَسَطِ النَّخْلَةِ وَهُوَ شَيْءٌ أَبْيَضُ وَسَطَ النَّخْلِ يُؤْكَلُ الْكَثْرُ الطَّلْعُ أَوَّلَ مَا يُؤْكَلُ انْتَهَى قُلْتُ الْمُرَادُ بِالْكَثْرِ هُوَ الْجُمَّارُ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يُوجِبِ الْقَطْعَ فِي سَرِقَةِ شَيْءٍ مِنَ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُحْرَزَةً أَوْ غَيْرَ مُحْرَزَةٍ وَقَاسَ عَلَيْهِ اللُّحُومَ وَالْأَلْبَانَ وَالْأَشْرِبَةَ وَالْخُبُوزَ وَأَوْجَبَ الْآخَرُونَ الْقَطْعَ فِي جَمِيعِهَا إِذَا كَانَ مُحْرَزًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَتَأَوَّلَ الشَّافِعِيُّ الْحَدِيثَ عَلَى الثِّمَارِ الْمُعَلَّقَةِ غَيْرِ الْمُحْرَزَةِ وَقَالَ نَخِيلُ الْمَدِينَةِ لَا حَوَائِطَ لِأَكْثَرِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْهَا مُحْرَزًا يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ انْتَهَى قُلْتُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْهُ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ مَنْ أَصَابَ مِنْهُ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الْجَرِينَ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي أَكْلِ الثَّمَرَةِ لِلْمَارِّ بِهَا وَحَسَّنَهُ وَحَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ والبيهقي وصححه البيهقي وبن حِبَّانَ وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ تَلَقَّتِ الْعُلَمَاءُ مَتْنَهُ بِالْقَبُولِ - ( باب ما جاء أن لا يقطع الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ)

رقم الحديث 1450 [145] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْأَوَّلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ المشددة والثانيبِالْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ الْحَافِظُ ثِقَةٌ ( عَنْ شِيَيْمِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ مِثْلِهَا بَعْدَهَا ( بْنِ بَيْتَانِ) بِلَفْظِ تَثْنِيَةِ بَيْتِ الْقِتْبَانِيِّ الْمِصْرِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ قَالَهُ الْحَافِظُ وَفِي الْمُغْنِي شِيَيْمُ بِكَسْرِ مُعْجَمَةٍ وَيُقَالُ بِضَمِّهَا وَفَتْحِ تَحْتِيَّةٍ أُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ ( عَنْ جُنَادَةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ الْخَفِيفَةِ ( بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مُصَغَّرًا الْأَزْدِيُّ الشَّامِيُّ وَمِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ ( عَنْ بُسْرٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ ( أَرْطَاةَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ويقال بن أَبِي أَرْطَاةَ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ .

     قَوْلُهُ  ( لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ) رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ بُسْرِ بْنِ أَرْطَاةَ أَنَّهُ وَجَدَ رَجُلًا يَسْرِقُ فِي الْغَزْوِ فَجَلَدَهُ وَلَمْ يَقْطَعْ يَدَهُ.

     وَقَالَ  نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقَطْعِ فِي الْغَزْوِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْهُ الْمَرْفُوعُ انْتَهَى وَفِي الْبَابِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال جَاهِدُوا النَّاسَ فِي اللَّهِ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ وَلَا تُبَالُوا فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَأَقِيمُوا الْحُدُودَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِ أَبِيهِ وَسَيَأْتِي الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ كَمَا عَرَفْتَ آنِفًا ( وَقَدْ رَوَاهُ غير بن لَهِيعَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ هَذَا) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صالح أخبرنا بن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ رِجَالُ إِسْنَادِ أَبِي دَاوُدَ ثِقَاتٌ إِلَى بُسْرٍ قَالَ وَفِي إِسْنَادِ النَّسَائِيِّ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي صُحْبَةِ بُسْرِ بْنِ أَرْطَاةَ فَقِيلَ لَهُ صُحْبَةٌ وَقِيلَ لَا وَأَنَّ مَوْلِدَهُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِنِينَ وَلَهُ أَخْبَارٌ مَشْهُورَةٌ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَا يُحْسِنُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ لَا صُحْبَةَ لَهُ وَغَمَزَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ وَنَقَلَ فِي الخلاصة عن بن مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ لَا صُحْبَةَ لَهُ وَأَنَّهُ رَجُلُ سَوْءٍ وَلِيَ الْيَمَنَ وَلَهُ بِهَا آثَارٌ قَبِيحَةٌ انْتَهَى ( وَقَالَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يُقَالُ وَهُوَ الظَّاهِرُ ( بُسْرُ بْنُ أَبِي أَرْطَاةَ) أَيْ بِزِيَادَةِ لَفْظِ أَبِي بَيْنَ بُسْرٍ وَأَرْطَاةَ.

     قَوْلُهُ  ( كَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ) قَالَ الْعَزِيزِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ بِهِ الْأَوْزَاعِيُّ انْتَهَى وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ وَلَعَلَّ الْأَوْزَاعِيَّ رَأَى فِيهِ احْتِمَالَ افْتِتَانِ الْمَقْطُوعِ بِأَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ رَأَى أَنَّهُ إِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ وَالْأَمِيرُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْغَزْوِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الدَّفْعِ وَلَا يُغْنِي عَنَّا فَيُتْرَكُ إِلَى أَنْ يَقْفِلَ الْجَيْشُ قَالَ الْقَاضِي وَلَعَلَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَرَادَ بِهِ الْمَنْعَ مِنَ الْقَطْعِ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمَغَانِمِ انْتَهَى قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ يَعْنِي حَدِيثَ بُسْرِ بْنِ أَرْطَاةَ وَحَدِيثَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْمَذْكُورَيْنِ لِأَنَّ حَدِيثَ بُسْرٍ أَخَصُّ مُطْلَقًا مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ وَبَيَانُهُ أَنَّ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنَ الْغَزْوِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ بُسْرٍ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ قَدْ يَكُونُ غَازِيًا وَقَدْ لَا يَكُونُ وَأَيْضًا حَدِيثُ بُسْرٍ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ وَحَدِيثُ عُبَادَةَ فِي عُمُومِ الْحَدِّ انْتَهَى 1 - ( باب مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَقَعُ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ)

رقم الحديث 1451 [1451] .

     قَوْلُهُ  ( وَأَيُّوبَ بْنِ مِسْكِينٍ) بِكَسْرِ مِيمٍ وَكَافٍ قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ أَيُّوبُ بْنُ أَبِي مِسْكِينٍ وَيُقَالُ مِسْكِينٌ التَّمِيمِيُّ أَبُو الْعَلَاءِ الْقَصَّابُ الْوَاسِطِيُّ رَوَىَ عَنْ قَتَادَةَ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَأَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرِهِمْ قَالَ أَحْمَدُ لَا بَأْسَ بِهِ.

     وَقَالَ  مُرَّةُ رَجُلٌ صَالِحٌ ثِقَةٌ انْتَهَى وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ مِنَ السَّابِعَةِ ( عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ) الْأَنْصَارِيِّ مَوْلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَكَاتِبِهِ لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ الثَّالِثَةِ ( رُفِعَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ) الْأَنْصَارِيِّ الْخَزْرَجِيِّ لَهُ وَلِأَبَوَيْهِ صُحْبَةٌ ثُمَّ سَكَنَ الشَّامَ ثُمَّ وَلِيَ إِمْرَةَ الْكُوفَةِ ثُمَّ قُتِلَ بِحِمْصٍ ( لَأَقْضِيَنَّ فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فِيكَ مَكَانَ فِيهَا وَالْخِطَابُ لِلرَّجُلِ ( لَئِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَهُ) أَيْ إِنْ كَانَتِ امْرَأَتُهُ جَعَلَتْ جَارِيَتَهَا حَلَالًا وَأَذِنَتْ لَهُ فِيهَا ( لَأَجْلِدَنَّهُ مِائَةً) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي داود جلدتك مائة قال بن الْعَرَبِيِّ يَعْنِي أَدَّبْتُهُ تَعْزِيرًاأَوْ أَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ تَنْكِيلًا لَا إِنَّهُ رَأَى حَدَّهُ بِالْجَلْدِ حَدًّا لَهُ قَالَ السِّنْدِيُّ بعد ذكر كلام بن الْعَرَبِيِّ هَذَا لِأَنَّ الْمُحْصَنَ حَدُّهُ الرَّجْمُ لَا الْجَلْدُ وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَحَلَّتْ جَارِيَتَهَا لِزَوْجِهَا فَهُوَ إِعَارَةُ الْفُرُوجِ فَلَا يَصِحُّ لَكِنِ الْعَارِيَّةُ تَصِيرُ شُبْهَةً ضَعِيفَةً فَيُعَزَّرُ صَاحِبُهَا انْتَهَى

رقم الحديث 1452 [1452] .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ نَحْوُهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مُشَدَّدَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَمِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَنْ يَكْسِرُهَا وَأَخْرَجَ حَدِيثَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ إِنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا وَإِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ فَهِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا قَالَ النَّسَائِيُّ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَبِيصَةُ بْنُ حُرَيْثٍ يَعْنِي الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ رَوَاهُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ شَيْخٌ لَا يُعْرَفُ لَا يُحَدِّثُ عَنْهُ غَيْرُ الْحَسَنِ يَعْنِي قَبِيصَةَ بْنَ حُرَيْثٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ قَبِيصَةُ بْنُ حُرَيْثٍ سَمِعَ سَلَمَةَ بن المحبق في حديثه نظر وقال بن الْمُنْذِرِ لَا يَثْبُتُ خَبَرُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَقَبِيصَةُ بْنُ حُرَيْثٍ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَالْحُجَّةُ لَا تَقُومُ بِمِثْلِهِ وَكَانَ الْحَسَنُ لَا يُبَالِي أَنْ يَرْوِيَ الْحَدِيثَ مِمَّنْ سَمِعَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا كَانَ قَبْلَ الْحُدُودِ كَذَا فِي النَّيْلِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ النُّعْمَانِ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ إِلَخْ) أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ.

     وَقَالَ  النَّسَائِيُّ أَحَادِيثُ النُّعْمَانِ كُلُّهَا مُضْطَرِبَةٌ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ انْتَهَى ( إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ خَالِدِ بْنُ عُرْفُطَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَضَمِّ الْفَاءِ وَبَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَتَاءُ تَأْنِيثٍ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مَقْبُولٌ مِنَ السَّادِسَةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِلَى مَا رَوَى النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ إِلَخْ) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَهَذَا هُوَالرَّاجِحُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْمَقَالُ الْمُقَدَّمُ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ شُبْهَةً يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ انْتَهَى 2 - ( باب مَا جَاءَ فِي المرأة إذا استكرهت على الزنى)